Skip to main content

Full text of "أعداد سلسلة عالم المعرفة"

See other formats







سلسلة كتب ثقافية شهرية ا العبلس ا الثقافة 0 والأنان - الكوين 


صدرت السلسلة فى يناير 1978 بإشراف احمد مشاري العدوانى 1990-1923 





ما العو لممة 


الاقتصاد العالمي وإمكاتات التحكم 


جراهام طومسون 
ترجمة : ف . فالح عبد الجبار 


ا ا ع سر 











ساسلة شهرية يمدزها 
المبلس الوظنع للتقافة والفنوة والأدان 


. له © المشرفالعام: 
عم ساعما© تطتمستحص 
هيئة التحرير: 
د. فؤاد زكريا/ المستشار 
جاسم السعدون 
د. خليفة الوقيان 
رضا ألفيلي 
د. سليمان اليدر 
د. سليمان الشطي 
د. عبدإلله العمر 
د. علي الطراح 
د. غادة الحجاوي 
د . غريدة العوضي 
د. فهد الثاقب 


ذدء ناجي سنفود الزيد 


وحدة الإنتاج 
في المجلس الوطني 


مطل التسجة 


الكويت ودول الخليج دينار كويتي 
الدول العرييظة ها يفادل دولارا أميركيا 
خارج الوطن العريبي آريعة دولارات أميركية 
دولة الكويت 

للأفراد 5اد.ت 
للمؤسسات 5 داك 
دول اتخليج 

للأفراد 7] دك 
للمؤسسات 0 لؤد.ك 
الدول العربيه 

للأقراد 3 دولارا أميركيا 
تلمؤمسات 0 دولارا أميركيا 
للأفراد 0 دولارا أميركيا 
تلمؤمسات 0 دولارا آميركيا 


تسدد الاشتراكات مقدما بحواتة مصرفية باسم 
المجلس الومتني للثقافة واتفئون والآداب وترسل على 
اتعنوان التالي: 
السيد الأمين العام 
للمجلس اتوطني للثقاقة والفئون والأداب 
ص..ب: 28613 الصفاة ‏ الرمز البريدي13447 
دولة الكويت 
الموقع على الإنترتت: 


جل يدهع نااللك أله لاتاعا. بببيحيها 





151811 999006-0-064-3 








:7 العنوان الأصلي للكتاب 


ممتاعمن0 دز ممتطلوح أأحطه|6 


عط لمج بتصسصمصمعط أهمم ا تممععتمص!] عط 1 
معممحوويدو2) أمعم1!1اتطتععومط 


قاط 
اع زلا ابوط 
ممأعمصمط 1 ممقطدء 6 


9 منألع لرمعع5 ,ؤوععمع يزازامم 


طبع من هذا الكتاب أربعون ألف نسخة 
مطابع السياسة ‏ الكويت 


جمادى الآخرة ١45:‏ سبتمبر 10:١‏ 









-0200000 000 5 7 9 
0ت 0 م 
2 ل 0 ا 7 مار 1 


المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عت رأي كاتبها 
ولا تهبر بالضرورة عن رأي المجلس 


اجن سرب ود 37 
0 








الفصل الأول 

عد خل: هل العومة خراظة ضرورية5ة 
الفصل الثاني: 

الغومة وتاريخ الاقتصاد العالمي 
الفصل الثالث: 

الشركات متعددة القومية وتدويل 
نشاط الأعمال 

الفصل الرابع: 

نتجارة الشمال والجنوب 

والتنافس العا مي 

القصل الخامس: 

الاقتصادات النامية والعوئة 
الفصل السادس: 

هل تنجو دولة اثرفاه الاجتماعني 
في ظلل العولة؟ 

الفصل السابع: 

نظرة عامة على قضايا 

التحكم الاجتماص 

الفصل الثامن: 

الاتحاد الأورويبي يوصفه كثلة نتجارية 
الفصل التاسع: 

العولمة. التحكم والدولة القومية 


الهوامش 


45 


197 


5357 


519 


«إن من الحصافة بمكان أن ندرس النظام الاقتتصادي 
العالمي من منظور تاريخي أطولء وأن نقر بأن التغيرات 
الحالية وإن كانت مهمة ومتميزة فإنها ليست بلا سابق, 
كما أنها لا تنطوي بالضرورة على نقلة باتجاه نمط جديد 
من النظام الاقتصادي». 

المؤلفان 


هم 

«لا يسع المرء أن يسمي الأثر 

السياسي ل«العولمة» بغير : 

مرض نقص الآمال المفرط». 
المؤلفان 


مدخل 
هل العولمة خرافة ضوورية ؟ 


العلوم:الاجتباعية, وقول ماثورا جوهرنا في 


١‏ وصفات خبراء الإدارة: وشعررا يتداوله 


الصحافيون والسياسيون من كل شاكلة. فهناك 
توكيد واسع الانتشار يفيد أننا نعيش في حقبة 


يتتحدد فيها الشطر الأعظم من الحياة 


الااجتماعية بفعل صيرورات كونية 091هاع8 
تذوب فيها الثقافات القومية., والاقتصادات 


م القومية: والحدود القومية. وتقف فكرة وجود 


عملية سريعة: وجديدة. من العولمة 


ويزعم أن اقتصادا كونيا بحق قد برزء أو أنه 


يجعل من الاقتصادات القومية. وبالتالي 


الإستراتيجيات المحلية لإدارة الافتصاد 
القومي؛ أمورا نافلة على نحو مطرد . ويفيد 


تدوول من ناحية ديناميكياته الأساسية:؛ وأنه 


ما العولمة 


الشركات العابرة للقوميات هي بحق الفواعل الاقتصادية والأدوات 
الأساسية للتغييرء وأنها لاتدين بالولاء لأي دولة قومية: وتستقر حيثما 
تقتضي المصلحة في السوق الكوني. 

إن هذه الصورة تبلغ من القوة مبلغا يشل المحللين. ويسيطر على ملكات 
التفكير السياسي. ولكن هل الحال هي على هذه الصورة حقا5ة لقد 
وضعنا هذا الكتاب بمزيج من الريبة إزاء وجود عمليات اقتصادية كونية: 
والتفاؤل إزاء إمكانات السيطرة على الاقتصاد العالمي. كما إزاء تطبيق 
إستراتيجيات سياسية قومية. ومن المؤثرات الأساسية لمفهوم العولمة أنه 
أدى إلى شل إستراتيجيات الإصلاح الراديكالي على الصعيد القبومي, 
معتبرا إياها إستراتيجيات غير قابلة للتنفيذ بمواجهة ما تنزله بها 
الأسواق العالمية من حكم وعقاب. أما إذا كنا نواجه تغيرات اقتصادية 
أكثر تعقيدا وأكثر التباساء مما يجادل به غلاة العولمة» فعندئن يظل 
الإمكان قائما لبناء إستراتيجية سياسية وتحرك سياسي لأجل السيطرة: 
قوميا وعالمياء على اقتصادات السوق لأجل تحقيق الأهداف الاجتماعية. 

بدأنا بحثنا هذا بشيء من الارتياب المعتدل. لقد كان جليا أن الكثير 
قد تغير منن الستينيات: لكننا أبدينا احتراسا من المزاعم الأكثر غلوا مما 
جاء به منظرو العولمة ذوو الحماس الشديد. ولقد كان جليا لناء بوجه 
خاصء أن إستراتيجيات التوسع وإعادة التوزيع الراديكالية لإدارة 
الاقتصاد القومي لم تعد ممكنة في ظل بروز طائفة متنوعة من المقيّدات 
المحلية والعالمية. ولكننا كلما أمعنا النظر. تبدت لنا ضحالة وهشاشة 
المزاعم التي طرحها أنصار العولمة الاقتصادية الأشد جموحا. 

فهناك ثلاث وقائع أثارت فينا التوجس بوجه خاص. أولا, غياب نموذج 
مقبول عموما عن الاقتصاد الكوني الجديد. وسبل اختلافه عن الأحوال 
السابقة للاقتصاد العالمي. وثانياء النزوع» في ظل غياب نموذج واضح 
تقاس به الميول» إلى الاستشهاد العابر بأمثلة عن تدويل قطاعات وعمليات 
معينة. كما لو كان ذلك دليلا على نمو اقتصاد تهيمن عليه قوى سوق كوني 
مستقل ذاتيا. وثالثاء الافتقار إلى العمق التاريخيء والنزوع إلى تصوير 
التغيرات الجارية باعتبارها فريدة: لا سابق لها من قبل» وراسخة تماما 
لكي تستمر طويلا في المستقبل. 


هل العولمهة خرافة ضرورية؟ 


استباقا لما سيأتي نقول إن ريبتنا تعمقت كلما مضينا قدماء حتى بتنا 
على قناعة بأن العولمة, كما يراها الغلاة من دعاتهاء ما هي إلا خرافة؛ إلى 

ولذا فإننا نحاجج قائلين: 

١‏ إن الاقتصاد العالمي الحالي شديد التدويل. ليس شيئًا لا سابق له 
فهو واحد من المفترقات أو الحالات المتميزة للاقتصاد العالمي الذي وجد 
منن أن بدأ تعميم الاقتصاد القائم على التكنولوجيا الصناعية الحديثة في 
ستينيات القرن التاسع عشر. وإن الافتصاد العالمي الراهن هوء. من بعض 
النواحي؛ أقل انفتاحا وأقل تكاملا مما كان عليه النظام الذي ساد خلال 
الأعوام من١187‏ إلى .151١‏ 

" - إن الشركات العابرة للقوميات بحق تبدو نادرة نسبيا. فأغلب 
الشركات هي شركات ذات قاعدة قومية. وتتعامل في إطار متعدد 
القومية.اعتمادا على موقع قومي أساسي من الأصول والإنتاج 
والبيوعاتء ولا يبدو أن هناك ميلا كبيرا لنمو شركات عالمية بحق. 

"' - إن حراك رأس المال لا ينتج أي تحول هائل في الاستثمار والعمالة 
من البلدان المتطورة إلى البلدان النامية. فالاستثمار الأجنبي المباشر 
(781) يتركزء بالأحرى:؛ تركيزا عاليا في الاقتصادات الصناعية المتقدمة, 
أما العالم الثالث فلا يزال هامشيا من ناحيتي الاستثمار والتجارة, 
باستثناء أقلية صغيرة من البلدان حديثة التصنيع. 

 :‏ إن العالم لا يزال أبعد عن أن يكون «كونيا» بحقء. كما يعترف بذلك 
بعض غلاة أنصار العولمة: بل الواقع أن تدفقات التجارة والاستثمار 
والأموال تتركز في ثلاثي أوروبا واليابان وأمريكا الشمالية: وأن هذه 
السمة الطاغية تبدو نزاعة إلى الاستمرار. 

© - إن القوى االلاقتصادية الكبرى. أي الثلاث الكبار (63): تمتلك 
القدرة ‏ خصوصا إذا نسقت سياستها ‏ على ممارسة ضغوط تحكمية 
جبارة على أسواق المال؛ وعلى الميول الاقتصادية الأخرى. وعليه فإن 
الأسواق الكونية ليست خارج متتاول الضبط والسيطرة بأي حال؛ برغم 
أن النطاق الحائي لأهداف التحكم الاقتصادية مقيد بافتراق مصالح 
القوى العظمى والمذاهب الاقتصادية السائدة وسط نخبها. 


ما العولمه" 


ومن الجلي أنه ليس في نيتنا أن ننكر وقوع ميول كهذه نحو تزايد 
التدويلء ولا أن نغفل وجود القيود المعوقة لأنماط معينة من الإستراتيجية 
الاقتصادية القومية. فغرضنا من تمحيص مقدار التدويل الحاصل هو 
القول إنه لايزال بعيدا عن تذويب الاقتصادات القومية المميزة ضفي كبرى 
البلدان الصناعية المتقدمة, ولا يزال بعيدا عن منع تطور أشكال جديدة 
من التحكم الاقتصادي على المستويين القومي والعالمي. غير أن انعدام 
التمييز الواضح بين بعض الميول نحو التدويل؛ والصيغة المغالية لأطروحة 
العولمة. تنطوي على مخاطر حقيقية تماما. ومن المؤسف حقا أن يجري 
الخلط بين هذين الأمرين باستخدام كلمة واحدة لوصف الاثنين. هي 
«العولمة». وكثيرا ما نشعر أن الدليل المستمد من المحاجات الأكثر احتراسا 
يستخدم. دون تبصرء لإسناد المحاجات المتطرفة؛ ولإرساء وحدة في 
الاستعمال الاصطلاحي لحظة الحاجة إلى التفريق بين المعاني. وأن 
ذلك يشوش المناقشات الحكومية وصنع القرارء ويعزز الرأي بأن 
الفاعلين السياسيين لن يحققوا إلا أقل مما هو ممكن فعلا في 
إطار نظام كوني. 

وكما سنرىء بعد قليلء فإن الصيفغة المتشددة من أطروحة العولمة 
تتطلب نظرة جديدة إلى الاقتصاد العالمي. تعتبر عمليات المستوى القومي 
ملحقة وخاضعة. في حين أن الميول باتجاه التدويل يمكن أن تدرج في 
إطار نظرة محورة إلى النظام الاقتصادي العالمي. تواصل إعطاء دور 
أساسي لسياسات المستوى القوميء وللفاعلين الاقتصاديين فيه. ولا ريب 
في أن ذلك يفترض. ضمناء تغيرا معيناء بدرجة أكبر أو أقل. ذلك أن 
الشركات والحكومات والوكالات العالمية ترغم الآن على التصرف بصورة 
مختلفة. غير أن باستطاعتها عموما أن تستخدم المؤسسات والممارسات 
القائمة لكي تفعل ذلك. وبذا نشهعر أن من الحصافة بمكان أن ندرس 
النظام الاقتصادي العالمي من منظور تاريخي أطول؛ وأن نقرٌ بأن التغيرات 
الحالية وإن كانت مهمة ومتميزة فإنها ليست بلا سابقء. كما أنها 
لو تنطوي بالضرورة على نقلة باتجاه نمط جديد من النظام الاقتصادي. 
إن الصيغ الاقتصادية المتشددة من أطروحة العولمة تنعم بمزية طرح إمكان 
هذه النقلة. طرحا واضحا وحادا. فإن كانت هذه الصيغ مخطئة: فإنها 


هل العولمة خرافة ضرورية؟ 


تظل ذات فائدة في إعانتنا على أن نفكر مليا في جلية ما يحصل وسبب 
حصوله. وبهذا المعنى. فإن اعتراضنا على الصيغة المتشددة من الأطروحة 
ليس سلبيا محضاء بل يعيننا على تطوير أفكارنا. 

وعلى أي حالء يبقى لزاما أن ندرس كيف تأسست خرافة عولمة 
النشاط الاقتصاديء. في مجرى نشوتها وتبلورها. ولا بد للمرءء عند 
الإجابة عن ذلكء؛ من أن يبدأ باضطرابات العامين ١517‏ - ”1575, التي 
انهت حقبة ما بعد 151404.ء التي كانت حقبة نمو اقتصادي طويلء وعمالة 
تامة في البلدان المتقدمة. حقبة مدعمة بإستراتيجيات تدخل نشيط 
للدولة القومية؛ وإدارة نظام تجارة وسياسة نقدية متعدد الأطراف. تحت 
هيمنة الولايات المتحدة: إلا أن هذه الحقبة انتهت بفعل عدد من التغيرات 
المهمة. وعليه, يمكننا الإشارة إلى ما يلي: 

١‏ تأثيرات انهيار نظام بريتون وودز (0005// 876400) وأزمتي 
نفط أوبك في العامين ١57“‏ و1975 (اللتين رفعتا أسعار النفط 
بصورة هائلة) في توليد الاضطرابات والتقلبات السريعة في كل 
الاقتصادات الكبرى على امتداد عقد السبعينيات. حتى مطلع 
عقد الثمانينيات. من العوامل المهمة في توليد مثل هذا الاضطراب 
وتقويض منظومات السياسة السابقة. أن النمو السريع للتضخم في 
البلدان المتقدمة. والتأثير العالمي للتورط الأمريكي في حرب الفيتنام: 
وجموح ارتفاع أسعار النفط في العامين5177١‏ و5159١1.‏ 

 "‏ جهود المؤسسات المالية والصناعيين». خلال فترة الاضطراب 
والضغوط التضخمية هذه . للتعويض عن التردد المحلي من خلال السعي 
إلى منافن أوسع إلى الاستثمارات والأسواق الإضافية؛. من هنا كان انتشار 
الإقراض المصرفي للعالم الثالث خلال عقد السبعينيات المتميز بالتضخم: 
ونمو سوق اليورو دولار. وازدياد نسبة التجارة الخارجية إلى إجمالي 
الناتج المحلي في البلدان المتقدمة. 

 "‏ تعجيل السياسة الحكومية لتدويل أسواق المال بالتخلي واسع 
الانتشار عن نواظم صرف العملات وغير ذلك من إلغاء الضوابط عن 
السوق أواخر عقد السبعينيات. ومطلع عقد الثمانينيات» يرغم أن 
الأشكال المتطرفة من التقلبات في أسواق العملات أخضعت للسيطرة عن 


ما العولمة 


طريق بلورة النظام النقدي الأوروبي (8215) في 15174, مثلاء وإبرام 
اتفاقيات اللوفر وبلازا في الثمانينيات. 

- الميل باتجاه «نزع التصنيع» في بريطانيا والولايات المتحدة, ونمو 
البطالة طويلة الأمد في أوروياء مما عزز المخاوف من المنافسة الأجنبية, 
وبخاصة المنافسة من جهة اليابان. 

© التطور السريع نسبيا لعدد من البلدان المصنعة حديثا (01105) في 
العالم الثالث. وتغلغلها في أسواق العالم الأول. 

1 التحول من الإنتاج الجماهيري الموحد إلى طرائق إنتاج أكثر 
مرونة, والانتقال من فكرة الشركة القومية المحتكرة: باعتبارها الفاعل 
الاقتصادي المهيمن بلا منازع: إلى فكرة عالم معقد من المشاريع متعددة 
القومية؛ والشركات ذات الهياكل المرنة. واتساع بروز الشركات 
الصغيرة ‏ وهو ما يوجزه مفهوم دما بعد الفوردية» (2ؤنل0. - ]5ة2) 
الذي انتشر وراج شعبيا. 

لا مراء في هذه التفيرات» ولقد كانت مربكة تماما لأولئكك الذين 
تكيفوا مع النجاح والأمان غير المسبوق في البلدان الصناعية 
المتقدمة لفترة ما بعد .١1540‏ وقد جاء تصور فقدان السيطرة 
القومية؛ وتنامي الفموض والتقلبات في العلائق الاقتصادية, 
والتغير السريع في المؤسسات, بمنزلة الصدمة لعقول تربّت على 
الاعتقاد بقدرة السيطرة أو القضاء على الفقر والبطالة والدورات 
الاقتصادية في إطار اقتصاد سوق قائم على محفز الربح. وإذا كان 
الإجماع الواسع خلال عقدي الخمسينيات والستينيات يقوم على أن 
الحكومات القومية, التي تعمل بالتنسيق مع بعضها. تكفل إدارة 
رأسمالية بلا خاسرين:ء وأن المستقبل هو لهذه الرأسمالية؛ فإن 
الإجماع الذي طفى منن أواخر عقد الثمانينيات وخلال عقد 
التسعينيات. كان يقوم على افتراضات مناقضة تماماء. وهي أن 
الأسواق الكونية عصية على السيطرة. وأن السبيل الوحيد لتجنب 
الخسارة ‏ سواء كان الخاسر أمة؛ أو شركة أو فردا ‏ هو اكتساب 
أكبر قدرة تنافسية ممكنة. إن فكرة الاقتصاد العالمي العصي على 
التحكم ليست سوى ردة فعل على انهيار الآمال التي غذتها 


هل العولمة خرافة 'ضرورية؟ 


المدرسة الكينزية؛ وأزال غشاوتها فشل المدرسة النقدية في إيجاد 
طريق بديل يقود إلى ازدهار عريض ونمو مستقر. إن «العولمة» 
خرافة تناسب عللما بلا أوهام. لكنها أيضا خرافة تسرق منا 
الأمل. إن الأسواق الكونية مسيطرة ولا تواجه أي تهديد من 
أي مشروع سياسيء حيويء مناوئ. لأن هناك اعتقادا بانتهاء كل 
من الديموقراطية الاجتماعية الغربية واشتراكية الكتلة السوفييتية. 

ولا يسع المرء أن يسمي الأثر السياسي ل «العولمة» بغفير: مرض 
نقص الآمال المفرط. إن العديد من المحللين والسياسيين المفرطين 
في حماستهم قد اشتطوا بعيداء عن أي دليل: في تصوير سعة 
هيمنة الأسواق العالمية, وتعذر التحكم فيها. وإذا كان الحال كذلك 
حقاء فإن علينا أن نسعى إلى أن نزيل سحر هذه الخرافة المنفصة. 
لقد كان التفسير العقلاني القديم للأساطير البدائية يفيد بأنها 
قناع يغلف عجز البشر إزاء جبروت الطبيعة. وتعويض عن هذا 
العجز. وفي هذه الحالة. لدينا خرافة تغالي في درجة عجزنا إزاء 
القوى الاقتصادية المعاصرة. وإذا ما كانت العلائق الاقتصادية 
قابلة للتحكم (على المستويين القومي والعالمي) بدرجة أكبر مما 
يفترض الكثير من المحللين المعاصرين فإن علينا أن نتحرى النطاق 
الممكن لهذا التحكم وسعته. إن القول بإمكان تحقيق الأهداف 
الراديكالية مثل: العمالة التامة فضي البلدان المتقدمة, والتعامل 
المنصف مع البلدان النامية الأكشر فقرا. وانتشار السيطرة 
الديموقراطية على الشؤون الاقتصادية لشعوب العالم. ليس بالعملة 
الرائجة حاليا. ولكن لا يجوز لهذا الوضع أن يدفعنا إلى أن نصرف 
النظر عنء أو أن نتجاهلء أشكال السيطرة والتحسين الاجتماعي. 
التي يمكن تحقيقها بسرعة عن طريق تفيير متواضع في مواقف 
النخب الأساسية. وعليهء. فمن اللازم إقناع إصلاحيي اليسار 
والمحافظين الذين يحرصون على نسيج مجتمعاتهم. بأننا لسنا 
عاجزين إزاء عمليات كونية يتعذر ضبطها. إن تم لنا هذاء أمكن 
للتغيير في المواقف والتطلعات أن يجعل هذه الأهداف الراديكالية 


أمرا مقيولا. 


ما العولمة 
نمادذج اذ قتصاد العالمى 

لايسعنا أن نشرع في تقويم قضية العولمة إلا إذا توافر لدينا نموذج 
(موديل) واضح وحيوي نسبياء. عما يبدو عليه الاقتصاد الكوني. وكيف 
يمثل هذا الاقتصاد الكوني طورا جديدا من أطوار الاقتصاد العالمي: وبيئة 
متغيرة كليا بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين على المستوى القومي. إن العولمة: 
بمعناها الراديكالي: ينبغي أن تفهم على أنها تعني تطور بنية اقتصادية 
جديدة: لا مجرد تغير ظرفي باتجاه تزايد التجارة والاستثمار العالميين في 
إطار مجموعة قائمة من العلائق الاقتصادية. وأن النموذج. المثالي: المتطرف 
والأحادي. من هذا النوع؛ يسمح لنا بأن نميز درجات التدويلء وأن نحذف 
بعض الإمكانات: وأن نتحاشى الخلط بين شتى المزاعم. ويمكنء عند توافر 
نموذج كهذاء أن نقيمه على أساس الأدلة المستمدة من الميول العالمية. مما 
يتيح لنا أن نقررء بهذه الدرجة أو تلك إن كانت ظاهرة نشوء نظام 
افتصادي فوق قومي ظاهرة جديدة. تتحقق فعلا أم لا. وابتغاء أن نفعل 
ذلك. فقد وضعنا نموذجين مثاليين أساسيين متعارضين للاقتصاد العالمي؛ 
الأول نموذج كوني (معولم) بالكاملء والشاني نظام عالمي مفتوح لايزال 
أساسه في طور التشكيل من خلال التبادل بين اقتصادات قومية متمايزة 
نسبياء نظام تتحدد فيه النتائج؛ مثل الأداء التنافسي للشركات والقطاعات, 
بفعل عمليات تجري على المستوى القومي. إن هذين النموذجين المثاليين 
مثمران بقدر ما ينفعان في تمكيننا من توضيح القضايا مفهومياء أي من 
تشخيص الفوارق بين اقتصاد كوني جديد. ونظام علاقات اقتصادية عالمية 
تزداد سعة وشدة, وكثيرا ما يحصل أن الدليل المتسق مع هذا الأخير 
يس تخدم كمالو أنه برهان على الأول. ولو نحينا القليل من 
الاستثناءات المشرفة:؛ فإن أنصار العولة المتحمسين قد فشلوا فضي 
تعيين هذا الفارقء أو تعيين ماهية الدليل القاطعء الذي يشير إلى التغير 
البنيوي باتجاه اقتصاد كوني. ذلك أن تزايد التجارة الخارجية؛ ونمو 
التدفقات العالمية للرساميلء لا يشكلان بذواتهما أي دليل على 
بروز ظاهرة جديدة. متميزة. تدعى «العولمة». ولسوف نرى في 
الفصل الثاني أن هاتين الظاهرتين هما من السمات المميزة للاقتصاد 
العالمي قبل 1514. 


هل العولمة خرافة'ضرورية؟ 


النمود ج الأول: اقتصاد ما بين الدول 

نبدأ أولا بوضع صيغة قصوى.ء بسيطة: لهذا النموذج. إن اقتصاد ما 
بين الدول (1216:2810281) هو نظام تشكل الاقتصادات القومية الكيانات 
الأساسية فيه. فالتجارة والاستثمار يونّدان ترابطا متناميا بين هذه 
الاقتصادات التي لا تزال قومية. وتنطوي مثل هذه العمليات على تكامل 
متزايد. لأعداد متكاثرة من الأمم والفاعلين الاقتصاديين في علائق سوق 
عالمي. وتنزع العلائق التجارية. نتيجة لذلكء. إلى أن تتخذ شكل تخصص 
قوميء وتقسيم عمل عالمي. تحل علائق الاستثمار بين الأمم. باطراد. 
محل التجارة من حيث الموقع المركزي والأهمية, لتفعل فعلها. على نحو 
متزايد. بمنزلة المبدأ المقرر للنظام. غير أن شكل الاعتماد المتبادل بين 
الأمم يبقى من النوع «الإستراتيجي». أي انه يفترض استمرار الانفصال 
النسبي بين الأطر المحلية والأطر العالمية لرسم السياسة وإدارة الشؤون 
الاقتصادية. علاوة على الانفصال النسبي من ناحية النتاكج الاقتصادية. 
أما التفاعلات فهي تشبه نمط تفاعلات «كرة البليارد». وأما الأحداث 
العالمية فإنها لا تخترق ولا تتغلفل في الاقتصاد المحلي بالضرورة, 
فالسياسات والعمليات القومية تتحرك لصدها. ويمكن لحقلي السياسة 
العالمي والمحلي أن يظلا منفصلين نسبياء باعتبارهما مستويين متمايزين 
للتحكم: أو أن يعملا «اوتوماتيكيا». وفي هذه الحالة الأخيرة, لا تعد 
التكيفات موضوعا للسياسة التي ترسمها السلطات أو الهيئات الحكومية, 
بل تأتي نتيجة قوى السوق «العفوية» أو «غير المنظمة». 

ولعل الحالة الكلاسيكية عن آلية التكيف «الأوتوماتيكي» هي استخدام 
معيار الذهبء الذي جرى الالتزام به في ذروة نظام العهد البريطاني. منذ 
منتصف القرن التاسع عشر حتى العام .١15١4‏ لقد وضعنا تعبير 
«أوتوماتيكي» بين مزدوجين للاشارة إلى حقيقة أن ذلك كاريكاتير شعبي. 
فالنظام الفعلي للتكيف جرى أصلا بصيغة تدخلات سياسية محلية 
سافرة (انظر الفصل الثاني). فالمرونة في الأجور والأسعار التي اقتضاها 
نظام معيار الذهب (لم يكن بالوسع تعديل القيمة العالمية للعملات نظرا 
لتثبيتها بالذهب) إنما حققتها الحكومات عن طريق سياسات خفض 





ما العولمة 


الإنفاق المحلي ابتغاء التأثير في الحساب الجاري غصنامء26 أمعهناه 
وعن طريق سياسة معدل الفائدة للتأثير في حساب رأس المال 
أقنامع20 لهقااصقه . 

لقد عملت بريطانيا العظمى باعتبارها المسيطر والضامن السياسي 
والاقتصادي لهذا النظام. غير أن من الضروري الإقرار بأن معيار الذهب 
ونظام العهد البريطاني. كان واحدا من عدة بنى للاقتصاد العالمي في هذا 
القرن. وكانت هذه البنى مشروطة. إلى حد كبيرء بالعديد من الأوضاع 
الااجتماعية والسياسية الظرفية الكبرى. وهكذا فإن الحرب العالمية 
الأولى قوضت الهيمنة البريطانية؛ مما عجل بعملية كانت ستسير سيرا 
أبطأ بكثيرء نتيجة التدهور الصناعي البريطاني لا غير. أفضى ذلك إلى 
فترة من الحمائية والتنافس القومي للاكتفاء الذاتي في الثلاثينيات, 
لتعقبها فترة توطيد الهيمنة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية: وإعادة 
فتح الاقتصدد العالمي لنظام بريتون وودز. إن ذلك كله يكشف خطر 
الافتراض بأن التغيرات الكبرى الجارية في الاقتصاد العالمي لا نظير لها 
من قبلء وأنها محتومة, ولا رجوع عنها. إن أمد حياة أي نظام سائد 
للعلاقات الاقتصادية العالمية في هذا القرن لم يزد عن ثلاثين إلى أربعين 
سنة. وفي ضوء واقع أن معظم العملات الأوروبية لم يصبح قابلا للتحويل 
التام إلا أواخر عقد الخمسينياتء فإن نظام بريتون وودز الكامل لم يدم, 
بعد الحرب الهالمية الثانية. سوى فترة تقع بين نيف وثلاثين إلى أربعين 
عاما. وإن تغير هذه النظم يقع بفعل التغيرات الكبرى في توازن القوى 
السياسي - الاقتصادي. إن المنعطفات الظرفية التي سببت هذه 
التحولات تتمثل في النزاعات واسعة النطاق بين القوى الكبرى. ويهذا 
المعنى» فإن الدول الكبرى هي الفواعل التي حددت الاقتصاد العالمي من 
ناحية بنيته وتناسب القوى داخله. 

وتتميز فترة نظام اقتصاد ما بين الدول الذي شمل العالم» ببروز 
ونضج الشركات متعددة القومية. بوصف ذلك تحولا للشركات التجارية 
الكبرى المنتمية إلى حقبة سابقة. أما من وجهة نظرنا نحنء على أي حال 
فإن المعلم الأهم في هذه الشركات متعددة القومية أنها تحتفظ بقاعدة 
قومية تستقر عليها بجلاء؛ فهذه الشركات خاضعة للضوابط القومية 


هل العولمة خرافة'ضرورية؟ 


السائدة في بلد المنشأء كما أنها تخضع على وجه العموم إلى رقابة هذا 
البلد الصارمة. 

إن اعتماد هذا النموذج المثالي للتحليل على مؤسسات الحقبة الزاهية 
عدوم ااء ءااعاء لا يرمي إلى القول بوجود تناظر تاريخي: ذلك أن من غير 
المرجح أن يستطيع النظام الاقتصادي العالمي. البسيطء والمتحكم بنفسه 
أوتوماتيكياء كذلك الذي كان قائما قبل العام 4, أن يعيد إنتاج نفسه 
الآن. إن الاقتصاد العالمي الراهن مفتوح نسبياء لكنه ينطوي على فوارق 
فعلية تميزه عن ذلك النظام الذي كان سائدا قبل الحرب العالمية الأولى؛ 
ومن هذه الفوارق: أن النظام الحالي يتسم بتجارة حرة أكثر تعميماء وأكثر 
خضوعا للمؤسسات. عن طريق منظمة التجارة العالمية (10/ا), وأن 
الاستثمار الأجنبي فيه مختلف أيضا من حيث أشكاله وغاياته - برغم أن 
القدرة العالية لرأس المال على الحركة لا تزال: من جديدء مجرد إمكان - 
كما أن نطاق التدفقات المالية قصيرة الأجل بات أعظم: في حين أن 
النظام النقدي العالمي مختلف تماماء أما حرية هجرة اليد العاملة فقد 
تقلصت بشكل صارم. مع هذا فإن نظام ما قبل العام ١5١4‏ كان عالميا 
بحق؛ ومترابطا بوسائل اتصال كفوءة بعيدة المدى» ووسائكل نقل صناعية. 

جاءت ثورة الاتصالات والمعلومات في أواخر القرن العشرين لتدفع 
قُدما تطور نظام تجاري قادر على تقرير الأسعار العالمية يوما بيوم: ولكن 
من دون أن تخلقه. لقد استطاعت خطوط التلغراف العايرة للقارات تحت 
أمواه المحيطات أن تدمج أسواق العالم خلال النصف الثاني من القرن 
التاسع عشر (ستاندج 51200886 .)١9948‏ صحيح أن المنظومات الحديثة 
قد زادت من الحجم والتعقيد الممكنين للصفقات التجارية زيادة هائلة: إلا 
اننا نتوافر على وسائل المعلومات القادرة على إدامة نظام تجاري عالمي 
حقيقي منذ قرن أو أكثر. إن الفرق بين نظام تجاري تتحرك فيه السلع 
والمعلومات بواسطة السفن الشراعية؛ ونظام تجاري آخر تتحرك فيه هذه 
بواسطة السفن البخارية والكهرباء. فرق نوعي. وإذا كان منظرو العولمة 
يقصدون أن لدينا اقتصادا يرتيط فيه كل جزء من أجزاء العالم بواسطة 
أسواق تشترك في معلومات قريبة من الزمن الفعلي؛ فإن هذا الوضع لم 
يبدأ في سبعينيات القرن العشرينء بل في سبعينيات القرن التاسع عشر. 


ما العولمة" 


النمودج الثاني: اقتصاد كوني (معولم) 

إن الاقتصاد الكوني 80050123 0106811260 هو نموذج مثالي يتميز عن 
اقتصاد ما بين الدولء ويمكن بلورته بالتتضاد مع هذا الأخير. إن 
الاقتصادات القومية المختلفة؛ في إطار مثل هذا النظام الكوني. تندرج 
وتتمفصل في هذا النظام بفعل عمليات وصفقات عالمية. أما اقتصاد ما 
بين الدولء بالمقابل؛ فهو نظام تحتفظ فيه العمليات المقررة على الصعيد 
القومي بهيمنتهاء حيث لا تعود الظواهر العالمية سوى نواتج تنبع من الأداء 
المتمايز والمتباين للاقتصادات القومية. وعليه فإن اقتصاد ما بين الدول 
هو مجموع وظائف متركزة فوميا. وبينما يوجدء في اقتصاد كهذاء طيف 
واسع ومتزايد من التفاعلات الاقتصادية العالمية (كأسواق المال والمتاجرة 
بالسلع المصنعة» مثلا) فإن هذه التفاعلات تنزع إلى أن تكون بمنزلة فرص 
أو قيود إزاء فاعلين اقتصاديين وهيئاتهم الحكومية الناظمة؛: في إطار 
قومي محدد. 

الاقتصاد الكوني يفرض رفع هذه التفاعلات ذات الأساس القومي إلى 
أساس جديد . وحين تصبح الأسواق وعمليات الإنتاج كونية بحق؛ فإن 
النظام العالمي يكتسب استقلالا ذاتيا. وينسلخ عن مرتكزه الاجتماعي. 
وعندئد يتوجب على السياسات المحلية. سواء كانت صادرة عن شركات 
خاصة أو هيئات حكومية ناظمة؛ أن تأخن في الحسبان: بصورة روتينية, 
العوامل العالمية المقررة بشكل طاغ لميدان عملياتها. وبنمو الاعتماد المتبادل 
داخل المنظومة: فإن المستوى العالمي يخترق المستوى القومي ويحوله. إن 
المشكلة التي يخلقها مثل هذا الوضع؛ في إطار اقتصاد كوني كهذاء أمام 
السلطات الحكومية في مختلف البلدان هي: كيف السبيل إلي وضع 
سياسات تنسيق وتكامل بين مختلف جهودها الناظمة لكي تستطيع 
التعامل مع الاعتماد المتبادل المنتظم بين الفاعلين الاقتصاديين فيها. 

وعليه فإن أول عاقبة كبرى من عواقب نشوء اقتصاد كوني هي أن 
التحكم فيه سيكون إشكالية جوهرية. فالأسواق الكونية المنخلعة عن 
إطارها الاجتماعي ستكون عصية على الضبطء حتى إذا افترضنا وجود 
تعاون فعال بين شتى الهيئات الحكومية الناظمةء ووجود تطابق في المصالح 


هل العولمة خرافة 'ضرورية؟ 


بينها. إن الصعوبة الأساسية تكمن في وضع نماذج.ء فعالة ومتكاملة في آن؛ 
من سياسة حكومية قومية وعالمية للتعامل مع قوى السوق الكوني. وإن 
التبعية الاقتصادية المتبادلة والمنتظمة بين البلدان والأسواق لن تقود 
بالضرورة بتاتا إلى تكامل متناغم يسمح للمستهلكين في العالم بالإفادة من 
آليات سوق ذات استقلال حقيقيء وذات كفاءة في توزيع الموارد. على 
العكسء فالأرجح تماما أن سكان أكثر الدول والمناطق نجاحا وتقدما 
سيقعون تحت رحمة فوى السوق المستقلة ذاتيا والفالتة من السيطرة 
(بسبب طابعها الكوني). وعليه فإن التبعية المتبادلة سوف تعزز في الحال 
التفكك - أي التناض. والنزاع - بين هيئات الضبط على شتى المستويات. 
وإن مثل هذا النزاع من شأنه أن يمعن في إضعاف التحكم الحكومي 
الفعال على المستوى الكوني. وأن المشايعين المتحمسين لكفاءة الأسواق 
الحرة ولأفضلية سيطرة الشركات على الهيئات الحكومية. سيرون في ذلك 
نظاما عالميا عقلانيا. متحررا من القيود البالية. غير الفعالة: للتدخلات 
الحكومية القومية.أما المشايعون الآخرون. وهم أقل جموحا برغم قناعتهم 
بأن العولمة جارية حقاء مثل سيرني 0639© .)١598(‏ فيرون في ذلك نظاما 
عالميا لا يمكن أن يكون فيه أي مجال لضمانات حكومية معممة. أو 
مستديمة. تحمي من التكاليف التي تفرضها نتائج المنافسة غير المؤاتية أو 
حالات الفشل في الأسواق على المجالات المحلية. 

وحتى لو كان المرء عازفا عن قبول فكرة أن عملية العولمة جارية بشكل 
كاملء فإن النموذج المثالي يمكن أن يساعد في إلقاء الضوء على بعض 
جوانب أهمية تعاظم التكامل الاقتصادي داخل الكتل التجارية الإقليمية 
الكبرى. إن الاتحاد الأوروبي (ل81) ومنطقة اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا 
الشمالية (74718) سيتحولان في القريب إلى أسواق ذات نطاق قاري. 
شديدة التكامل. وتكشف لنا حالة الاتحاد الأوروبي أصلاء بوضوح. أن هناك 
مشكلات جوهرية تعترض تكامل وتنسيق سياسات الضبط بين شتى 
السلطات الحكوميةء سواء على المستوى الاتحادي أو القومي أو الإقليمي. 

ومن الواضح أيضا أن هذا النموذج المثالي يسلط الضوء على قضية 
ضعف التحكم الحكومي بالشركات الكبرى. فحتى لو كانت هذه الشركات 
كونية حقاء فإنها لن تستطيع العمل في كل الأسواق بفاعلية متساوية, 


ما العولمة" 


وإنها سوف تفتقرء. حالها حال الحكومات,. إلى القدرة على أن تؤمن 
الضمانات الواقية من غائلة الصدمات المفاجئة اعتمادا على مواردها 
هي وحدها. إذ لن يعود بالوسع الاعتماد على العون من الحكومات؛ كما 
كان حال «الشركات القومية الأساسية». وعندكذ ستضطر الشركات 
المشتركء والشراكة. والمشاريع التعاونية المشتركة:؛ وهلم جرا. 
ونلاحظ أن مثل هذه العمليات تبرز حاليا حتى في إطار 
الاقتصاد العالمي الراهن. 

وتتمخض فكرة وجود اقتصاد عالمي سائر إلى الكونية عن عاقبة كبرى 
ثانية. هي تحول الشركات متعددة القومية (2412/05) إلى شركات عابرة 
للقوميات (173005). بوصفِها اللاعب الرئيس في اقتصاد العاله!'). إن 
الشركات العابرة للقوميات ستكون رأسمالا طليقا بحقء من دون هوية 
قومية محددة وبإدارة عالمية. مستعداء من ناحية القدرة على الأقل. لأن 
يستقر في أي مكان في المعمورة» وأن يغير موقعه من أجل أن يحصل على 
أفضل العوائد ضماناء أو أعلاها قيمة. ويمكن تحقيق ذلك في القطاع 
لإملاء قوى السوق بالكامل. من دون أي اعتيار للسياسات النقدية 
القومية.أما بالنسبة إلى شركات الصناعة التحويلية حصراء فإنها 
ستحدد تجهيزها. وإنتاجها وتسويقها على المستوى الكوني وفما لما تمليه 
متعددة القومية ؛ لن يعود بالوسع ضبط الشركات عابرة القوميات, أو 
حتى لجمها بفعل سياسات دول قومية محددة. فهي. بالأحرى. تفلت من 
كل معايير الضبطء عدا المعايير العالمية المشتركة. أتفاقا وتنفيذا . ولن يعود 
تلك المعايير العالمية تباينا يضر بمصالح الشركات عابرة القوميات العاملة 
داخل حدودها. وستفغدو الشركات عابرة القوميات التجلى الرئيس 
للاقتصاد الكوني بحق. 


هل العولمة خرافة'ضرورية؟ 


ويرى كل من جوليوس ونانانال )١55-0(‏ وأوهمه عقصط0 ( ١55‏ ؟551١),‏ 
على سميل المكال: أن هذا اليل نعو نشو شركات غايرة العومياف: سق 
متوطد أصلا. ويقول أوهمه إن مثل هذه الشركات التي «لا دولة» لهاء هي 
الآن المحرك الرئيس في الاقتصاد مترابط الأجزاء 0علهذا - بعام1) 
(6602050: المتمركز في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان. ويعتقد أوهمه 
أن شياشة التدخل فى الاقكتصناد الكبين[الماكرو) والتدحل الصتاعن 
مدن جاتب التتكومنات القومية ليش من كيانه إلا إن يكيو وضيق 
العملية المالانية تخرويم المتواره الضارية معتول هرارات الشتركات 
وخبارات التبديلكن عن النطات الكرنى. ويساال اوهينه على غران اكيو 
موريتا 240118 0كلى4 من شركة سونيء أن هذا النمط من الشركات سوف 
ينتهج إستراتيجية «التموضع الكوني» في العالم من باب التجاوب مع 
افيواق [فليييية تتميلة: وجد يع المواقع بقاطية لعيية يلق طلينات 
الجماعات المحلية, المتميزة: من المستهلكين. ويقنوم ذلك على فرضية أن 
الشركات عابرة القوميات سوف تعتمد بالأساس على الاستثمار الأجنبي 
المباشر والتكييف المحلي التام للإنتاج كيما يلبي طلبات السوق المميزة هذه. 
وتختلف هذه الإستراتيجية تماما عن إستراتيجية التخصص المرن للإنتاج 
الأساسى يفي اموق الرئيس للشركة ويدام مروع'معامل تجميع حيتنا بلزم: 
أو عيثما تقتحي متطليات الشتياسة السكومية القوسية: وتدل الوشاقع .على 
أن الشركات اليابانية. التي هي أكثر الشركات فعالية في أسواق العالم؛ 
تحيبة الراي القاكل إن الاستراتيصية الأخيرة فى الطاغة (ويلياسز 
وآخرون. 21 6ه 5د« هنذ!1/:1ا 1997). ويظهر أن الشركات اليابانية كانت عازفة 
عن أن تقيم بعض الأقسام الأساسية خارج البلادء ويخاصة أقسام «البحث 
والتطوير». أو أقسام الإنتاج ذات القيمة المضافة العالية. ويبدو لنا أن 
النموذج الحق هو اقرب إلى نمودج الشركات القومية التي تقوم بممليات 
ذات نطاق عالمي منه إلى نموذج الشركات العابرة للقوميات. وأن نموذج 
الشركات القومية هذا قائم حاليا وسيظل قائما في المستقبل المنظور. 
وبالطبع فإن هذه الشركات متعددة القومية ذات توجه عالميء يرغم أنها 
ذات قاعدة قؤمية :وان الأضيواق الخارجية توذر على إمتتزافيجياتها المحلية 
كما يؤكر المتاهتون الأجانب على عملياتها الإنفاجية. ويرغم أن الشركات 


ما العولمة" 


متغددة القومية تواصل التجازة 'بشكل أساسي داخل اقتضاداتها القومية: 
كن ضمحة مكوية مضديو من العاف الخارجية بوذ قال تمر كا في 
والمشبضيين هنا نونف لسن سين : سلكن كانه الشبرع اح ةشعر 
الآزدهان الطويلة بعد العام 1540 تساك على هذا التح و آيضاء ولم تكن 
لتصبيك انتخا إلا إذا الترمت سعاوين التعاضيى العالمن: 

وهناك عاقبة ثالثة للعولة ستتمثل في الضمور المتزايد للعمال المنظمين 
مق ناعية التفوذ السياسى وقدرة التساوم الاختصيادئ: فالاسواق المتولة 
والشركات العابرة للقوميات سوف تنزع إلى أن تعكس صورتها في سوق 
عمل غالى نوع :وفكدا ترق أنه ييتما ينكين اللشركات النيكا حةالى 
قوة عشل متشقة وصالية اكهاره على الاسنتعران هي البلذان التعيهة بكلو ما 
فيها من مزاياء عوض مجرد البحث عن مناطق ذات أجور واطئة. فإن ميل 
ذأ امال مو التسزف على التبكوى الكو يقال الشات على المسترى 
القومي التسبي لقوة العمل سيعطي الأفضلية لتلك البلدان 'اللتقدمة القن 
تقار بشو عمل اك مرونة كما مها جادتى عات الجشاعية قيابنا رك 
مزانا كفاءة :العمال وتحفيرهم ‏ وهكذ| فَإن إسخرافجيات «الديتوفراطيين 
الاحكماعيين» لحعريز ظروى" العمل لن يكن لها اليعاء إلا إذا سمت 
الأمشروة السافينة اقرة العمل من دون التضدريق عل امتياز اع إداراك 
الشركات: ومن دون أي زيادة في تكلفنة الضرائب تتجاوز المعدل الوسطي 
المعمول به في البلدان المتقدمة. غير أن مثل هذه الإستراتيجيات ستكون 
مجرد كلام طنان: فالعولمة ستنزع إلى إعطاء الأفضلية لإدارات الشركات 
عاك حينات سنت افك هوى العدل سكليه ند وعايةواهإن الخولة نمطي 
الأفضلية للسياسات المتعاطفة مع الأولين؛ لا الأخيرين. وسيشبه هذا 
الوضع «رأسمالية الفوضى» التي قال بها لاش 258.] وأوري دنآ (/1941) 
سوق انها ستكون أشب واعى: ان يمكن لهذا الوضع ان يشو هن اقباء 
إصثراترهجات محتدلة ودطافية عردم تعن قر العمل المنظم قوية متخي : 
(شاريف #معقطء5 ١احكلق‏ /إ55١).‏ 

وهناك عاقبة أخيرة. محتومة:, للعولمة» وهي بروز تعددية قطبية 
أساسية ف النظاء السياسي العللي*هالسيلظة القومية» الدن كانت مقييفة 
حتى الآنء ستفقد القدرة في آخر المطاف على فرض أهدافها المحددة من 


هل العولمهة خرافة ضرورية؟ 


الضوايط سواء داخل حدود أراضيهاء أو خارجهاء وسيتضاءل عدد 
الهيئات (الحكومية أو الأهلية) التي تنعم بسلطات راسخة لصد أو تحاشي 
أي جهة طماحة إلى «الهيمنة». وعليه. فإن طيفا من شتى الهيئات, ابتداء 
من الوكالات العالمية الطوعية وانتهاء يالشركات العابرة للقوميات. 
ستكتسب سلطة أكبر نسبيا (على حساب الحكومات القومية). بل وسوف 
تستطيع أن تطلب وتكتسب الشرعية من المواطنين/المستهلكين عبر 
الحدود القومية. وهكذا فإن صلاحيات بسط النواظم المميزة التي تنعم 
بها الدول القومية سوف تتقلص. حتى لو بقي جل مواطني هذه الدول» 
وبخاصة في البلدان المتقدمة؛ مترابطين قوميا. وفي عالم مثل هذاء لا بد 
لفاعلية القدرة العسكرية القومية من أن تضعف. إذ لن يعود بالوسع 
استخدامها لتحقيق غايات اقتصادية. لأن سيطرة الدولة «القومية» فى 
المككال الاققضاني تكوناقن تيققك البرحه كير وسي كيكك اتتت كدوام 
القوة العسكرية. عندئذ؛ وعلى نحو متزايد. بقضايا غير اقتصادية,. مثل 
الانتماء القومي والدين. وهكذا أيضا فإن صلاحيات أنواع متعددة من 
الهيئات (العامة والخاصة). القادرة على إيقاع العقوبات أو استخدام حق 
النقض (الفيتو). سوف تأخذ بمزاحمة الدول القومية, وتشرع بتغيير 
طبيعة السياسة الدولية. وإذ تفترق الاقتصادات عن الأمم. سيفدو 
الاقتصاد العالمي ذا صبغة «صناعية» أكثر. وصبغة «محاربة» أقل مما هو 
عليه اليوم. فالحرب ستنحصر على نحو متزايد في مواضع محلية؛ أما 
إذا استعرت مهددة المصالح الاقتصادية الكونية الجيارة؛: فإن الأطراف 
المتحارية ستتعرض لعقوبات اقتصادية مدمرة. 
خلاصة المحاججة 

لقد صرفنا بعض الوقت لعرض فكرة الاقتصاد العالمي الكوني. 
ومقارنة هذه الفكرة مع مفهوم اقتصاد ما بين الدول. مرد ذلك هو سعينا 
إلى أن نوضح بدقة التبعات التي ستترتب على الزعم القوي القائل إننا إما 
أن نعيش في اقتصاد معولم راسخ. وإما أن الحقبة الراهنة تتنطوي على 
ميول عولمة شديدة. غير أن مهمة تشخيص الموقف بصورة قاطعة بالغة 
الصعوبة. وتزداد صعوبة هذه المهمة بسيب عدد من التقفيرات المهمة. 


ما العولمة" 


المدفوعة سياسياء التي طالت الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الأولى. 
ومن أبرز هذه التغيرات انهيار القيادة المسيطرة خلال فترة ما بين 
الحربين. ثم تدهور دور الهيمنة الأمريكي من مطالع السبعينيات فلاحقا. 
إن النظام التجاري العالمي لم يكن مجرد «اقتصاد». مجرد نظام محدد 
تحكمه قوانينه الخاصة. وبهذا المعنى فإن اصطلاح «الاقتصاد العالمي» 
كان على الدوام مجرد اختصار لما هو في الواقع نتاج تفاعل مركب بين 
العلائق الاقتصادية والعوامل السياسية؛. وهو تفاعل تعمل الصراعات بين 
القوى العظمى على بلورته. وتغييره. ويبدو أن الاقتصاد العالمي كان على 
أشد درجات الانفتاح عندما كان النظام التجاري مكفولا من قوة مهيمنة: 
مستعدة؛ لأسباب تخص مصالحها المنظورة؛ لأن تقبل بتكاليف ضمان هذا 
النظام. وإذا كان أنصار العولمة على صوابء فإن هذا كله آيل إلى الزوال. 
لقد تلت حقبة الهيمنة البريطانية فترة اضطراب وتنافس بين القوى 
العظمى بعد العام 1914. فهل نحن الآن بصدد أن نشهد فترة اضطراب 
ذات اختلاف طفيف عن فترة ضعف الهيمنة الأمريكية مطلع السبعينيات, 
أم أننا نشهد فترة تشكل نظام كوني جديد كل الجدةء تسود فيه قوانين 
الاقتصاد. أخيراء على السلطة السياسية:؛ لتستغني بذلك عن أي ضامن؟ 
إن الجبروت الاقتصادي والعسكري للولايات المتحدة هو الذي مكن 
العهد الأمريكي من البقاء بعد العام 191464: لقد كان ذلك مسعى سياسيا 
مقصودا لإعادة فتح الاقتصاد العالمي. وقد أصاب نجاحا مشهودا . إن 
نظام السوق الليبرالي متعدد الأطراف الذي خلقته الولايات المتحدةء أتاح 
نمو التجارة العالمية نموا هائلاء هذا النمو الذي أسهم في إذكاء وقدة 
ازدهار مديد . غير أن الهيمنة الأمريكية كانت متعددة الأبعاد. ولا يبدو أن 
هذه الهيمنة قد انتهت بالتمام. فمن الناحية العسكرية, لا تزال الولايات 
المتحدة مهيمنة,. بمعنى أن قوتها تضمن ألا تستطيع أي دولة أخرى 
استخدام جبروتها السياسي لتغيير بنية الاقتصاد العالمي. وبهذا المعنى: 
فإن العهد الأمريكي مستمر. ولا تزال الولايات المتحدة أيضا الضامن 
الممكن الوحيد لنظام التجارة الحرة العالمي بوجه أي تحرك سياسي دافع 
لزعزعته. وبالتالي فإن انفتاح الأسواق الكونية يتوقف على السياسة 
الأمريكية. وتبقى الولايات المتحدة كذلك أكبر اقتصاد قومي منفرد. 


هل العولمة خرافة ضرورية؟ 


ومحرك للطلب العالمي. وبرغم أن السياسة النقدية الأمريكية غير قادرة 
على التصرف بأسلوب مهيمن من طرف واحدء فإن الدولار يبقى وسيط 
التجارة العالمية. وهكذا فإن الولايات المتحدة لا تزال تتعم بما هو 
أكثر من بقايا عناصر الهيمنة:» كما أنها لا تواجه أي منافسين سياسيين 
بارزين؛ فلا الاتحاد الأوروبي. ولا اليابان» بقادر أو راغب في أن يأخذ 
دورها العالمي. 

إن الظرف المباشر لضعف الهيمنة الأمريكية أدى إلى نشوء أوضاع قد 
يلوح أن بوسع اقتصاد كوني أن يبرز في ظلها . لقد أدت أزمة مطلع 
السبعينيات إلى نظام نقدي يعتمد تعويم أسعار صرف العملات كليا. 
وأفضت هده التطورات. مقرونة بالنظريات السائرة على الموضة:؛ إلى 
سياسات نبن الضوابط المفروضة على تبادل العملات. وإشاعة الليبرالية 
في أسواق المال العالمية. وأخذ نظام تعويم أسعار الصرف يبدي «انفلاتا» 
منحرفا. وجاء ارتفاع أسعار نفط الأوبك (وهو نتاج تحرك سياسي قومي 
منسق من جانب مصدري النفط). ليزيد من تقلبات الاقتصاد العالمي 
بتوليد أزمات تضخم في الدول المتقدمة. وزيادات هائلة في السيولة 
النقدية لدى دول الأوبك: وازدياد هائل في اقتراض العالم الثالث (مما 
أدى بالتالي إلى اندلاع أزمة ديون وركود وبخاصة في أمريكا اللاتينية). 
ولدت هذه التغيرات ركودا عاما في العالم المتقدم. وزيادة واسعة في 
المديونية الحكومية. وتحولت الولايات إلى مستورد ضحم لرأس المال» من 
أجل تمويل عجزها التجاري مع اليابان بالأساس. 

خلاصة القولء هناء إن هذه التغيرات كانت ظرفية:, على الرغم من 
عظم تأثيرها وسعة نطاقهاء وأنها كانت مدفوعة سياسياء في جانب منها 
على الأقل. غير أن فترة التقليات والاضطرابات الشديدة لم تدم طويلا. 
فقد استعيض عن نظام التعويم النقدي الكامل لأسعار الصرف بنظام 
ضوابط جزئية. من خلال إنشاء «النظام النقدي الأوروبي» (8845) العام 
: وإبرام اتفاقات بلازا واللوفر بين الدول الصناعية المتقدمة 
المعروفة ب «السبع الكبار» (67) خلال الثمانينيات. وهكذا لم يقم أحد 
باستعادة النظام القديم متعدد الأطراف الذي كان جاريا بعد العام 215140 
ولكن ذلك لم يمنع الوقوع في حمأة قوى السوق الفالتة. من جهة» ولم يمنع 


ما العولمة" 


التنافس السلبي بين الكتل التجارية الكبرى الناشئة. من جهة أخرى. ولقد 
ساعدت الجولة الأخيرة لمنظمة الجات (الاتفاقية العامة حول التعرفة 
والتجارة 68775) الأورغواي على إبقاء النظام التجاري العالمي مفتوحاء 
وأيضا قابلاء على الأقل؛ للخضوع إلى قواعد محسوبة في آن: وذلك على 
الرغم مما اكتنف اللقاء من نزاعات وتضارب في المصالح إزاء المنتجات 
الزراعية والخدمات المالية وحقوق الملكية الفكرية. وهكذا لا يبدو أن ذروة 
التغيّر في النظام العالمي لما بعد ١944‏ قد أنتجت نظاما بلا رأس مسيطر. 
قائما على أسواق ما فوق قومية بلا أي ضوابط. 

أما النقلة الكبرى التالية باتجاه مثل هذا النظامء ونعني بها دفعة 
الليبرالية الاقتصادية في مطلع عقد التسعينيات. فقد فشلت هي الأخرى 
في أن تفضي إلى مثل هذا المآل. إن الأزمة المالية التي بدأت في آسيا 
العام ١951/‏ قد أسفرت عن تدخل كبيرء وإن جاء متأخرا وغير مثمر 
أحياناء من جانب الوكالات العالمية والولايات المتحدة أدى إلى طور جديد 
من التعبئة الوقاتية لمبالغ طائلة درءا لانتقال العدوى. كما هو الأمر في 
حالة البرازيل: ونشأت بالمثل دعوات قوية لإعادة فرض الضوابط على 
أسواق المال» كما تنامى الارتباط في قيمة التدفقات المالية قصيرة الأجل. 
إن إيقاف «اتفاقية الاستثمار متعدد الأطراف» المقترحة:؛ التي كان من 
شأنها أن تشيع الليبرالية في النظم القومية لضبط الاستثمار:؛ هو مؤشر 
جلي على أن مشروع إنشاء اقتصاد عالمي يعتمد على قوى السوق وحدهاء 
قد علق على الأقل؛ إن لم يكن قد تراجع بالكامل. 

سنقوم بمعاينة تاريخ الاقتصاد العالمي في الفصل القادم: أما الآن 
فإننا نقتصر على تعداد هذه القضايا كي نشبت الطابع الطارئ المحصن 
للعديد من الأحداث التي فُسئّرت على أنها تحول بنيوي في الاقتصاد 
العالمي. ذلك أن كثرة من هذه الميول انقلبت على أعقابهاء أو انقطعت في 
مجرى تطور الاقتصاد العالمي. وهذا يؤكد جوهر ما قلناه. إذن» من وجوب 
الاحتراسء بالمعنى الواسعء. من إسباغ مغزى بنيوي على ما قد يكون مجرد 
تغيرات ظرفية؛ موقتة: برغم أن بعضها عاصف(). 

إن المفهوم المتشدد عن الاقتصاد الكونيء الذي عرضناه آنفاء يقوم 
مقام نموذج مثالي نستطيع أن نقارنه بالميول الفعلية الجارية في الاقتصاد 


هل العولمة خرافة ضرورية؟ 


العالمي. لقد قارنا هذا الاقتصاد الكوني بمفهوم اقتصاد ما بين الأمم؛ في 
[ظار التعليل سايق الذكن ابتغاء أن تميق سمافة الخاضة والجنديدة: إن 
إبراز التتضاد بين هذين النموذجين توخيا لوضوح المفاهيم؛ إنما يخفي 
احتمال اختلاط الاثنين في الواقع الفعلي؛ اختلاطا متسما بالفوضى. 
الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان تحديد الميول الأساسية اعتمادا على 
القرائن المتاحة. إن هذين النموذجين من الاقتصاد لا يلغفيان وجود 
بعضهما البعض بصورة لازمة, فالاقتصاد الكونيء بالأحرى؛ يمكنء. في ظل 
شروط معينة. أن يحوي اقتصاد ما بين الدول ويلحقه فيه. وإن الاقتصاد 
الكوني يمكن أن يعيد تمفصل الكثير من سمات اقتصاد ما بين الدول؛ 
محولا إياها في مجرى ترسيخه لها. وإذا ما حصلت هذه الظاهرة: 
فسنكون إزاء مزيج مركب من سمات هذين النموذجين من الاقتصاد. 
القائمين في الظرف الراهن. إن قضية تحديد ما يحصل الآن, إنما هي 
تشخيص الميول الطاغية: فإما نمو العولمة. وإما استمرار الأنماط القائمة 
لاقتصاد ما بين الدول. 

وفي رأينا أن عملية التهجين ليست جارية. غير أن من العجرفة بمكان 
ألا نشير هذا الاحتمال وندرسه. إن رأينا يتمحور على القرينة التي 
نعرضها لاحقا (الفصل الثالث) حول ضعف تطور الشركات العابرة 
للقوميات. واستمرار بروز الشركات متعددة القومية. إضافة إلى استمرار 
هيمنة البلدان المتقدمة في كل من التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر. 
وإن هذا الدليل يتسق مع فكرة استمرار اقتصاد ما بين الدولء ولا يتفق 
مع وجود نظام هجين يتعولم بسرعة. علاوة على ذاء ينبغي أن نتذكر أن 
اقتصاد ما بين الدول هو اقتصاد تتوجه فيه الصناعات ومراكز الخدمات 
المالية والتجارية الكبرىء ذات القاعدة القومية. نحو الخارج توجها قوياء 
مركّزة على الأداء التجاري العالمي. وعليه فإن ما يشكل النقيض للاقتصاد 
الكوني. لا يتمثل في اقتصاد قومي منغلق على نفسهء فالنقيض هو سوق 
عالمي مفتوح: يقوم على المتاجرة بين الأمم. ويخضع. بهذه الدرجة أو تلك: 
إلى ضوابط السياسات العامة للدول القومية والوكالات فوق القومية 
(الفصل السابع). إن مثل هذا الاقتصاد قائم. بهذه الصورة أو تلك, منذ 
سبعينيات القرن التاسع عشرء وهو يواصل البروز برغم النكسات الكبرى 


ما العولمة" 


التي حاقت به. وأخطرها أزمة الثلاثينيات. زبدة القول إنه ينبغي ألا 
نخلط بين هذا الاقتصاد والاقتصاد الكوني. 

وتنتظم بقية فصول الكتاب على النحو التالي. يدرس الفصل الثاني 
تاريخ الاقتصاد العالمي ونظم الضوابط فيه دراسة مفصلة بعض الشيء. 
ونقوم هنا بمقارنة تكامل الاقتصاد خلال فترة معيار الذهب قبل العام 
4 , بالاقتصاد العالمي الذي نما خلال عقدي الثمانينيات ومطلع عقد 
التسعينيات. ويتناول التحليل طيفا واسعا من إجراءات التكامل. فيجد أن 
مستويات التكامل الجارية حاليا ليست غير مسبوقة؛ سواء في مجال 
الاقتصاد الفعلي أو الاقتصاد النقدي. ويشدد الفصل على طبيعة خضوع 
الاقتصاد العالمي للتحكم. كما يستقصي العلائق بين النشاط المحلي 
والنشاط العالمي خلال شتى الفترات. 

أما الفصل الثالث فيجمع بين تحليل التجارة والاستثمار الأجنبي 
المباشرء واستقصاء مدى تحول الشركات الحديثة الكبرى إلى شركات 
عابرة للقوميات. إن الاستثمار الأجتبي المباشر هو مفتاح الفرضية القائلة 
إن حراك رأس المال يعيد تشكيل بنية الاقتصاد العالمي. وندرس هنا توزيع 
الاستثمار الأجنبي المباشرء وضبطه: بالقياس إلى ضوابط التجارة العالمية, 
ولكن بصورة متميزة عنها. ونشدد هنا على استمرار طغيان الكتل 
الاقتصادية الثلاث ‏ أمريكا الشمالية, أوروباء اليابان ‏ في التجارة: 
وتدفقات وأرصدة الاستثمار الأجنبي المباشرء. وتوزيع الدخل في العالم. 
أما ما تبقى من هذا الفصل فيقدم الدليل على الدور الاقتتصادي 
للشركات متعددة القومية. متحريا خير وأحدث المعطيات المتاحة لكي يبين 
أن هذه الشركات لم تصبح رأسمالا كونيا منفلتاء بل إنها لا تزال» وإلى 
حد كبيرء متجذرة في واحدة من مناطق الثلاثي المذكور. وعليه فإن 
الجانبين الأساسيين في هذا الفصل يدرسان طبيعة الاقتصاد العالمي 
للسلع الحقيقية والخدمات. من خلال الفحص الدقيق لإستراتيجيات 
الشركات العالمية ولدفق الموارد الفعلية. ويخلص الفصل إلى استنتاج عام 
مفاده أن عولمة الإنتاج قول مبالغ فيه: فالشركات لا تزال وثيقة الارتباط 
بقواعدها المحلية في بلادهاء وأنها مرشحة للبقاء على هذا النحى, 
لأسباب جد وجيهة. 


هل العولمة خرافة'ضرورية؟ 


أما المصل الرابع فيدرس فضيتين متمايزتين ولكن مترابطتين 
أيضا. يشدد القسم الأول على أن التجارة بين الكتل الثلاث: وإن تكن 
تحتل نسبة مئوية كبيرة من التجارة العالمية, لا تزال متواضعة بالمقارنة 
. مع إجمالي الناتج المحلي لهذه الكتل عينها. وأما التجارة مع البلدان 
النامية فإنها لا تزال متواضعة من حيث نطاقها. فلا هي تؤدي إلى 
تقليص هيمنة الكتل الثلاث, ولا هي تؤدي إلى تغلغل مفرط للواردات 
من ناحية الاقتصادات حديثة التصنيع. ويشكل هذا خلفية لتحليل ما 
إذا كانت المنافسة وتغلقل الواردات من البلدان حديثة التصنيع ذات 
الأجور المتدنية. يسهمان بدرجة كبيرة في البطالة ونزع التصنيع في 
العالم المتطور. والحكم الذي أصدرناه بعد المراجعة المسهبة للأدب 
المكتوب عن ذلك وللأدلة الشبوتية. أن «لا دليل إتبات» على هذه 
. القضية. وإن البرهنة على هذه التأثيرات بحاجة إلى دليل إسناد 
قوي. أما القضية الثانية في هذا الفصل فهي «القدرة التنافسية 
العالمية». التي تتردد كبند رئيس من بنود جل الكلام الحديث عن 
السياسة الاقتصادية. يقوم الفصل بتناول وتقييم شتى المعاني المختلفة 
لمفهوم المنافسة. مركزا على الفوارق بين الأمم والشركات؛ وملقيا نظرة 
شكاكة على مباحث هذه القضية كما تطرحها الكتابات عن قضايا 
إدارة الشركات. 

ويتناول الفصل الخامس قضية البلدان النامية والعولمة. وبخاصة ما إذا 
كان نظام معين لحرية التجارة وحركة رأس المال. سيقود إلى الانطلاق 
الاقتصادي لمعظم العالم النامي على أساس اقتصاد السوق ‏ ويشمل ذلك 
بلدانا كبيرة مثل الصين والهند وإندونيسيا والبرازيل. لقد ألقت الأزمة 
الآسيوية ظلا من الشك العميق على مثل هذه التتبؤات. التي راجت في عقد 
التسعينيات. ويدرس الفصل أسباب الأزمة الآسيوية. ساعيا إلى إعطاء ثقل 
مناسب لتأثيرات تدفقات رأس المال قصيرة الأجل: ومواطن فشل السياسة 
المحلية, تباعا. بعدئذ. يدرس الفصل خيارات السياسة أمام البلدان النامية, 
داعيا إلى ضوابط إستراتيجية محدودة على حركة رأس المال. 

ويدرس الفصل السادس الزعم القائل إن تزايد الانفتاح العالمي قد زاد 
من حدة الصدمات التي ألمت بالاقتصادات المحلية. وقلص القدرة على 


ما العولمة" 


إرساء وإدامة أنظمة الرفاه اللازمة لمعالجة هذه الصدمات. ويركز هذا 
الفصل على أوروبا الغربية. متبنيا نظرة مقارنة. ويبين الفصل كيف أن 
دولا صغيرة وعالية التصنيع. مثل الدانمارك وهولنداء استطاعت أن تديم 
نظام الرفاه وتصلحه في فترة اشتداد جلي للمنافسة العالمية. ويدرس 
المصل بعدئذ كيف استطاعت دول أكبر من ذلك؛ مثل إيطالياء أن تحقق 
إصلاحا كبيرا في نظامها عن طريق التشاور الديموقراطي. وأخيرا يبحث 
الفصل في ما إذا كان استمرار تكامل الأسواق في الاتحاد الأوروبي 
سيعزز التنافس على الإمعان في الحد من مخصصات الرفاه وحقوق 
العمال» فيخلص إلى أن ذلك ليس لازما بالضرورة. 

ويبحث الفصل السابع في البنية الراهنة للتحكم في الاقتصاد العالمي. 
وبخاصة التحكم في النظام المالي» ثم يمضي إلى دراسة إمكانات الضبط 
الاقتصادي على الأصعدة العالمية والقومية والإقليمية. ونخلص في هذا 
الفصل إلى وجود إمكان فعلي لتطوير نظم ضبط وإدارة: وإن الاقتصاد 
العالمي ليس فالتا من أي سيطرة بأي حالء بل إن هناك افتقارا إلى الإرادة 
السياسية في الوقت الحاضر للحصول على صلاحيات إضافية للتحكم في 
الجوانب الضارة والجائرة من النشاط الاقتصادي العالمي والمحلي. 

ويمضي الفصل الثامن إلى بحث الاتحاد الأوروبي باعتباره أكشر الكتل 
التجارية تطوراء ليناقش قضية التطور التدريجي المقبل لمؤسساته. ويركز 
الفصل بخاصة على خلق اليوروء وتأثيره في السياسة الاقتصادية في 
داخل أوروباء وعلى موقع الاتحاد الأوروبي في النظام العالمي. ونرى هنا أن 
النتائج ستكون حاسمة من حيث تأثيرهاعلى تطور الاقتصاد العالمي 
باتجاه أدنى حد من نظام الضوابطء أو باتجاه توسيع نظام الضوابط هذا . 

أخيراء يبحث الفصل التاسع في الأبعاد السياسية للتحكم. مستقصيا 
تغير دور وقدرات الدولة القومية. والأدوار المحتملة التي يمكن لهذه 
الكيانات أن تلعبها في ترسيخ وشرعنة توسيع أطر التحكم في الاقتصاد 
العالمي. ونرى هنا أن عمليات التدويل لم تقوض الدولة القومية: بل إنها 
ترسخ أهميتها من نواح عدة. 


لقم 
«إن عمل العولمة حتى 
منتصف التسعينيات لم 
يستطع؛ كما يبدوء أن يرغم 
المؤسسات المالية المحلية ضي 
البلدان المتتقدمة على أن 
تقفصل انفصالا جوهريا عن 
الشكل التاريخي لطابع كل 
منهاء. رغم حصو زيادة 
معينة في عموم التدويل 
المؤلفان 





العولمة وتاري الاقتصاد العالمي 


هناك اعتقاد سائد بأن «عولمة» النشاط 
الاقكضادى وما تكيرة'من قضايا التعكم, 
أمران لم يبرزا إلا بعد الحرب العالمية 
الثانية. وبوجه أخص خلال عقد الستينيات. 
فقد شهدت فترة مايعد ١96٠١‏ نشوء 
الشركات متعددة القومية. من جهة, والنمو 
السريع للتجارة العالمية. من جهة أخرى. ثم 
تلاها بعد ذلكء. مع انهيار نظام أسعار 
الصرف شبه الثابتة لنظام بريتون وودز 
خلال الفترة 1١91/١‏ 1917/5 توسيع جاد في 
استثمار الأسهم والإقراض المصرفي على 
الصعيد العالمي إثر تدويل أسواق رأس ال مال 
وخصوصا أسواق النقدء مما زاد في تعقيد 
العلائكق الاقتصادية العالمية. مدشنا ما 


في هذا الفصل هذا التاريخ الشائع. 
متعقبين أثر الفترات الرئيسية لتدويل 
النشاط الاقتصاديء التي سنبين تطورها 


ما العولمة" 


بأسلوب دوريء. غير متسق. وإن لب القضية المطروحة في تقييمنا 
هذا هو تغير الاستقلال الذاتي للاقتصادات القومية في ممارسة 
نشاطها الاقتصادي('). 


الشركات متعددة القومية؛ والشركات عابرة القوميات» والتجارة العالمية 

إن تاريخ تدويل مشاريع الأعمال طويل جداء ولا يقتصر بأي حال على 
الفترة المبتدكة من عقد الستينيات وحدها. فالنشاطات التجارية: مثلا 
ترجع إلى أقدم الحضارات؛ لكن القرون الوسطى في أوروبا هي التي 
تسجل ابتكار عمليات تجارية منتظمة عير الحدودء تنفذها مؤسسات 
بهيكة شركات خاصة (برغم أنها تحظى في الغالب بدعم ومسائندة قويين 
من الدولة). فخلال القرن الرابع عشرء مثلاء قامت «العصبة الهانزية» 
بتنظيم التجار الألمان في ممارسة أعمال التجارة:» في أوروبا الغربية 
والمشرقء التي زجتهم في الإنتاج الزراعي: وصهر الحديد والصناعة 
التحويلية عموما. وفي هذا الوقت نفسه تقريباء نظم «التجار المغامرون» 
بيع الأصواف والأقمشة التي تنتج في المملكة المتتحدة إلى «البلدان 
الواطئة». وسواها. علاوة على ذلك احتلت بيوتات التجارة والصيرفة 
الإيطالية موقعا أساسيا في التدويل العام لنشاط الأعمال التجارية خلال 
الطور المبكر من عصر النهضة. وقد قدر عدد شركات المصارف الإيطالية 
نهاية القرن الرابع عشر بنحو ١٠١‏ شركة؛. تعمل أصلا على أساس متعدد 
القومية (داننج 1(1121128 1997 ص ل!ا4ة ‏ 918). 

واتسعت رعاية الدولة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر مع 
تأسيس الشركات التجارية الاستعمارية الكبرى مثل: شركتي الهند 
الشرقية البريطانية والهولندية: وشركة موسكوفيء وشركة أغريقيا الملكية, 
وشركة هدسنز باي. ارتادت هذه الشركات عمليات تجارة الجملة في 
نطاق ما سيصبح مناطق مستعمرات بارزة. 

غير أن تطور الصناعة العالمية إثر رسوخ الثورة الصناعية؛ هو الذي 
يمثل السلف الأقرب للشركات متعددة القومية في يومنا هذا . ويتجلى هنا 
بوضوح, البروز المبكر للشركات البريطانية بوصفها منتجا متعدد القومية. 
في البدء. شكلت أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية أفضل خرص 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


الاستثمار. ولكن سرعان ما أعقبتها أفريقيا وأستراليا وآسيا. وهناك 
بعض خلاف حول ما إذا كان ينبغي اعتبار «الاستثمارات في المستعمرات» 
السلف الحقيقي للاستثمار الأجنيي المباشرء لكن الإنتاج في الخارج لأجل 
السوق المحلي بدأ بهذه الصورة. وأتاحت التطورات التكنيكية والتنظيمية 
بعد سبعينيات القرن التاسع عشر إنتاج أنواع عدة من المنتجات المتمائلة 
مجليا وخارجياء في إطار الشركة الواحدة نفسهاء في حين أن استكشاف 
وتطوير المعادن وغيرها من منتجات المواد الخامء: اجتذيا مقادير كبيرة من 
الاستثمار الأجنبي المباشر (داننج 1997, الفصل الخامس). 

هناك مشكلة تتصل بمثل هذا التصنيف الذي يسقط الحاضر على 
الماضيء وهي أن المفاهيم الحديثة عن الاستثمار «المباشر» (الذي ينطوي 
على فكرة وجود نوع من سيطرة إدارية من الخارج) من جهة. واستثمار 
«حقيبة أسهم مالية»(الذي ينطوي على شراء أسهم صادرة عن 
مؤّسسات أجنبية ابتغاء الحصول على عوائد من دون اقتران ذلك 
بمشاركة في السيطرة أو الإدارة) من جهة أخرىء هذه المفاهيم لم توضع 
إلا في مطلع عقد الستينيات؛ بموازاة إدخال مصطلح الشركات متعددة 
القومية نفسه. وكانت وزارة التجارة الأميركية قد بدأت بإيراد ذكر 
الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه للخارج ابتداء من العام 1575, ولكن 
هذا مجرد استثناء. 

وبرغم هذا الافتقار إلى معطيات منهجية مصنفة: فإن هناك اتفاقا 
عاما على أن الشركات الصناعية متعددة القومية ظهرت في الاقتصاد 
العالمي بعد منتصف القرن التاسع عشرء وأنها رسخت جميعا بحلول 
الحرب العالمية الأولى. وقد نما نشاط الأعمال التجارية العالمية نموا كبيرا 
خلال عقد العشرينيات إثر نضوج الشركات متعددة القومية, المتكاملة 
والمتنوعة بحقء لكن هذا النمو سرعان ما تباطأ خلال عقد الثلاثينيات 
الذي أبتلى بالكساد. وعقد الاربعينيات الذي مزقته الحربء ليعود إلى 
التوسع المتقلب بعد العام .156٠‏ 

هناك مقاربتان للقياس الكمي لنمو الأعمال التجارية العالمية على 
امتداد الزمن. تنطوي المقاربة الأولى على معاينة أي إحصاءات متوافرة 
عن الاستثمار العالمي. وتوليد معطيات إضافية, ثم إعادة تصنيف هذه 


ما العولمة" 


المعطيات على أساس التمييز الحديث. أما المقارية الثانية فتركز على 
مؤسسات الأعمال التجارية نفسهاء متعقبة آثار تاريخ الشركات وتدويل 
نشاطهاء بما في ذلك تعداد الشركات متعددة القومية وفروعها على مر 
الزمن (جونز 5ع02ل., .)١5954‏ 
الجدول )5-١(‏ 
تقدير إجمالي أرصدة الاستثمار الخارجي المباشرء وقيم التجارة 


عند اندلاع الحرب العالمية الأولى 
ربقيمة ملايين الدولارات الجارية) 


الاستثمار الخارجي الصادرات المصئعة 


المباشر في العام ١9414‏ في العام 191 


الولايات المتحدة 


الإجمالي العالمي 





المصادر عن الاستثمارات الخارجية المباشرة: إنجلتراء كورلى لإاته> 
4. األمانيا شرويتر 506065 1984., الولايات المتحدة وفرنسا داننج 
108همن] 1577ء هولندا ‏ جيلز سلويترمان 387تعالإنااذ وعلة0 ؟155. 
أما الإجمالى فمأخوذ عن جونز 10265 1394.,.وأما التجارة فأخذت عن 
لويس «ابلاع.1 1581. الملحق الرابع. ص 717 


إن التقديرات عن الاستثمارات الخارجية المباشرة التى قامت بها 
البلدان البارزة في العام 1514: وقيمة التجارة في العام 1417: مبينة فضي 
الحيدول اعلاه [01). ]ما مق تاحية القيسة القدرة تضادرات السسلد 
المصنعة, المذكورة في العمود الثاني من الجدولء فإن المملكة المتحدة وآلمانيا 
كانتا في طليعة المصدرين الصناعيين عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى. 
وتضاهيان ضعف اهمية الولايات المتجدة وفرنسا ..وكانت قيم الضادراتك 
السنوية أقل من أرصدة الاستثمار الخارجي المباشر والمتراكمة وقتذاك. 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


إن تحليل الشركات وتاريخضها يبين. أيضاًء الطابع المتطور للإنتاج 
العالمي قبل الحرب العالمية الأولى. أما البلد الرائد في هذا 
المضمار فهو المملكة المتحدة. غير أن هناك أيضا مدى مذهلا من 
الإنتاج متعدد القومية الذي نظمته اقتصاددات متقدمة أخرى 
المبكرة. كان متواضها من حيث المقدارء برغم أنه كان واسسع 
النطاقء وكان يأتي في الغالب من شركات أجنبية صغيرة 
(جونز 10865[ 1994). 


التجارة والتكامل العالمى 

هناك قاعدة إحصائية أفضل لاستقصاء الميول في التجارة 
العالمية. ومن جديدء يمتد تاريخ هذا الجزء من النشاط الاقتصادي 
العالمي إلى أمد بعيد. لكن الأدلة الإحصائية الجيدة لا تتوافر إلا 
ابتداء من العام 18٠١‏ فصاعدا (ماديسون 112001508 ١5137‏ 
ولا94١,‏ لويس 1.6115 .)١1981‏ أما الفترة المهمة من وجهة نظرنا 
فتتصل بالتطورات في هذا القرن. خصوصا منذ الحرب العالمية 
الأولى. ويتجلى هنا نموذج ممائل للاستثمار الخارجي المباشرء 
برغم أن سمات هذا النموذج أشد وضوحاً. كان مقدار التجارة 
الخارجية العالمية يتزايد بنسبة غ, "ا سنوياء خلال الفترة من ١481٠١‏ 
حتى العام ؟191١.‏ أما بعد العام ١5١5‏ فقد أخذت التجارة تتأثر 
سليا بنمو التعرفات الجمركية. التقييدات الكمية. ضوابط 
تبادل العملات؛ ثم الحرب. حتى باتت تتوسع بأقل من ١‏ سنوياء 
بشكل وسطي. خلال الفترة من ١9١*‏ حتى .190٠‏ وأما بعد العام 
؛: فقد انطلقت التجارة العالمية حقا لتنمو بنسبة 7295 
سئويا حتى العام "/ا15. وهبط معدل التموبين العام "/ا9١‏ 
ومنتصيف الثمانينيات إلى مستويات أقرب إلى ما كان سائدا 
أواخر القرن التاسع عشرء حيث لم تزد نسبة توسع التجارة 


على 5 5/. 


ما العولمة" 


الجدول: (؟ -5) 
حجم الصادرات بين 1911 - 19544 
رسنة 191 )٠٠١‏ 


250 فر الولايات المتحدة 
الأمريكية 


اانا 


ككل 1١‏ م اه به بام ١1‏ الى .مها 
م5١‏ ' 00 الى ممه ١‏ لل لاه لا ١6‏ 


؟للاة 1١‏ رف ؟. 0615 لا الا ١,1551211‏ المضن هلو 


ل 





م5١‏ ه05١‏ ااا ا 0 55.١‏ ا" 





المصدر: ماديسون 713001501 ١540‏ الجدول 21 -. ل ص 554 


إن تجرية ستة اقتصادات رئيسية في تطوير حجم الصادرات بين 
و1988 مبينة في الجدول (7-؟) أعلاه, الذي يشير إلى الفوارق في 
معدلات نمو حجم الصادرات وتقلباتها . ومن الواضح أن عقد الثلاثينيات 
شهد هبوطا في حجم التجارة العالمية. وقد تحملت ألمانيا والمملكة المتحدة 
الوطأة العظمى لهذا الهبوط أولاء ثم تلتهما فرنساء لتعقبها بدرجة أقل 
الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا. أما معاناة اليابان فكانت نتيجة 
الحرب العالمية الثانية. 

















العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


إن العلاقة بين نمو الإنتاج ونمو التجارة عنصر مركزي بالنسبة 
لتحليل الاقتصاد العالمي. ونعتزم هنا استقصاء الروابط النظرية بين هذين 
الجانبين (انظر كيتسون وميتشي ميتشى عنطءنا/! عع 0 ١15190‏ ). غير أن 
نموالتجارة خلال الأغراع من 67 إلى 1877, كان في الأصل أسرع من 
نمو الإنتاج العالمي. في حين أن نمو التجارة من الأعوام 1477 إلى ١51١١‏ 
كان موازيا تقرييا لمعدل نمو الإنتاج؛ أما الفترة بين الأعوام ١91١7‏ و5100١‏ 
فقد شهدت تدهورا مريعا في كل من معدل نمو التجارة (0, ٠‏ “ سنويا) 
ومعدل نمو الإنتاج (5. ١‏ “ سنويا). ولم يبدأ التوسع المتسق للتجارة» نسبة 
إلى الإنتاجء إلا ابتداء من عام :156٠‏ وبقي ذلك حتى خلال فترة الهبوط 
الدوري بعد العام 191 (راجع الفصل الثالث). 


: الهجرة وسوق العمل العالمى 
في إطار تاريخ الاقتصاد العالمي ثمة منطقة ثالثة» واسعة, للتحليل 
تتعلق بالهجرة وعواقبها على تكامل سوق العمل الكوني. هناك اتفاق عام 
على أن الهجرة تغدو (أو أنها غدت) «ظاهرة كونية» (انظر على سبيل 
المثال. سيرو 561015 وآخرون: ١59١‏ ص 109١؛:‏ وسيجال 56821 1١957‏ - 
الفصل الثالث. وكاسلز 351165) وميللر 23/111165 1157 الفصل الرابع) 
غير أن اصطلاح «كوني» يعنيء. عند هؤلاء الكتاب. أن عدد البلدان المتأثرة 
بالهجرة قد ازداد منذ منتصف السبعينيات حتى الآنء وأن مناطق تدفق 
الملماجرين قد ازدادت تنوعاء وأن المهاجرين يشكلون طيفا من الفئّات 
الاجتماعية الاقتصادية أوسع من ذي قبل. وعليه فإن العولمة» عند هؤلاء 
الكتاب. تؤلف تفيرا كميا ضفي سعة الهجرة ونطاقها لاسمة جديدة من 
سمات نظام اجتماعي اقتصادي مختلف بالقوة. 
هناك أنواع عدة مختلفة من الهجرة. ومن الجلي أن تجارة العبيد المبكرة كانت 
نوعا من الهجرة «القسرية» (يقدر عدد العبيد الذين جيء بهم من أفريقيا إلى 
أمريكا بنحو ١0‏ مليونا قبل العام :186٠١‏ كاسلز وميللر 035)165) »1/111 . 
١497‏ ص 4/84). ويمكن اعتبار النازحين وطالبي اللجوء نوعا من المهاجرين: لكن 
لأغراض هذه الدراسة سنركز على الهجرة «القسرية». إن الفترة التي تشملها 
الدراسة تمتد من «الهجرة الجماعية» بعد العام 181١0‏ (من أورويا بالدرجة 


ما العولمة" 


الرئيسية) إلى بدء ظهور هجرة ما يسمى ب «العمال الضيوف» 701161 ]581165 
' واتساعهاء على اختلاف أنواعهم: بعد الحرب العالمية الثانية. 

إن من الصعب أن نحددء بدقة: عدد المهاجرين منذ العام :181١0‏ وعليه؛ ينبغي 
معاملة كل الأرقام التالية بقدر من الاحتراس. يفيد كاسلز وميللر )١1597(‏ أن عدد 
المهاجرين قد يناهز ٠٠١‏ مليون من سائر الأنواع العام 1947 (بما في ذلك نحو 
٠‏ مليون نازح وطالب لجوء؛ و١7‏ مليون عامل مغترب). ويشير هذان المؤلفان إلى 
أن هذا الرقم لا يمثلء على أي حال؛ سوى ١,7‏ من سكان العالم. وهكذا فإن 
الغالبية العظمى من سكان العالم تمكث في موطنها الأصلي. 

إن أعظم الحقب المسجلة من حيث حجم الهجرة الجماعية الطوعية يتمثل ضي 
القرن الممتد منن العام 1610 انظر الشكل .)1-١(‏ فلقد قام نحو ٠١‏ مليون إنسان 
بمغادرة أوروباء قاصدين الأمريكتين؛ والاوقيانوس؛ وجنوب أفريقيا وشرقها. 
وهناك نحو ٠١‏ ملايين إنسان هاجروا طوعا من روسيا إلى آسيا الوسطى 
وسيبيريا. وتوجه مليون إنسان من أوروبا الجنوبية إلى شمال أفريقيا. وغادر نحو 
1 مليون صيني و١‏ ملايين ياباني وطنهم مهاجرين إلى شرق وجنوب آسيا. وترك 
مليون ونصف المليون هندي وطنهم إلى شرق آسيا وجنوبها وجنوب أفريقيا 
وغيرها (سيجال [5683: 1597. ص :١17‏ وربما كان تقدير الإحصائيات هذا عن 
الهجرة من الهند مفرط في تقليل حجم الظاهرة). 

وتناقصت الهجرة في العالم. خلال فترة ما بين الحربين العالميتين؛ تناقصا 
حادا. ويرجع ذلك: إلى حد كبيرء إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال الشطر 
الأكبر من فترة ما بين الحريين؛ غير أنه يرجع أيضا إلى تطبيق سياسات الحد 
من الهجرة؛ التي جرى التحريض عليها في الكثير من البلدان المضيفة تقليدياء 
وخصوصا الولايات المتحدة. 

ثم بدأت الهجرة العالمية بالارتفاع السريع ثانية في فترة مابعد 1940, 
خصوصا بين أوروبا والولايات المتحدة, (ليفي ‏ باتشي 83001 -1.171 19197)؛ غير 
أن هذه الفترة كانت فترة نمو نسبي للهجرة من البلدان النامية إلى البلدان 
المتطورة (الشكل 7-؟) وبدء ظاهرة «العمال الضيوف». ونزعت الميول العالمية خلال 
عقدي السبعينيات والثمانينيات إلى تفضيل ضبط حركة انتقالات العمال المؤقتين 
على أساس «الاستضافة». على أن يقتصر الإذن بالدخول على المهاجرين ذوي 
المهارة العالية, أو من لديه عائلة مقيمة أصلا في البلد المقصود. 





المصدر: اعتمادا على:سيجال [56823, 5؟ 


١7 أنصسص‎ 


الشكل )١-١(‏ الهجرات الطوعية الكونية 
هلم كلقا 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 








العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


هناك اتفاق عام على أن الولايات المتحدة؛ كانت ولا تزال؛ بلد الهجرة الكبير. 
ويلخص الشكل (5. )١‏ بجلاء تاريخ الهجرة إلى الولايات المتحدة؛ الذي يعكس 
أيضا الميول في تاريخ الهجرة في العالم أجمع. كما عرضناها سابقا. إن النمو 
المطرد للهجرة إلى الولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أمر 
واضح تماما من الرسم البياني. وقد بلغت النسبة التراكمية للمهاجرين في 
الولايات المتحدة نحو 28,7 في العام 1990 (باباديمنتريو 0ا206102621510م82, 
1 - 1448ء ص .)١7‏ أما بالنسبة إلى عقد الثمانينيات فان التقديرات تشير 
إلى أن الدفق العالمي للمهاجرين يتراوح بين 0" ٠١‏ مليون سنويا (سيجال |5682 
59 ص .)١١90‏ كان ؛ ملايين من هؤلاء نازحينء إلا أن نسبة كبيرة من الباقين 
تألفت من عمال جدد مهاجرين بصورة مؤقتة ( أي عمال ينوون العودة إلى 
وطنهم). وأن نموذج الهجرة العائلية الجماعية يكرر نفسه هنا على غرار ما حصل 
في الفترة السابقة المنتهية عند الحرب العالمية الأولى. 


سبة مئوية بالالاف 
المهاجرون 5 نسبة المهاجرين الى السكان 





154 لللدلا كاك 1 15 ييل 181 خيلا 1 


الشكل (1-7) 
الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة ١945-147١‏ 
(أعداد المهاجرين ونسبتهم المئوية إلى السكان) 


المصدر: سيرو وآخرون: :1464٠‏ الشكل رقم 1١-١9‏ 


ما العولمة" 
الانفتاج النسبي والاعتماد المتبادلي في النظام العالمى 

إن ما تقدم من تحليل يطرح علينا مسألة أساسية وهي: إن كان تكامل النظام 
العالمى قد تغير تغيرا جوهريا منذ الحرب العالمية الثانية. من الواضح أن هناك 
يمكن لنا أن نقارن بين مختلف الفترات من ناحية درجة الانفتاح والتكامل8 

من سبل ذلكء. أن تقارن معدلات التناسب بين التجارة وإجمالي الناتج 
المحلى. ويقدم لنا الجدول (7- ( المعطيات اللازمة عن معدلات التناسب 
هذه في طائفة من البلدان. وعدا الفوراق الكبيرة في انفتاح مختلف 
الاقتصادات على التجارة مما تبينة هذه الأرقام, فإن السمة الطاغية تتمثل 
في أن معدلات تناسب التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي كانت في العام 
57 أعلى بشكل ثابت مما باتت عليه في العام ١/1‏ (مع استشاء واحد 
طفيف هو ألمانياء حيث كانت المعدلات في الحالتين متقارية إلى حد التساوي 
). ونجد أن اليابان وهولندا والمملكة المتحدة كانت حتى نهاية العام 6 أقل 
انفتاحا مما كانت عليه العام 5١‏ ., بينما كانت فرنسا وألمانيا أكثر انفتاحا 
بقليل. أما الولايات المتحدة فهي البلد الوحيد الذي كان أكثر انفتاحا بكثير 
مماكان عليه العام 1517. لقد برزت اعتراضات عدة على هذه الأرقام, 
وسنتناول الخلاف حول ذلك في ملحق هذا الفصل. 

)1١-7( الجدول:‎ 


معدل نسبة تجارة السلع إلى إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية 
(مجموع الصادرات والواردات) للأعوام 20191١1‏ 1977:1960 و940١‏ 


196 





194:4 (*)الرقم للعام‎ ٠ 
219417 حتى 1918 مستقاة من ماديسون‎ ١91+ المصدر: الأرقام التي تغطي الفترة من‎ 


الجدول *7 لل ص 5946 


أما أرقام سنة 1944: فمأخوذة عن الحسابات القومية لدول (0178601 











العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


وكما سنرى في الفصل الرابع: فإن الاكتفاء بالتركيز على الفترة التي تلت 
الحرب العالمية الثانية يكشف عن نمو مطرد في انفتاح التجارة. مع الدخول 
المدوي لاقتصادات شرق آسيا في النظام التجاري العالمي. 

ولكننا لو عدنا إلى الميول ذات الأمد الأطولء فإن القرائن تشير إلى أن 
فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى أعظم انفتاحا أمامْ تدفقات رأس المال؛ 
بالمقارنة مع السنوات الأخيرة. وحين قام جراسمان 06185510221 (1580) 
بقياس درجة «الانتفاح المالي» من ناحية معدل تناسب ميزان الحساب الجاري 
إلى أجمالي الناتج المحلي. لم يجد أي زيادة في الانفتاح بين الأعوام ١4176‏ 
و151760ء في الواقع إن هناك انخفاضا في حركة انتقالات الرأسمال بالنسية 
للبلدان الأساسية الستة التي اختارها (بريطانيا وإيطاليا والسويد والنرويج 
والدانمارك والولايات المتحدة). ويصح هذا حتى على فترة ما بعد الحرب 
العالمية الثانية. برغم أن منتصف عقد السبعينيات يتضمن مؤشرا معينا على 
تزايد ميل الانفتاح المالي. وحين نقيس الأشياء بطريقة مغايرة بعض الشيء.: 
فإن الأرقام المبينة في الشكل  *(‏ ") تؤكد التشخيص العام القائل بتنتاقص 
درجة الانفتاح بين الدول السبع الكبار نزولا عن ذروة هذه الدرجة في العام 
.: بموازاة حصول زيادة مطردة بعد العام .151٠١‏ 





سنوات 0 1980 1970 1960 1950 1940 1930 1920 1910 1900 1890 1880 1870 


الشكل (5-؟) 
تدفقات رأس المال عالمياء بين اقتصادات بلدان السبع الكبار للضترة 140٠١‏ 1950 


(كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي) 


الملصدر: مستقى من هاول اع1107 1498 الشكل (7) 











ما العولمة" 


علاوة على ذلك: يفيد لويس 1.67/15 أن تصدير رأس المال ارتفع ارتفاعا 
كبيرا خلال الثلاثين عاما التي سبقت الحرب العالمية الأولى. برغم أن هذه 
التصديرات كانت عرضة لتقلبات كبيرة. ولكننا حين نقارن ذلك بالسنوات 
1907 - 151775, فإننا نجد أن مقدار تصدير رأس المال بات أقل في هذه 
الفترة الأخيرة (لويس ١158١ءص .)5١‏ أخيراء يخلص تيرنر 1111261 
.)١991١(‏ بعد مقارنة مستفيضة بين فترة معيار الذهب قبل العام ١9١4‏ وفترة 
عقد الثمانينيات: إلى أن التفاوتات في الحساب الجاري وتدفقات رأس المال؛ 
مقاسة بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي. كانت قبل العام ١514‏ أكبر مما هي 
عليه في عقد الثمانينيات. 

وهكذا فإن استخدام الأرقام الإجمالية لمعدلات التجارة وتدفقات رأس 
المال نسبة إلى الإنتاج؛ يؤكدأن درجة «الانفتاح» خلال فترة معيار الذهب كانت 
أعظم حتى من عقد التسعينيات. غير أن هذه الأرقام الإجمالية يمكن أن 
تخفي أهمية الفوارق بين الفترتين. وكما نشير في ملحق هذا الفصل؛ فإن 
مكونات الإنتاج قد تكون حاسمة عند الحكم على المدى الفعلي للاعتماد 
المتيادل. أما بالنسبة إلى التدفقات المالية فينبغي أن نقر بالتغير الحاصل في 
طابعهاء وبأهمية النظم المالية التي جرت هذه التدفقات في ظلها. ففي ذروة 
فترة اعتماد معيار الذهب. سيطر الرأسمال طويل الأمد على التدفقات 
العالمية للرساميل. أما في الفترة الأخيرة فقد طرأ تحول إلى الرأسمال قصير 
الأمد. زد على هذا اتساع نطاق البلدان التي اندرجت تحت مظلة حركة 
الرأسمال العالمي. 

سنبحث هذه القضية بحثا مفصلا لاحقاء أما في هذه المرحلة فتجدر بنا 
الإشارة إلى طبيعة معيار الذهب بوصفه نظاما ثابتا لأسعار صرف العملات, 
من حيث الجوهرء في حين أن أسعار العملات معومة بالمقابل خلال عقدي 
الثمانينيات والتسعينيات. إن تدفقات رأس المال قصير الأمد تتميزء في ظل 
نظام سعر الصرف الثابت؛ بمعدلات فائدة مرنة. تؤدي فيها التغيرات 
الطفيفة في معدلات الفائدة إلى نقلات كبيرة لرأس المال (برغم أن ذلك يعني 
أيضا أن حساسية تدفق رأس المال إزاء معدلات الفائدة يمكن أن تحد من 
تغاير معدل الفائدة على المدى القصير بالمثل). وهكذا يمكن تعليل بعض 
تدفقات رأس المال بوجود فوارق ملحوظة في نمط تغير معدل الفائدة بين 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


الفترتين قيد المقارنة؛ برغم أن نظام بريتون وودز الذي قام بعد الحرب 
العالمية الثانية لم يتميز بتغيرات في معدل الفائدة أكبر من تغيرات هذا المعدل 
في فترة معيار الذهب (تورنر 1111261 1551, الجدول (؟): ص .)١١‏ 

ويمكن لنا أن نترك موضوع التجارة وتدفقات رأس المال للحظة؛ كي نلقي 
نظرة على التبعات التي تنطوي عليها ميول الهجرة العالمية. ابتداءء. لابد لنا 
من أن نشدد على أن هذه التبعات متضمنة في الاعتبارات القائمة في كل من 
سوق العمل والسياسة الحكومية. فسوق العمل العالمي لا يوجد على غرار 
سوق السلع والخدمات. فمعظم أسواق العمل تواصل خضوعها للضوابط 
القومية, أما الأغراب فلا يصلون إليها إلا بشكل هامشي. سواء أكانوا 
مهاجرين شرعيين أم غير شرعيينء أم كانوا مهنيين جرى استقدامهم. وحتى 
لو توسع الاقتصاد العالمي توسعا سريعا ومطردا فإن ذلك لن يخفف, كما هو 
مرجح. من الحواجز المتعددة التي تصد حركة العمل بشكل ملحوظ. فحرية 
. حركة اليد العاملة لا تزال مقيدة تقييدا صارماء هذا إذا استثتينا المجالات 
التي تقع في إطار اتفاقات تجارة حرة إقليمية نامية؛ من نمط الاتحاد 
الأوروبي. ذلك أننا نجد حتى اتفاقية نافتا (741”140) تستثني بشكل صريح 
حرية حركة الأشخاصء برغم أن هناك حرية الانتقال القائمة كأمر واقع بين 
كندا والولايات المتحدة. وتدفقات غير شرعية هائلة للأشخاص بين المكسيك 
والولايات المتحدة. إن الهجرة ما فوق الإقليمية» على اختلاف أنواعها. تشكل 
نسبة مئوية صغيرة من حركات انتقال اليد العاملة على النطاق العالمي. 
فأغلب الهجرة يقع في خانة التوجه إلى البلد المجاور. لقد كان الانتقال 
الجماعي للعمال باتجاه منابع رأس المال موضع قبول وتشجيع خلال القرن 
التاسع عشر؛ أما الآن فإن هذا الانتقال مرفوض باستثناء الحالة التي يعتبر 
فيها مفيدا بصورة موقتة. 

إن حركة الهجرة العالمية الكونية باتجاه فرص العمل تتركز على دول 
الخليج. وأمريكا الشمالية وأوروبا الغربية . وتفيد معطيات التقدير الأولي 
لهذا الصنف من الهجرة أنها ناهزت العشرين مليونا في العام ١55١(قَبل‏ 
حرب الخليج: التي شهدت خروج العمال المهاجرين من دول الخليج وعودتهم 
إلى أوطانهم؛ وبخاصة عمال العالم الثالث). لقد بلغ هذا النوع من قوة العمل 
العالمية ذروته في مطلع عقد السبعينيات: فحالة الركود التي عمت العالم, 


ما العولمة" 


والتطورات التي تبعت ذلك. مثل حرب الخليج؛. عطلت نمو التشغيل المؤقت 
للعاملين المهاجرين. وإن نسبة كبيرة من هؤلاء العمال يقيمون ويعملون في 
الخارج بصورة غير شرعية. أما العاملون المغتريون بصورة قانونيةء فإنهم 
يندرجون في فئات الوظائف الإدارية والماهرة والتقنية. 

ومن عواقب هذه المستويات للهجرة والعمالة على النطاق العالمي: أن 
الأموال المحولة إلى الوطن تؤلف الآن عنصرا مهما من مكونات التدفقات 
المالية العالمية والمداخيل القومية لبعض الدول الصغيرة. وتفيد التقديرات أن 
قيمة الأموال المحولة إلى الوطن ارتفعت من 5١57‏ مليار دولار العام ١917١‏ 
إلى ٠١4١‏ مليار دولار العام 1984 (سيجال 56881 1597, ص١15١).‏ مع 
ذلك لا يمثل هذا الرقم سوى أقل من 0 “ من القيمة الإجمالية للتجارة 
العالمية. برغم أن قيمة الأموال المحولة إلى الوطن دأبت على الازدياد بوتيرة 
أسرع من زيادة قيمة تلك التجارة. وينطوي هذا على واحد من أمرين: فإما أن 
حوافز الانتقال إلى هذا النوع من العمل قد ازدادت» قياسا إلى حركة السلع 
والخدمات, وإما أن مكافآت هذا النوع من العمل قد ارتفعت بصورة مستقلة. 
ويمكن لهذا التعليل الأخيرء بدوره؛ أن يكون ناجما عن تزايد عدد المهاجرين 
الذين يشغلون الفئات عالية الدخل من الوظائكف. ويبدو أن أيام المهماجر غير 
الماهر. ومتدني الأجرء باتت معدودة. وذلك برغم بقاء مجال كبير متاح لهجرة 
الإناث المؤقتة, المستمرة. للاضطلاع بأعمال منزلية في البلدان الأغنى. 

والحقء أن هذا هو المجال الذي تدخل فيه سياسة الحكومة إلى الصورة 
بشكل جلي. فهناك سياسة تشدد إزاء نمو أعداد العمال المهاجرين؛ بل حتى 
إزاء حقوق الهجرة الدائمة للعوائل بدرجة أكبر. وهناك فوارق فى هذا الشأن: 
ويخاصة بين أوروبا والولأيات المتحدة الأمريكية: قهده الأخيرة لا تزال تواضل 
نظاما أكثر انفتاحا وليبرالية (ليفي - باتشي 1171-8801 1997: .)4١‏ ولكن 
كما يشير كاسلز وميللر: «أن آفاق الازدياد الملحوظ لتدفقات الهجرة القانونية 
إلى الديموقراطيات الغربية ضئيلة على المديين القصير والمتوسط... فالقيود 
السياسية لن تسمح بذلك... (هناك) مجال معين للعمال ذوي المهارة العالية, 
ولم شمل العوائلء: واللاجئين» ولكن ليس ثمة مجال لاستئناف الاستقدام 
الواسع للعمال الأجانب لأداء وظائف متدنية» (19197, ص 510 - 515؟). إن 
الظروف السلبية لسوق العمل في البلدان المتقدمة. وصعوبة توفير العمل 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


للمواطنين الحاليين وللعمال الأجانب المقيمينء تعني تقليص الهجرة غير 
المطلوبة والهجرة غير الشرعية. 

ويجدر بنا الآن أن ندلي بمجموعتين من النقاط العامة؛ في ضوء 
الملاحظات آنفة الذكر. النقطة الأولىء أن هناك أطوارا عدة من الهجرة 
الجماعية العالمية على مدى قرونء وأن حركات فترة ما بعد الحرب العالمية 
الثانية لا تتميزء شأنها شأن حركات العقود الأخيرة. بأي ميزة لا نظير لها. 
أما النقطة الثانية ذات الصلةء فهي أن الوضع خلال الفترة من 181١6‏ إلى 
5 كان: من نواح عدة, أكثر انفتاحا مما هو عليه اليوم. فحقبة «العولمة» 
المفترضة لم تشهد أي بزوغ لسوق جديد مدول في مجال هجرة اليد العاملة: 
لا يخضع لأي ضوابط مقيدة. وإن فقراء العالم ومعوزيه يواجهون. من نواح 
عدة. فرصا أقل للهجرة هذه الأيام. مما كان عليه الأمر سابقا. فحقبة 
الهجرة الجماعية كانت؛ على الأقل: تعطي خيار اقتلاع العائلة كلهاء والنزوح 
طلبا لظروف أفضلء وهي إمكان تقلصء كما يبدو. بسرعة كبيرة للقطاعات 
المماثلة من سكان العالم اليوم: فلا خيار أمام هؤلاء سوى البقاء متمرغين في 
الفقر. دون فكاك. وإن «الأراضي الخالية». التي توافرت للأوروبيين وغيرهم., 
من المستوطنين في الولايات المتحدة وكندا وأمريكا الجنوبية وجنوب أغريقيا 
وأستراليا ونيوزيلاندا لم يعد لها وجود في يومنا هذا. وأن هذا الغياب يقترن 
بفقدان « الحرية» لفقراء العالم. 

غير أن الأمور تلوح مغايرة بالنسبة إلى الميسورين والمتتعمين. فالذين 
يحوزون مؤهلات مهنية ومهارات تقنية يتوافرون على مجال أرحب للمناورة: 
ويملكون خيار الحركة إن رغبوا. وإن «طبقة النادي» ذات الخبرة في إدارة 
الشركات,ء وإن كانت ضثئيلة العدد نسبة إلى سكان العالم: فهي أبرز تجل 
لانعدام المساواة في فرص الهجرة على المدى البعيد. 

وهناك سمة راسخة معاصرة أخرى من سمات النظام العالمي التي 
تورد في الغالب كمؤشر دال على «العولمة». وهي ظهور كتل تجارية إقليمية 
تميزية. مثل الاتحاد الأوروبي ونافتا وإيبك 4251800 (التعاون الاقتصادي 
لمنظمة آسيا والمحيط الهادي). لدينا الكثير مما نقوله بصدد هذه 
المؤسسات في الفصول القادمة ء ونكتفي هنا بوجوب الإشارة إلى السوابق 
التاريخية لمثل هذا النوع من الكيانات. لقد شهد القرن التاسع عشر 


ما العولمة" 


تمييزا ملحوظا في نماذج التجارة والاستثمار خلال عقد الإمبراطورية 
الأستعمارية“شنقلا الاتسياز للتحازة مين الدولة الاشتعمارية وش تمهراتها: 
في الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية» كان أكبر بمرتين أو أربع مرات. 
ها هو متوقع في ضوء الأسس الاقتصادية «الطبيعية» التي تحدد 
التجارة. مثل حجم ونصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. والقرب 
الجغرافي والحدود المشتركة:, بل إن الانحياز كان أكبر في حالة بليجكا 
وإيطاليا والبرتغال مع الدول التابعة فيما وراء البحار. الواقع أن تركيز 
التجارة مع البلدان التي تؤلف الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية لم 
يصل ذروته إلا في العام 1574؛ ثم أخن بالهبوط التدريجي في أعقاب 
حركات الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية, ولم يبلغ التناسب واحدا 
إلى واحد إلا في العام ١984‏ (فرانكل 7180161 19517, ص .)١71‏ وأما 
التجارة داخل الإمبرطورية النمساوية ‏ المجرية فقد كانت. قبل تفكك هذا 
الكيان بنهاية الحرب العالمية الأولى. أكبر بأربع أو خمس مرات مما 
ستكون عليه الحال لو تقرر حجم هذه التجارة بفعل المحددات الطبيعية 
(فرائكل .١155!‏ ص .)١١5‏ ويقدم الجدول رقم  "”‏ 4؛ صورة عن وضع 
اليابان مع «مجال الازدهار المشترك» التابع لها. ونلاحظ أن المعدل 
الوسطي البسيط لنصيب بلدان شرق آسيا من التجارة العام 19550, 
يوازي ما كان عليه العام ؟١15١ء‏ وأدنى من معدل العام ١558‏ (بيرتري 
لزع 1952). وأن تكامل الاستثمار بين بلدان شرقي آسيا في العام 
كان أعلى مما بلغه مطلع عقد التسعينيات. 
وهكذاء فإن نزعة التكتل الإقليمي كانت في ذروتها على الأرجح خلال 
عقد الثلاثينيات. لقد كانت هناك كتلة إسترلينية محددة ذات طابع 
تميزيء تتداخل تداخلا مختلا مع الإمبراطورية/الكومونولث البريطاني. 
وكانت هناك أيضا مجموعة من البلدان التي استمرت بالاعتماد على 
معيار الذهبء كما أن جزءا من بلدان وسط وجنوب شرقي أوروبا انجذب 
إلى المانيا. وأقامت الولايات المتحدة الأمريكية حواجز تجارية؛ وشكلت مع 
البلدان الناطقة بالأسبانية المحاذية لأمريكا الشمالية كتلة دولار جزئية. 
واستنادا إلى فرانكل فإن هذه الكتل كانت تميزية كلهاء برغم أن 
بعضها أشد تميزا من غيرهاء باستشاء كتلة الدولار الجزئية. (فرائكل 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


1 ص ١١7‏ -178). وقد شدد آيخنجرين 8ع©81086087 وإيروين 
امآ )١551:1590(‏ على الفوارق بين الكتل التجارية. فبلدان كتلة 
الإسترليني كانت تتاجر فيما بينهاعلى نحو غير متناسبء وقد ازداد 
التميز خلال عقد الثلاثينيات2» في حين أن التجارة بين البلدان التي 
استمرت بالاعتماد على معيار الذهب كانت أكثر تكافوًا. وقد انخفئض 
التميز التجاري بمقدار ما أقامت هذه البلدان الحواجز فيما بينها . 

الجدول (1-4) 


تجارة شرق آسيا كحصة من إجمالي تجارة دول مختلفة 
(مجموع الصادرات والواردات كنسية مئوية من إجمالي التجارة) 


اد 








م 


2 
- 


6 حم 34 حم احم عم 
٠. 5‏ ب 5 


م 
ع 


النسب المئوية الأعلى تشير إلى تعاظم كثافة التجارة 
المصدر: عن بيرتري 1زاء5 1994 , الجدول ١-5٠١‏ ص ١١١‏ 














ما العولمة 


وهكذا نرى أن هناك فترات عدة سابقة من التكتل الإقليميء وأن بعضها 
أشد من الفترة الحالية. غير أن ما يميز الوضع الحالي هو تشكيل كتل 
مناطق تجارة حرة ( 4:8 11206 7:66): رسمية قانونية أكبر من ذي قبل» 
وتوسيع نفوذها الفعلي ليغطي مجالا أوسع: من البلدان والمناطق. وثمة الآن: 
للمرة الأولى: ثلاث كتل. كل واحدة بحجم قارة تقريبا (ونعني بها الاتحاد 
الأوروبي: نافتاء واليابان زائدا بعضا من شرق آسيا) وهي إما راسنة 
بتكل رطم أو انيا عن يناب طهريها إلى الوجود 

ويمكن لنا القول: في استنتاج تمهيديء إن الاقتصاد العالمي في فترة ما 
قبل ١151١5‏ كان من نواح عدة أكثر انفتاحا من أي وقت لاحقء بما في ذلك 
لحر من اواكر عنمن الستسيفياك مضساهه!. وإق الفتجارة العالينة 
وكد ماك رابن تال سوا وين الامصباذ اك سويمة: ا لتسكييه ذانها «]ف تيتا 
وبين مختلف مناطق مستعمراتهاء كانت من ناحية تناسبها مع مستويات 
إجمالي الناتج المحلي: أهم في الفترة السابقة للحرب العالمية الأولى: مما 
يتحعمل أن تكون عليه الآن: وإن زذنا على ذلك:قضية الهجترة العالية 
المبحوثة تواء لوجدنا أن في بداية هذا القرن ثمة اقتصاد عالمي مذهل في 
تطوره واتتحاحه وتقاملة..ومليةن عإن الوكم التمالج ليس يللا نظي سابق 
بأي حال. 


النظام النقد ى ونظام أسعار الصرف العالميين 

أشرنا في ما تقدم من تحليل إلى وجود نظام نقدي عام؛ ونظام أسعار 
صرف عملات يجري في ظلهما النشاط الاقتصادي ويجري بواسطتهما 
تنظيم الاقتصاد العالمي والتحكم فيه. ويمكن على وجه العموم تقسيم القرن 
العشرين إلى عدد من الفترات المنقطعفة من ناحية تباين النظام النقدي 
ونظام أسعار الصرفء كما هو مبين في الجدول (0 - ؟). 

هناك نقطتان تمهيديتان مهمتان بصدد هذا الجدولء أولا: هي تنوع النظم 
التي يعرضها. فغالباً ما ساد الاعتقاد بأن القرن العشرين لم يعرف سوى 
نظامين هما نظام معيار الذهب ونظام بريتون وودزء حيث انهار الأول خلال 
فترة ما بين الحربين. وانهار الثاني في فترة ما بعد العام *197. لقد كانا 
بالفعل النظامين الرئيسيين اللذين ميزا القرن العشرين. لكنهما ليسا 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


الجدول (ه -؟) 
تاريخ النظام النقدي ونظام سعر صرف العملات 


نوع النظام الفترة 


تزعزع الاستقرار خلال فترة ما بين الحربين 54 ؤل5ة١1‏ 
أ التعويم ١570-4‏ 
ب العودة لمعيار الذهب فد > فرديل 


ج - العودة للتعويم تفرد > حردسل 

































ا١ةالا‎ ١5م‎ 
١5مم‎  1ةؤغم‎ 
ا١ةالإ‎ _ 15048 


السعر شيه الثابت بمعيار الدولار 
أ إرساء تحويل العملة 
ب نظام بريتون وودز الفعلي 











تعويم سعر الصرف بمعيار الدولار ١لاة1_‏ 6و١‏ 
أ فشل الاتفاق الاو كلاة١‏ 


ب - العودة إلى التعويم ءلاذ١ا ‏ غعمىة١‏ 












النظام النقدي الأوروبي 153845 ومنطقة المارك الألماني الكبرى لخد يل 


الانحدار نحو تجدد التعويم العالمي 1 
أ- مراقبة واسعة متعددة الأطراف 195 10و9١‏ 
ب الختام النهائي لتثبيت السعر بالدولار /531 - 















المصدر: أعد الجدول اعتمادا على معطيات من آيخنجرين ١99١0‏ و219954 
ماكينون دممه 56 *19497: وتقديرات مؤلفي الكتاب 


الوحيدين فية: وتاك علاوة غلى ذلك هكرات جتركية ذائكل يعسن النظم 
المذكورة. وعلى العموم ينبغي لنا أن نرسم صورة أكثر تعقيدا للترتيبات والنظم 
الاقتسيادية اثنائية إنتقوشينا حرام تفلل واقدد 

ثانيا: عدا كثرة النظم: فإن المثير ضي هذا الجدول هو قصر الفترة الزمنية 
لعمل كل نظام. ونجد أن معيار الذهب هو النظام الوحيد الذي دام أكثر من 
*“ عاماء في حين أن النظم الأخرى استمرت لفترة أقل بكثير. ومن الواضح 


ما العوئمة" 


أن ما وصفناه بعنوان «تزعزع الاستقرار خلال فترة ما بين الحربين» لا يتوافق 
مع أي نظام واضح. نظرا لأن «قواعد اللعبة» خلال هذه الفترة تستعصي على 
أى توصيف متماسك. 

وفهنذا هزندا مده الفحرةالن كلاثة أطوار هرمية لا يتميو أى طون فينها 
بالمميزات الشبيهة بالمنظومة التي تستبعد (أو تدرج)»: نظرا لأن الترتيبات في هذه 
الفترة كانت سيّالة. ومتداخلة؛ إما في حالة تفكك؛ وإما في حالة إعادة تركيب 
جنينية (وأحيانا في هاتين الحالتين في آن واحد). ويتسم النظام الذي نشأ 
مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية ب «السعر شبه الثابت بمعيار الدولار» الذي 
ينقسم إلى طورين فرعيين. إن هذه الفترة هي حقا فترة استقرار عر في 
معدلات أسعار صرف العملة؛ نظرا لحصول تعديلات قليلة وطفيفة جدا.ء وهي 
تعديلات ممكنة ومقبولة في إطار هذا النظام ('). وتصنف هذه الفترة برمتها 
باعتبارها نظام بريتون وودزء على اسم الاتفاقية المبرمة العام 1544 إلا أننا 
نفضل تقسيمها إلى طورين فرعيين؛ نظرا لأن التحويل الكامل للحساب الجاري 
للعملات الرئيسية لم يتأسس الا في نهاية العام 1904 (برغم أن ذلك كان شرطا 
من شروط معاهدة .)١1545‏ وهكذا فإن نظام بريتون وودز الفعلي عمل في حدود 
1١‏ سنة, بين 1904 و1911 ("). وهي فترة قصيرة على نحو مثير للدهشة. 

وأطلقنا على الفترة التالية اسم «تعويم سعر الصرف بمعيار الدولار». 

ووصفنا الأحداث العاصفة للسنوات 199١‏ - 19174 باصطلاح طور «فشل 
الاتفاق». ذفي هذه المدة الزمنية تخلت الأسرة الدولية عن أي مسعى للتدبير 
الجماعي لأسعار صرف عملاتهاء بعد أن أوقفت إدارة نيكسون. من طرف 
واحد. تحويل الدولار الأمريكي إلى الذهب في أغسطس١197,‏ وخفضت 
قيمة الدولار. وبرغم كل الخطط والمشاريع الرامية الى ترميم النظام السابق 
خلال هذه الفترة. فإن محاولات إنقاذه آلت إلى الإخفاق. لكن مجىء أسعار 
الصرف «المرنة» لم يفلح في إزاحة الدولار عن موقعه بوصفه تشياد الأمر 
الواقع لإجراء المعاملات النقدية العالمية الرسمية ومعظم المعاملات النقدية 
العالمية الخاصة. وبرغم أننا وصفنا هذه الفترة باصطلاح «العودة إلى 
التعويم». فإنها تميزت بمجموعة محددة من «قواعد اللعبة» في إجراء 
المعاملات النقدية العالمية, وقد التزمت البلدان الصناعية المعنية بهذه القواعى 
التزاما دقيقا (ماكينون «مممنكاء34 ؟159,ء ص 52١‏ 595,: انظر أدناه أيضا). 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


وبرغم أن فترة تعويم أسعار الصرف دامت عشر سنواتء فإن هناك طورا 
شفرعيا يقطع هذا المسار بعد تأسيس النظام النقدي الأوروبي العام 191/5. 
وقد أطلقنا على ذلك اصطلاح «منطقة المارك الألماني الكبرى». تعبيرا عن 
الأهمية المركزية للعملة الألمانية في العمل بوصفها معيارا للعملات الأوروبية 
الأخرى في إطار النظام النقدي الأوروبي. وبدأ النظام النقدي الأوروبي 
بالانحلال إلى عناصره الأولية يعد خريف العام 1947, بخروج عدد من 
عملاته الرئيسية أولاء ثم بتوسع النطاق المسموح لتقلب العملات الباقية داخل 
النظام؛ ثانيا . أعقبت ذلك تخفيضات قيمة البيسيتا الأسبانية والإيسكودو 
البرتغالي في مطلع العام .١9464‏ وواصلت بقايا النظام النقدي الأوروبي العمل 
في هذا الشكل المحورء حتى العام ,١9494‏ حيث جرى تحويله بتدشين الاتحاد 
النقدي الأوروبي. ش 
أما النظام السادس الموصوف في الجدول  0(‏ ”7): فيأتي في أعقاب 
اتفاقات بلازا واللوفر التي أبرمت في العامين ١986‏ و1947, واستهدفت 
تحقيق استقرار (والتخفيض الابتدائي أيضا) في قيمة الدولار الأمريكي إزاء 
: الكتلتين النقديتين الرئيستين وهما: كتلة الاتحاد النقدي الأوروبي ‏ كتلة الين 
الياباني. وضعت هذه الاتفاقيات. بصورة رسمية:ء «مناطق هدف» عريضة 
لمعدلات الصرف بين الكتل النقدية الشلاث الكبار تسمح ب «التدخلات» 
لتحقيق الأسعار حول هذه المعدلات (مع ما يرافقها من إزالة التتصادمات 
النقدية). كما أجازت تعديل أسعار الصرف المركزية وفقا ل «الأساسيات 
الاقتصادية» عند الضرورة واستمرت الكتل الثلاث الكبار في الرقابة حتى 
أفلحت في التوصل إلى اتفاق في العام 15964 لوقف تدهور الدولار إزاء الين. 
بعد ذلك أخذت قيمة الين بالانخفاض إزاء الدولار. غير أن القول إنه كان ثمة 
التزام حقيقي بالتدخل الفعال لتدبير معدلات الصرف إزاء تقلبات مشاعر 
السوقء وبالتالي إدارة اقتصادات الكتل الثلاث الكبارء عموماء فمسألة فيها 
نظر (راجع الفصل الثامن أيضا). ولهذا السبب فإنناء بعد إمعان النظر في 
هذا الأمر إلى جانب الانهيار الجزئي للنظام النقدي الأوروبي بعد العام 
67 ؛ نقترح نظاما نهائيا آخر ممكناء برز خلال العامين ”1591-1997, يشي 
بالرجوع إلى تعويم معدلات الصرف على غرار نظام التعويم الصريح لفترة 
1-غ1988. في البدء؛ تميزت الفترة بمراقبة واسعة متعددة الأطراف. أما 


ما العولمة" 


بعد الاضطراب النقدي في العامين ١991‏ و 14598: فقد تلاشت آخر بقايا 
تثبيت مستوى الأسعار بالدولار بعد أن اضطرت بقية بلدان شرق آسيا إلى 
الانفكاك عن الدولار. وبالطبع. فمن شأن هذا الوضع كله أن يتغير ثانية 
وبسرعة:ء فيما لو توطد اليورو تدريجا بعد العام .5٠٠١‏ 
إن الغرض من هذا العرض التاريخي الموجز للترتيبات النقدية العالمية 
يتوخى. أولاء تبيان طابع التحكم المميز لهذا النظام على مدار جل سنوات 
القرن العشرين (مع الاستثناء الممكن للعشرين عاما هي فترة ما بين 
الحربين). كما يتوخى. ثانياء القول إن الفترة الحالية لا تتميز بأي ميزة 
جذرية خارقة للعادة. وبهذا المعنى: غلا يزال هناك في الأقل شبه منظومة 
ترتيب والتحكم. أما ثالثاء فإن الطبيعة المتقلبة للنظم العالمية وقصر آماد 
حياتهاء لا يسوغان الاعتقاد بتعذر تغيير الأمور تغييرا ملحوظا في المستقبل, 
بل حتى في المستقبل القريب. إن آماد اسلتمرار النظم غدت أقصر. ولكن 
حتى لو كانت قصيرة فعلاء فإن انصرام ثلاثين سنة يبدو لنا بمنزلة الحد 
الأقصى المطلق لتبدأ بعد ذلك التوترات بتمزيق الأوصال (أو ريما دمج 
الأوصال ثانية). وينبغي أن نتذكرء ونحن نحمل هذا التوقع في الذهنء أن سنة 
١577‏ ؛ التى غالبا ما اعتبرت الحد الفاصل فى النظامين الأساسيين: 
انفضلت عنا بريع فزن مند العام 6ر4 1: ْ 


الانفتاج والتكامل: ما الرهان؟ 

لو عدنا إلى قضية التكامل العريضة: التي بحثناها أوليا فيما تقدم؛ لقلنا 
إن القياس الفعلي لدرجة التكامل في الأسواق المالية صعب من الناحيتين 
النظرية والتجريبية (الإمبيريقية). فالتحليل الاقتصادي في هذا الميدان ينزع 
إلى الانسياق بفكرة نظرية «كفاءة سوق المال (العالمي)»؛ أي القول إن الأسواق 
تعمل بصورة تنافسية لتخصيص المدخرات والاستثمارات (العالمية) كي تحقق 
المساواة ضي عوائد رأس المال؛ وهكذا فإن المؤشرات الأساسية لدرجة التكامل 
ستتمثل في مقاييس معينة من قبيل معدلات الفائدة بين البلدان» أو قيمة 
الأسهم ذاتها في البورصات المحلية والعالمية: وكلما اقتربت هذه المعدلات 
والقيم بين مختلف الأسواق المالية القومية؛ بات الاقتصاد العالمي أكثر تكاملا. 
أما في سوق الرأسمال المتكامل بشكل تام فستكون هناك معدلات ضائدة 





العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


عالمية واحدة على القروض قصيرة الأمد وطويلة الأمد. وسعر واحد للأسهم 
والسندات. شريطة بقاء الظروف الأخرى ثابتة على حالها. 

وبالطبع فإن التقييد الأساسي هنا هو شرط «بقاء الظروف الأخرى ثابتة 
على حالهاء. أما في الواقع: فإن هذه الظروف الأخرى لا تبقى ثابتة على 
حالها أبداء وعليه فإن مهمة التحليل التجريبي (الإمبيريقي) من داخل هذا 
المنظور المسيطر هي تعليل هذه «النواقص» والتكيف معهاء ابتغاء التوصل إلى 
مقياس تقريبي لدرجة التكامل «الحقيقي» 7 ). ويتطلب ذلك كله. كما هو 
متوقع. بلورة بعض الفرضيات المكينة. فرضيات لن يقدرها أو يقبلها من غير 
الخبراء المهتدين بحق. سوى القلة. وعلى أي حالء. يجدر بنا أن نعاين النتائج 
الرئيسية لهذه المقاريةء برغم بعض ما يحيطها من شك (*). 

يمكن تحليل درجة التكامل المالي العالمي بصيغ عدة؛ وعلى مستويات عدة 
(فرائكل اعلهةء7 557١.؛‏ هيرنج وليتان 0قانآ ى عمادحء3آ ,١5910‏ هاريس 1132 

وذ ١5464‏ ). ويمكن تبويب هذه الصيغ والمستويات في ثلاثة أبواب متداخلة: 

١‏ تلك المتعلقة بتباينات معدل الفائدة. 

" - تلك المتعلقة بتباينات أسعار الأسهم. 

" - تلك المتعلقة بالمصدر الفعلي للتدفقات المالية وحركة رأس المال. 
سنتتاول هذه الأبواب تباعاء مبتدثين بمناقشة العلائق بين معدلات الفائدة 
وأسعار صرف العملات. 

إن واحدا من أكشر المؤشرات المباشرة الدالة على التكامل المالى يتعلق 
بالأسواق البعيدة (015580:6) كأسواق العملات الأوروبية. ويمكن التشبت من 
مقاييس تكامل السوق المالي البعيد عبر تكافؤات معدل الفائدة: المكفولة 
بمختلف العملات. ويعني ذلك أن بمقدور المودعين أن يتلقوا العائد نفسه 
على ودائعهم بأي عملة أوروبية كانت على أن تؤخذ في الحسيان كلفة 
الحماية من أي تغيرات محتملة في سعر صرف العملة. إن مثل هذا التكافؤٌ 
في معدل الفائدة يبدو راسخا في أسواق العملة الأوروبية. أما شكل التكامل 
الأكثر تطورا فسوف يتحقق عند ارتباط الأسواق البعيدة والأسواق الداخلية 
ارتباطا وثيقاء غير أن الصعويات تبدأ من هنا بالتحديد. فالضوابط 

المصرفية والقيود الناظمة لرأس المال تفصل بين هذين المجالين: وإن إدخال 

هذه الضوابط والقيود والإبقاء عليها يرجع إلى أسباب تتعلق بالسياسة 


ما العولمة" 


الحكومية. غير أن الانسجام المطرد للضوابط المصرفية والتخلي عن القيود 
الناظمة لرأس المال أفضيا إلى التأسيس الفعال لهذا الشكل من التكامل بين 
البلدان المتقدمة بحلول العام 1597 : وبذا تحقق تكافوٌ معدل الفائدة المكفول 
بين مختلف المعدلات القومية: بهذا القدر أو ذاك. 

إن الانتقال إلى أشكال أعمق من التكامل سيبداً حين يتحقق أولا تكافؤ 
معدل الفائدة غير المكفول؛ وحين يتحقق تاليا التكافؤ الحقيقي لمعدل 
الفائدة بين المودعين بمختلف العملات. وإذا ما ترسخ الوضع الأول فإن 
العائدات المنتظرة من الاستثمارات بمختلف العملات ستكون متماثلة إن 
قيست بعملة واحدة. بحيث إن تدفقات رأس المال سوف تجعل معدلات 
العائدات متساوية بصرف النظر عن تعرض معدل سهعر الصرف إلى 
الخطر. وسيؤدي هذا إلى نشوء متغير غير منظور في الحسابء وهو «فرق 
القيمة المضارب» المصاحب للتغيرات في التوقعات. أما في الحالة الثانية, 
حالة التكافؤٌ الحقيقي لمعدل الفائدة؛ فإن معدلات التضحم المتغايرة 
متوقعة أصلا ومدرجة في المعدلات الاسمية؛ بحيث إن معدلات أسعار 
الصرف الفعلية تيقىء بينما تعمل تدفقات رأس المال على مساواة معدلات 
الفاتدة الفعلية عبر شتى البلدان. وعلى حين أن تجارب قياس وجود هذين 
الشكلين من التكامل معقدة ومثيرة للجدلء فإن التكافؤٌ الفعلي لمعدل 
الفائدة كان أبعد ما يكون عن التحقق في منتصف عقد التسعينيات. وبذاء 
فإن مستوى التكامل المالي العالمي كان أدنى بكثير مما يفترض أن يسود في 
ظل نظام متكامل حقا. بالمقابل: كانت فترة معيار الذهب فترة تمتاز 
بترابط وثيق بين معدلات الفائدة قتصير الأجلء. علاوة على وجود 
ميل قوي لمساواة معدلات العائد الفعلي على الصعيد العالمي (تيرنر 
١3561١1‏ ص ١ .)١7 1١1‏ 

أما المقاربة الواسعة الثانية فتقوم في التركيز على أسعار الأصول في 
ظل مختلف النظم المالية القومية. وتواجهنا هناء مشكلة تمييز المؤثرات 
المحلية عن المؤثرات العالمية في الأسعارء لكن هناك. كما يبدو للوهلة 
الأولىء مسوغا للقول إن أسواق الأسهم وثيقة الترابط؛ إلى درجة أن أي 
اضطراب يقع في أحدها ينتقل بسرعة الى الأسواق الأخرى (ما يسمى 
ب «العدوى»). وفي هذا الإطارء فإن التغيرات في «تقلب» جركات الأسعار 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


هي التي تمثل المؤشر على تزايد العولمة. وليس وجود الروابط بما هي 
عليه علما أن الدليل على هذا الأمر يبقى ملتبسا في أحسن الأحوال 
(هاريس 113:15 .,١5564‏ ص .)73١1- 7١‏ الواقع أن الدراسات التي تعتمد 
على التاريخ قد شددت الانطباع بوجود تكامل مالي أعظم.: إن قيس بهذه 
المعاييرء في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى. ولقد ركز نيل 71681 
(1546).: من منطلق المنظور الواسع لفكرة كفاءة سوق رأس المال؛ على 
حركات أسعار الأسهم خلال الأزمات المالية التي نشبت بين العام ١71460‏ 
والعام 1501. وقاس نيل سرعة استشراء حالات الذعر المالي بين مركز 
هالي وآخر. وخلص بهذا التحليل إلى وجود درجة عالية. مذهلة, لتكامل 
أسواق رأس المال بين المراكز المالية الأوروبية منذ منتصف القرن الثامن 
عشر أصلاء لكنه ألمح إلى أن درجة التكامل المالي لم تتطور كثيرا منذ تلك 
الفترة حتى العام ١٠16.أما‏ زيفين «01ء2, فيقوم بمسح واسع للأدب 
المكتوب عن التكامل المالي» ويقدم التفاصيل عن عدد من المقاييس التي 
تؤكد أن طبيعة الاقتصاد العالمي قبل الحرب العالمية الأولى كانت أشد 
تكاملا. ويلخص فكرته على النحو التالي: 

«قبل الحرب العالمية الأولى كانت كل هذه المقاييس لمبادلة وملكية 

الأسهم العابرة للقوميات أكبر بكثير مما هي عليه في الوقت 

الحاضر. وعلى العموم فإن كل مؤشر متاح عن الأسواق المالية في 

أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين يشير إلى أن 

اسواق تلك الفترة كانت أتم تكاملا من ذي قبل أو منذ ذلك الحين». 

(زيفين دااء2. 2597ل ص 0١‏ - 075). 

وعليه فقد كانت حقبة معيار الذهب هي فترة اقتصاد عالمي أشد 

تكاملاء وأكثر اعتمادا متبادلا من ناحية أسواق إلى حد يبدو أنه يتكرر. 

ترىء كيف كان بمقدور النظام المالي العالمي أن يتكيف بهذه السرعة 

عندما كانت التطورات التكنولوجية على هذا القدر من البدائيةة الواقع 
أن الفكرة القائل إن الحقبة الراهنة من تكنولوجيا الاتصالات بلا نظير 
من قبلء. بحاجة الى أن تمتحن. ذلك أن مجيء منظومة التلغراف 
الكهربائي بعد العام١1487‏ أرسى في الواقع اتصالات التبادل الآني 
اللمملومات. بهذا القدر أو ذاك. بين كل مراكز المال والأعمال العالمية 


ما العولمة" 


الكبرى (ستاندج ع5182088: .)١1554‏ وما إن حل القرن العشرون حتى 
أرسيت منظومة اتصالات عالمية تريط بين الفرقاء على غرار ما يفعل 
الإنترنت المعاصر. وبرغم أن هذه الشبكات لم تكن متطورة من ناحية 
المشتركين الأفرادء فإن الروابط بين الشركات والمؤسسات كانت كثيفة 
وواسحتة» ويقكل الكلغرات» معن ممارسه بالسمن الشراعية ر لحف 
فق توفع البشارى) فقرة توفية :جد فى تكو تريهيا الالتغبالات» رهن 
أهمء من نواح عدة:؛ من الانتقال إلى تكنولوجيا الكمبيوتر والاتصالات 
البعيدة بعد العام .١51١‏ 
أما المقاربة المهمة الثالثة في السعي إلى تشخيص مدى التكامل المالي 

فتنطوي على قياس المصدر الفعلي 500 رأس المال: فهل يمكن 
استخلاص ازدياد التكامل المالي من ازدياد حركة رأس المال؟ في هذه 
الحالة يتوجب أن ينصب التحليل على العلاقة بين المدخرات والاستثمارات 
القومية. لقد أثمرت هذه المقاربة أغزر الكتابات لكن نتائجها تبقى موضع 
أخذن ورد. 

فكلما ازداد تكامل أسواق رأس المال. ازدادت حركة الرساميل على 
الصعيد العالميء وازداد رجحان افتراق المدخرات عن الاستثمارات 
المحلية. ولو كان هناك نظام مالي كونيء ذو تكامل تام؛ فإن الاستثمار 
المحلي لن يتقيد أساساء عندئن: بالمدخرات المحلية. كما أن الترابط بين 
الدخرات والاستتمازرات وف يكيان وعتنكة يتفيف الاقتصادات 
القومية قدرتها على «ضبطه و «تحديد» الاستثمار المحلي. الواقع إن 
ذلف يشكل طريقة اخرى للإشارة إلى الدور:الرئينسي لتباينات معدل 
الفائكدة بوصفها مقياسا للتكامل. وبوصفها محددا للاستثمار. وبازدياد 
الانفتاحء لا تعود المدخرات المحلية ذات شأن بالنسبة إلى الاستثمار 
المحلي. نظرا لتقارب معدلات الفائدة. وتكيف المدخرات والاستثمارات 
تبعا لذلك. 

لكن الترابطات بين المدخرات والاستثمارات القومية لم تتقوض بلا 
مراء:فى عغضدئ الثمانينيات والتسحينيات» خلال هكرة ليجرالية أسنواق راس 
المال وتعويم معدلات الصرف. وإن التحليل الدقيق الذي أجراه بوزوورث 
50050514 (1597ء ص 358 - ٠١7‏ ) وأوبستفلد 0 (1557ءاص 0660) 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


مثلاء يبين أن الترابطات لم تتقوض (وذلك برغم التعليق غير المحترس من 


جانب البعضء مثل جولدشتاين هأء)0015 وموسا 3410558 15197. ص 350), 


وإن بقاء الترابط بين المدخرات والاستثمارات القومية؛ الذي ثبت أولا في 
العام ١54-‏ (فيلدشتاين وهوريوكا 110210168 عت ملءولاء5, )١1518١‏ خلال 
فترة الليبرالية المالية. وفك الضوابط والتكامل العالمي المفترض, يشهد على 
استمرار الاستقلال النسبي المتين للنظم المالية؛ وذلك برغم المحاولات 
(اليائسة أحيانا) التي يبذلها المحللون الاقتصاديون التقليديون للبرهنة على 
نقيض ذلك (مثل بيومي 24« داهلز82 )١194٠‏ ويقدم الجدول  7(‏ ”) تقديرات 
قديمة عن التربيع الاعتيادي الأدنى (دععقناو؟ أكدء! لإممدتلءه) للمعادلة 
البسيطة عن إجمالي المدخرات - الاستثمارات: ويضيف إليها تقديراتتا 
للفترة 1١99١‏ 1996. 


الجدول )١-5(‏ 
ترابطات المدخرات والاستثمار 
لتولدمووا 
تدج ن(؟/5) مجه حزرما/1) 





المعطيات عن العام ١971١‏ مستقاة من الاقتصادات المتطورة ل "7 بلدا من بلدان 0800. 
الأرقام الواردة بين أقواس تحت معاملات (] هى أخطاء قياسية. 

-1 - استثمار؛ نو - الدخل القومى . - المدخرات؛ د> مقدار الخطأً 

المصدر: للفترة 197٠0‏ - 474١من:‏ فيلدشتاين وهوريوكاء ,.158٠‏ الجدول ”: ص ١70؛‏ 


أما أرقام الفترة ١940 ١99١‏ فهي تقديراتنا نحن. 


وأما أرقام باقي السنوات فمأخوذة عن أوبستفلد. 19917. 








م العولمة 

إن معامل بيتا ١‏ يعني «معامل الاحتفاط بالمدخرات». أي: نسبة 
كمية المدخرات المستثمرة محليا (فيلذ شتاين وباكتيا © هأءأولاء58 
ووعطء» 83 : ١591١‏ ص 23 .)3١‏ وهكذا نجد أن من كل دولار مدخر في 
بردان 0862 الأساسية؛ هناك 11 سنتا كانت ستستثمر محليا خلال 
فثرة .١996 1١990١‏ 

واضح أن فترة ما بين الحريين: والفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية 
مباشرة:؛ تمثلان نقاط الذروة في نظام مالي «مغلق» وفق هذا القياس. 
ويفيد الجدول أن ما بين 41 و 85 بال ماكة من مقدار المدخرات المحلية قد 
استثمر محليا. وقد طرأ هبوط على هذه النسبة خلال عقدي الثمانينيات 
والتسعينيات. لكن قيمة معامل بيتا 3| ارتفعت بشكل طفيف خلال النصف 
الأول من عقد التسعينيات. (ولعل بالإمكان أن نعزو معظم هذا الهبوط إلى 
التأثيرات المتأخرة للانهيار الحاصل في معدل ادخار بلد واحد. هو 
الولايات المتحدة, بعد العام 1974: انظر فرانكل اعكلمةء5, 1597 إضافة 
إلى الفصل السابع من كتابنا هذا). وإن هذه المعاملات أدنى من معاملات 
ذروة فترة معيار الذهب. للأعوام :19150-15٠١‏ التي يسود الاعتقاد بأنها 
كانت ذروة النظام المالي العالمي «المفتوح» أيضا. ولنلاحظ أن معامل 
الترابط 82 بات أقوى منذ فترة 198٠ ١51/4‏ . وعلى العمومء فان هذا 
التحليل لا يشير بعد إلى حصول أي تغير كبير في العلاقة بين الادخار 
والاستثمار المحليين خلال فترة «العوللة» .)١(‏ 

ومادامت الحكومات تواصل استهداف حساباتها الجارية. وتحتفظ 
بقدر من السيادة داخل حدودها (بحيث يبقىء على الأقل: التهديد بالتدخل 
الحكومي في حركات انتقال رأس المال عبر الحدود). وتفرض ضوابط 
تفاضلية على نظمها المالية» فإن المستثمرين لا يستطيعون النظر إلى 
الأصول المالية المحلية والأجنبية بطريقة واحدة. إن مختلف النظم المالية 
القومية تتألف من مؤسسات وترتيبات متباينةء وتعمل بالتالي بأنماط 
متباينة من الحساب. وإن هذه السمات تدخل عاملا مقررا لاستمرار تباين 
التوقعات والمنظورات التي لا يمكن أن تختزل جميعا إلى سوق كوني واحدء 
أو منطق كوني واحد . زد على هذا أن أشد الملتزمين بالتكامل حماسة, 
ممن عاينوا الترابطات بين المدخرات والاستثمارات القومية؛ يميلون إلى 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


الاستنتاج أن البلدان الأقل تطورا (11205) والبلدان حديثة التصنيع 
(01©5) لا تزال خارج الإطار إلى حد كبيرء بقدر ما يتعلق الأمر بهذا 
الشكل من التكامل المالي. وهكذا نجد أن ثمة حدودا لمدى «عولمة» أسواق 
المال» حتى في نظر أشد المتحمسين للتكامل ("). 

وعلى أي حال فإن كشوفات فيلدشتاين وهوريوكاء التي أثبتت أنها متينة 
وقابلة للاعتماد. استثارت نقدا حامياء لمجرد أنها بدت مناوئة للحدس. 
فإزاء الاستنتاج القائل إن قوة الترابط بين المدخرات والاستثمارات القومية 
هي نتيجة الافتقار إلى التكامل المالي:. ثمة حجج معاكسة تقول: (أ) إن ذلك 
قد يعكس صافي التدفقات, التي تغطي إجمالي تدفقات أكبر بكثير؛ (ب) 
إذا سمت المفطيات إلى تدفقات القطاع الخاصن وتدفطقات :القظاع العام 


' فإن ضعف الترابطات تبدو ناشكئة أساسا عن سلوك القطاع الخاص, 
. بحيث إن السياسة الحكومية هي التي تسبب فوة الترابط بمجمله (بيومي 


سناه/ز82 1550١)؛‏ (ج) أن تعويم أسعار صرف العملات وما اقترن به من 
غموض قد أضعف حركة رأس المال (بيومي وروز ء805 © 1تمداملز82 
ل(د) أن قوة الترابطات قد ترجع إلى صدمات إنتاجية خارجية 
المنشاً إلى طريقة معالجتها محليا (غوش «وهط6 1596)؛ وأخيرا (ه) 
برغم أن الكشوفات الأصلية لفيلدشتاين وهوريوكا متينة؛ فإن نشوء العجز 
الهائل في ميزان المدفوعات الأمريكي منذ منتصف عقد الثمانينيات قد 
سدد لها ضربة مميتة؛ وإن هذا العجز بحاجة إلى تحليل حصيف في إطار 
الاقتصاد القياسي (فرانكل اءطاصم1, 15537). ١‏ 

من الوضح أن هناك عددا من الأسباب المحتملة لقوة الترابط بين 
إجمالي المدخرات وإجمالي الاستثمارات. وأن معظم نقاط النقد المثارة 
أعلاه لاتقضي على هذه العلاقة بمقدار ما تعمل على تفسيرها في إطار 
طيف من الشروط المعاصرة؛ غير أن المشكلة تكمن في تمييز النقاط التي 
تؤلف عوامل مقررة للتدفقات الفعلية لاسثمارات رأس المال» عن النقاط 
التي تؤلف عوامل مالية عامة. ولو استقينا النقطة الأخيرة (ه) في 
النقاظ التكووة أعلذف لا:تمضئ: على فكرة استمرار الأنممال بين أسواق 
رأس المالء بل تقدم أسبابا للاستنتاج المتفق مع فكرة استمرار نظام مالي 
عالمي غير متكامل؛ بصورة نسبية؛ نظام يواصل السماح بالاستقلال 


ما العولمة" 


القومي بقدر أكبر مما يعتقد على وجه العموم. ويقارن زيفين 26010, من 
منظور أبعد مدىء بين اكتشافات ما بعد ١51١‏ ونمط ممائل من التحليل 
للفترة من ١84٠‏ فصاعداء وتؤكد هذه المقارنة استتتاجاته الأخرى التي 
تبين أن فترة معيار الذهب كان حقبة حركة رأسمال وانفتاح مالي أكثر 
فاعلية من عقد الستينيات فصاعداء فالاكتفاء الذاتي من الاستثمار - 
الادخار في الفترة من ١7١‏ حتى ,.15٠١‏ كان أقل بكثير (زيفين مالاء,2 
57 , الجدول  ”‏ ”.ص 07).: ولسوف نعود إليه تالياء كما في الفصل 
السابع؛ إلى تناول النقطة (ه) المذكورة أعلاه - بخصوص مغزى التغير إزاء 
الولايات المتحدة في فترة ما بعد العام 19/64 لكن هذه النقطة تنتمي إلى 
عموم التدفقات المالية بين الولايات المتحدة واليابان» ولا تتحصر فقط في 
تدفقات الموارد الفعلية. 

هناك تفسير آخر ممكن لهذه النتائج. وبخاصة ما يتعلق بالفترة 
الأخيرة, يتعلق بمعدل العائد عن الاستثمارات المالية في مختلف 
الاقتصادات. فإن لم يكن ثمة فارق كبير في العائد من الاستثمار المالي؛ 
فإننا لا نستطيع أن نتوقع إعادة توزيع كبيرة للرأسمال نسبة إلى المدخرات. 
بالمقارنة مع الوضع الذي يتميز بفوارق هائلة في العائدات من الاستثمار 
المالي. وهكذا يمكن تفسير الوضع الحالي لتدني حركة الأصول المالية 
بتقارب عام في العائدات بين مختلف الاقتصادات. الواقع إن الفترة من 
العام ١977‏ حتى العام ؟994١‏ تميزت بتقارب كبير في الإنتاجية: برغم 
حصول هبوط عامء مذهل؛ في مستويات هذه الإنتاجية, (والذي ينبغي 
العمل على إيقافه). وبالطبع فإن ذلك لا يستبعد حصول حركات انتقال 
شديدة . قصيرة الأجلء. للأرصدة بين المراكز المالية. بحثا عن مكاسب 
صغيرة من فارق السعر في صفقات بيع وشراء العملات. وهو أمر يميز 
أسواق العملات المعاصرة (والحق أن التقارب الضمني قد يشجع هذا 
النشاط بعينه) ولسوف نتناول ذلك فيما بعدء مثلما سنتناوله في الفصلين 
الخامس والسابع.أما بخصوص التقارب عمموع600076 - الذي يمكن أن 
يؤلف بذاته مقياسا للتكامل بين الاقتصادات ‏ فإن مؤشراته برزت في 
الاقتصادات الكبيرة حين أخذت دورات الأعمال الاقتصادية الفعلية فيها 
بالتوافق في منتصف عقد السيعينيات وبداية عقد الثمانينيات. غير أن 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


هذا المسار سرعان ما انقلب خلال منعطف أواخر عقد الثمانينيات وبداية 
.عقد التسعينيات., بانفكاك التوافق العام (1,086©2 1994, ص 3/7 - 47). 
لذاء ليس من الحصافة أن نغالي في تقدير قيمة أي قدر من «التقارب». 
كمؤّشر على التكاملء إذا كان هذا التقارب لا يمتلك رسوخا تجريبيا طويل 
الأمد. أو كان لا يحمل مغزى تفسيريا متينا 00) 

العلاقة بين بلدان الكتل الثلاث الكبار خلال عقدي السبعينيات 
والثمانينيات. من ناحية التدفقات المالية. برغم أن العلاقات الوثيقة بين 
مستويات الادخارات والاستثمارات المحلية لم تتغير كثيرا (بوزوورث -5805 

غطءه”. 1597, الفصل الثالث). وعلى حين أن معدلات الادخارات شهدت 

هبوطا في معظم البلدان المتقدمة؛ مما أدى إلى هبوط معدلات الاستثمار 


أيضاء فإن معدلات الاثنين (الادخارات والاستثمارات) هبطت في الولايات 


01 
0 
ا 


. المتحدة بدرجة أشد مما في البلدان الأخرى. وأخذت الولايات المتحدة. في 


للحفاظ على مستويات استثمار متصاعدة. وقد حصل ذلك هناك بموازة 


بروز عجر مستديم ضي الحساب الجاري. وأدى ذلك إلى مشكلات مالية 
في إطار ما يعرف ب «العجز المزدوج», غير أن مدى نشوء هذه المشكلات 


:المالية العالمية عن العجز المزدوج لا عن همجران معدلات أسعار الصرف 


الثابتة. أو عن هجران الضوابط المقيدة لرأس المال» أو عن فك الضوابط 
الناظمة لأسواق المال؛ لا يزال موضع أخذ ورد . ولسوف نستفيض في بحث 
هذه القضية في الفصل السابع. 1 
إن أهمية هذا التقدير لمدى الانفتاح والتكامل بدهية. فهي تتصل بقدرة 
الاقتصادات القومية المنفصلة على رسم وبسط سياستها الاقتصادية 
الخاصة. وإن واقع؛ أن درجة تقييد الاقتصادات القومية في فترة معيار 
الذهب تبدو أكبر مما هي عليه في أي فترة أخرى منذ ذلك الحينء ينبغي ألا 
يعشي أبصارنا عن رؤية القضايا والمشكلات التي تواجه الاقتصادات نتيجة 
الاقتصادي. اعتمادا على بعض المقاييس المبحوثة أعلاه؛ قد تزايد منذ العام 
5٠‏ ., برغم أن هذا التزايد ليس جليا على أساس مقياس الادخارات ‏ 


ما العولمة" 


الاستثمارات وحدهاء باستثناء الفترة الأخيرة الأحدث. زد على هذاء أنه 
يصعب القبول بفكرة أن البعد النوعي قد بقي ثابتا على مدى الفترة كلها 
منذ العام .167١‏ ذلك أن الأدوات المالية قد تفيرت. من ناحيتي العدد 
والأنواع منن العام :١157١‏ على سبيل المثال؛ تغيرا هائلاء وأدت هذه التغيرات 
إلى نشوء مشاكل جديدة في الإدارة والضوابط (تيرنر :1206 ,١591١‏ كوش 
وهيوز وسنج 51281 يت دعاو نا11 ,دأوه0© .)١1597 ٠‏ وقبل أن نعاين تدويل أسواق 
النقود ورأس المال قصير الأمد. يتوجب علينا أن نعاين الميادين الاعتيادية 
للتكامل المالي لنرى ما إذا كان الإطار الضمني لنشاط أسواق رأس المال قد 
تغير تفيرا جذريا في الفترة الأخيرة, ولعل أسواق النقد. على الأرجح. أشد 
تكاملا من أسواق رأس المال. لكن أسواق رأس المال هي التي تؤثر التأتير 
المباشر تماما على الآفاق الاقتصادية لنمو الاقتصددات القومية في 
المدى البعيد. 


الجدول (30- 2) 
الصفقات العابرة للحدود في السندات والأسهم 
(كنسبة مئوية من إجمالي النائج المحلي) 











حك 0 

النذا ل 1ن 1 

5 1 53 501 5-3 500 520 5 
١‏ لكا لكا اكاك قاذ الاك الا تانق لكا يك ك1 
اق ا تار 3 13 ان اقلق قار لفلا ل لد 


يقصد بالصفقات إجمالي شراء وبيوع الأسهم بين المقيمين وغير المقيمين في البلد: 
(أ) اعتمادا على معطيات التسوية 
(ب) للفترة من يناير ‏ سبتمبر بمعدل سنوي 


المصدر: بنك التسويات العالمي 2815 19147 1497.: الجدوله ‏ ١؛‏ ص وا 





























العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


التطورات الأخيرة فى نشاط سوق الال العالمى 

يمكن لنا أن نقارب هذه القضايا بأن نعمدء أولاء إلى تحري الصفقات 
العابرة للحدود؛ وحركة ملكية السندات والأسهم بين البلدان وفي شتى 
المؤسسات المالية المحلية. لقد تصاعدت الصفقات العايرة للحدود ضي 
السندات والأسهم منذ منتصف السبيعنيات: من ناحية نسبتها المكوية من 


'إجمالي الناتج المحلي: كما هو مبين في الجدول 1-7. لكن هذه التفيرات 
لنتظهر على.هذا القد رمن الجدية: لو نظرنا إلى .ذلك من زاوية مختلفة 
7 بعض الشيء. 


وعلى سبيل المثال يقدم لنا الجدولان (8 - ؟) و(4 - 7) مصدرين 


مختلفين للملكيات الفعلية من السندات والأ الأجنبية فى حسابات 
: من واه سهم بيه عي _ٍ 


نسبة مئوية من إجمالي ملكية هذه المؤسسات. وتعكس حالة الجدول 
(4-؟) ميلا عاما لنمو أهمية الأسهم الأجنبية منذ العام ١98٠‏ 


(باستقاء التمسا). 

أما أرقام سنة ”1997 الواردة في الجدول (8 - ؟) فيمكن مقارنتها 
بأرقام السنة نفسها في الجدول  1(‏ 5): وهناك تفاوت كبيرء بالنسبة 
إلى الولايات المتحدة. بين معطيات صناديق التقاعد في الجدولين,. 
برغم أن الأرقام متقاربة تماما بالنسبة للبلدان الأخرى الواردة في كلا 
الجدولين. إن ملكية الأسهم التي تعود إلى مؤسسات الاستثمار تترواح 
في نطاق١٠  "١‏ في المائكة. باستثناء هولندا! وإيرلندا ونيوزيلاتداء 
التي تزيد أرقامها عن "١‏ في المائة. (أما الحالة المذهلة في تباينها في 
كل من هونج كونج وسنغفورة: الواردة في الجدول (5 - ")2 فسوف 
تبحث بعد قليل). 

وتبين أرقام سنة ١115‏ في كلا الجدولين التباين الهائل بين البلدان ضفي 
مدى أهمية الممتلكات الأجنبية. ومن الجلي أن بعض النظم المالية أكثر 
«انفتاحا» من غيرهاء على أساس هذا المقياس. وإن المملكة المتحدة واليابان 
هما الأكثر انفتاحا من بقية الدول الخمس الكبارء أي الولايات المتحدة 


وألمانيا وفرنسا. 


ما العولمة" 


الجدول )١-4+(‏ 
ممتلكات مؤسسات المستثمر من الأسهم الأجنبية للفترة 194٠‏ 9و١‏ 
(كنسبة مئوية من إجمالي ممتلكات الأسهم) 


- صناديق التقاعد الخاصة (ب) 
- الصناديق المتبادلة 


- التأمين البريدي على الحياة 
- شركات التأمين الخاصة 


- شركات التأمين على الحياة 
- صناديق التقاعد 


- شركات التأمين (د 3 ١١‏ لحل 
- صناديق التقاعد (ه) ين ديفا 


شركات التأمين على الحياة 1١١‏ لل 
- صناديق الاستثمار ١‏ /ا16 


- شركات التأمين 
- صناديق التقاعد الخاصة 
- صناديق التقاعد العامة 








(أ) النسبة المئوية لإجمالي الأصول التي تحوزها هذه الصناديق 

(ب) مشاريع ممولة معفاة من الضرائب (باستثناء حسابات التقاعد الفردية) 

رج( للعام 15 

(د) صناديق طويلة الأجل 

(ه) صناديق التقاعد تستثد تستثني القطاع الحكومى ي المركزي. لكنها تتضمن الصناديق الأخرى للقطاع العام. 
المصدر: إيدي وهضيدنج ع11110 يع /51(81, 14640: الجدول رقم :٠١‏ ص 77 





العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


والحقء لو نظرنا إلى ذلك بطريقة مختلفة بعض الشيء. لبقينا نرى 
الفوارق البنيوية بين النظم المالية. فالجدول ٠١(‏ - ") يبين توزيع أسهم 
. الشركات بين مختلف أنماط حملة الأسهم في عدد من بلدان منظمة 
٠‏ التعاون والتنمية الاقتصادية. وعداهما يبينه الجدول من فوارق أساسية 
بين هيكل ملكية ما يسمى بالنظم المالية «الداخلية» و«الخارجية» (أو 
النظم المالية «القاكمة على السوق». حيث النظم «الداخلية» تعني تلك 
التي تملك الأسهم فيها أطراف مرتبطة مؤسساتيا بالشركة: أما النظم 
«الخجارجية» فهي تلك التي يملك فيه الأسهم طيف مشتت من حملة 
الأسهم) فإن الجدول يوضح أيضا التباين في الحيازات الأجنبية 
. للأسهم. وإن اثنتين من بلدان النظم «الخارجية» (وهما المملكة المتحدة 
والولايات المتحدة) هما من بين أدنى البلدان نسبة. أسوة باثنتين من 
: بلدان مجموعة النظم «الداخلية» (نعني ألمانيا واليابان). واعتمادا على 
. هذا التصنيف,. فإن أستراليا والسويد وفرنسا هي التي تمتاز بأعلى 
معيار ل «التدويل». أما الاقتصادات «الأربعة الكبرى». للولايات المتحدة 
واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة ‏ التي لا تزيد ‏ حصتها من الأسهم 
المملوكة في الخارج على ١١‏ في العام ١997‏ من الصعب تماما أن 
تؤلف قضية واضحة على إثبات العولمة! 
وما يتضح من هذه الأرقام جميعا غياب أي تقارب جلي من موقع 
انفتاح مشترك لدى سائر البلدان المتقدمة. وعلى وجه العموم: فإن 
الفوارق فيما بينها قد بقيت على ما يبدوء. مما يشير إلى استمرار 
تباين خصائص وبنى نظمها المالية المحلية. وبذاء فإن عمل «العولمة» 
حتى منتصف التسعينيات. لم يستطع. كما يبدوء أن يرغم المؤسسات 
المالية المحلية في البلدان المتقدمة على أن تنفصل انفصالا جوهريا 
عن الشكل التاريخي لطابع كل منها. برغم حصول زيادة معينة في 
عموم التدويل. 
إن أرقام سنفافورة وهونج كونج الواردة في الجدول  4(‏ ”) 
تستدعي انتباها خاصا إذ لا يمكن القول إن أيا من هذين البلدين 
أفلت من غوائل التدويل كاملة في الفترة الأخيرة. يمتاز البلدان 
باقتصاد مفتوح على نحو بارزء كما كانا مركزين لأنماط مماثلة من 


ما العولمة" 


الجدول رقم )١-4(‏ 
تدويل استثمارات صناديق التقاعد 
(النسب المئوية للسندات والأسهم العالمية المملوكة) لسنة ١997‏ 





الولايات المتحدة 














(أ) في نهاية العام 149١‏ 
(ب) في نهاية العام 15957 
المصدر: الخزانة الملكية البريطانية 1447: مستقاة من الجدولين 41-1 (ص؟!١)‏ و48-7 (ص؟؟) 








العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


الجدول لي السرم 
توزيع أسهم الشركات. البارزة, المسجلة. بين مختلف فئّات حملة الأسهم في بلدان مختارة من دول منظمة 
التعاون والتنمية الاقتصادية 20 ر(النسبة المئوية هي لنهاية العام 435 (١‏ 


ألمانيا | فرنسا | المملكة 
المتحدة (1أ) 


| القطاع المالي 


- شركات التأمين وصناديق التقاعد 








5-5 
به 


ش ]| - صناديق الاستثمار 


58 -_- ع 
> 3 > 





| - مؤسسات مالية أخرى 


يه 


- 
الل ا 
5 
كه يه 
2 8 
عد 
© 





| 5 
5 


(أ) الأرقام بالنسبة للمملكة المتحدة تخص نهاية العام ١98914‏ 
(ب) بالنسبة لليابان. تندرج صناديق التفاعد وصناديق الاستثمار في باب «مؤسسات مالية أخرى» 
(ج) أرقام أستراليا هي لنهاية سبتمبر 1445, أما صناديق الاستثمار فمدرجة في باب «مؤسسات مالية أخرى» 


المصدر: 0800 1998- أ الجدول رقم )١(‏ 





ما العولمة 


الجدول (١١1-؟)‏ 
الأصول والديون الأجنبية كنسبة مئوية من أصول المصارف التجارية في بلدان مختارة 
للفترة ١995-1595٠0‏ 








© هولندا 
- أصول 


-ديون 
© المملكة المتحدة 
- أصول 


- ديون 


© الولايات المتحدة 





- أصول 





-ديون 





المصدر : صندوق النقد الدولي: الكتاب السنوي للإحصائيات المالية العالمية 1945 و491١‏ 




















العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


هوى «التكامل الكونية» (فمن ناحية انفتاح التجارة. مثلاء بلغ مجموع 
الصادرات والواردات نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي في كل من هونج 
كونج وسنفافورة نحو 7507 و7575 على التوالي. في العام .)١155*‏ 
غير أن المساهمة الخارجية لمؤسسات الاستثمار تبلغ صفرا عند 
أحدهماء وتبلغ “6١‏ عند الآخر. ولا بد من تفسير هذا الاختلاف 
بتباين خيارات السياسة المتبعة, إذ كان لزاما على القائكمين على 
صندوق البروفيدنت المركزي في سنفافورة (281هعن) ع08م51282 
2106 أن يستثمروا أصولا مالية محلية. حصراء في حين أن 
مدراء صناديق هونج كونج توجهوا إلى خيار آخر. مغاير كليا (برغم أن 
هناك. على الأرجح. تسربا غير مباشر من صندوق سنغافورة الى 
الخارج).ءد انظر: راميش 2820655 : ١197”‏ للاطلاع على مناقشة 
سياسات صندوق برفيدنت المركزي في سنغافورة). 
ويمكن الإدلاء بتعليقات ممائلة عن نشاط المصارف التجارية. فهناك 
زيادة واضحة في نسبة الأصول والديون الأجنبية في كشوفات الموازين. 
كما هو مبين في الجدول ١١(‏ - ”").: وهي زيادة تعزى أساسا الى النمو بين 
الأعوام 157١‏ و1580 لكن المواقع أخذت تميل منذ ذلك الحين إلى 
الاستقرار (هناك بعض الاستثناءات لذلك. وبخاصة في حالة السويد . 
التي شهدت نموا سريعا على مدى الفترة كلها من ١935١‏ حتى ١5193‏ لتبلغ 
أعلى المستويات في العام .)١1537‏ غير أن هناك تباينات كبيرة بين 
الاقتصادات المعروضة, وهي تباينات ترتكزء. إلى حد كبير. على اختلافات 
تاريخية وطيدة. 
أما الملاحظة الأخيرة التي ينبغي أن ندلي بها هنا فهي أن نعاين 
«الحصيلة» كما يقال؛ في تدويل النظم المالية وذلك بتقويم حجم الأصول 
الأجنبية التي تملكها العوائل 50105ء5ناهط آخر المطاف. نسبة إلى إجمالي 
اصولها المالية. لذا فإننا لانزال نركز على حيازة الأصول المالية. لكن لنعاين 
أهميتها النسبية من الثروة المنزلية: إن مشكلة الأرقام المدرجة حتى الآن, 
أنها لا تغطي أوجه النظام المالي كله. وكما أشرنا في الجدول رقم ٠١(‏ - "), 
فإن هناك الكثير من المؤسسات غير المصرفية وغير المالية التي تتوافر على 


ما العولمة" 


15 20 


أسبانيا 

السويد 

هولندا 

المملكة المتحدة 
الولايات المتحدة 





الشكل (0-؟) 
النسبة المئوية للأصول المالية التي تملكها العوائل آخر المطاف؛ من الأسهم والسندات 
الأجنبية (ما وراء البحار) بنهاية العام ١996‏ 


اللصدر: أبحاث ميريل لينتش #عهلإ] 7/1611 
صحيفة الإندبندنت: ؟7 ديسمبر 19910: ص9١‏ 
لقد حولنا الأرقام المتعلقة بالعوائل إلى أعمدة بيانية في الشكل رقم  ”‏ 0, 
لنهاية العام 1456 ويشي هذا الشكل بوجود تباينات بين البلدان مماثلة للنموذج 
الذي أوجزناه أعلاه. لكن التنوع هنا أعظم. 
ولكن هناك بلدين فقط يتميزان بنسية تزيد على ال ١6‏ في الماكة. أما 
المعيار السائد فيتراوح عند ٠١‏ في المائكة ودونها. ويمكن القول على وجه 
العموم إن الثروة المالية للناس لا تزال شأنا محليا: فهي بافية في الوطن. 
إن المعطيات الواردة في الجداول السابقة وفي الشكل  0(‏ ؟) تشير إلى 
استمرار راهنية خيارات السياسة المحلية. وهو أمر يتجاهله تحليل دعاة 
العوللة. ويتوجب علينا أن نفترض أن تأثير العولمة على هذه الخيارات كان 
معدوما في حالة هونج كونج وسنفافورة: على سبيل المثال؛ نظرا لأن هذين 
البلدين تعرضاء على نحو ماء للضغوط الخارجية نفسها. إن الأسباب إذن 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


«محلية» صرف. وحال الاقتصادات الصناعية المتقدمة ممائلة: فخيارات 
السياسة (والأخطاء) هي التي دفعت التحرك في اتجاه تعاظم الاعتماد 
المتبادل والتدويل. وهو ما يبينه الجدول (؟ ‏ ؟) على سبيل المثال؛ لا عملية 
«عولة» غامضة من نوع ما. دعونا نمحص ملاحظات المعلقين اللذين رحبا 
دون لبسء نوعا ماء بالاندفاعات نحو قدر أعظم من الانفتاح والتكامل: 

«بمعنى من المعاني. جنت السلطات عواقب ما صنعته أيديها. فقد 

أرادت هذه السلطات تعظيم مشاركة المستثمرين الأجانب في 

أسواق ديون حكوماتهاء لكي تسهلء: من إحدى النواحيء تمويل 

موازين مالية وخارجية أكبر. وأرادت نظاما ماليا أكثر كفاءة, 

يضعف جبروت الاحتكارات المحلية. ويقدم للمدخرين معدل 

عائدات أعلى. ويقدم للشركات رأسمالا بكلفة أدنى من جانب 

آخر. ورحبت السلطات بالتجديدات التي قدمت طيفا أوسع من 

إمكانات الوقاية من التقلبات العنيفة في أسعار الأصولء مما 

يسر إزالة المخاطر. وأرادت السلطات أن تستعيد تلك الأعمال 

التي هاجرت إلى مراكز «بعيدا عن الشاطئ» طلبا لبيئة أخف من 

ناحية الضوابط المقيدة, وأن تعبد أرض الملعب أمام المنافسين 

الأجانب. لقد تحقق القدر الكثير من ذلك كله. ولكن تحقيقه 

اقترن بخلق وفر هائل من الرأسمال السائل. المتحرك. الذي 

يشكل دعمه أو الافتقار إلى دعمه. مقياس الفارق في نجاح 

الاستقرار والإصلاح وسعر الصرف والسياسة الضريبية». 

(جولدشتاين وموسا ه5دن/ة لصة ماع أول601: 'كذاء ص 273). 

ثمة نقطة وجيهة عند هذين المؤلفين» برغم ما يكتنف قولهما من رضى 
عن النفس. إلا أنناء بالتوافق معهماء لا نوحي هنا بأن كل شيء كان محض 
نتيجة إما لخيارات السياسة المقصودة: وإما لأخطاء السلطات. 
ويمكن إبدء ملاحظات ممائلة عن السبل الأخرى لقياس وتقييم درجة 

التكامل المالي العالمي المبحوث أعلاه: تقارب معدل الفائدة الفعلي. حركات 
أسعار الأسهم. عوائد المشاريع خارج وداخل البلادء تكافؤ معدل الفائدة 
المحمي وغير المحميء تتوع حقيبة الاستثمارات المالية العالمية» ..إلى آخره. 
دعونا نستشهد ثانية بجولدشتاين وموسا: 


ما العولمة" 


«برغم توافر أدبيات متكائرة تعالج مياشرة قياس تكامل سوق رأس 

المال العالمي. فقد ثبتت صعوية التوصل إلى استنتاجات راسخة 

وواضحة عن درجة ‏ إن لم يكن الميل إلى التكامل. وإن هذا 

الإبهام يعكس الحقيقة التالية وهي أنه ما من طريقة منفردة 

لقياس درجة التكامل تخلو كليا من مصاعب مفهومية أو تقنية 

تغيم على تأويلها». (جولدشتاين وموساء ,١955”‏ ص .)١8‏ 

يظل الاحتراس مطلبا قائما خلا يزال معقولا القولء مثلا. إن معدلات 

الفائدة قصيرة الأجل تحدد قومياء بل إن معدلات الفائدة طويلة الأجل تساق؛: 
أساساء بقرارات سلطات الدولة المهمة. كما هي الحال في الولايات المتحدة 
واليابان وألمانياء بدل أن تساق كليا بقوى السوق الكوني المجهولة. 


الجدول (؟1١1-؟)‏ 
الاقتراض من أسواق رأس المال العالمية 191/5 - /991١ا‏ 
(المعدلات الوسطية السنوية بمليارات الدولارات) 





(أ) سندات عالمية وأجنبية؛ ثم؛ ابتداء من عام 1947 إصدار أسهم عالمية اعتيادية (وعناأناوء) 
(ب) في غالبيتها أوراق مالية تجارية أوروبية عموماء وبرامج أوراق مالية متوسطة الأجل 
المصدر: ميول سوق المال ((0801)): رقم 5ه (يونيو 1197)» ورقم 08 (يونيو 19914) 


ورقم 14 (فبراير 1444): ص 44 











العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


حتى الدراسات ذات المقاربات البديلة التى لا تركز. بصورة مباشرة أو 
مقارنة سبل الاستهلاك بين البلدان» تعجز عن التواصل الى استنتاج لا 
لبس فيه يخلص إلى أن التكامل المالي قد تحقق. (بيومي وماكدونالد 
214 يأ تسنحود8 ١556‏ ). 


الاقتراض قصير الأمد 

:يسعنا القول على وجه العموم إن الفترة المبتدئة بإجراءات الليبرالية منذ 
عقد السبعينيات. قد شهدت صعودا في النشاط المالي العالمي المقترن بثلاثة 
تطورات هي: تزايد سعة الاقتراض العالميء التجديد المالي. والتكتل المالي. 
:سنركز في هذه الفقرة على التطورين الأخيرين. 

لقد أشرنا إلى غزارة نمو الاقتراض العالمي في الجدول ١١(‏ - ؟١).‏ وكان ثمة 
. توقع في العام 1994 بأن يزيد إجمالي القروض على١٠٠٠‏ مليار دولار ‏ وهذه 
'زيادة بمقدار ٠٠٠١‏ مرة بالمقارنة مع الوضع القائم أواخر عقد السبعينيات. وإن 
أبرز معلم في هذا التطور هو نمو «إصدارات الأسهم»: أي إقصاء عمليات 
.الإقراض التقليدية (التي تتولاها المصارف عادة) بإحلال إصدار سندات أو 
غيرها من الأسهم القابلة للتسويق. أما المعلم الآخر البارز فهو نمو «التسهيلات 
غير الملتزمة». وبخاصة في سوق السندات الأوربي. 
واقترنت هذه العمليات بانتشار التجديد المالي. الذي ينطويء. بدوره على 
سمات عدة. ويوضح الجدول ١7(‏ - ؟7) سعة تنوع الأدوات الجديدة. ولما كانت 
معظم هذه الأدوات هي تفرعات نابعة من التحول إلى إقراض الأسهم ‏ فإنها 
توفر للمقرضين والمقترضين إمكان الوقاية من مجازفة تحركات معدل الفائدة 
وسعر صرف العملة - ويطلق عليها اسما جماعيا هو: الأسهم المتفرعة 
55 ر(أو: المتفرعات). إن كثرة من هذه المتفرعات تؤلف أدوات خفية, 
يصعب تماما فهمها أو مراقبتها أو السيطرة عليها. يعود ذلك جزئياً إلى 
ظهور طرق جديدة لتداولهاء وبخاصة ظهور ما يسمى بالأسواق الجانبية 
معأسده0 - 16 - 0161): حيث يقوم الوسطاء بالتعامل فيما بينهم بمبالغ 
نقدية طائلة. متجاوزين في ذلك المبادلات الراسخة التي تستخدم قاعات 


التداول التقليدية في البورصة. 


ما العولمة" 


إن أهمية أدوات الأسواق الجانبية هذه تتضح من الجدول (؟١‏ - 5). 
فبحلول العام1991 باتت قيمة هذه الأدوات أكبر من قيمة الأدوات التي تباع 
عبر المبادلات الأخرىء بل إن قيمتها كانت أكثر بنسبة 6٠‏ من إجمالي 
استحقاقات العملة الأجنبية لسائر البنوك التي رفعت معاملاتها إلى بنك 


الجدول (7١1-؟)‏ 
النمو في أسواق بعض الأدوات المتفرعة المختارة: 
المبالغ الرئيسية المتصورة في نهاية كل عام؛ بما يعادلها من مليارات الدولارات الأمريكية خلال 
السنوات 1905-1985 












+ الأدوات المباعة في البورصة (1) 
- مستقبلات معدل الفائدة 

- خيارات معدل الفائدة (ب) 

- مستقبلات العملة 

- خيارات العملة (ب) 















- خصائص مؤشر البورصة رذن 
- خيارات من مؤّشرات البورصة (ب) /1" 


حبرا 
50,26 (د) 





+ الأدوات المباعة في الأسواق الجانبية (ج) 


- مقايضات معدل الفائدة (ه) 1د) 
- مقايضات معدل فائدة عملة واحدة (ه + و) ,آإرد) 
أو عملات متبادلة 

- أدوات متفرعة أخرى (ه + ز) ؟"الا,غ (د) 





ند مذكرة تفاهم: استحقاقات عبر الحدود 5 
ومحلية من العملة الصعبة إلى المصارف 


المتعاونة مع بنك التسوية العالمي 








(أ) عدا خيارات الأسهم الفردية والمتفرعات التي تشمل عقودا سلعية 
(ب) بيع وشراء عدد محدد من الأسهم بسعر محدد في مدة محددة [1هه + كانام 
(ج) فقط المعلومات التي جمعتها «رابطة معطيات الأسهم العالمية» 1584. وتستثني المعلومات 
عن العقود. مثل اتفاقات المعدلات المقبلة. وخيارات العملة في الأسواق الجانبية. ومواقع العملة 
الأجنبية المقبلة. ومقايضات الأسهم: وضمانات الحصص 
د( للعام 1445 
(ه) عقد بين أعضاء 1584 مذكورة لمرة واحدة 
(و) عدلت لأجل الإبلاغ عن كلتا العملتين 
(ز) أغطية 5مته وياقات 01138755ه, وأرضيات 110015 وخيارات مقايضة 

المصادر: ميول سوق المال (05001)): رقم 55 (يونيو19497) الجدول 7 ص 275 


5 بنك التسويات العالمي: /149. الجدول 7 5: ص ١660‏ 











العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


التسويات العالمي (815). وشهدت هذه الأدوات نموا مدويا خلال عقد 
التسعينيات. وغالبا ما تباع هذه الأدوات «خارج بيان الميزانية» ومكسبها 
يتحقق من خلال مدخول رسم المعاملات بدل أن يؤلف جزءا من أصول 
المؤسسة المالية أو جزءا من هيكل المديونية. إن هذه التطورات تقدم فرصا 
للوسطاء كيما ينخرطوا في موازنة المخاطر وسط بيئّة متدنية الكلفة وأقل 
خضوعا للضوابط القانونية؛ لكنهم يثيرون بذلك مشكلات جديدة مهمة نتيجة 
زيادة التعرض المنتظم لملخاطرة. إن النمو الاجمالي للمتفرعات (السندات 
والاسهم المتفرعة) المالية بين الأعوام 1991791987 معروض في الشكل 
.)7١- 1(‏ ولنلاحظ هنا أن تداول هذه الأدوات مقتصر كلياء على نحو ماء على 
المراكز المالية الكبرى الثلاثة المرتبطة بهذه التجارة. ولسوف نتناول هذه 
المشكلات مجددا في الفصل الخامس. 

إن التجديد المالي يغذ خطاه باستمرار. وتتمثل أحدث التطورات في 


١‏ انيعاث أدوات السئدات فى شكل ما يسمى «سئدات التنين» و«السندات 
. الكونية». تصدر سندات التنين وتتداول في آن واحد ضمن أسواق شرق آسيا 


فقط. في حين أن نظيراتها. أي السندات «الكونية: تصدر وتتداول فضي جميع 
المراكز المالية العالمية الكبرى على مدار الساعة». 


تريليونات 
الدولارات 
الأمريكية 





1086 
87 88 89 90 9[ 92 93 94 5 1006 


الشكل رقم )١-5(‏ 
الأسهم المتفرعة (المتفرعات) المالية: 
المقدارالمخمن الناجم عن المبادلات المنظمة (نهاية العام) 


المصدر: الاتحاد الأوروبي؛ 1997أء الرسم البياني رقم 218 ص١١‏ 














ما العولمة 


بعد قيام البنك الدولي بتسويق أول سند كوني العام 1545 توسع هذا 
السوق ليزيد على١٠٠‏ مليار دولار بحلول منتصف العام 1554: ويحتل 8 ضفي 
الماكة من إجمالي إصدارات السندات الخارجية في تلك السنة (2:086172 
4 بء الجدول .)١(‏ ص 07). 

ويشهد هذا التطور الأخير في أسواق السندات على قوة الميل في 
المنظومات المالية العالمية باتجاه التدويل. ولكن: كما أشرنا سابقاء فإن تفلغل 
الأصول الأجنبية في أسواق الاستثمار المؤسساتي المحلية لا يزال ضئيلا 
نسبيا. ولا تزال الولايات المتحدة. على وجه الخصوصء مستقلة وعديمة 
التنوع في هذا المضمارء إلى حد كبير. وبمقدار ما إن ظاهرة التداول الكوني 
للأسهم والأسهم المتفرعة قائمة؛. فإنها لا تزال تنزع إلى البقاء داخل منطقة 
واحدة (أمريكا الشمالية: أوروبا أو آسيا ‏ الهادي). 

هناك من جديد ميل في سوق السندات الحكومية نحو المزيد من الانفتاح. 
وإن المعدل الوسطي للتغلغل الأجنبي في الأسواق القومية للسندات الحكومية 
في البلدان المتقدمة قد ارتفع من “٠١‏ العام 1587 إلى 2105 العام ١5844‏ 
(تيرنر 150©5ا1؛: 1591). أما بالنسبة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. فقد ارتفع 
هذا المعدل الوسطي من 205 العام987١‏ إلى 251 العام”159 (الاتحاد 
الاوربي, 19517 _أء الجدول (؟١):‏ ص .)١4‏ 

هناك قضية أخيرة تستوجب البحث في هذه الفقرة. وهي تطور 
المجمعات المالية. تتميز صناعة الخدمات المالية العالمية. على نحو متزايد» 
بوجود عدد قليل من بيوتات الصيرفة والأسهم ذات الرساميل الضخمة: 
وهي لاعب كوني وذات نشاطات متنوعة. ويرجع ذلك: جزئياء إلى استمرار 
الميل الطاغي نحو الاستثمار المؤسساتي. وإن «الادخار الجماعي» سمة 
مترسخة من سمات سائر بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 
0586010: بحيث إن المؤسسات التي تدير هذه الأرصدة يمكن أن تتحول إلى 
لاعب دولي. 

وعلى العموم. تتوافر هذه الصناعة على قدرة الوصول إلى أرجاء العالم 
كله, مما يؤدي إلى ضغوط تنافسية شديدة. تستثير استراتيجية رد تجارية 
بخفض الكلفة والتنويع. ونتيجة لذلكء تعمل المجمعات المالية من خلال هياكل 
شركات بالغة التعقيد, ومغلقة في الغالب. إن هناك كثرة من محاولات إلقاء 





العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


المجازفات على كاهل الغير بين عدد متناقص من اللاعبين: بل إن هذه 
المحاولات تجري بين مختلف العناصر المكونة للشركات ذاتها. وبذا تزايدت 
' مخاطر العدوى: ومخاطر السوق. ومخاطر المنظومة. جميعاء مثيرة بذلك 
مشكلات جديدة ومهمة أمام الحكومات والهيئات الدولية على صعيد 
الضوابط القانونية (انظر الفصل الخامس). 

. وهناك نقطة مهمة تتعلق بالحقبة الحالية» بالمقارنة مع حقبة معيار 
. الذهبء جديرة بالملاحظة؛ وهي أن النمو الأخير للإقراض العالمي لم يقتصر 
على زيادة عدد الأدوات المالية زيادة كبيرة فحسب. بل إنه غير طابع تدفقات 
راس المال بالكامل. وكما ذكرنا سابقاء فإن الإقراض في أواخر القرن التاسع 
عشرء كان إقراضا بعيد الأجل في الجوهرء يتوخى تمويل الاستثمار في 
'أصول حقيقية. بل إن ذلك الجزء من إجمالي التدفقات الذي يتألف من 
استثمارات في أصول مالية» كان يستخدم أساسا لتمويل استثمارات 
. حقيقية. أما الآنء فلم يعد الأمر كذلك. فالانفجار الحاصل في مجموع 

.. الإقراض يتألف. حتى فترة قريبة, من أصول مالية حصرا على وجه 

التقريب. ولم تظهر استثمارات كبيرة في الأصول الحقيقية مجددا إلا منذ 
.. منتصف عقد الثمانينيات مع نمو الاستثمار الأجنبي المباشر (581) (انظر 
الفصلين الثالث والرابع). 


الصورة العامة : التار يخ. الوضع الراهن والمستقبل القريب 

في الجزء الأخير من هذا الفصلء سنعاين تغير طبيعة إدارة الاقتصاد 
القومي. وتفاعلها مع آليات التكامل العالمية. كي نعين تخوم الوضع الراهن 
الذي يواجه الاقتصاد العالمي. ونتوخى من ذلك تحليل تبعات النظم الرئيسية 
للاستقلال الذاتي الاقتصادي المشخصة في الجدول (0 - .)١‏ ولا بد لمعيار 
الذهب من أن يشكل نقطة مرجعية: إلى حد كبيرء في هذا النقاش بسبب 
موقعه المحوري بوصفه أول آلية للتكامل الاقتصاديء وبفضل السمات البارزة 
التي تميز بها. إن نظام معيار الذهب يحمل مغزى أيديولوجيا ونظريا ضخماء 
مرد ذلك أن الأطراف الضالعة فيه كانت تدخله «طوعا». إذ لم تكن هناك أي 
معاهدة تأسيسء ليس هذا فحسب. بل كان ثمة افتراض بأن هذا النظام 
يجسد مبدأً «الحركة الذاتية» في عمله وتعديلاته. إن معظم الشروح 





ما العولمة 


العقائدية المتزمتة تقيس كل المنظومات اللاحقة على أساس المقارنة بنظام 
معيار الذهب فتجدها ‏ وهذا ما ينبغي إضافته ‏ ناقصة. 

إن أسس نظام معيار الذهب تتضمن تثبيت سعر رسمي بالذهب لكل 
عملة. واقتران ذلك بالاستيراد والتصدير الحر للذهب من دون أية تقييدات 
بالحساب الجاري أو حساب رأس ال مال. ويسمح لحركة الذهب الدائمة, 
دخولا إلى البلد وخروجا منه؛ بأن تؤثر على العرض المحلي للنقود في كل 
بلد. وهكذا فإن إصدار النقود الورفية والمعدنية يرتبطء. مباشرة: بمستوى 
احتياطيات الذهب. أما أزمة السيولة قصيرة الأمد (أي نضوب الذهب) 
فتعالج أولا عن طريق الاقتراض من المصرف المركزي بأسعار فائدة 
مخفضة (تسهيلات «مقرض الملاذ الأخير»). وأما إذا توجب تعليق سعر 
الذهب («مكافي المسكوك») فينبغي أن يكون هذا الاجراء مؤقتا فحسب. 
على أن يعود العمل بتحويل العملة إلى الذهب في أقرب وقت ممكن ‏ حتى 
لو تطلب ذلكء عند الضرورة. الاستعانة بسياسات انكماش محلية. وهنا 
تبرز الصلة الحاسمة بين الشروط المحلية والشروط العالمية: وجوب وجود 
مرونة محلية في الأجور والسعر/التكلفة؛ من أجل السماح لمستوى السعر 
الاسمي كي يتقرر داخل البلد بفعل العرض والطلب العالميين على الذهب. 
وهكذا فإن نظام معيار الذهب (05).: بمقدار عمله فعليا وفق هذه الأسس. 
يمثل الاقتصاد المتكامل جوهرياء الذي يكون «الاستقلال الذاتي القومي» فيه 
عند حده الأدنى. ١ ١‏ 

غير أن نظام معيار الذهب. كما هو متوفع؛ لم يعمل قط بهذه الطريقة 
الأوتوماتيكية. فقد واجهت الحكومات صعوبات جمة في بعض الأوقات لتنفيذ 
تدابير الانكماش المحلية التي تفترضها المنظومة شرطا لاشتفالها. وقد أدى 
ذلك إلى ابتكار شتى صنوف «وسائل الذهب» لتخفيف قوة صدمات حركات 
الذهب الواقعة على الاقتصاد المحلي. ومن أهم هذه الوسائل التفيرات المقنعة 
في أسعار صرف العملات المحلية بالذهب لحماية الاحتياطيات أو للإبقاء 
على مستوى النشاط الاقتصادي المحلى (ما يعرف ب «تدليك مفاصل 
الذهب»). غير أن أسعار العملات بقيت محصورة برغم ذلكء. في نطاق ضيق 
تماماء بين الأعوام 181٠١‏ و1914 57). وتطلب هذا النظام درجة ملحوظة من 
التعاون بين المصارف المركزية نظرا لآن اشتغال النظام كان يقتضي كل 





العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 





أصناف التقديرات الاحترازية وحرية التصرفء وجرت كثرة من التعديلات 
الاضطرارية: المتناضرة, التي التفت في الواقع على القواعد الرسمية. 
:2 لقد خلت شروط معيار الذهب من وجود عملة واحدة تتخذ مرتكزا اسميا 
لعرض النقود أو لمستوى السعرء نظرا لأن المنظومة ككل كانت هي التي تتولى 
ذلك عن طريق العرض والطلب على الذهب. ولم يضطلع أي بلد منفرد. حتى 
يريطانياء بمسؤولية مراقبة «عرض النقود» الذي كان يشكل. كما هو مفترض, 
. مفتاح نجاح المنظومة؛ لكن التزام المملكة المتحدة بالتجارة الحرة (علاوة على 
'قدرتها على حماية ذلك) وعمق أسواق المال اللندنية. هما اللذان دعما هذا 
اإنظامء وقدما المرتكز السياسي الأساسي لاشتغاله الفعال. أما موطن 
الضعف الاقتصادي في نظام معيار الذهب فقد نبع من الطريقة التي وضعت 
بها صدمات العرض والطلب خارج متناول صلاحيات أي دولة قومية: الأمر 
. :الذي أدى إلى تعظيم النشاط الاقتصادي المتقلب؛ الذي بات سمة دائمة من 
متساظ النظاي ود عل هذا زح اق كراكم متقوظ لأرميكة اذهب بعتن يلد 
واحد كان من شأنه أيضا أن يشعل أوار انكماش يعم النظام كله؛ سواء 
إواديا أولا إراديا. 
إن شبح انعدام الاستقرار خلال سنوات ما بين الحربين لا يزال يطارد النظام 
الاقتصادي العالمي؛ ويشكل السبب الرئيسي للقلق والغموض الملازمين للميول 
الراهنة في الاقتصاد العالمي. وتحرص الأسرة الدولية: انطلاقا من خوفها الدائم 
هذاء على أن تتحاشى تكرار مثل هذه الفترة. التي شهدت كما بينا من قبل, 
انهيار النشاط الاقتصادي العالمي (والمحلي) انهيارا مدويا (حيث هبطت التجارة 
ش الخارجية بمقدار الثلثين بين الأعوام 1579 و1577: وفرضت القيود على رأس 
المال» ووقع تخفيض العملات, والانكماشات). وبحلول العام 1974: فإن حجم 
التجارة لم يستعدء إلا بالكاد. حوالى٠5‏ من مستواه السابق للعام 1575١؛:‏ رغم 
منعافاة الإنتاج العالمي بالكامل. في أعقاب ذلك كله؛ برزت الكتل الحمائية 
المحترية, التي تقاتلت آخر المطاف متحدية وجود بعضها البعض. 
لقد صممت اتفاقية بريتون وودز لتجنب القيد الخارجي الذي فرضه نظام 
معيار الذهب على الاقتصادات القومية؛ هذا النظام الذي عمل بصورة كارثية 
في فترة ما بين الحربين. لقد كانت هناك حاجة إلى المرونة لدعم السياسات 
الممررة محلياء من جهة, على أن تكون هذه المرونة كافية. من جهة أخرى, 


ما العولمة" 


لتجنب التنافس على تخفيض قفيمة العملات. وجرى التفاوض في بريتون وودز 
على حل يقود إلى نظام ثابت. ولكن قابل للتعديل؛ يرتبط بالدولار كمعيار 
للقيمة (القيمة الأساسية المعتمدة في النظام). وجرى تثبيت قيمة العملات 
بالدولارء الذي كان بدوره قابلا للتحويل بالذهب. وإقرار تعديل «الاختلالات 
الأساسية» بموافقة صندوق النقد الدولي (1805): وإعطاء الاقتصادات 
القومية استقلالية القرار لتحقيق مستوى السعر الخاص وأهداف تشغيل اليد 
العاملة. من دون أن تتقيد بمرتكز ثابت مشترك للسعر الاسمي. أما الأسواق 
القومية لرأس المال فقد بقيت منفصلة عن بعضها انفصالا نسبيا بفعل إقرار 
ضوايط رأس المال على الصفقات كلها عدا الجارية منهاء وأما تأثيرات 
التدخلات المحلية في سعر العملة فقد «عقمت» عن طريق الاعتماد على 
احتياطي العملة الرسمي وقروض صندوق النقد الدوليء الذي عمل بذلك 
كعازل بين الأوضاع النقدية المحلية والأوضاع النقدية العالمية, مما عزز 
استقلال المجال المحلي. 

ولن نكرر هناء ثانية. حكاية العذاب المعروفة. لمسار نظام بريتون وودز 
ونواقصه خلال فترة ما بعد الحرب. فالسمة الأساسية في هذا النظام 
هي اعتماده علي «السلبية» الأمريكية. وحين لم تعد هذه السلبية قائمة 
(بسبب المخاوف من فقدان القدرة التنافسية الأمريكية عالميا) لم يعد نظام 
بريتون وودز نفسه قائما بالمثل. وترمي الملاحظات آنفة الذكر إلى تبيان: 
(أ) ان نظام بريتون وودز هو نظام محددءإب) تبيان كيف شيد الاستقلال 
الاقتصادي والقومي (النسبي) داخل هذا النظام. لكن نظام بريتون وودز 
يكشف أنه لم يكن ثمة استقلال اقتصادي ذاتي للاقتصاد الأمريكي 
(بالمعنى المذكور للاستقلالية) ان كان يراد للنظام أن يؤدي وظيفته على 
الفرار الموصوف. قد يبدو هذا القول غريباء في ضوء الدور القيادي الذي 
لعبته الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي خلال تلك الفترة. والنظر إليها 
بوصفها الجهة التي تملي «قواعد اللعبة» لمصلحتها الخاصة. لكن المفارقة 
في هذا الوضع: أن هذه القواعد. بمجرد أن وضعت في مكانهاء باتت 
تقيد سلوك الاقتصاد الأمريكي. قدر ما كانت تقيد سلوك الاقتصادات 
الأخرى في النظام. حتى وان يكن بصورة مغايرة. فما كان بوسع الولايات 
المتحدة أن «تختار» مستوى السعر والعمالة الخاص بهاء بصورة مستقلة عن 








العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


:الآخخرين. وكان عليها أن تظل سلبية من ناحية سعر عملتهاء وأن تحتفظ 
يتحد أدنى معين من احتياطي العملات الأجنبية» وأن توفر السيولة المطلوبة 


للنظام من خلال قيامها بدور المقرض له. وأن ترسي السعر العالمي للسلع 
. المتداولة عالميا على قاعدة الدولار من خلال سياستها النقدية المحلية. وإن 


درء وقوع تضخم عالمي كان يقيد تلك السياسة النقدية المحلية يمتطلبات 
نظام كان يعطي لخيارات الشركاء أهمية عظمى ‏ وهذا ما كان عليه الواقع 
,الرسمي للاستقلال النقدي الأمريكي (''. ومن الواضح أن ذلك قد نفع 
إلولايات المتحدة؛ في حدودء نظرا لأن بقاءها كأقوى اقتصاد تصدير في 
,النظامء كان يتطلب وجود سعر صرف مستقر ونظاما منيعا على التضخم. 
:ؤلكن ما إن تغير هذا الوضع: وما إن بدأت الولايات المتحدة تناور لكسب 


:يعض المزايا الاقتصادية المحلية حتى انهار نظام بريتون وودز. 


إن نظام تعويم سعر صرف العملاتء الذي جاء في أعقاب فشل محاولات 


4 


١‏ زأب الصدع في نظام بريتون وودز خلال فترة «فشل الاتفاق». كان يتوخى زيادة 


,الاستقلالية الاقتصادية القومية. غير أن قواعد هذه اللعبة لم تختلف كثيرا؛ ويا 


'.ملعجب. عن الفترة التي سبقتها. وكما ذكرنا آنفاء بقي الدولار الأمريكي «العملة 
. المختارة» لإجراء الصفقات النقدية العالمية. ويرجع ذلك. لحد كبيرء إلى رسوخ 
الاعتماد على الطريقة القديمة. وبقيت الولايات المتحدة أيضا «سلبية» نسبيا 
..يوجه التغيرات في قيمة الدولار برغم أن البلدان الأخرى قامت بتدخلات 


منهجية للسعي إلى استقرار أسعار عملاتها المعادلة بالدولار. وعملت هذه 
البلدان. في المدى القصيرء على توجيه سياساتها في عرض النقود القومية لأجل 
التكيف مع الضعف النسبي لأسعار عملاتها إزاء الدولار (بتقليل عرض النقود 
محليا حين تكون قيمة العملة ضعيفة إزاء الدولارء أو زيادة عرض النقود حين 
تكون تلك القيمة أقوى أي ما يعرف بعدم تعقيم حركات سعر العملة): أما على 
امدى البعيد. فقد عملت هذه البلدان على إجراء تعديلات عالمية في القيم 
المكافئة من أجل تحديد مستوى السعر القومي وعرض النقود بصورة مستقلة عن 
سياسة الولايات المتحدة (وهذا هو الاختلاف الوحيد عن نظام الفترة السابقة). 
وأما الولايات المتحدة. من جهة أخرى: فلم تحاول تثبيت مستوى مشترك للسعر 
العالمي. بل راحت تنتهج سياسة نقدية خاصة وتثبت سعر العملة بصورة مستقلة 


عما كانت تفعله الدول الأخرى. 


ما العولمة" 

نجمت عن هذه الاستقلالية النسبية في انتهاج السياسات النقدية عاقبة 
(غير مقصودة) تمثلت في ازدياد عرض نقود «العالم». وبازدياد ضعف الدولار 
بين العامين١91١‏ و1980 (وهذا يعني ضمنا تزايد قوة العملات الأخرى إزاء 
الدولار): ازداد عرض نقود البلدان الأخرى. أما سلبية الولايات المتتحدة 
فتعني. بالمقابل؛ أنها لم تحبط ذلك بخفض عرض نقودها. فاندلع التضخم. 
ولما قوي الدولار بصورة غير متوقعة بعد العام ,158٠‏ اتخذ التكيف صيغة 
انكماشات حادة: فتقلص الإنتاج العالمي تقلصا حادا. وهكذا شهدت هذه 
الفترة, وهو أمر غريب نوعا ماء تكاملا أعمق وأوثق للاقتصاد العالميء إذ 
أخذت دورات الأعمال عند سائر الأطراف الرئيسية المشاركة بالتوافق 
والوضوح. بتعبير آخر إن النظام الذي صمم لأجل زيادة الاستقلالية (بإتاحة 
تعويم أسعار الصرف وانتهاج سياسة نقدية مستقلة) أدى من الناحية الفعلية 
إلى السير فى الاتجاه المعاكس تماما. ويلقننا ذلك درسا مهما عن الحاجة إلى 
وضع قواعد امه لأي آلية تحكم نتبناهاء مهما كانت. 

وبالطبع فقد تحقق استيعاب جزتئي لهذا الدرس في حالة السعي إلى 
استقرار أسعار الصرف المقترن بفترة اتفاقات بلازا ‏ اللوفر. فلقد تخلت 
الولايات المتحدة عن سياسة «كف اليد». وبادرت ساعية إلى تحرك أكثر 
تنسيقا لإدارة أسعار الصرف بتدخلات «منفصلة ولكن مجموعة». وقد سبق 
أن ذكرنا قواعد هذه اللعبة آنفا. لقد حصلت سبع عشرة حالة تدخل منسق 
بين العامين 190 و1597, نجح معظمها في دفع أسعار الصرف. على الأقل. 
في الاتجاه المنتظرء وذلك في الفالب خلافا للاتجاه السائد . وانطوى هذا 
التعاون بين بلدان كتل الثلاث الكبار. في مجال أسعار الصرفء على اعتماد 
متبادل أشد وأقوىء فيما بينها. غير أن هذه البلدان كانت تمارس 
«استقلاليتها» بمعزل عن البلدان الواقعة خارج إطار كتل الثلاث الكبارء فكان 
على هذه البلدان الأخرى أن تدعم ‏ لا أن تعارض - أي تدخل من جانب كتل 
الثلاث الكبار (بشراء أو بيع الدولارات بعملاتها القومية حين يكون الدولار 
ضعيفا أو قويا). 

وعلى أي حال فإن بقاء نظام كتل الثلاث الكبار متينا مسألة مفتوحة 
للجدل. فالمسائل الأساسية هنا تتعلق بوجود أو عدم وجود «مناطق 
مستهدفة». ومدى جدية التعامل معهاء وتتعلق بمدى نجاح التعقيم الذي 





العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


تنطوي عليه (والذي يقود بدوره إلى فوارق في معدلات الفائدة قصيرة الأجل 


بين المراكز المالية), كما تتعلق بتأثيرات هذين الجانبين على الاقتصاد الكبير 


: (الماكرو). فمن دون التنسيق المباشر والمتصل للسياسات (كنقيض للتعاون 
.٠‏ المنفصل غير المباشر): يمكن لتقلبات أسعار الصرف أن تظل كبيرة» وأن تظل 


الآثار التضخمية العالمية وتقلبات الإنتاج خطيرة. ولسوف نتناول بعض هذه 
القضايا ثانية. في الفصل السابع. 

هناك كثرة من النقاط المثارة بصدد مختلف النظم العالمية يمكن أن تثار 
أيضا بصدد نظام التقد الأوروبي. فهذا النظام يتشابه. من نواح عدة؛ مع 
قواعد السعر الثابت لمعيار الدولار في نظام بريتون وودز: برغم أنه يتوخى 


50-5 3 


أهدافا مغايرة. فنظام النقد الأوربي. مثلاء يتوخى من بين أهدافه. تحقيق 


ثقارب متتال بين السياسات القومية على صعيد الاقتصاد الكبيرء بوجود قيمة 


.| بالتكامل التام (الاقتصادي والسياسي) لاقتصادات الاتحاد الأوروبي. إن فكرة 


التقارب/الوحدة القوية؛ هنا عنصر غائب عن نظام بريتون وودز. وعمل 


النظام النقدي الأوروبي على تثبيت القيمة المكافئة لأسعار صرف عملات 


المشاركين على أساس سلة من عملات النظام النقدي الأوروبي: يتحدد وزنها 
تبعا للحجم النسبي لكل بلدء برغم أن المارك الألماني قام: كأمر واقع: بوظيفة 
ركيزة ثبات هذا النظامء على غرار ما فعل الدولار في ظل نظام بريتون وودز. 
وتضمنت القواعد الرسمية للنظام الأوروبي التزاما بالحفاظ على استقرار قيم 
العملات في نطاق إطارات ثنائية. برغم السماح بتعديلات في القيم المكافئة 
في سبيل العودة إلى مستويات السعر بالتوافق مع النظام النقدي الأوروبي (كل 
ذلك قبل الاندماج النهائي: أي الوحدة النقدية التامة). وأقر النظام تدخل 
المصرف المركزي في حالة نشوء تهديد بخرق نطاق المعدلات الثنائية. 

لقد أدى عمل النظام: كأمر واقع؛ إلى استقرار معدلات أسعار الصرف 
القومية إزاء المارك الألماني (ويرجع ذلك. جزثئياء إلى أهمية المارك الألماني 
في سلة العملات).: والتوسع في استخدام المارك كعملة للتدخل. وتعديل 
الأهداف النقدية ومعدلات الفائدة قصيرة الأجل ابتغاء دعم التدخلات في 
أسعار الصرف. وتنظيم نمو النقد بعيد الأمد بحيث إن التضحم المحلي في 
سلع المتاجرة يقترب من التضخم السعري في ألمانيا أو يبقى موازيا له 


ما العولمة 


وزيادة ليبرالية الضوابط المقيدة ئرأس المال. وكان على ألمانيا أن تبقى 
«سلبية» إزاء أسعار الصرف الأجنبية عند الأعضاء الآخرين: على غرار 
الولايات المتحدة تقريبا في ظل نظام بريتون وودز ثم نظام تعويم سعر 
الصرف. ولكن كان على ألمانيا أن ترسي مستوى سعر سلع المتاجرة بالمارك 
الألماني (وترسي بالتالي نظام النقد الأوروبي) بانتهاج سياسة نقدية 
ألمانية مستقلة الاختيار. 

إن تاريخ هذا النظام معروف تماما. لقد حقق هذا النظام ‏ أو أنه صمم 
صراحة:, بالأحرى. لكي يحقق ‏ تقليصا في استقلالية الأعضاء المشاركين. 
فيما يتعلق بالسياسة النقدية على الأقل (انظر: طوميسون 5م5منطهط1. 
*594. الفصل الرابع. والفصلين السابع والثامن من هذا الكتاب لمناقشة 
تبعات هذا النظام على الجوانب الأخرى من إدارة الاقتصاد الكبير. وبخاصة 
ما يتعلق بالسياسة الضريبية). لقد كانت ألمانيا البلد الذي حظي بأكبر قدر 
من الاستقلالية الرسمية؛ ولكن كما هي الحال مع الولايات المتحدة مما ذكرناه 
آنفاء كان اشتفال النظام بصورة موائمة يقتضي من ألمانيا أن تقيد سياستها 
تقييدا مفرطا ب «عبء» إدارة النظام بأسره. كما كان عليها أن تحد من 
أهدافها الخاصة؛ في بعض الأوقات. خدمة لمصلحة الأعضاء الآخرين. وقد 
أثبتت هذه النقطة أنها حجر الزاوية في نجاح أو فشل نظام النقد الأوروبي. 
فغالبنك المركزي الألماني لم يكن ملزما بأن يدعم عملات الشركاء في أوقات 
أزمة نظام النقد الأوروبي؛ ويرجع ذلك من جانب إلى قضايا دستورية (يختص 
فيما يسمى ب «رسالة امنجر» #عاء! تععماصتصط (انظر كينن «معمعكل ,1١556‏ 
ص 187 - 184). كما يرجع ذلك من جانب آخر إلى أسباب سياسية محلية. 
وكانت النتيجة أن فُوضت مصداقية نظام النقد الأوروبي كنظام للتحكم 
المالي. ولسوف نبحث في الفصل الشثامن تبعات نشوء «الاتحاد النقدي 
الوروك د العام 1195 . 

إن النقطة الأساسية التي يمكن لنا أن نستخلصها من التحليل: مار الذكر. 
هي أن الطابع الحقيقي للنظام العالمي في المستقبل المنظور سيتمثل في نظام 
تهيمن عليه بلدان الكتل الثلاث. وحلفاؤها وأتباعها الإقليميون. لقد دخلنا 
حقبة بروز ثلاث تشكيلات اقتصادية كبرى. يتضح حجمها ووزنها بجلاء في 
الجدولين ؟ :١و5"‏ 16. 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


لو قسنا وزن كل كتلة من ناحية إجمالي ناتجها المحلي لوجدنا أن الاتحاد 
الأوروبي والولايات المتحدة متساويان: أما اليابان فحجم ناتجها المحلي يبلغ 
النصف (برغم أن اليابان تتقدم على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من 
ناحية نصيب الفرد من إجمالي النتاج المحلي). أما لو قسنا وزن كل كتلة من 
ناحية حصتها من صادرات العالم من البضائع؛ فإن هناك بعض التقارب بين 
الكتل الثلاث: ويبدو أن كل كتلة قد استقرت نوعا ماء فالاتحاد الأوروبي 
يحتل 0؟“: والولايات المتحدة 7٠١‏ أما اليابان فتحتل ١9‏ (غير أن النسبة 
الأخيرة آخذة في الهبوط قليلا). 

الجدول (5-14) 


الولايات المتحدة؛ اليابان: الاتحاد الأوروبي: الحجم النسبي للاقتصاد 
والااستخدام النسبي للعملات (بالنسب المئوية) 


الحجم النسبي للاقتصاد 

















» حصص إجمالي الناتج المحلي للعالم 
كل 


» حخصص صادرات العالم 1995 (1أ) 





الاستخدام النسبي للعملات (ب) 


» التجارة العالمية ١995‏ 





» سندات الدين العالمى سبتمبر 1993 
*» دين البلدان النامية نهاية ١997‏ 


#» احتياطيات العملة الأجنبية العالمية. نهاية ١950‏ 








» صفقات العملة الأجنبية, أبريل5568١‏ (ج) 


(أ) السلع والخدمات. عدا المتداول منها بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 
(ب) الحصص المسجلة في عملة (أو عملات) البلد (أو الاتحاد الأوروبي) 
(ج) عدلت الحصص لتفادي الحساب المزدوج الناجم عن واقع أن كل صفقة تجري بين عملتين 


المصدر:البنك الدولى: 21997 الجدول ؟7١,‏ ص الا 








ما العولمة" 


الجدول (19-؟) 
الدور العالمي للعملات الرئيسية في الكتل الثلاث 


(1)الدور الرسمي 





حصة إجمالي حيازة العملة الرسمية (7) 


نهاية العام 151/7 | نهاية العام ١94+‏ | نهاية العام ١996‏ 








- الدولار الأمريكي 


- العملات الأوروبية )غ0( 





عدد العملات المرتبطة ب: 






5 
- الدولار الأمريكى 1١0‏ 


- العملات الأوروبية (بما في ذلك 13 مالء 





- وحدة النقد الأوروبي [1)01) 





(ب) استخدام العملة في التجارة العالمية 


حصة العملات الرئيسية من ناحية الاستخدام في التجارة العالمية 


الدولار الأمريكي 


المارك الألماني 










































































م 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


تابع اتجدول (١1-؟)‏ 
الدور العالمي للعملات الرئيسية في الكتل الثلاث 


رج( الصفقات في أسواق العملات 


[الاستبا ا ا-ا-ساطلب سه 


0 


200000 ٍ 
]| - ومنها المارك الألماني 
ا 3 


5 


تقسيم الصفقات حسب العملة (ج) 


55 الدولار الأمريكي 5 
كارك الألماني 


0 











ل ) العملةالني تببخ ثبتت بها الأصول المالية والديون 


- حصة السندات العالمية البارزة 












- الدولار الأمريكي 









1١9496 نهاية‎ 1١997 نهاية‎ 






- ومنها المارك الألماني ا ١,7‏ 


























ما العولمة" 


() وتضم الجنيه الإسترليني والمارك الألماني والفرنك الفرنسي والجيلدر الهولندي. 

(ب) نسبة صادرات العالم مثبتة بالنقودء إلى صادرات ذلك البلد. 

(ج) إجمالي العائد. معدلات يومية. 

(د) ما دامت كل صفقة في سوق العملات تتضمن عملتين اثنتين. فإن إجمالي نسب الصفقات 
المتملقة بعملة معينة يبلغ .:75٠١‏ 

المصدر: الاتحاد الأوروبي ١9917‏ بء الملحق (7): ص 18. واعتمدنا على التقارير السنوية 
لصندوق النقد الدولي لمعطيات (أ). وعلى اللجنة الأوروبية لمعطيات (ب). وعلى مسوحات بنك 
التسويات العالمي لنشاطات سوق العملات الأجنبية لمعطيات (ج): كما اعتمدنا على النشاطات 
المصرفية والمالية العالمية لبنك التسويات العالمى. إضافة إلى حساباتنا الخاصة. لمعطيات (د). 


وتتناول بقية المعطيات الواردة في الجدولين ١4(‏ - ؟) و (10- )١‏ دور 
العملة في كل واحدة من الكتل؛ البلدان؛ الثلاث. وهذا عنصر مهم يتصل 
بمستقبل النظام الاقتصادي والمالي العالمي» في ضوء دخول اليورو في مطلع 
القرن الحادي والعشرين. 

إن هذه المعطيات تشير على وجه العموم إلى أن: 

١‏ الدولار الأمريكي لا يزال اللفة المشتركة للنظام المالي العالمي حتى 
منتصف عقد التسعينيات. 

*"'-العملات الأوروبية حققت بعض الصعود في هذا الدور. 
وبخاصة من ناحية صفقات شراء العملة الأجنبية والاستثمار في 
الأسهم والسندات. 

 "‏ الين لا يزال عملة غير مهمة. نسبياء في الصفقات العالمية, إلا أنه 
حقق بعض الإنجاز بوصفه قاسما مشتركا للأصول المالية (ويرجع ذلك إلى 
حد كبير إلى زيادة قيمة الين إزاء الدولار الأمريكى والمارك الألمانى حتى 
العام 1995). ١‏ 1 

إن أهم ما يترتب على هذه الميول هو أن العلاقة بين الولايات المتحدة 
وأوروبا تغدوء. كما يلوح: العلاقة الأساسية للتحكم العالمي. وأن هذا الميل 
مرشح للتسارع إذا ما حقق دخول اليورو النجاح وبات منافسا للدولار. 
ولسوف ينزع ذلك إلى تعزيز هيمنة الكتلتين الرئيسيتين في الثلاثي. خصوصا 
بعد تداعي الاقتصاد الياباني في التسعينيات. واختمار الأزمة في الشرق 
الأقصى وأمريكا اللاتينية خلال العام /199. وما لم تستطع اليابان أن 
تستعيد عافيتها الاقتصادية بشكل مستديم: فإن مركز ثقل النظام العالمي 
سينتقل إلى شمال الأطلسي. وهكذاء فإن مستقبل استمرار التحكم العالمي 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


:معلقء جوهرياء ليس على قوى السوق الكونية؛ بل على اختلافات المصالح 


. القديمة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيء ثم: إلى حد أقلء اليابان. وما 


:هذه النتيجة بمريحة: غير أن من الأفضل أن نعرف تماما من أين تنبع 


. المشاكلء وأن نعرف أنها لا تزال ناجمة عن المعضلة الكلاسيكية لتباين مصالح 


1 


الدول؛ أو الكيانات السياسية الوريثة للدول. مثل الاتحاد الأوروبي. وعليه. 
فإننا لا نزال نعيش في اقتصاد «مُدّول» بالأساسء وهو أبعد ما يكون عن 


اقتصاد عالمي «معولم» بالكاملء برغم أن هذا الاقتصاد المدوّل يخضع لتكييف 
'مكثف من قبل بنية تجارية إقليمية متكاملة. 


أخلاصة 


2 


حاولنا في هذا المفصل أن نجادل في عدد من النقاط. وهي أولاء أن 


:.::مستوى التكامل والاعتماد المتبادل والاتفتاح؛ أو أي مستوى يعن للمرء أن 
:يمسميه؛ في الاقتصادات القومية في الحقبة الراهنة؛ ليس بلا نظير سابق. 
0 قمستوى الاستقلال الذاتي للاقتصادات المتقدمة؛ في ظل نظام معيار الذهب 
:“الذي استمر حتى الحرب العالمية الأولى؛ كان أدنى بكثير مما هو عليه اليوم. 


:الا نقصد بذلك استصغار شأن مستوى التكامل الحالي؛ أو التغاضي عن 
قضايا الضبط والإدارة التي يثيرهاء بل الإعراب عن قدر من الشك فيما إذا 
!كنا قد دخلنا طورا جديدا بالكامل في تدويل النشاط الاقتصادي. أما نقطة 


: ] الجدل الثانية. فهي أن آليات التحكم في الاقتصاد العالمي بقيت في مكانها 
:على امتداد كامل القرن العشرين: بهذا الشكل أو ذاك. والحال الوم ل 


! يختلف عما كان في بداية القرن .قد لا نحبن الآليات المعينة التي أنشئت ت الآن 
ولا طريقة عملهاء لكنها موجودة مع ذلك. وعليهء فإن القضية المطروحة هي 
ابتكار آليات أفضل أو أكثر مواءمة. 

وجادلناء ثالثاء قائلين إن هناك بعض القضايا الجديدة والمختلفة في 
ميدان الاعتماد الاقتصادي المتبادل في الحقبة الراهنة: وهي خاصة بهذه 


. الحقبة دون غيرها. ولا نقصد بذلك القول إن الأمور بقيت على حالها دون 
تغير: فهناك إعادة تنظيم أساسية تماما تجري في الاقتصاد العالمي؛ وهي 
'. يحاجة ماسة إلى استجابة مبدعة. ولسوف نتناول هذه القضية لاحقا في 
.نايا هذا الكتاب. 


ما العولمة" 

أخيراً. لقد اقتفينا آثار مسار «الاستقلال الذاتي للاقتصاد القومي» عبر 
مختلف نظم التحكم التي عملت في القرن العشرين. وقد أوضحنا في هذا 
الاستعراض أن مثل هذا الاستقلال الذاتي بقي يتأرجح بين فترات قوى قوية 
وفترات قوى ضعيفة: وأن هذا الاستقلال عمل بدرجات متنوعة من الفاعلية. 
ولعل المسار العام لهذا التقييم يرمي إلى الإشارة إلى استحالة الاستقلال 
الذاتي التام للاقتصاد ا لقومي باطراد القرن العشرين. وإن انتكاس نظام 
تعويم أسعار الصرف لفترة 4 15806 يؤكد فيما يؤكد. كما يبدوء انهيار هذا 
الشكل من التحكم كهدف عملي: طويل الأمد في الحقبة الراهنة. 


منلهق: الجدل حول تناسب التجارة إلى إجمالي الناتج المعليى 

إن خلوص المعطيات الواردة في الجدول  ”(‏ ؟") آنف الذكر إلى توكيد أن 
درجة انفتاح تجارة البلدان المتقدمة لم تكن في منتصف العقد التاسع من 
القرن العشرينء لتختلف عما كانت عليه في «الحقبة الزاهية» عناوهمء 16إء0, 
أثار تعليقات نقدية, وبخاصة من جانب الذين بقوا متمسكين بأطروحة العوللة 
القوية. هناك فضيتان رئيسيتان في هذا النقد. 

ينطلق الاعتراض الأول من مسح ماديسون للميول التاريخية في الاقتصاد 
العالمي. والذي يبين درجة الانفتاح التجارية في تناسب الصادرات إلى إجمالي 
الناتج المحلي؛ مقاسا بالأسعار الثابتة للعام ١94٠‏ (ماديسون. 195940). أما 
المعطيات الواردة في جدولنا  ”(‏ "). بالمقابل؛ فإنها مقاسة بأسعار السوق 
الجارية (كما أنها تجمع الصادرات والواردات). 

ويمكن أن نرى نتائج إعادة تعديل معطيات ماديسون من الجدول 
:.)5-1١-1(‏ حين أعدنا إنتاج معطياته؛ إلى جانب معطيات السعر الجاري 
المباينة. ولقد أعدنا حساب مؤشر درجة الانفتاح. بالنسبة للسعر الجاري:؛ لكي 
يصبح قابلا للمقارنة مع تقديرات ماديسون (الصادرات + الاستيرادات) عا .١/,‏ 

إن هاتين المجموعتين من الأرقام تتفقان على حصول انخفاض في درجة 
الانفتاح بين العامين1517 و1400. غير أن حساب الأرقام بالأسعار الثابتة يعطينا 
نتيجة أساسية وهي أن درجة الانفتاح في العام 1997 أكبر مما كانت عليه العام 
4 .. الواقع إن التغيرات. هناء دراماتيكية حقا. فقد ازداد التناسب: بالنسبة 
لأوروبا الغربية؛ من 217,7 العام 1917 إلى 255,1 العام 1497. وهكذا يبدو أن 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 





١‏ إلتكامل و«العوللة» في فترة منتصف عقد التسعينيات أعظم مما كانا عليه في 
.هاية الحقبة الزاهية. 
:. لكن مقارنات «الأسعار الثابتة» مضللة تماما (جلين 8نإ0[1. 1594,: 
. .بس 8). فأسعار الصادرات ترتفع بوتيرة أبطأ من ارتفاع أسعار المنتجات ككل. 
.همبب ذلك أن الإنتاجية في قطاع التصدير هي أعظم باطراد من الإنتاجية 
عموم الاقتصاد. وحين يكون الحال كذلك. فإن حسابات السعر 
لثابت تؤدي إلى تضخيم نسبة الانفتاح. أما الأسعار الجارية فإنها تصحح 
التباين بين نمو أسعار الصادرات والمستوى العام للأسعارء وعليه؛ فإن التركيز 
يهلى الأسعار الجارية أفضل من التركيز على سواها. 
لكن هاتين المجموعتين من الأرقام تبالغان في درجة الانفتاح» نظرا لأنهما 
تدرجان المحتوى المستورد من الصادرات (أو المحتوى المصدر من الواردات» 
.كما هي الحال في حساباتنا). الواقع؛ إن التبعية التجارية ينبغي أن تقاس 
إيمعزل عن هذه المحتويات. 
الواقع؛ إن نسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي يمكن أن تغالي في مدى 
إانفتاح الاقتصادات المعنية» نظرا لأن الصادرات والواردات تقاس بلغة البيوع؛ في 


الجدول: (1-١1-؟1)‏ 
صادرات السلع كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي للبلدان المتقدمة 





ا مصدر: ماديسون 1140: عن الجدول ؟ ‏ 4» ص 78 حساباتنا: الجدول رقم 7 7 آنف الذكرء 
والحسابات القومية لدول 0820): للعام 1١196‏ 





ما العولمة" 


حين أن إجمالي الناتج المحلي مفهوم يعتمد القيمة المضافة. ولما كانت البيوع تبلغ, 
تقريباء ضعف إجمالي الناتج المحلي. خلا بد إذن من اختزال هذه النسب إلى 
النصف. أما إذا اقتصرنا على تتبع أثر التغيرات في مستوى الانفتاح؛ فإن المعدل 
الاعتيادي للتناسب بين التجارة وإجمالي الناتج المحلي يفي بالمرام؛ نظرا لأن 
التناسب بين البيوع وإجمالي الناتج المحلي لم يتفير كثيرا في الاقتصادات 
المتقدمة على مر الزمن (بورخاس. فريمان وكاتز 2نقء! لصة مقصرعءء1 ركهزر80؛ 
51 ص .)٠١‏ إن التحذير الذي أوردناه عن قياس التجارة كبيوع؛ وقياس 
إجمالي الناتج المحلي كقيمة مضافة:؛ ينبغي أن يبقى ماثلا في الذهن على مدى 
اطراد التحليل في متن الكتاب. ولسوف نختزل كل النسب إلى النصف توخيا 
للدقة في حساب مدى العولمة. 

وقبل أن نمضي في هذاء يجدر بنا أن نعيد تقديم تحليلات ماديسون 
من حيث ما تقوله عن درجة تكامل الاقتصادات النامية في النظام العالمي. 
إن الجدول (أ   ”‏ ؟) يقدم معطيات عن نخبة مختارة من بلدان آسيا 
وأمريكا اللاتينية. ولنلاحظ هنا أن الاقتصادات الآسيوية تشي بزيادة 
عامة في التبعية التجارية؛ باستثناء الهند. في حين أن هذه التبعية 
تتناقص عند البلدان الأمريكية اللاتينية الثلاثة. ولما كانت هذه الأرقام 
تتطوي على مفالاة مضخمة: كما أشرنا آنفاء فإن التقديرات الأدق سوف 
تشير. بلا ريب» إلى تقلص أعظم في درجة انفتاح أمريكا اللاتينية 
بالقياس إلى الوضع القائم العام :19١‏ كما يمكن أن تقلب وضع بعض 
الاقتصادات الآسيوية أيضا. 

أما الاعتراض الثاني فهو أكثر جدية. وهو يتعلق بالقاسم المشترك في هذه 
الحسابات. إن إجمالي الناتج المحلي يتألف من مكونات عدة. وهذه المكونات 
تتفير بمعدلات متباينة. فالتركيب القطاعي لإجمالي الناتج المحلي الاسمي؛ 
بالذات. قد تحول من إنتاج البضائع السلعية إلى إنتاج الخدمات»: وبخاصة 
الخدمات الحكومية العامة. ولما كانت تجارة الخدمات لا تجري عالميا بالكثافة 
المميزة للمنتجات السلعية؛ فإن من الأنسب التعبير عن هذه التجارة السلعية بلغة 
إنتاج السلع القابلة للمبادلة التجارية فقط. وخير سبيل للقياس هناء هو أن 
يقاس ذلك كقيمة مضافة في القطاع السلعي للاقتصاد. وتظهر هذه الحسابات 
في الجدول  1(‏ 5" ؟) لبعض البلدان المبحوثة في هذا الفصلء ولكن في سنوات 


العولمه وتاريخ الاقتصاد العالمى 


الجدول (5-5-1) 
صادرات سلع بلدان نامية كنسبة متوية من إجمالي النائج المحلي مقاسة كلها بأسعار ١95٠‏ 


بلدان آسيا النامية 


بلدان أمريكا اللاتينية النامية 
- الأرجنتين 

البرابيك 

1 201 


- إجمالي العالم 








المصدر: ماديسون. .١5404‏ عن الجدول رقم  "”‏ غ: ص 7/8 
الجدول (1-7-1) 
معدل التجارة السلعية (نصف مجموع الصادرات والواردات) 
كنسبة مئوية من إجمالي القيمة المضافة السلعية (الطريقة أ) وكنسبة مئوية من إجمالي الناتج 
المحلي بطريقة الحساب الواردة في الجدول ” - ؟ السابق (الطريقة ب) 


إن الطريقة (ب) تعطي معادلا لحسابات الجدول (7 - ؟) لكل السنوات (مع ملاحظة أن هذه الحسابات تختلف 
اختلافا طفيفا بالنسبة للعام ؟191). 
المصدر: كل الأرقام مأخوذة عن فينسترا 78 ١5988‏ الجدول )١(‏ ص 57, والجدول (”)؛ ص 570 























ما العولمة" 


مختلفة بعض الشيء. مع ذلك؛ يبقى في الإمكان مقارنة هذه الحسابات 
بحسابات مماثلة للتجارة السلعية نسبة إلى عموم إجمالي الناتج المحلي. كما ورد 
في الجدول (؟ - )١‏ آنف الذكر. 

لو قارنا المعطيات عن التجارة السلعية نسبة إلى القيمة المضافة المنتجة 

فترة بين العامين 1517 و15640.؛ لوجدنا أن فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة هي 

البلدان الثلاثة التي تبدي زيادة لا لبس فيها في مستوى الانفتاح؛ في حين أن 
اليابان والمملكة المتحدة تبقيان؛ اعتمادا على هذه الأرقام. أعينها. أقل انفتاحا 
(راجع أيضا: إيروين ه12 1597, الجدول رقم :)١(‏ ص 27: حول أرقام 
الولايات المتحدة). 

وبالطبع؛ ما إن يشرع المرء في تعديل التقديرات وفق هذه المرتكزات حتى 
تبرز شتى أنواع البدائل. فمثلا إن تجارة السلع تتألف. هي الأخرى. من 
مصنوعات. مواد خام؛ وسلع زراعية. حيث يمكن لكل صنف أن يعالج معالجة 
منفصلة. ويمكن الإدلاء بملاحظات مماثلة عن القيمة المضافة السلعية التي 
تتألف (في تحليل فينسترا 5زلزاههة 7668508115 المستخدم أعلاه) من الزراعة 
والتعدين والصناعة التحويلية ‏ في الولايات المتحدة ‏ علاوة على قطاع البناء 
والمنافع العامة في بلدن أخرى (وهي تصنف في العادة ضمن قطاع الخدمات 
في الاقتصاد.ء وعليه, فإن المعطيات ليست متسقة ومتجانسة بالكامل بين 
شتى البلدان). زد على هذا أن الخدمات تدخل؛ على نحو متزايد في التجارة 
العالمية. وهنا أيضا يمكن لنا التمييز بين مختلف أنواع النشاط الخدمي. 
المنفتحة على التجارة العالمية بدرجات متباينة, كما هي الحال في قطاعات 
البناء. النقل؛ المنافع العامة؛ تجارة الجملة والمفرقء التمويل؛ التأمين. 
العقارات. و«غير ذلك» من الخدمات. 

إن مكمن الصعوبة:, إذن: هو أن نعرف بالتحديد أين نتوقف في مسلسل 
التفكيك الممكن للجزئيات؛ والتعديلات الإضافية: إزاء هذه البدائل جميعها. 
فإننا نفضل اعتماد مقياس واحد بسيطء وهو التناسب بين التجارة وإجمالي 
الناتع المعلي بالأسغانالجارية»ههذا اكغياس يتمتع يمزية الاستمرازية: ومقدر 
عن الطريقة التي يندمج. أو لا يندمج, بها كامل الاقتصاد في النظام العالمي. 


الشركات متعددة القوميه ... 


الشركات متعددة القومية 








عواقب «العولمة» على النظم القومية 
يبتعد هذا المصل عن تاريخ التجارة العالمية 

. والنظام المالي العالمي. ليركز على التغيرات 
الرئيسية في بنية الاقتصاد العالمي منذ مطلع 

عقد الثمانينيات فى القرن العشرين. خصوصا 
١‏ "من بحيت تدويل الإنعاج: إن الققييرات الأستاسية 
. التي نشخصها ونستقصيها في هذا المصل 
تتمثل في البروز المتزايد, والنم و السريع 
للاستثمار الأجنبي المباشر (721). لقد كان نمو 
التجارة العالمية هو العامل المهيمن المحرك 
للاقتصاد العالمي خلال فترة ١946‏ 19177, أما 
العامل المحرك للاقتصاد ابتداء من عقد 
الشمانينيات فصاعدا. فهو. كما يقال؛ نمو 
الاستثمار الأجنبي المباشر. وينبغي القول إننا 
نبلور. في هذا الفصلء نقدا لهذا المقياس المحدد 
لتدويل الإنتاج. 
ْ وتُعنى في هذا الفصل بتلك الآليات العالمية 
التي تؤ: ثر في بنية ونمو الاقتصاد الحقيقي دور 
سواهاء وهي: التجارة والاستثمار 0 














3202 0 


8 المؤلفان 
ْ 


ما العولمة" 
المباشر. أما التدفقات المالية العالمية قصيرة الأمدء والتي توسعت توسعا 
بنوننا بخن المطلى عن سهان السركاشيه القاكة ومن الخؤايظ لعي 
لرأس المال في عقد السبعينيات. فهي موضع تحليل في مكان آخر (الفصل 
الثاني. الفصل الخامس والفصل السابع). ومن الواضح أن لهذه التدفقات 
قصيرة الأجل من رأس المال تأثير مباشر معين في ذنمو الاقتصادء لأنها تمس 
أسعار الصرف ومعدلات الفائدة القومية, إلا أننا نكتفي بأنها تقتصر بوجه 
عام على إعادة توزيع النجاح ‏ أو الفشل في غالب الأحيان ‏ في أرجاء النظام 
العالمي» ولا تضيف إلا النزر القليل إلى القدرات البنيوية للاقتصادات في 
توليد نمو شاملء بعيد الأجل. 

إن الشركات متعددة القومية هي الأدوات المسؤولة عن الاستثمار الأجنبي 
الملباشر. وإن إستراتيجيات هذه الشركات. وهي تصوغ دور وتوزيع الاستثمار 
الأجنبي المباشرء عنصر مركزي في ما سيأتي من تحليل. وكما سنرى, فإن توزيع 
الاستثمار الأجنبي المباشر غير متساوء اجتماعيا وجغرافياء على نظام العالم كله. 
فهذا الاستثمار يتركز بدرجة كثيفة في الدول الصناعية المتقدمة, وفي عدد 
كول مق الافتصو د ابهالعسدا غيل القاليية لوا سويكاء ولت تعمل :هنذا الكعليل في 
أواخر الفصل باستقصاء تجريبي (إمبيريقي) مفصل للتوزيع الجغرافي لنشاط 
أعمال البلدان المتقدمة. مقارنين بين كثافتها داخل البلد وخارجه. 

وكما سنرىء فإن هناك فضوارق قومية هائلة ومهمة في جاذبية شتى 
المواضع للاستثمار ونشاط الأعمال الأخرى. فالبلدان تتباين تباينا ملحوظا 
في قدرة اقتصاداتها على تحقيق مزايا الاستثمار الأجنبي المباشر للشركات 
متعددة القومية: بما لا يمكن إغفاله. كما أن الشركات بحاجة إلى شروط 
فانونية وسياسية تجارية في البلد المعني لحماية استثماراتهاء وهي قيود 
تمنعها من أن تغدو خارج نطاق الإقليم بالكامل؛ كما نقول ونشدد في الفصلين 
السابع والتاسع من هذا الكتاب. 

إن الكتابات الاقتصادية. عن «نظم التجديد القومية» (لوندغال 209811ناآء 
7 ؛ نيلسون 2وواء21 1597,. ماك كيلفي نزه0اء2001 ,199١‏ بورتر 20467 
) وعن «أنظمة الإنتاج» (ويلكينسون «هكمنلاة/ةا 1587, روبري /رءطناه 
4) وعن «أنظمة الأعمال القومية» (وايتلي ز116ن/18 11997 997 اب): 
مفيدة في هذا الباب. يشير هؤلاء الكتاب إلى الفوارق الفعلية في السبل التي 


الشركات متعددة القومية ... 


: 'اتبعتها شتى البلدان؛ تقليدياء في نشاطها التجديديء وفي بناء بيئة الأعمال 
المميزة لها. وسبل ممارسة الأعمال فيها. غير أن دور الشركات متعددة 
القومية في تطوير الاقتصاد القومي يحتل موقعا مركزيا في تحليل الدرجة 
.التي يعتقد أن هذه النظم القومية قد دخلت بها صيرورة تحول أساسية. ولولا 
..النمو المتسع للشركات متعددة القومية؛ فإن طريقة عمل الشركات ترتبط 
...ارتباطا وثيقا ببيئة المؤسسات المحلية. وهناك اعتراف بأن بنية المؤسسات 
.الحلية ذات أشكال متباينة بين البلدان الصناعية المتقدمة. وذات تأثير: كما 
,.يقال: على الأداء الاقتصادي للشركات الناشطة في ظل هذه النظم: كما على 
. ,آداء الاقتصادات المرتبطة بها ارتباطا وثيقا (انظر: هولنجزوورث وبوير 
طاءه«وعمناله1! و عنره8؛ 1996, لازونيك 132001016 وأوس ولي فان 
:. هةاتللنا5 ]0 1996 شوسيكه ء505116 1990, وايتلي 'إ17/1616 1992 بء ووايتلي 
برعلاتطللا وكرد يستانسين ع كل 1996, 1997). 
أما بعد مجيء «العولمة» والتقدم العاصف للشركة متعددة القومية» فإن ثمة 
##اعتقادا غالبا بأن الأهمية اللركزية التي تلعبها محتلف «النظم القومية» 
. (للأعمال والتجديد. وعلاقات العملء والمالية والإنتاج...إلخ) باتت تحت 
.:الحصارء نظرا لتدويل ممارسات الأعمال تدويلا سريعا. وثمة اعتقاد بأن 
:,الشركات تجوب الكون بحثا عن مواضع إنتاج رخيص ولكن كفوء؛ يقدم لها 
أكبر الأرباح وأضمنها عند النجاح في المنافسة. وبات التأثير الدقيق لعمليات 
. التدويل هذه على طبيعة نظم الأعمال المتجذرة اجتماعيا واقتصاديا في أطر 
قومية (أو إقليمية)؛ مادة الكثير من التحليلات والتخمينات (انظر تشيسنايس 
.0650835 1992, ديكن 0عا11 فورسجرين م10:58:62 ومالمبرج 28ء18/121105 
4, موللر 4 مه 1لءنا]/!. تيبري - فيبرايو منهءمذلا - ,116 1996). 
يُعنى هذا الفصل بإنجاز عدد من الأمور. أولاء استقصاء المغزى الإجمالي 
لنشاط الشركات متعددة القومية؛ والتركيز الجغرافي للمقابيس المعتادة, 
مثل الاستشمار الأجنبي المباشر والتجارة. ونستكمل هذا الاستقصاء 
أيضا بتحليل المقاييس الأخرى للامساواة العالمية. 
ثانياء سنقوم في هذا الإطار عينه بتحليل مدى صحة افتراض أطروحة 
العولمة القوية بأن تقدم نشاط الشركات متعددة القومية كان سريعاء 
وواسع الانتشارء بل الشول إن سرعته بلغت حدا بات يقوضء بدرجة خطيرة: 














ما العولمة" 
استمرار نظام الأعمال القومي أو المحلي. ولسوف يتضمن هذا التحليل 
تفحص عدد من مقاييس تدويل النشاط الاقتصاديء لا الاكتفاء بالاستثمار 
الأجنبي المباشرء الذي يستخدم في الغالب مقياسا لدعم أطروحة العولمة 
القوية. إن هذا الشطر من الفصل الحالي ذو طابع كمي. ذلك أن التعميمات 
المائعة عن مدى وطبيعة تدويل نشاط الأعمال قد أدت إلى تعمية القضية, 
فترة طويلة أكثر مما ينبغي. ثمة حاجة لتقييم احتمال انهيار أنظمة الأعمال 
والتجديد القومية تقييما يعتمد على اختبار جدي للقرائن. فليس من المجدي 
إطلاق التكهنات عن الأثر الدقيق لتجذر النظم القومية. قبل أن نعرف المدى 
الفعلي لمثل هذا التدويل. وما إذا كان يزداد ذلك الازدياد العاصف السريع 
المفترض جدلا. 

المشكلة هنا أنه لا يوجد دليل أو مؤشر إحصائي واحد. خال من أي لبس, 
يدل على الوضع الحقيقي. لذا فإن شطرا كبيرا من الفصل مكرس لعرض 
عدد من المؤشرات. وتقييم مواطن قوة وضعف كل واحد منها. 

ننتقل بعد ذلك. في هذا الفصل, لمعاينة الأشكال الممكنة لتدويل نشاط 
الأعمال؛ والمشخصة في سياق معاينة هذه المقاييس المختلفة. ونفعل ذلك 
ارتباطا بالسجال الدائر حول استمرار راهنية النظم القومية للأعمال 
والتجديد. وأخيراء نقوم بتفحص وجيز لتبعات هذه الميول بالنسبة لأداء 
الاقتصاد وطبيعة الاقتصاد العالمي. 


الشركات متعددة القومية فى منتصف عقد التسعينيات 

قُّدَّر عدد الشركات الأم متعددة القومية في منتصف التسعينيات: بنحو 
60 ألف شركة. تسيطر على زهاء 18٠١‏ ألف .شركة تابعة (الأمم المتحدة, 
1 ؛: ولسوف نعتمد على هذا المصدر في جل المعلومات الواردة أدناه). إن 
«المنشأ الوطني» ل 7” ألف شركة من هذه (أي نحو 287 منها) في ١5‏ بلدا 
متطورا من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 208607 وإن من 
مقار إدارة الشركات متعددة القومية تقع في العالم المتقدم. 

في العام ,.159١‏ بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر ؟, ؟ تريليونات 
دولار. وكانت الشركات متعددة القومية التي تسيطر على هذا الاستثمار 
مسؤولة عن بيوع (محلية وعالمية) تناهز ‏ تريليونات دولار. ويزيد ذلك كثيراء 


الشركات متعددة القومية ... 


على المجموع الكلي للتجارة العالمية, البالغ 0,7 تريليونات دولار العام 1997. 
وإن ما نسبته 8 من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد جاء من 
شركات متعددة القومية ذات منشأ من بلد ناى برغم أنها شكلت نحو “١0‏ من 
التدفقات (انظر تقرير منظمة التجارة العالمية 1710 للعام 1951: الرسم 
البياني (7 - )١‏ صغغ). 

لقد تحقق نحو 728٠‏ من تجارة الولايات المتحدة على يد الشركات متعددة 
القومية. وهي نسبة مميزة أيضا للبلدان المتقدمة ككل. ولكن ثمة تقديراً بأن 
نحو 40 من المجموع الكلي لتجارة الولايات المتحدة كان يجري ضمن 
الشركات متعددة القومية (أي تلك التجارة التي تجري داخل نطاق الشركة: 
وتتضمن تحويلات عبر الحدود بين مختلف فروع الشركة الواحدة) عصية 
على التوثق والتقدير. ومن الواضح أن ثمة ارتباطا وثيقا بين الاستثمار 
الأجنبي المباشر للشركات متعددة القومية وبين تجارتهاء غير أن هناك تغيرات 
مهمة تطرأ على هذينء وتبرز فوارق في نمط كل واحد منهما. 

وهناك تركز ضخم في الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فأكبر مائة شركة 
متعددة القومية التي تسيطر على زهاء حُمس مجموع الأصول الأجنبية كونياء 
حققت مبيعات بمقدار تريليونين من الدولارات. مستخدمة 5 ملايين عامل: 
في العام 1546. وبحدود القدرة على تمييز نشاط هذه الشركات؛ فإن 2/6٠١‏ 
من أرصدتها اقترنت بالصناعة التحويلية؛ و77 بالخدمات, و" بالقطاع 
الأولي. وإن نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الخدمات هو السمة 
المميزة للصعود الأخير في مستوى مجمل الاستثمارات. 


طابع الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة 

تميز «الازدهار الطويل» بعد الحرب العالمية الثانية بالازدياد الهائل للتجارة 
العالمية والاستثمار المحلي (والأجنبي بدرجة أقل؛ حتى الفترة الأخيرة). 
وارتكز ازدهار الاقتصاد العالمي» في جانبه الكبيرء على هذه الميول ‏ فد كان 
«مدفوعا بالتصدير». ويمكن معاينة السمات الرئكيسية لهذه الفترة فى الشكل 
١(‏ - ؟). الذي يبين «فجوة التصدير» بين نمو الإنتاج العالمي وَكمو الصضائرات 
العالمية: نعني أن الصادرات كانت تزداد بوتيرة أسرع من وتيرة نمو الإنتاج 


خلال الفترة من ١56٠١‏ حتى .١954‏ 


ما العولمة . 


ولكن ابتداء من مطلع عقد الثمانينيات: برز ميل مختلف تراه واضحا 
من الشكل  ”(‏ ؟). واللافت للنظر هنا تلك الزيادة المفاجئة في تدفقات 
الاستثمار الأجنبي المباشر في منتصف عقد الثمانينيات, وبخاصة نحو 
البلدان الصناعية. إن هذا التوسع في الاستثمار الأجنبي المباشر قد بز 
نمو الصادرات. ففي الفترة بين العامين ١980‏ و5910١.,‏ نمت تدفقات 
الاستثمار الاجنبي المباشر بمعدل وسطي يبلغ 218.4 بالمقارنة مع نمو 
التجارة الكونية بالسلع بنسبة ١٠١ك“,‏ ونمو إجمالي الناتج المحلي العالمي 
بنسية 72/,0. 

وكما أشرنا في الشكل  >(‏ ؟).: فإن التدفقات إلى البلدان المتقدمة هبطت 
هبوطا ملحوظا في سنوات الركود في مطلع عقد التسعينيات, بينما استمرت 
في النمو القوي باتجاه البلدان النامية. وتتضح أهمية البلدان النامية من 
المعطيات الواردة في الجدول ١(‏ - ؟). 

وعلى حين أن التدفقات إلى البلدان النامية كانت لاتزال هي الاستشاء 
خلال العامين ١966‏ 19957 (حيث شكلت 754 من إجمالي التدفقات). فإن 
النمط الذي تأسس للبلدان المتقدمة في مطلع الثمانينيات عاد ليثبت وجوده 
ثانية بعد العام ”1594. أما بعد أزمة الأسواق الناشئة التي نشبت خلال 
العامين 19517 215348 فإننا نتوقع أن يتغير النمو الهائل في التدفقات إلى 
البلدان النامية تغيرا دراماتيكياء ولكن من دون أن تتضح معالم اتجاه هذا 
التغير. فإن طفى الغموض والركود. خفت التدفقات. أما إذا صارت هذه 
الاقتصادات ليبرالية؛ و«انفتحت» أمام نشاط الاندماجات والحيازات الغربية, 
فإن التدفقات مرشحة للاتساع. 

إن أسباب التزايد بعد العام ١9597‏ متعددة. ولعلها تمثل, في المفترة 
الأخيرة, استجابة لليبرالية الكبيرة التي طالت الاستثمار الأجنبيء نظرا 
لاستمرار إزالة الحواجز المعيقة للاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان 
المتقدمة والنامية على حد سواء. 


فقوة ونفود الكتل الثلات 


إن أي بحث في مختلف الإستراتيجيات والتكتيكات التي تتبعها الشركات 
والحكومات في إطار الاستثمار الأجنبي المباشر. ينبغي ألا يعمينا عن رؤية 


سد سن اعبس سسا 1 


الشركات متعددة القومية ... 


1000 


5200 


200 


100 





50 


1950 55 60 65 70 75 80 85 90 595 


الشكل )7*-1١(‏ 
الميول طويلة الأمد في تجارة وإنتاج السلع في العالم» للفترة 1994-196٠‏ 
(مؤشرات الحجم: العام -5١96٠.‏ 0 


المصدر: منظمة التجارة العالمية, 14965:الرسم البياني ١-1‏ ص 59 


السمة الطاغية لهذه العلاقات. المبينة» في الجدول  "(‏ "). ذلك أن 7/5٠‏ 
من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر جرت بين بلدان الكتل الثشلاث خلال 
الفترة ١99١‏ -1595. علما بأن هذه البلدان احتلت #70 من إجمالي 
الأرصدة المتراكمة للاستثمار الأجنبي المباشر في العام ١956‏ . وقد هيمنت 
أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان على الاستثمارات العالمية. سواء كمنشأً 
تصدر عنه الاستثمارات أو مستقر تتوجه إليه. وقد تميزت تدفقات 
الاستثمار بكثافة عالية بين أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية. أما اليابان فقد 
بقيت مصدرا صافيا للاستثمار الأجنبي المباشر إلى هاتين المنطقتين في 
العام 19957: 

هناك اشتراط واحد في هذه الحالة وهوء كما ذكرنا سابقاء أن ثمة 
أهمية متنامية لبعض البلدان النامية كمصدر للاستثمارات الأجنبية 
المباشرة اعتمادا علي نشاط شركاتها المحلية متعددة القومية. وقد أشّر هذا 

















ما العولمة 


200 
مليارات الدولارات ١997‏ 


البلدان الصناعية 


130 


50 





1510 720 074 76 78 80 82 84 86 88 90 92 4 


الشكل (7-7) 
ميول التدفقات الفعلية للاستثمار الأجنبي المباشرء للفترة ١191١‏ 1998 
(العام 1495: بمليارات الدولارات) 


المصدر: ')15 14917: الشكل ” - 4: ص ١١‏ 
الجدول -1١(‏ 7) 


صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان النامية, ١987+‏ 194917 
(المعدلات الوسطية السئوية بمليارات الدولارات) 


تين > فكل خم كحهدا | ١9و9١‏ برووا 


1 لا ؟ 


الشرق اللأوسط وأوروبا النامية ا 60" 
أمريكا اللاتينية (الجنوبية) كه 0 





تقريب الأرقام قد يؤدي إلى اختلاف المجموع عن إضافات مناطق محددة. 
المصدر: عن صندوق النقد الدولي» 219494 الجدول (17) 


الشركات متعددة القومية ... 


الميل بوجه خاص في بلدان شرق آسيا سريعة النموء كما أثر في نفر قليل 
من بلدان أمريكا اللاتينية. وعلى أهمية هذه الميول» فإن هذه التطورات لا 
تهددء بعدء بتفكيك النموذج الذي رسمناه آنفاء نعني نموذج هيمنة الكتل 
الثلاث على مجال الاستثمار الأجنبي المباشر (راجع الفصل الرابع). 


الجدول رقم (؟ - ؟) 
حجم السكان والتدفقات الداخلة 
من الاستثمار الأجنبي المباشر )١(١5537 199١‏ 


السكان العام 19445 تدفقات الاستثمار 
١545-155١‏ ) 


كلا اولاره 0 ١ ١104‏ 
الولايات المتحدة. 14م 
كندا 


أوروبا الغربية (2! - لآ8 و 8714) ات 01 


اتيابان لكيه سيل 


المجموع ,4م 


(ب) 
20000 د ٠.‏ 000 53 
أهم عشرة بلدان نامية من ناحية تدفقات | 000 0 ١‏ 50 (؟27 من هذه 


الاستثمار الأجنبي المباشر (5) التدفقات تذهب إلى 
الاقتصادات النامية) 





)١(‏ العام 19157 مجرد تقدير. (5) وهي الأرجنتينء البرازيل: الصين. المجر. أندونيسياء ماليزياء المكسيك, 
بولنداء سنفافورة وتايلائد ٠‏ 
المصدر: استقينا حساب تدفقات الاستثمار من ملحق تقرير الأمم المتحدة 1591 الجدول ١‏ - 8 أما 
إحصائيات السكان فقمن أطلس البنك الدولي للعام 1594 


ما العولمة 


الاستثمار الأجنبي المباشر والتفاوتات في الدخل 

ما القضايا والعواقب التي تترتب على نموذج تركز الاستثمارات الأجنبية 
المباشرة الوارد آنضا؟ إن بقية المعطيات المفصلة في الجدول رقم (؟ - ؟)2 
والمعلومات الواردة في الجداول الأخرى  ”(‏ 5): و( ”) و( 0‏ ") مما 
سرد آنفا). تشخص لنا بعضا من هذه القضايا. يقسم الجدول  ”(‏ ؟) البلدان 
التي شملتها الدراسة إلى منطقتين. (أ) و(ب)»: ويقدم المعطيات عن حجم 
السكان والتوزيع الكوني للاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما تقدم الجداول 
الأخرى المعطيات عن التوزيع الكوني للتجارة وإجمالي الناتج القومي بالنسبة 
لمختلف فئات البلدان. 

يتعلق المستوى الأول (أ).: ببلدان الكتل الثلاثء. التي تؤلف 7١4,60‏ 
من سكان العالم (العام :)١1597‏ لكنها اجتذبت “6٠‏ من تدفقات 
الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال النصف الأول من عقد 
التسعينيات('), أما المستوى الثاني (ب) فيضيف سكان أهم عشرة 
بلدان نامية من ناحية تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة 
نفسها (وهي بمجموعها تتلقى 77 من إجمالي التدفقات من خارج 
الكتل الثلاث, وتؤلف ”5 من سكان العالم). وإن مجموع هاتين 
الفئتين (أي مجموع بلدان أ + بلدان ب. كما هو مبين في أسفل 
الجدول  ”(‏ ؟) يؤلف 35 “ من سكان العالم؛: وإن هذه البلدان تستقيل 
4 من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (هابطة من نسبة ” - 25 
خلال عقد الثمانينيات). لكن الصين تطفى على البلدان المدرجة فى 
الفئة (ب).: بعدد أفرادها الذي زاد على ١.”‏ مليار نسمة في يفنا 
1 . وليسن واردا أن يتتفع كل سكان الصين بصورة متساوية من 
الاستثمارات الأجنبية المباشرة. والمعروف أن هذه الاستثمارات تتركز 
في المقاطعات الساحلية: بخاصة في الجنوب. 

وعليه؛ فإذا اقتصرنا في الحسابات على إدراج سكان المقاطعات الساحلية 
الشماني في الصين. علاوة على سكان محافظة بكينء ابتفاء إعطاء تقدير 
تقريبي للوجهة التي تقصدها الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل الصين: فإن 
إعادة الحسابات هذه تفيد أن ٠‏ فقط من سكان العالم يحظون ب 84 7 
من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. 


الشركات متعددة القومية ... 


الجدول (*" - *) 
توزيع التجارة؛ العام 1995 (الصادرات فقط) 


مع إدراج التجارة بين بإقصاء التجارة بين 


دول الاتحاد الأورويبي دول الاتحاد الأوروبي 


بمليارات الدولارات بمليارات الدولارات 
ال 


- الولايات المتحدة وكندا 
- أوروبا الغربية (الاتحاد 
الأوروبى + دول 81714) 
- اليابان 


رب 

- أهم عشرة بلدان من ناحية 
تدفقات الاستثمار الأجنبي 
المباشر للفترة 199١‏ - 1991 


المجموع (أ) + (ب) 





المصدر: منظمة التجارة العالمية: /19491: المجلد الثاني؛ 
وقد اعتمدنا في الحسابات على الجدولين ١‏ 0 (ص ”) و١1-”(ص‏ ؛4) 


الجدول (15-؟9) 
إجمالي الناتج القوميء لسنة ١195‏ (ملايين الدولارات بأسعار السوق) 









0( 
* الولايات المتحدة وكندا 

* أوروبا الغربية 
* اليابان 












,ةرق 
كخم اوور 
ا ان 
31 














أهم عشرة بلدان نامية من ناحية تدفقات الاستثمار تن 


الأجنبي المباشر للسنوات 91 - 1591 (انظر الجدول 
3ت ( 


مجموع (١أ)+‏ (ب) 


المصدر: أطاس البنك الدولي للهام 1998؛ وقد اعتمدنا في الحساب على الجدول 


المعنون«الاقتصادات: ص 49-47 3 






ما العولمة" 
الجدول (ه - ؟) 
التوزيع الكوني لإجمالي النانج القومي في العام 1995 
إجمالي الناتج القومي 


ملايين الدولارات 


بالدولار 


ام وه ١,‏ 
809لا دولارا) وأقل 
- الوسط المتدني ‏ 1[ 

ام اكه ١‏ 
(85/ا- 116,؟) 1 : 


- الوسط المرتفع ار 
ْ 11 
(115,؟- مككره) 
- العالي (4,171) فأكث اسه 


المصدر: أطلس البنك الدولي للعام 1448؛ اعتمادا على الجدول الوارد على الصفحة ١2‏ 








الشركات متعددة القومية ... 


استنادا إلى هذه الحسابات الجاهزة والتقريبية: كما ينبغي أن تعترف,. فإن 
مابين :0 إلى 7٠‏ في المائة من سكان العالم لم يتلقوا سوى /١1١‏ من 
التدفقات الكونية للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال النصف الأول من عقد 
عمليا من الخارطة: من ناحية أي منفعة يمكن لهذا الشكل من الاستثمارات 
أن يتمخض عنها. والسؤال المطروح هو: إلى متى يستمر هذا النوع من 
اللامساواة الحادةة 

الأنكى من ذلك. ما يضاف إليه من لا مساواة في التجارة. ويعرض 
الجدول(” - ") توزيع التجارة العالمية (الصادرات) العام 61 ينقسم 
الفيدول إلى فسسفين ركيشيين بمشتعمل الأول تيهنا على العتسا زه بيذ لد أن 
أوروباء بينما يحذفها القسم الثاني. واعتمادا على هذا الدليل» نجد أن معادل 
مجموع )غ0( + رب المستقى من الجدول (؟ - كم يتراوح بين "8 إلى 7/07١‏ 
من التحارة العاة 0455:فها يشسركاقة إلن جود لذ مساوأة اززة بالقجايى 
إلى السكان المعنيين. 

ولو نظرنا الآن إلى حصيلة كل هذه التطورات لوجدنا أن الجدول 
عند مجموعات البلدان المهيمنة على الاستثمار الخارجي المباشر (حيث 
الجدول (0 - ؟) يبين التوزيع الكوني العام للدخل في العام 51 » مقارنا بين 

الواقع. إن هنذا التورجع تمسيير عقر كالول عقدق السيعيييكات 
والثمانينيات (هيرست وطوميسون 12020508 © 111256 . 1591, الشكل 
* -لاء ص ,2)7١‏ بل إن فجوة اللامساواة اتسعت بدل أن تتقلصء. بعد عمّد 
السبعينيات. وإن ما تبينه هذه المقاييس جميعا يتناقض مع الإحساس بأن 
المناضع سوف «تترشح» لتصل إلى الأمم والمناطق غير الميسورة. كلما أتيح 
التفاوتات هائلة وعصية على التغييرء بل إنها ازدادت بشكل طفيف خلال 
عقدي السبعينيات والثمانينيات. من ناحية إجمالي الناتج القومي. أما المزية 
الوحيدة الجديرة بالثناء. هناء فهي أن اللامساواة من ناحية تدفق 


ما العولمة" 


الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتجارة خفت بالمقارنة مع الوضع القائم 
خلال عقد الثمانينيات. 

هناك مساجلات أخلاقية حميدة اعتراضا على هذا الوضع. فعواقبه 
على شروط عيش فقراء العالم: وآماد وأمان حياتهم: جلية للعيان. ولا 
ينبغى السماح لهذا الوضع بالاستقرارء كما ينبغي أن نفعل شيئًا عاجلا 
شدي كمسألة ضميرية. غير أن الأخلاق. على أي حالء نادرا ما كانت 
تحفز الاقتصاديين وصانعي السياسة ومدراء الشركات في الغرب: فهم 
بحاجة إلى مسوغات عقلانية تتعلق بالفرص الاقتصادية والتجارية. وعليه؛ 
فإننا نركز هنا على الحجج التي لا تتعلق بالأخلاق. نقصد أننا نركز على 
الاعتراضات الاقتصادية والسياسية العلمية المناهضة لاستمرار هذه 
الميول. وتدور هذه الاعتراضات على المصلحة الذاتية للناجحين في عدم 
إهمال فقراء العالم. 

هناك أولا الاعتراض الذي يتوقع حصول مشكلات للنظام العالمي. فمع 
تزايد الترابط بين مكونات النظام العالمي. ويقاء غالبية سكان العالم بمنأى 
عن الازدهارء يمكن توقع اضطرابات أعظم. سياسية واجتماعية وبيئية, 
وبالتالي اقتصادية. في الاقتصاد العالمي. ليست هذه الفكرة بجديدة: لكنها 
جديرة بأن تُطرح مجددا في الظروف المعاصرة المتميزة بغياب تنافس 
القوى العظمىء وتزايد تعدد الأصوات والقوى الاجتماعية المتناحرة. إن 
حصول اضطراب أعظم سواء عند «الأطراف» أو من جانبهاء ينزع الآن إلى 
توليد عواقب آنية تماما عند «المركز». كما أن «المركز» نفسه ليس بمنجى 
من العديد من هذه الميول: فهو «يستورد» عواقب الفقر. إن الضغط الذي 
تتعرض له أوروبا والولايات المتحدة بسبب تدفق اللاجئين والنازحين, 
الهاربين من النزاع والفاقة. جلي للعيان (الفصل الثاني). إن أي هجرة 
جديدة ومحاولة احتواتها تؤلفان خطرا أمنيا جديداء كبيراء وهذا الخطر 
مرشح للتفاقم بفعل استمرار إعادة إنتاج اللامساواة المفرطة في توزيع 
الثروة على النطاق الكوني. 

وهناك. ثانيا. حجج اقتصادية معقولة تعارض استمرار وضع 
اللامساواة هذا من زاوية المنافع الاقتصادية المباشرة للعالم الأول. ذلك 
أن نمو مستويات عالية من التركز بين بلدان الكتل الثلاث الكبرى خلال 


الشركات متعددة القومية ... 


عقد الثمانينيات لم يمنعها من الوقوع فريسة الركود . والحق أن فترة ما 
بعد العام “197 كانت على وجه العموم فترة صعوبات اقتصادية مستمرة 
عند الكثير من البلدان المتقدمة في الكتل الكبرى الثلاث. ولعل من 
أسباب هذا الركود الثمو النسبى لنفقات الاندماج والاستيلاءات عبر 
الخلرك على كيدانب الاسقت يا فى «الوشيحة الحديف طول عمد 
الثمانينيات. ويلاحظ أن نشاط الاندماج والاستيلاء (4 © 81) قد تزايد 
تزايدا هائلا في بلدان الكتل الكبرى الثلاث (انظر أدناه). ولعل مغزى 
ذلك أنه يشي بوجود نشاط مضاربة ونقل ملكية؛ بدل أن يكون منطويا 
على استثمار إنتاجي.: إضافي. جديد . وأيا كانت الحال؛ فإن هذه الفترة 
تميزت بركود مجموع الطلبء وتدني الانتفاع بالموارد والطاقات الفائضة؛ 
والعجز عن استعادة المعافاة المستديمة عالميا لتحقيق انعطاف نحو 
الأحسن. ويلمح هذا إلى الحاجة إلى إعادة توزيع أكثر توازنا لموارد 
العالم, وإلى توليد طلب فعال جديد على النطاق العالمي كله. ابتفاء 
تحقيق معافاة قوية. طويلة الأجل عند الكتل الكبرى الثلاث؛ وإنعاش 
بعض الأمل بانعطاف مستديم نحو الأحسن لدى بلدان «الجنوب» المقصاة 
حتى الآن. إن الطاقات الإضافية عند الكتل الكبرى الثلاث توازي 
الطلب المفرطء ولكن المحبط عند بلدان الجنوب. وما يلزم هنا هو 
توفير آلية معينة (والإرادة السياسية) لإعادة التوزيع بينهما. ومما 
يحسب لمصلحة منظمة الأونكتاد (مؤتمر الأمم المتتحدة للتجارة 
والتنمية (11810147) أنها كانت من بين الأصوات الدولية القليلة التي 
دافعت بثبات عن هذه القضية (للاطلاع على الجهود الأخيرة في هذا 
الباب. انظر: أونكتاد .)١997‏ ويمكن للبلدان الغنية والبلدان الفقيرة أن 
تنتفع من مثل هذه النقلة. حيث إن عملهما على ترتيب ذلك سيخدم 
مصالحهما المشتركة بعيدة الأمد. 

غير أن مثل هذه النقلة لا تبدو مرجحة:؛ في الوضع الراهن. ولكن لا 
بد من إثارة علامة استفهام حول مدى استمرار الوضع الراهنء الذي 
حللناه آنفاء بما هو عليه؛ في المدى البعيد . ذكيف يمكن ل «نظام كوني». أيا 
كان مدى جزتيته فيما يتعلق بسماته المدولة حقاء أن يتدبر أمر استمراره 
في ظل إقصاء ثلثي سكانه إقصاء منهجيا عن منافع ذلك النظام نفسه, 


ما العولمة" 


فى حين أن الازدهار الجزئيء الذي يولده حقاء يتركز باطراد عند 
المشتغلين الناجحين وسط الأربعة عشر في المائة. الأثرياء في العالم 
والدول القليلة التابعة لهم؟ 


تقدم الشركات متعددة القومية: المقاييس التقليدية 

لو عدنا إلى قضايا تدويل الإنتاج. لوجدنا أن الاستثمار الأجنبي 
المباشر كان سمة مميزة للاقتصاد العالمي على مدى ما يزيد على مائة 
عام. وعليه. ثمة رصيد متراكم موروث من الماضي. وقد أوضحنا ذلك 
بالنسبة للفترة من العام 198٠١‏ حتى العام ١9560‏ في الجدول  5(‏ ؟), 
معبرين عن الاستثمار الأجنبي المباشر كنسبة مئوية من إجمالي الناتج 
المحلي. وكما هو متوقع. فقد تحقق نمو في أهمية هذا الاستثمار 
قياسا إلى إجمالي الناتج المحلي منن العام :١198١‏ وقد زادت نسبته., 
على مستوى العالم» إلى أكثر من الضعفء حيث نمت هذه النسبة 
من 7غ # إلى .٠١ ١‏ 

غير أن المستويات المطلقة للعام ١996‏ لا تزال متواضعة بالنسبة 
لمعظم البلدان والمجموعات. أما المملكة المتحدة فهي الاستثناء الجلي 
وسط البلدان المتقدمة الكبرى. في حين أن اليابان تقف على 
الطرف الأقصى المعاكسء بمنأى عن مساس الاستثمار الأجنبي 
المباشر الداخل (بل إن رصيد استثمارها الخارجي بقي متواضعا 
هو الآخر. إذ لم يزد على 7“ من إجمالي الناتج المحلي في العام 
065 ومما لاريب فيه أن بالوسع الرد على الادعاء القائل إن 
رصيد نشاط إنتاجي أجنبي الملكية. بحدود 2٠١‏ أو أقل من إجمالي 
الناتج المحلي. في معظم البلدان المتقدمة, يكفي لإقصاء منظومة 
أعمال قومية متجذرة محليا. ويمكن المجادلة بأن مثل هذا الرصيد 
أهم بالنسبة لعدد قليل من البلدان النامية بسرعة والتي اعتمدت 
على الاستثمار الأجنبي المباشر بوصفه المحفز الرئيسي 
لإستراتيجياتها التنموية,؛ إلا أن بالوسع الرد على مثل هذا 
القول أيضاً (انظر المناقشة بصدد الجدول -1١١(‏ ") أدناف 
والتحليل الوارد في الفصل الخامس). 


الشركات متعددة القوميح ... 


الجدول (5-؟) 
رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي للسنوات 198٠‏ 1496 


















الاقتصادات المتطورة ومنها: 
- الاتحاد الأوروبي 

- (المملكة المتحدة) 

- (ألمانيا) 

- الولايات المتحدة 






- اليابان 
الاقتصادات النامية ومنها: 





- أمريكا اللاتينية والكاريبي 
- (البرازيل) 
- آسيا 





- جنوب وشرق وجنوب شرق آسيا 


المصدر: مستقى عن الأمم المتحدة 1977»الملحق؛ جدول 5 8 


هناك الكثير من التعديلات المعقولة تماما التي يمكن إدخالها على 
أرقام تدفق أو أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشرء لكي تصبح هذه 
الأرقام أكثر قربا من الوضع «الحقيقي» الذي يراد لها أن تقيسه. 
وعلى سبيل المثال فإن أرقام الرصيد محسوبة من ناحية الكلفة 
التاريخية؛ في حين ينبغي أن تعدل حسب القيم الجارية» وهو تعديل 
من شأنه:ء بلا ريب؛ أن يزيد في مقدارها بعض الشيء (جراهام 
متقطة0 ككحكلاء ص 1١-5١١‏ ). 

غير أن هناك طائفة من المشكلات الأخرى الناجمة عن أخذ تدفقات 
وأرصدة الاستثمار الأجنبي المباشرء. بوصفها المقياس الأنفع لتدويل النشاط 
الإنتاجي. لقد أصبحت الاستثمارات الأجنبية المباشرة المؤشر الرئيس لأنها 


ما العولمة" 


المقياس العالمي النظامي الأكثر توافرا. لكن هناك فوارق مذهلة في حسابات 
تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين الاقتصادات الصناعية المتقدمة: 
كما تكشفه معطيات الشكل  ”(‏ ؟). 

ويقدم ذلك تقديرات عن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين بلدان 
الكتل الكبرى الثلاث في العام 1594.: وفق حسابات هيئات التحصيل 
الرئيسية في كل من أوروبا والولايات المتحدة واليابان. ونالاحظ أن هناك 
حالة اتفاق واحدة في هذه الأرقام وهي الأرقام المتعلقة بالتدفقات بين 
أوروبا واليابان» كما حسبتها يوروستات وبنك اليابان. أما بقية الحسابات 
فتنطوي على تقديرات متباينة: بل إن بعضها شديد التباين: كما هي الحال 
مع التدفقات الأوروبية إلى الولايات المتحدة (فهى بحدود 1,4 مليار وحدة 
تقدية اؤزويية حسبه وسناباك يوزستات: ولكنها ؟, 11 ليان ومق حسايات 
وزارة التجارة الأمريكية). وهكذاء فإن من المستحيل أن نتيقن من التدفقات 
الفعلية للاستثمارات الأجنبية حتى بين بلدان الكتل الثلاث. ولعلنا بحاجة 
إلى أن نعاين مؤشرات أخرى ملائمة أكثر. مؤشرات تقدم لنا صورة مغايرة 
نوعا ما عن مدى تدويل نشاط الأعمال. 

خلافا للادعاءات الشائعة: فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ليست 
مقياسا للأصول المملوكة في الشركات الفرعية. فهذه الاستثمارات تقيس 
ما يجري في حقل الديون من كشوفات ميزانيات الشركات. وإن تدفقات 
الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتألف من التغيرات فى الأسهم. والقروض» 
والإيرادات التي تحتفظ بها الشركات التابعة العاملة في الخارجء: برغم أن 
التقارير عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في بعض البلدان لا تدرج هذه 
الإيرادات التي تحتفظ بها الشركات (من هنا منبع التفاوتات الواردة في 
الشكل (” - ؟). علما بأن هذه الإيرادات عنصر مهم في مقدار النشاط 
الجاري في الخارج (وبهذا المعنى فإن طريقة حساب الاستثمار الأجنبي 
المباشر قد تقلل من تقدير مدى هذا النشاط في بعض البلدان). ولكن على 
العموم فإن مقياس الاستثمار الأجنبي المباشر يميلء على الأرجح:؛ إلى أن 
يغالي في تقدير هذا النشاط. ولا يقتصر الأمر على أن الشركات تتلاعب 
بديونها لأغراض ضريبية وليس لهذا الأمر بالضرورة أي علاقة بقدرة 
الشركات على أن تنتج من أصولها ‏ بل إن هناك شكلا أساسيا من أشكال 


الشركات متعددة القومية ... 

















اليابان الولايات المتحدة 
1 وزارة التجارة الأمريكية 
الاتحاد الأوروبي 
62] 
38 
6.5 الولايات المتحدة 
اليابان 








بنك اليابان 
2.4 
52 ( 
احج الولايات المتحدة 
03 
الشكل (37-") 


تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين بلدان الكتل الثلاث للعام 1944 (بمليارات الوحدة النقدية الأوروبية) 
اعتمادا على ثلاث مجموعات من الحسابات 


المصدر: الاتحاد الأوروبي 9917اج: ص 7١‏ 


ما العولمة" 


إدارة ديون الاستثمار الأجنبي المياشرء ونعني بالتحديد شراء أسهم 
وسندات الشركة, لا يرتبط بصلة مباشرة بتغير القدرة الإنتاجية للأصول 
المقتناة على هذا النحو. فإذا ما حصلت شركة أجنبية ما على ديون شركة 
محلية عن طريق الاندماج بها أو الاستيلاء عليها.ء من دون أن تغير هيكل 
أصول الشركة المشتراة؛ فلن تحصل بالضرورة أي زيادة في القدرة 
الإنتاجية للبلد الذي وقع فيه الاستثمار. غير أن ذلك سيظهر بمنزلة تدفق 
إلى الداخل للاستثمار الأجنبي المباشر. لقد طرأ نمو هائل على مدى 
نشاط الاستيلاء والاندماج عالميا. وقد حفزت هذا النموء. بوجه خاص. 
برامج الخصخصة التي شرعت فيها كل من البلدان المتقدمة, ثم البلدان 
النامية. لاحقاه. الواقع أن قرابة 05٠‏ “ من التدفقات الكونية للاستثمارات 
الأجنبية المباشرة في العام ١597‏ تألفت من استيلاءات واندماجات عبر 
الحدود (تقرير الأمم المتحدة 1491, ص 4). ومن المتوقع أن تزداد هذه 
النسبة في المستقبل (ص .)3١6‏ 

وهكذا فإننا بحاجة إلى مقاييس جديدة لقياس التدويل؛ تعكس المزيد 
مما يجري في حقل الأصول في ميزانيات الشركات,. أو تعاين مباشرة 
النشاط الإنتاجي الذي تتولاه الفروع الأجنبية كما هو مسجل في الحسابات 
القومية للبلد. غير أن هناك مشكلات كبرى تعترض الحصول على المعلومات 
المناسبة والمطلوبة. 


مقاييس بديئة على أساس الشركة 

عند تدقيق حسابات أي شركة يتوجبء على سبي المثال؛ تشخيص ما 
تقوم به الشركات على النطاق «الوطني» في الوقت نمسه الذي تقوم 
خلاله بالاستشمار والعمل في الخارج. إن تدفقات الاستثمار الأجنبي 
المباشر تقتصر على التقاط ما «تقرضه» الشركات إلى فروعها في الخارج. 
ولا تعكس ما تقوم به هذه الشركات في الوقت ذاته من استثمار في يلد 
أو أرض المنشأ. وحتي عند توافر نوع من التقييم للشركات متعددة 
القومية استنادا إلى سعة أصولها المملوكة أجنبياء فإن الشركات المشمولة 
شي بالأصدل كدركات محنيقة حو نحفة اطيونها امكيف )ا جل يا يننا 
يشوه التحليل قبل الأوان ويحرفه لمصلحة التوجهات الخارجية لنشاط 


الشركات متعددة القومية ... 


الشركة (انظر مثلا: الأمم المتحدة 1991, الجدول ١‏ - لاء. ص 59 .)5١‏ 

لقد بلورنا ثلاث مجموعات معلومات من عينات نموذجية واسعة 
النطاق. صممت أساسا لتفادي بعض هذه المعضلات: وذلك في كتابات 
معروضة بالتفصيل في مكان آخر (انظر: هيرست وطومبسون #© 111256 
+ 1 ,: وآلان وطوميسون 508م12012 2 2داآى .)١951‏ تحتوي 
المجموعة الأولى على معلومات عن المبيعات والأصول والأرباح والشركات 
التابعة والفرعية لأكثر من 0٠١‏ شركة صناعية تحويلية وخدمات متعددة 
القومية من خمسة بلدان في العام /1941: وهي: كنداء ألمانياء اليابان, 
المملكة المتحدة والولايات المتحدة. أما المجموعة الثانية فتحتوي على 
معلومات للعام ١54٠‏ عن هذه الجوانب نفسها ولكن بالنسبة لشركات 
الصناعة التحويلية متعددة القومية. وأما المجموعة الثالثة فتقدم المعطيات 
عن مبيعات وأصول أكثر من 0٠٠١‏ شركة متعددة القومية من ستة بلدان 
للعام 1997, وهي: فرنسا وألمانيا واليابان وهولندا والمملكة المتتحدة 
والولايات المتحدة (). إن واقع أن هذه المعطيات قد فرزت إلى معلومات 
تتعلق بالنشاط الذي تقوم به شركات من هذه البلدان على أرض وطنهاء 
ومعلومات عن النشاطات التي تقوم بها شركات من هذه البلدان خارج 
حدودهاء يسمح لنا أن نحكم بدقة أكبر على مدى التدويل في نشاطاتها. 
وينبغي الانتباه إلى أن المعطيات لا تشير إلى تدفقات عبر الحدود؛ بل 
إل تشائح هذه الكدهعات من ناحية النشاط الامتضاد الشابى واللاحو: 
الذي تولده. 

ويمكن معاينة طريقة الدمج لتحليل هذه المجموعات من المعطيات 
الخاصة بمختلف الأعوام في الجدول  7(‏ ") الذي يتناول التوزيع 
الجغرافي للشركات الفرعية والتابعة للمتعددة القومية؛ التي تقع مقار 
إداراتها في خمسة بلدان؛ وذلك للعامين 19417 و-144. هناك فوارق لافتة 
للانتباه تبرز بين البلدان» فأولا. إن “4١‏ من الشركات اليابانية الفرعية 
والتابعة كانت مقيمة في بلد المنشأ العام ١54١‏ (وتبلغ 0/8“ بالنسبة 
للشركات الفرعية والتابعة في اليابان وجنوب آسيا). في حين أن 74 من 
الشركات الألمانية الفرعية والتابعة تقيم في أوروبا. وعدا هذا الفارقء فإن 
استقرار الشركات الفرعية والتابعة في بلد المنشاً جلي للعيان في أماكن 


ما العولمة" 


أخرىء برغم أن أوروبا هي الموقع المهم لنشاط الشركات الأمريكية 
والكندية. الفرعية والتابعة. ومن الواضح أن الولايات المتحدة وكندا تعملان 
بما هو أشبه باقتصاد أمريكي شمالي واحد متكامل بالنسبة للشركات 
العالمية الأمريكية والكندية. ومما يشير العجب على الأرجح أن المملكة 
المتحدة ليست ممثلة في الولايات المتحدة بالقدر الذي يمكن أن يتوقعه 
المرء. أما أمريكا اللاتينية فإنها تبرز كمحطة مهمة نسبيا لسائر الشركات 
الفرعية والتابعة من كل البلدان. 

لقد لخصنا هذه المعطيات في الجدول (4 - ؟) من ناحية الأبعاد 
المخصصة لبلد أو منطقة المنشأ الأصلية. إن اقتصاد كندا هو الأقل «تركزا 
في الوطن». يليه اقتصاد الولايات المتحدة فاليابان. أما ألمانيا فتركيزها باق 
على كثافته فى أووريا. بل إن تركيزها على هذه المنطقة ازدادء كما ييدوء 
يعطن القنئء بين الأعوام /المة١‏ و١ .١955‏ 

ويقدم الجدولان  9(‏ ") و(١٠‏ - ؟) نتائج إضافية مقارنة عن المبيعات 
والأصول؛ ويدمجان تحليل العام ١99”‏ في الصورةء كما يعاينان موقع قطاع 
الخدمات. يقدم الجدول  4(‏ ؟) الأرقام المتعلقة بنشاط المبيعات: ويقارن 
النسب المئوية لتوزيع مبيعات الشركات متعددة القومية إلى منطقة المنشاً 
التي تتوافر فيها معطيات عن مجموع شركات البلد للأعوام 191/8 و990١‏ 
و1597 (إن «منطقة المنشأ» عنصر مشترك في هذه المعطيات: وهي تشمل 
بلد المنشا) (). وبرغم أن هذه المعطيات توجب الحذر في التعامل معهاء 
فمن الواضح أنها تقدم دليلا معقولا عن المقادير المتضمنة فيها. ذلك أن 
أهمية القاعدة الوطنية لمبيعات الصناعة التحويلية بقيت ثابتة على حالها 
بالنسبة لألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بين الأعوام ١941‏ 
و15575١.,‏ في حين أنها تقلصت بالنسبة لليابان. أما في قطاع الخدمات, 
فهناك انخفاض بالنسبة لليابان والولايات المتحدة وزيادة طفيفة بالنسبة 
للمملكة المتحدة. 

أما بخصوص المعطيات عن الأصولء فإن نتاكج التحليلات والمقارنات 
الممائلة معروضة في الجدول  ٠١(‏ ؟) (7). وتعكس هذه المعطيات؛ على وجه 
العموم: أن الانحياز لبلد أو منطقة المنشأ هو هنا أخف بعض الشيء مما في 
أرقام المبيعات (ولعل ذلك مثير للدهشة: فقد كنا نتوقع أن تكون مبيعات 


المصدر: ملفات معطيات المؤلفين 





الشركات متعددة القومية ... 


الجدول (/ا- ؟) 
توزيع الشركات التابعة والفرعية لشركات الصناعات التحويلية متعددة القومية التي تقع مقارها الرئيسية في 
خمسة بلدان؛ للعامين 194817 و1940 (نسب مئوية) 





ما العولمة" 


الجدول (ه-*) 
النسبة المئوية للشركات الصناعية التابعة والفرعية المستقرة في بلد/ منطقة المنشأ للعامين ١9410‏ و1950 


إن بلد/متطة ةالنكا هنا محددة على : 
النحو التالى: كندا > كندا والولايات | 
الملتحدة. ألمانيا - ألمانيا وبقية أوروبا. 


أوروباء الولايات المنحدة - الولايات أ 
المتحدة وكند! وأمريكا اللاتينية. أ 
المصدر: ملفات معطيات المؤلفين. ‏ | 








الجدول (4-؟7) 
مبيعات الشركات متعددة القومية إلى بلد/منطقة المنشأ 
كنسبة مئوية من إجمالي المبيعات للسنوات ١987‏ و١194‏ و19497 


الصناعة التحويلية 





المصدر: ملفات معطيات المؤلفين 


الجدول )7-1١(‏ 
أصول الشركات متعددة القومية في بلد/ منطقة المنشأ كنسبة مئوية من إجمالي الأصول للأعوام /اله1 و:1944 و1447 

















الشركات متعددة القومية ... 


نسبة مئوية 
80 
70 
60 
50 
40 
30 


20 
10 














الولايات المتحدة 


المملكة المتحدة 
١‏ 
بلد مقر الشركة : ا 3 2 أي 052 
و 5 منطقة إعلان الريح ١ج‏ 
5 سش 
الشكل (4 -6) 


النسبة المئوية للتوزيع الإقليمي لإجمالي أرباح الشركات متعددة القومية 
التي تقع مقار إداراتها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وكندا للعام ١48٠‏ 


المصدر: ملفات معطيات المؤلفين 


ما العولمة" 


الشركات متعددة القومية أكثر تدويلا من أصولها). وإن كان بمقدور المرء أن 
يستخلص أي تعميمات من هذه الأرقام: فيمكن القول إن توزيع أصول 
الصناعة التحويلية. كما يبدوء بات ينحاز بدرجة أكبر نحو بلد/منطقة المنشاً 
بين أواخر عقد الثمانينيات ومطلع عقد التسعينيات. في حين أن الشركات 
الأمريكية في قطاع الخدمات كانت أقل تركيزا (وليس هناك ما يسر من 
الإتتجاومن اي داعا راشكة بإلفية تمطيات: اليزنان»»خصبرضا هيما 
يتعلق بالخدمات). 

أخيراء يمكن لنا الالتفات إلى معطيات الأرباح. يعد هذا الحقل الأقل 
إرضاء من ناحية توافر المعطياتء إذ لم نتوصل إلا إلى النتائج المعروضة في 
الشكل (؛ ‏ ") أعلاه. يقدم الجدول توزيع إجمالي الأرباح لأريع مجموعات 
من شركات الصناعة التحويلية حسب البلدان. للعام .194٠‏ إن نموذج توزيع 
الأرباح يسير على خطى النموذج المستخلص للمؤشرات الأخرى: مركزية 
بلد/منطقة المنشأ كموقع لإعلان الريح (إن لم يكن توليده ‏ فهذه المعطيات لا 
تتيح لنا التفريق بين مكان توليد الريح ومكان الإعلان عنه). ومن الواضح أن 
شركات الصناعة التحويلية في المملكة المتحدة, أو في الولايات المتحدة وإن 
بدرجة أقل؛ هي الأكثر انفتاحا من ناحية الإعلان عن الريح في مناطق خارج 
بلد/منطقة المنشأ. 

من الواضح أن هذه المعطيات ليست مثالية؛ نظرا لأن الطريقة التي تسجل 
الشركات بها المعطيات في سجلات حساباتها لا تسمح: في الجانب الأعظم؛ 
إلا بتقسيم نشاطاتها باعتبارها داخل أو خارج «منطقة المنشأ» اعتمادا على 
تعريف مفرد (انظر الهامش رقم ؟ من هذا الفصل). إلا أننا استطعنا 
استخلاص الجزء الخاص ببلد المنشأاً بالنسبة لبعض المعطيات والبلدان في 
بعض السنوات (كما هو مبين إلى حد كبير في الجدول  8(‏ ؟)؛ ولعطيات 
العام ١49”‏ حول بعض المقاييس). مما يؤكد فكرة التركز الأساسي لهذه 
المعطيات في بلد المنشاً. كما هو مبين في هذه الجداول والشكل السابق 
(انظر آلان وطوميسون 500م1607:0 > مدااةى: ١9517‏ بشكل خاص). 

إن الاستنتاج الرئيس الذي نستخلصه من هذا التحليل جلي للعيان. إن 
طبيعة نشاط الشركات متعددة القومية «المتوجه لبلد المنشأ» لاتزال بارزة 
من أي الزوايا نظرنا إليها. حتى لو كان هذا التوجه يتركز في المنطقة. 


الشركات متعددة القوميه ... 


وهكذا فإن الشركات متعددة القومية لا تزال تعتمد على «قاعدتها 
الوطنية» كمركز لنشاطاتها الاقتصادية؛ برغم كل التصورات عن العولمة. 
واعتمادا على هذه النتائج يتوجب أن نكون على قدر معقول من الثقة بأن 
الشركات العالمية لا تزال» يمجموعهاء شركات متعددة القومية على نحو 
طاغ (مع قاعدة وطنية واضحة لعملياتها) لشركات عابرة للقوميات (التي 
تمثل شركات طليقة بلا دولة تنتمي إليها. انظر الفصل الأول). وكما أشرنا 
من قبل. فإن لهذا التركز الوطني جانبين: الجانب الأول هو دور «وطن 
المنشأ» والجانب الثاني «منطقة المنشأ». وبحدود إمكان فرز المعطيات 
يمكننا القول إن أهمية الانحياز لبلد المنشأ في العام ١447‏ تضاهي أهمية 
الانحياز لمنطقة المنشاً في العام 19417. ولما كانت المعطيات المتوافرة عن 
العامين ١917‏ و1550 لا تقدم سوى مجموعات أرقام موزعة إقليمياء فإن 
تحليل العينات النموذجية لا يمكن أن يُقارن إلا على هذا الأساس 
الإقليمي. لكن هذه التحليلات عينها تؤكد أن ما بين ثلثي إلى ثلاثة أرباع 
مجموع نشاط أعمال الشركات متعددة القومية؛ يبقى مركزا على منطقة 
المنشأ الوطني بهذا المعنى. 

ولكن ينبغي إثارة احتراز ممكن إزاء هذا الاستنتاجء وهو ما سنتناوله 
فيما بعد باستفاضة. تمتاز أطروحة العولمة بسمة بارزة تقول إن المشاريع 
المشتركة. والشركات والتحالفات والعلائق الإستراتيجية تدفع بالشركات 
إلى ولوج شبكات أعمال عالمية ذات تبعية متبادلة. ومما يشير إلى 
ذلك الانتشار «المفتوح» نسبيا للشركات الفرعية والتابعة؛ المبين ضفي 
الجدولين  7(‏ ؟),  4(‏ ") وعليه فإن المعطيات الكمية الواردة هنا تنطوي 
على مشكلة محتملة, وهي أن هذه الأرقام لا تلتقط التغير النوعي الحاصل 
في إستراتيجيات أعمال الشركات. فواقع أن 70 إلى 7١‏ من نشاط 
الشركات يجري في الخارج لا ينب بحد ذاته. بأي شيء عن الأهمية 
الإستراتيجية لهذه النسب ال 50 أو 7١‏ ” من الأعمال قياسا إلى بقية 
نشاط الشركات. فلعل هذه النسب تمثل أساس نجاح الأداء عالميا ومحليا 
على حد سواء. وإن حقيقة أننا اكتشفنا الاتساع العالمي الكبير للشركات 
الفرعية والتابعة يمكن أن تفسر بمنزلة مؤشر لهذا الميل نحو «الشبكات» 
في النشاط. ولسوف نتناول هذه النقطة فيما بعد. 


ما العولمة" 

مفاييس التدويل 
المستمدة من معطيات الحسابات القومية 

إن ما أجريناه من تعديلات على مقاييس التدويل حتى الآن لا يستنفد 
التعديلات المطلوبة من أجل التقييم الصحيح للاعتقاد الشائع بأن الشركات 
متعددة القومية هي شركات طليقة:؛ وأنها تقوض قابلية التطور المستمر 
للاقتصادات القومية أو لمنظومات الأعمال القومية. وهناك حاجة لاستكمال 
التعديلات بتفحص مدى التدويل ارتباطا بإجمالي الناتج القوميء ثم ارتياطا 
بما هو مشتق مباشرة عن إحصائيات الحساب القومي. وإن من شأن ذلك أن 
يعمق نظرتنا إلى المدى الفعلي للتدويل. ٍ 

إن المعطيات الواردة في الجدول ١١(‏ - ؟) تبين إجمالي الناتج المخمن 
الذي كانت الفروع الأجنبية للشركات متعددة القومية مسؤولة عن إنتاجه. 
مقارنا بإجمالي الناتج المحلي لمختلف اليلدان: وإجمالي الناتج العالمي. 
ونلاحظ هنا أن نسب البلدان المتطورة ازدادت من 0,١‏ العام ١98"‏ إلى 
غ, 0“ العام ١5414‏ (برغم الزيادة الهائلة في تدفقات الاستثمار الأجنبي 
المباشر خلال هذه الفترة)؛ أما نسب البلدان النامية فقد ازدادت من 77 
الى “5.١‏ (وهي زيادة بنسبة 5١‏ “. كما ينبغي ان نعترف)؛ أما المجموع 
الكلي للعالم فقد نما من ",70 إلى 1 غير أن هذه المعدلات أبعد من أن 
تؤلف مستويات أو نسب نمو دراماتيكية أو كبرى بالنسبة للبلدان 
الرئتيسية المتطورة, التي تبلغ فيها المخاوف من نهاية نظم الأعمال 
القومية أشدها. 

زد على هذاء إن معطيات الجدول ١١(‏ - ؟) تبين الوزن النسبي للتدفقات 
الداخلة من الاستثمار الأجنبي المباشر من حيث مساهمتها في تكوين إجمالي 
رأس المال الثابت المحلي (611017) في طيف من مجاميع البلدان؛ ومن جديد. 
فإن السمة البارزة هي قلة الأهمية النسبية لتدفقات الاستثمار الأجنبي 
المباشر من حيث مساهمتها في الاستثمار المحلي (حتى لو قبلنا بالانتقادات 
الموجهة لهذا المقياس كما بينا آنفا). الواقع أن مساهمة الاستثمار الأجنبي 
المباشر (5181) في تكوين إجمالي رأس المال الثابت المحلي (6276017) قد 
هبطت فعليا في منتصف عقد السبعينيات: دون المعدل الوسطي لهذه 


الشركات متعددة القومية ... 


الجدول )6-1١(‏ 
الناتج الإجمالي للفروع الأجنبية للشركات متعددة القومية كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي 
للأعوام 1987 و١99١‏ و44و١ا‏ 


البلدان المتطورة 
- الاتحاد الاوروبي 
- أمريكا الشمالية 


- وسط وشرق أوروبا 





المصدر: الأمم المتحدة: 1197: استقيناه مع التكييف عن الجدول 4- 4؛ ص 5717 
الجدول ١١(‏ -؟) 
مساهمة التدفقات الداخلة من الاستثمار الأجنبي المباشر في تكوين إجمالي رأس المال الثابت المحلي 
460و 1146 (بالنسب المئوية) 


المعدل الوسطي 
مها - ١وول‏ 


الاقتصادات المتطورة 

- منها: الاتحاد الأوروبي 
- (المملكة المتحدة) 

- (ألمانيا) 

- الولايات المتحدة 

- اليابان 

الاقتصادات النامية 

- منها أمريكا اللاتينية 


والكاريبي 
- (البرازيل) 
- آسيا 


- جنوب؛ شرقء. وجنوب 
شرق آسيا 
- وسط وشرق أوروبا 





المصدر: مستقى عن الأمم المتحدة 1447 الملحق؛ جدول 8- 6 














ما العولمة" 


المساهمة في أواخر عقد الثمانينيات. ويتضح من هذه الأرقام أن الاقتصادات 
لا تستطيع أن تستعير عبورها إلى درب الازدهار عن طريق الاعتماد على 
الاستثمار الأجنبي المباشر. يتمخض عن ذلك أن المدخرات المحلية تحتفط 
بأهمية حاسمة في إستراتيجات التنمية المحلية. فهذه المدخرات تبقى المصدر 
الرئيس للموارد المالية اللازمة للاستثمار المحلي في كل الاقتصادات المتقدمة 
والنامية. وتظل طبيعة النظم المالية المحلية حاسمة بالنسبة للنجاح التنموي 
بعيد الأمد لمختلف الاقتصادات. 

أخيرا؛ يتعين أن ندرس المحاولات التفصيلية الأخرى لتقييم مدى تدويل 
الإنتاج. المستقاة مباشرة من الحسابات القومية ومقاييس الناتج القومي. لقد 
قام كل من ليبسيلا56م1.1آ » وبلومشترويم 8102050:0617 ورامشتر أعااعاوسة ]1 
(19965) بحساب الإنتاج. أجنبي القاعدة؛. فوجدوا أنه يناهز 7 من إجمالي 
الإنتاج في العالم (راجع الجدول ١١(‏ - ؟) آنف الذكر). بعد أن كان 74,4 في 
العام ١97١‏ ليبسي (لاءومزآء /1951, ص ؟3). وبرغم أن هذه النسبة كانت أعلى 
في «الصناعة» (وتشمل الصناعة التحويلية والتجارة والبناء. والمنافع العامة) 
حيث بلغت ١5‏ في المائة العام590١‏ (بعد أن كانت ١١‏ في المائة عام /ا/ا9١),‏ 
إلا أنها كانت ضئيلة تماما في «الخدمات» التي تؤلف ٠١‏ في المائة من 
إجمالي الناتج في العالم العام .154٠‏ إلا أن نسبة الناتج أجنبي القاعدة 
ازدادت بحلول العام ١9460‏ لتصل الى 5." في الماكة من إجمالي الناتج في 
العالم» وما هذا بتغير دراماتيكي أو مزلزل بأي حال. 

وإن حكاية الشركات العالمية الأمريكية مثيرة بحد ذاتها. لقد وصل 
إنتاجها في الخارج إلى ذروته العام ١95917‏ فبلغ 8 في المائة من إجمالي الناتج 
المحلي الأمريكيء ثم أخذت النسبة في الهبوط منذ ذلك الحين لتصل إلى 
06 العام ١1596‏ . أما في قطاع الصناعة التحويلية. فإن إنتاج غالبية 
الفروع الأجنبية للشركات الأمريكية بلغ ١6,4‏ في المائة من إنتاج الصناعات 
التحويلية الأمريكية في العام 199!7. ثم زاد على ١‏ في المائة العام2,199 
لكنه تقهقر ليستقر عند ١١‏ في المائة العام 1996: أي أنه بقي مستقرا تقريبا 
خلال العشرين عاما المنصرمة. أما من ناحية العمالة,. فإن الميول كانت 
ممائلة. إذ حصلت زيادة سريعة في العمالة في الخارج في عموم الشركات 
الأمريكية, بالقياس إلى العمالة داخل أمريكا خلال الفترة من العام /ا9601١‏ 


لدع اد بود لازا سدق 


الشركات متعددة القومية ... 


حتى العام19177١:‏ لكن الميل بات يسير نحو التناقص منذ ذلك الحين. وبقى 
مستوى العمالة في فروع الصناعات التحويلية الأجنبية التابعة للشركة 
الأمريكية دون مستوى العام ١91//‏ بكثيرء ويمكن تفسير هذه الانخفاضات 
في معدلات الإنتاج والعمالة للشركات الأمريكية في الخارج: بالهبوط النسبي 
لوزن قطاع الصناعة التحويلية في الاقتصاد الأمريكي كل الواقع أن قفصة 
قطاع الصناعة التحويلية الأمريكي هي قصة قطاع مقتصر على الجانب 
الداخلي. لقد ارتفع إنتاج الشركات الأجنبية متعددة القومية داخل الولايات 
المتحدةء من حيث تناسبه مع إجمالي الناتج المحلي. من الصفر العام١91١‏ 
إلى أكثر من 8 العام :١15464‏ أما في قطاع الصناعة التحويلية فقد ارتفع من 
4“ العام 151 إلى 215 العام ١944‏ (رامشتتر :23505]6116 , 1594ء الشكل 
(4-”ص هؤ١).‏ 

وتكاد قصة الاقتصاد الياباني تكون نقيض الاقتصاد الأمريكيء فلا 
يكاد يوجد عمليا أي نمو في وزن الإنتاج الخارجي قياسا إلى إجمالي 
الناتج المحلي في اليابان: والحقء إن الميل يسير نحو الهبوط إن ققسناه 
مباشرة بمؤشرات الإنتاج (رامشتتر 1598: الشكل 8 7. ص .)١54‏ من 
ناحية أخرى. أخذت الشركات اليابانية متعددة القومية توسع نشاطاتها في 
الخارج نسية إلى إنتاجها داخل البلد. ولقد تضاعفت نسبة الإنتاج في 
الخارج عند سائر شركات الصناعة التحويلية اليابانية. من 0 ضي الماكة 
العام ١56‏ إلى قرابة ٠١‏ العام ١1597‏ (أما بالنسبة للشركات ذات الفروع 
في الخارج: فإن هذه النسبة تضاعفتء مرتفعة من “١5,0‏ إلى 707.0 7 
خلال الفترة ذاتها: وزارة التجارة الدولية والصناعة في اليابان: 1/111 
7 وفي ضوء معدلات نمو إجمالي الإنتاج الياباني» فإن المستويات 
المطلقة لهذه المعدلات قياسا إلى إجمالي الناتج المحلي. تعتبر واطئة, كما 
أن التغيرات متواضعة. 

ولا تتوافر حسابات جاهزة مماثلة بالنسبة للبلدان المتقدمة الأخرىء: غير 
أن الصورة العريضة ماثلة في المعطيات التي يقدمها الجدول -١١(‏ ؟). أما 
بالنسبة إلى منطق آسيا ‏ الهادي ككلء. فإن رامشتتر (1114) أجرى مسحا 
شاملا في هذا الاتجاه. مقارنا على وجه الخصوص بين المؤشرات التي ترتكز 
على الاستثمار الأجنبي المباشر والمؤشرات المشتقة مباشرة من معطيات 


ما العولمة" 


الحينانات العومية وقد توضيل إلى استستاحات حديرة بالأففاين: 
نصيب الشركات الأجنبية متعددة القومية في الإنتاج: غالبا ما 
تبدي ميولامتباينة جدا. [الأمر الذي] يوحي بقوة أن المؤشرات 
المرتبطة بالاستثمار الأجنبي المباشر هي مؤشرات ضعيفة 
الدلالة على حضور الشركات الأجنبية متعددة القومية: ولما كان 
نصيب هذه الشركات من الإنتاج مقياسا أدق لحضور هده 
المرتيطة بالاستثمار الأجنبي المباشر يمودء بجلاء, إلى مغالاة 
كبيرة في تمدير مدى نمو حضور الشركات متعددة القومية فضي 
منطقة آسيا والمحيط الهادي منك عقد السبعينيات» (ص 6 ). 
يشكل هذا الاستتحاج تعذيرًا عدوي :لكل كلك الممارنات الس فده على 
مؤشرا على النمو الضروري لبيئة أعمال كونية. ولسوف يتناول القسم التالي 
من هذا الفصلء بالضبطء هذه المقاربة للعولمة وعواقبها المفترضة:؛ وهي 
مقارية ترتكز على معاينة وضع الأعمال. 


إستراتيجية الأعمال ومستقبل النظم القومية 

إن أولئك الذين يدعون حصول تغير دراماتيكي في بيئة الإنتاج العالمي؛ 
يعتبرون هذا التغير بمنزلة بشير بمرحلة جديدة من التطور الارتقائي 
للشركات عابرة القوميات. ويرون أن ذلك ينطوي على انفكاك الشركات 
والشبكات عن القواعد القومية المميزة: والانتقال إلى اقتصاد كوني أصيل 
يرتكز على شركات كونية بحق. وإن خير مثال على هذه الفكرة هو أعمال 
كنيشي أوهمه (عقصط09 تطوتمعكاء ١55١‏ و1555١).‏ وإن الفضيلة التي تميز 
مثال أوهمه: أن المؤلف يصرح. على الأقل باعتقاده؛ بما ستكون عليه صورة 
بنية الاقتصاد الخالي من الحدود القومية؛ الكوني بحق. ويلخص أوهمه 
هده المعور و تذكرة:«الافتميان الكرايظ يول اوهمينة إن الشر كات قير 
المرتبطة بالدول» هي الآن المحرك الأساس في الاقتصا المترابط» 
(70127مع6 02 المتركز في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان. ويرى 


الشركات متعددة القومية ... 


أوهمه أن تدخل الحكومات القومية في سياسة الاقتصاد الكبير والسياسة 
الصناعية لا يمكن إلا أن يشوه ويعيق العملية العقلانية لتوزيع الموارد؛ هذا 
التوزيع الذي يجري بفعل قرارات الشركات وخيارات المستهلكين. على 
النطاق الكوني. ويرى أن ظهور «الطرق الإلكترونية السريعة» يتيح؛ من 
حيث المبدأء لكائن من كان أن «يتصل الكترونيا» بالسوق الكوني» وإن كل ما 
يتوجب على مدراء الشركات هو أن ينفضوا عنهم عبء البيروقراطية ذات 
التوجه القوميء. وعبء التدخل الحكومي المرافق لهاء ابتفاء الدخول الى 
عالم جديد من التسويق والإنتاج على النطاق الكوني المفتوح. وتقوم رؤيته 
على تصور شبكة واحدة كبرىء وثيقة الترابطء من المنتجين والمستهلكين » 
الموصلين ب «حقل منبسط» ذي كفاءة اشتغال عالية للاقتصاد العالمي 
المعولم: المفتوح. وحسب هذه الرؤية تقدم الأسواق العالمية آليات تنسيق 
وتحكم في ذاتها ولذاتها: أما الإستراتيجيات والتدخلات القومية فلن 
تحقق على الأرجح سوى تشويه هذه الآليات. ويؤمن أوهمه. شأنه شأن 
روبرت رايش (اءاءه +زوطه20, ,)١1597‏ بأن حقبة الاقتصادات القومية 
الفعالة. وسياسات الدولة المطابقة لهاء قد ولت. 

ومع كامل التقدير لأوهمه. فإن الاقتصاد العالمي لايشبه. بأي حال 
الاقتصاد المترابط (11.5) الذي يقول بهء ولا يبدو أن هذا الاقتصاد العالمي 
يقترب من نموذج هذا الأخير. وأن الممارسة الحالية للشركات العالمية أكثر 
تعقيداء وأقرب إلى نموذج الشركات متعددة القومية. وأن التحالفات 
الإستراتيجية تخلق سوقا عالمية بالغة التفاوت, وأن هذا الوضع يتكرر في 
قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات معا. وإن كان ثمة وجود لاقتصاد 
معولم: فإنه منظم على أساس احتكار القلة. وليس وفقا لمقتضيات النموذج 
التنافسي التام. كما يتمنى أوهمه: وسواه. أو يظن انظر: جراي (/إ618؛ 
8 وإن الشركات الكبرى اللاعبة, منخرطة في لعبة تناضس فاتكة, 
وهي تستخدم كل إستراتيجيات الأعمال المتاحة لإقصاء بعض اللاعبين 
المنافسين عن شبكاتهاء وحبس آخرين حبسا وثيقا داخل هذه الشبكات, 
وتنعم هذه القلة الااحتكارية بالمزايا الكبرى ل «المحرك الأول». فإن 
استطاعت شركة ما أن تضمن لنفسها المستوى الأول للصناعة: مثلا. فإنها 
تملك القدرة على تحقيق مكاسب هائلة بخفض منحنى الكلفة وتحقيق 


ما العولمة" 


اقتصاد المقياس واقتصاد السعة. وإن مقدمي خدمات «الطرق الإلكترونية 
الفائقة». مثلاء يتنافسون فيما بينهم على مستويات وشروط الربط بشبكة 
الإنترنت. مستبعدين يدذّلك أي ربط حر بالشبكة (مانسل 1اعءعمدلل .)١1595‏ 
ويسعى هؤلاء إلى اجتذاب الأنواع المناسبة من الزيائن وإيقاع هؤلاء في 
«الفخ» بحبسهم داخل المعايير وطرق الريط الخاصة بهذه الشركات 
منن البداية بحيث تصيح البيوع لهؤلاء الزيائن مضمونة منذ ذلك الحين 
فصاعداء وتسعى هذه الشركات إلى استخدام موارد السوق والسياسة 
الحكومية لحماية كل المنافع المكتسبة بهذه الطريقة حماية مكينة. 

إن التنميط الذي جاء به باترتليت وجوشال 005881 عت 82:11 (1545) 
لمختلف أشكال الشركات العالمية قد اكتسب رضى أولئك الباحثين الذين 
يركزون بحثهم على تحليل شكل الشركة وتحليل إستراتيجيتها . واستنادا إلى 
اقتراحاتهم: يمكن لنا أن نضع تمييزا مفهوما بين أربعة أنماط تنظيمية من 
الأعمال الكونية. مستخدمين أسماءهم وهي: «متعددة القومية». «عالمية», 
«كونية» . «عابرة للقوميات» على التوالي . وتتمثل الخصائص العامة لأنماط 
هذه الشركات فيمايلي: 

١‏ الشركات التي تعتمد على الحضور المحلي القوي من خلال تحسس 
الفوارق القومية والاستجابة لها («الشركات متعددة القومية»). 

؟ - الشركات التي تستثمر معرفة وقدرات الشركة الأم من خلال الانتشار 
والتكيف العالميين. («الشركات العالمية»). 

 "‏ الشركات التي تحقق أفضليات في الكلفة من خلال مركزة العمليات 
على النطاق الكوني («الشركات الكونية»). 

- الشركات التي تبعثر نشاطاتها على وحدات متخصصة: ومستقلة 
نسبياء سعيا لتحقيق القدرة التنافسية الكونية من خلال المرونة متعددة 
القومية., ومن خلال قدرات تعلم المعرفة وتطويرها على نطاق العالم 
(«الشركات العايرة للقوميات»). 

وهكذا فإن هذه الأشكال تمضي. بالمعنى العام للكلمة. من التركيز الشديد 
على البؤر القومية؛ إلى التركيز على بؤرة أوسعء عابرة للقوميات. وقد أسفرت 
محاولة تجريبية لتفحص هذه الأنماط التنظيمية عن اكتشاف أن الشكل 
الأكثر شيوعا هو النمط متعدد القومية؛ وإن الشكل الأقل انتشارا هو النمط 











الشركات متعددة القوميه ... 


العابر للقوميات (ليونج وتان 12 >* عدمء.1. .)١1997‏ أدى هذا الاكتشاف إلى 
دفع عجلة البحث التجريبيء الذي ألقى ظلالا من الشك على مقولة التطور 
الكامل للاقتصاد الكوني والنمط العابر للقوميات لشكل الشركات؛ فأغلبية 
الشركات «العالمية» لاتزال محصورة في بلد المنشأ القومي المحددء مما يؤكد 
صحة التعليل أنه الذكر: 1 


التكنولوجيا 

تعتبر قضية التجديد ودور التكنولوجيا بعدا آخر تمضي عملية تدويل 
الشركات فيه. كما يعتقد. بخطو سريع:؛ وغالبا ما تستخدم هذه القضصية 
لدعم مقولة عولمة نشاط الشركات. ومن جديد,ء لايتوافر دليل منهجي 
مستمد من نشاط الشركات يوضح إلي أي مدى ينحصر النشاط في هذا 
المجال في بؤرة بلد المنشأء لا في الخارج:ء لكن الدليل المتاح يسند بوجه عام 
الاستنتاج القائل إن هذا النمط من النشاط لا يزال بعيدا عن العولمة 
التامة. لقد وجد الباحثون كاسون وييرس وسنج طى8ه51 © ععندء8,مه0550) 
(1997). في معرض تحليلهم للتوزيع العالمي لمختبرات البحث والتطوير (10 
0 ©) التابعة بخمسماتة شركة كبرىء أن هناك درجة معينة من الاعتماد 
المتبادل. غير أن هذه الدرجة من الاعتماد المتبادل كانت تتباين تباينا هائلا 
بتباين بلدان منشأ الشركات. فالشركات من هولندا وسويسرا وألمانيا 
الغربية والمملكة المتحدة تبدي توجها خارجيا ملحوظا (حيث تبلغ نسبة 
المختبرات العالمية إلى المختبرات الوطنية أكثر من )76١‏ في حين أن تسعة 
من البلدان والمجاميع المدروسة تنطوي على معدلات أوطأ (حيث بلغ المعدل 
الوسطي نسبة 755). وإن النسبة في البلد الأكبر من حيث عدد الشركات 
والمخنبرات: وهو الولايات المتحدة. لماقزد عن 7417:هما يؤكد أن الولايات 
المتحدة بلد «مغلق» بهذا المقياس. أما البلدان الأخرىء. كاليابان والسويد, 
فلا تزال شديدة الانفلاق. علاوة على ذلك تتناول الأبحاث. التي وضعها 
كانتويل (1اء69هة0), :.)١997‏ وباتل ويافيت (52571 2 إ2216: )١1557‏ وباتل 
:)١1956 ,22:61(‏ مقاييس أخرى للنشاط التكنولوجي: خفي مجال تسجيل 
براءات الاختراع. مثلاء فإن نسبة البراءات التي منحتها دائرة البراءات 
الأمريكية إلى الشركات العالمية؛ والتي جاءت بالأصل من فروع شركات 


ما العولمة" 


أجنبية:؛ لا تزيد على ٠١‏ في الماكة. علما بإن حصة البراءات المقدمة من 
فروع الشركات الأجنبية لم تشهد أي زيادة ملحوظة بين الأعوام ١939‏ 
و15987. أو بين ١987‏ و1950 (وذلك اعتمادا على تحليل أوضاع أكبر 5457 
شركة صناعية تحويلية في العالم). وعليه؛ فإن الرقعة الوطنية بقيت 
المستقر المهيمن لموقع هذا الشكل من نشاط البحث والتطوير, مما يعزز 
نظام التجديد المحلي. 

غير أن تسجيل براءات الاختراع لا يمثل سوى «مخرج» وسيط (أناماناه) 
لنشاط التجديد . وحين يردف ذلك ب «مدخل» (اناوها) المعطيات المباشرة 
المواكبة لنفقات البحث والتطورء فلن نجد دليلا كبيرا على حصول أي تغير 
منهجي في موقع أو تركيب هذا النمط من الاستثمار في البلدان المتطورة 
خلال الفترة من العام 197١‏ حتى العام960١‏ (آرتشيبوجي وميتشي 
عنط11 > أوداطتطءمخ,لا15١).‏ وهكذا. فإن الدراسات التي تتناول الشركات 
والمجالات القومية تخلص إلى أن النشاط التكنولوجي للشركات متعددة 
القومية الذي يقع؛ على الأرجح. عند الفروع التابعة في الخارج يتراوح بين 
٠‏ إلى “١‏ عا من مجمل نشاطها التكنولوجي. وكما يقول باتل اوم 
معلقا: «إن الاستنتاج الرئيس لهذا المبحث هوعدم وجود أى دليل منهجي 
يلمح إلى حصول انتشار في عولة إنتاج التكنولوجيا خلال عقد 
الثمانينيات» ١9960(‏ ن ص .)١160١‏ 

غير أن هناك سبيلا آخر تتفاعل عبره التكنولوجيا مع الاقتصاد 
العالمي؛ ونعني به انتشار التكنولوجيا الناجم عن التجارة ونفقات البحث 
والتطوير: وكما نشير في الفصل الرابع. فإن نفقات البحث والتطوير 
ترتبطء تقليدياء ارتباطا وثيقا بالقدرة التنافسية العالمية. وبرغم أن 
استثمارات البحث والتطوير في العالم تتركز كلها تقريباء في بلدان 
منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 0802 المتطورة. فإن التجارة 
والاستثمار الأجنبي المباشر ينشران مزايا البحث والتطوير في البلدان 
الأخرى. وإن مدى هذا الانتشار يمكن أن يبدو هائلا حقا (انظر: كو 
وهيلبمان صتقحرماء11 »ع ع00, 15956, وكو وهيلبمان وهوفمايستر 
تعاكاء110111 عت سمدصمماء1],ء00. /1551): غير أن هذه الظاهر: ةينيغي أن 
توضع في إطار المستويات المتدنية نسبيا من نفقات البحث والتطوير التي 


الشركات متعددة القومية ... 


تقوم بها شركات البحث والتطوير في الخارج:ء والمستويات المتدنية نسبيا 
من التفاعل التجاري بين بلدان منظمة 0861 والبلدان التي تقع خارجهاء 
المقاسة بمعدلات نسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي (انظر الفصل 
الرابع). زد على ذلك. وكما بينا في التحليلات آنفة الذكر؛ فإن قدرا كبيرا 
من إستراتيجية الشركة المعاصرة يتجه إلى الاتصال بمواقع الإنتاج تلك 


بالضرورة على الإنفاق المعتاد على البحث والتطوير. 


خصائص سلوكية 


إن التحليل التجريبي المفصل الذي قام به باولي ورايش طءاع] ‏ لإانوط 
)١1597(‏ للسمات الخاصة التي تميز الشركات الأمريكية والألمانية واليابانية 


معمودة القوسية تمن تاحاهيت إليةة النزرابتتاة هن ايك نوجيا : قزل 


باولي ورايش: إن هناك فوارق منهجية بين الإستراتيجيات, التي تتبعها 
الشركات متعددة القومية من كل واحدة من هذه البلدان في مجالات 
البحث والتطويرء والتحكم بالشركة وتمويلهاء والاستثمار والتجارة بين 
فروعهاء وهي فوارق نابعة من اختلاف خصائص المؤسسات الاجتماعية ‏ 
الاقتصادية واختلاف القيم الثقافية بين هذه البلدان الثلاثة. ذلك أن 
الطبيعة العامة المعقدة لنظم الأعمال الأمريكية والألمانية واليابانية لا تزال 
علن عحائها: كما يقولآن وإن هذه التظم حرك يصضماكها العميقة غلن 
الشركات متعددة القومية الناشكة من هذه البلدان. في مجرى تدويل 
نشاطاتها. خفي مجال التطوير التكنولوجيء لا تقوم الشركات اليابانية بأي 
نشاط يذكر من البحث والتطوير في الخارج: في حين أن لدى الشركات 
الألمانية التزامات كثيرة من نشاط الأبحاث والتطوير في الولايات المتحدة, 
ولكن ليس لديها التزام يذكر في أي مكان آخر. غير أن جل أعمال البحث 
والقطويز الشارهية غتك الشبركات مخعدنة العوفية موهدين البلدوه 
تتوخى تعديل المنتجات وفقا لطلب الزباكن في الأسواق المحلية؛ أو 
للحصول على المعرفة ابتغاء نقلها إلى وطن المنشأ. وهكذا فإن الشركات 
من هذين البلدين تنظم أعمال البحث والتطوير في الخارج إما لتعزيز نظم 
التجديد المحلية عندهاء وإما لترسيخ قدرتها على التصدير من اقتصاداتها 





ما العولمة" 


المحلية باعتباره نشاطا «خالقا للتجارة» (إن تحليلات فرانسمان؛ 
مسمكصة8, 99510 ,١‏ ويوشيتومي ندرم) نطوملا ,١1591‏ تؤكد هذا الاستخلاص 
تماما بالنسبة لليابان). 

أما الشركات الأمريكية: بالمقابل؛ فإنها تلتزم التزاما تاما ب «النمط 
القومي» في إجراء قسط أكبر من أعمال البحث والتطوير في الخارج؛ 
واستخدام ذلك وسيلة لإيجاد مواقع إنتاج بديل في الخارج باعتباره نشاطا 
«مقصيا للتجارة». وإن هذا الاختلاف في إستراتيجيات الاستثمار والبحث 
والتطوير والتجارة يُعززء كما يقال» بنظم التحكم المحلية التي تندرج الشركات 
الأم في إطارها. وإن الطبيعة المعروفة للروابط بين المصارف والمشاريع 
التجارية» والملكية المتعددة؛ المعقدة للأسهم في بعض البلدان: وتباين دور 
البورصات حسب كل بلدء ونمط السلوك المتولد عن ذلكء تُرسغ؛ بدل أن 
تُموضء وفق هذا التحليل. ويجدر الإقرار بأن نماذج السلوك المتباينة تلازم 
التوجهات الإستراتيجية لكبرى الشركات متعددة القومية نحو تدويل 
نشاطاتها. وإن الجدول (؟١‏ - ؟) يلخص الاستنتاجات التي ينتهي إليها تحليل 


باولي ورايش. 
إعادة تنظيم 3١‏ نتاج ؟ 


يقدم لنا تحليل باولي ورايس )١9557(‏ جسرا موصلا بين التحليل الشكلي 
الكمي لنشاط الشركات متعددة القومية, والمقاربات النوعية لتنظيم الشركات 
لتطوير تجديد المنتوج والنجاح التنافسي. وغالبا ما تعتمد المقاربة النوعية 
على دراسة حالات منفردة: وهو أمر أغفلناه نسبيا في هذا الفصل. حتى 
الآن. زد على ذلك أن باولي ورايش يركزان في الأساس على تأثيرات نظم 
أعمال. قومية معينة على الشركات التي تنطلق من هذه النظم لممارسة 
نشاطات عالمية. وهناك سبيل آخر لمقاربة هذه القضية بمعاينة التأثيرات التي 
يمكن أن تتمخض عن دخول شركة متعددة القومية من الخارج على نظام 
أعمال مؤسس أصلا. لقد آن الأوان لإدراج هذه العناصر في الصورة. 

لا بد هنا من الإقرار بوجود عدد من السمات الأساسية لإعادة تنظيم 
الأعمال المعاصرة ودور الموقع في تحقيق مزية تنافسية. إن الطريقة 
الكلاسيكية التي يتناول بها علم الاقتصاد تحليل التكنولوجيا والتجديد تتم 





الشركات متعددة القومية ... 


عبر دالة الإنتاج. ويجري النظر إلى الإنتاج في شكل «خطي» حيث يتم تحريك 
وجمع المدخلات (5أنامها) لتوليد ناتج مخرج (أناماناه). ويدرج التجديد في 
هذه الموديلات عن طريق إضافة مدخل إنامم1 آخر يقاس عادة بمتغير معين 
مرتبط بالتقدم التكنولوجي مثل: عدد براءات الاختراع المسجلة؛ عدد العلماء 
والمهندسين. عدد وموقع مختبرات البحث والتطوير. نفقات البحث 
والتطوير ... إلخ..ويصف الموديل الخطي أيضا عملية التجديد كمملية مراحل 
متعاقبة: من البحث إلى التطويرء فالإنتاج؛ وأخيرا التسويق؛ ولكن من دون 
اتصال أو ترابط بين هذه المراحل. 

مقابل هذا النموذج (الموديل) الخطيء غدا واضحاء على نحو متزايد أن 
عملية التجديد تنطوي على شيء أكبر من مجرد استخدام «مدخل موارد» 


الجدول (17 -") 
هياكل وإستراتيجيات الشركات متعددة القومية 
من ثلاثة بلدان 
- الولايات المتحدة 7: 
- الاستثمار المباشر واسع: داخلي وخارجي انتقائي/توجه خارجي واسع: خارجي. مع 
منافسة محدودة من 


الاستثمار الداخلى 


ملكية أسهم قصيرة | استقلال ذاتي للمدراء | استقرار حملة الأسهم. 


الأجل. المدراء مقيدون | عدا فترات الأزمات: لا | مدراء مقيدون بشبكة 
كثيرا بأسواق رأس المال»| ١‏ مجازفات ضي الشركة المجازفة 
سعي للمجازفة, الاستيلاء. بالاستيلاء ومحصورة 
إستراتيجيات تتركز | استراتيجيات محافظة. | في نطاق الشبكة 
على التمويل وحدها/ إستراتيجيات 
جامحة متركزة على 


تمويل متركز إقليمياء | تمويل متركز قومياء 








المصدر: باولى 1197؛ الجدول 5 ص 7 














ما العولمة . 
آخر أو تنظيم تتابع مراحل منفصلة: إن النماذج اللاخطية: والحلقية 
والاسترجاعية تعترف بوجود الكثير من الأصول «غير المادية» في عملية 
التجديدء كتلك المقترنة بالتعلم المتدرج والمعرفة الضمنية, 
والمقترنة ب «الوسط» المحلي الذي تعمل فيه الشركة, أو المقترنة بالعادات 
والأعراف والتقاليد التي تخدم عملية الإنتاج «المنظمة اجتماعيا» ... إلخ. 
ومن السبل المهمة للتعبير عن هذه الجوانب اعتبارها بمنزلة حالات 
«اعتماد متبادل لا تجاري» (ستوربر 6:عم1590,5:0١).‏ إنها تمثل «رصيدا» لا 
يمكن تشخيصه وقياسه بسهولة من حيث هي مدخل في عملية الإنتاج؛ 
وهي توجد في الواقع بوصفها «عناصر خارجية» خاصة بالموقع» ولا تصبح 
في متناول الشركات إلا إذا أقامت عملياتها فعليا داخل الموقع المعني. وهذا 
يفسر التطوير الكبير لعمليات «التجديد من دون أبحاث وتطوير» هذا 
التجديد المستمد من المناطق الاقتصادية المحلية والإقليمية. وإن هذا 
«التجديد من دون أبحاث وتطوير» يتعلق بتجديد عملية الإنتاج» في جانب: 
ولكنه يتعلق أيضا بالتجديدات المتدرجة للمنتوج القائمة على كيفية التنظيم 
المكاني لعملية التجديد . وإن هذه الأمور تعيد أهمية موقع ومكان نظم 
الأعمال الخاصة إلى الصورة بوصفها عنصرا مركزيا للنشاط التجديدي 
والأداء التنافسي للشركات. 

إن إدراج هذه الاعتبارات يمكننا من فهم الطريقة التي تبحث بها الشركات 
عن عناصر القوة التنافسية المقارنة في المزايا المحلية المقترنة بنظم الإنتاج 
والتجديد والأعمال القومية أو الإقليمية. وهكذا. فإن الشركات متعددة 
القومية تسعى إلى أن تغرف المزايا التي تمتلكها بعض المواقع الخاصة ابتغاء 
تقوية أدائها التنافسي ونجاحها. وغالبا ما تبحث الشركات عن مزايا صغيرة 
تماما ترتبط بجزء محدد من إجمالي عمليات إنتاجهاء خالقة بذلك تقسيم 
عمل عالميا معقدا يقوم على التخصص الموضعي. لنأخذ منطقة يارن (م126:6) 
النرويجية على سبيل المثال (آشايم وايساكسين مء5!ة15 # «أعطعف؛ 1(591, 
ص 37١7‏ 18١؟).‏ تتخصص هده المنطقة في إنتاج الروبوتات (الإنسان الآلى) 
الصناعية المتطورة. توجد في هذه المنطقة شركة بارزة في هنذا انان 
(تدعى ترالفاروبوت) اشترتها شركة سويدية - سويسرية متعددة القومية هي 
شركة أي بي بي (8 8 4) في أواخر عقد الثمانينيات (ونشأ عن ذلك قكة 


الشركات متعددة القوميه ... 


أي بي بي فليكسبل أوتوميش) كانت شركة (أي بي بي) تنتج معظم الروبوتات 
الموجهة إلى صانعي السيارات الأوروبيين في مدينة فسيتيراسء في السويد, 
وعوضا عن إعادة الهيكلة بإغلاق المصنع القائم في يارن ونقل الإنتاج إلى 
السويد. قامت شركة (أي بي بي) بزيادة طاقات وعدد عمال فروعها في 
الترويع ايجفاء الجمل على عناصير القفوة الشاروحكعة العامة كن الرعة 
المحلية. وبذا فإن حضور شركة أي بي بي ععزز نظام الأعمال والتجديد 
المحلي. بدل أن يقوضه. 

وهناك مثال آخر عن عملية مشابهة يمكن أن نراها في الطريقة التي 
تغرف بها المصارف الألمانية متعددة القومية من المنافع المقارنة للنظام 
المالي في مدينة المال والأعمال بلندن (سيتي) ومن دون أن تقوض. 
بالضرورة. عمل هذا النظام أو تضعف نشاطاتها المصرفية المحلية 
(شوسكيتسه. أءأءاوه50: /1991. ص 76 /7). ذلك أن بنوك دويتشه وبنك 
دريسدن نورد دويتشه لاند وكوميرتس , قد نقلت - أو أنها بسبيلها إلى أن 
تنقل ‏ عملياتها العالمية من فرانكفورت إلى لندن. لكنها احتفظت بعملياتها 
المحلية داخل ألمانيا ‏ تلك العمليات التي تدعم أهلية المهارة العالية 
والعلائق المديدة مع الصناعة التحويلية المحلية. وبالمثل فإن الشركات 
الكيماوية الألمانية. من قبيل 8451 وباير ععلإة8, وهوخست ؤلءه21]10 
قلصت عمليات التكنولوجيا الحيوية (البيوتكنولوجي) في ألمانياء لتركزها 
في الولايات المتحدة. حيث تتوافر مزية تقنية وتنظيمية أفضل. بموازاة 
ذلك بقي البحث والإنتاج الكيماويان الأساسيان اللذان يولدان قيمة ٠.‏ 
مضاعفة عالية؛ متركزين في ألمانيا. ومن سبل تشخيص هذه التغيرات في 
كيفية إجراء الأعمال العالمية أن نماين إدخال شبكات متطورة من 
التخصص والقيمة المضافة. ولا ينطوي ذلك في بعض القطاعات. على أي 
استثمار مباشر في الخارجء وإن تطوير شبكات الإنتاج عبر الحدود»ء التي 
تتولى تجميع مختلف مفاصل التجديد. يحصل باجتذاب مجهزين محليين 
مستقلين يريطون نظام التجميع وضبط ال معايير في سلسلة: أو سلاسل 
السلعة (بوروس وزيسمان 0قتددلز2 يت ونمعره8: /551١)؛‏ من دون أن يقتضي 
ذلك من الشركة الكبرىء متعددة القومية,. أي إستراتيجية استثمار مادي 
ملموس. وتقتصر الشركة متعددة القومية على العمل بوصفها «منظما» 


ما العولمة" 


لشركات التجميع الثانوية» التي تحتل مواقع إستراتيجية في الشبكة. ونرى 
هنا تدويلا للإنتاجء لا يتطلب بالضرورة أي استثمار خارجي. ولعل بوروس 
وزيسمان يبالغان في مدى هذا الترتيب بوصفه؛ نموذجا جديدا للتناضس 
الكوني ستسير عليه كل القطاعات (وهما يسميان هذا النموذج باسم 
وينتلزم «15اعامةلاا», المشتق من إدغام اسم شركة ويندوز 710005 لبرامج 
الكمبيوترء وشركة إنتل 18]61: بما لهما من نمط خاص في تكنولوجيات 
الإنتاج) لكن نموذجهما هذا يلتقط عناصر من بعض التطورات المعترف بها 
تماما في الأعمال العالمية. 
ومن الأمثلة على ذلك الطريقة التي طورت بها سنغافورة أفضلية مقارنة 

في إنتاج وتجميع مشغل القرص الصلب لأجهزة الكمبيوتر (1]08): اعتمادا 
على الابتكارات التكنولوجية والتنظيمية لشركاتها المحلية (وقد استكملت في 
البداية باستثمار متعددة القومية ‏ وونج عمه/18 :19910) 7). وإن التطورات 
السريعة اللاحقة والاستثمارات المحلية الجديدة عملت على ترسيخ نظام 
الإنتاج والتجديد . ولا يرتكز ذلك على أي مزية في تكاليف العملء نظرا لأن 
تكاليف العمل المباشرة وغير المباشرة لا تؤلف سوى 6/ من التكلفة 
اللإجمالية لمشغل القرص الصلب للكمييوتر (وونج 7/028, /21591 
الجدول (7). ص .)١55‏ ولقد توطد عنصر سنغافورة في شبكات إنتاج عدة 
متطورة عابرة للقوميات لإنتاج معدات الكمبيوتر. ويلخص بوروس وزيسمان 
النقطة الرئيسية المستمدة من هذه الأمثلة بالقول: 

«إن الحقبة (...) هي حقبة يتعايش فيها سوق كوني متنام مع 

أسس قومية ثابتة لمسارات نمو اقتصادي متميزة ولإستراتيجيات 

شركات متميزة. إن العولة لم تؤد إلى إزالة نظم الإنتاج القومية. 

إن النظم القومية باقية. لكنها تتطور معا في افتصاد عالمي 

يكتسي: باطراد هيكلا إقليمياء. (1591: ص .)١17‏ : 


استخلا ص 
تنطوي فكرة هذا الفصل على عدد من النقاط. النقطة الأولى هي أن 


تدويل الإنتاج والنشاط التجاري بقي موزعا توزيعا شديد التفاوت. تهيمن 
فيه بلدان الكتل الشلاث وقلة من الاقتصادات المفضلة:, الأقل تطوراء 


الشركات متعددة القومية ... 


والأسرع نموا. أما البقية الكبرى من سكان العالم فلا تنتفع بالمرة من هذه 
التطورات. وتعيش في معزل عنها. كما أن توزيع الدخل متفاوت بشكل 
حادء دون أن تلوح في الافق أي بادرة على تغير هذا الوضع. 
ثانياء هناك مغالاة في مدى تأويل نشاط الأعمال في التصورات 

الشعبية والأكاديمية على حد سواء. فهذا التدويل لا يزداد بمعدل 
دراماتيكي ملفت للنظر. واعتمادا على التحليل الكمي الوارد في القسم ' 
.الأول من هذا الفصلء توصلنا إلى أن من المعقول القول إن ما يترواح بين 

0١ - 6‏ من القيمة المضافة للشركات متعددة القومية يستمر في 
الإنتاج على أرض الوطن. ويتفق هذا الاستنتاج مع حجج تايسون 19508 
)١1551(‏ وكابشتيان داعادصة1 :)١591(‏ ولازونيك عاء1زه1220 )١157(‏ في 
سجالهم مع رايش طعزعه 15٠١(‏ و1595١)‏ حول طبيعة الأعمال الدولية 
(انظر أيضا: هو 111 ١597‏ و1590). لقد اعترض هؤلاء المؤلفون على 
فرضية رايش القائلة إن الاعمال الأمريكية تحولت إلى شركات «عابرة 
للقوميات». وإن ذلك ليس بذي بال. وأشار تايسون إلى «أن عمليات 
الشركات الأم الأمريكية, في قطاع الصناعة التحويليةء تؤلف 1/8 من 
إجمالي الاصولء ٠١‏ من إجمالي المبيعات. و١٠‏ من إجمالي العمالة 
في الشركات الامريكية متعددة القومية, في العام ١188‏ (ص 58). وإن 
التحليل الوارد في هذا الفصل يؤكد انطباق ما خلص اليه تايسون على 
طيف واسع من البلدان. 

غير أن هناك. كما هو جلي. قدرا معينا من تدويل نشاط الأعمال قد 

تحققء وعليه. فإن القضية الثانية التي تناولناها في هذا المصل هي تقييم 
إستراتيجيات الشركات المنتمية إلى نظم أعمال متباينة. وبرغم ان الاكتشاف 
الرئيسي يشير إلى تركز النشاط في الوطنء فإن بقية النشاطات كانت 
متتوعة بتنوع مجاميع البلدان. نقصد بذلك أن الشركات متهددة القومية من 
مختلف البلدان تنشط في مناطق مختلفة: وبأبعاد مختلفة. ولا تتشابه 
الشركات متعددة القومية, أبدا من ناحية الانتشار الجغرافي لنشاطاتها خارج 
أراضي أوطانهاء كما لا تتشابه في الطرق التي سلكتها ابتغاء تدويل نشاطاتها 
وقلنا بهذا الخصوص إن نظم الإنتاج والأعمال في بلدان المنشأ لا تزال تسم 
الشركات متعددة القومية بميسمها الخاص من ناحية المقاربة والسلوك. 


ما العولمة 


وترتبط بذلك مسألة أخرى:: هي ماهية التأثيرات التي يمارسها 2" 
التدويل المحدود لنشاط الأعمال على نظم الأعمال والإنتاج والتجديد 
القومية. وفكرتنا هي أن هذا التدويل بحاجة إلى أن يتطور إلى حد بعيد 
كي يستطيع أن يقوض أو يحول أو يجعل النظم القومية نافلة. بصورة 
جذرية. والحق أن تدويل الأعمال يعزز ويقوي هذه النظم القومية من نواح 
عدةء فالشركات تمسك بالمزايا الناجمة عن تشكيلات إنتاج محلية معينة, 
التي تعزز قدرتها على التنافس. زد على هذا أن استمرار التركز الواضح 
لمعظم الشركات متعددة القومية في أوطائها يقدم لهاء وهذا ما ينبغي 
الاعتراف به مزايا لن تتخلى عنها بسهولة. 

أخيراء يجدر بنا أن نثير ما ينجم عن هذا التحليل من عواقب تتصل 
ب «التحكم». والقضية هنا مزدوجة. فأولاء إذا بقيت النظم القومية للإنتاج 
والأعمال والتكنولوجيا مستقرة بشكل راسخ ضي اد الوطنيء سيظل هناك 
مجال لإدارة هذه الشركات بما يخدم مصالح استقرار الاقتصاد القومي 
وإنتاجيته. وثانياء لما كانت الشركات متهعددة القومية لا تزال مريوطة 
باقتصادات مواطنهاء. سواء كان هذا الموطن بلد او منطقة اقليمية. فإن ثمة 
فرصة أمام الهيئات القومية. أو دون القومية أو الإقليمية, لكي تتولى مراقبة 
هذه الشركات وضبطها والتحكم بهاء بشكل فعال أكبر مما لو كانت هذه 
الشركات «رأسمالا طليقاء بحق. وهكذا فإن الخلاصة الإجمالية لهذا الفصل 
تفيد بأن ثمة مغالاة في مدى التدويل والعواقب الممكنة؛ الضارة؛. لضبط 
نشاط الشركات متعددة القومية أو الضارة بالاقتصاد القومي. فالأعمال 
العالمية لا تزال مقصورة:؛ إلى حد كبير؛ على وطن المنشأ من ناحية النشاط 
الإجماليء أي أنها تبقى «قومية المرتكز» بشكل كبير. 





5 تجارة الشمال والجنوب 


«إن نمط المنافسة التي 
تنخرط فيها البلدان بوصفها 
بلدانا يجري وفق بعد آخر 
مختلف تماما عما يقوله 
الاقتصاد التقليدي». 
المؤلفان 


والتنافس العالمي 


غدت العلاقات بين شمال العالم وجنويه 
تضية استاسية من قهانا لمجال تجو اليل 
باتجاه «العولمة» المعاصرة. وينظر إلى هذه 
العلاقة, الآن. باعتبارها علاقة تكامل أعظم: 
وتدفقات متنامية للتجارة في السلع المصنّعة من 
الجنوب إلى الشمال. ويرز السجال في هذه 
القضية أواخر عقد السبعينيات ومطلع عقد 
الثمانينيات. واقترن ذلك اقترانا فويا بالتكامل 
الجلي المفاجئ للاقتصاد الأمريكي (الذي كان؛ 
حتى تلك .اللحظة:؛ يتميز باستقلال ذاتي كبير) 
مع النظام الاقتصادي الكوني. وشهدت أوروياء 
برغم أنها أقل من الولايات المتحدة عزلة 
كاقتصاد «قاري» سجالا ممائلا بخصوص تغلغل 
الواردات من الجتوب. ولسوف تقوم في هذا 
الفصل بدراسة تفاصيل هذا السجالء وعرض 
ومغزاها بالنسبة لأطروحة العولمة. 
الفصل بريط مناقشة التجارة بين الشمال 


ما العولمة" 
والجنوب مع بروز خطاب «القدرة التنافسية العالمية». وهنا سوف ندقق في 
سيب هذا الانشغال بالسعي إلى امتلاك «القدرة التنافسية عا ميا». إن 
التشديد على «القدرة التنافسية» يهدد بالاستشراء ليعم كل جوانب الحياة 
الاقتصادية والاجتماعية. ويصح هذا على الشركات مثلما يصح على الأمم, 
سواء كان نشاطها يندرج في قطاع السلع المتاجرة عال ميا أو لاء وسواء كانت 
السلع تنتج فرديا أو تقدم جماعيا: فالكل الآن يخضع على قدم المساواة 
لمعايير خطاب القدرة التنافسية. فإستراتيجية الشركة تحرص. حرص 
السياسة الحكومية. على أن تكون ندا قادرا على أن يباري تحديات عالمية 
مفترضة. ويصح هذا أيضاء بدرجة متزايدة؛, على الأفرادء الذين يتوجب 
عليهم أن يكونوا «تنافسيين» في طريقة أداء حياتهم: ويطرح هذا الإلزام 
تحت عناوين شتى من قبيل «المرونة» و«التجديد» و«الابتكار» و«روح 
الأعمال». وما شاكلها. ويرتبط خطاب القدرة التنافسية هذا ارتباطا وثيقا 
بالعولمة: فالأسواق الكونية تفرض المنافسة, ولا مفر من ملاقاة الأسواق 
وفق شروطها الخاصة. 

لقد نظمنا الفصل الرابع على النحو التالي: يستعرض القسم 
الأول منه القضايا المثارة. معاينا السوابق التاريخية للسجال الحالي 
حول الشمال والجنوب. وهناك عرض للمحاججات النظرية 
والتجريبية المطروحة حول هذا السجالء يليه تقييم للبراهين. أخيراء 
يقدم الفصل مقاربة بديلة عن المقاربات الطاغية. المبثوثة فضي 
الكتابات الكثيرة عن هذا الموضوع. أما القسم الثاني من هذا الفصل 
فيدرس الميول المرتبطة بالقدرة التنافسية العالمية. ونقوم أولا بتقييم 
أسباب نمو الاهتمام بهذا المفهوم. ونتفحص ثانيا الإطار المفهومي 
المناسب لتقييمه. ثم ندرسء ثالثاء العلاقة الجغرافية . الاقتصادية بين 
الكتل الرئيسية الثلاث من جانبء والأطراف الثانوية الأخرى الداخلة 
في لعبة المنافسة العالمية من جانب آخر. ونركز رابعا على القدرة 
التنافسية الاقتصادية,» خصوصا.ء والفوارق بين القدرات التنافسية 
للشركات والأمم من ناحية تبعاتها على نظرية التجارة. أما القسم 
الختامي من هذا الفصلء فيلخص تبعات أطروحة العولمة والدروس 
التي يمكن استخلاصها منها. 


تجارة الشمال والجنوب . 


ويأخدنا هذا التحليلء بمعظمه. إلى الفترة من مطلع إلى منتصف 
عقد التسعينيات. نظرا لأن هذه اتتة التي تركز فيها 
السجال عن «التجارة والعولمة». 


ما المساضل والقضايا؟ 
يرى البعض أن التكامل الاقتصادي بين الشمال والجنوب قد ازداد 
بصورة سريعة منذ عقد السبعينيات فصاعداء ليصل إلى مستويات هائلة 
بحلول مطلع التسعينيات. فمثلا إن استيرادات البلدان الأعضاء في منظمة 
التعاون والتنمية الاقتصادية 0868 من البلدان حديثة التصنيع روع ج001 
ازداد بين الأعوام 197١0‏ و1597, من 35,4 / إلى ١0,4‏ / من حصة بلدان 
منظمة التعاون من السلع المصنعة. أما بالنسبة لبلدان المنظمة في أوروباء 
فقد ارتفعت النسب من 7/7717 إلى 8,57/, في حين أن هذه النسب ارتفعت 
عند المملكة المتحدة. من 0,5 إلى ", 2٠١‏ (ماك جيفن ه01ء11) 1957 
الرسم البياني رقم .)١(‏ ص .)٠١‏ وخلال الفترة ذاتها ازدادت الصادرات 
المصنعة إلى البلدان حديثة التصنيع من 1,1 إلى ١0,7‏ / من إجمالي 
الصادرات المصنعة لبلدان المنظمة:؛ ومن 7,7 / إلى 8 من إجمالي 
الصادرات المصنعة لبلدان المنظمة في أوروباء لكنها انخفضت من 78.4 إلى 
0١‏ / بالنسبة للمملكة المتحدةء (ماك جيفن. .١1597‏ الرسم البياني رقم 
.)١(‏ ص .)3٠١‏ أما في حالة الولايات المتحدة في العام 1914, فإن حصة 
البلدان النامية ككل شكلت 75 2 من استيرادات الولايات المتحدة للسلع 
المصنعة, ثم نمت هذه النسبة إلى 757,4 في العام ١1540‏ (زاكس وشاتز 
2 فق وطء53: :,١15954‏ ص .)١‏ ولسوف نرى لاحقا أن التركيز بهذه الصورة 
على منشأ الواردات من البلدان حديثة التصنيع كنسبة من إجمالي واردات 
البلدان المتقدمة: يمكن أن يولد انطباعا خاطتًا عن المستوى الإجمالي 
للتكامل بين الشمال والجنوب. 
غير أن هذا التبدل في منابع واردات البلدان المتقدمة هو الذي أقلق 
صناع السياسة:؛ والسياسيين. كما أقلق الاقتصاديين وإن يكن بدرجة أقل, 
وهو الذي يشكل متبع الخشية العامة من التأثيرات المحتملة للعولمة على 


ما العولمة" 
الاقتصادات المتقدمة. ويرتبط ذلك بالتحول الواسع في درجة انفتاح 
الاقتصادات عموما بعد الحرب العالمية الثانية. مقاسا بتناسب تجارتها إلى 
إجمالي ناتجها المحلي (انظر لاحقا). ولما كانت هذه المخاوف قد برزت 
اناهن على الاقتصاد الأمريكي. فإن الشكل ١(‏ - 5) يبين نموذج نمو 
التغلغل التجاري بالنسبة للاقتصاد الأمريكي بين الأعوام 197١‏ و1995. 
وينبغي للمعطيات الواردة في هذا الشكل أن تنبهنا إلى سمة مهمة في هذا 
النمو التجاري. فبرغم أن متوسط نسبة تجارة الولايات المتحدة إلى 
إجمالي ناتجها المحلي ارتفع من 28 العام 197١‏ إلى ١8‏ العام 1597., فإن 
متوسط نسبة الواردات من مجموعة البلدان الأقل تطورا نما من أقل من 
١‏ إلى #5: وإن هذا المعدل الخاص بالعام ١197‏ يظل متدنيا بكل المقاييس 
(ولابد لكم أن تلاحظوا أن النسبة تشمل إجمالي الواردات وليس فقط 
المستورد من السلع المصثّعة)!). 

ويجدر هنا أن نعاين مدى تفاعلات التجارة العالمية بصورة أعم, أولاء 
بين أعضاء الكتل الثلاث؛ وتالياء بين «الشمال» و«الجنوب» (معبرا عنها 
بلغة الدخل القومي). يبين الشكل  ”(‏ 4) وضع الكتل الشلاث. لقد 
استوردت الولايات المتحدة من أوروبا واليابان ما يوازي 1,: “ من إجمالي 
ناتجها المحلي في العام ١947‏ (مقارنة باستيراد ما نسبته ” “ من البلدان 
الأقل تطورا. انظر الشكل  ١(‏ :. ب)). أما من ناحية السلع المصنعة فإن 
نسبة التجارة بين الولايات المتحدة والبلدان حديثة التصنيع إلى إجمالي 
الناتج المحلي لم تزد عن حوالى " “ من إجمالي الناتج المحلي للولايات 
المتحدة في مطلع عقد التسعينيات (مرتفعة بذلك من حوالى ", ٠‏ العام 
) إن هذه الأرقام. كما سنجادل لاحقاء لا تشكل نسيا عالية تحديداء 
برغم أن معدلات النمو بارزة (انظر: كروجمان 030اعنت؟از ,١1590‏ الجدول 
(غ) ص 77”7”, وكذلك: كروجمان ولورنس ع6مء0/6ه] أ 0قلمكع امكل .)١5914‏ 

وحين نقارن بين العام ١517‏ والعام ؟1597؛ فإن الشكل  ”١(‏ 8) يفيدنا بأن 
نمو التجارة ومدى تكاملها بين بلدان الكتل الثلاث بقيا متواضعين جدا حتى 
في العام ؟19495. وعلى سبيل المثال فإن التدفق التجاري بين اليابان والولايات 
المتحدة (زائدا كندا). هو الوحيد الذي زاد على نسبة ” “ من إجمالي الناتج 
المحلي. وإن المقارنة بين الأرقام 1977 والأرقام :١1447‏ تشير إلى حصول تغير 


تجارة الشمال والجنوب ... 


معين في التوجهات داخل الكتل الثلاث. حيث يتركز أكبر التغير في الولايات 
المتحدة. وبخاصة الهبوط في نسبة التصدير إلى اليابان. 

ويسجل الشكل (" - ؛) الطريقة التي انفتحت بها الولايات المتحدة 
إلى أوسع مدى من ناحية استيراد السلع المصنعة (ويصح هذا أيضا على 
الصادرات المصنّمة: وإن يكن بدرجة أقل). إن إجمالي واردات السلع 
المصنعة قد تضاعف خمس مراتء مرتفعا من “١,05‏ من إجمالي الناتج 
-المحلي الأمريكي العام ١9377‏ إلى 17, ا منه في العام ١1597‏ . ولم تستطع ‏ 
أوروبا ولا اليابان أن تزيد مساهمتها في تجارة السلع المصنعة إلى مثل 
هذا الحرة. 

وابتغاء تحديث هذا التحليل اعتمادا على أحدث المعطيات ‏ علاوة 
على تقديمه في صيغة مختلفة بعض الشيء ‏ فإن معطيات الجدول 
(5-1) تشير إلى درجة أهمية تدفقات تجارة السلع في العام 1997 بين 
بلدان الكتل الثلاث؛ وبين هذه من جهة؛ وأمم شرق آسيا الرئيسية من جهة 
أخرى. ويتضح من ذلك أن إضافة البلدان المتاجرة من شرق آسيا إلى 
الصورة لا يغير المغزى العام لتدفقات التجارة بين بلدان الكتل الثلاث. إن 
مدى التجارة الفعلية داخل الكتل الثلاث لا تزيد إلا نادرا على ” / من 
إجمالي الناتج المحلي العام 1447.: ولم تتجاوز ؛ : بعد إضافة المتاجرين 
من شرق آسيا. 

ننتقل الآن إلى البؤرة الرئيسية لهذا القسم.ء ونعني بذلك علاقات 
التجارة بين الشمال والجنوب مقاسة نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي. 
ونعرض الصورة العامة لهذه العلاقات في الشكلين (؛ . ؛) و(4 . 4). 

إن مصطلح «الشمال». هناء يعني كل بلدان منظمة التعاون والتنمية 

الاقتصادية (08017). أما مصطلح الجنوب فيشمل كل البلدان غير المنتمية 
إلى المنظمة (0802 ) يعرض الشكل (؛ . ؛) الكتل الثلاث بصورة منفصلة؛ ثم 
يقدمها مجتمعة. كما يقدم نسبا مماثلة لبلدان الكتل الثلاث في علاقتها 
التجارية مع «الجنوب» للعام .١997‏ علاوة على ذلك؛ تشير هذه الأرقام إلى 
أهمية تجارة الشمال ‏ الشمال التي تفوق كثيرا أهمية التجارة بين الشمال 
والجنوب ككل ١١(‏ / العام 1997). وتبين المقارنة بين العام 1577 والعام 
7 أن الولايات المتحدة هي الطرف الذي تأثر بالدرجة الأكبر بنمو تجارة 





(أ) إجمالي تجارة الولايات المتحدة (مجموع الصادرات والواردات - 19 
7 كنسبة مئوية لإجمالي الناتج المحلي) 


مران 








1005 1990 15305 1|050 075] 0ْظ1 


(ب) تجارة الولايات المتحدة والبلدان الأقل تطورا (تتضمن التدفقات التجارية مع الشركاء التجاريي 
عدا كندا واليابان وأستراليا ونيوزيلاندا وجنوب أفريقيا ودول الأوبك وبلدان أوروبا الغربية). 










واردت البلدان الأقل 
تطوراً إلى إجمالي الناتج 
المحلي 


صادرات البلدان الأقل 
تطورا إلى إجمالي الناتج 
المحلي 


1010 10/5 1250 1085 1000 1005 


الشكل )1-١(‏ 
الانفتاح التجاري لاقتصاد الولايات المتحدق 1910٠‏ 95و١1‏ 
المصدر: استقيناه مع التعديل عن بورخاس وفريمان وكاتز /1991 122 200 مقدرعع] ,كد80 


الشكل (7): ص ١١‏ 








تجارة الشمال والجنوب ... 


2.82* 


من وإلى الولايات المتحدة وكندا 


6 ا 000 : ان هجوي مت ساحن الا و 


]002 





الشكل (؟4-17) 
الصادرات والواردات داخل الكتل الثلاث كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي للعام 1١9117‏ 
مقارنة بالعام ١937‏ 


المصدر: روكمت المعطيات من (015:01): دراسة الوظائض: الجزء الأول . الدليل 
والشروحاتء الجدولان ١(‏ - ") و(7- 7): ص ١لا‏ وص ١8؛‏ (013001): للعام ١9494‏ 


ما العولمة" 





الشكل (1-37) 
تجارة الكتل الثلاث في السلع المصنعة كنسبة مئوية من إجمالي النائج المحلي للعام ١997‏ 
مقارنة بالعام ١9577‏ (بالاسعار الجارية): 


المصدر: المصدر نفسه للشكل (؟ -14) 
الجدول )4-1١(‏ 


تدفقات تجارة السلع كنسبة مئوية من إجمالي الناتج 
المحلي للمنشأ من الكتل الثلاث. العام 1١995‏ 


من 
أمريكا الشمالية 
أورويا الغربية 


اليابان (ي) 





المتاجرون من شرق 


آسيا رم ش أ) 








المتاجرون من شرق آسيا هم: الصينء هونج كونج: تايوان» كورياء ماليزياء تايلاند: سنغافورة. 
المصدر: منظمة التجارة العالمية» التقرير السنوي؛ 141907 المجلد الثانيء الأرقام مأخوذة عن 
الجدول رقم 4.١١‏ (ص ؟١1١)‏ ورقم 5.1١‏ (ص ١1١‏ ) ورقم 48.1١‏ (ص ١37‏ ). 











تجارة الشمال والجنوب ... 


يكشف الشكل (0 -4) عن مدى التكامل الإجمائي بين الشمال والجنوب 
منقناسا يآرقام التجارة بالسلع الضنمة. وعلى حين أن إجمالي الشاتج المحلي 
لبلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (0860) شهد نموا ملحوظا خلال 
ثلاثين عاماء فإن النسب بقيت مع ذلك ضعيفة في العام 1497: حيث لم تزد 
واردات دول المنظمة من الجنوب عن ؟,7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي 
كذول اللنظمة ركه لم كه اللمسية عن ١ف‏ اكاقة بالنشيحة للواردات ذات 
القيمة المضافة العالية)!؟). ا 


102 














الشكل (4-14) 
علاقات التجارة بين الشمال والجنوب: التجارة بين الكتل الثلاث والبلدان غير الأعضاء في 
منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (0156:10) 
(صادرات وواردات السلع كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلي). أما الأرقام 
الواردة بن قوسين فتستثني التجارة مع الدول المنتجة للنفط (أويك)؛ على أساس 
المقارنة بين العام 9 والعام 1957). 
المصدر: المصدر نفسه الوارد في الشكل (؟ ‏ 14). 


(*) أرقام مقربة إجماليات الواردات والصادرات تختلف قليلا 











ما العولمن' 


المنسوجات والملابس والاحذية 


10063 1002 








الشكل (4-0) 
تجارة السلع المصنعة بين الشمال والجنوب كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي لبلدان 
منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 0101 للعام 1١947‏ مقارنة بالعام ١97+‏ 


< المصدر: كما فيالشكل(4-5) 


ويجدر بناء عند هذا الحدء أن نلخص ما تعنيه هذه الأرقام. بادئ ذي بدءء 
إن أفضل السبل هو أن نقارن بين نسب التجارة بلغة الدخل القومي (إجمالي 
الناتج المحلي 627) لكي ندرك الميول الرئيسية؛ وبخاصة مستويات تكامل 
التجارة الكونية. لقد بقيت هذه النسبة متواضعة في مطلع عقد التسعينيات 
وأواسطه. ثانيا. إن التغيرات الرئيسية إنما طرأت على موقع الاقتصاد 
الأمريكي داخل «الشمال». لقد أبدى الاقتصاد الأميركي أكبر نزوع إلى أعظم 
انفتاح؛ ويرجع ذلك بدرجة كبيرة:؛ إلى أن تكامله انطلق من قاعدة متدنية 
جدا في عقد الستينيات. 

ولكن ما مشكلة العلاقات بين الشمال والجنوب التي يعتقد أن هذه 
الميول والمستويات قد ولّدتهاة إنها استمرار «القدرة التنافسية العالمية» 
لاقتصادات الشمال في إنتاج السلع المصنّعة. هل أدى نمو وتعاظم تكامل 
التجارة العالمية إلى تقويض قدرة الصناعة التحويلية لاقتصادات الشمال 
نظرا لتحويل نشاط الصناعات التحويلية إلى بلدان الجنوب حديثة 
التصنيع؟ وما تأثير هذا التطور على آفاق العمالة في الشمال؟ وهل أن 
البطالة وهبوط المداخيل الحقيقية للعمال غير الماهرين في الشمال هما 


تجارة الشمال والجنوب ... 


النتيجة المباشرة لانتقال وظائف الصناعة التحويلية إلى الجنوب؟ إن كانت 
الحال كذلك؛ فإن مشاعر الحماتية التى تصاعدت في الولايات المتحدة, 
وكذلك؛ بدرجة أخف. في أوروياء خلال عقد الثمانينيات: ستكون مبررة (*) 
ولسوف نتناول الآن هذا السجال الدائر حول أسباب وعواقب الانتقال 
المذكور للصناعة التحويلية إلى الجنوب. 

هناك على وجه العموم فكرتان طرحهما علم الاقتصاد التقليدي لتفسير 
هذه الميولء. وهناك فكرة ثالشة دخلت على الخط أخيراً. تتعلق الفكرتان 
الأساسيتان بتأثيرات التجارة مقابل تأثيرات التطورات التكنولوجية على 
العمالة ومستويات الأجور في الشمال. أما الفكرة الثالثة فتتعلق بتأثيرات 
الهجرة: وبخاصة الهجرة إلى الولايات المتحدة؛ على أوضاع سوق العمل هذه. 
ليس في النية هنا أن نكيل صاعا بصاع في هذا السجالء فمثل هذه 
المحاججة متاحة في موضع آخر (انظر: لورنس ع1201600: 1193, كلاين 
56ذ0. 15517 الفصل الثاني. وتقرير البنك الدولي 14517). وسنركزء 
بالأحرىء على النقاط الأساسية في هذا السجال لنعاين القضايا التحليلية 
المثارة بصدد أطروحة العولمة. 
المقار بات التهليلية 

يقتصر علم الاقتصاد التقليدي على تحليل التجارة في إطار نموذج 
هيكشر ‏ أوهلين/ ستولبر صامويلسون للتجارة العالمية. حيث تتحفز 
التجارة بين البلدان بفعل عوامل المنفعة المقارنة وعوامل الإنتاج؛ وإن هذا 
النموذج بالذات هو الذي يستخدمه أساساء مع بعض التحوير والتعديل, 
أولئتك المنخرطون في السجال القائل إن تجارة الولايات المتحدة مع الجنوب 
هي العامل المقرر. وبالطبع فإن نموذج هيكشر ‏ أوهلين/ ستولبر ‏ 
صامويلسون (وسنرمز له من الآن فصاعدا بالرمز: ه ‏ أ/ س . ص) غير 
مرض في إطار التجارة داخل الكتل الثلاث. حيث إن التجارة داخل 
الصناعات هي الطاغية. وفي هذه الحالة تحل نماذج النظرية التجارية 
الحديثة ( ن ت ح) محل نموذج ه ‏ أ/ س ‏ ص الذي يعتمد المقاربة من 
زاوية قابلية عوامل الإنتاج. تفترض نظرية التجارة الحديثة (ن ت ح) وجود: 
بنية احتكار القلة للسوق. واقتصادات المقياس الكبير 015216 660050165 


ما العولمة" 


(داخليا وخارجيا). وحواجز أمام الدخولء: ومزايا المبادر الأول والإقفال 
التكنولوجي؛ وما إلى ذلك. إن هذه المسمات هي التي تولد التجارة بين 
البلدان بمنتجات ذات عوامل إنتاج متماثلة. 
أما فى حالة الشمال والجنوب. حيث التجارة داخل الصناعة لم تتطور 

قناما: إن التنادل الكجاري ينظر إلية قليديا بامارم تجازة "بين المداهات. 
أما هناء فإن التجارة تجري بين الشمالء الذي يمتاز بقوة عمل عالية المهارة 
وعالية الأجورء كما يمتاز بقابلية كبيرة من رأس المال المدفوع؛ وبين الجنوب, 
الذي يمتلك قابلية كبيرة من العمل غير الماهر مقرونا بمستويات متدنية من 
الأجور. ومستويات متدنية من قابلية رأس المال('). وإن النموذج «الطبيعي» 
للإنتاج في ظل هذه الظروف هو أن يتخصص الشمال في منتجات متطورة 
تكنولوجيا وذات قيمة مضافة عالية وذات مهارة عالية الكثافة, أما الجنوب 
فيتخصص في منتجات متواضعة تكنولوجياء وذات قيمة مضافة واطئة وذات 
مهارة متدنية الكثافة. وعندئن يجري تبادل هذه المنتجات بين المنطقتين. 
وهكذا فإن هجرة السلع المصنعة من الشمال إلى الجنوب تعبرء ببساطة. عن 
الفعل الاعتيادي لنظام السوق العالمي. وإن نموه يكون متوقعا بموازاة تسارع 
عملية تكامل «العولمة» اعتمادا على توسيع أسواق العالم. 

ويمكن أن نرى هذا النموذج من الإنتاج؛ إلى حد معين. في الجدول (7 ؛) لقد 
حصل ابتعاد عن إنتاج السلع المصنعة الأساسية في الشمالء ونمو لإنتاجها في 
الجنوب. ولكن بموازاة توسع إنتاج الصناعة التحويلية المتطورة (والمتاجرة بالخدمات) 
في الشمالء ثمة نمو أسرع من ذلك في الجنوب. وقد أدى هذا إلى تعقيد الأمور 
بعض الشيء بالنسبة للإطار البسيط الذي يمثله نموذج (ه أ/ س ‏ ص). ففي 
العام 196١‏ تماثلت نسب القطاع اللاتجاري (اللامتاجر) في كل من الشمال 
والجنوب؛ بعد أن توسع في كلتا المنطقتين منذ العام .1517١‏ 

هناك عدد من القضايا الأساسية التي تثور في إطار عمل النموذج العام 
(ه أ/ س ‏ ص). تتعلق القضية الأولى بتأثيرات عملية الانتقال من الشمال إلى 
الجنوب (إِنْ كانت تجري على هذا النحو) على أوضاع سوق العمل في الشمال!"). 
ونعني بخاصة ما حصل من تدهور كبير في أجور العمال غير الماهرين وآفاق 
تشغيلهم في الشمال. وينبغي وضع ذلك في إطار تدهور قوة العمال في السوق 
بوجه عام بعد أن هبطت الأجور الحقيقية في الولايات المتحدة (وفي أماكن 


] السلع المصنعة الأساسية 


اماس نات حقو فصع 





تجارة الشمال والجنوب ... 


الجدول (7 0( 
تركيب الإنتاج في الشمال والجنوب للعامين 1١9٠7١‏ و1990 
(كنسب مئوية من إجمائي الناتج المحلي) 


القطاع الأول 


السلع المصنعة المتطورة 


والخدمات المتاجرة 





قطاع اللامتاجرة 
المصدر: أعد بتكييف عن مينفورد؛ ريلي ونوويل !ل1105 له زعلن1 بل«م/صتكة لووك 
الجدول رقم (١)؛‏ ص 5. 
أخرى وإن يكن بدرجة أقل أوأكثر اختلافا) خلال عقد الثمانينيات ومطلع 
التسعينيات (فريمان وكاتز 202؟1 # مددرءعء؛ 1554). الواقع أن أجور العمال 
غير الماهرينء؛ بعد تعديلها وفما لمؤشرات التضخمء. هبطت بصورة مطلقة خلال 
عقد الثمانينيات. ويضاف إلى ذلك تعميم نمو اللامساواة في معدل الأجور 
والدخل في الشمالء وفقدان أمان العمل بوجه عام. 
ويلخص الجدول  "(‏ :) الوضع في عدد من بلدان الشمال المنتقاة. من 
ناحية اللامساواة في الدخل. ولو استثنينا فرنسا وألمانيا (كذلك الدانمارك من 
ناحية الدخل المتاح للإنفاق) فإن منظمة التعاون والتنمية الافتصادية تستنتج أن 
البلدان المبينة شهدت نموا عاما في اللامساواة  ١1951/(‏ ب؛: ص .)0١‏ وإن نمو 
هذه اللامساواة على آشده في حالة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطالياء 
التي تميزت بأعلى مستويات اللامساواة في منتصف التسعينيات أيضا. وتكشف 
هذه الآرقام أيضا عن التباين الملحوظ في التجرية الأوروبية من ناحية 
اللامساواة وأوضاع سوق العمل؛ وهو أمر سنعود إليه لاحقا (انظر: البنك 
الدولي 1447.: الرسم البياني 0؟. ص 01). 
والسؤال الذي يثور بشأن هذه المعطيات هو: كيف نشأ هذا الوضع؟ هل 


يرجع أساسا إلى نمو التجارة من الجنوب؛ أم أن هناك أسبابا أخرى؟ وهنا 














ما العولمة 


تبرز إلى المقدمة مسألتان هما تعقيد اشتغال نموذج ه - 1/ س - صء وآهمية 
إدراج طيف من الاعتيارات الأخرى التي من شأنها أن تفسر هذه الميول في 
توزيع الدخل. هناك اتجاهان رتيسيان في التحليل؛ واتجاه إضافي ملحق: إن 
الميول المذكورة تعزى إلى نقل الصناعة التحويلية إلى الجنوب والنمو اللاحق 
فى التجارة الكونية (التفسير «العالمي»)؛ أو تعزى إلى التغيرات في التطورات 
التكنولوجية فى الشمال التى أضرت إضرارا واضحا بالعمال غير الماهرين 
الحده1١147)‏ 
التغيرات في اللامساواة في الشمال (نسب مئوية) 
ومعاملات جيني 01111) (الأرقام المدرجة بين أقواس) 





























لبد | دسق | اماق افق | 
- الدانمارك 15- ١5455‏ (أ) (مستوى العام 1594) م25 ,ع 
(5:) 8 7 
- فتلندا 1947 - ١550‏ (مستوى العام 195960) 1 14 97 
95 0 
- فرنسا 19105- ١59١‏ (مستوى العام )0949٠‏ 0 | 00 - 01 17 
ا 9 - (01) 
- ألمانيا ١594 - ١984‏ (ب) (مستوى العام ١) )١9554‏ ,3 
(45:3) 0 8:5 

ا - إيطاليا 1947 - ١551‏ (مستوى العام ؟195) | 227 1 
)601( 2 (5.60) 
- هولندا - 191/9 - ١998‏ (مستوى العام )١9514‏ 117 11 
501 (005) 
- السويد ١5175‏ - 1990 (مستوى العام 19960) 225 0 

1 (4,4) قم ا 
- الولايات المتحدة 19174 - ١590‏ (مستوى العام 15560) ٠0‏ 
(4,ه4) 5.5 
- المملكة المتحدة 1917 - ١997/1550‏ (مستوى العام ا 0/1 
0 6/0 ) 005 0007 








كلما كان معامل جيني 0101 أعلى؛ كانت اللامساواة أكبر؛ أما التغيرات الموجبة فتشير 
إلى تعاظم اللامساواة. 
(أ) حسب مقاييس أخرىء هناك نمو في اللامساواة في الدانمارك. 


(ب) حسب مقاييس أخرىء هناك تقلص في اللامساواة في آلمانيا. 


المصدر: استقينا معطيات المملكة المتحدة من تقرير «الميول الاقتصادية» رقم 5٠١‏ (مارس/1990): 
الملحق رقم (2)1الجدولان (١)و(7),:‏ ص "7ه. أما معطيات بقية البلدان فقد استقيناها من 
١951/0800‏ . ب الجدول 219 ص .5١-‏ 









































تجارة الشمال والجنوب ... 


وعمال الصناعات التحويلية في الشمال (التفسير «المحلي»)؛ أو تعزى إلى 
تنامي هجرة اليد العاملة إلى الولايات المتحدة تحديداء وبخاصة اليد 
العاملة غير الماهرة (وهذا تفسير «عالمي» آخر). 

إن إطار النموذج ه أ/ س ‏ ص يتنبأ بتقارب مردودات عوامل الإنتاج 
بين شتى البلدان في المدى البعيد عندما تأخن عمليات المنافسة ونقل الإنتاج 
مداهاء وتفعل فعلها. ويبرز هنا استقصاء موازء. ومثير للاهتمام. بصدد 
الحقبة السابقة من التكامل العالمي. خلال فترة «الحقبة الزاهية» (الفصل 
الثاني). لقد شهدت هذه الفترة ما لا سابق له من هجرة العملء واتساع 
تدويل التجارة والتدفقات المالية؛ والتقدم التكنولوجي وانتشاره عالميا. ولقد 
قام جيفري ويليامسون 177/11118825028 16656 بتحليل «أطروحة التقارب» 
خلال أربع فترات متباينة من التدويل والانفكاك اللذين مر بهما الاقتصاد 
العالمي منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر (ويليامسون 21996 1547). 
شهدت الفترة من العام ١410‏ حتى العام ١15١١‏ أشد تقارب في الأجور 
الفعلية (وهذا لا يعني تساويها)ء وهو أمر لم يشهد له العالم مثيلا حتى 
أواخر ثمانينيات القرن العشرين. وبقي هذا التقارب؛ في جانبه الأعظم. 
مسألة مقصورة على الشمال ‏ الشمال أي تقارب الأجور الفعلية بين العالم 
الجديد». في كندا والولايات المتحدة وأستراليا والأرجنتين: و«العالم القديم» 
في أوروبا الغريية. إن هذا التحليل يعطي بعض الصدقية للفرضية القائلة 
إن «التجارة هي سبب التقارب». لكنه يمنح دورا حاسما للهجرة (حيث تشكل 
التجارة “7٠١‏ من التقاربء أما الهجرة فتشكل 7١‏ من هذا التقارب. 
ويليامسون: 1957, 550). 

ومن الواضح أن مثل هذه التدفقات في هجرة العمل لم يعد لها وجود, 
أما الهجرة من الجنوب إلى الشمال فلا تزال متواضعة تماما. ولما كانت 
شدة مهارة التكنولوجيا في تسعينيات القرن التاسع عشر أقل مما في 
تسعينيات القرن العشرين فإن الفارق هنا (الذي يجد التعبير عنه. بالنيابة, 
في مستويات التعليم) لم يؤثر تأثيرا كبيرا غلى عملية التقارب. كما لم تكن 
هناك تأثيرات عكسية قوية على معدلات أجور العمل الماهر/غير الماهر أو 
على أسواق العمل. غير أن ما يؤكده هذا التحليل: مجدداء هو أن عمليات 
الترابط العالمية المعاصرة, التي تسمى «عولمةه بصورة هلامية, ليست بلا 


ما العولمة" 


01 تثير ل 06 


آليات ومفاييس الار تباط 
بين الشمال والجنوب: النتاذج 

هناك عدة طرق لمعاينة ما يمكن أن تسهم به شتى العوامل في ميول سوق 
العمل وميول توزيع الدخلء المذكورة آنفا. أولاء يمكن لنا أن نعاين كثافة المهارة 
في صادرات وواردات الشمال: فالشمال ينبغي أن يصدر منتجات (وخدمات) 
ذَات كثافة عالية في المهارة» وأن يستورد منتجات (وخدمات) ذات كثافة 
ضعيفة في المهارة. ثانياء يمكن لنا أن نركز الأنظار على تغيرات الأسعار 
النسبية في المنتجات ذات الكثافة المتدنية للمهارة والمنتجات ذات الكثافة 
العالية للمهارة: فالسعر النسبي للمنتجات ذات الكثافة المتدنية للمهارة في 
الشمال ينبغي أن ينخفض. والعكس بالعكس. ثالثاء إن أجور العمل متدني 
المهارة نسبة إلى أجور العمل عالي المهارة ينبغي أن تنخفض في الشمال. 
رابعاء إن العمالة في الشمال ينبغي أن تتحول باتجاه المنتوج ذي الكثافة العالية 
للمهارة. بحيث إن البطالة ترتفع ( مو كما يان الممال دوي المهارة المتدنية. 
ولكن؛ خامساء ينبغي لشركات الشمال أن تستجيب إلى الانخفاض النسبي في 
أجور العمل غير الماهر بزيادة نسبة مثل هذا العمل في إنتاج كل من قطاع 
الكثافة العالية للمهارة. وقطاع الكثافة المتدنية للمهارة, مزيلة بذلك تأثيرات 
النقطة الرابعة إلى حد معين. سادساء يمكن لنا أن نركز الأنظار مباشرة على 
ميول التجديد التكنولوجيء. وبخاصة في تكنولوجيا المعلومات 11, التي يمكن 
أن تقود إلى تغير تقني منحاز إلى المهارة (وهذا علاوة على: وإن بصورة 
مستقلة عنء النمو المحايد الميول في إجمالي عوامل الانتاجية الذي شهدته 
الاقتصادات المتقدمة على مدى يزيد على مائة عام). أخيراء يمكن لنا أن 
نعاين ميول التعليم والمهارة لدى المهاجرين إلى الشمال (أو المهاجرين منه). 

إن اللوحة التي ترسمها هذه الجوانب لكبيرة حقا. وإن تحديد؛ أي من 
هذه السمات هو الذي يقدم أفضل مقياس أو أبرز مساهمة: ليس بالمسألة 
الهينة. فإن كثرة من هذه المؤثرات الممكنة والتأثيرات المرشحة ذات اعتماد 


تجارة الشمال والجنوب ... 


متبادل شديدء وترابط متعاقب. ثم إن هناك المشكلة الإضافية في وضع 
فرضيات مضادة ذات صلة. زد على هذاء كيف يمكن قياس المهارة... أتقاس 
بالتعليم أم بالخبرة أم بتصنيف الوظائف؟ نتيجة لذلكء تتباين تقديرات 
الأهمية النسبية للمؤثرات تباينا كبيراء وليس من اليسير إيجازها. 
إن الذين يعتقدون بأن التجارة (وبالتالي «العولمة») هي العامل الأهم 
الذي يتسبب في تدهور الأجور الفعلية في الولايات المتحدة ومحنة العمال 
غير الماهرين في الشمال كله؛ إنما يدورون حول بعد واحد. وهناك تحليل 
:أساسي يستخدم مقاربة عوامل المهارة (انظر: وود 18/0040: )١19914‏ اكتشف أن 
:نسبة كبيرة من فقدان عمال الشمال غير المهرة لقوتهم في السوق هي نتيجة 
:لتقل الصناعة التحويلية ونمو التجارة الكونية. ويجادل وود قائلا: إننا حين 
نأخذ في الحسبان نشاطات الإنتاج ذات المهارة متدنية الكثافة التي طردتها 
: المنافسة خارج البلدان المتقدمة (وهو بهذا ينظر إلى أبعد من النظرة المعتادة 
إلى تناسبات عوامل الإنتاج القائمة في بقية الصناعات المنافسة للواردات) 
ؤنأخذ في الحسبان أيضا حقيقة أن قسما من التغير التكنولوجي الذي 
يقتصد في العمل في الشمال قد نشأ من حاجة أصحاب الصناعة التحويلية 
إلى منافسة التجارة القادمة من الجنوبء فإن أكثر من ٠١‏ 7 من انخفاض 
الطلب على اليد العاملة في الشمال كان عاقبة من عواقب التجارة وحدها. 
. لكن هذا الزعم الذي جاء به وود أثار اعتراضا من جانب دراسة مهمة قام بها 
١‏ أ زاكس وشاتز (5632 ©* 5ا520 :.)١15514‏ اللذان يقدران أن مؤثرات الطلب 
| التاجمة غالتجازة على الأتهناد الاريك ذات نسية افر قارب 17 
"لطخس الجدول (82) هينه التعديزات التي تشخ السرود المضوى المدي 
المقبول عموما عن التأثيرات التي تحفزها التجارة بين ٠١‏ “ و١5‏ . 
إن هذه المقاريات تعاين قابليات عوامل المهارة. لذاء ثمة دليل على أن 
الطلب على العمل قد تحول باتجاه العمال المهرة في البلدان المتقدمة عبر 
ععموم الصناعات (حيث إن حصة المنتوج الذي أنتجته الصناعات ذات العمل 
متدني المهارة قد هبط؛ نسبة إلى حصة المنتوج الذي أنتجته الصناعات ذات 
المهارة العالية) أو من ناحية الطلب داخل الصناعات (حيث بدأت الشركات 
تبتعد عن العمال غير الماهرين: بحثا عن العمال المهرة) بحيث إن آفاق العمال 
..الأكثر مهارة تبدو قد تحسنت برغم أن عرضهم النسبي قد ازداد. ولكن 


ما العولمة" 


اعتمادا على دليل آخرء نجد أن كثافة المهارة في الصناعة التحويلية الأمريكية 
قد ارتفعت في الطرف العلوي والطرف السفلي من قطاعات الصناعة 
التحويلية: ويتناقض هذا مع تكهنات نموذج ه ‏ أ/ س ‏ صء مشيرا إلى أن 
تأثيرات التجارة ذات مفعول ليس بالقوي (كروجمان ولورنسء 2,١554‏ 
ععمع2151 1 © مقصونت]1 ) . 

لكن هذه المقاربات محصورة في إطار قابلية عوامل المهارة» ويمكن 
انتقادها بسبب عدم تركيزها على تغيرات الأسعار. فهنا بالضبط ينبغي 
لتأثيرات أي تغير في قابليات عوامل الإنتاج أن تفعل فعلها في العادة. إن 
نموذج ه ‏ أ/ س ‏ ص يعملء شكلياء في إطار تعديلات السعر. ولا يوجد أدنى 


الجدول (4-4) 
السجال حول تقديرات محتوى عوامل تأثير التجارة مع البلدان النامية على الطلب على العمل 
في الصناعة التحويلية في الشمال للعام 144٠‏ (فارق النسبة المئوية المستمد من الوضع المعاكس 

المفترض بلا تجارة) 


زاكس وشاتز 
(كل الاقتصادات المتطورة) ]| (الولايات المتحدة فقط) 


- العمال غير الماهرين 


- العمال غير الماهرين ناقصا 


العمال المهرة 


المصدر: وود 7/77000, 1414: الجدول :.)١(‏ انظر كذلك زاكس وشاتز 511212 ع 2523015 56ؤووا. 





فالإزعلن ان اسكان لتشجاك ف البزد أ المقافية تسرك وفق تسوس 
الفحرضل لأسعاز منافسة المستوروات: وهبوط اسبعانالسلع ذات المهارة التدنية 
والعمل الكثيف قياسا إلى أسعاز البضائع ذات المهارة العالية والرأسمال 
الكثيف. ويستخلص البنك الدولى قائلا: 

وواسنطة تلمكا هناك المحوناية فى النلواق لماعي تلو مسري 
الكراكيتيات والشتيعيني اه عا السفان البشاكة الشكلة سكام فيو ادن 


تجارة الشمال والجنوب ... 


نسبيا من العمل الماهر قد هبطت في معظمها قياسا إلى أسعار البضائع 
المنتجة باستخدام قدر أكبر نسبيا من العمل غير الماأهر. وحتى بعد أخذ 
تأثيرات التقدم التكنولوجي على الأسعار النسبية بعين الاعتبار. فإن التغير 
النسبي في الأسعار الذي 08 إلى التجارة العالمية. قد مال لمصلحة البضائع 
المنتجة باستخدام العمل متدني المهارة لا تلك المنتجة باستخدام العمل عالي 
المهارةه. (البنك الدوليء؛ 15951 26). 

أخيرا. فإن هذه المقاربات تعتمد تناول التوازن الجزئي في حين أن 
المطلوب حقا هو تحليل التوازن العام وإن محاولات القيام بتحليل هذا التوازن 
العام (مثل كروجمان 810237 نكا :,١556‏ وكلاين عمزا0 1451, ومينفورد 
0ماهناظ: رايلي 18016 ونوويل 72/011 14517) أعطت تقديرات قريبة من 
النهاية العليا للطيف المشار إليه آنفاء حيث تسهم التجارة بحوالي ٠١‏ من 
تنامي التفاوت في الأجور الفعلية في الولايات المتتحدة خلال عقد 
الثمانينيات. وإن التقديرات عن مؤثرات التجارة هذه هي أعلى من ذلك بكثير 
عند منفورد ورايلي ونوويلء: فهي تشكل 71*٠‏ من انهيار أجور وفرص عمل 
عماة الشمال عير اللمري ا 

هناك بديل عن المقاربة التي تتناول التجارة بوصفها سببا لانهيار 
الأجور. وذلك بالتركيز على حركات رأس ال مال في المقام الاول. إن التدفق 
الخارجي للاستثمار الأجنبي المباشر الذي يقوم ب «تصديره» الوظائف 
المحلية إلى مواقع خارج البلادء إنما يقود. كما هو معتقد في الغالب»: إلى 
نزع تصنيع البلدان المتقدمة وفقدان فرص العمل فيها. ويتجلى هذا الميل 
في اتساع مقاولات التجهيز الخارجي في العالم وتطور سلاسل القيمة 
وستق عناأة التي تحل محل التجهيز في الوطن. وهكذا يمكن لنشاطات 
الشركات متعددة القومية أن تحل محل الصادرات الوطنية إلى البلدان 
الأخرى عن طريق مواقع الإنتاج خارج البلاد التي تقوم بالإنتاج والتجهيز 
المباشرين. وكما رأينا في الفصل الثالث. ثمة دليل على اطراد نمو هذا 
الميل لكن تحليل أهميته بالنسبة للاقتصاد الأمريكي يشير إلى أن 
الشركات الأمريكية. كما يبدو. لم تستبدل العمال المحليين بالعمال الأجانب 
على نطاق واسع (انظر مثلا: فينسترا وهانسون 0508ة]1 عن هأاممءء 21 
2.7 والحق إن عدد العمال الأجانب في الشركات ذات الملكية الأمريكية 


ما العولمة" 


بلغ ذروته في أواخر عقد السبعينيات. ولريما كان هذا الميل أكثر أهمية 
بالنسبة إلى بعض الاقتصادات الأوروبية الصغيرة واليابان» لكن المشكلة 
هي كيف نثبت أن هذا النشاط المحددء وليس عوامل أخرى. هو الذي أدى 
إلى تفاوت الأجور. 

وما عدا هذه المؤثرات «العالمية» المعتدلة. فإن بقية انهيار الطلب على 
العمل غير الماهر وانهيار الأجورء يمكن أن تعزى إلى «أسباب داخلية». 
إليكم الآن البعد الرئيسي الثاني الذي ينطوي على تفسيرء وهو: التغير 
التكنولوجي المعزّز للمهارة. ومن هذا المنظور فإن «نزع التصنيع» هو جزئيا 
على الأقل؛ عاقبة من عواقب تأثير التفاوت في معدلات نمو الإنتاجية في 
الصناعات التحويلية والخدمات: هذا التفاوت الذي مس الاقتصادات 
المتقدمة بوجه خاص. وإن أولئك الاقتصاديين الذين يوقنون بالتقديرات 
عن ضعف تأثير التجارة؛ يعتقدون أن ثمة مغالاة في وزن أهمية «القدرة 
التنافسية العالمية». فهم يرون أن العوامل «المحلية» أهم.ء ولما كانت النسب 
المقبولة عموما التي تعزى إلى مقدار تأثير التجارة تتراوح بين ٠١‏ إلى 
فلابد. إذن» من أن يكون ما بين 87١‏ إلى 6١‏ 2 من المؤثرات محليا 
وتكنولوجيا في منشئه (كروجمان ولورنس ,١1515‏ لورئس وسلوتر 
.)١1557 .1.3016006 2 116‏ غير أن تقدير ذلك ليس مباشرا. 
فالتقدير إما مشتق بالواسطة في معادلات. وإما إنه يبرز كحصيلة 
«متبقية» عن دالة إنتاج. وهكذا فإن التغير التكنولوجي المساند للمهارة 
مستنبط ذهنيا كسبب مؤثرء بدل أن يكون مشتقا اشتقاقا تجريبيا مباشرا. 
وإن تدني معدلات نسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي بين الشمال 
والجنوب هي التي تقوم هنا مقام خلفية للفرضية المضادة. 

ومن الواضح تماما أن هذا النمط من التحليل ليس مرضيا بالكامل. 
لكنه ينفع في الإشارة إلى أن الأهمية النسبية للعوامل الكونية هيء. على 
الأرجح. أقل من الأهمية النسبية للعوامل المحلية. حتى عند استخدام 
طيف من التقنيات المتطورة للنمذجة الاقتصادية والنمذجة القياسية 
الاقتصادية. لكن ثمة مشكلة واحدة هنا وهي أن التحليلات التي تسبغ 
أهمية أكبرعلى تأثيرات التجارة العالمية. مثل تحليلات وود (1519011000) 
المذكورة آنفاء «تحسبه أصلا حساب بعض التغير التكنولوجي في 


تجارة الشمال والجنوب ... 


تقديراتها لأنها تقوم بتعديل الفرضية المضادة. وذلك بإدخال التغير 
التكنولوجي المزيح للمهارة؛ الذي تحفزه. على نحو غير مباشرء التجارة 
العالمية مع الجنوب. وهكذا فإن التجارة والتغير التكنولوجي متمازجان 
ومعتمدان على بعضهما اعتمادا متبادلاء وعليه فإن هذه التقديرات لا 
يمكن أن تزيد على تخمينات ذهنية. هذا الوضع يترك المجال لتفسيرات 
بديلة. ولو قبلنا مؤقتا بأن تأثيرات التجارة تتراوح حقا بين ٠١‏ إلى ٠١‏ ,2 
فإن التقديرات عن تأثيرات الهجرة (وهذا تفسير «عالمي» آخر) لا تضيف 
إلى ذلك الشيء الكثير (بورخاسء فريمان وكاتزء 1991). غير أن التحليل 
الاقتصادي التقليدي يغفل تفسيرات أخرى ممكنة تتجاوز التقدير غير 
© المباشر للمتغير المتبقي عن التغير التكنولوجي. 

إن هذا المستوى العاليء المرككب. من التحليل يفتقر إلى أي تركيز 
على الإستراتيجيات الفعلية للشركات الشماليةء كأن يكون ذلك تعاملها 
مع اليد العاملة مثلا. فلقد شهدت الفترة منذ عقد السبعينيات هجوما 
لا نظير له من مصالح الأعمال على العمال. وبخاصة في الولايات 
المتحدة والمملكة المتحدة. وإن إثارة هذه النقطة تستثير أيضا قضايا 
بنيوية أخرىء بما في ذلك دور القدرة التساومية والتحرك الجمعي. 
ولا يمكن تفسير كل التعديلات من داخل إطار سوق العمل وحده (هاول 
و وولف 011 ؟* ااء:2وآط. .)١1551١‏ فالفترة الممتدة منذ الصفقة 
الجديدة [ في عهد الرئيس روزفلت] حتى منتصف عقد الستينيات في 
الولايات المتحدة, كانت فترة التكيف والتوفيق بين الشركات والعمال» 
وقد تميزت بقبول كل طرف بال مصالح المشروعة للطرف الآخر في 
إجراء نشاطات الأعمال وفي المساومة الاجتماعية العريضة في 
السياسة الاقتصادية بوجه أعم (رو 206 . :)١1994‏ القسم الثالتث, 
كورتن ( 1201168 19456. ص .)١5 ١‏ لكن هذه المساومة فسخث فسخا 
متعمدا في أواسط عقد السبعينيات. وبخاصة في الولايات المتحدة 
والمملكة المتحدة. وذلك في اللحظة التي بدأت فيها الزيادات المشار 
إليها آنفا في شقة اللا مساواة بالبروز. 

ماهي الصلة الممكنة بين فقدان عمال الصناعة التحويلية غير 
الماهرين لقوتهم في السوقء من جانبء وتدهور الأجور الفعلية» عموماء من 


ما العولمة 


جانب آخر؟ة إن فسخ المساومة التاريخية المذكورة أعلاه شهد تجدد الهجوم 
على شروط عمل العمال الأمريكان: وفك القيود المفروضة على امتيازات 
ورواتب المدراء. وقد تولى (ديفضيد جوردون 60750098 10307101 )١159731‏ توثيق 
عواقب ذلك بشكل مفصل. ويقول جوردن إنه على الرغم من أن إدارة 
الشركات الأمريكية كانت تلهج بالحديث عن «تقليص«: الإدارة» فإن الوقائع 
الفعلية تكذب ذلك. فقد حصلت زيادة في أعداد ومستويات موظفي 
الإدارة والاشراف. وهناك أدلة مشابهة من المملكة المتحدة تعضد هذا 
التحليل (جالي وآخرون 6231© 1116ةه6, .)١1594‏ زد على ذلك أن فاتورة أجور 
هذه الزمرة من المدراء قد توسعت على حساب العمال أنفسهم الخاضعين 
للإدارة والإشراف. وفي هذا الإطار تبلورت استراتيجية الشركات 
بالتقويض المتعمد لأجور عمال الإنتاج؛ وتقلييص عدد العاملين في 
فروع المحل التجاري. وأدى ذلك في الوقت ذاته إزالة القيود عن إدارات 
الشركات لزيادة مرتباتها بسرعة. واقترن ذلك بتحويل المدخرات الأمريكية 
إلى سندات أسهم وازدهار البورصة, مما أعطى تفذية إضافية 
لمداخيل حملة الأسهم. حصيلة ذلك تعاظم اللامساواة في الولايات 
الملتحدة؛ وتعاظمها أيضاء وإن بدرجة أقلء في المملكة المتحدة وأماكن 
أخرى في أوروبا. 

نلمح هنا بذور تفسير بديل للكثير مما حصل من انعطاف ضار بالعمال 
غير الماهرين وتخفيض للأجور الفعلية في الشمال. وهو أيضا تفسير 
«محلي» المنشأ بشكل جازم. ويعلل هذا التفسير نسبة ال 8١‏ أو 725١‏ 
المفقودة, والمكملة للنسبة المتبقية التي تعزى إلى التقدم التقني. 

لكن هذا التفسير ذاته لا يخلو من مشاكلة. فلعله يقلل من شأن حجم 
التقليص الحاصل في إدارة الشركات في الولايات المتحدة. ذلك أن هناك 
دراسات أخرى تشهد على حصول تقليص حقيقي في شرائح الإدارة. كما 
أن هذا التفسير يغفل واقع الزيادة الحاصلة في الوظائف ذات الدرجة 
العلياء التي جاءت ثمرة نمو عمال الدرجة التقنية في المزيد من عمليات 
التصنيع المتطورة. والذين يصنفون في العادة ضمن درجات موظفي 
الإشراف والإدارة. زد على هذا أن التجربة الأوروبية متنوعة وعليه فإن 
من المثمر أن نعالج ذلك. الآن. بتفصيل أكبر. 


تجارة الشمال والجنوب ... 


التجربة الأوروبسية 

غالبا ما يقارن الوضع في أوروبا (عدا المملكة الملتحدة) بالوضع في 
الولايات المتحدة من ناحية «انعدام مرونةه أسواق العمل الأوروبية. ذلك أن 
الهبوط الحاد في نسبة العمالة في الصناعة التحويلية (رغم أن الأرقام 
المطلقة بقيت على حالها منن العام :.)١197١‏ بموازاة ازدياد إجمالي العمالة 
المدنية؛ والتدني النسبي لمستويات البطالة في الولايات المتحدة. يعني أن 
البلاد قد امتصت النمو القوي لعرض العمل فيها. لكن ذلك تحقق على 
حساب جمود الأجورء واتساع هوة التباين بين المداخيل ووجود قدر ملحوظ 
من الفقر وسط العمال. أما الاتحاد الأوروبيء بالمقابل» فقد شهد هبوطا 
نسبيا ومطلقا في العمالة في الصناعة التحويلية, وزيادة طفيفة جدا في 
إجمالي العمالة:» بموازاة معدلات بطالة عالية. لكن اللامساواة في 
مستويات الأجور والدخل لم تنقلب بحدة على العمال. وتحال هذه الفوارق 
بين الولايات المتحدة وأوروبا إلى «مرونة» النظام الأمريكي القادر على 
امتصاص النمو في عرض العمل بموازاة تعديل الأجور باتجاه الانخفاض: 
وإلى «انعدام مرونة» النظام الأوروبي الذي يحافظ على مستويات أجور 
العمال المشتغلين. بموازاة عجزه عن خلق فرص عمل كافية أو الحفاظ 
عليها (زيبرت 6اء510: .)١551/‏ 

إن هذه الصورة التي تلوح مكتملة نوعا ماء تتعقد بالوقائع؛ التي أشرنا 
إليها آنفاء حول النمو المتباين في اللا مساواة وسط اقتصادات الاتحاد 
الأوروبي. إن أي تحول في الطلب من العمال الأقل مهارة إلى العمال الأكثر 
مهارة قد ولّد تأثيرا متباينا على سلم الأجور الأوروبي تبعا للطابع الخاص 
الذي يميز سوق العمل في كل بلد (البنك الدولي 19917: ص 084 07). وكما 
أشار نيكل وبيل ((8611 © 11ع1ء211. 1597).: فإن سجل المملكة المتتحدة من 
ناحية بطالة العمال غير الماهرينء رغم المرونة الظاهرة للأجور فيهاء كان 
أسوأ من حالة الأنظمة «المتحجرة» للأجور مثل هولندا وألمانيا (ص 7١؟).‏ 
ونلاحظ على وجه الخصوص أنه بينما كان مستوى بطالة العمال غير 
الماهرين في ألمانيا مماثلا لمستواه في الولايات المتحدة خلال عقد الثمانينيات ' 
(وأدنى من مستواه في المملكة المتحدة). فإن الأجور الفعلية الألمانية للمرتبة 


ما العولمة" 


العشرية الأدنى من العاملين الذكورء ازدادت. ويثير هذا الوضع السؤال 
التالى: كيف استطاعت ألمانيا أن تحافظ على مستوى أجور العمال غير 
الماهدين: علما بأن هذا المستوى كان في مطلع عقد التسعينيات يوازي ضعف 
ما يعادله من مكافيء القدرة الشرائية في الولايات المتحدة؟ 

يقول نيكل وبيل إن ذلك يرجع إلى طبيعة نظام التعليم والتأهيل المهني 
في ألمانياء الذي ينتج توزيعا مكثفا للرأسمال البشري أكثر مما تفعل النظم 
المثيلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وهذا بدوره يعني أنه لا توجد 
شريحة كبيرة من قوة العمل عاجزة عن متطلبات العمالة الناشئة عن 
التغير التقني السريع. إن نظم التعليم والإعداد المهني في ألمانيا وهولندا 
وسويسرا تحرص حرصا شديدا على الحفاظ على مستويات عالية 
للنصف الأسفل من سلم القابليات ابتغاء إيصال كل التلاميذ إلى مستويات 
مقبولة من الانجاز. وهي مستعدة أيضا لتكريس الموارد اللازمة لهذه 
المهمة. وهكذا نجد أن ثمة صورة مغايرة عن سجل المهارة في هذه البلدان, 
كما نجد تعريفا عمليا مختلفاء من نواح عدة: لمفهوم «المهارة». كما أن 
ارتفاع مستوى مهارة المشفّلين الوسيطين وموظفي الإشراف يساعد على 
رفع إنتاجية قوة العمل الأدنى تأهيلاء مما يرفع عموم الإنتاجية فوق 
مستوى نظرائهم العاملين في الشركات المماثلة من الناحية التكنولوجية في 
الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويساعد ذلك في إدامة الأجور العالية 
للعمال الأقل مهارة في ألمانيا قياسا إلى الولايات المتحدة, كما يساعد على 
خفض معدلات البطالة دون مستوى المملكة المتحدة؛ برغم أن كل هذه 
البلدان تشهد ابتعادا متماثلا عن الطلب على العمال غير الماهرين. 

ويتمكن نيكل وبيل )١1115(‏ ثم نيكل )١9517(‏ من توضيح طبيعة البطالة 
في أوروباء عبر إلقاء نظرة أعم على تباين الطبيعة المؤسساتية لعمليات 
سوق العمل داخل أوروبا. فالكثير من خصائص سوق العمل التي تدرج 
عادة تحت عنوان «انعدام المرونة» . مثل التدابير الصارمة لحماية العمالة, 
والتشريعات العامة حول معايير سوق العملء أو المستويات السخية 
لمدفوعات البطالة (طالما كانت هذه الضوابط مقرونة بضغوط على 
العاطلين للبحث عن عمل) أو ارتفاع مستوى الانتماء للنقابات (طالما كانت 
المستويات العالية للتنسيق حول المساومة على الأجورء وبخاصة بين أرباب 


تجارة الشمال والجنوب ... 


العمل؛ تصد ذلك) ‏ إن هذه الخصائتص لا تمارس أي تأثير ملحوظ على 
البطالة. وبخاصة بطالة العمال غير الماهرين: إن هذه النماذج مختلفة 
بعض الشيء عن نموذج الولايات المتحدة. الأمر الذي يشير إلى إمكان. 
وجود مشكلة مختلفة وتفسير مختلف!/"). 


القدرة التنافسية العالية والعومة 

إن مسألة استمرار «القدرة التنافسية العالمية» لاقتصادات الشمال تكمن 
في صلب القلق من تأثيرات نمو التجارة بين الشمال والجنوب. وكما ذكرناء 
آنفاء فإن مسألة القدرة التنافسية العالمية نمت مع نمو الخشية من تأثيرات 
العولة: فهما إذن تطوران متوازيان. غير أن هناك خمسة ميول مستقلة نسبيا 
يمكن على الأرجح أن تفسر بالتحديد سبب هذا التنامي في خطاب 
القدرة التنافسية. 5 

الميل الأول؛ والأكشر بداهة؛ يتعلق بانتهاء الحرب الباردة. فخلال فترة 
الحرب الباردة كانت القدرة التنافسية تطرح بلغة جيوسياسية في الأساس: 
فالصراع بين الكتلتين الأيديولوجيتين . السياسيتين الرئيستين حبس كل 
قضايا العالم المتبقية في مواجهة جيو ‏ عسكرية واحدة. وما إن زالت الحرب 
الباردة. حتى برزت الفوارق بين البلدان إلى المقدمة بشكل جديد. وبخاصة 
الفوارق بينها من ناحية أدائها الاقتصادي مقاسا ب«القدرة التنافسية». 

أما التطور الثاني المهم فهو اعتبار أن مبادرات «السياسة الصناعية» 
الضخمة,. واسعة النطاق ذات طبيعة فاشلة. فقبل خمس وعشرين سنة كان 
التحليل الاقتصادي الانتقادي يعنى بمختلف السياسات الصناعية ومبادرات 
إعادة الهيكلة من جانب الدول. أما الآن فقد باتت تعد تجسيدا للفشل بعينه 
(برغم أننا لا نؤيد الرأي القائل إن كل مبادرات السياسة الصناعية كانت 
فاشلة بالمرة). في أعقاب ذلك أخن التشديد على «القدرة التنافسية» يمسك 
بتلابيب التفكير في كل من القطاع الخاص والأوساط الحكومية إزاء الشؤون 
الاقتصادية: اقتصار التدخل على تحسين عمل الأسواق. 

أما الميل الثالث فهو الاتجاه نحو سياسة اللبرلة والخصخصة:؛ من ناحية 
التغييرات المؤسساتية المحلية. وبرغم أنه يقال؛ غالبا , إن ذلك جاء نتيجة 
للتدويل بل حتى لعولمة النشاط الاقتصادي. فإننا نميل إلى القول إن هذه 


ما العولمة" 


التغييرات جاءت أساسا بدفع من قرارات وتغييرات سياسية محلية (انظر: 
طومبسون «وومددوط1 . .)١551/‏ وأيا كان السبب. على أي حالء قالنتيجة هي 
إحياء التركيز على المنافسة وحل المشكلات الاقتصادية على أساس السوق. 

واما القنضية الرابمة فتشتمل غلى «التجاح» النسبي لنظمات الضبطل 
والإدارة الاقتصادية العالمية. وهي منظمات حكومية مشتركة أساساء تولت 
التحكم بالاقتصاد العالمي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية: (مثل منظمة 
التعاون والتنمية الاقتصادية 08678 والجات/منظمة التجارة العالمية, 
وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي). أدت نشاطات هذه المنظمات إلى فتح 
اكتضناذاك الغعالم يشكل غام معد إزالة أواتخميف الموج الحمائية غن 
النشاط الاقتصادي. وفي ظل غياب الحواجز الجمركية أو النواظم المقيدة 
لرأس المال: انكشفت المنافسة الاقتصادية الخبيئة في مختلف البلدان: مما 
زاد في حرصها على هذا الجانب من اقتصاداتها. 

واخيراء فإن تزايد التبعية المتبادلة والتكامل بين كبرى الاقتصادات في 
الغالم عن نيئاية اتسري الغالمينة الثائية: زعه مجدودية هله العدلنة قد ينمل 
الأقلان مجددانهن اهوية العورات:العاهسية السبية لحف البلدان: 
وعليه؛ ثمة علاقة واضحة بين تنامي الاهتمام بالقدرة التنافسية العالمية 
وتنامي «العولمة», وهو أمر سنعود اليه بعد حين. ونبدأًء أولا. بأن نعرض» 
بتفصيل اكثرع السب الوكيسية لبذت هي «العدرة التاكسية العالية ,فى 
أدب الاقتصاد السياسي العالمي. نظرا لأن ذلك يمكن أن يشكل إطارا مبتكرا 
لبقية التحليل. بعد ذلك ننتقل إلى معاينة تلك الأدبيات الاقتصادية التي 
طروي تهديدا: علق تورات متاينة من القدزة التافسلية العالية وتركر 
على زاننة هده القورة عينها, ولمتوفه دير التافقة واضعي الشلعة التهدة 
في مقدمة البح لما تشكله من مكال مثيرء ولكن هي إظان خامي مقارن. 


أطر تفسير القدرة التنافسية العالمية 

يمكن توصيف أول إطار تفسيري ب «مقاريبة المصالح المحلية». يبحث 
ويلتمسها في تشكيلة العلاقات المحلية بين «جماعات المصالح» أو «الشركاء 
الاجتماعيين». ويتضح هذا الاطار في الشكل (7 - ؛) اعتمادا على مخطط 





تجارة الشمال والجنوب ... 


جيضري هارت :113:6 :إ16656 لموافع الاقتصادات الصناعية المتقدمة في فترة 
ما بعد الحرب. حيث تتمثل جماعات المصالح.ء في هذه الحالة. بشركات 
الأعمال والعمل والدولة. 

يشكل هذا الإطار جزءا من متن كتابات كثيرة في أدب الاقتصاد 
السياسي العالمي التي تؤكد على نماذج وعمليات مشابهة لفهم النتاكج بالنسبة 
لأداء الاقتصاد القومي. استنادا إلى هذا التحليل: فإن البلدان التي يطفى 
على تنظيمها الاقفتصادي تعلق حصري بجماعة محورية واحدة تعاني كثيراء 
بالقياس إلى تلك البلدان التي يمتاز فيها التنظيم الاقتصادي بتوازن مرتكز 


الولايات المتحدة 





العمل (التقابات) 





الشكل (4-1) 
مقارية المصالح المحلية 


المصدر: هارت؛ 1997 ص .7581١‏ 
إلى قاعدة أوسع. وإن الخيار الإستيراتيجي المتاح للولايات المتحدة وبريطانيا 
مثلاء لتحسين أدائهما التنافسي يكمن في الانتقال إلى موقع شبيه بذلك 
الذي تحتله. أصلاء اليابان وألمانيا على التوالي. 
هناك ملاحظات انتقادية عدة يمكن قولها عن هذه المقارية. فعلى حين 
لا يمكن إنكار استمرار فائدة هذه المقاربة, فإن النتيجة الإجمالية تبدو 


ما العولمة" 


قديمة. فبريطانياء مثلاء لم تعد قائمة في الوضع المبين ‏ باعتبارها مرتهنة 
للعمال ‏ مع ذلك فإن أداءها لم يتحسن كثيراء ولا تزال تعاني تدهورا نسبيا. 
كما أن موقع ألمانيا واليابان يتقلب من ناحية الوضع «المتوازن». بل إن اقتصاد 
هذه الأخيرة؛ على وجه الخصوص, يتعثر. زد على هذا إن دقة مخطط المواقع 
الأصلية هي موضع تساؤل أصلا. فهل كانت الدولة خلوا من أي أهمية 
بالنسبة لنجاح ألمانيا الاقتصادي في فترة ما بعد الحرب. كما يوحي هذا 
المخطط؟ ويمكن قول تعليقات مماثلة عن الولايات الملتتحدة. ثم إن الدور 
الأساسي الذي لعبته الدولة في اليابان قد بولغ فيه كثيرا. وعلى العموم, 
يعتمد هذا التحليل على تشكيلة خاصة من التسويات الاجتماعية في كل بلد 
بعد الحرب. وهي تشكيلة تآكلت الآن بفعل تغييرات السياسة الليبرالية 
الجديدة وتطورات التكامل عالميا. وعلى حين أن عواقب تأثير هذه العناصرء 
في القدرة التنافسية العالمية المقارنة» تبدو غامضة:؛ فإنها تضعف الثقة في 
النموذج (الموديل) كما هو مرسوم. غير أن من المهم الإقرار بأن النقطة 
المركزية في هذا التحليل . أهمية التوازن بين جماعات المصالح الاجتماعية . 
تحتفظ بمكانتها حتى لو تآكلت قاعدتها . 

أما المقاربة الثانية فتركز على التفاعلات بين الفاعلين الأساسيين في إقامة 
العلاقات الاقتصادية العالمية عوضا عن المحلية. إن الأطراف الفاعلة هنا أضيق 
مما في الشكل  5(‏ ). ففي الشكل (1- 4) ثمة فاعلان أساسيان مشخصان ‏ 
هما الحكومات والشركات ‏ أما القضية فتتمحور في العلائق فيما بين الاثنين. 
ويقول ستويفورد :0م540 وسترينج 86مة56: اللذان يعتمد الشكل  7(‏ ؛) 
عليهماء إن مفتاح القدرة التنافسية العالمية الآن يكمن في الزاوية اليمنى السفلى 
من هذا الشكل. إن علائق الحكومة ‏ الشركة (أو علائق الشركة . الشركة؛ ولكن 
بدرجة أقل) هي التي تؤلف الحلبات التي تتخذ فيها القرارات أو يخاض فيها 
الصراع لأجل اتخاذ القرارات في سبيل القدرة التنافسية العالمية. ويرى المؤلفان 
أن كلا من المزايا المقارنة والمزايا التنافسية هي التي تكيف القدرة التنافسية 
العالمية وتشرطها (برغم أن الفوارق بين المزايا المقارنة والمزايا التنافسية أو الوزن 
النسبي المنسوب إلى كل واحدة منهما ليست محددة تحديدا علميا فضي 
تحليلاتهما. انظر أدناه). زد على ذلك أنهما يركزان الانتباه عن كثب؛ وبوجه 
خاصء على تكتيكات واستراتيجيات الأعمال عند الشركات متعددة القومية, 


تجارة الشمال والجنوب ... 















































الشكل (7 - 4) 
مقارية تفاعلات الفاعلين 


المصدر: ستويفورد وسترينج :1491١‏ ص 77 
ولكن من غير أن يففلا دور الشركات المحلية الصرف. هناك سمة أخرى تميز 
مقاربة ستوبفورد وسترينج. هي التقليل من التفاعلات بين الحكومات بوصفها 

الموضع الاستراتيجي لصراعات القدرة التنافسية العالمية. 
تتسم مقاربة تفاعلات الفاعلين الموضحة في الشكل  7(‏ 4)؛ بيبعض 
الحسنات الجلية. لكن التحليل يعاني أيضا مواطن ضعف عدة. فأولاء إن 
تحليل تفاعلات الحكومة الشركة ينصب على العلائق بين الاقتصادات الأقل 
تطورا والشركات متعددة القومية بشكل عموميء بحيث يؤول ذلك. نوعا ماء 
إلى إهمال دور حكومات البلدان الأكثر تطورا باعتبارها لاعبا استراتيجيا 
متواصلا. قائما بذاته. ثانيا. إن تعقيدات الاستراتيجيات والتكتيكات 
والقرارات الموضعية وردود الأفعال الحكومية. وما شاكلء مما يجري 
استقصاؤه في التحليلء لا تتضح بيسر في أي تعميم. ويركز التحليل على 
الفاعلين على حساب البنى: وبذا فإنه لا يلقي سوى القليل من الضوء على 
الطبيعة العامة للاقتصاد المدول الذي ينشط فيه الفاعلون. وعليه. فإن 





























ما العولمة 


| اليابان 
| رسرق سين 














ألمانيا الولايات المتحدة 
(الاتحاد الأوروبي) (نافتا) 





الشكل (1-4) 
المقارية الجيو ‏ اقتصادية 


المصدر: مأخود عن ساندهولتز وآخرون 21 اء 12م طلصدذك ؟5وؤوا. 


مصادر القدرة التنافسية متعددة. تستعصي على التشخيص المنهجي. فهي 
كلها «عملية معقدة» تفتقر إلى نموذج (موديل) بسيط يوضح الاتجاه الذي 
يمكن أن تقود إليه العملية؛ ذهنيا أو عمليا. 
أما المقارية الأخيرة التي نبحثها في هذه الفقرة فمبينة في الشكل 
(4- ). تركز المقاربة الجيو. اقتصادية على الترابطات الإستراتيجية بين 
الكتل/البلدان الثشلاث الرئيسية اللاعبة في النظام العالمي: أي الكتل الثلاث. 
يعنى هذا التحليلء الذي قام به ساندهولتز 53200012 وآخرون العام ١5197‏ 
(يعرف جماعيا باسم: مائدة بيركلي المستديرة عن الاقتصاد العالمي 8118) 
عناية كبرى. طاغية:؛ بإعادة تحديد طبيعة الأمن الدولي. حيث تعد قضية 
القدرة التنافسية العالية حاسمة في هذا الشأن. 
هناك مسألتان تحفزان هذا التحليل: انتهاء الحرب الباردة: وانحدار 
هيمنة الولايات المتحدة. تعد القضية الأولى بمنزلة بشير بإمكان انتهاء 
الشأن الجيوسياسيء نظرا لحلول الشأن الجيو ‏ اقتصادي الجديد. 

















تجارة الشمال والجنوب ... 


المعتمد على القدرة التنافسية العالمية. محله. وبهذا يحصل تحول من نظام 
التنافس بين الدول/ الكتل المدفوع باعتبارات عسكرية طاغية: والقائم على 
اختلافات عميقة إيديولوجية واختلافات تنظيمية في المنظومات 
الاجتماعية الاقتصادية:؛ إلى نظام يتمحور حول التنافضس الاقتصادي 
«السلمي» بين الدول/ الكتل. فيما تتحول الشؤون العسكرية إلى عنصر 
ثانوي (في المقام الأول على الأقل) ملحق بذلك. أما القضية الثانية فتشمل 
قدرة الولايات المتحدة على «إدارة» النظام الجديد الناشئ؛ وتقرير أمنها 
بالذات. ويقدم تدهور الهيمنة بوصفه تدهورا في القدرة الاقتصادية 
وخسارة القدرة التنافسية العالمية . وعليه فالعلاج واضح: إعادة تحفيز 
الاقتصاد الأمريكي. ولكن كيف؟5 إن هذا السؤال يشغل عقول المحللين 
الأمريكان أصلا منذ عقد السبعينيات. 
تتسم المقاربة الجيو ‏ اقتصادية بمزية وضع قضية القدرة التنافسية 
بصورة متوازية داخل نظام عالمي يستمر فيه تنافس الدول/ الكتل بين الدول 
الصناعية المتقدمة استمرارا طاغيا. وينصب جهد هذه المقاربة على البحث 
في العواقب المحتملة التي تنجم عن تباين أو تشابه السجل التنافسي بين دول 
الكتل الشلاث (من ناحية تبعاته الأمنية). عوض التركيز على الأسباب المولّدة 
لتباين القدرة التنافسية (برغم أن المقارية لا تغفل هذا العنصر بأي حال). 
وبرغم أن النقاط العقدية في الشكل  8(‏ ؛) تتمثل ببلدان منفردة (اليابان 
الولايات المتحدة, ألمانيا). فإن التحليل يتميز بربط هذه النقاط بتشكيل كتل 
اقتصادية معينة (وهي مشار إليها باعتبارها: شرق آسياء نافتاء والاتحاد 
الأوروبي). ثمة مشكلة محتملة هنا وهي إن كانت الكتلة الآسيوية الشرقية 
المتمحورة حول اليابان» قيد النشوء أصلا: فالأحداث الأخيرة في شرق آسيا 
تبدو كأنها قد قوضت هذا الإمكان. أما الاتحاد الأوروبي فهو الكتلة الأكثر 
تماسكا (انظر الفصل الثامن): في حين أن كتلة نافتا (881774) متخلفة عن 
ركب الاتحاد الأوروبي من ناحية بناء المؤسسات. وإن كانت ثمة كتلة في شرق 
آسيا تشكل حول اليابان: فإنها مسوقة بالنشاط التجاري لا ببناء مؤسساتي. 
ذلك أن «الطريق الآسيوي» يتحاشى البناء الصريح والمعقد للمؤسسات: كما 
أن منظمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا ‏ الهادي (8580) ترفض ذلك؛ 
على سبيل المثال (يامازاوا 8همهصولا.؛ .)١558‏ 


ما العولمة" 
استقصاء المغار بة الجيو - اضقتصادية 

تمثل المقارية الجيو ‏ اقتصادية أكثر السبل المثمرة نفعا في دراسة مسألة 
القدرة التنافسية العالمية وتبعاتها. أشرنا في الفصل الثالث إلى أن الكتل 
الثلاث. وحدهاء مسؤولة عن ٠١‏ “ من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 




















أفريقيا وغرب آسيا 

















أمريكا اللاتينية أسيا والمحيط الهادي 












- الأرجنتين ب بنغلاديش | غانا ب 
- بوليفيا أب الهند أ نيجيريا ب 
- تشيلي أ ب باكستان أ السعودية أب 
- كولومبيا أ ب الفيلبين أب 
- جمهورية تايوان أب 
الدومينيكان ب 
- الإكوادور أ ب غيانا الجديدة أب 









أوروبا الوسطى والشرقية | أفريقيا وغرب آسيا 















آسيا والمحيط الهادي 


















هونج كونج أ الاتحاد السوفييتي أب عاذ ] 
ماليزيا آ تشيكو سلوفاكيا أب كينيا أب 
جمهورية كوريا أب المجر أب المغرب أب 
سنغافورة أ بولندا أب نيجيريا ب 
سري لانكا أ سلوفينيا ب تودس ب 
تايوان أ يوغسلافيا أب زامبيا آ 
تايلاند آ أمريكا اللاتينية الأردن ب 
فيجي أ البرازيل أب آسيا والمحيط الهادي 
باراغوي أب بنفلاديش ب 
أورغواي أب الهند ب 


أ من ناحية المعدل الوسطي للتدفق الداخلي للاستثمار الأجنبي المباشر هدو 1949٠ . ١‏ 
ب من ناحية التدفق الداخلي لأسهم الاستثمار الأجنبي المباشر .199٠‏ 
الشكل (4 5) 
عناقيد الاستثمار الأجنبي المباشر لدول الكئل الثلاث للعام 1940 (الاقتصادات التي يهيمن فيها 
بلد من كتلة الثلاث على التدفقات والأرصدة الداخلة من الاستثمار الأجنبي المباشر) 
المصدر: قاعدة معلومات الأونكتاد ١‏ 





تجارة الشمال والجنوب ... 


خلال النصف الأول من عقد التسعينيات. و57 ؛ من التجارة في العام 1995, 
و70 “ من إجمالي الناتج القومي في العالم. ومنذ منتصف عقد الثمانينيات, 
نما الاستثمار الأجنبي المباشر نموا هائلا بز نمو التجارة: وهو يبرز الآن 
بوصفة القوة المركزية المحركة في الاقتصاد العالمي. وبرغم أن نمو تدفقات 
الاستثمار الأجنبي المباشر قد ضعف بعض الشيء في مطلع عقد التسعينيات: 
وتحول جريانه بدرجة أكبر تجاه الدول الواقعة خارج الكتل الثلاث؛ فإن 
النموذج القديم عاد ليوطد نفسه من جديد بعد العام ١1197‏ (انظر الشكل 
١5‏ ؟) آنفا. 

زد على هذاء أن الهيمنة داخل الكتل الشلاث تعزز أكثر بالتدفقات 
التكميلية المهمة للاستثمار بين الكتل الثلاث. ومجموعة غير متصلة جغرافيا 
من البلدان «المرتبطة». وما إن حل منتصف عقد التسعينيات» حتى أخذت فى 
اليروز عنافيد منفضلة نسبيا من الدول الرئيسيةالناشظة أو القاجية. نوهي 
مستقرة وغير متصلة جغرافيا. ويوضح الشكل ( . ؛) الطابع الجوهري لهذه 
العملية. حيث يحدد لنا أي دولة من الدول الأعضاء في الكتل الثلاث تهيمن 
على الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلء في بلدان محددة (والذي كانت توازيه 
تدفقات تجارية بشكل أكثر كثافة). 

وهكذا بينما كانت علاقات الاستثمار (والتجارة) ضمن الكتل الثلاث كثيفة 
عملياء كان يبرز نموذج ارتباطات منفصلة ولكن قوية بين كل واحد من أعضاء 
الكتل الثلاث. من جانبء؛ وعناقيد من بلدان مهمشة؛. من جانب آخر. وكانت 
مجاميع البلدان هذه تنزع إلى أن تكون محددة إقليميا ومجاورة لهذا العضوء من 
الكتل الثلاث: أو ذاك. علاوة على هذاء يدل ذلك على الافتقار النسبي للتكامل 
الكوني ني تدفقات وأرصدة الاستثمار الأجنبيء نظرا لأن العناقيد تتسم 
بانقطاعات جفرافية وإقليمية في العلائق بين البلدان. وكانت اتجاهات علائق 
الاستثمار الأجنبي المباشر تتحركء أولاء بين بلدان الكتل الثلاث ذاتهاء ثم ثانياء 
بين هذا البلد أو ذاك من الكتل الثلاث وبين عنقود الدول التابعة؛ لا بين عناقيد 
هذه الدول الأخيرة نفسها. وهكذا فإن أقوى علاقات التجارة والاستثمار لدول 
الاتحاد الأوروبي: وأشدها كثافة؛ تقوم فيما بين بلدان الاتحاد الأوروبي ذاتهاء ثم 
بينها وبين بلدان أوروبا الشرقية وبعض بلدان شمال أفريقيا. وإن أقوى وأكثف 
علاقات الولايات المتحدة تقوم مع بلدان نافتا الأخرى وبقية بلدان أمريكا 


ما العولمة" 
اللاتينية (وبعض بلدان آسيا). أخيراء فإن أقوى علاقات اليابان تقوم مع بلدان 
شرق آسيا الأخرى. وبخاصة من ناحية الاستثمارات. 

الواقع, بعد إنجاز هذا التحليل» طرأ بعض النمو على علاقات التجارة 
والاستثمار داخل العناقيد المذكورة. كما هي الحال مثلا بين عناقيد البلدان 
الواردة في الحقول المربعة في الشكل  5(‏ ؛). ولسوف يلاحظ القارىّ النبيه أن 
البر الصيني غير مدرج في قائمة البلدان في الشكل  5(‏ ؛). غير أن الصين 
مضت خلال عقد التسعينيات لتصبح أكبر بلد نام يتلقى؛ منفرداء استثمارات 
أجنبية مباشرة داخلة. وإن معظم هذه الاستثمارات إنما تنظمها مصالح الأعمال 
الصينية فيما وراء البحار. وعليه فقد برزت شبكة تجهيز بديلة عن تلك الشبكات 
المذكورة في الشكل (5 . :). زد على ذلك؛ طرأ نمو سريع في علاقات التجارة 
والاستثمار بين بعض بلدان العناقيد المذكورة في مربعات الشكل  9(‏ ؛)؛ مثل 
بلدان السوق المشتركة للمخروط الجنوبي (11880051[8) من أمريكا الجنوبية 
(وإن تكن هذه العلاقات انطلقت من أساس متدن جدا). تنزع هذه الميول إلى 
تشويش الصورة المتبلورة من الشكل  5(‏ ؛)» ولكنها لا تشكل بعد ميولا قوية, 
وحتى لو استمرت فإنها تتطلب وقتا طويلا قبل أن تقلب النموذج المثبت في 
الشكل (5 - ). وإذا ما اقتصرنا على أخذ عشرة فقط من البلدان الواقعة خارج 
الكتل الثلاث؛ مما تعتبر الأكثر تفضيلا من ناحية تدفقات الاستثمار الأجنبي 
المباشر خلال النصف الأول من عقد التسعينيات فإنها سوف تؤلف, هي والكتل 
الثلاث. نحو 84 من تدفقات الاستثمار الأجنبي. لقد وَطّد نموذج التركز الكثيف 
هذا توطيدا راسخاء وإن تفكيكه يتطلب وقتا طويلا: ولسوف تواصل الكتل 
الثلاث السيطرة في المستقبل المنظور. 


مفاييس وميول القدرة 
التنافسية الاقتصاد ية العالمية 

نبتعد في هذا القسم عن تحليل الإطار العام للقدرة التنافسية العالمية, 
لنعاين عن كثب فكرة القدرة التنافسية الاقتصادية العالمية. هناك طريقتان 
للبحث في القدرة التنافسية العالمية في الأدب الاقتتصادي: تتعلق الأولى 
ب«القدرة على البيع«. بينما تتعلق الثانية ب «جاذبية الموقع». لو قبلنا موقتا 


تجارة الشمال والجنوب ... 


بفائدة فكرة «القدرة التنافسية القومية». فإن قدرة البلد على البيع عالميا 
تتوقف على هيكل الكلفة النسبية فيهء, وعلى إنتاجيته وسعر صرف عملته 
بحيث إن ميادين السياسة المتبعة تغدو واضحة (طومبسون 1947+ أورباخ 
طعةطنعءنحة: .)١1551‏ إن مقاربة «القدرة على البيع» هى المقارية التقليدية. 
وهي تركز على الحساب الجاري لميزان المدفوعات, وبخاصة حسابات 
التجارة. وإن المقياس الرئيس للقدرة التنافسية هو وحدة الكلفة النسبية للعمل 
(8101:0): المقاس عادة في الصناعة التحويلية. 

أما مقاربة «جاذبية الموقع» فتدور في إطار التدويل وكفاءة أسواق المال» 
وازدياد حراك رأس المال؛ والطريقة التي يفترض بقرارات الاستثمار المتداخلة 
زمنيا أن تقوم بها على أساس منطق المنفعة القصوى في عالم ذي اعتماد 
متبادل. تركز هذه المقاربة على كيفية الحفاظ على تعديلات ميزان المدفوعات 
عن طريق تدفقات رأس المال: وهي تشدد على أهمية قرارات القطاع الخاص 
من ناحية خيارات الاستثمارء بدرجة أكبر من التشديد على السياسة 
الحكومية. مركزة الأنظارء بذلك: على حسابات رأس المال في ميزان 
المدفوعات. وإن المقاييس الرئيسية للقدرة التنافسية: في إطار هذه المقاربة, 
هي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وغيرها من الاستثمارات. أما ميادين 
السياسة المتبعة هنا فتتعلق بزيادة جاذبية البلد للمستثمرين: ولذا فإنها تضم 
مجموعة واسعة من الخيارات تتعدى الخيارات التقليدية ذات العلاقة بالقدرة 
على البيع. 

وبرغم أن هاتين المقاربتين غالبا ما تعرضان كما لو كان الأمر اختيار 
واحدة منهماء فإنهما في الواقع مكملتان واحدتهما للأخرى. ومعتمدتان 
اعتمادا متبادلا على بعضهما. ومن المفيد أن نتفحص ما أصابته المملكة 
المتحدة والاقتصادات الرئيسية الأخرى من ناحية القدرة على البيع والقدرة 
على اجتذاب الاستثمارات خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. 

إن الميل طويل الأجل بالنسبة لوحدة الكلفة النسبية للعمل و«القدرة 
على البيع». تكشف. حتى أواخر عقد السبعينيات» عن تحسن الموقع 
التنافسى لاقتصاد المملكة المتحدة. وشهدت الفترة بين العامين ١91/9‏ 
واخلة 1 خسارة مدوية في القدرة التنافسية العالميةء ليعود بعدها اقتصاد 
المملكة المتحدة إلى استهادة الميل طويل الأجل لتحسن القدرة التنافسية 


ما العولمة" 


المقاسة بوحدة الكلفة النسبية للعمل (10آ11). والحكاية هي نفسها تقريبا 
بالنسبة للاقتصاد الأمريكي, برغم أن فترة خسارة القدرة التنافسية 
استمرت مدة أطول خلال عقد الثمانينيات (حتى العام )١946‏ قبل أن يعود 
الميل القديم إلى سابق عهده. إن منابع التحسينات في المملكة المتحدة تكمن 
أساسا في تعديلات معدل أسعار صرف العملة (تخفيض قيمة العملة) أما 
منابع التحسن في الولايات المتحدة فتكمن أساسا في تعديلات كلفة العمل 
المحلي. وإن مقارنة هاتين التجريتين بتجريتي اليابان وألمانيا مثمرة حقاء 
نظرا لأن الميول في اليابان وألمانياء على نحو ماء هي النقيض المباشر تماما. 
ذلك أن اليابان وألمانيا بقيتا تخسران قدرتهما التنافسية مقاسة بوحدة 
الكلفة النسبية للعمل طوال الفترة كلهاء ابتداء من عقد الستينيات 
(طومبسون 1941,: و1954 - ج). 

لكن المفارقة. المناقضة للحدس. التي أدركها كالدر خلال عقد 
السبعينيات ( :12100 : 19178).: تمثل في الآتي: بينما كانت الولايات 
المتحدة والمملكة المتحدة تحسنان قدرتهما التنافسية عالمياء فإنهما كانتا 
تخسران من ناحية حسابهما التجاري؛ بالمقابل: بينما كانت اليابان وألمانيا 
تخسران من ناحية القدرة التنافسية العالمية. فإنهما كانتا تحستان أو 
تحافظان على فوائكض حسابهما التجاري. الواقع إن هذه المفارقة الجلية 
سمة تشترك فيها طائفة كبيرة من الاقتصادات المتقدمة كما هو مبين في 
أرقام الجدول (ه . 4) (''). إن العلاقة؛ بين نمو حصة الصادرات في 
السوق ونمو وحدة الكلفة النسبية للعمل (العمودان الأول والثاني). موجبة 
وتزيد قيمتها عن واحد (المنحنى 5106 هو )١ ١17‏ بالنسبة لكل البلدان 
المدروسة في الجدول. وهكذاء عندما تزداد وحدة الكلفة النسبية للعمل 
تزداد أيضا الحصة في السوقء وذلك على النقيض تماما من تكهن النظرية 
التقليدية. لاحظوا أيضا العلاقة الموجبة بين النمو في حصة الصادرات من 
السوق والتفير في البحث والتطوير كحصة من إجمالي الناتج المحلي 
(العمودان الأول والرابع). 

إن الترابط القوي والقيمة العالية للمنحنى يشيران إلى الطريقة 
التي تتأثر بها حصة السوق بفعل التجديد التكنولوجي أكثر مما بفعل 
التكاليف النسبية للعمل. 


تجارة الشمال والجنوب ... 


الجدول (1-5) 
تدقيق «مفارقة كالدر» مجددا لاثتنى عشر بلدا صناعيا للفترة 19174 - 19914 





- الولايات المتحدة 


تقهقر النمو في حصة السوق 
(ه) المنحنى 254 م510 مريع 
معامل الترابط 





(1) معدل النمو السنوي 
(ب) الفرق بين مستوى العام 1997 ومستوى العام 19174 من ناحية البحث والتطوير: كحصة من 
إجمالي الناتج المحلي 
(ج) للفترة 191/4 . 1١9937‏ 
(د) للفترة 191/8. 1١991‏ 
(ه) مقدرا بالمربع الأدنى الاعتيادي أما الحد الثابت (فغير مذكور)» وأما الانحراف القياسي 
فمذكور بين قوسين. والمعطيات تشمل ١7‏ حالة؛ عدا الأبحاث والتطوير (2 © 1) 
التي تشمل ١١‏ حالة. 
المصدر: فاجربيرج 1286518 1495 ص .1١‏ 
































ما العولمة' 


إن هذه النتيجة مهمة تماما في الظروف التي تصر فيها الحكومات على 
خفض التكاليف النسبية للعمل باسم تحقيق بعض المزايا المتوقعة المفيدة 
لحسابها الجاري: وإن كانت التجربة التاريخية جديرة بالاعتمادء فلن تتحقق 
أي فائدة من هذا القبيل. الواقع إن مثل هذه النتيجة هي التي أدت؛ بدرجة 
كبيرة: إلى تبديد الأوهام بصدد وحدة الكلفة التسبية للعمل كمقياس للقدرة 
التنافسية العالمية, واتساع شعبية المقاربة البديلة. التي تعتمد أفضلية الموقع, 
ولسوف نتفحص هذه المقاربة في إطار المملكة المتحدة. 

هناك تفخيم مفرط لسجل المملكة المتحدة كمحطة للاستثمارات الأجنبية 
المباشرةء باعتباره برهانا على نجاح اللبرلة, وإزالة الضوابط. وسياسات 
المرونة» المتبعة في المملكة المتحدة خلال الخمسة عشر عاما الماضية أو 
نحوها. ولكن لا ينبغي المغالاة في هذا النجاح. فلقد كانت المملكة المتحدة 
مصدرا صافيا للاستثمارات الأجنبية المباشرة في كل سنة من السنوات التي 
انطلق فيها نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في مطلع عقد الثمانينيات, وذلك 
باستثناء زيادات طفيفة في العامين 1987 و1940. زد على هذاء أن المملكة 
المتحدة كانت مصدرا صافيا لاستثمارات الأسهم والسندات المالية (خزينة 
صاحبة الجلالة. .)١1947‏ وأصبحت خلال الثمانينيات أكبر مستثمر منفرد في 
الخارج في العالم كله. والنتيجة أنه بينما بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي 
الداخل ١٠١‏ مليار جنيه إسترلينيء فإن رصيد الاستثمار الخارج كان أكبر من 
ذلك حيث بلغ 5١19‏ مليار جنيه إسترليني. ويبدو أن هذا الوضع يشير إلى 
«انعدام جاذبية موقع» اقتصاد المملكة المتحدة من هذه الناحية. وإن الاقتصاد 
الصناعي الكبير الوحيد الذي تميز بأفضلية الموقع على مدى بعيد الأجل وفق 
هذا المقياس. هو اقتصاد الولايات المتحدة, الذي أصبح بعد العام 1987, 
مستوردا صافيا لرأس المال (لكن هذا الوضع تغير في بداية التسعينيات). أما 
البلدان الأوروبية الكبيرة الأخرى واليابان» على سبيل المثال» فهي أيضا مصدر 
صاف للاستثمارات. وبخاصة إلى الولايات المتحدة. والدول الجنوبية فى 
الاتحاد الأوروبي؛ وشرق آسيا. قد يلوح هذا الوضع متوقعا وغير استثنائى ‏ 
فالبلدان الغنية ذات الرأسمال «الفائض» تقوم يتممر ينذا الوا ساك إلن 
بلدان أفقر ذات طلب عال ‏ لولا أن وضع الولايات الملتحدة يشن عن ذلكء, 
وأنها تثبت القاعدة بتقويض المقاربة المقبولة من الجميع. 


تجارة الشمال والجنوب ... 


إن القول بالجاذبية الفريدة للمملكة المتحدة كمحطة للاستثمار الأجنبي 
في أوروبا ينهارء بواقع أن فرنسا تلقت استثمارات أجنبية مباشرة أكبر مما 
تلقته المملكة المتحدة خلال السنوات ١991١‏ 15960: برغم كل ما قيل عن 
الآثار الضارة المزعومة ل «الفصل الاجتماعى» 167م083 506131 (باريل وبين 
منة ي [اعتو8ظ؛ الجدول رقم (”؟) ص 160). لقد كانت شركات المملكة المتحدة 
أكبر الممستثمرين المنفردين في فرنسا خلال تلك الفترة. وهناك نزوع 
للمغالاة في منافع الاستثمار الداخل إلى المملكة المتحدة. نظرا لأن نسبة . 
مئوية متزايدة من هذه الاستثمارات توجهت إلى صناعة الخدمات التي لم 
تشهد أي زيادة ملحوظة في الإنتاجية. وكانت هذه الاستثمارات بالأساس 
نتيجة نشاط الاستيلاء والاندماج. 

وتبرز هنا قفضية مهمة (من قضايا السياسة) تتعلق بنوعية التحليل 
الرسمي في هذا الميدان. يزعم هذا التحليل أن الاستثمارات الداخلة 
أسهمت في الحفاظ على 77١.٠٠١‏ وظيفة بريطانية (111150 مطبعة 
حكومة صاحبة الجلالة. 1997,. ص ,.)١1579‏ لكن لما كانت الاستثمارات 
الأجنبية الخارجة من المملكة المتحدة أكبر من الداخلة إليها. أفلا يحق لنا 
أن نتوقع أن هناك صافي خسارة في الوظائف أيضاة إن هذه العملية 
'تفرغ الصناعة البريطانية. وبحدود علمناء لا توجد حسابات رسمية في 
المملكة المتحدة عن الأثر الممكن لهذه العملية. بالمقابل» تقوم بلدان متقدمة 
أخرى بمثل هذه الحسابات. وتقدر وزارة التجارة العالمية والصناعة في 
اليابان» على سبيل المثال: أن الشركات اليابانية متعددة القوميةء العاملة 
في الخارج» لم تستخدم سوى أقل من مليوني عامل في العام ”155: فضي 
حين أن الشركات الأجنبية متعددة القومية العاملة في اليابان لم تستخدم 
سوى ١19‏ ألف عامل (وزارة التجارة العالمية والصناعة. ١997‏ أ,. ص 230 
7 بء ص 55). 

ثانياء يزعم التحليل الرسمي البريطاني أن الاستثمار الأجنبي المباشر 
الخارج من بريطانيا أضاف تدفقات إيجابية إلى ميزان المدفوعات 
البريطاني بهيئة موارد فائدة وأرباح أسهم بلغت 15 مليار جنبيه استرليني 
الغام 1548 غير أن الحصيلة الصافية كانت اقل: إذ بلفت:+ مليارات: جنيه 
إسترليني لا غير. أضف إلى ذلك. ثمة خسارة محتملة لإيرادات التصدير 


ما العولمة 


للاقتصاد البريطاني نتيجة صافي تصدير رأس المال الاستثماري. إن 
دراسات وزارة التجارة العالمية والصناعة اليابانية المشار إليها آنفاء تتابع 
استخلاصها الأساسي عن صافي خسارة العمالة» فتدرس تأثيرات «الجولة 
الشانية» الممكنة لصافي تصدير الاستثمار الأجنبي المباشر. وتقول إن 
الاستثمارات الأجنبية المباشرة من اليابان إلى الخارج تركت أثرا إيجابيا 
عاما على الاقتصاد الياباني والعمالة اليابانية (وزارة التجارة العالمية 
والصناعة في اليايان: ١597‏ أء ص 58 - ”27). سبب ذلك أن تلك 
الاستثمارات في الخارج قد حفزت شراء السلع الرأسمالية اليابانية. وأن 
«مفعول تحفيز التصدير» هذا قد فاق بتأثيره «مفعول بدائل التصدير» لكن 
التقرير لا يقدم معطيات كمية عن ذلك. ويكتضي بالتوكيد على ذلك؛ مع 
فقرة شرطية تقول إن هذا المفعول الإيجابي يمكن أن يتآكل قريبا مع 
«نضج» الاستثمارات في الخارج. وينطوي ذلك على تبعات مهمة تخص 
البلدان المتقدمة. وهي أن عليها أن تؤسس تقاليد «تدقيق اجتماعي» جاد 
ومستمر للعواقب الكاملة, الناجمة عن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر, 
الداخلة إلى والخارجة من اقتصاداتهاء لكي توفر معلومات صحيحة تكون 
قاعدة للمناقشة العامة ولعملية صنع القرار الرسمي. 

ومن الواضح أن المقاربتين المذكورتين آنفا تعانيان مشكلات في التحليل 
والسياسة. لذا فلعله يتوجب علينا ألا نتوقع الكثير من الاثنتين. فمقاربة 
وحدة الكلفة النسبية للعمل تستمر في التشديد على التنافس العالمي في 
التكلفة والسعر. وعليه. هناك حل ممكن ل «مفارقة كالدر» المذكورة أعلاه. 
وهو أن نركز على «النوعية» بدل التركيز على «الكم». بوصف النوعية هي 
المحدد المتنامي للنجاح العالمي (وهي بذاتها مرتبطة بعامل الابتكار 
التكنولوجيء مثلما أشرنا عند الحديث عن الجدول (0 - 4). ويبدو ذلك؛. 
من حيث المبدأًء بالغ الأهمية؛ ومثمرا بالقوة. وفي حين أن من المستحيل 
إغفال الأسعار والتكاليف بالمرة» فإن الاهتمام ينتقل إلى مؤشرات النوعية. 
ويمكن الحكم على العواقب المدمرة لإغفال النوعية من خلال أزمة لحم 
البقر التي نشبت أخيرا في المملكة المتحدة. إن التراث الأنجلو ‏ أمريكي 
ينزع إلى ترك هذه القضايا المهمة إلى الضبط الذاتيء أو إلى مخاوف 
طرف الاستهلاك في النشاط الاقتصادي (نعني سلاسل محلات بيع 


تجارة الشمال والجنوب ... 


الممرق. وخيار المستهلك). أو إلى تعميم نشر المعلومات وطرق التعريف 
بالمنتوج (لصقة التعريف بمحتويات المنتوج). أما في الاتحاد الأوروبي؛ 
وسواه من الأماكنء فإن هذه القضية تعالج على مستوى الإنتاجية: أو تعالج 
بالعلاقة مع المنتج المحلي والهيئات البلدية (التي تتولى الرقابة بنفسها)؛ 
اعتمادا على قاعدة مؤسساتية أقوى. وإن فائكدة فرض الرقابة وضبط 
النوعية تكمن في أنهاء خلافا لغيرها من المبادرات السياسية المباشرة, 
لا تتأثر ب «العولمة». فهي لا تنطوي على تبعات تمس الالتزامات المنصوص 
عليها في المعاهدات المبرمة مع المنظمات العالمية التي تتحكم في 
الأعمال والتجارة. 

إن «تحديد مؤشر القياس» ومعايير النوعية مثل عملية ٠٠٠١‏ لمنظمة 
المعايير العالمية. هي من السبل التي رسخت الاهتمام بالنوعية عالميا (لكنها 

تترسخ إلا بشكل ضعيف في المملكة المتحدة). لكن المشكلة مع تحديد 
معايير النوعية,. على أي حالء أنها لا تنفع أكثر من التشجيع على 
"الاستنساخ” البسيط للمنتجات والتقنيات والمعالجات الموجودة أصلاء 
ومحاكاة أفضل الممارسات الشائعة. أما المزية التنافسية فتأتي من القدرة 
المجددة على القفز عاليا إلى مستوى جديد من الأداء. إن تحديد مؤشر 
القياس يعمم خير الممارسات القائمة» وينغلق على الماضي أكثر مما يطور 
التجديد الجذري. وعلى العموم: فإن الشركات البريطانية ليست معتادة 
على التجديد الممأسسء وهي تعادي بصراحة: وفي الغالب. أي مستويات 
من التعاون مع العمال والشركات الأخرى مما يتطلبه التجديد. وبالطبع؛ 
إذا كانت الشركات ترفض التعاونء فلا كبير أمل في علاج. ولا تتوافر 
المملكة المتحدة, بالمعنى العام. سوى على قدر من «الشركات ذات المستوى 
العالمي الرفيع» أقل مما يسمح به حجم اقتصادها. وإن وجود برنامج عالمي 
لتحديد مؤشر قياس النوعية قد ينفع في رفع الأداء إلى المستوى العالمي 
ولكن مع غياب نظام موائم للتجديد فليس من المرجح أن تقفز الشركات 
لتتقدم على المنافسين في النوعية. 

وقد طرأ أخيراً تطور مهم على السجال بصدد القدرة التنافسية 
العالمية. وهو دخول هيئات خاصة جديدة إلى حقل جمع وتقديم المعلومات. 
وهناك مثال كلاسيكي عن ذلك يتمثل في «المنبر الاقتصادي العالمي» الذي 


ما العولمة" 
يعمل من جنيف . ويقدم هذا مؤشرا عن «القدرة التنافسية العالمية» يعتمد 
طيفا من ثمانين مقياسا منفصلا. ويمثل الشكل رقم  ١١(‏ ؛) التدرج العام 
الذى وضعه المنبر لسنة /ا55١.‏ 

من الواضح, أن بعض هده المراتب مثير للشك.؛. لكن الصحافيين 
والسياسيين يميلون إلى إغفال الحدود المنهجية: ويكتفون بقراءة الأرقام 
الرئيسية. إلا أن هذا الصنف من الممارسات يخدم في تثبيت الموقع المركزي 
الذي تحتله فكرة القدرة التنافسية العالمية في النقاش الاقتصادي المعاصر. 
وإن المشكلة مع هذه الأصناف من مراتب الإنتاجية أنها تعتمد اعتمادا كليا 
وتعكس جهلا بالشروط الاقتصادية الفعلية. 


القدرة التنافسية للبلدان 
والقدرة التنافسية للشركات 

إن إدراج طبيعة الشركات وسلوكها في الموضوع يؤدي إلى إثارة عدد من 
القُضانا الأخرئ ذات الصلكة بالقدرة القافسية العاقية: إن معاسئن وسرزة الكلقة 
النسبية للعمل والاستثمار الأجنبي المباشر تتعلق بالنظم الاقتصادية أكثر مما 
تتعلق بالشركات. ومن المفيد التفريق بين هذين الاثنين على عدد من المستويات. 
بادئ ذي بدءء ثمة فارق بين المزايا المقارنة والمزايا التنافسية:, فالأولى تتعلق 
بالاقتصاد القومي, والثانية تتعلق بالشركات التي تؤلف هذا الاقتصاد. واستنادا 
إلى النظرية التجارية التقليدية فإن اقتصادا ما يتمتع دوما بمزايا مقارنة في 
بعض نواحي الإنتاج. بحيث تنشأ على الدوام مكاسب متبادلة من التجارة. غير 
أن هذا المآل الجذاب الذي تقول به النظرية قد لا يصح. على أي حال؛ حين 
نأخن بعين الجد فكرة المزايا التنافسية. فليس من المؤكد أن اقتصادا ما سيمتلك 
على الدوام مزية تنافسية في بعض نواحي الإنتاج إن كانت هذه المزية تتوقف 
على نجاح شركاته. إذ يتوجب على الشركات أن تنظم الإنتاج؛ وإن هذه القدرة لا 
يمَكن أن تسنتمنل من الؤظائف الاقتصضادية الإجمالية مثل التكاليف النشبية.: 
فشركات بعض البلدان قد تفشل في نواح من الإنتاج المسوق عبر التجارة العالمية, 
بينما تتجح شركات بلدان أخرى. 


تجارة الشمال والجنوب ... 


72.0 -5 --0 05 0.0 0.5 1.0 15 2.0 2.5 


586] 2.32 سنفافورة 
206 هونج كونج 
© 1.61 الولايات المتحدة 





الدائمارك 
كوريا 
السويد 
فرنسا 
إسرائيل 
ألمانيا 
أسبانيا 
#] 0.20 النمسا 
“0.111 مصر 
6 الصين 
البرتفال ‏ 0.05- 88 
جمهورية التشيك 0.08- 
المكسيك ‏ [0.01- 03 





الفيلبين ‏ 0.011- 
سلوفاكيا ‏ 0.38 57313 
تركيا 5 
الأرجنتين ‏ 0.48- 
أيسلاندا ‏ 0.52- 
إيطاليا 068 
البيرو 069- 
كولومبيا ‏ 0.81- 
البرازيل ‏ 0.84- 
الأردن ‏ 0.86- 
جنوب أفريقيا 0.89- 
الهند 092 
المجر 101- 
فنزويلا ‏ 1.10- 
فيتنام 20-- 
بولتدا 117 
زيمبابوي ‏ 1.42- 
أوكرانيا ‏ 1.73- 
روسيا ‏ 1.89- 
الشكل )5-1٠١(‏ 
مؤشرالمنبر الاقتصادي العالمي عن تدرج القدرة 
التنافسية الكونية للعام ١991‏ 


المصدر: تقدير القدرة التنافسية الكونية للعام 1497. المنبر الاقتصادي العالمي» جنيف. 


ما العولمة" 


ويصح ذلك بوجه خاص حين نحمل على محمل الجد تلك الكتابات 
عن نمذجة تزايد العائدات الديناميكي (آرثر عنطامف 61ذ١).‏ 
فتأثيرات سمعة النجاح الدعاتي, والتجاوب الإيجابيء والتعلم من 
خلال العملء إلخ»؛ يمكن أن تؤدي جميعا إلى النمو التراكمي لمسارات 
نجاح بعض الشركات أو بعض المنتجات. إلى حد أنها تتمكن من أن 
تبز منافسيها الآخرين بالكامل (مع هذا لا يمكن لهذه العوامل أن 
تؤدي بالضرورة إلى أفضل النتائج أو أكثرها كفاءة على وجه العموم. 
انظر أيضا: كالدر :18100 .)١1948١‏ من جهة أخرى. ستتعرض 
الشركات التي بزْت في ميدانهاء إلى تدهور تراكمي لتخرج من ميدان 
الأعمال آخر المطاف. 

إذا ما توافرت لبلد من البلدان كتلة حاسمة من شركات ناجحة في 
المنافسة العالمية تقوم على أرضه.ء فإن هذا البلد سيبرهن على امتلاك 
مزية تنافسية مطلقة بينة؛ تتسم بحصة متزايدة من التجارة العالمية و/أو 
ارتفاع مستديم في قيمة عملته. أما إذا كان بلدا من البلدان التي على قدر 
كاف من سوء الحظ لكي يمتلك مجموعة من الشركات المستقرة على أرضه 
التي تنحسر باستمرار في صراع المنافسة؛ فإن هبوطا لولبيا متراكما يمكن 
أن ينشأ عن ذلك. وعليه فإن مفاهيم المزية التنافسية المطلقة البينة أهم 
من مفاهيم المزية المقارنة (النسبية). وهنا يتعين أن نسجل فارقا حاسما 
يميز بين الاثنين. إن مفاهيم المزية التنافسية المطلقة تنطبق على تلك 
القطاعات. مثل الصناعات التحويلية والخدمات في العادة» التي يمكن خلق 
أو تعزيز المزية التنافسية فيها عن سابق قصد وتصميم (إما بواسطة 
السياسة الحكومية:؛ أو السياسات التي تنتهجها الشركات). ويشمل ذلك 
التطورات المقترنة بالتجارة داخل الصناعة بوجه خاص. أما المزية المقارنة 
فإنهاء كما يبدوء تتطبق على تلك القطاعات التي يتوقف فيها النجاح على 
قابلية عوامل الإنتاج الطبيعية للمقارنةء مثل الإنتاج الأولي (الزراعة, 
استخراج المعادن). إن هذه الصياغات. إذن:. تضيف نقدها إلى النقد الذي 
توجهه مقارية ه ‏ أ/ س ‏ ص إلى التحليلات التي تعتمد قابلية عوامل 
المهارة» والتي اقترنت بمناقشة تأثيرات التجارة بين الشمال والجنوبء التى 
تناولناها في مستهل هذا الفصل. 1 


تجارة الشمال والجنوب ... 


ونجد حتى المعلقين النابهين حول هذه الأمور يخفقون في رصد هذه 
التمايزات الأساسية في المفاهيم حول نظرية التجارة (مثل بورتر 
:مره 195١‏ وكاي لزة>[. .)١1994‏ وقد جادل كاىيء على سبيل المثال» 
فإكلة إن الجملكة الدضتوة مم يمرية مكارنة شوفية فى اكمالات التي 
تشكل فيها اللغة الانجليزية عاملا مهما (النشرء وسائل الإعلام 
المسموع ‏ المرئي. التعليم الشلاثي). كما في مجالات الصناعات 
الكيمياوية وصناعة الأدوية. وإلكترونيات ومصد ركاه الطائرات, 
والتأمين وبعض الخدمات المالية الأخرىء وتجارة المفرق. لقد تحقق 
النجاح في هذه الميادين اعتمادا على القدرة التنافسية للشركات 
البريطانية. ومن الواضح:؛ إذا استخدمنا مصطلحاتناء أن مفتاح المزية 
التنافسية البينة للاقتصاد البريطاني يكمن في المزية التناقسية 
للشركات العاملة في هذه الميادين. وعليه. فإن من المهم بالنسبة لكل 
:من الشركات والحكومات أن تدرك وتعزز هذه العوامل التي تعلل 
الشروط الحالية لنجاح أداء الشركات؛ وأن ترعى تلك الشروط التي 
يمكن أن تؤلف مزايا تنافسية جديدة في المستقبل. 
أما من وجهة نظر كايء. فلا فائدة في تعزيز التشكيلة التنافسية 
المحلية القائمة في القطاعات والفروع . خصوصا حيث تبرهن البلدان 
:الأخرى وشركاتها على امتلاك مزية مقارنة حالية أفضل. ويرى كاي 
أن السعي إلى تقليد النجاح المقارن الحالي المتحقق في أماكن أخرى, 
ليس مرشحا لتعزيز مواطن القوة طويلة الأمد في الاقتصاد القومي. 
غير أننا نرى أن مثل هذا التقليد يمكن أن يصيب النجاح في أوقات 
معينة. وذلك ما يثبته قرار تعزيز صناعة الطيران المدني الأوروبية إزاء 
القوة الطاغية لصناعة الطيران المدني الأميركية. كما أن إيطاليا كانت 
.ستنسحب من قطاعات صناعة الملابس والأحذية التي تتمتع فيها 
“البلدان ذات الأجور الواطئة بمزية مقارنة قوية: مع ذلك فإن هذين 
القطاعين هما الآن من أنجح قطاعات التصدير الأساسية في إيطاليا. 
'وهكذاء خلافا لمقولة كاي رهكا. يتعين على البلد ألا يشطب كليا على 
إمكان السعي المنسق لمضاهاة الشركات العالمية المنافسة, بالغة النجاح؛ 


“أو التفوق عليها. 


ما العولمة" 
الإنتاجية القومية بذاتهاء من دون القلق أكثر من اللازم على البعد 
العالمي والمقارنات العالمية. ونعود هنا ثانية إلى القضايا المشارة ضي 
القتسم الأول مين هذا الشهيل:.وتمصيه يدنك ان اععيا راف القندره 
التنافسية العالمية ينبغي أن تنحصر في قطاع صغير جدا من الاقتصاد 
هو القطاع الذي يتاجر عالميا . وينبغي أن نقاوم «توسيع» الحرص 
على «التنافس العالمي» إلى كل مظاهر الحياة الاقتصادية. إذ يظل 
هناك «قطاع محمي» كبيرء يضم بخاصة نفقات الرعاية الاجتماعية, 
وقسما كبيرا من اقتصاد الخدمات ذي التجارة الخاصة: وإن هذه 
الأقسام لا تخضع ‏ وليست بحاجة إلى أن تخضع ‏ لكل أنواع الأهواء 
والضغوط المقترنة بالدعوة إلى أن نكون ذوي «قدرة تنافسية عالميا». 
من هنا منبع السخف في استخدام مقولة «القدرة التنافسية العالمية» 
كمبرر لتسويغ خفض الأجور والشروط في ميادين مثل تنظيف المكاتب 
وغير ذلك من نشاطات الخدمات المماثلة التي لا تدخل التجارة. ذلك 
أن البوابين والكناسين لا «يتنافسون». 

ومن الواضح أن هذه الفكرة جيدة ولها موقعها. ولكنها قد تتهم 
بالرضى عن النفس. فالانخراط في التجارة العالمية ينطوي على 
«مؤثرات مظهرية» على مجمل النشاط الاقتصادي المحلي. 
و«تأثيرات تعليمية» ممكنة للمصدرين الجدد. ومن دون التجارة 
العالمية يمكن للمستوى العام للإنتاجية المحلية في تلك القطاعات 
غير المنخرطة في التجارة العالمية أن يتخلف بسهولة عن أفضل 
ممارسة. كما أن مستويات نشاط هذه القطاعات يمكن أن تصاب 
بالركود. وتعني هذه القضية أن على السياسة أن تتوخى إيجاد 
توازن بين الأداء التنافسي في القطاع الداخل في التجارة العالمية, 
والشروط السائدة في بقية قطاعات الاقتصاد. ولا ينبغي استخدام 
خطاب «القدرة التنافسية» لتبرير الاستغلال و«العمل المفرط». 
بالمقابل لا ينبغي للقطاعات غير الداخلة في التجارة العالمية أن 
تضع الكلفة بمستوى عال يضر بالمصدرين. 

ويمكن لنا أن نمضي بهذه الحجج خطوة أخرى أبعد من ذلك بأن نعاين 
المعطيات المقارنة الواردة في الجدول (5 - 4). قد تنشأ هناك مخاطر حين 


تجارة الشمال والجنوب ... 


الجدول (4-5) 
تطورات انفتاح الاقتصادات للفترة 1997-1917 
(مجموع الصادرات والواردات كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي؛ بأسعار السوق) 







مكافيٌ القدرة 
الشرائية (أ) 









> 
م 
- 
: عع 
1 


ع 
5 


ع 
7 
1 
6 


"15 
؟١‎ 
1 
5١ 


عي نف | حمم | حسيم | حل | كيس 
جح |[ > | »> م إمدا | أإفا 
م |أمف |يم 
م | »هه |. 
آ 
اع 
3003 


1 





8 
_- 
الس 
- 


اشسضيس | | "© ]| © 0-0501 


مكافئ القدرة الشرائية (222) هو عدد وحدات عملة بلد اللازمة لشراء المقدار نفسه من السلع 
والخدمات في السوق المحلي؛ مما يمكن شراؤه بدولار واحد في الولايات المتحدة. 

(ب) للعام ١996‏ 

(ج) مجموع تجارة السلع (1447) وتجارة الخدمات (1440) كنسبة من إجمالي الناتج المحلي 
للعام 1١94955‏ 

(د) الجمهورية التشيكية فقط. 

المصادر: استقينا المعلومات من: النشرة الشهرية لبنك إنجلترا (فبراير 1447) الجدول (ب) ص 
"لا؛ الاقتصاد الأوروبي ([11): 7؛ (1949) و77 (1497)؛ الكتاب الإحصائي السنوي لجمهورية 
الصينء 1947: 1491019491 ؛ التقرير السنوي لمنظمة التجارة العالمية /ا1489ء المجلد الثاني» 
الجدول (5-١)(ص‏ ؛) والجدول )7-1١(‏ (ص 50 )؛ أما أرقام مكافئ القدرة الشرائية فمستقاة من 


أطلس البنك الدولي للعام 1994. 


0 








ما العولمة" 


تكرس نسبة أكبر مما يجب من النشاط الاقتصادي إلى السوق العالمي. يقدم 
الجدول (75 - 4) معطيات عن الانفتاح العام للاقتصادات (مجموع 
الصادرات والواردات كنسبة مئوية من إجمالي الناتج الحلي) خلال الفترة 
من العام 191/7 حتى العام 1997. 

من الواضح ان بلدانا مثل تايلاند وماليزيا وهونج كونج وسنغافورة 
وتايوان وكوريا والفيلبين. هي البلدان المكشوفة في الاقتصاد العالمي. 
ذلك أن كامل ازدهارها ينبني على التصديرء وهي تفتقر إلى قطاع 
محلي كبير «محمي» يمكن الركون إليه. أما الاقتصادات الأقل انكشافا 
فهي اقتصادات الكتل الثلاث التي تنعم بنشاط اقتصادي محلي خالص 
يتراوح بين 60 8١‏ في المائة من إجمالي ناتجها المحلي. إن من السهل 
على هذه الاقكتصادات أن تخرج من أي تدهور يطرأ على النشاط 
الاقتصادي الكوني مما قد تتسبب فيه السياسة التجارية؛ أو أي 
تغييرات اقتصادية أخرى. وإن معظم البلدان حديثة التصنيع في شرق 
آسياء مثلاء هي في الواقع أسيرة السياسة التجارية للولايات المتحدة 
أو اليابان أو الاتحاد الأوروبي. وقد كانت هذه البلدان. قبيل اندلاع 
الأزمة. شديدة الاعتماد على البلدان المتقدمة؛ كما كانت تنعم بفوائكض 
تجارية ضخمة مع هذا الطرف أو ذاك من الكتل الثلاث. وإن تقلبات 
المشاعر السياسية المحلية في بلدان الكتل الثلاث يمكن أن تترك آثارا 
خطيرة فى المستقبل على بلدان شرق آسيا حديثة التصنيع. وإن هذه 
الأخيرة تعتمد, كما هو جليء اعتمادا كبيرا على استمرار ليبرالية 
وانفتاح النظام التجاري العالمي. وهو أمر لا يزال يتوقف إلى حد كبير 
على الكتل الثلاث. وبالطبع إذا نضجت هذه البلدان حديثة التصنيع: 
فإنها قد تتبع خصائص الاقتصادات المتقدمة الأقدم عهداء لتصبح أقل 
اعتمادا على التجارة في تحقيق الازدهار. وينبغي لهذه النقاط أن 
تدفعنا إلى محاذرة فقدان رؤية استمرار الضعف البنيوي لبلدان شرق 
آسيا حديثة التصنيع. وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنها أقل قدرة 
على المناقسة مما كانت تبدو عليه؛ء أو مما قيل لنا أن نخشاه منهاء 
وهوما سنرهه في الفصل الخامس عند بحث أزمة شرق آسيا 
بتفصيل أكبر. 


تجارة الشمال والجنوب ... 

بعض الملا حظات الختامية 
تضج أوساط السياسة كثيرا حول الحاجة إلى تحسين جانب العرض في 
الاقتصادات المتقدمة الأقدم عهدا, وذلك بتطوير برامج تعليم وتدريب خاصة: 
وزيادة الإنفاق على الأبحاث والتطويرء وخلق «مناخ للمشاريع». إلخ (انظر مثلا 
مطبعة صاحبة الجلالة 11:050, .)١994‏ ولكن ينبغي لنا أن نكون متواضعين في 
آمالنا بسياسات ترمي إلى تطوير القدرة التنافسية العالمية. سياسات تتمحور 
حول المخاوف التي أشرنا إليها في مستهل هذا الفصل. إن التأمل التاريخي 
يبرهن أنه ليس ثمة دليل منهجي أو دليل قوي على وجود رابطة سببية بين 
التجديد الاقتصادي. ومستويات التعليم والنفقات المخنصصة للبحث والتطويرء 
وكفاءة التدريب؛ وغير ذلك من المبادرات القيمة المرتبطة تحديدا بجانب العرض 
التي يكثر الحديث عنها في الغالب من جهة:؛ وبين النجاح والأداء الاقتتصادي 
العالمي طويل الأمد من جهة أخرى (إيدجرتون 5086108. 1997). فهناك 
إجراءات أخرى أهم من هذه التدابير المحددة, مثل العمل المؤسساتي العام لسوق 
العمل (مثلا وجود مساومة مركزية مقابل المساومة اللامركزية). وأشكال 
«التسوية الاجتماعية» بين الشركاء الاجتماعيين أو جماعات المصالح المنظمة, 
وشكل النظام المالي. والطابع الدستوري لنظم التحكم بالشركة. وما شاكل. 
والسؤال هو: إلى أي مدى تكون هذه السمات البنيوية المؤسساتية في النظم 
الاقتصادية منفتحة على الإصلاح أو على مبادرات السياسة؟ سوف نتناول في 
الفصل السادس عن دولة الرفاه بعض الأمثلة عن سياسات تتحرف بشكل فعال 
عن مسار التطور السابق؛ وبخاصة في إيطاليا وهولندا. غير أن على المرء أن 
يحترس من مدى إمكان تغيير المؤسسات والنماذج الاجتماعية الأساسية عبر 

سياسة حكومية مقصودة. 

وينبغي لنا التوكيد. في هذا الهامش الأخيرء أن كل هذه المقاربات تركز 
حصرا على الإجراءات الاقتصادية للقدرة التنافسية العالمية. ولكن تجدر بنا 
الاشارة إلى أن الإطار الضيق الذي يحيط بالسجال حول القدرة التنافسة 
العالمية يؤدي إلى إهمال عناصر مهمة أخرى تسهم في جعل الأمة «قادرة على 
التنافس» وهي بمعظمها عناصر غير اقتصادية. ومن الأمثلة على ذلك أن 
الفكرة القائلة إن بمقدور بلد ما أن ينجح في العالم المعاصر دونما حاجة إلى 


ما العولمة" 


أن يتوافر.على ثقافة سياسية وجمالية تعددية ومنفتحة هي فكرة لا تحظى 
بالتصديق. مع ذلك فإن الركض المباشر وراء إعادة تعريف كل شيء بلغة 
الكفاءة الاقتصادية والامتيازات الإدارية يغفل هذه العوامل اللااقتصادية. وإن 
البلد الذي يستنكف عن ترسيخ «ثقافة الأفكار» ترسيخا فعالا يمكن أن ينحدر 
بسرعة إلى مواقع التهميش والعزلة. ولسوف يرتد أثر ذلك آخر الأمر ارتدادا 
سلبيا على «قدرته التنافسية العالمية». 


استنتاجات 

هناك عدد من النقاط الختامية التي تنجم عن التحليل الوارد في هذا الفصل. 

أولاء هناك. من جديدء مبالفة في مدى «العولمة». فالأرقام المتعلقة 
بالتجارة داخل الكتل الثلاث أو بالتجارة بين الشمال والجنوب تشير إلى 
استمرار اللاتكامل النسبي ل «الاقتصاد الكوني». ثانياء هناك تفسيرات 
أخرى لانهيار شروط معيشة العمال غير الماهرين في البلدان المتقدمة 
خلافا لاكتفاء الافتصاديين بالتشديد على التغير التجاري وأو التقني. 
ثالثاء إن التفسيرات «المحلية» أكثر أهمية من التفسيرات «العالمية» للنتائج في 
هذه الأمورء برغم أن هذه التفسيرات الأخيرة قد تكون مكمّلة للأولى. رابعاء 
هناك حاجة إلى فك الكليات: فأوروبا ليست كالولايات المتحدةء كما أن ثمة 
فوارق كثيرة داخل أوروبا. 

أخيراء إن مناقشة «القدرة التنافسية العالمية» ينبغي أن تعامل باحتراس 
كبير شأن مناقشة «العولمة». وإن أطروحة العولمة القوية تعمل على نزع سلاح 
صانعي السياسة: وتقويض التفكير الإستراتيجي في إدارة الاقتصاد القومي: 
ويمكن قول ملاحظات مماثلة بكل سهولة عن النقاش الدائر حول «القدرة 
التنافسية العالمية». وقد عمل هذا الفصل على عرض الطريقة التي دخل بها 
هذا المصطلح إلى الخطاب اليومي عن الشؤون الاقتصادية. كما عمل الفصل 
على إثارة التساؤلات حول الفائدة المحدودة لهذا المفهوم؛ وإجلاء الالتباسات 
في بعض الميول التي يفترض بهذا المفهوم أن يجسدها. وخلصنا إلى أنه لا 
توجد ضرورة لإخضاع كل النشاط الاقتصادي لمتطلبات الحاجة إلى أن نكون 
«قادرين على التنافس عالميا»؛ وأن علينا أن نكون حريصين على تمييز عمل 
الشركات عن عمل النظم الاقتصادية لدى بحث هذا المفهوم. 


لله 
«هناك خيارات علدة 
للسياسة القومية حتى في 
ظل غياب نماذج تنموية 
جاهزة. وقد تستطيع 
الأسواق المالمية كبح الدول؛ 
ولكن. إذا تحاشت الدول 
أخطاء السياسة التي تفاقم 
الآثارالمدمرةلقوى 
السوق؛ فإنها تمتلك 
القدرة على احتواء الأسواق 
يما يخدم مصالح أهدافقها 
القومية». 

المؤلفان 


دم ةفد 








الاقتصادات النامية والعوبلة 


واتجنهكا اف الطيفة الأرلج مح هن العا 
الأمعماء الكساكويان محيئة ملحدوظة من 
الاقتصادات النامية توشك أن تحقق انطلاقة 
صناعية مستديمة؛ من شأنها أن تحول 
الاقتصاد العالمي. وتنبأت مجلة الإيكونوميست 
اللندنية ٠١(‏ نوفمبر :.)١15144‏ في مثال نموذجي 
على مذهب الازدهار هذاء أن الصين إذا ما 
استمرت الميول الحالية فيهاء سوف تشكل أكبر 


اقتصاد عالمي في العام اه وأنها سوف 


تتجاوز الولايات المتتحدة: وأن البلدان 
النامية سوف تحتل أكثر من 5١‏ من إنتاج 
العالمء أما البلدان المتطورة فأقل من +١‏ / 
(08©0 15517 . بء الشكل .٠١‏ ص 45). إن 


الموجة الأولى من الدول حديثة التصنيع: ونعني 
اهوت كوك وكورياالحتويية وبوت اهو 


وتايوان. قد أعقبتها موجة نمو سريع في 


0 أخرى أ تحذو حدذو مثال «المعجزة الآى يوية»: 


ما العولمة" 


فإن بلدانا كبرى مثل الهند, والدول الأمريكية اللاتينية المتأخرة؛ بل حتى 
بلدان أفريقياء تستطيع أن تأمل ترك التخلف الاقتصادي وراءها. وهناك 
تصور واسع أن دروس النمو الآسيوي تكمن في استقرار الحكم, وانتهاج 
سياسات ودية إزاء السوق»؛ ولبرلة أسواق المال الداخلية والخارجية 
لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر. وعرض تقرير البنك الدولي للعام 
7 : «معجزة شرق آسيا», نموذجا للنمو يمكن أن يتحقق.: عند تطبيقه 
تطبيقا حصيفاء في أي بلد ينتهج تلك الإستراتيجية بثبات. 

يفيد هذا التصور أن النمو الاقتصادي في العالم النامي سيخلق 
اقتصادا كونيا بحق. وأن ذلك سيؤدي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي 
دونما حاجة إلى سياسات تدخلية مثل فرض الضوابط على أسواق رأس 
المال» أو محاولات تغيير شروط التجارة. أو نقل مقادير كبيرة من الثروة 
من العالم المتطور إلى العالم النامي بشكل معونات. كما أن ذلك سينفع 
العالم النامي. نظرا لأن النمو الاقتصادي والتصنيع في البلدان المتخلفة 
حاليا سوف يوئلد طلبا راسخا على السلع والخدمات المتطورة التي 
يفترض أن البلدان المتقدمة متخصصة فيها. 

إن هذا التنبؤ المتفائل قد أثار اعتراضاء لكن هذا الاعتراض اتخذ 
شكلا لا ينفي آفاق نمو إنتاج الصناعة التحويلية في البلدان النامية, ولا 
ينفي إنشاء اقتصاد كوني بحق. فالمتشاكمون رأوا أن هذه الآفاق ستنزل 
الكارثة بالعالم المتقدم؛ فالعولمة ستقود إلى «تسابق نحو القاع». وأن اقتران 
حركة رأس المال بالتجارة الحرة سوف يقود إلى انتقال هائل للصناعات 
التحويلية من البلدان الصناعية ذات الأجور العالية إلى البلدان النامية ذات 
الأجور المتدنية. وأن هذا الانتقال سيدمر كلا من الإنتاج والعمالة في 
الغرب. وأن تسارع نزع التصنيع سوف يفقر الغرب. من جانبء لكن النمو 
الصناعي لن ينفع جمهرة العمال في البلدان النامية من جانب آخر. 
فالحكومات التسلطية سوف تبقي الأجور واطئة في البلدان حديثة 
التصنيع. أما المستفيد الفعلي الوحيد من ذلك فهو الشركات الغربية 
وأسواق رأس المال ونخب العالم النامي. وهناك من يستمر في الدفاع عن 
هذه الأطروحة المتشائمة. مثل جرايدر (:676106 :.)١1997‏ ومارتن وشومان 
(تمفمستاطء5 /اك5 ١‏ ع متامد31) وجراي (/2ده محذ١).‏ 


الاقتصادات النامية والعولمة 


الاعتراض علس «المعهزة الا سيوية» 

كان من الصعبء ونحن نواجه هذا المناخ. أن نتحدى الفرضية 
المركزية عن التمو الشكدو :فى أسياة وإمعان انتشاره الواهم كن 
أماكن أخرى. كنا نرتاب في ا التوقعات. لكننا كنا مرغمين 
على نهدن إزاء مكل هذا الأجماع الكين. ولفن ساجلنا ومن خيك 
الجوهرء في فضيتين. 

همن جهة أولىء قلنا إن آفاق النمو الاقتصادي بالنسبة لبلدان كبيرة 
منكل الهتك والضين تتوفف على الاسثقرار السياسي: وإن هذا الاسنتفران 
يكوفق علق العدرة عل المقواء التظون اللأمتكاهى. وإن القدرة على دمج 
وكحويل القطافانة الريقية العيرى مركو على العاللاحين عامل مركري عن 
نجاح التصنيع. وإن الإخفاق في هذا الدمج والتحويل: أو الفشل السياسي 
فى اواك االتصدرو ةوف بوه إلى أزمجة سياسية :زولقة شوق لكن 
من ألكسندر جيرشنكرون 08 1اهمعط5مء0 41622206 وج. م. بارينجتون مور 
1005 لماع منسد8 .1.354 (19717) ان ساجلا سجالا مقنعا بأن فشل 
مجتجعات رمف" اليانان وروسياء هن :التنلب كل كرابت عفدف الرراكىن 
وإحتحافيكا فى فحوريل البدى الآوتزقواطية للنكطة التركرة إلى قاصده 
زواعنية هق الذي افتعل القتسره على صوافب الشعديف ب وقلل 
استشهدنا بمثال روسيا العامين ١5١6‏ و7١15»ء‏ ومثال إيران العام ١51748‏ 
دعما لفكرتنا. 

ومن جهة ثانية. استشهدنا بدليل الدراسات الاقتصادية التي أجراها 
كروجمان (1282ع نتك1 غ4 - ب) ويونج (عهناه7 1554:1155 ب) 
الذي يبين أن النمو الاقتصادي السريع عند النمور الآسيوية كان يرتكز إلى 
مستويات استثتائية عالية من مدخلات عوامل الإنتاج كأنامها :8010 , لم 
تكن ثمة معجزة: بل مجرد معدلات عالية جدا من الاستثمارء وزيادات. مرة 
وإلى الأبد. في نوعية وكمية قوة العمل الصناعية: بينما كانت القطاعات 
التقليدية غير التجارية تُسحق, والتعليم الثانوي الواسع يعمم للمرة الأولى. 
واستنادا إلى تحليل إجمالي إنتاجية عوامل الإنتاج الذي اعتمده كروجمان 
ويونجء لم يكن هناك أدنى دليل على وجود استخدام للموارد. أكثر كفاءة 


ما العولمة" 


وأكثر إنتاجية. وعليه. فبعد الفراغ من تعبئة الموارد البشرية:ء التي لم تكن 
مستثمرة. ودمجها بمستويات عالية جدا من استثمار رأس المال قياسا إلى 
إجمالي الناتج المحليء ستتحقق مكاسب كبرى مرة وإلى الأبد: لكن هذه 
المكاسب سوف تذوي وتتضاءلء وتأخذ معدلات النمو بالهبوط في أعقاب 
ذلك. وسيخضع الاستثمار لقانون «تناقص العائدات» مداع عمتطكتمتصمتل . 
وعليه لم يقتصر الأمر على عدم وجود أي معجزة آسيوية: بل إن النمو 
الآسيوي نفسه لم يكن استثنائيا. الواقع إن إجمالي نمو إنتاجية عوامل 
الإنتاج في بلدان النمور الآسيوية لم يكن أفضل مما حصل في بعض 
البلدان الأوروبية خلال فترة نموها السريع بعد العام 1546. وهكذا فإن 
إجمالي إنتاجية عوامل الإنتاج في هونج كونج نما بمعدل "," / سنويا 
خلال الفترة من العام ١577‏ حتى العام ,.155١‏ أما النسب في سنفافورة 
وكوريا الجنوبية وتايوان فقد نمت بمعدل ٠,"‏ ل ١,7‏ وة,١‏ / سنوياء 
' على التوالي. خلال الفترة 195577 1540. في حين أن ألمانيا نمت 
بمعدل 7" ل سنويا بين الأعوام ١56١‏ و1977, وكندا بمعدل 2١,8‏ سنويا 
بين الأعوام ا54١‏ و159175, وفرنسا بمعدل " ث“ سنويا بين الأعوام 
٠‏ و157/5.ء وإيطاليا بمعدل 5," “ سنويا بين الأعوام ١91717919607‏ 
(يونج؛ ١554‏ . ب). 

كان إجلاء الغموض الذي قام به كروجمان ويونج ثمينا. وسبب 
ذلك أساسا أنهما قوضا الإعلانات الاقتصادية؛ الأمية»ء المبهرجة, 
الصادرة عن آسيا والغرب على حد سواء.ء والقائلة إن هناك منطقا 
جديدا للنمو الاقتصادي يقوم على القيم والمؤوسسات الآسيوية 
المتميزة. لقد بددا الخرافة القائلة إن آسيا رقعة استششائية من حيث 
كفاءتها الاقتصادية ومنابع نموها. كما فتّداء دون قصد. الفكرة 
القائلة إن من السهل تحقيق معدلات نمو مثل هذهء شريطة انتهاج 
الصائب من سياسات السوق الحرة. إن من الصعب تكرار مثل هذه 
الممستويات من الادخار المحلي واستثمار رأس المال القائمة في 
سنغافورة وكوريا الجنوبية. وهكذا فإن نوعا مختلفا من الخصوصية 
ينسب مجددا إلى المؤسسات الآسيوية ‏ وهي نقطة فاتت كروجمان. 
المعروف عادة بدفته في التقاط الظواهر. 


الاقتصادات النامية والعولمة" 


لقد قيض لهذا التحليل أن يثير الجدل المخالف. وهناك اعتراضات 
محددة أثيرت بصدد حسابات الاقتصاد القياسي التي أجراها يونج 
8سا" (الإيكونوميست. ١‏ مارس :.)١1997‏ كما أن هناك اعتراضات 
عمومية أثيرت حول حصافة اعتماد مقاربة إجمالي إنتاجية عوامل 
الإنتاج (سنج اعمز5 1548). وهكذاء فقد قيلء في هذا الصدد.ء إن 
ارتفاع معدلات الاستثمار يمكن أن يستمر فى تعزيز الإنتاجية: فعند 
نوا ماكنابة جديدة اككل سمل القووية , فزن هذه اكاكيتات لعديرة 
ستميل إلى زيادة الإنتاج بمعزل عن أي تحسينات في كفاءة استخدام 
عوامل الإنتاج. زد على ذلكء أن من الممكن تماما أن الاقتصادات عالية 
التطور. مثل اقتصاد سنفافورة. لم تستنفد القدرة على تطوير نوعية 
مدخلات العمل ؤ5ا)نامم1 :135010 تطويرا ملحوظاء بزيادة الاستثمار فى 
مجال التدريب وتعزيز التعليم العالي الوابحهه القند ردك سلا غورة مين 
مقدار الأتفاق علي اليفك والتطوير ضعية إلى اججالت التاتع المخلن: 
فقاربت مستويات هذا الإنفاق في ألمانياء مما يتيح إمكان التطوير 
المستمر التوعجة كل مين الإنحجات وعمايات الاتشاج فى عد متزاء قي 
حين أن سنغافورة كانت شديدة الاعتماد على الاستثمار الأجنبي 
المباشر من الشركات متعددة القوميةء التي بلغت نحو 7١‏ “ من إجمالي 
الناتج المحلي للصناعات التحويلية العام 1540 (انظر: رامشتتر 
.١ 598 5165‏ الجدول (1-48). ص .)١159‏ فإنها لا تملك أي 
شركات وأخلينة 'ذات تاو جيا ستطورة. ولقى بطو ةك اغورة. على 
شجيل لكان مر كوا قبي لحسيتر الأخراشن الميل:# الكمبيو كرات 
وهذا المركز هو في الواقع منطقة صناعية تمتاز بإنتاج مرن التخصص 
يمكن له أن يخدم كبؤرة لغير ذلك من التطويرات (وونج عده/1. /5951١1؛‏ 
راجع أيضا الفصل الثالث). 

وعلى أي حالء فإن هذه الحجج عن ارتفاع النمو المولد ذاتيا تبدو بالية 
تماما في إطار الأزمة الآسيوية التي اندلعت في منتصف العام 1951. لم يعد 
الارتياب ضفي آفاق النمو استثناء أو مثيرا للجدل؛ كما لم يعد ذلك مقتصرا 
علي أسعا ‏ وقدهاة كتعدومك] يج الالمياز امالك ف رومبيااقع التسظين 
,: والاضطرابات الحادة في بعض أسواق أمريكا اللاتينية. وخاصة في 





ما العولمة" 














الشكل )0-1١(‏ 
النسبة المثوية لهبوط عملات شرق آسيا (إزاء الدولار الأمريكي) 
وهبوط الأسهم في البورصات (قياسا للمستويات السابقة) 
بين يناير 1١991‏ ويناير 1١994‏ 


المصدر: صحيفة الجارديان: ١١‏ يناير 1494,: ص 1١7‏ 


فنزويلا والبرازيل. لقد عانت معظم الاقتصادات البارزة. سريعة النموء في 
جنوب شرق أسياء وكذلك كوريا الجنوبية» أزمة كبرى طالت عملاتها وأسواق 
الأسهم فيهاء وهي تواجه اليوم تقلصات كبيرة في العمالة والإنتاج (انظر 
الشكل رقم .١‏ ه). 

المسألة الآن أن الأزمة قد أطلقت أفكارا لا تقل خرافة وإشكالية عما 
أطلقه المتفائلون والمتشائمون في فترة النمو العالي الذي لا يحده شيء في 
الظاهر. إن أول تفسير خرافي للأزمة لا يزيد على تحريف جديد لفكرة 
الاستثناء الآسيوي القديمة. فبدلا من فكرة النمو القائم على "القيم 
الآسيوية" جىء الآن ببديل معوض هو نشوب الأزمة بفعل «رأسمالية 
الملحسوبية» كتاف أامةء لإممرء» زوهي نوع من رأسمالية غير نظامية تلعب 
الاقتصادية). ويؤمن أصحاب مثل هذه الحجج بنظرية كفاءة أسواق رأس 
المال» ويرون أن الأزمة الآسيوية ليست بالأساس نتاج سلوك المستثمرين 


الاقتصادات النامية والعولمة' 


الأجانب؛ بل ثمرة نواقص أساسية فى سياسات ومؤسسات اليلد المتلقي. 
ويقولون إن آسيا تعرضت لأزمة لأن مختلف بلدانها لم تقم بلبرلة قطاعات 
المال بدرجة كافية. وإن هذه البلدان أخفقت في تحويل بنوكها المحلية إلى 
مؤسسات تعمل على الطراز الفريي؛ بدرجة عالية من الشفافية, 
وتخصيص الموارد اعتمادا على معايير عقلانية موجهة للسوق. وإنها فشلت 
:في تطوير المؤسسات الملائمة للإشراف على الشؤون المالية القومية 
أوانتهاج سياسات حصيفة لضبط الاقتراض المفرط. وبناء على هذا 
:التصور فإن آسيا قد فشلت بدرجة اختلافها عن الرأسمالية الفربية, 
أوبالتحديد عن الرأسمالية الأمريكية. إن هذا التحليل يتسم بالرضى عن 
.المؤوسسات الغرييةء وهو أمر يدركه كل من يتذكر فضيحة الادخار 
والقروض في مستهل عقد التسعينيات: وهو أيضا تحليل سطحي. فهو 
أيلقي باللائمة ليس على لبرلة أسواق المال» بل على عدم كفاية هذه اللبرلة. 

امع ذلك نجد أن مؤسسات غربية ملتزمة بمشروعه في لبرلة الأسواق. مثل 
إصندوق النقد الدولي والبنك الدوليء قد أغرقت الثناء على جهود 
اتدوئيسياة ٠‏ مثلاء للبرلة أسواق المال. 
أما التفسير الخراضي الثاني للأزمة الآسيوية فهو الصورة المقلوبة للتفسير 
الأول كلاه لشي ود كسب هنذا الصو كيت كلا فن وجنود اتضياد 
أكوني جديدء ووجود نزعة تدميرية متأصلة فيه. وإن الأزمة ترجع إلى السحب 
الفجائي للأرصدة قصيرة الأجل من جانب المستثمرين الغربيين: والبيع المبكر 
|واسع النطاق في البورصات الأجنبية وأسواق الأسهم من جانب المضاربين. 
:وقد أدى ذلك إلى إيقاع اضطرابات حادة في مختلف الاقتصادات الآسيوية 
:دونما وجود ضرورة محلية فعلية: أي أنها أزمة صنعتها الأسواق الكونية 
المتقلبة. إن منابع الأزمة هناء خارجية من حيث الجوهر. وإن المشكلات 
الناشبة هي نواتج عرضية للهروب المفرط؛ غير العقلاني إلى حد كبير. 
للرساميل: وتأثيرات العدوى التي عممت الأزمة. إن مشكلة مثل هذا التحليل, 
سواء جاء على لسان الراديكاليين في الفرب أو المحافظين في آسيا (مثل 
.رئيس الوزراء الماليزي: الدكتور مخاتير) لا تكمن في أن الأسواق كانت بعيدة 
:عن لعب دور كبير ضفي الأزمة. بل تكمن في أن هذا التحليل نفسه يغفل الأبعاد 
'والمنابع الداخلية للأزمة. ذلك أن مختلف البلدان تعرضت لدرجات مختلفة 


4د 42 معطي عط : 


ما العولمة" 


من الاضطرابء تبدأً من الحالة التي تضارع الانهيار المالي في إندونيسيا. 
ومرورا بما يرجح أن يكون نكوصا كبيرا ولكنه مفيدء وانتهاء بغليان الاقتصاد, 
كما هي حال ماليزيا. ثم؛ إذا كانت تأثيرات العدوى على هذه الدرجة من 
القوة وكانت الأسواق فالتة من أي سيطرة: فلماذا استطاعت بلدان معينة؛ مثل 
تايوان» أن تبقى بمنأى عن أي تأثيرء وتمكنت بلدان أخرىء مثل سنغافورة. من 
آن تحتوي ضغط المضاربة من الأسواق؟ 


تفسير الأزمة الآسيوية 

أثمرت الأزمة قدرا حسنا من التحليل المعقول. الذي سنقوم بعرضه. 
ولكن لابد من التأكيد على أن الأزمة فاجأت الجميع. فحتى المرتابون, 
مثل بول كروجمان أو مثلناء ممن سعوا إلى تخفيف الآمال المعلقة على 
استمرار ارتفاع معدلات النموء لم يتصوروا وقوع انهيارات كبرى في 
إجمالي الناتج المحلي. قمنا في الطبعة الأولى من هذا الكتاب بمقارنة 
نمو آسيا بنمو أمريكا اللاتينية منذ عقد الستينيات. معتمدين على 
مؤلفات آجيت سنج (51080 ]أز4 1997). لقد تطورت البلدان الآسيوية 
حديثة التصنيع أساسا بفضل تكوين رأس المال المحلي والاستشمار 
الحكومي؛ مع قيام الاستثمار الأجنبي المباشر بدور ثانوي. أما بلدان 
أمريكا اللاتينية فقد كانت مفتوحة أمام تدفق هائل لرأس المال فى عقد 
السبهيتيات: كم تعرضت إلى صدمنات حارجية عتيفة تركتها عاجزة عن 
فعل أي شيء إلا على حساب سياسات انكماش وحشية فرضها عليها 
النظام المالي العالمي في عقد الثمانينيات. والنتيجة أن نمو أمريكا 
اللاتينية انحدر من ذروته البالفة 8 سنويا العام 1977 إلى أدنى من 
5 العام 1547, ليتقلب بعدها تقلبات عنيفة الشكل  ”(‏ 0). وكان 
الفارق بين نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في شرق آسياء 
ونمو هذا النصيب فى أمريكا اللاتينية صارخا خلال فترة 1١99٠ 191١‏ 
انظر الشكل  3”(‏ 6 

وبدت البلدان الآسيوية مثيرة للاعجاب تماما بوصفها حالة من حالات 
النمو المعتمد على الموارد المحلية والرقابة على حرية الحصول على رأس 
المال الأجنبي. 


الاقتصادات النامية والعولمه" 


2 1990 985] 1030 15ظ15 10470 





الشكل (7-ه) 
معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي في أمريكا اللاتينية 1997-195٠‏ 
(بالنسبة المكوية سنويا) 


المصدر: الكتاب السنوي للحسابات القومية ‏ الأمم المتحدة 

غير أن هذا المسار يتطلب معدلات ادخار عالية جدا نسبة إلى إجمالي 
الناتج المحلي. وعلى العموم فإن البلدان الآسيوية حديثة التصنيع تدخر نحو 
“ من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بنحو ٠١‏ ” في أمريكا اللاتينية. 
واستطاعت البلدان الآسيوية الناجحة أن تزيد معدلات تناسب المدخرات 
إلى إجمالي الناتج المحلي زيادة مرموقة خلال عملية النمو: هكذا ارتفع 
هذا المعدل في كوريا الجنوبية من مستوى متدن جدا يبلغ ؛, " خلال 
سنوات ١516 ١15900‏ إلى "١,0‏ خلال سنوات 1936 19737, ثم إلى 
خلال 199١‏ -159١؛‏ أما في تايلاند فقد ارتفع المعدل من 72١1/17‏ 
خلال الفترة 064 1916 إلى 25*,١‏ في الفترة ١9941959٠‏ (ويليامز 
7:11:05 15517). لقد طرحت هذه القضية بشكل صائبء ولكن بعد فوات 
الأوان. فبينما كنا نكتب نص الطبعة الأولى العام ١996‏ معتمدين على 
معطيات من العام ١1594‏ وما قبله. كانت الصورة تتغير بسرعة. ففي مطلع 














ما العولمة" 


العام ١991‏ بدأت أولى علائم المشكلات بالظهور. فتباطأت معدلات نمو 
الصادرات تباطوًا ملحوظا في العامين 2,1595606 قد ارتفعت 
الصادرات في اقتصادات النمور الستة بنسية ه, 7/5 العام 5 فياسا إلى 










/ شرق آسيا والهادي 


دما 
5ه 
- 
)0 


ها 2ت 


0 -ا. 


اطمء كمصمعر 


وججم 


200 


150 


) كيم رم قم سم وس يع 





بضعجم 


ع ست م احم ان 08د 
- اه 
- 


يد د لاله 


أفريقيا السوداء 








185 19630 5آ/]1 





الشكل (" - 0) 
حصة الفرد من نمو إجمالي الناتج القومي في شرق آسياء 
وأمريكا اللاتينية» وجنوب آسيا وأفريقيا السوداء 
م1 9و1 اول ع ملع 


المصدر: استقي الشكل من "مؤشرات التنمية العالمية": البنك الدولى) ١9917‏ 








اا 0 


الاقتصادات النامية والعولمه 


في العام السابق. وقياسا إلى معدل نمو وسطي يبلغ ٠١‏ “ خلال 
الفترة من ١145١‏ إلى ١5993‏ (الإيكونوميست ١‏ مارس .)١997‏ وتباطأ نمو 
إجمالي الناتج المحلي أيضا عند عدد من التمورء وهو أمر لا يثير الدهشة 
قط نظرا لقوة الاتجاه التصديري في هذه الاقتصادات. وتباطأ المعدل 
الوسطي لنمو إجمالي الناتج العلن في المنطقة, فهبط من / العام ١9960‏ 
إلى ؛ “ا العام ١995‏ (جرابل 0618061 .)١598‏ وابتداء من منتصف عقد 
التسعينيات أخذت نمور آسيوية عدة تراكم مستويات كبيرة من الدين 
الخارجي في شكل قروض قصيرة الأجل للمصارف الخاصة. ولاستثمارات 
الأسهم والسندات المالية بدرجة أقل. وهكذا تلقت إندونيسيا ثالث أكبر 
حصة من تدفقات رأس المال الخاص ١7,5(‏ مليار دولار) وتلقت ماليزيا 
رابع أكبر حصة ١1(‏ مليار دولار). وتايلاند سادس أكبر حصة (7,؟١‏ مليار 
دولار) في العام ١593‏ ز[مونت 2100165 1998 .أءص .)٠١‏ ويلخص 
وولف (778012 19948 _أ) في الجدول -١(‏ 0) موقع الاقتصادات 
الآسيوية الخمسة الأكثر تأثرا بالأزمة: كوريا الجنوبية. إندونيسياء 
ماليزياء تايلاند»: الفيلبين. 

أدى تدفق الأرصدة إلى هذه البلدان ابتداء من العام ١994‏ حتى العام 
1 إلى تعميق العجز في الحساب الجاريء وتميز بإقراض واسع من 
جانب المصارف التجارية الأجنبية: إذ زاد تدفق قروض المصارف إلى 
المنطقة من ١4‏ مليار دولار العام ١59414‏ إلى 01 مليار العام .١597‏ وانقلب 
التيار في العام 1991 إلى صافي خروج الأرصدة من المنطقة بمقدار 7١,7‏ 


مليار دولار. وهكذا كانت النمور تقترض حتى العام 19917 على حساب أداء 


اقتصادي يتدهور. ترى هل سارت آسيا على الطريق نفسه الذي سارت 
عليه أمريكا اللانينية: وهل ستكؤن الستوات الأولى من القرن الواحند 
والعشرين المعادل الآسيوي ل «العقد المفقود» الذي عانته أمريكا اللاتينية 
في الثمانينيات؟6 

الاقم التسا ميق الأزمعين معبايثة ا تقانا ما سن بول كرو مان 
(مقدع دسا .5 )١1594‏ فأزمة أمريكا اللاتينية نشبت: أساساء بفعل ارتفاع 
معدلات الاقتراض الحكومي. وراكمت حكومات أمريكا اللاتينية حالات عجز 
كبيرة في الميزانية: مما أفضى إلى تضخم متسارع. فواجهت؛ بصورة محتومة» 


ما العوزمخ* 


ضغوطا كبيرة على معدلات صرف عملاتهاء دون أن تتوافر على احتياطيات 
كافية تلدفاع عن هذه العملات. وما إن هبطت أسعار صرف العملات. حتى 
واجهت الحكومة الأعباء المتنامية للدين العام والخاص للمقرضين الأجانب. 
وأرغمت بلدان أمريكا اللاتينية على أن تتبنى تدابير تقشف لاحتواء العجز 
في الميزانيات والتضخم,؛ وأن تخصص نسبة أكبر من الموارد لسداد الدين. ضي 
آن واحدء مما أدى إلى خفض الإنتاج والاستهلاك المحليين خفضا كبيرا. 
بالمقابل؛ انتهجت النمور الآسيوية سياسات مالية حصيفة: وكانت ميزانيات 
الجدول )0-1١(‏ 


الاقتصادات الآسيوية: التمويل الخارجي 
(كوريا الجنوبية: إندونيسياء ماليزيا تايلاند؛ الضيلبين) 


0ك 


94 و1 امكل يلك / ١‏ 


ك2 


0 * ميزان الحساب الجاري 
* صافي التمويل الخارجي 
* صافي التدفق الخاص 
01 - استثمار الأسهم العادية 
الأسهم المباشرة 
- الأسهم والسندات المالية 
* الدائئون الخاصون 


- المصارف التجارية 





- القطاع الخاص غير المصرفي 


* صافي التدفقات الرسمية 





- المؤسسات المالية العالمية 


اتن تيون كد 


* صافي إقراض المقيمين/وغيره (1) | -0, ١7‏ -ة, 50 1١١,5- 1١9,5‏ 


* الاحتياطي عدا الذهب -0,5 -/, 1١8,5 ١1‏ 1 





(أ) بما في ذلك صافي إقراض المقيمين: الذهب النقديء والأخطاء والحذوفات 
المصدر: معهد المالية العالمي؛ أرقام غير مثيتة 















































الاقتصادات النامية والعولمة 


الحكومات إما مستقرة وإما تنعم بفائض. وكانت معدلات التضخم منخفضة 
نسبيا. ولم تنجم الأزمة الآسيوية عن اقتراض حكومي غير حصيفء. بل 
نجمت عن دين خاص واسع النطاق؛ وعن تعاظم أسعار الأصول تعاظما تتعذر 
إدامته. وخاصة في العقارات. في يلدان عدة. 
ولم يكن بالوسع مقارنة الأزمة الآسيوية بأزمات العملة الأخرى مثل 
اضطراب آلية أسعار صرف العملات الأوروبية في العام .١9597‏ قفي 
الحالة الأوروبية اضطرت حكومات, مثل المملكة المتحدة وإيطالياء إلى 
الاختيار بين الدفاع عن معدل صرف مستهدف. أو تحمل عواقب ذلك على 
الافتصاد الكبير. وكانت معدلات الفائدة العالية ضرورية لاحتواء التضخم 
الذي فاق المعدل الوسطيء وقد أدت إلى ضغوط انكماش وارتفاع البطالة 
بسرعة. وما إن تجلى ذلك بوضوح حتى طرحت الأسواق القضية» مؤمنة 
بأن تخفيض قيمة العملة أمر لا مناص منه. أما في حالة آسياء كما أشار 
كروجمان: فلم تحصل زيادة ملحوظة في البطالة برغم تباطو النمو العام 
1 , ورأن أزمة العملة لم تسيق دورة الازدهار فالهبوط في أسواق 
الأصولء بل أعقبت هذه الدورة. 
ويرى كروجمان أن الأزمة نشأت عن الإغراءات المتأصلة عند الوسطاء 
'الماليين. في ظل ضعف الضوابط المقيدة لهم للقيام باستثمارات غزيرة. 
:فحين يكون المستثمرون في إطار معين يحملهم على الاعتقاد بأن الحكومة 
تحميهم من خطر المجازفة (لختى لو كان هذا الاعتقاد زائفا). فإنهم سوف 
يقرضون للوسطاء الماليين بفائدة في استثمارات مضاربة تنطوي على 
مجازفة عالية ولكنها تعد بمكافأة عالية. إن قيم البانجلوس «5ؤوماومه5» . 
هذه. كما يسميها كروجمان أي القيم المفرطة في التفاؤل؛ قد اختيرت لأن 
الوسطاء يؤمنون بأن بإمكانهم تحقيق أرباح طائلة وأن المستثمرين محميون 
من أي خسائر. 
من هنا فإن تدفق الاستثمارات الأجنبية يهدد الاقتصاد الوهمي «ءاططناط 
ل[:60017017» في العقارات وقيم أصول الأسهم. ويدفعه إلى الصعود إلى 
مستويات تتعذر إدامتهاء حيث تبدأ النتائج السيئة والخسائر بالتراكم. وكما 
:يشير ليستر ثورو 1181040 1.6864 فإن «بانكوك, المدينة التي لاا تزيد فيها 
أإنتاجية الفرد على ١/١7‏ من إنتاجية الفرد في سان فرانسيسكوء ينبغي 


ما العولمة 


ألا تكون قيمة الأرض فيها أعلى من قيمة الأرض في سان فرانسيسكو» 
(1454, ص ؟53). لا ريب في أن تحليل كروجمان يساعد على تفسير جانب 
من جوانب الأزمة؛ وأن الأزمة انطوت فعلا على عنصر مهم من هذا الإقراض 
المتهور في عدد من بلدان جنوب شرق آسيا مثل تايلاند وإندونيسياء الذي 
أشعل الأزمة: لكن هذا التحليل لا يفسر ظطروف الأزمة بالكامل. 

إن السؤال الأساسي الذي ينبغي طرحه هو: لماذا نشأ هذا العبء من 
الدين الخارجي قصير الأجل في بلدان ذات مستويات عالية جدا من 
الادخار المحلي؟ إن تباينات معدل الفائدة تشكل جزءا من تفسير الوضع 
في تايلاند وكوريا. ولكن؛ في ضوء وجود مورد متين من رأس المال المحلي؛ 
لماذا قامت الحكومات بفتح اقتصاداتها أمام المستثمرين الأجانبء ولماذا 
ستفحت بهذا الأقراطن التهور من جتائب المضازف والوسطاء الماليين 
الآخرين؟ الجواب: لقد كانت هذه الحكومات تتبع النصيحة الغربية: وتتلقى 
الثناء على ذلك من مؤسسات غربية مثل صندوق النقد الدولي الذي امتدح 
تايلاند على السياسات الماكرو اقتصادية التي اتبعتها العام 1947. إذن, 
هذه السياسة مسوقة بدافع الامتثال لعقيدة غربية. 


الأزمة في جنوب شرق آسيا 

يقدم لنا مانويل مونت (7102165 [عناهة8: 15194 أ: 15948 ب) العرض 
الأكثر توازنا ونفاذا لمسار أزمة جنوب شرق آسيا ومسبباتها. سنركز أدناه على 
تايلاند البلد الذي بدأ بنشوب الأزمة. يشير مونت إلى أن نمو الاقتراض 
الخارجي والإخفاق في فرض الضوابط الفعالة جاءا في أعقاب "الليبرالية 
المزدوجة" في النظام المالي المحلي والضوابط الخارجية على رأس المال 
والحساب الجاري. بدآت عملية الليبرالية الثنائية هذه في تايلاند العام ١95‏ 
وذلك أشناضة ب: إزالة الصبوايظ عن حيرف العملةوتطوير ابعواق أكالن هي 
المصرفية؛ وإلغاء السقف على معدلات الفائدة, والتخلي عن قواعد توزيع 
رأس المال. وتحرك الوسطاء الماليون للإفادة القصوى من هذه التخفيفات في 
السدياسة: فافكرش وا العملات الصدعية دلت فاكلة انسنبية اوطاء وهكدا 
ارتفعت التدفقات الداخلة من رأس المال إلى الذروة فبلفت ١١,7”‏ ل من 
إجمالي الناتج المحلي العام 1456: وكان ١١,57‏ من هذه التدفقات يتألف من 


الاقتصادات النامية والعولمه 


استثمارات أسهم وسندات مالية وتدفقات أسهم عادية بدلا عن استثمارات 
أجنبية مباشرة طويلة الأمد (مونت. ١994‏ أ. ص .)3١‏ وبذا لم تكن تدفقات 
الاستثمار الأجنبي تعزز الإنتاج المحلي الفعليء, أو تقوم بتطوير الصناعة 
التحويلية؛ بل تسهم في نفخ فقاعة أسعار الأصول. زد على ذلك أن نسبة 
معتبرة من تدفقات الاستمار الأجنبي المباشر كانت استثمارات لأغراض 
الاستيلاء والدمج. مما جعل هذا الاستثمار تدفقات قصيرة الأجل أكثر منها 
: إضافة إلى أصول رأس المال. 
المشكلة أن مثل هذه الديون الخاصة الكبيرة من شأنها أن تقوض 
سعر صرف العملة إذا ما سحب المقترضون مقدارا كبيرا من الأرصدة 
قصيرة الأجل: فالاحتياطيات التايلاندية كانت أصغر من أن تلبى الطلب 
الكتمل: فقد بلغت نسبة ديون تايلاند قصيرة الأجل نحو 0 حيث 
كتاشع الديون الستتهقة قصسدورة لأ عل سامة 5 م تجار :دولان امنا 
'احتياطيات تايلاند فلم تزد على 71,7 مليار دولار في يونيو 19917. وعليه؛ 
:فإن بمقدور الدين الخارجي أن يهدد بنشوب أزمة عملة شأنه شأن الدين 
:العام. فالأسواق الخاصة تخلو من أي كبح ذاتي متأصل. ولعل الطريق 
: الوحيد الذي كان يمكن التماسه لتجنب ذلك. في ضوء اللبرلة المتحققة: 
'هوالانتقال إلى معدل صرف مرن للعملة. فقد كان من شأن هذا التدبير 
أن يسمح للعملة بأن تزيد قيمتها خلال تدفق الأرصدة الأجنبية إلى البلد, 
مما ينزع إلى ردع المؤوسسات المالية المحلية عن الاقتراض المفرط من 
الخارج. لكن المشكلة أن هذا الخيار لم يكن مطروحا: إذا كان من شأنه أن 
يزيد أعباء الصناعة التحويلية التي كانت تعاني؛ أصلاء ارتفاع التكاليف 
كما تعاني هبوط قيمة اليوان الصيني بعد العام ١194‏ وهبوط قيمة الين 
الياباني بعد العام 1446 . وبهبوط قيمة الين إزاء الدولار. بدأت المصارف 
اليابانية (وهي المقرض الرئيس لفترات قصيرة الأجل في جنوب شرق 
آسيا) باسترجاع الديون كما لو أن آجالها قد استحقت, ومنع أي إقراض 
جديد. كانت المؤسسات اليابانية تواجه سوق أسهم هابطة:؛ أدت إلى 
هبوط في قيمة الأصول المعادلة لديونها. كانت قيمة الين اليابانى قد 
أخذت بالارتفاع إزاء الدولار ارتفاعا مطردا من العام 19165, ثم بشكل 
أخص بعد اتفاق بلازا العام ١9/60‏ حتى العام ١15956‏ (طومبسون 


ما العولمة 


ووم طره ١ ١987‏ أء الشكل  :‏ 0): ص 8 .)٠١‏ أما بعد العام 1990, فقد 
بدأت قيمة الدولار بالارتفاع بشكل كبير إزاء الين وواصلت هذا الاتجاه في 
العام 1994. 
والنتتيجة أن السلطات التايلاندية انتعشرت في مأزق صعب. 
فالصناعيون والمصدرون كانوا بحاجة إلى خفض قيمة البات 384, ولكن, 
برغم تدهور وضع الصادرات. كان من شأن خفض قيمة العملة أن يزيد من 
عبء الديون زيادة كبيرة. والنتيجة:؛ أن السلطات لم تجد من خيار سوى 
محاولة التمسك بسعر العملة المثبت, القائم: إزاء الدولار. وتعرضت العملة: 
البات. إلى الضغط في مايو 14917, فجرى الدفاع عنها بإنفاق قدر كبير من 
الاحتياطياتء مقرون بدعم واسع من المصارف المركزية لدول آسيان 
(458471). وما إن غدا نطاق الخسائر في العملة الصعبة واضحا للميان 
حتى تخلت الحكومة؛ في يوليو 14917: عن السعي للحفاظ على تثبيت سعر 
العملة بالدولار. فهبطت قيمة العملة في الحال: فبين الأول من يوليو ١551‏ 
والرابع والعشرين من كانون الثاني ١١494‏ هبطت قيمة البات بنسبة 7, 7/014 
إزاء الدولار (مونت. 19948 أ.ء الجدول (لا - ١)..ص .)١59‏ 
وفي أعقاب خفض قيمة العملة التايلاندية مباشرة. سرى الاعتقاد بأن 
العملات الرئيسية في جنوب آسيا ‏ الرينجيت الماليزيء الروبية الإندوئيسية 
والبيسو الفليبيني قد تأثرت على الغرار نفسه. فهبطت قيمتها جميعاء إذ 
سعى المستثمرون إلى حماية أصولهم والتقليل من ديونهم إلى الحد الأدنى: 
فهبط الرينجيت بنسبة 51,9 إزاء الدولار حتى الرايع والعشرين من كانون 
الثاني 1994: وهبطت الروبية بنسبة 87,7 وهبط البيسو بنسبة 59,4/ 
(مونتء 19948 أ, الجدول (/1. ١)؛‏ ص .)١5‏ وأدت الانخفاضات اللاحقة 
في أسواق الأسهم العادية الخاصة بكل بلد إلى الإمعان في تدهور 
المنظومات المالية المحلية: وبلغت الانخفاضات في سوق الأسهم خلال يناير 
: قياسا إلى أوضاع يناير 1991: بنسبة 209 في تايلاند, و51 في 
ماليزياء و07“ في إندونيسياء و0557“ في سنغافورة. و47“ في كوريا (راجع 
الشكل ١(‏ - 0). وأدى هبوط قيم الأصول إلى تدهور المصارف والشركات 
الأخرى, بينما أدت ديونها بالدولار إلى زيادة التكاليف المحلية لخدمة 
الديون. وكان الوضع في إندونيسيا قد تفاقم بدرجة أكبر بفعل تأثير 


الاقتصادات النامية والعولمه" 


إجراءات التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي؛ على الطلب 
المحلي ‏ إلى حد أن الخبراء الاقتصاديين في الصندوق مثل جيفري زاكس 
(قطعة5 .ل /1591, 1954) وجوزيف ستيجليتز (عاناعة؟ طمعوول: ,)١551/‏ 
شجبوا صندوق النقد الدولي صراحة على قيامه بفرض شروط مدمرة 
ذاتياء تزيد من صعوبة خدمة الدين الخارجي. وأدت الصدمات الأولى 
للعملة الصعبة إلى نشوب أزمة ذاتية التفاقم. حيث إن كل حركة هابطة 
لأحد المتغيرات تشعل فتيل انهيار متغيرات أخرى. وتخلق الشروط لتدهور 
جديد . وإن الفرضية القائلة إن زيادة القدرة التنافسية للمصدرين يمكن أن 
تعوض عن الأزمة المالية إلى حد معينء لم تجد ما يسندها من الوقائع 
بالكامل: فخلال عام ١998‏ واجهت الشركات الإندونئيسية صعوبة في 
الحصول على قرض تجاريء كما أن المجمعات الصناعية الكبرى في كوريا 
الجنوبية, المعروفة باسم التشيبولات. وهي مجمعات ذات شهرة عالمية ولكنها 
غارقة في الديون: واجهت مصاعب مماثلة. 

وتتضح أبعاد الصدمة الخارجية التي أنزلها الإقراض المضارب حين 
يأخذ المرء في الاعتبار الضعف النسبي لقطاعات المال في هذه البلدان. 
وكما يشير مونت  ١1998(‏ ب).: فإن التدفقات المالية إلى البلدان النامية 
منذ أواخر عقد الثمانينيات. كانت أكبر من التدفقات المالية إلى اليلدان 
المتطورة من حيث نسبتها المئوية إلى إجمالي الناتج المحلي: وهي ”/ مقابل 
١‏ من إجمالي الناتج المحلي. قد لا يبدو الفارق كبيرا تماماء ولكن نظرا 
لأن البلدان المتطورة تتوافر على قطاعات مالية متطورة؛ أكبر من إجمالي 
ناتجها المحلي. فإن التدفقات المالية إليها صغيرة نسبياء بالمقارنة مع 
إجمالي النظام المالي ككل. في حين أن قطاعات المال في البلدان النامية 
أصفر بكثير على العموم. وتناهز +٠‏ ” من الإنتاج. لذا فإن حجم تأثير 
تدفق ” “7 من الناتج المحلي على اليلدان النامية أقوى مرات عدة من 
تدفق ١‏ “ على البلدان المتقدمة. 

لقد استشرت أزمة جنوب شرقي آسيا من حيث شدتها وسعتها بفعل 
مؤثرات العدوى. ولكن هل ينبغي اعتبار ذلك مجرد سلوك القطيع الفج من 
جانب مستثمرين أجانب مذعورينء أو اعتباره غزوات مضارية من جانب 
. أسواق مال عالمية طليقة؟ لا هذا ولا ذلك تماما. إن المقرضين الرئيسيين 


ما العولمة 


للبلدان الخمسة الآكثر تضررا بالأزمة: هم بنوك يابانية وبنوك من الاتحاد 
الأوروبي. ولكل مجموعة مصارف ديون غيرمدفوعة قيمتها أقل من ٠٠١‏ مليار 
دولار بقليل ضي يونيو 11917. كان اليابانيون يبيعون فضي عجالة:؛ لا بدافع 
المضاربة» بل للإيفاء بالتزاماتهم هم. وكانت الديون غير المسددة تؤلف 
59 من رأسمال المصارف (وولف 178/014, 1994 ج). وبدأ مالكو الأصول 
المحليون بالخروج من العملات المحلية والانتقال إلى الأصول الأجنبية» من 
منطلق الإدراك بمدى خطورة الوضع. وغالبا ما كانوا يبيعون إلى القادمين 
الجددء الأغرار: من المستثمرين الأجانب التواقين إلى الإفادة من ازدهار 
«الأسواق الناشئة». ويلاحظ ليستر ثورو بهذا الصدد قائلا: «من الواضح أن 
الانهيارات لا تتدلع على يد مضاربين خارجيين ممن يرون مواطن الضعف 
الداخلية ليشنوا هجمتهم. فأول المستثمرين الذين يغادرون السوق المحلي هم.؛ 
على الدوام. المستثمرون المحليون أنفسهم الذين يتوافرون على أفضل 
المعلومات» ,١594(‏ ص 737). ولما بدأ المضاربون بالتحركء كان الاضطراب قد 
اندلع أصلا. أما محاولات الدكتور الماليزي مخاتير لإلقاء اللوم على 
المضاربين: وإطلاق التهديدات بحظر البيع السريع ابتغاء الحد من المضارية: 
فلم تكن عديمة الفاعلية فحسب, بل إنها نشرت الفزع في الأسواق المحلية 
وأرعبت بورصة كوالا لامبور. كما يبين رانجيت جيل ( 0111 1أزهةه8 1598). أما 
رجل المال العالمي جورج سوروش. وهو المجرم الرئيس في نظر مخاتيرء فلم 
يقتصر على الإنكار القاطع لضلوعه في أي هجمات مضاربة:؛ بل اعترض على 
إجراءات العلاج التي اقترحها صندوق النقد الدوليء باعتبارها تفتقر إلى 
الحصافة والفاعلية. 

والحق؛ أن سوروش اقترح علاجا لدرء خطر التدفقات المفرطة من 
الأرصدة قصيرة الأمد إلى البلدان النامية. ودعا إلى إنشاء شركة تأمين 
عالمية على القروض (سوروش»919172١),‏ تعمل على ضمان القروض العالمية 
إلى البلدان النامية عند مستوى معقول. أما بعد هذا الممستوى؛ فإن 
المستثمرين يتحملون مسؤولية قرارهم: وتطبق عليهم قاعدة «الحذر على 
الشاري» (:0م682 0207686): وبذا لن يعطى لهم أي استثناء بالحصول حتى 
على ضمانة حكومية مواربة. وإن مثل هذه الترتيبات ستجعل تجاوز 
الإقراض حدودا معينة مجازفة. كما ستجعل تعويض معدلات الفائدة عالياء 


الاقتصادات النامية والعولمة 


وبذا فإنها ستكبح الإقراض المفمرط وغير الحصيف. ومن الواضح أن 
سوروش يرى في ذلك نوعا من ضمانة تحد من الخطر المعنوي وتساعد 
الإقراض على أن يحد نفسه ذاتيا. 

إن هذه الأزمات المالية التي نشأت عن الاقتراض الأجنبي المفرط؛ كما 
أشار الكثير من المعلقين» ليست بالامر الجديد ولا هى مقتصرة على آسيا. 
علاوة على ذلك. إنها ليست النتاج الفريد لأسواق المال الكونية: التي يعتقد 
أنها برزت منن أواخر عقد الثمانينيات. قالمقرضون الأساسيون لآسيا هم 
بنوك تجارية كانت مسؤولة أساسا عن الإقراض المفرط إلى أمريكا 
اللاتينية خلال عقد السبعينيات. وقد مرت تشيلى بأزمة مماثلة لأزمة 
تايلاند العام ,١514١‏ نشيبت مباشرة عقب لبرلة أسواق المال. إن أزمة 
تشيليء التي نجمت إلى حد كبير عن انتهاج سياسات اقتصادية ليبرالية 
دوجمائية (عقائدية جامدة).: كلفت البلد 4١,7‏ من إجمالي ناتجه المحلي 
لسداد ديونه للنظام المصرفضي (وولف 7016 15918 ج). وطرأت أزمات 
مكلفة مماثلة في بلدان أمريكية لاتينية أخرىء مثل الأرجنتين والأورغواي. 
مطلع الثمانينيات. 

وحتى لو كان بمقدور السلطات التايلاندية أن تتخن إجراءات فورية 
لتحاشي الأزمة أو احتواتهاء فإن مدى الفائدة التي تحققها تدفقات 
الأرصدة قصيرة الأجل للتطور المحلي موضع تساؤل. ويقدم لنا مونت 
(11554). اعتمادا على رايزن (5ء15اء85: /1951): حسابات تدلل على أن 
تدفقات رأس المال رضعت نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2١‏ فضي 
إندونيسيا و0.١”‏ في ماليزياء أما في حالة تايلاند فإن إجمالي الناتج 
المحلي هبط بنسبة 7, .“٠‏ وإن كفاءة الاستثمار (أي التناسب بين الاستثمار 
ومعدل النمو الفعلي لإجمالي الناتج المحلي) هبطت من ؟, ٠١‏ إلى 0,؟7 / 
فضي ماليزياء ومن ,54 إلى 3١,1‏ في تايلاند (مونت»: 155148 أء: الجدول 
:)١10(‏ ص .)١6١‏ وهكذا نجد أن هذه البلدان ألقت على كاهلها ديونا 
خطيرة:. بل ضارة كما يتضحء لمجرد تحقيق زيادة متواضعة جدا في النمو. 
وكما يقول مونت «فإن تايلاند كانت مرشحة للنمو بنسبة ١,5‏ أقل خلال 
الفترة من ١959١‏ حتى 1593.ء لو أنها امتنعت عن الاعتماد على المدخرات 
الأجنبية؛ وهذا يعنى هدر ما مجموعه “١١,5‏ من معدل نمو إجمالي 


ما العولمة" 


الناتج المحلي خلال الفترة من ١94٠‏ حتى 1593. لكن هذه التضحية 
بالنمو أصغر بالمقارنة مع نسبة عشرين في الماكة من إجمالي الناتج 
الحلى وهي الموارد المقدرة اللازمة لإعادة تأهيل النظام المالي التايلاندي». 
١454(‏ ا ص ؟©). 

إن القروض قصيرة الأجل مثيرة للمصاعب بوجه خاصء؛ فهي خلافا 
للاستثمار الأجنبي المباشر لا تجلب معها خبرة أو تكنولوجيا أجنبية. أما 
المستثمرون المباشرون فليس لديهم ما يخشونه من الضوابط المفروضة 
على العملة الصعبة وحركة رأس المال» شريطة ضمان حقوق الملكية وتوافر 
وضع تجاري سليم. فالهدف الرئيسي للمستثمرين المباشرين هو الإفادة من 
الأجور المتدنية في بلدان مثل إندونيسياء أو الإفادة من مزايا الموقع كما 
هى حال سنغافورة. ويبدو أن البلدان التي كانت فيها مستويات التدفقات 
المالية قصيرة الأجل أدنى من حيث نسبتها إلى الاستثمار الأجنبي المباشرء 
تأثرت بدرجة أخف. وقد كانت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 
القروض قصيرة الآجل في ماليزيا أعلى مما في تايلاند ؛ لذا فإن ماليزيا 
لم تضطر إلى التماس العون من صندوق النقد الدولي برغم الانخفاض 
الحاد في عملتها والاضطراب الكبير في أسواق الأسهم. أما سنغافورة 
فهي في الأساس متلق للتدفقات الأجنبية في شكل استثمارات مباشرة؛ بل 
إنها أكبر متلق لهذه الاستثمارات. وقد كانت أكبر متلق من بعد الصين 
خلال الفترة .١1597 1١944‏ وبمضل تدني مستوى مديونيتها الخارجية 
قصيرة الأجل استطاعت سنفافورة أن تواجه ضغوط المضاربة في العام 
417 بأن تدع الدولار السنغافوري يهبط إزاء الدولار الأمريكي. وكان 
توافرها على احتياطيات كبيرة من العملة الصعبة يعني قدرتها على تحمل 
الأسواق حتى النهاية؛ وتقبل بحصول بعض الضعف في النشاط 
الاقتصادي الناجم عن ارتفاع معدل الفائدة. 

وهكذا فإن البلدان التي حرصت على ضبط الإقراض قصير الأجل لم 
تكن عزلاء بلا استراتيجيات قومية لصد هجمات المضاربة. فتايوان لم 
تتأثر عمليا بالأزمة؛ لأنها حرصت كل الحرص على تجنب عبء دين كبيرء 
ولأن نظامها الصناعي بالغ التنوع؛ القائم على مشاريع صغيرة ومتوسطة, 
كان يحصل على التمويل من مصادر محلية إلى حد كبير. إن الأسواق 


الاقتصادات النامية والعولمخ" 


ليست كلية العدزة: ولا عند مناهة كل الشبارات اسان السياسة الكوفية 
وهو ما ستراه لاحما. 


أزمة كوريا 

إن اتباع سياسات متهورة. واستيراد برامج ليبرالية اقتصادية غير 
موائمة؛ من شأنهما تقويض أقوى البلدان حديثة التصنيع. لقد ركزنا 
الحديث حتى الآن على الأزمة في جنوب شرفي آسيا. أما الضحية الكبرى 
الأخري في الأوفة الأسيوية فيح كوريا العدوبية لفركس كورها بذ ناميا 
مثل تايلاند. ولقد انضمت إلى صفوف البلدان الصناعية؛ وأصبحت 
عضوا في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في العام 1597. وكما 
يلاحظ ويد وفينيروزو ( 176565050 00 171/206 ,)١594‏ فقد انطلق تصنيع 
كوريا بنفضل مستويات عالية جدا من الادخار المحلي. ومستويات عالية 
جدا من إقراض البنوك القومية إلى شركائها من الشركات الصناعية في 
المجمعات الكوريةء التشيبولات (058365015)). وإن الانطلاق السريع للشركات 
الكورية مكّنها من التطور العاصف بضخ مقادير ضخمة من الرساميل في 
المشاريع الرئيسية:؛ والتركيز على أخذ حصة من أسواق التصديرء بدل أن 
تشغل نفسها بالربحية قصيرة الأجل. وعليه فإن هذه الشركات ستكون 
بالغة الضعف أمام أي أزمة اتتمان؛ ما لم تتمتع بعلاقة تعاونية طويلة الأمد 
مع المصارفء وما لم تكن هذه الترتيبات مكفولة من جانب سياسة الدولة 
على مستوى الاقتصاد الكبير (الماكرو). اتبعت كوريا الجنوبية نموذج «الدفع 
القسري» «185]6اة:0 10:060» في التصنيع: الذي تسيطر عليه دولة تسلطية 
شديدة: تركز أنظارها على التنمية. انطلقت مقادير كبيرة من رأس المال 
المحلي لتحرك الاستثمارء لكن الدولة وجهت هذا الاستثمار نحو صناعات 
إستراتيجية أساسية وحاولت التنسيق بين مجمعات التشيبول لتجنب 
الازدواجية والإغراط في طاقة الإنتاج. 

ليس في مقدور هذا النموذج أن ينجح تماما إلا إذا ركز على الصناعة 
التحويلية الموجهة إلى التصديرء وحافظ على ضوابط داخلية قوية تنظم 
الإقراض المصرفيء. وضوابط خارجية على رأس المال. وكما يوضح ها - 
جون تشانج (عمهطء 0 -113, ,.)١199‏ فإن الحكومة الكورية بدأت بلبرلة 


ما العولمة" 


النظام المالي المحلي في مستهل التسعينيات. ضفي ظل حكومة كيم يونج 
سام بعد العام ؟159١,.‏ جرى تخفيف الضوابط الخارجية. وترخيص عدد 
كبير من المصارف التجارية الجديدة. وتخلت السياسات الاقتصادية 
الليبرالية الجديدة عن الضوابط المفروضة على التشيبولات. كما نبذت 
توجيه الاستثمار الصناعي من خلال الإرشاد الإداري. استغلت التشيبولات 
تدني معدلات الفائدة في الخارج لتقترض العملات الأجنبية بإفراط. 
ويدات بالاستكماز في مشاريع ملتبسة: هما اذى إلى :طيشن الإنتاج: هي ظل 
آفاق ضعيفة لتحقيق الربح. وكما يجادل ها جون تشانج فإن المصارف 
والإدارات الصناعية باتت الآن حرة من القيود التي فرضتها السياسات 
الصناعية السابقة؛ التي كانت تعتمد على السيطرة الحكومية التامة لكنها 
كانت تتميز بالنزاهة والإنصاف نوعا ما. وإن الفساد دخل إلى النظام على 
نطاق واسع عند هذه النقطة بالذات. ويعترض ها جون تشانج على 
الشجب الغربي للعلائق الوثيقة بين الأعمال والدولة باعتبارها سمة 
متأصلة في النموذج الكوري. فيقول بلهجة لاذعة: «خلافا للتصور الشائع. 
لم تولد «رأسمالية المحسوبية» الكاملة في كوريا إلا في عهد حكومة كيم 
يونج سام» (تشانج 8308©. .)١594‏ لقد كان الفساد نتاج اللبرلة الطائشة: 
نتاج الانحراف عن النموذج التنموي للدولة, لا عاقبة مباشرة لهذا النموذج. 

وكانت كوريا الجنوبية ضحية العدوى, ذلك أن أزمتها جاءت في أعقاب 
الأزمة في جنوب شرق آسيا. لكن بعض علامات التحذير الكبرى تركزت 
على كوريا. خفي كانون الثاني العام 14917. انهارت شركة هانبو وطهدا] 
للفولاذ. وسط طوفان من الاتهامات بالفساد والاستثمار الفاشل المحفز 
بدوافع سياسية. وفي يونيو ١9517‏ سقط مجمع كيا 1618؛ وهو أكبر مجمع 
صناعيء في الأزمة. وكان هبوط قيمة اليوان الصيني والين الياباني قد 
سدد ضرية قاصمة لكوريا. وعانت كوريا في العام ١597‏ من عجز هائل 
في الحساب الجاري بلغ 77,7 مليار دولار. جاء ذلك في أعقاب عجز 
بمقدار 5,؛ مليار دولار العام 1994 و8,5 مليار العام ١540‏ (تشانج 
.)١199858‏ كما عانت كوريا تنامي الأزمة المالية في اليابان» إذ راحت 
المصارف اليابانية. تحت وطأة الحاجة الماسةء إلى استرجاع القروض 
قصيرة الأجل لكي تفي بالتزاماتها . 


الاقتصادات النامية والعولمة 


وتعرضت كوريا إلى هبوط عملتها الون 8ه/, بنسبة 225,١‏ إزاء 
الدولار خلال الفترة من بدء الأزمة التايلاندية فى 7 يوليو ١991‏ إلى 74 
كانون الثاني ١994‏ (مونت 8102065 1994 . أ الحدوق (10١)ءص ١6‏ ). 
وأرغمت كوريا إرغاما مهينا على أن تلتمس عون صندوق النقد الدولي في 
ديسمبر1597. يمكن اعتبار ذلك ردة فعل هائلة. مفرطة. هل كانت 
الأسواق تغدق التعويض المفرط؟ لقد سبق لكوريا أن تمرغت في ديون 
باهظة من قبل. لكن ميزانيتها كانت مستقرة. وكانت لديها شركات ذات 
شهرة ضاربة مثل أل جي 10 وسامسونج وهيونداي. ولكن ما إن داهمت 
الأزمة المالية التشيبولات. وهي تخوض لعبة التناضس على المقاعد الشاغرة 
القليلة. حتى فضت عليها المستويات العالية جدا من المديونية فياسا إلى 
الشركات الغربية. وكما يبين ويد وفينيروزو 6065050 200 17717206 ,)١9958(‏ 
فإن الشركات الكورية كانت مهددة دوما بتجاوز مستويات الديون لمستويات 
العائدات. بمجرد أن يتوقف تدضطق رأس المال. ويبدأ خفض قيمة العملة 
برفع تكاليف قروضها الخارجية. 

زد على هذاء أن آفاق تخلص الشركات الكورية من أزمة الدين ليست 
واعدة. لقد تخصصت كوريا في صناعات تتميز حاليا بقدر كبير من فيض 
طاقة الإنتاج: المواد شبه الموصلة؛ الكيمياويات واسعة الاستعمال 
(كالأسمدة). السياراتء بناء السفن. ليست كوريا بالمنتج متدني الكلفة ولا 
بالمنتج المتقدم تكنولوجيا على نحو خاص. فتكاليف الأجور فيها فاقت 
تكاليف الأجور في البلدان حديثة التصنيع الأقل تطورا منها. وقد جرى 
التنبوٌ قبل الأزمة بأن إجمالى تكاليف العمل للمستخدم الواحد فيها 
ستضاهي التكاليف في فرقينا بحلول العام ٠٠٠١‏ (502متطمط1, ١556‏ .أ 
الجدول (؟7). ص ؟١٠).‏ وليست كوريا بطليعة تكنولوجيا على غرار ألمانيا 
والولايات المتحدة, برغم أنها دأبت على تعزيز قدرتها في الأبحاث والتطوير 
(كيم و يي الت منكاء .)١95107‏ وإن أسعار واحدة من صادراتها الرئيسية, 
ونعني بها رقائق الذاكرة الأساسية للكمبيوترء انهارت إلى واحد من عشرين 
من مستواها الأصلي في سوق متخم. 

لا تكمن مشكلة كوريا في تهور مصارفها التجارية التي تعمل بلا رقيب 
من الناحية العملية, ولا في الاستثمارات الطائشة التي قامت بها 


ما العولمة 
التشيبولات: بل تكمن في البنية الاقتصادية والصناعية. لقد قاربت كوريا 
بحلول العام ١1997‏ عتبة الاقتصاد الصناعي المتطور. لكن أداءها الاقتصادي 
بقي مرهونا بمستويات النمو الموجه نحو التصديرء وهي ميزة بعيدة عن 
الاقتصادات المتطورة, لم يكن بالوسع إدامتها في وضع أسواق العالم قبل 
الأزمة الآسيوية: ناهيك بعد هذه الأزمة. وكما يشير جيفري هندرسون 
(دهدمعلمع 1 لإ612ل: )١554‏ بعمقء: فإن انضمام البلدان حديثة التصنيع إلى 
الاقتصادات المتطورة يتطلب منها أن تطور شركات ذات قدرة تنافسية 
مدفوعة بالتقدم التكنولوجي والتجديد المؤسساتي؛ لا بمجرد انخفاض 
تكاليف العمل وإمكان الحصول على وفرة من الرساميل؛ كما يتوجب عليها 
أن تطور كامل اقتصاداتهاء بحيث إن انتشار الازدهار يمكن السوق المحلي 
من استيعاب نسبة متزايدة من الإنتاج. لقد حققت اليابان كلا هذين 
الهدفين. أما كوريا فإن نسبة تجارتها إلى إجمالي ناتجها المحلي بلغت 74/: 
العام 1491: في حين أن النسب المقابلة بلغت ١١‏ في الاتحاد الأوروبي؛ 
و70 في الولايات المتحدة و5١/‏ في اليابان. (انظر الجدول (4 -1). لقد 
أرست كورياء ذات الكشافة السكانية المتدنية نسبيا (5؛ مليونا في العام 
7 قطاع صناعة تحويلية يعتمد في بقائه اعتمادا مستديما على ارتفاع 
مستوى تصدير المنتوج ارتفاعا كبيرا. وإن هذا يضع هذا القطاع في موضع 
بالغ الهشاشة أمام الصدمات الخارجية. أو أمام أي هبوط في الاقتصاد 
العالميء أو أمام أي ضغط من الصناعيين المنافسين في بلدان ترتقي 
بقشاعاتها .ملسي : 
يثير هذا قضايا أوسع. هناك نموذجان للتنمية يتباريان خلال العقد 
الأخير. هناك: نموذج التوجه للسوق الذي يرى أن النمو يستمد من الاستثمار 
الداخلي؛ ويوصي بالليبرالية الداخلية والخارجية؛ وهناك نموذج الدولة 
التنموية؛ الذي يرتكز على مستويات عالية من الادخار المحلي؛ وعلى التعاون 
الوثيق بين الدولة والأعمال: وفرض الضوابط الخارجية المناسبة لتعزيز 
صادرات الصناعة التحويلية (فايس وهوبسون 05502آ1 22 وواء/18, .)١19960‏ لقد 
تعرض كلا النموذجين إلى الانتكاس خلال الأزمة الآسيوية. مع ذلك لا تزال 
صندوق النقد الدولي يحث على اللبرلة المالية ويطالب بتطبيق علاجات غير 
حصيفة شرطا لتقديم القروضء مثل فرض التقشف على القطاع العام: 





الاقتصادات النامية والعولمة" 


واستهداف مستويات تضخم واطئة؛ ورفع معدلات الفائدة. غير أن الرأي 
السائد لدى الأوساط الحصيفة:؛ يبدي ريبة متزايدة إزاء هذه الوصفات. ومن 
الواضح أن سياسات صندوق النقد الدولي في إندونيسيا على سبيل المثال: 
غير حصيفة بالمرة» إن كانت الغاية منها استعادة النشاط الاقتصادي المحلى 
حتى يتمكن من خدمة الديون الخارجية وتسديدها (انظر ملحق هذا 
الفصل). وتبتعد الأوساط العليمة عن ترويج فكرة انفتاح البلدان النامية 
للتدفقات المالية الخارجية, إذا كان هذا الانفتاح يتعارض مع غاية التنمية: 
ومن غلاقم ذلك استعداد آبزز الاقتصاديين العمويين اللببرالئين:مثل 
جاجديش باجواتي (85289/8 13801559, )١194‏ على القبول بالضوابط في 
حالة تعذر إيجار مقرض عالمي فعال كملاذ أخير. ويلخص مارتن وولف, في 
صحيفة الفاينانشيال تايمزء الخيارات المطروحة من منظور ليبرالي تلخيصا 
ميتكما بالقول: 

«باختصارء يمكن للبلدان أن تختار. فأما أن يتوجب عليها أن 

تدخل ضوابط حازمة وفعالة على الطراز الغربي. مقرونة 

بأنظمة صرف عملات يعتمد عليها وتقييدات شديدة على 

الديون والأصول بالعملة الأجنبية في قطاعاتها المالية. أو 

يتوجب عليها أن ترجيّ لبرلة حساب رأس المال. أما الشيء 

الذي ينبغي ألا تفعله بالمرة فهو أن تجمع النظم المالية سيئة 

الضبط والمثقلة بالضمانات. مع فتح المجال الليبرالي الكبير 

الاخصول على هروس فنائنة حيكذ ١‏ المتررى يقصئ بالكرات 

الاقتصادي». (1994 - ج). 

إن وصفة خيار الشغافية والرقابة المذققة على السوق تنطوي على 

مشكلة وهي أنها تتطلب أن تكون قدرة الدولة على مستوى معين تعجز جل 
البندان النامية كن :طبيكه. والدق: ان كلة من النلدان المتظورة تشحطيع 
الحفاظ على المستويات التي تدعو هذه الوصفة إليها: ضفي المملكة المتحدة 
والبويك: تكلة سيك ازمات عازه تتيجة لبرلة اسواق لمان المنحلية وإزالة 
الضوابط الخارجية. الواقع؛ إن نموذج نظام مالي كهذا يتمثل في سنغافورة. 
فالمجتمع في هذه البلاد ممتثل وخاضع لضوابط شديدة: ويحكمه نظام 
تسلطي كفوء. ولكن نظم الحكم التسلطية نادرا ما تقترن بالكفاءة: كما أن 


ما العولمة" 


الحفاظ على أنظمة حكم ديموقراطية مستقرة في البلدان النامية صعب 
للغاية. خصوصا إذا كانت مهددة باضطراب اقتصادي. فكيف يسع 
لإندونيسياء مثلاء أن تنشئ حكومة ديموقراطية؛. منفتحة؛ وفعالة. حين 
يعيش ثلث سكانها في الفقرء ويعاني 0" مليون شخص فيها البطالة (وهو 
رهم يضاهي البطالة في الاتحاد الأوروبي)؟ 
يحرص الاقتصاديون الليبراليون الأذكياء على الحفاظ على نظام التجارة 
الخرة لكن خمز اتفال حدمقاخسالية كبجرة بسيوعة إلن اناف شبخلة. 
وضعيفة الضوابطء يكمن في أن مقدارا متواضعا من الإقراض؛ قياسا إلى 
إجمالي رصيد رأس المال في النظام المالي العالمي. من شأنه أن يسبب ذعرا 
ماليا وينزل بذلك الضرر بالتدفقات الفعلية من السلع والخدمات. وإن الخطر 
في بيئة عالمية تعاني الانكماش هو انتقال السياسات القومية باتجاه الحمائية, 
كما حصل في ثلاثينيات القرن العشرين. 
والمشكلة هناء أنه إذا كانت الصيغة الساذجة من النموذج الليبرالي 
تفقد صدقيتهاء لا عند الاقتصاديين فحسب. بل كذلك عند صانعي 
السياسة في أنظمة الحكم القومية الجامحة مثل ماليزيا وكوريا 
الجنوبية. فإن نموذج الدولة التنموية ليس في حال أفضل. لقد قامت 
الدولة التنموية على فرضية وجود نظام تجاري لا متتاسق؛ تنتفع فيه 
البلدان النامية المعنية. من حرية التجارة مع العالم المتطور. من جانب. 
وتحتفظ فيه. من جانب آخر بسيطرة شديدة على الواردات تنفسها. 
وعلى سبيل المثال؛ فإن واردات السلع المصنعة في العام 1570 بلغ نسبة 
4“ من إجمالي الناتج المحلي؛ ولم تزد هذه النسبة على  ”‏ حتى في 
العام 1951 وكان السوق الكوري الجنوبي محميا على هذا النحو. لكن 
هذا لم يعد بالخيار الممكن في ظل نظام التجارة الحرة الحالي لمنظمة 
التجارة العالمية. زد على ذلك, أن البلدان المتقدمة لم تعد مستعدة 
الاختمال مكل هنذا ١‏ للأسامق انطلاقا ملق خوقها من المناطسية: [وونظاء 
الدولة التنموية التي تركز بشدة على تصدير السلع المصنعة. يفترض أن 
الطلب العالمي ينمو نموا سريعاء وأن عدد البلدان حديثة التصنيع قليل 
نسبيا. لكن هذه الإستراتيجيات لا تشكل وصفة عامة نافعة فى ظل ركود 
الطلو هي اليذذان المتقدمة, المعفر سياسات ماكرو امقصادية كابحة 


الاقتصادات النامية والعولمه 


تعطي الأولوية لخفض التضخم. وفي ظل انتشار مساعي التصنيع في 
العالم النامي. وفي هذا الإطار لا تستطيع سوى أقلية من البلدان 
أن تنجح وأن تحقق التصنيع التام. وإن مستويات الادخار في البلدان 
الآسيوية؛ الرئيسية خصوصا. استثنائية بالكامل. ويتعذر على الأمم 
النامية اللأخرى أن تجاريها في ذلك. 

لا نقصد بذلك القول إن التنمية مستحيلة؛ بل صعبة تماما. ويبدو أن 
هذين الطريقين إلى الازدهار مغلقان كلاهما. فخير نصح للدول ذات 
المستويات العالية من الادخار المحلي هو أن تتبنى فرض الضوابط على 
حسايات رأس المال. أما الدول ذات المستويات المنخفضة من الادخار 
المحلي فيتوجب أن تسعى إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر على 
أن تشبط التدفقات المالية المفرطة. قصيرة الأجل. ولسوف نتناول في 
القسم التالي من هذا الفصل كيفية السعي إلى تحقيق هذه الفايات. 
خلاصة ما نريد قوله كمالع نكما واداع عد اتا بنة القومية حتى في ظل 
غياب نماذج تنموية جاهزة. قد تستطيع الأسواق العالمية كبح الدولء. ولكن, 
إذا تحاشت الدول أخطاء السياسة التي تفاقم الآثار المدمرة لقوى 
السوق؛ فإنها تمتلك القدرة على احتواء الأسواق بما يخدم مصالح 
أهدافها القومية. 
خيارات سياسة البلدان النامية 

ينبغي أن يكون واضحا للعيان الآن أن الجمع بين اللبرلة المالية الشاملة, 
الك انكلية واتحارسية :مرج حاتت والتخيت الجر لكر ضرف الفملة من 
جانب آخرء هو كارثة بالنسبة للبلدان النامية. ولكن في ضوء الضحالة 
النسبية لأسواقها المالية. وصعوية بناء أنظمة إشراف مناسبة من جانب 
السلطات المحلية وإرساء ممارسات الشفافية من جانب الشركات المحلية. 
في ضوء ذلك يصعب منع الميول ياتجاه الاقتراض الضحم المفرط والنمو 
الجامح للديون. وحين يبدأ رأس المال بالفرارء فإن من العبث بمكان السعي 
إلى احتوائه عن طريق الدفاع عن سعر صرف العملة باستخدام 
احتياطيات النقد الأجنبي. فحين يدب الذعرء يكون ارتفاع نسبة الدين 
قصير الأجل إلى الاحتياطيات جليا أمام أنظار المستثمرين. وإن استخدام 


ما العولمة" 


الاحتياطيات لا يفعل سوى أن يسمح للمستثمرين بالوجود من دون تعديل 
الخفض الضروري للعملة آخر المطاف. وإن الاحتياطيات أنفع لمعالجة 
أوضاع ما بعد الأزمة. وبالمثل؛ فإن النجدات المالية من جانب صندوق النقد 
الدولي تحمي المقرضين الأجانب. الذين استثمروا في الغالب دون 
المخراس: ولم يجلبوا النفع إلى الاقتصاد المحلي. على حساب الإنتاج 
والعمالة على الصعيد المحلي. ومن الواضح الآن أن صندوق النقد الدولي 
لا يستطيع أن يجند موارد كافية من بلدان منظمة التعاون والتتمية 
الاقتصادية وبالتالي من دافعي الضرائب في هذه البلدان) ليعالج سلسلة 
من الأزمات وثيقة الترابط: فلقد فاق إجمالي المساعدات إلى المكسيك 
(خلال العامين )١596 ١994‏ وتايلاند وإندونيسيا وروسياء الماكة مليار 
دولار أمريكي. 

وهناك حاجة إلى ابتكار نظام عالمي آخر خلاف نظام تعزيز الليبرالية 
المالية» المرقع بالانهيارات والنجدات المالية المتكررة. إن ضرر ذلك على 
التنمية واضح تماما الآن إلى درجة أن رأي المؤسسة قد أضعف موقفها 
الدوجماتي (العقائدي الجامد) من قضية فرض الضوابط على حسايات 
رأس المال في البلدان النامية (انظر على سبيل المثال افتتاحية جريدة 
الفاينانشيال تايمز في ١‏ سبتمبر 15198). ومن الواضح أيضا أن تأثيرات 
العدوى لا يمكن أن تنحصر في العالم النامي. فلديها القدرة على إثارة 
الاضطراب في العالم المتطور أيضا. وليس من المرجح في الوقت الحاضر 
أن تؤول الأمور إلى تبني نظام عالمي بديل لضبط التدفقات المالية, ما لم 
تجد الاقتصادات المتطورة نفسها غارقة في حمأة ركود خطير أيضا. وإن 
مزيج ضعف القيادات واستمرار بقايا سيطرة إيديولوجيا الليبرالية 
الاقتصادية يعني أن حكومات السبع الكبار لن تستجيب إلى تعمق الركود 
العالمي بشكل أفضل من استجابة نخب القوى العظمى بعد العام .١559‏ 
لذاء يتوجب على البلدان النامية أن تتخذ التدابير الحصيفة بتفسها. 
وتحتاج هذه البلدان إلى أن تنبن الحتمية الاقتصادية التي يعظ بها أنصار 
العولمة» وأن تقر بأن هناك خيارات أخرى أمام الحكومات القومية: إن لم 
تكن قد وقعت في قبضة إشراف صندوق النقد الدوليء وإن كانت تقبل 
بوجوب التحرك الحاسم والمتسق. 


الاقتصادات النامية والعولمة 


وكما رأيناء فإن ماليزيا تجنبت ضرورة استدعاء صندوق النقد الدولي؛ 
لأنها كانت تتمتع بنسبة متدنية من الدين قصير الأجل قياسا إلى 
الاستثمار الأجنبي المباشر. وقد فاقم الدكتور مخاتير الأزمة سوءا 
بالحديث عن الضوابط من دون أن يعمل على فرضها. وابتداء من سبتمبر 
4 هبطت العملة المحلية, الرينجيت. بنسبة 48“ من قيمتها في بداية 
الأزمة؛ وهبطت سوق الأسهم بنسبة 77١‏ قياسا إلى ذروته. وتحرك 
محاتين:منذ الأول هن سيتعير 155 تخركا حازها فادرج برتامعا لقرصن 
الضوابط قصيرة الأجل على العملة: منع المصارف الأجنبية من المتاجرة 
'باستثمارات الرينجيت؛ وحظر المؤسسات الماليزية من عرض تسهيلات 
'اثتتمان على المصارف الأجنبية وسماسرة الأسهم الأجانب؛ واسترجاع 
أرصدة الرينجيت المتداولة خارج البلاد خلال شهر وإلا فقدت قيمتهاء 
.وحصر إجراء كل الصفقات التجارية بالعملة الأجنبية» ومنع الأجانب الذين 
يبيعون أسهمهم من المغادرة قبل مرور عام واحد. وفرض ضوابط صارمة 
على الأجانب والمقيمين من إخراج أي عملة محلية أو أجنبية خارج البلاد 
(الفاينانشيال تايمز ” سبتمبر 1994: ص ؟). بقي أن ننتظر لنرى مدى 
اتاثين هذه الضوابظ. إن الفرض منهنا هو فصل السياسة النقدية امخلية 
عن سياسة معدل سعر الصرف. وينبغي لماليزيا أن تتمكن من خفض 
:معدلات الفاتدة. واستعادة النشاط الاقتصاديء. وتسهيل سداد القروض 
'المحلية. إن هذه الإجراءات مرشحة للنجاح في بلد يتميز بمعدل ادخار 
أمحلي عال جداء وحكومة تسلطية. علاوة على شعور قومي حاد لمصلحة 
بناء الاقتصاد المحلي. وقد تتمكن ماليزيا من زيادة النشاط الاقتصادي 
هجدداء لتشق طريق الخروج من الأزمة. لكن هذه الزيادة لن تتحقق على 
المدى البعيد إلا اذا جرت السيطرة على نمو الاتتمان المحليء ومعالجة 
:تبعات الدين المحلي وتقليص مشاريع الأبهة غير العقلانية. 
ليست ماليزيا وحدها في تبني إجراءات تدخلية. فحكومة هونج كونج 
'تستخدم منن فترة احتياطياتها الواسعة من العملة الصعبة لشراء الأسهم 
:ودعم البورصة المحلية, فدرأت بذلك انحدار البنوك والشركات المالية إلى 
ؤهدة الإفلاس. ولا تزال الصين والهند؛ اللتين لم تمسسهما الأزمة نسبياء 
تتوفران على احتياطي كبير من العملة الصعبة وضوابط على حسابات 


انمسق 


0 
ك4 
33 


ما العولمة 


رأس المال. ولكن ما الخيارات المتاحة عموما للبلدان النامية . دون 
الإجراءات بالغة القسوة في ماليزيا ‏ ابتغاء احتواء التدفقات الأجنبية 
قصيرة الأجل ومنع النمو المفرط للدين المحلي؟ 

أولاء هناك خيار استنساخ السياسات التشيلية التي بوشر بها بعد أزمة 
مطلع الثمانينيات. إن المستثمرين الأجانب أحرار في الانخراط في 
استثمارالأسهم والسندات المالية لكن يتوجب عليهم إبقاء أرصدتهم ثابتة في 
البلاد لمدة عام في الحد الأدنى. أما المقترضون المحليون فلا يشجعون على 
أخذ قروض أجنبية قصيرة وذلك بفرض شرط عليهم وهو أن يودعوا 7/١‏ 
من رأسمال القرض لكل قرض تقل مدته عن سنة واحدة؛ في حساب مصرفي 
بلا فاكدة لفترة طويلة. 

ثانياء يتعين على سياسة سعر صرف العملة أن ترغم المستثمرين الأجانب 
على الإقرار بالمجازفات التي يركبونها عند إعطاء قروض قصيرة الآأجل ‏ 
ويتوجب تحاشي التثبيت الصارم لأسعار صرف العملة؛ بل واللجوء إلى أسعار 
صرف متغيرة: أو حزمة واسعة جدا من هذه الأسعار. 

ثالشاء إذا كانت الليبرالية المالية هدفا بعيد الأمد. كما يجادل مونت 
(1954 ب)., فيجب تقبل حقيقة أن اللبرلة الفورية ضارة بالكثير من 
الاقتصادات. وأن بالإمكان إقناع المؤسسات العالمية بمشروعية وضع عدة 
تدرجات من الانفتاح في حسابات رأس المال؛ تقع بين قطبي الضوابط 
الشديدة والانفتاح الواسع. ولا يجوز نبذ أولئك الذين يضعون كر افك واسعة. 
بل يجب ألا يطلب منهم أو يؤذن لهم بقبول تدفقات رأس المال الأكثر تقلبا؛ 
نظرا لأآنهم يملكون أدنى درجة من الانفتاح. وبهذه الطريقة يجري إنهاء 
. الدعوة إلى اللبرلة على أساس كل شيء أو لا شيءء. وبذلك تحصل البلدان 
ذات الضوابط على أرصدة من نوع معين وحجم معين. ويمكن للبلدان أن 
تتدرج في صعود سلم الانفتاح مشفوعة بقبول عالميء بينما تزداد اقتصاداتها 
قدرة على استيعاب التدفقات المالية الخارجية. وإن الاعتراف الرسمي 
بدرجات الانفتاح يمكن ان يعتمد بديلا عن التقييمات المزاجية, المتقلبة» التي 
تقوم بها الوكالات الخاصة لدرجات الانفتاح. وإن اقتران هذا النظام لقياس 
درجات الانفتاح بوجود شركة التأمين العالمية على القروض التي يقترحها 
سوروشء يمكن أن يوفر قدرا كبيرا من الأمان للمستثمرين. 


الاقتصادات النامية والعولمة 


رابعاء قد يقال إن السماح بأشكال متدرجة من الضوابط على حسابات رأس 
المال لن يمنع عوامل أخرى من إخراج بلدان معينة خارج خارطة الاستثمار 
بالكامل؛ سواء أكان ذلك قروضا قصيرة الأجل أم استثمارات مباشرة. الحق؛ 
إن الاستثمار الأجنبي المباشر. كما رأينا من الفصل الثالث؛ شديد التركز في 
عدد قليل من البلدان النامية. شأن القروض قصيرة الأجل. وإن كثيرا من 
أرجاء العالم النامي» ومعظم أفريقياء لا تقع على الخارطة مقار الشركات. إن 
ضريبة توبن 18 1061, التي تستهدف في الأساس الحد من المضاربة 
بالتعاملات قصيرة الأجل (انظر الفصل السابع). تتوخى تحقيق هدف آخر 
متفرع عن هذا الهدف الرئيسيء وهو استخدام العائدات لتكوين صندوق 
يمكن استثمار أمواله في البلدان النامية. وسواء أكان فرض مثل هذه الضريبة 
على كل الصفقات المالية العالمية قصيرة الأجل ممكنا أم لا. فإن هناك ضريبة 
أخرى مقترحة, أبسط وأيسر تنفيذاء لا تتوخى وضع العصي في عجلات 
التدفقات المالية قصيرة الأجلء؛ بل تستهدف ببساطة تكوين رصيد للاستثمار. 
إن فرض ضريبة بمعدل متواضع (كأن يكون 05 “.٠‏ مشلا) على تدفقات 
الاستثمار الأجنبي المباشر بين بلدان منظمة التعاون والتتمية الاقتصادية 
0862 وعلى التدفقات من بلدان المنظمة إلى أكبر عشرة بلدان نامية متلقية 

للاستثمارات الأجنبية المباشرة. ستكون أيسر تنفيذا.ء كما أنها لن تردع 
المستثمرين لآجال طويلة في المواقع المفضلة أصلا (هيرست إورنلل ١559/‏ أ). 
وإن الأرصدة التي ستتراكم عن هذه الضريبة ستعرض بمعدلات فائدة موائمة 
أمام الشركات الخاصة لكي تقترض بهدف الاستثمار في مجموعة محددة من 
أفقر البلدان. شريطة أن يسندها مقدار ممائثل من رأس المال المعبا تجاريا. 
وإن هذه المناصفة من شأنها أن تحبط الاستثمارات غير الناجحة: ولكنها 
ستسهل على الشركات خوض المجازفة باستثماراتها . وإن مثل هذا الاستثمار 
الخاص المسند رسميا (حكوميا) سيضاف إلى العون التنمويء ولن يواجه 
الاعتراضات التقليدية على مشاريع المعونة الكبرى بالقوة نفسها. إن ميزان 
الاستثمار على النطاق العالمي يبلغ درجة كبرى من التشوه بحيث يستدعي 
شكلا معينا من أشكال التدخل. لعل المؤمنين بكفاءة الأسواق سيمتعضون 
(كويل هانإه© ,1998 ). لكن الثقة بهم ستكون ضعيفة؛ نظرا لأن تأثيرات السوق 
قد أوقعت قسما كبيرا من العالم النامي في حمأة الركود. 


ما العولمة 


خامساء لعل من الضروري أن تخضع المصارف في البلدان النامية إلى 
متطلبات مختلفة من كفاية رأس المال (مونت و5عاصه21,. ١1595‏ أ). إن 
الشرط الحاليء: يموجب اتفاقية بازل (التي تضع معايير الضبط العالمية 
لأعمال المصارف) هو أن تتوافر المصارف على 8 7 من رأس المالء لكن 
كثرة من حكومات البلدان النامية تجد صعوبة في ضبط المعاملات 
الأجنبية والمتاجرة بالآسهم المتفرعة. ولعل الضرورة تقضي برفع المعدل 
(إلى ٠١‏ “ مثلا). إن من شأن ذلك أن يساعد على احتواء الإقراض 
المتهورء دونما حاجة إلى طرح مطالب غير واقعية في مجال الإشراف. 
ولسوف يقود ذلكء لا محالة, إلى تقليص عرض القروض؛ وما هذا بالأمر 
السيىّء نظرا لوجود ميل قوي في البلدان سريعة النمو إلى الإقراض 
المفرط والاستثمار الغزير. 

أخيراء يتوجب على الحكومات أن تتخذ التدابير لمنع فلتان النفخ الوهمي 
لأسعار الآصول. كما أنها بحاجة إلى أن تقدر الحد الذي ينبغي التحرك 
عنده بحزم لكي تدفع الآسواق المحتدمة بالنشاط إلى الانكماش. ومن غير 
المثمر تماما الركض وراء معدلات نمو اسمية عالية على حساب التنمية 
بعيدة الأمد. وتبين الآزمة الحالية أن اتباع سياسات أكثر حصافة لن يسبب 
أكثر من فقدان القليل من النمو الفعلي. ويشير مونت (21102]165 : ١199/‏ ب) 
إلى أن كلا من تايوان وسنغافورة تحركتا لكبح النفخ الوهمي للأصولء بل إن 
سنغافورة عملت بوجه خاص على فرض ضوابط ورسوم على إعادة بيع 
الممتلكات العقارية ضي العام 1597. 

إن إدارة الاقتصاد الكبير (الماكرو) النشطة وضبط المال المحلى 
الحصيف يمكن أن يساعدا على منع الأزمات الناجمة عن تضخم 1 
الأصول وفرط الاقتراض قصير الآجل من الخارج. وإن تحقيق ذلك ممكن 
بموازاة إبقاء الأسواق مفتوحة أمام المستثمرين الأجانب. وخاصة آأصحاب 
الاستثمارات طويلة الآجل. خلاصة ذلك أن هناك خيارات عدة آمام 
السياسة القومية. شريطة توافر الكفاءة والحذر عند الحكومات. كما آن 
ذلك يفترض استعدادا للتركيز على النمو المستديم بدل الركض وراء 
التنمية المحفوفة بالمخاطر مهما كان الثمن. ويفترض ذلك رفض عقيدة 
ليبرالية السوق الحرةء مع البقاء على الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية 


الاقتصادات النامية والعولمة 


المباشرة والتجارة الحرة. إن حكومات بلدان مثل تايلاند وكوريا الجنوبية لم 
تكن تفتقر إلى القدرة على انتهاج سياسات أكثر احتراسا؛ لكن الالتزام 
بالإيديولوجيا الليبرالية الاقتصادية والحرص على المصالح السياسية 
الآنية. أفضيا إلى ارتكاب أخطاء سياسية كبرى. قد لا تكون هناك «معجزة 
آسيوية» جاهزة للتصديرء لكن بلدان آسيا قادرة؛ باستثناء إندونيسياء على 
الشفاء من الأزمة والعودة إلى طريق تنمية أبطأ. لعل الأزمة كلفت البلدان 
الأكثر تضررا عقدا من التنمية وأملت عليها انتهاج سياسات أكثر احتراساء 
لكن هذه الأزمة نفسها لا تشبت أن الدول القومية في البلدان النامية 
عاجزة أمام قوى السوق الكوني. غير أنها ستصاب بهذا العجز إذا ما 
واصلت القبول التام بوصفات الليبرالية الاقتصادية. 


وماذا عن الصين؟ 

تتميز البلدان الآسيوية التي ضريبتها الأزمة بعدد قليل نسبيا من 
السكانء باستثناء إندونيسيا. فالبلدان التي نجت من الأزمة ونجحت في 
تحقيق التنمية ورفع نصيب الفرد فيها من إجمالي الناتج المحلي إلى 
مستويات تضاهي بعض البلدان المتطورة؛. هي بلدان صغيرة نسبياء مثل 
سنغافورة وتايوان (يبلغ نصيب الفرد من الدخل في سنفافورة زهاء 7717١‏ 
دولارا العام .١4545‏ مقابل 14744 دولارا في المملكة المتتحدة)ء. وقد 
استطاعت هذه البلدان أن تنعم على جل السكان بفوائد التحديث. أما 
المشكلة فتأتي مع البلدان الكبيرة التي تتميز بقطاعات ريفية واسعة 
(تشمل “٠١‏ من السكان فما فوق). إن التصنيع السريع في مثل هذه 
البلدان قد يؤدي إلى نمو التفاوت بين المناطق والقطاعات. مفضيا إلى 
تنمية غير متوازنة. والسؤال المطروح هنا هو إن كان بمقدور النظم 
السياسية في مثل هذه البلدان أن تنجو من مغبة التوترات؛ أو إن كان 
بالإمكانةتطبيى جنيا ساك إعانة توزيه لحل ومين النسية الداخلية من 
دون إبطاء وتيرة النمو بدرجة ملحوظة. وإذا بقيت التنمية مفرطة في 
التفاوت. فإن انعدام الاستقرار السياسي يمكن أن يخنق عملية النمو. 

إن آفاق التعجيل بتضييق الفجوات الواسعة بين العالم المتطور والعالم 
النامي تتوقف على نجاح وديمومة التحديث الصناعي لمثل هذه البلدان 





ما العولمة" 


الكبيرة والفقيرة. كالصين والهندء اللتين تملكان قطاعات زراعية متخلفة. 
فهل يمكن لمثل هذه البلدان أن تشرع في إشراك جل سكانها في الازدهار, 
فتعزز بذلك الطلب المحليء وتوفر القاعدة للمزيد من التصنيع؟ 

لنأخن مثال الصين أولا. أخذت الصين بالنمو السريع منذ العام 1918 . 
وبلغ المعدل الوسطي للنمو في الصين ”.4 في المئّة ستويا خلال عقد 
الشمانينيات. لكنه ارتفع إلى ٠١ ,١‏ “ خلال الفترة 19935195١‏ (سنج 
تاعدز5: 1594, الجدول  ”(‏ ؟)؛ ص 09). يعتبر هذا أعلى معدل في منطقة 
آسيا ‏ المحيط الهادي. وصلت معدلات الادخار المحلي في الصين إلى 
”,75 من إجمالي الناتج المحلي سنويا خلال الأعوام 195 1594: وهذا 
من جديد أعلى معدل ادخار في منطقة الادخار العالي. وكانت الصين أكبر 
متلق منفرد للاستثمار الأجنبي المباشر خلال عقد التسعينيات: وتحتل 
المرتبة الثانية فيه لا تسبقها سوى الولايات المتحدة على النطاق العالمي. 
شكلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بحلول العام 15404. 0 /ز من 
إجمالي الناتج المحلي: أما أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر فيلغت 
72 من إجمالي الناتج المحلي (رامشتتر ع#عناءاتمصقظء 1554: الشكل  48(‏ 
١ص .)3١6‏ وتلقت الصين ما مقداره *,5: مليار دولار من الاستثمار 
الأجنبي في العام 1953. 

إن سجل الصين في هذا الباب مثير للإعجاب. وإذا أسقطنا الميول 
الحالية على المستقبل. فإن الصين ستكون أعظم قوة اقتصادية على وجه 
الأرض بحلول العام :707١‏ ولكن يتوجب على المرء أن يتذكر مصير مثل هذه 
الإسقاطات المستقبلية من تجارب الماضي: فلقد تنبأ المحللون خلال عقد 
الستينيات؛ اعتمادا على معدلات النمو في تلك الفترة؛ أن يتفوق الاتحاد 
السوفييتي على الولايات المتحدة قبل نهاية القرن؛ أما في عقد السبعينيات 
فقد تنبا المحللون بأن اليابان ستتفوق على الولايات المتحدة من ناحية إجمالي 
الإنتاج ونصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي على حد سواء قبل نهاية 
القرن بكثير. واتضح الآن أن هذين التنبؤين فارغان:؛ لكن التناظر مع التاريخ 
الاقتصادي السابق لا يجعل المثال الصيني محالا. 

وينبغي للمرء أن يتذكر أن نظام الصين لا يزال نظام رأسمالية دولة 
مغلقا. ولاتزال الصين تفرض تقييدات واسعة على الصادرات وضوابط 


الاقتصادات النامية والعولمة 


على العملة الأجنبية. وأن أسواقها المحلية لا تزال موضعية تماماء كما أن 
الحكومات الإقليمية في المحافظات لاتزال تتمتع بدرجة كبيرة من 
الاستقلال الذاتي في السياسة الاقتصادية. وكما أشار آجيت سنج فإن 
« 568 “ من رأس المال الصناعي لايزال بيد الدولة, ولاتزال معظم الآراضي 
ذات ملكية جماعية» (سنج . 1998, ص .)١6‏ ويأتي معظم الاستثمار 
الأجنبي في الصين من مستثمرين صينيين يعيشون في الخارج». وخاصة 
: في مناطق هي جزء من جمهورية الصين الشعبية. أو أن الجمهورية تطالب 
بها كجزء من أراضيهاء مثل هونج كونج وتايوان: ويقدر أن هونج كونج 
: وحدها مسؤولة عن ٠١‏ ” من الاستثمارات الآجنبية المباشرة فى الصين 
:(هندرسون «06]35مع151, 5954 اص 3045). ولاتزال الصين تملك أنماطا 
متنوعة من المشاريعء لكن المشاريع التي تملكها الدولة. على النطاقين 
القومي والمحليء والمشاريع المملوكة جماعيا ضي المدينة والقرية تؤلف جل 
. المشاريع في الصين. ولاتزال الصين تقوم على اقتصاد مزدوج؛ قسم هو 
حديث التصنيع سريع التحديث؛ وقسم هو نظام اشتراكية دولة». شبه راكد 
أوغير قادر على المنافسة عالميا؛ كما أنها تملك طيفا واسعا من أتماط 
:الاقتصاد الريفي. من مشاريع المزارع الناجحة في المدينة والقرية؛ إلى 
الفقر المدقع في أراضي الفلاحين المستقلين. خلاصة القول المرام أن 
١‏ اقتصاد الصين يمكن أن يسير في اتجاهات عدة. 
إن الفوارق بين الأقاليم في الصين تتسع باستمرار بدل أن تضيقء حيث 
.تتقدم المحافظات الساحلية وبكين على بقية المناطق بشوط بعيد. وقد نمت 
أهذه الفوارق نموا ملحوظا خلال عقد التسعينيات: وهو ما نراه بإلقاء نظرة 
:سريعة على الجدولين (؟ . 0) و(5 - 6). 
ولو أغفلنا الصعوبات في الإحصائيات الصينية الرسمية:؛ فإن المهم فيها 
.هو الدرجة العالية من الثبات في وضع المحافظات في كلا الجدولين؛ وضي 
إتراتبها النسبي. وبالطبع لا يوجد لدى خبراء الإحصاء الرسميين أي حافز 
اللمغالاة في اللامساواة بين المناطق. ويبين هذان الجدولان أن معامل التفاوت 
في نصيب الرة من الدخل القومي بين أعلى المناطق وأدناها قد ارتفع من 
8./ إلى 5, .٠١‏ وهذه درجة هائلة من التفاوت تنبى. في ضوء استمرار 
الإقليمي للاقتصاد, بإمكان نشوب نزاعات خطيرة بين الأقاليم؛ وأن 






ما العولمة" 


التفاوت بين الأقاليم أكثر خطورة على الاستقرار السياسي من التفاوت بين 
الطبقات. ولا تزال الصين تملك نظام قمع سياسي كفوءء ونظاما قسريا في 
ضوابط العمل (دوتون 08ثانا2: 19197 ). لكن الصين تعاني على الدوام 
التأرجح بين فترات المركزية الفعالة. وفترات بعثرة السلطة وتوزيعها على 
الأقاليم. قد تحوز الصين اقتصادا مزدوجاء ولكن ليس بوسعها أن تحوز دولة 
مزدوجة. إن مناطق مثل شانغهاي تضاهي أنجح دول آسيا حديثة التصنيع 
وأكثرها سرعة في التحديث. ولكن المناطق الأخرى تعيش في ظل مشاريع 
اشتراكية الدولة غير الكفوءة والفقر المدقع في الريف. 

والمشكلة إذن هي كيف يمكن لنظام منفرد أن يحتوي هذه التفاوتات؟ هل 
يمكن للدولة أن توسع نطاق التنمية وتساويها بين المناطق؟ هل يمكن إبعاد 
استثمارات رأس المال والاستثمارات الحكومية عن «مراكز النمو» التي يحتدم 
فيها النشاط الاقتصادي وتوجيهها إلى المناطق الأفقر؟ يتوجب على الدولة أن 
تفعل ذلك إن أرادت احتواء تشتت السلطة محليا. وإن الصين ليست مرشحة 
لأن تصبح ديموقراطية نظرا للتفاوتات الكبيرة بين المناطق والطبقات ('). 
ولكن هل تستطيع أن تحتفظ بنظام حكم تسلطي. مستقر وكفوء5 لا يمكن 
الإجابة على السؤال في الوقت الحاضر. إن الإرادة السياسية لقمع المعارضة 
القومية في التبت ووسط الاويجوريين واضح للعيان: وهذا يدلل على أن 
الدولة واعية لهشاشتهاء وغير مستعدة للرضوخ خشية أن يشجع ذلك على 
المزيد من النوازع اللامركزية في مناطق أخرى. وإذا ما أصيبت السلطة 
المركزية بالضعفء. وأحيق الاستقرار السياسي بالخطرء فإن ذلك سيهدد أيضا 
آفاق اتساع التنمية وانتشارها من مراكز النمو الحالية إلى المناطق الأخرى. 

ما من إنسان ذو حس سليم يتمنى أن تستمر الصين في تخلفها 
الاقتصاديء فذلك يعني القضاء على مثات الملايين من البشر بالفقر والبؤس. 
وإن ازدهار الصين وتطلعها إلى الخارج يعني توافر سوق متنام للغرب, ومنبع 
للسلم والاستقرار. 

تبعث الإحصائيات على شيء من الارتياح عند المتفائلين. فبرغم اتساع 
اللامساواة بين المناطق» فإن صورة معدلات النمو مشجعة أكثر. وعلى سبيل 
المثال. فإن محافظة آنويء التي كانت في قاع جدول دخل الفرد. وكان معدل 
النمو فيها يقف عند ١,7‏ العام 1540: تمتاز الآن بأعلى معدلات النمو في 


الاقتصادات النامية والعولمة" 


الأقاليم؛ من حيث المعدل الوسطي خلال السنوات ”1997 -19941. أما الفارق 
بين أدنى وأعلى معدل نمو إيجابي فكان يبلغ 14,7 في العامين 1550 
7 . وكان أدنى معدل نمو في هذه الفترة يبلغ ,8 في كوينجهاي. وهكذا 
يتسارع إمكان التنمية في المناطق الفقيرة والطرفية. 

ولكن حتى لو أدى النمو إلى تخفيف بعض الفوارقء وتقليل سخط 
الناس على ثروة برجوازية شانفهاي؛ بعد ارتفاع مداخيلهم بسرعة قياسا 
إلى تجاربهم السابقة؛ فإن الصين تظل مع ذلك تواجه مشكلات اقتصادية 

الجدول (0-5) 


التفاوتات بين أقاليم الصين 1١995.199٠١‏ 
(1) آعلى وأدنى خمس محافظات من حيث دخل الفرد )1١991(‏ 


145١‏ مضاعف حصة الفرد من أنمو إجمالي الناتج المحلي 
حصة الفرد من إجمالي | إجمالي الناتج المحلي في 9 1١959(‏ 
الناتج المحلي (باليوان) أدنى المحافظات 1 
أعلى المحافظات 1 1 
شانفهاى اا, ”7 
1 16 
2 
5 
3 
1 
تن 
1١)‏ 
90 














(ب) أعلى وآدنى محافظات من حيث معدلات النمو990١1951-1‏ 


.أعلى المحاقطات ٠":‏ نمو إجمالي الناتج المحلي |.أدنى المحافظات ١‏ إجمالي الناتج المحلي 
يا 0( ل 00( 






ا 











المصدر: الكتاب السنوي للإحصاء الصيني؛ 1997؛ عن الجدول ت (15-5) (ص 0) 


والجدول ت (17-5) (ص 74) 


















































ما العولمة" 


الجدول ("- ه) 
التفاوت بين أقاليم الصين للعام 1١995‏ 
(1) أعلى وأدنى خمس محافظات من حيث دخل الفرد 1997 










حصة الفرد من اجمائلي | مضاعف حصة الفرد من أنمو إجمالي الناتج ١‏ 






















الناتج المحلي (باليوان) | إجمالي الناتج المحلي في ه9١‏ - 55وؤل 
كوول أدنى المحافظات 1 
ا 77 1١‏ 
1 5 
1١‏ 1 
01 /ا ١‏ 
كك ”1 
والار؟ ١/1‏ 
م دل 
ا" ١6‏ 


حك 
لح 


10 
لع لاء 1 


22 22 ١ 





هه 








المصدر:الكتاب السئوني للإحصاء الصينيء 1991. عن الجدول (؟  )٠١‏ (ص 47#) والجدول 
(5-١١)(صه؛).‏ أما معطيات تايوان فمأخوذة عن الجدول ١(‏ - ”7) (ص )8١١‏ ومعطيات هونج 
كونج عن الجدول )"-٠١(‏ رص 785) 
الترجمة الصوتية لألفاظ أسماء المحافظات قد تختلف عما في طبعة 1497 المستخدمة في 
جدولنا السابق (0-1) 


















































الاقتصادات النامية والعولمة 


بنيوية. إن معدل النمو السكاني في الصين واطى نسبياء فهو يبلغ ١6‏ “ا 
إلا أن حجم السكان نما من ١,١51‏ مليار نسمة في العام 1557. إلى 
6 مليار العام 997١وهو‏ مرشح للتمو إلى ١,5‏ ملياة شيفة العام 
٠0‏ (اطلس البنك الدوليء. 199. ص 8 . 9). وهذا على فرض أن 
السياسات الصينية الشديدة للحد من النسل ستيقى سارية المفعول. وحتى 
لو بقيت هذه السياسات سارية: فإن الطفرة السكانية فى عقد الستينيات» 
وهذه المفارقة تتمخض عن تحديد النسلء» دوف هتفال عبر الأجيال لتسطن 
الصين نسبة عالية جدا من المسنين قياسا إلى الناشطين اقتصاديا في 
العام .5١76‏ ولريما يكون للصين 7٠١‏ مليون شخص فوق سن الستين فضي 
السنة المذكورة؛ والتناسب المتوقع نفسه بين المسنين والناشطين اقتصاديا 
في أورويا في العام ٠١٠١‏ (كيندي لالعصمءعا. ”1597. ص .)١118‏ ويتوجب 
على اقتصاد الصين ان ينمو نموا كبيرا كي يتساوق مع نمو سكانها ومع 
تمو حاجات الرفاه الاجتماعي. وعدا عبء المسنين؛ قد يكون لدى الصين 
نحو ٠٠١‏ مليون عاطل أو عامل بصورة جزئية في مطلع القرن الحادي 
والعشرين. وإنه لإنجاز هائل إن تمكنت الصين من أن تنتشل سكانها من 
الجة الفقر. وعليه فإن الوصول إلى مرتبة البلد المتطور من دون تدمير 
البيئة» وبالتالي من دون تدمير شروط التقدم الاقتصادي والاجتماعي في 
المستقبل» سيكون معجزة بحق. 
ولا حاجة بنا للإفاضة في الحديث عن البلدان النامية الكبيرة الأخرى 
فليس فيها ما يقدم نموذجا يعتد به للنمو الاقتصادي السريع. وتتميز 
الهند بمعدلات نمو واطئة نسبيا: فخلال الفترة 1956 1980., بلغ 
متوسط النمو السنوي فيها 7,5 ل و4, 5 خلال الفترة 194 159845,: 
و4, 5ل خلال الفترة ١5994199٠‏ (سنج. 1998., الجدول (5” - ١).ص‏ 
68). يصعب القول إن هذا الأداء أخذ بمعايير شرق وجنوب شرق آسياء بل 
إنه كان أقل من ثلث المعدل الوسطي للنمو الصيني خلال فترة 1١950‏ 
4 :؛ ومن المتوقع أن ينمو سكان الهند إلى الضعفء من ”885 مليون العام 
57 (0غ5 مليون العام )١1997‏ إلى ١,5‏ مليار العام ٠١١0‏ (كيندي. 
,ص 187). لذاء يتوجب على الهند أن تنمو نموا سريعا كي تبقى 
تراوح في مكانها. بل إن آضاق التحديث السريع فيها, من دون بقية 


ما العولمة" 


الاقتصادات النامية والانتقالية. مسآلة فيها نظر. آما الاقتصاد الروسى 
كان تكلم نوق قي الإرقام الماتاهم ةقان الووقوا جيه روسمنا ريه 
ضريبية ومالية ذات آبعاد مفزعة, كما تواجه أزمة ديموغرافية نظرا 
لهبوط معدل الولادة وارتفاع معدل الوفيات. وإن الاقتصاد الروسي لم 
يحقق الانتقال إلى النظام القائم على السوق. وإن الاقتصاد الحقيقي 
أصغر بكذير مما تزعم الإحصائيات الرسمية. وذلك نتيجة لكون العديد 
من المشاريع. من الناحية الفعلية. مدمرة للقيمة لكنها تقدر قيمة إنتاجها 
بأسعار قومية متضخمة (جادي وآيكس دععك! يك 6200 , .)١598‏ وإن 
مفعول "إصلاحات” السوق منن مطلع التسعينيات: أدى إلى نقل المشاريع 
الروسية نحو نظام تبادل اللاسوق. حيث تلعب المقايضة والديون دورا آهم 
من الدفع النقدي (و. طومبسون: .)١15198‏ آما أزمة إندونيسيا فلا تحتاج 
إلى المزيد من التعليق ‏ فالمتوقع آن ينكمش اقتصادها بنسبة 7٠7١‏ خلال 
العام .١519/‏ وتواجه البرازيل آزمة مالية. وتخفيضا محتملا في 
قيمة عملتهاء وتقليصات كبيرة في الإنفاق العام (الحكومي): واستشراء 
البطالة الحضرية على نطاق واسع. وانتشار الفقر في الأرياف. ونموا 
سريعا للسكان. 

وسرعان ما تحول التفاؤل المفرط في آوائل التسعينيات حول آفاق النمو 
الاقتتصادي في العالم النامي: إلى تشاؤم مرير. ومن الواضح أن الإخفاق كان من 
نصيب الرؤيا الليبرالية الاقتصادية عن قوة الأسواق الحرة التي ستحول العالم. 
ذلك أن مزيج اللبرلة المالية في العالم النامي. وسياسات «النقد المستقر» 
المكافحة للتخضم في الغرب: أدت إلى أسوأ مآل ممكن: اندلاع الأزمة بفعل 
اللااستقرار المالي» واستشراتها من آسيا إلى مناطق آخرى من العالم النامي؛ 
وظهور الركود الاقتصادي في آجزاء واسعة من العالم المتطور. وابتغاء تحقيق 
التنمية الاقتصادية وبلوغ عدالة أكبر في توزيع الدخل على نطاق العالم. هناك 
حاجة إلى اتباع سياسات اقتصادية مختلفة تماماء وإلى نقل موارد كبيرة وفق 
اعتبارات الحاجة لا اعتبارات قوى السوق. لكن الشروط السياسية لانتهاج مثل 
هذه السياسات ونقل هكذا موارد غائبة ببساطة. 

إن الملتتحمسين لمفهوم العولمة يرون أن الأزمة فى آسيا هى أول أزمة 
اقتصادية كونية بحق. وخاصة استشراء العدوى من آسيا إلى روسيا 


الاقتصادات النامية والعولمة" 


فأمريكا اللاتينية» ولربما إلى الغرب نفسه. وقد عبر أحد اقتصاديي 
مدينة المال والأعمال في لندن (سيتي) عن هذا الرأي قائلا يسذاجة «أين 
كانت آسيا فى ثلاثينيات القرن العشرين؟» إن الجواب جد بسيط. 
فالانهيار الكبير أسهم في تعزيز الميول نحو الفاشية والإمبريالية ضفي 
اليابان»ء مفضيا إلى السعي لإنشاء كتلة تجارية في مجال الازدهار المشترك 
في شرق آسيا العظمىء كتلة حصرت فيها اليابان المواد الخام وضمنت 
الأسواق لصناعاتها. وغاصت ماليزيا في حمأة الركود إتر انهيار أسعار 
القصدير في العالم: مما قضى على مساهمتها الصحية: الإيجابية 3 
الحساب الجاري لمنطقة الإسترليني ا ا بطالة وفقمرا ريفيا 

على نطاق واسع. أما الأزمة الحالية فلا تشبه الأزمة الث سييها انيار 
1 كما أن الأسواق مختلفة؛ لكن الاقتصاد العالمي في العشرينيات كان 
ذا اعتماد متبادل شديد. ومكشوفا لأزمات أسواق المال؛ شأن الاقتصاد 
العالمي اليوم. وكانت أورويا والولايات المتحدة وثيقتي الترابط من ناحية 
التدفقات المالية: فقد كانت أالمانيا والنمسا تعتمد د اعتمادا كبيرا على 
القروض الأمريكية تحديدا. وكانت المستعمرات وشبه المستعمرات شديدة 
الاعتماد على آسواق التصدير لتصريف منتجاتها الأولية في المتروبولات 
الصناعية. وإن العقائد الاقتصادية التي أشعلت الأزمة وأدامتها شديدة 
الشبه بمذاهب اليومء: مثل: «النقد المستقر»». حرية رآس المال. وإذا مسمح 
الحظء فإن العالم قد يفلت من أزمة بسعة أزمة الثلاثينيات التي خفئضت 
مستوى التجارة الكونية إلى حد هائلء وآدت إلى انتشار الحمائية. لكن 
الاقتصاديين الليبراليين قد آسهموا في خلق عالم يحمل الكثير من آوجه 
الشبه مع عالم أواخر العشرينيات. لقد حاولت القوى العظمىء بعد العام 
أن تعيد مؤّسسات مهيار الذهب والأسواق الحرة للحقبة الزاهية 
ع0ا00م» ءااء5: لكنها فشلت في بلوغ هدفها. ولعل صعود الإيديولوجيا 
الليبرالية بعد عقد السبعينيات,. لا يزيد على محاولة جديدة. مآلها الفشل؛ 
لخلق عالم تحركه الأسواق الحرة. وإذا لم يكن العالم الحالي يقوم على 
اقتصاد كوني حقيقي تسيطر عليه قوى السوق الطليقة من أي ضوابط. 
كما يزعم الاقتصاديون الليبراليون. فإن هناك أملا في إمكان لملمة شعثه 
من جديد وإرساته على قاعدة أقل اهتزازاء وأكثر ديمومة. 





ما العولمة 
ملحق : الأزمة الا سبوية 

هناك طريقة بسيطة لتمثيل الأزمة الآسيوية يمكن تبياتها عبر الشكل 
١)‏ 4 أ). يعتمد هذا الشكل على الفكرة القائلة إن الأزمة كانت في الأساس 
"أزمة سيولة": وأزمة النظام المالي. لا أزمة نابعة من "الأسس الفعلية" التي 
ظلت بمعظمها سليمة (راديليه وزاكس وطع52 > 6عاء130, 19948). يعرض 
الشكل  ١(‏ 6؛ أ) اثنتين من السيناريوهات المختلفة. هما السيناريو (1) 
والسيناريو (ب). يصور القسم (أ) ماهية الوضع الفعلي في (بعض) 
اقتصادات شرق آسياء أما القسم (ب) فيعرض الوضع كما يتصوره صندوق 
النقد الدولي. وينبغي أن يلاحظ القارئ أن مستوى السيولة واحد في 
القسمين (أ) و(ب) منذ بداية قيمته 01410 (مقاسا بالمحور الأفقي ): وأن 
الوضع يتميز بمستوى واحد من فيض العرض (75) عند ذلك المستوى من 
السيولة: أما إجمالي العرض (55) فهو أكبر من إجمالي الطلب (81). وهذا 
افتراض معقول عن الوقائع. نظرا لأن الأزمة تركت هذا الاقتصاد بفيض 
عرص ممسسن. 

لو عدنا إلى الوضع الفعلي (أ): لوجدنا أن الاستجابة الصحيحة في ظل 
هذه الظروف هي اتباع سياسة توسيع السيولة باتجاه النقطة 106, ابتغاء 
إيجاد التوازن بين العرض والطلب (الذي من شأنه. بالمناسبة: أن يؤدي إلى 
توسيع الاقتصاد باتجاه إجمالي العرض الجديد 856 وإجمالي الطلب 
الجديد علنك). 

إن الأسباب وراء ضرورة توسيع السيولة تتعلق بطبيعة ظروف تمويل 
الشركات التي أوضحها ويد وفينيروزو (17606:050 © 178/206 )١1994‏ وتشانج 
(08208: 1544). وخلافا لترتيبات تمويل الشركات الأنجلو ‏ أمريكية, التي 
تعتمد بالاساس على رآس المال المساهم؛ فإن الشركات شرق الآسيوية تتوجه 
إلى؛ وتعتمد على. القروض المصرفية ذات الفائدة الثابتة. وعليه؛ فإن 
الشركات في شرق آسيا تتعرض لصدمات أعنف من ناحية السيولة خلال أي 
ركود مالي. وتتطلب دعما مستديما وسخيا من السيولة؛ إن كان لها أن تخرج 
من الركود بنجاح. إن التحليل هنا يعكس هذه الفكرة بطريقة مختلفة بعض 
الشيء؛ وبشكل يخص الاقتصاد كله. 


الاقتصادات النامية والعولمه 


غير أن صندوق النقد الدولي يعتقد أن الوضع يشبه ما هو معروض فضي 
الصيغة (ب).: وهو وضع يمثل استجابته الكلاسيكية إزاء بلد صناعى متطور 
مع الوط الأنحلو]هريكن. ول متتض السياسة: كنا يراه المتتدوق :هنا 
هو تقليص السيولة إلى النقطة 0706: وانكماش الاقتصاد لتحقيق التوافق بين 
إجمالي العرض (45) وإجمالي الطلب (82). ولكن نلاحظ أن تطبيق هذه 
السياسة في الوضع الفعلي (أ) لا يحسن الوضع.؛ بل يزيده سوءاء بمقدار ما 
يتعلق الأمر بالتوافق بين إجمالي العرض 45 وإجمالي الطلب (41؛ وهو 
يزعزع الاقتصاد بدل أن يحقق له الاستقرار. 

ومن الواضح أن كامل التحليل يعتمد على موقع وشكل منحنيات 85 
(إجمالي الطلب) و45 (إجمالي العرض) في كل حالة. ففي الحالة الفعلية 


45 م 


ب)الوضع حسب صندوة 
(ب) الوضع حسب صندوق (1) الوضع الفعلي 








الشكل (١-ه‏ -أ) 
أزمة شرق آسيا في إطار تحليل إجمالي الطلب/إجمالي العرض: 
مقارنة بين الوضع الفعلي والوضع من منظور صندوق النقد الدولي 


إجمالي العرض الموسع - 456 محور القياس السيولة - 1 إجمالي العرض - 4.5 
إجمالي العرض الأولي - 850/ السيولة - 1/10 إجمالي الطلب - (1يم 
إجمالي العرض الأولي - 4100 السيولة الموسعة - 7/6 فيض العرض - 265 


إجمالي العرض الموسع - 1106م 








ما العولمة 


(أ) في شرق آسياء نجد أن منحنى إجمالي الطلب (418) أكثر مرونة من 
تبعيه النسولة لللعرزئة مع متك إحفاتن: العرض زكق يتسين حر إن 
هذه البلدان تتميز ب'نمو موجه للتصدير . حيث يكون إجمالي الطلب 
(42) شديد الحساسية لظروف السيولة الل عابتا اشن تمن 
الاقتصادات الأنجلو ‏ أمريكية (ب).: فإن صندوق النقد الدولي يفترض أن 
إحساى العزطن رك أكخر كيباسية لتديراة الستيولة من رجماتي الظلي 
(82) (لذا يوجد في البلدان الأنجلو . أمريكية عزوف عن تشجيع فاعلية 
سياسة إجمالي الطلب 88). 








«إن العولمة لم تقض على 
مجال الرفاه الواسع. وتمتلك 
الدول. حتى في إطار كوابح 
الاتحاد الأوروبي. خيارات 
واضحة:. مادامت توافرت 
على 'الوسنا ف السناسفة/: 
المؤلفان 


هل ننج دوله الإفاه الاجتماغعي 
في ظل العوللهة؟ 


مامن حمل يعد انفتاحه المتزايد على حركات 
رأس المال العالمي والتجارة العالمية كارثيا مدمرا 
مثل ميدان الرفاه الاجتماعي. وعلى سبيل المثال. 
يرى المنظر السياسي جون جراي 0:29 هاهل أن 
نهاية دولة الرفاه هي نتيجة مباشرة من نتائج 
العولمة. فيقول: 
.إن التخيل أن في مقدور اقتصادات السوق 
الاجتماعي السابقة أن تجدد نفسها كاملة 
غير منقوصه في ظل قوى الانسجام 
المتدني هو أخطر الأوهام الكثيرة المقشرنة 
بالسوق الكوني. عوضا عن ذلك؛ فإن نظم 
السوق الاجتماعي مرغمه على أن تفكك 
نفسها باطراد. حتى تتمكن من التنافس 
على قدم المساواة مع اقتصاددات ذات 
تكاليف بيئيه واجتماعيه وتكاليف عمل 
أدنى: (جراي؛ 1948: ص 47). 
وهناك كتّاب كثيرون آخرون يدلون بالرأي 
نفسه حول التسابق إلى القاع؛ وهو ما سبق أن 
رأيناه لدى بحث تكاليف العمل في الفصل 





ما العولمة 


الرابع, وخاصةآراء مارتن وشومان (لظقصتناطء65صنا عمهاة 1997) أو 
جرايدر ( 9517026062 1) (1). ٠‏ 

ليس ثمة ريب في أن دول الرفاه في البلدان المتقدمة تتعرض إلى مصادر 
متنوعة من التوترات التي ترفع كلا من تكاليف الخدمات والطلب عليهاء مثل: 
استمرار المستويات العالية من البطالة في الكثير من الدول الأوروبية, 
وشيخوخة السكان ‏ ازدياد تكاليف المخصصات التقاعدية والرعاية الصحية ‏ 
وتزايد تعقيد التكنولوجيا الطبية. وارتفاع معدلات انهيار العوائل وتدهور 
الرفاه غير الرسمي المعتمد على العائلة» وتنامي الطلب على تحسين الرفاه 
والخدمات الاجتماعية عموما. إلا أن معايير التقارب في سبيل الوحدة 
النقدية وضعت كابحا عاما على الإنفاق العام والاقتراض الحكومي في عدد 
من البلدان: مما أثر على مخصصات الرفاه وتوفيره. غير أن السؤال المثار هو 
إن كانت مخصصات وخدمات الرفاه تتعرض إلى ضغط إضافى مرده تزايد 
الانفتاح العالمي بما هو كذلك. وإن كان ثمة تسابق نحو القاع فعلاء فينبغي له 
أن يتجلى في فشل الأداء الاقتصادي في بلدان دول الرفاه الواسع. وتقوم 
فرنسا وألمانيا بالتقليص كي تتأهلا للوحدة النقدية الأوروبية؛ كما أن ألمانيا 
تتحمل عبء صهر جمهورية ألمانيا الديموقراطية السابقة. لكن كلا البلدين 
يتمتع بميزان سليم من الفوائض التجارية؛ بينما تستمر الصادرات منهما 
بالنمو. واجتذبت فرنسا استثمارات داخلة أكثر من المملكة المتحدة في فترة 
١!49( 1590-١‏ مليار دولار مقابل "و١‏ مليار دولار). مبرهنة بذلك على 
أن هناك أصولا تجتذب المستثمرين غير إزالة الضوابط ومرونة أسواق العمل 
(معطيات صندوق النقد الدولي, أوردتها صحيفة الأويزرفرء 07" أبريل 
7). ويعاني هذان البلدان مشكلات بنيوية جوهرية في دولة الرفاه. 
وبطالة عالية؛ ونموا متدنيا نسبياء ولكن ما من واحد منهما يخفق في شق 
طريقه إلى أسواق العالم. 

قد يلوح ذلك قلقا من طراز بال قديم. لكنه مؤشر فج على الأداء التنافسي 
من الوجهة العالمية. إن بلداء مثل المملكة المتحدة. يتعين عليه أن يمول عجزا 
بنيويا ضفي ميزان المدفوعات يعتمد على تدفقات رأس المال قصيرة الأجل. 
مما أن البلد الذي ترتفع فيه نسبة الدين العام (الحكومي) إلى إجمالي 
الناتج المحلي يعتمد على آسواق السندات. يمكن القول. على نحو ماء إن 





هل تنجو دول الرفاة' فى ظل العولمة؟ 


التأثير الحقيقي لتزايد الانفتاح العالمي على التجارة وحركات رأس المال هو 
أن يجعل البلدان متوسطة الحجم. مثل فرنسا والمانياء أكثر شبها بالبلدان 
الصغيرة الآشد تدويلا مثل النمسا وسويسرا. 
إن قضية الانكشاف العالمي ليست جديدة بمعنى من المعاني: ذلك أن ارتفاع 
درجة التدويل كان من الناحية التارد فية. سمة مميزة للبلدان المتقدمة الصغيرة, 
وقد حفز هذا على زيادة لا تقليل مستويات الإنفاق العام والإنفاق على الرفاه. 
فالاقتصادات المنفتحة أكثر من غيرها هي أكثر عرضة للصدمات الخارجية: 
وعليها أن تطور الوسائل لحماية شركاتها وعمالها من وقع هذه الصدمات. وقد 
أوضح كاتزنشتاين (م5:6م1622 1980) أن البلدان الصغيرة الأشد تدويلا مثل 
النمسا وهولندا والسويدء قد جمعت التشارك 00100130156 في صنع السياسة 
الاقتصادية: وتقاليد التضامن وبناء الإجماع بين مختلف المصالح الاجتماعية 
المنظمة. مع مستويات عالية من الرفاه والإنفاق العام لحماية الأفراد من آثار 
المخاطر الناشئة خارجيا. إن مذهب التشارك 0:8058م007 أتاح للدول أن 
تكيّف الاقتصاد الكبير (الماكرو). بكبح الأجور. وتنسيق التحرك الاقتصادي من 
جانب الشركاتء. وضمان السياسات الحكومية في الدعم الصناعي وتعديل 
سوق العمل. وأتاح الرفاه للعمال تحمل تكاليف الصدمات الخارجية أثناء تنفيذ 
إجراءات التكيف. وتمكنت دول الرفاه من ترسيخ الدعم السياسي لسياسات 
الإجماع عن طريق تأمين الضمان للعمال. وهكذا فإن ارتفاع مستوى الانكشاف 
العالمي لا يقتضي تلقائيا استجابات تنافسية تحز الأعناق من جانب الشركات: 
أو قضم الرفاه. وقد أكد رودريك (20071 )١15197‏ بتحليل اقتصادي فياسي 
هذه النتائج التي اكتشفها علماء السياسة. ويفطي هذا التحليل الاقتصادي 
القياسي الإنفاق الحكومي كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي (منقوصا منه 
أقساط الفائدة) فى 5١‏ بلدا من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 
خلال الأعوام 195١‏ 1599 (رودريك. 1595.: الشكل (4؛  :)١‏ ص 685). 
ويبين التحليل وجود صلة واضحة بين درجة الانفتاح العالمي ومستوى 
الإنفاق الحكومي. 
ويقول رودريك في مؤلف آخر لاحق: «إن المجتمعات التى تعرض 
نفسها لقدر أعظم من الخطر الخارجى تطالب بدور حكومى أكبر (وتحصل 
عليه) كملاذ يحمي من تقلبات الأسواق الكونية. من هنا الاستنتاج بآن دولة 





ما العولمة" 


مجتمع الرفاه هي الوجه الآخر للعملة في الاقتصاد المفتوح!» (رودريك, 
17ص 07). والقضية المثارة الآن هي إن كانت مثل هذه الاستجابات 
القومية لا تزال ممكنة. إن دراسة كاتزنشتاين «زأع ]5م132 تتعلق بفترة 
كانت الضوابط على حركات رأس المال فيها لا تزال سارية. ويزعم جون 
جراي بتوكيد معهودء أن نظام الديموقراطية الاجتماعية يفترض وجود 
اقتصاد مغلق تجري فيه السيطرة على حركات رأس المال في إطار منظومة 
أسعار صرف شبه ثابتة (جراي 1598. ص 88؛ وكذلك جراي .)١555‏ 
يتعين على المرء أن يحرص هنا على فك اقتران نظام الرفاه بالمذهب 
الكيترى: عخلافا لجراي الى لا فصل يوتيها : مهناك دول عنة ذات 
مستويات عالية من الرفاه. وخاصة ألمانيا خلال الشطر الأعظم من فترة.ما 
بعد الحرب العالمية الثانيةء لم تمارس سياسات إدارة الطلب. إن من 
الصحيح بشكل قاطع أن العمالة التامة. خلال فترة الازدهار الطويلة 
(199715465) أدت إلى خفض كلفة دولة الرفاه. غير أن ارتفاع مستويات 
النمو والعمالة التامة نجما عن أسباب متعددة في أرجاء العالم المتقدم 
ووجدا في دول كينزية ودول غير كينزية على حد سواء (هول 5813811 5/85 .)١‏ 

إن الدول ذات المستويات المتدنية من تناسب التجارة إلى إجمالي الناتج 
المحلي. مثل اليابان أو الولايات المتحدة؛ استطاعت أن تفلت من العسواقب 
بوجود دولة رفاه ضئيلة أو ناقصة. مستخدمة سياسات أخرى لإدامة الأداء 
الاقتصادي وبالتالي إدامة الحفاظ على العمالة. وهي: السياسة الصناعية في 
اليسابان. وسياسة إدارة الطلب والإنفاق الاتحادي (الحكومي) على الدفاع 
والهياكل الارتكازية في الولايات المتحدة. ويقول رودريك؛ في سجال حذرء إن 
العوامل التي تزيد الحاجة إلى الرفاه في سائر الدول المتقدمة لكي يوفر 
الضمان بوجه الصدمات الخارجية ويوفر وسائل التكيف مع هذه الصدمات, 
أن هذه العوامل نفسها قد تعمل الآن ضد تنفيذ هكذا سياسات. ويقول إن 
«العولمة تضعنا أمام هذا المأزق: فهي تزيد المطالبات على الدولة لكي توفر 
الضمان الاجتماعيء بينما تقلص قدرة الدولة على أداء هذا الدور بشكل 
فعال»(ل99١.‏ ص 075). ويرى رودريك أن الخطر من ارتفاع مستوى 
الانكشاف الخارجي هو انحلال مزيج الرفاه الواسع والتجارة الحرة. فرأس 
المال يصير متحركا. ولسوف يبتعد إذا ما قامت السياسات الاقتصادية والنظم 


هل تنجو دولة الرفاة” فى ظل العولمة؟ 


الضريبية بتهديد العائدات الاقتصادية المتاحة في أماكن أخرى. ويستطيع 
رأس المال أن يلوح للحجكومات القومية وللعمال في شركات معينة مهددا 
بالهروب. ولسوف تحكم العوامل الظرفية على مدى أخذ هذه التهديدات 
مآخن الجد. فليس من المحتمل أن تقوم شركات الصناعة التحويلية ذات 
الاستثمارات الكبرى من رأس المال الثابت (5*60) بنقل كل الأصولء بقضها 
وقضيضهاء إلى مكان آخر. أما المؤسسات المالية فتستطيع: على أي حال: أن 
تنقل استثمارات التقاعد والتأمين خارج البلاد. كما يمكن للأسواق أن ترفض 
شراء السندات الحكومية إلا بفائدة استثنائية. وهكذا فإن رأس المال سوف 
يعمل كن :ظل الأخقصاة الشكوع: على مقاوفة | رشاع سيدونا كه الضروية 
المفروضة على الشركات؛ والضرائب المفروضة على رواتب أرباب العمل. 
ولسوف يحاول رأس المال أن يزيد دخله المستمد من الشركات بأن يطالب 
بكبح الأجور من دون مساومات تعويض: وهذا نوع من المساومة الأحادية «ما 
بعد التشاركية» النموذجية في الولايات المتحدة. وبناء على ذلك: تفرض 
تكاليف الرفاه على كاهل مداخيل العمال. وفي الوقت ذاتهء فإن نخبة العمال 
المتحركين نسبياء ذوي الأجور العالية. سوف يسخطون على ارتفاع مستويات 
الضريبة وبذا ستتآكل القاعدة الضريبية بحصول رأس المال والرواتب العالية 
على استثناءات ضريبية متزايدة. 

تلك هي الحالة التي يطرحها ردوريك. وهي تعتمد اعتمادا مركزيا ليس 
على حركة رأس المال فحسبء بل على استخدام قابلية الحركة هذه أداة 
للتهديد في مساومة التوزيع. وهي تفترض وجود طبقة رجال أعمال منخلعة 
عن الموقع المحلي وما بعد تشاركية. من الجلي أن الخطر فعلي ‏ فالارتفاع 
الجامح لمستويات الضريبة المفروضة على مداخيل الاستثمار في اقتصاد 
مفتوح سوف تسلخ الرواتب التقاعدية والمدخرات الشخصية. وتحيق بالخطر 
دعم الطبقة الوسطى لنظام الرفاه. كما تقود إلى هروب استثمارات 
المؤسسات الكبرى إلى الخارج أيضا. وعندئذ يتعين تمويل الإنفاق الحكومي 
عموما اعتمادا على ضرائب الدخلء ومبيعات بعض الخدمات المستهدفة مثل 
رحلات الخطوط الجوية وبوليصات التأمين. وهذا يعني أن على الجمهور أن 
يرغب في خدمات الرفاه هذهء وأن يقبل دفع ثمنها. كما يفترض ذلك وجود 
قيم تضامنية ومؤسسات سياسية موائمة ترغم صانعي القرار على الاستجابة 


ما العولمة" 


لمثل هذه القيم. من هنا فإن القيم والمؤسسات تفدو مركزية. بشكل تراث 
قومي متميز يميل إلى التضامن ويؤيد استهلاك الجمهور. وإن المجتمعات 
التي تخلو من مثل هذا الموروث أو تخلو من الوسائل اللازمة لاختراعه 
ستشعر بثقل الضغوط. إن القضية ليست قضية درجة الانكشاف العالمي 
بذاتهاء بل هي, بالأحرى: قضية الاستجابة السياسية المحلية لهذا الانكشاف. 
زد على ذلك, أنه ينبغي أن نضيف إلى مسألة القيم والمؤسسات؛ مسألة 
الاستجابات الفاعلة من جانب النخب على مستوى الاقتصاد الكبير (الماكرو) 
ومستوى سياسة الرفاه: فالسياسات المرتجلة أو غير الموائمة يمكن أن تفاقم 
الضغط على الإنفاق العام سوءا (وهو ما سنراه في حالة السويد). 

هذا نعنى ضمنا أن دول الرضاة التي كسول من الضنراكب العامة اصلا: 
ريما تتقدم على دول الرفاه الأخرى التي تمول من مدفوعات أرباب العمل 
والضرائب على رأس المال والاقتراض الحكومي الكبير. إن دول الرفاه 
المعتمدة على الضرائب العامة ستكون قابلة للعيش. نعني تلك الدول التي 
تتجنب العجز المفرط في الميزانية وتعتمد في إيراداتها على الموارد المحلية. 
كما يعني ذلك ضمنا أن الإنفاق على الرفاه ليس مجرد وسيلة للتأمين من 
الصدمات الخارجية فحسب. بل هو أيضا وسيلة لتعديل الاقتصاد الكبير 
(الماكرو). وعند نشوب أزمة حادة خارجية المنشأء يمكن للمساومة التشاركية 
ألا تقتصر على كبح الأجور وحدها فحسب., بل أن تشمل أيضا كبح الإنفاق 
العام أو خفضه. وإن هذين الجانبين مترابطان كما سنرى: فالعاملون سوف 
يكبحون مطالب رفع الأجور عن طيب خاطر إن جرى خفض فواتير 
الضريبة. وهذا يعني زج الإنفاق العام وبرامج الرفاه في مجال المساومة, 
لتقرير أي البرامج ينبغي أن تبقى لتساعد على التكيف مع الصدمات 
(برامج التدريبء أو إجراءات فعالة لسوق العمل) وأي البرامج يمكن أن 
تشتمل على خفض موقت أو طويل الأمد في مدفوعات ومخصصات 
الضمان. وينبغي للاقتصاد التشاركي المتقدم؛ أن يزج متلقي الرضاه في 
المساومة بوصفهم فاعلين اقتصاديين لهم دور في توليد الإجماع: وليس 
مجرد مواضيع سلبية للسياسة. 

ولأيرلندا - على سبيل المثال ‏ هيئتها التشاركية الممثلة ب «المجلس الاقتصادي 
والاجتماعي القومي». وكذلك «المنبر الاقتصادي والاجتماعي القومي». تمثل 


هل تنجو دول الرفاة” فى ظل العولمة؟ 


الهيئة الأولى الشركاء التقليديين والاجتماعيين» وهي تساوم أساسا على سياسة 
الأجور على الصعيد القومي؛ أما الهيئة الثانية فتمثل المصالح الاجتماعية 
الأخرى. بما في ذلك العاطلين. ولم تدرج المصالح التي يمثلها المنبر حتى الآن 
في المساومة المباشرة على الصعيد القومي. ولكن: إذا كان يراد استخدام هذا 
التمثيل التشاركي الموسع استخداما فعالا لتحقيق الإجماع على قاعدة عريضة, 
ومنبع المنبر من التحول إلى منبع لأصحاب المطالبات الخاصة بزيادة البرامج 
الحكومية:؛ في إطار دور سلبي وغير فاعلء فإن على المجلس أن يضم هؤلاء 
أيضا. لقد تميزت أيرلندا بمعدل نمو عال (, 0/ خلال سنوات 195١‏ . 15950) 
ولكنها تميزت أيضا ببطالة عالية مستديمة (زابل ا586 ,١1547‏ أودونيل 
اعمهه012 وأوريردون .( دملعدع01 517ذ١)..‏ 

سنحاول فيما بعد أن نستبق انفسنا. إذا قيلنا بأن دول الرفاه تواجه حقا 
كوابح إضافية معينة في فترة تتميز بشدة حركة رأس المال وشدة الانكشاف 
العالمي للتجارة؛ فإن المسألة إذن هي مسألة كيف نستطيع أن نواجه ذلك. 
أحد السبل هو أن نعود إلى فكرة كاتزنشتاين عن الدول الصغيرة في أسواق 
العالم» لنعاين كيف استطاعت دول الرفاه الكبير ذات الاقتصاد المنفتح تماما 
أن تتدبر أمرها. الأمثلة المختارة هي السويد. لأنها تذكر دوما كمثال 
كلاسيكي على التقليص بسبب الضغوط العالمية. وكذلك الدانمارك وهولندا 
لأنهما تبينان إمكانات التكيف والبقاء الناجح من ناحيتي الأداء الاقتصادي 
وسياسة الرفاه على حد سواء. إن القصة في كلتا الحالتين ليست قصة 
توسيع بسيط للرفاهء بل بالأحرى أن الرفاه لعب دوره كعامل متغير في تعديل 
الاقتصاد الكبير (الماكرو). سواء من خلال التقليصات الإستراتيجية في 
لحظات ظرفية صعبة: أو من خلال التغيرات بعيدة الأمد في سياسة الرفاه 
وتوفيره. وتختلف الحالتان عن بعضهما من ناحية بنية المؤسسات. فد كانت 
الدانمارك» لبعض الوقتء.تفتقر إلى التساوم التشاركي الممركز على الأجور, 
خلافا لحالة هولندا والسويد (ليند 4هنآ. .)١551‏ وكانت دولة الرفاه 
الدانماركية تعتبر من النمط «لاسكندنافي». أما دولة الرفاه الهولندية فمن 
النمط «القاري» (إسبج ‏ أندرسن عماوعظ - معورعلهم 195 5حذ١ ‏ ج): 
وعليه فإنها تقدم لنا تجربة حاسمة: دول صغيرة: ذات تدويل عالء تواجه 
ضغوطا متشابهة ولكنها تمتاز ببنى صناعية ومؤسساتية متباينة. وإذا كان 


ما العولمة" 


مفعول التدويل يتمثل في القضاء على الرفاه. فإن قدرة تركيبات متباينة من 
المؤسسات على التكيف والرد تبين أن للسياسة المتبعة مفعولهاء وأن هناك 
خيارات على المستوى السياسي. 
أزمة سويدية ومفاجأة دانماركية 

إن المصاعب الاقتصادية التي عانتها السويد خلال التسعينيات تذكر على 
نطاق واسع كدليل على أن العولة قد قضت على خيار اتباع سياسات اقتصادية 
قومية متميزة. ويزعم جرايء على سبيل المثال: «أن ما حصل في السويد له 
تبعاته على اقتصادات السوق الاجتماعي في كل مكان». (1994, ص 47). لقد 
أرغمت السويد. بشكل خاص.ء على التراجع عن سياسات العمالة التامة المرتكزة 
على توسيع القطاع العام. وتقليص المخصصات في دولة رفاهها الواسع والشامل. 
وتعتبرأزمة السويد حاسمة لأن السويد تعد عالميا بمنزلة التجسيد الكلاسيكي 
ل«الطريق الثالث» الديموقراطي الاجتماعيء بين اشتراكية الدولة ورأسمالية 
المنافسة الحرة. وإذا كانت السويد قد عجزت عن إدامة نظام الرفاهء فأي أمل 
للدول الأخرى؟ 

لا يمكن للمرء أن يعترض على حدة الأزمة. فقد كان التمو متوقفا عمليا 
خلال فترة 1١9510 1595١‏ حيث لم يزد معدله الوسطي عن ٠,4‏ على مدى 
هذه السنوات الخمس؛ وكان نمو إجمالي الناتج المحلي خلال سنوات ١955١‏ 
9 سالبا ١997‏ 08012). أ. خلاصة إحصائية). وارتفعت البطالة من 
1 العام ١54٠‏ إلى ,77 العام ١59‏ أما إذا أدرجنا أولئك الناشطين في 
برامج سوق العملء فإن نسبة البطالة ترتفع من ٠١"‏ إلى “١١,0‏ (ستيفنز 
١19955‏ ). وارتفع إجمالي الإنفاق الحكومي قياسا إلى إجمالي الناتج 
المحلى من 26١‏ عام ١1584‏ إلى 794.١‏ العام *159., قبل ان يعود للهبوط إلى 
7 العام ١556‏ (إجول ‏ أندرسن 2562ءلمف-[ناه /1551, أ /19551؛ 0802 
ج الجدول رقم .١‏ ص ؟١).‏ وعانت السويد أزمة حادة تماما في مطلع 
التسعينيات نتيجة ثلاث ظواهر مترابطة تضافرت لتخفض العمالة والإنتاج 
وهي: انتقال رأس المال السويدي إلى الخارج استباقا لاكتمال السوق الأوروبي 
الموحد وقبل دخول السويد إلى الاتحاد الأوروبي؛ ثانياء استشراء الكساد 
الاقتصادي في أوروبا مطلع التسعينيات: وثالثا: السعي الجهيد للحفاظ على 





هل تنجو دولة الرفاة"' فى ظل العولمخ؟ 


قيمة مكافئة ثابتة للكرون السويدي إزاء المارك الألماني بعد التخلي عن 
سيابتة التنافى على افسن:فييية الففلة خلذل التمائينيات. 1 
هناك ردان على هذه الأزمة. الأول يزعم أنها سمة نموذجية وحتمية 
للإنفاق العام المفرطء والتوسيع المفرط لمخصصات الرفاه. ذلك أن السويد 
هي حالة متطرفة لمشكلة عامة من مشكلات دول الرفاه الأوروبية. أما الثاني 
ويمثله إسبج ‏ أندرسن (0067560ه-عمام؟85 1557 ب). فيرى أن الأزمة 
ظرفية في الأساس. ذلك أن الاقتصاد السويدي سوف يتعافىء بل إنه يتعافى 
حقاء وإن دولة الرفاه سوف تنجوء بمجرد تقليص مناسب. إن لهذا الرأي 
حسناته؛ لكن من الواضح أن هناك سمات بنيوية ينبغي معالجتها أيضا. أما 
نقيصة الرأي الأول فتكمن في أنه لا يقبل بقدر معين من العامل الظرضي.: 
ولا يعطي مجالا للخصوصية السويدية. ولا ينبغي لنا أن ندع مكانة السويد 
بوصفها المثال النموذجي لرأسمالية الرفاه تخفي عن أبصارنا السمات المميزة 
الخاصة لاقتصادها ولسياستها الاقتصادية؛ والتى تفسر سبب انكشافها إلى 
هذا الحد للكوابح العالمية في سكل عه التسميتيات!' .ومقذا فإن 
مشكلات السويد قد لاتكون سمة جوهرية ملازمة لدول الرفاه في البلدان 
المتقدمة:؛ وإن هذه البلدان قد تتوافر على خيارات أوسع من توقع إسبنج - 
أندرسن بأنها ستتخبط وتتقلص. 
تمتاز السويد تماما بدرجة توجهها نحو التصدير في مجال الصناعة 
التحويلية. وسيطرة عدد قليل من الشركات عالية التركيز على القطاع 
المكشوف عالميا. وأصبحت الصناعة التحويلية السويدية؛ كنتيجة مباشرة 
لنجاحها في التصدير بعد العام 1444 متعددة القومية تماماء حيث تحقق 
الشركات السويدية نصف إنتاجها تقريبا في الخارج. وغدت الشركات 
السويدية تستخدم تدويلها هذاء على نحو متزايد؛ لمعارضة بعض السمات 
المميزة للنموذج السويدي. وأخذ أرباب العمل الكبار يرفضون المساومة 
التشاركية وترتيبات التحكم التي خدمتهم خدمة جِلَّى حتى الثمانينيات؛ 
فتخلى اتحاد أرباب العمل السويدي (581) عن المساومة المركزية على الأجور 
في العام 1540. وانسحب كليا من المؤسسات الثلاثية للتحكم الاقتصادي 
العام ١99١‏ (إمارتن سلاتة21, 1596. ص 70/5 780, دولفيك 201911 ومارتن 
١5972‏ ص .)٠١9 - ٠١5‏ وأخذت الشركات الكبرى تهدد. على نحو 


ما العولمة" 


متزايد؛ بالانسحاب إلى خارج البلاد إن أحجمت الحكومات والنقابات عن 
القبول بالوصغة السياسية لأرباب العمل. 

يمكن القول إن المجتمع السويدي يدفع ثمن إيصال شركات مثل ل. م. 
إريكسون هه8526550 وساب 5330 إلى المصاف العالمية. كان هدفا العمالة التامة 
وتعزيز أداء التصدير يسيطران على السياسة الاقتصادية السويدية خلال 
فترة ما بعد 1940. وحافظت السويد على صناعتها عبر سياسات «الدفع 
القسري» على مستوى الاقتصاد الكبير (الماكرو)» وهي سياسات تستهدف 
كنوية الموكاعاك ينيتة 'ملحلية مستفرف وإسطايها سكب كافية عالية يذ 
حيث الأجور في قطاع التصدير ومن حيث الاستثمار متدني الكلفة. وعملت 
الضوابط المفروضة على صرف العملة وعلى القروض على إعطاء الحكومات 
درجة عالية من الاستقلال الذاتي في إدارة الاقتصاد المحلي. وتحددت 
سياسة الأجور بنوع من مساومة مركزية تشاركية منذ الخمسينيات حتى نهاية 
السبعينيات. وقد انتهجت الصناعة والعمال والدولة جميعا سياسات التشديد 
على كبح الأجور والتضامن في الأجور بين القطاعات (مارتن 950 ,١‏ 
ص 750). أما السياسة الضريبية فقد كبحت الطلب المحلى ومنعت غليان 
السؤق: لكها طنيكت هم ذلك العمالة العامة وسيم القطاع الملم وشومات 
الرقاه. وجرى تهزيز الاستثمار بمعدلات متدنية من الفوائد. 

وبحلول الشمانينيات تفككت عناصر سياسة الإجماع هذه. ورخضت 
النقابات الأرياح المفرطة التي تحققها الشركات الكبرى بفضل سياسة 
التضامن الأجري. واعترضت الشركات بدورها على ارتفاع كلفة الأجور 
ولا مرونة هياكل الأجورء كما أبدت امتعاضها من ضوابط صرف العملة التي 
تحد من قدرتها على النشاط في الخارج. فقامت الحكومات السويدية. خلال 
عقد الثمانينيات: بتفكيك جهاز الضوابط على صرف العملة والقروض. 
وتبنت أيضا سياسة خفض قيمة العملة لاستعادة القدرة التنافسية. وأدت 
إزالة الضوابط على القروض إلى إبطال مزايا خفض قيمة الكرون. كما أن 
ارتفاع الاستهلاك الذي أذكته القروض أدى إلى غليان السوق والتضخم.: 
فانهيار كبح الأجور. ردا على ذلك ربطت الحكومة سعر العملة يالمارك 
الألماني. ووسعت القطاع العام لإدامة العمالة؛ مما أفضى إلى أزمات مطلع 
عقد التسعينيات (دولفيك ومارتن. .١951‏ ص .)١1١5-1١١‏ ومن الواضح أن 


هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمخ؟ 


مشكلات السويد ترجع إلى مزيج من البنية الاقتصادية: وأخطاء السياسة, 
وعوامل ظرفية؛ غير أن الاعتماد الكبير للاقتصاد على صادرات صناعة 
تحويلية ضخمة:؛ متعددة القومية. من جانبء. وعلى التشغيل الحكومي لليد 
العاملة. من جانب آخرء قلص الخيارات المتاحة تقليصا حادا. 

غير أن الفكرة القائلة إن الاقتصادات المتقدمة سوف تواجه أزمة تنشأ عن 
ضغط دول الرفاه الموسع على القدرة التنافسية لقطاعات التصدير فيها. هي 
فكرة تدحضها حالة مجتمعات أخرى مرت بتجارب مختلفة تماما خلال 
الفترة نفسها من أواخر عقد الثمانينيات حتى مستهل عقد التسعينيات. وما 
على المرء إلا أن يعبر المضيق البحري إلى الدانمارك ليرى ذلك. تبدو 
الدانمارك: على السطح. دولة رفاه إسكندنافي نموذجي ذات بطالة عالية, 
ونسبة مئوية عالية من الانفاق الحكومي فياسا إلى إجمالي الناتج المحلي: 
غفي العام ١59”‏ بلغت البطالة نسبة ٠١,‏ أما الإنفاق العام ضبلغ ,7/75 
من إجمالي الناتج المحلي. عانت الدانمارك بطالة مرتفعة نسبياء وتباطوًا في 
النمو خلال عقد الثمانينيات كله: خففي مطلع الثمانينيات تعرضت إلى أول 
تجرية في تقليص دولة الرفاه إثر خفض معدلات المخصصات والتعويضات. 
كما قدمت الدانمارك أول مثال على الاحتجاج الشعبي على الإنفاق العام 
المفرط حين فاز حزب التقدمء وهو حزب دافعي الضرائبء بنسبة /1١0,5‏ من 
الأصوات فى العامين ١91”‏ 4/ا19. 

مع ذلك مرت الداضمارك ف مطل مف المي وتياك بإنتعافن امقصبادق 
متين فاق المعدل الوسطي للنموء وانخفاض البطالة؛. علاوة على نشوء ميزان 
مدفوعات إيجابي. وهكذاء يبدو أن الدانمارك تناقض ميل دولة الرفاه للوقوع 
في الأزمة. علاوة على أن دعم الجمهور للرفاه بقي عاليا. وإذا كان توسيع 
دول الرفاه يحيق القدرة التنافسية العالمية والأداء الاقتصادي بالخطرء كما 
يقال: فيفترض بالدانمارك أن تخفقء لكنها تنجح. 

يقول كريستنسن وزابل (1ء1]235:605608580 » 1551) في مقال لهما عن 
تاريخ الإنتاج صغير النطاق في الدانمارك: إن بقاء ونجاح صفار المزارعين 
وصغار الشركات في ذلك البلد يبدوان بمنزلة الاستشاء؛ لكنهما يعتقدان أن 
سلسلة من الظروف والعوامل: وأغلبها مائثل في بلدان أخرىء أدت إلى توليد 
صيغة متميزة (انظر أيضا: كريستتسن: 1590). بتعبير آخرء إن الدانمارك لم 


ما العولمة" 

تكن امتتفناء ف عالم الممكن: إن.من المفالأة النظر إلى اند انتمارك يوعنفها 
تموذجاء سواء في نجاح الإنتاج الصغير النطاق. أو في دولة الرفاه الحديثة. 
فمفهوم النموذج يفترض أن التجرية فابلة للاستنساخ الفوري والتطبيق. إن 


. الدانمارك تخدم؛ بالأحرى. كمؤشر على أن مثل هذه الصيغ ممكنة التحقق. 


نعني أن الرفاه الموسع والأداء الاقتصادي يمكن أن يتماشيا جنبا إلى جنب في 
الاقتتصاد الصغير بالغ التدويل. وكما يجادل إسبج ‏ أندرسن (15950, 
و1595 ج) بصورة مقنعة » فإن دول الرفاه تتسم بمميزات بنيوية وخصائص 
مؤسساتية مختلفة. حتى لو كانت على قدر متساو من الاتساعء؛ وفي بلدان ذات 
مستوى واحد من التطورء وإن هذه التباينات تزيد أو تقلل من قدرتها على 
مواجهة قوى التكامل الأوروبي. والأممية الاقتصادية والتغير الاجتماعي. 

فما هذه الخصائص المميزة لاقتصاد الدانمارك ودولة رفاهها. التي 
تجعلها قادرة على البقاء والتكيف؟ أول نقطة نلاحظها هي أن الدانمارك, 
خلافا للسويد؛ ذات اقتصاد تبرز فيه كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة, 
وأن جسور هذه الشركات تمتد إلى عدد من القطاعات. وأن قطاع الأعمال 
الخاص في الدانمارك أقل تجانسا من نظيره السويدي. فهذا القطاع الخاص 
يتمثل في عدد أكبر من الأصواتء وهو ليس متركزا ولا متعدد القومية بدرجة 
السويد نفسها. وتمتاز الشركات بتاريخ مديد من التكيف مع الأسواق العالمية, 
وبكونها ملزمة بأن تفعل ذلك بصورة فردية دونما تكتل جماعي لأصحاب 
الامتيازات في سبيل انتزاع سياسات معوضة من الحكومة وعمال النقابات, 
وذلك في ظل بنية تشارك شديدة التمركز. وتطغى السلع الصناعية الآن على 
صادرات الدانمارك (75/ العام .)١9964‏ كما أن العديد من الشركات الصغيرة 
ديناميكية ومبتكرة. بل إن ثمة مناطق صناعية: مثل ويست يوتلاند اوء/لا 
14 : تؤلف بوؤْرا ديناميكية للنمو. ولم يكن للدانمارك نظام مساومة أجور 
ممركز في القطاع الخاص.ء على النطاق القومي. 

إن مدفوعات الضمان الاجتماعي للعاطلين مفصلة عن كثب على مقاس 
سمات اقتصاد الشركة الصغيرة هذا . وتعتبر تدابير حماية العمل الأضعف 
في أوروباء وهي أضعف مما في المملكة المتحدة (نيكل 271011 215517 
الجدول (54): ص .)1١‏ لقد كانت مدفوعات البطالة سهلة المنال» وهي 
مشفوعة بفترات تعويض طويلة ومستوى عال من تعويض المداخيل 


هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمخ؟ 


المنخفضة التي تتنافص بحدة. وهي قريبة من مدفوعات الضمان الموحدة: 
المنظمة كصناديق تأمين. إلا أن الدولة تسهم بتمويل معظمها من الضرائب 
العامة (جول ‏ أندرسن 2ء5ع20ه -1ناه60: 1597. ص .)١11١-17١‏ واتخذت 
الدانمارك إجراءات مشددة للحد من سهولة الحصول على هذه المدفوعات 
أو إتاحتها. وهكذا سمح النظام لأرباب العمل بالتكيف مع الظروف المتغيرة 
دونما حاجة إلى فرض عبء باهظ على العمال ذوي الأجور المتدنية. وكما 
يقول لوفتاجر فإن «نظم معونة العاطلين لم يقتصر على خدمة مصالح 
المستخدمين. وبالتوافق مع المعونات السخية للعاطلين جرى تخفيف قواعد 
الاستفناء عن الخدمات إلى حد كبيرء ليصبح بذلك أكثر مواءمة لأرياب 
العمل. وقد أسهم ذلك في تعزيز المرونة والقدرة والتنافسية في اقتصاد, 
كالاقتصاد الدانماركي. يتميز بكثرة الشركات الصغيرة». (لوفتاجر 
1١95951 1167‏ ب ص .)١146 - ١44‏ 

هكذا نجد أن شمولية نظام مدفوعات الضمان الاجتماعي ذات فوائد جلية 
للمرونة. وتدفع معونات العاطلين والرواتب التقاعدية الأساسية من الضرائب 
العامة (بلغت نسبة الضرائب 65١,7‏ من إجمالي الناتج المحلي العام 1956: وهي 
أعلى نسبة في الاتحاد الأوروبي: وتتألف أساسا من ضريبة الدخلء؛ وضريبة 
القيمة المضافة التي تبلغ 2/70 أما ضرائب الشركات فمتدنية). 

ويمكن تنويع المعونات والرواتب التقاعدية لكي تتناسب مع الشروط 
الاقتصادية؛ وهذا ما حصل فعلا (كما هي الحال مع التقليصات في مطلع 
عقد الثمانينيات). وهكذا فإن الدانمارك لا تثقل كاهلها بعبء مخصصات 
تقاعد حكومي مرتبط بالدخل. مخصصات تتعذر إدامتهاء كما لا تثقل كاهلها 
بنظام رفاه. كالنظام الفرنسيء ترتبط فيه مدفوعات الضمان ارتباطا وثيقا 
بالوظيفة القائمة التي يشغلها المرء. إن سياسة الرفاه الدانماركية قابلة 
للتعديل. وهي لا تحبط حراك اليد العاملة على غرار ما يفعل نظام الرفاه في 
فرنسا وألمانيا حيث تمول مدفوعات الضمان. بدرجة كبيرة. من صندوق 
التأمين الاجتماعي الذي يدفعه أرباب العمل. 

وتقول ملل التعاون والتنمية الاقتصادية إن الضرائب العالية تكبح 
مطالب العمال وتضمن:ء بالتضافر مع وفرة مدفوعات الضمان الجاهزة: رفع 
سقف أجور الحد الأدنى (0802, 19517 أ ص .)0١‏ قد تكون الحال كذلك: 


ما العولمة 


لكن للنظام مزايا تفوق المرونة التي يتيحها تدني الأجور وقلة مدفوعات 
الضمان. وكما يقول جول أندرسن فإن«نظام الرفاه الدانماركي نظام شامل 
يشبه نظام دخل المواطنء نوعا ما». (5957١.ء‏ ص .)١1١‏ الواقع إن نسبة ضئيلة 
جدا من السكان غير مشمولة ببعض استحقاقات المواطن التلقائية لاستلام 
معونات الضمان. إن حوالى 60٠‏ ألفاء أي “2١,6‏ من السكان: ومعظم أفراد 
هذه الفكة من النساء الماكثات في البيوتء لا يتمتع بحق الحصول على دخل 
خاص بهم (لوفتاجر. 1-١595‏ ص ١37‏ ). وقد يستخلص من ذلك افتراض 
يقول إن غياب محفزات العمل تعني أن عبء المعالين سيثقل كاهل المواطنين 
النشطين بدرجة لا تطاق. 

إن الواقع لا يدلل على ذلك. أولا. إن صورة الوضع الديموغرافي تعني أن 
الدانمارك ستتميز يبنسبة من السكان الذين يبلفون الستين فما فوق من 
العمرء أدنى من المعدل الوسطي الأوروبي: وذلك بسبب ارتضاع معدلات 
الخصوبة فيها فوق المعدل الوسطي الأوروبي: فالتناسب بين فئة الأعمار 
الناشطة اقتصاديا وفئة الأعمار التي تزيد على الستين سيكون ١:4‏ في العام 
٠‏ *5. مقابل ؟:١‏ في ألمانيا( جول أندرسنء: 1951 ج: الجدول (/): ص .)١6‏ 
وتحسب منظمة التتمية والتعاون الاقتصادي أن عبء التزامات إعالة 
المتقاعدين القادمين من دافعي الضرائب في المستقبل سيضع الدانمارك 
في مدى اليلدان المتوسطة في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي . ذلك أن 
صافي القيمة الحالية لمدفوعات الضمان الاجتماعي من حيث نسبتها المئوية 
من إجمالي الناتج المحلي العام 14594 560 في الدانمارك مقابل 751/7 
في ألمانيا و14“ فى فرنسا و١٠45“‏ فى إيطاليا (08601: 1١591‏ أء الجدول 
(15). ص 69). ١ ١‏ 

ثانياء إن توافر نظام رفاه شامل سهل المنال لم يقلل. كما يبدوء من 
المشاركة في سوق العمل: حيث بلغت نسية المشاركة في العام ١997‏ نحو 
4/877 وهذا أعلى من نسبة المشاركة في الولايات المتحدة البالغة 100,9/, 
وأعلى من المعدل الوسطي لدول الاتحاد الأوروبي الخمس عشرة البالغ 
69 وارتفعت نسبة مشاركة الإناث من 245,6 العام 155٠١‏ إلى "5 074/ 
العام ١55“‏ (جول أندرسن. 19917 ج: الجدول (7): ص .)١0‏ وإن معظم 
الأسر الدانماركية في سن العمل. هي أسز تحصل على دخل ونصف أو 








هل تنجو دولة الرفاة” فى ظل العولمة؟ 


دخلين. وهكذا فإن واقع أن ٠١‏ / من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين ١9‏ - 
7 عاما يتلقون دخلهم من مدفوعات التقاعد الحكومية للمستقبل لا يعنى أن 
هناك نسبة كبيرة من الأسر مقصية عن المشاركة في سوق العمل. ومحكوم 
عليها بمداخيل متدنية. 

ويلوح أن الدانمارك تمتاز بمدفوعات ضمان اجتماعي سالية: وبرامج 
سوق عمل فاعلة؛. وتعد هذه المدفوعات والبرامج الأعلى مرتبة في دول 
الاتحاد الأوروبي الاثنتي عشرة العام ١997‏ (جول أندرسن. 1951 ج: الشكل 
(؟): ص 55). إن تأثير أسواق العمل المرنة والتدابير القوية الفاعلة يعني أن 
هناك قدرا ملحوظا من البطالة الظرفية أو الخلافية. وقدرا معقولا من 
ال «سكون». ولكن قدرا من البطالة طويلة الأمد أقل بكثير مما قد يتوقع 
المرء. والحق إن «الدانمارك تميزت بأدنى نسبة من البطالة طويلة الأمد ضي 
الاتحاد الأوروبي» (جول أندرسن: 1997, ص 155). 

ثالثا. إن مفعول هذا المزيج من مدفوعات الضمان القوية السالبة وتدابير 
سوق العمل الفاعلة, يكفل درء تهميش العاطلين. وتملك الدانمارك مستوى من 
بين أعلى مستويات المساواة في المداخيل المتاحة بمتتاول السكان في بلدان 
منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديةء كما أنها لم تعان انعطافا كبيرا باتجاه 
اللامساواة في عقد الثمانينيات؛ وذلك خلافا للعديد من البلدان الأخرى, 
وخاصة المملكة المتحدة ونيوزيلاندا (جول ‏ أندرسن. ١9517‏ ج, الشكل (75): 
ص .)١5١‏ إن نحو 26١‏ من العمال العاطلين: المتزوجين أو الذين يعيشون مع 
شريك؛ هم مالكو مساكن (جول أندرسن؛ 15957. ص .)١17١‏ وإن نسبة عالية 
من العاطلين المتزوجين هي من النساء (نحو ثلثي العاطلين) بل إن البطالة 
المديدة وسط المتزوجين هي الأكثر كثافة بين النساء (70 من العاطلين لمدة 
تتراوح بين ؛ . ه سنوات هم من النساء) (جول ‏ أندرسن. 199557, ص .)١7١‏ 
إن غياب الإقصاء الاجتماعي يجعل العاطلين مثل بقية السكان, وبالتالي 
يسهل توظيفهم. غير أن وجود أسر ثنائية الدخلء: ويسر الحصول على 
مدفوعات الضمان المتاحة, يعنيان أن الفقر لن يشكل ضغطا على المواطنين 
كي يدفعهم إلى قبول عمل متدني الأجر. وإن هذا العامل هو الذي حتم 
الإصلاحات الداتماركية الأخيرة في ستوات +144 :1546: التي قلصت 
مخصصات صناديق العاطلين. وقصرت مدفوعات الضمان على خمس 





ما العولمة" 


سنوات على أن يقضي العاطل ثلاثا منها في برامج سوق العمل الفاعلة. 
ويبدو أن هذا التحول في السياسة المتبعة قد أسهم فعلا في تقليص البطالة: 
علما بأن «المشاركة النشطة» هي العامل الحاسم الذي يدفع الناس إلى البحث 
عن عملء. عوضا عن خطر الفاقة الفج. 

رابعاء إن مستوى العمالة في القطاع الخاص بقي على حاله تقريبا منذ 
العام ٠198:الحق‏ إن هذا المستوى لم يرتفع العام 1991 إلا بهامش طفيف 
عن مستوى العام ١,85.٠٠-( ١954‏ مقابل-٠٠,787,١)‏ (جول - أندرسن, 
177 أء الجدول (؟). أما العمالة في القطاع العام فقد نمت من 59١٠٠١‏ 
عام 158١‏ إلى 6٠١٠٠١‏ العام 19917. وتتركز هذه العمالة على أشدها في 
الخدمات. ويمتاز الدانماركيون بنسبة عالية جدا من استهلاك الخدمات 
الجماعية والعامة (الحكومية) . مثال ذلك: الحضانة النهارية للأطفال التي 
توفرها الخدمة العامة (الحكومية) على نطاق واسع والتي تتيح للأسر ذات 
الدخل الثنائي بأن توجد. والنقل العمومي الجيد. وضي ضوء ارتفاع مستوى 
المساواة في الدخل وتيسر الخدمات العامة الجيدة ومدفوعات الضمان 
الشاملة؛: فإن بمقدور معظم المواطنين أن يكونوا مستهلكين للخدمات العامة 
وان ينتفعوا منها. بصرف النظر عن الدخل أو المهنة. من هنا قدرة نظام 
الضرائب العالية والخدمات العالية على البقاء. وليس ثمة دليل على العمالة 
في القطاع الحكومي قد «زاحمت» القطاع الخاص. فالعمالة في القطاع 
الحكومي قد استوعبت أولئك الذين كانوا سيقصون بفعل «النمو بلا وظائف». 
لقد نما إجمالي الناتج المحلي بوتيرة أسرع من نمو فرص العمل: كان إجمالي 
الناتج المحلي في العام :١154١‏ محسويا بكلفة عوامل الإنتاج؛ أكبر بنسبة 716 
مما في العام :197١‏ في حين أن فرص العمل لم تتعاظم إلا بنسبة تزيد على 
“٠‏ (لوفتاجر 7ع10528: 1١5551‏ أ ص 0). 

زد على هذاء أنه لا ينبغي النظر إلى الخدمات العامة (التي تستوعب ٠١‏ 
من قوة العمل) على أنها محض كلفة:؛ بل بالأحرى استهلاك جماعي: 
فالضرائب «تشتري» الخدمات وتضعها في متناول الجميع. هناك ميل فاسد 
واسع الانتشارء تعززه تقاليد حساب الدخل القومي: لمعاملة الإنفاق العام 
بمنزلة اقتطاع من الرفاه الخاصء كما لو أن الخدمات العامة مدمرة للقيمة. 
ولو افترضنا أن ثمة مستوى معقولا من كفاءة تقديم الخدمة في كل من 





هل تنجو دول الرفاة فى ظل العولمة؟ 


القطاعين العام والخاصء فإن الاختيار بين الاستهلاك الخاص والاستهلاك 
الجماعي لا يزيد على مجرد خيار سياسي في كيفية وسبب تقديم الخدمات. 
وتمتاز الخدمات العامة بتعزيز المساواة في الحصول على الخدمة, مما يقلل 
كوابح الكلفة عن الفئات ذات الدخل المنخفض. 
ِ خامساء إن نظام مدفوعات إعالة المتقاعدين في المستقبلء في الدانمارك, 
ليس جامح التكلفة بالمقارنة مع البلدان المجاورة مثل ألمانيا وهولنداء خلافا 
للتصورات الشعبية الرائجة. ويدفع القسط الأعظم من تكاليف الرفاه 
الدانماركي من الضرائب الجارية» وإن ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة 
بارزتان بروزا كبيرا. وعلى أي حال. حين يجمع المرء حاصل الضرائب 
ومدفوعات التأمين الاجتماعيء؛ فإن «ضريبة الدخل المكونة هذه» كما يقول 
جول أندرسن «تشبه. من حيث نسبتها المئوية إلى إجمالي الناتج المحلي» 
ضرائب دول شمال أوروبيا الأخرى» (19951 ج: ص 0). وعندما نعيد الحساب 
بأن نقتطع مدفوعات الفائدة من الإنفاق العام (الحكومي) ونصحح مؤشراته 
بالنسبة للضرائب على الدخل التقاعدي المقبل: نجد أن النسبة المئوية للإنفاق 
العام من إجمالي دخل عوامل الإنتاج بلغت العام ١941‏ نحو 5, 24٠‏ بالنسبة 
للدانمارك؛ وقرابة +٠‏ بالنسبة لهولنداء و١58,.1/‏ بالنسبة لألمانيا (جول - 
أندرسنء 1١551‏ ج: الجدول ؟). 
أخيراء إذا توافرت الإرادة السياسية والدعم السياسي؛ فإن الحفاظ على 
مثل هذا المستوى من الرفاه ليس عصيا. لقد قدم يورجن جول أندرسن 
معطيات مسح شامل عن التصورات الشائعة لدى الجمهور بشأن دولة الرفاه. 
ووجد أن هناك على العموم 217 من الذين شملهم المسح يتفقون على وجوب 
الحفاظ على دولة الرفاه عوض تقليصها. ووجد حتى وسط مستخدمي 
القطاع الخاصء ممن لم يعانوا البطالة»: الذين يؤيدون المستوى الحالي من 
توفير الرفاه يزيدون على الذين يعتقدون بأن الرفاه قد تجاوز الحد أكثر مما 
ينبغيء. بمقدار 4“ (جول ‏ أندرسن. .١19957‏ ص .)١75‏ وهذا دليل إضافي 
غلق أن الدانمارك ليست منقسمة إلى أصحاب امتيازات في جانبء ومنبوذين 
في جانب آخر. متمايزين بين المستقرين في وظائف ثابتة. تحديدا في القطاع 
الخاصء وبين الذين يعتاشون على معونات الدولة بوصفهم عبئًا عليها. وهناك 
قرينة على أن الدانماركيين الشباب أقل ميلا للتضامنء: ويخاصة الطلاب 





ما العولمة" 


الذين يرون أن العاطلين الذين يدخلون الجامعة يحظون بشروط أفضلء غير 
أن مقاومة الجمهور للرفاه أدنى مما يتوقع المرء. نظرا لارتفاع مستوى 
الضرائب في الدانمارك. ويمكن للمرء أن يوجز فيقول إن المساواة: ومنع 
تهميش متلقى معونات الرفاه. تجرية الاستهلاك الجماعي المشتركء. تقود إلى 
مستويات عالية من التضامن. فالسكان يدفعون ولكنهم ينتفعون أيضا. ويقف 
هذا الوضع في تضاد صارخ مع دول الرفاه الإقصائية: حيث إن الإقصاء 
والإفقار يقودان دافعي الضرائب العاملين إلى رؤية الخدمات والمخصصات 
المفردة للفقراء والعاطلين بمنزلة تكلفة صرفة. 

وهناك قدر ملحوظ من النقد الأكاديمي والنخبوي لمؤسسات الحكومة 
الدانماركية وللانفاق العام بوجه خاص. وقد تبنت العلوم السياسية في 
الدانمارك نسخة قوية من نظرية خيار الجمهور. كما أن علم الاقتصاد 
النيوكلاسيكي واسع النفوذ ضيها. وهكذا فإن الدانمارك لا تفتقر إلى 
أصوات تلك النخبة التي أصابت النجاح في تغيير دفة بلدان مثل المملكة 
المتحدة ونيوزيلاندا في اتجاه مناوئ للرفاه. غير أن القدرة السياسية على 
ذلك هي العنصر الوحيد الفائب. فأغلب حكومات الدانمارك هي تشكيلات 
التلاطية لأاتتدتم باغلبيات خرف . وس حرودت الأحرّاب السياسية ف اتياء 
أفكار الإصلاح الراديكالي: نظرا لأنها كانت تواجه دعما قويا للرضاه من 
الجمهور. كما أن السلطة السياسية في الدانمارك موزعة. فالحكومة 
المحلية لا مركزية وذات درجة عالية من الاستقلال الذاتي. قد يكون مبدأ 
التشارك 50105013515 ضعيفا على المستوى القوميء لكنه راسخ المواقع 
وسط مختلف فروع القطاع العام. وعليه». يصعب على التغيير أن يشق 
طريقه يمواجهة المقاومة من السلطات المحلية ومحترفى الرفاه. ومما له 
مغزاه أن النظام في المملكة المتحدة ونيوزيلاند! نظام «برلماني» شديد 
المركزية على طراز برلمان ويستمنستر البريطاني. وهو يقوم على حكومة 
الحزب الفائز الذي ينعم بكل السلطة. إن النظام الانتخابي في كلا هذين 
البلدين يعتمدان مبدأ حكم من يفوز بأغلبية بسيطة من المقاعد. وهذا يعني 
أن الحكومات قد تتمتع بأغلبية فعالة (في البرلمان) في حين أنها لا تجتذب 
سوى قواعد ضيقة. ومحصورة. في الدوائر الانتخابية. لذا نجد أن 
الجمهور في المملكة المتحدة مستمر في تأييد زيادة الإنفاق العام على 





هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمة؟ 


الصحة والتعليم. مع ذلك فإن الحكومات المتعاقبة منذ السبعينيات 
استطاعت أن تتجاهل هذه المواقف الجماهيرية. 

واستنادا إلى نظرية خيار الجمهور: كان يفترض بمؤسسات الدانمارك أن 
تدخل إلى طريق مسدود وتصاعد مستديم, في النفقات العامة. نظرا لأن 
المصالح المتمترسة حاربت تخفيضات الميزانية وسعت إلى توسيع برامجها 
هي. مع ذلك تمكنت الحكومات الدانماركية من كبح نمو الميزانية وتقليص 
المخصصات. ويقول آلبيك عاء156ى وشركاؤه؛ إن السبب في ذلك يرجع إلى أن 
المصالح المنظمة داخل الدولة والقطاع العام قايضت مكاسب الميزانية قصيرة 
الأمد بالاستقلال الذاتي للمؤسسات طويل الأمد (آلبيك وآخرون: «المقدمة». 
بلا تاريخ). ويبدو أن كتلة المواطنين أو جماعات المصالح المنظمة في 
الدانمارك كانت راغبة في التكيف للأزمات. وتقديم التضحيات في أوقات 
الصعاب الاقتصادية. ولا ريب أن المساواة والمشاركة تساعدان على تعزيز مثل 
هذا السلوك التضامني. ومراعاة المجموع: وأن للمواطنين وجماعات المصالح 
المنظمة درجة عالية من النفوذ المؤثر في العملية السياسية» وطموحا معقولا 
للإنصاف في سلوك الحكومات وغيرها من الأطراف السياسية الفاعلة. وإن 
السلوك التضامني في هذا الوضع هو خيار عقلاني. بخلاف ما يحصل في 
مجتمعات الاستقطاب الحاد التي يتوقع فيها الخاسرون أن ينزل بهم العقاب 
في أي نزاع على التوزيع. 


معجزة هولندية؟ 

يعد كتاب فيسر ١15566‏ وهيمرييك علء[116063 (نرمز لهما من الآن 
قغصاعدا بالحرفين ف ه. 19517) حول هولنداء والموسوم: معجزة هولندية 
(15910) دراسة قيمة للفاية عن الشروط المؤسساتية والإجراءات السياسية 
التي تتيح لبلد صغير ذي اقتصاد متقدم., بالغ التدويل؛ أن يتكيف للضفوط 
التناقسية الشديدة خلال عقد التسيعنيات؛ وأن يصون. عبر هذا التكيضف. 
نظام رفاه اجتماعى واسع. ويبيّن المؤلفان كيف أن مثال هولندا هو الاستشناء 
بالنسية لشحليل إسجع ‏ اوسن 55 01> ةامع) القائل إن حول :الر هاه ما 
إن تترسخ مؤسساتياء حتى تستمصي على التفيير تماما. هناك اتفاق عام 
على أن دول الرفاه الواسع تخلق قواعد سياسية جيارة. ومصالح راسخة 





ما العولمة' 


وجماعات منظمة. ذات صلاحيات نقض (فيتو). تصد أي تغيير في بنى دولة 
اترفار و#مع ناض الاجتاعية رديه كانه الشوفوط الاعتص اديه الرافية 
للتكيف وافعية وضرورية. وتعتير مثل هذه الصرامة عقبة تعترض تعديل 
الاقتصاد الكبير (الماكرو) تعديلا فعالا تبعا لضغوط الاقتصاد العالمى. وفى 
لوقك تحيلة قرا عه د أن وض توذواق:الرقاء فقوو بتر كوه د سيا 
متباينة. فبعضها (مثل نمودج أوروبا القارية) يؤثر تأثيرا جاد!ا على مستوى 
البطالة والقدرقعلى ضبط الإنفاق العام ومخصصات الرفاه. أكثر من بقية 
الدول. وقد يكون من باب المغالاة القول إنه يؤمن بأن بنية المؤسسات التي يقع 
عليها الاختيار عند الشروع في إصلاح الرفاه هي ثابتة كالقدر. لكن التحليل 
يدعي درجة عالية من تبعية الاعتماد على الطريقة القديمة المتبعة. وميلا 
تكاد حالة هولندا أن تشكل تجربة حاسمة لدراسة تأثيرات العولمة على 
دولة الرفاه. نظرا لكونها أكشر الاقتصددات تدويلا في العالم. وانها 
احتفظت بهذه السمة لفترة معينة. إن نسبة صادراتها وواردتها السلعية إلى 
إجمالي ناتجها المحلي تضعها في خانة واحدة مع سنغافورة. إذ بلغت هذه 
النسبة 65,4 2 العام ١550‏ (برغم أن هذه أدنى مما كانت عليه العام 
٠‏ وتبلغ هذه النسبة ضعف النسبة الرديفة في المملكة المتحدة, برغم 
أن هذه الأخيرة ذاتها تقف على القمة بالنسبة للبلدان الصناعية (راجع 
الجدول (5- ؟) آنف الذكر). 
ويستثمر الهولنديون رساميل كبيرة في الخارج. وإن 211 من الأصول 
المالية للعوائل الهولندية العام ١5464‏ كانت خارج البلاد. في حين أن نسب هذه 
الأصول بالنسبة للمملكة المتحدة. وكنداء والدانمارك وألمانيا وإيطاليا والنرويج 
والسويد كانت جميعا دون ٠١‏ ”: أما بالنسبة إلى فرنسا واليابان وأسبانيا 
فكانت دون 0 “ (انظر الشكل  "‏ 6). 
بدت هولنداء حتى أآواخر عقد الثمانينيات مثالا كلاسيكيا لمثالب نموذج 
الرفاه القاري. فالنظام الهولندي. شأن الفرنسي والألماني: ركز على مدفوعات 
الضمان للمعيلين الذين يعملون وقتا كاملاء مشفوعا بتكاليف تأمين اجتماعي 
عالية للمستخدم الواحد . تكيفت الشركات للضغوط التنافسية اثماء 
الإنتاجية؛ ورمي العاملين على كاهل نظام الضمان الاجتماعي. وقبل آرباب 





هل تنجو دول الرفاة” فى ظل العولمة؟ 


العمل ونقابات العمال معاء الذين يسيطرون على حق التصرف بصناديق 
التأمين على البطالة وصناديق التأمين الصحي للعاملين من خلال جهاز 
التحكم الموحد. بإحالة العاملين على التقاعد المبكر على نطاق واسع: وزيادة 
مدفوعات الضمان للعاجزين. 

وفي العام 1 .١58‏ كان زهاء 07” “ من الذين هم في سن العمل يعتاشون 
على مدفوعات الضمان للعاجزين ومدفوعات الضمان للعاطلين: ورواتب 
التقاعد المبكر. والمعونات الاجتماعية؛ أو غير ذلك من الضمانات الخاصة 
(ف ‏ ه/1557. ص 9). وهبطت نسبة مشاركة الذكور بين أعمار 5١‏ 50 
عاما فى قوة العمل من ٠7١‏ / العام 5/ا5١‏ إلى 55 / العام ١94١‏ (ص 
).أما 34 النساء في قوة العمل فقد ارتفعت من مجرد 55/ العام 
9377 إلى 754,07 لا غير العام ”158.: وهي أدنى من المعدل الوسطي 
الأوروبي (الجدول ؛. ص 50> وص ؟55). وبلغ تناسب العمالة إلى السكان 
نسبة ”0/. وهي الأدنى بين بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 
(9800©) (ص 54؟). وفي العام 1585. ناهز عدد الأشخاص الذين يتلقون 
مدفوعات الضمان للعاجزين المليون في بلد لا يزيد عدد سكانه على ١6‏ 
مليونا. أما فى العام .١158”‏ فقد بلغت البطالة نسبة 5.7“ (الجدول 2,5 
ص 590). ١‏ 

وأيا كان موقع المرء في النظرية الاقتصادية؛ فإن هولندا كانت تواجه؛ 
بالقوة» عبئًا لا يمكن تحمله من ضخامة نسبة المعالين إلى المشاركين الفاعلين 
في قوة العمل. وإن الميل إلى التكيف برمي العمل على كاهل ميزانية الرفاه 
الاسياف رفع تكاليف المستخدمين اسه للشركات؛ أما الضرائب فأثقلت 
كاهل مداخيل العمال. وكانت النتيجة انطلاق دورة من استجايات التكيف 
الرديء. وبات العمال عازفين عن مواصلة سياسات الاعتدال في الأجور التي 
كانت قد أتاحت للاقتصاد الهولندي ذي التوجه الخارجي الشديد أن يتنافس 
بنجاح في أسواق العالم. وكان أرباب الحيق عازفين عن تشغيل العمال وسعوا 
الى رقع الاساعية: ازترمة الأنا حية ينه العام 1557 من 101 من المبكريات 
الأمريكي إلى 57 في العام 1547 وإلى 755 في العام ١596‏ (086, 
2,17 الجدول رقم 4؟: ص 34). وكان هذا المعدل المرتفع من نمو الإنتاجية 
هو وحده القادر على إدامة نظام الرفاهء لكنه كان ينتهي إلى عاقبة محتومة 


ما العولمة 


هي النمو الاقتصادي «بلا وظائف». ولكن مع اقتراب هولند! من مستويات 
الإنتاجية في الؤلايات المتحدة؛ كانت هناك حدود بارزة تعترضن الإيغتال في 
تحسين الإنتاجية عبر هذا الطريق. 

وبإمعان النظر في الوقائع التالية. بين الأعوام 1547 و1597: يتبين 
ازدياد قوة العمل بنسبة 5" 6 (ف ‏ ه//ا59١.‏ ص ”37). وهبطت البطالة 
إلى 2.5“ العام ١597‏ بالمقاييس الموحدة: ثم هبطت إلى ؟, 76 العام 
217 بالممارنة مع الولايات المتحدة (ف ‏ ه/لالا15. ص 4”؟؛ 20501 
4. بء الشكل .١‏ ص ؟5). وبلغ متوسط نمو العمالة “١,8‏ سنويا العام 
4:,: وغ,5/ العام 1956١:و5,١(/‏ العام 1557. و75 تقديرا فضي السام 
07 (المرجع السابق نفسه). ونما إجمالي الناتج المحلي بنسبة 775:5 بين 
الأعوام ١959١‏ و1593. بالمقارنة مع المعدل الوسطي في الاتحاد الأوروبي 
البالغ “١.6‏ (الجدول .١‏ ص .)١١‏ وبقيت نسبة التضخم متدنية بحدود 
6 أما عجز الميزانية فبلغ 75:7“ من إجمالي الناتج المحلي العام .١1997‏ 
بعد ان كان ”,"9/ العام ١58٠‏ (ص .)٠١‏ وهكذا يلوح أن هولندا حققت, 
على نحو ماء انعطافة بديعة, بتعزيز فرص العملء. وخفض تكاليف الرفاه 
من دون تقويض أسس دولة الرفاه. وإحراز نمو متواضع ولكن غير مشفوع 
بالتتضخم. لقد كسرت هولندا الطوق لتخرج عن المسار الذي فرضته 
عليها. كما هو جليء بنيتها المؤسساتية. 

كيف أمكن ذلك5 دعوناء أولا: نعاين من أين جاءت غالبية الوظائف 
التحديدة وى متا هذه الشوا عن لقن نمت كوه العم للسية م ٠‏ ا سدونا د 
الأعوام 6 و590١ء‏ مقابل معدل وسطي لا يزيد على 5, “٠‏ في الاتحاد 
الأوروبي (ف ‏ ه/9517١.‏ ص 18). وهذه نتيجة لارتفاع معدل النمو السكاني 
شوق المتوسطء ودخول النساء إلى قوة العمل. لقد تحولت هولندا من نمودج 
العمالة المتركزة على معيل واحد للأسرة. إلى نموذج ١.0‏ معيل للأسرة. 
وارتفعت العمالة النسوية من ,754 من قوة العمل العام ١987‏ إلى 200 العام 
17 :؛ وهذه النسبة أعلى من المعدل الوسطي في الاتحاد الأوروبي. وتضاهىي 
فرنسا واألمانيا (الجدول ؛4. ص 250). غير أن معظم الشواغر الجديدة هي 
وظائف موقتة: أو وظائف بوقت عمل جزئي. أي أقل من ١0‏ ساعة في 
الأسبوع. وابتداء من العام /1541: بات ١‏ من سائر الشواغر الجديدة غيارة 





هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمة؟ 


عن وظائف بوقت عمل جزئيء ونمت وظائف وقت العمل الجزئي سريعا 
لتحتل 57,0 من العمالة في العام ١5197‏ (ص .)5١‏ وتحتل النساء غالبية 
شواغر العمل الجزئي:؛ بما يناهز 7١١‏ 7/. 

يمكن أن تعزى غالبية الوظائف الجديدة إلى تأثيرات سياسة اعتدال 
الأجور. وقد استعادت هولندا نمو الوظائف الجديدة في العام ١9487‏ حين 
خرجت من الركود وبدأت «اتفاقية فاسينار 21947 حول الأجور تفعل فعلها. 
وباتت وحدة تكاليف العمل في الصناعة التحويلية؛ في العام 1594: أدنى من 
مثيلاتها في أوروبا الفربية أو الدول الإسكندنافية؛ وأدنى مما في الولايات 
المتتحدة (ف ‏ ه/1997: الجدول (0): (ص 52). ويزعم مكتب التخطيط 
المركزي أن الكبح المؤسساتي للأجور هو أهم سلاح منفرد بيد «هولندا» في 
معركة المنافسة العالمية. ويعزو المكتب ثلثي نمو العمالة في النصف الثاني من 
عقد الثمانينيات إلى مفعول كبح الأجور (ف . ه/997١,‏ ص 31). 

إذا كان اعتدال الأجور يعزى إلى القدرة التنافسية لقطاع الصناعة 
التحويلية. فإن معظم فرص العمل الجديدة نشأ في قطاع الخدمات. إن 
الصناعة التحويلية لم تستوعب سوى 718,7 من إجمالي العمالة بين الأعوام 
و19535١‏ (ف ه/1557,. ص 358 - 39). وقد نمت الخدمات اللامسوقة 
بوتيرة أقل ‏ وهكذا فإن نمو فرص العمل في هولندا! لا يرجع إلى توسيع 
العمالة في القطاع الحكوميء. خلافا لحال الدول الإسكندنافية. 

ولم ينشأ نمو فرص العمل الجديد بشكل رئيسي من تقليص أسبوع 
عمل المستخدمين العاملين بوقت كامل: فساعات وقت العمل الكامل لم 
تقلص على غرار ألمانيا. ومن المؤكد أن العاطلين المديدين لم يشغلوا 
الوظائف الجديدة. فمنن العام 19544. ونحو 50 “ أو أكثر من العاطلين 
بقوا بلا عمل لمدة عام أو أزيد (ف ‏ ه/1997١.‏ ص 51)., ولم ينل العاطلون 
أكثر من سَبّع الوظاكف الجديدة الناشثة بين الأعوام 19544 و1990. 
وهذا يعني أن الداخلين الجدد هم الذين أخذوا معظم الفرص 
الجديدة في سوق العملء نعني الشباب والنساء اللواتي تركن المنزل 
ليتوجهن إلى العمل. أما العمال الأكبر سنا ظلم يعودوا إلى العمل بالتأكيد: 
فقد كان 4١‏ فقط من الذكور بين أعمار 00 14 سنة يمارسون العمل في 
العام ١995‏ رص 58). 





ما العولمة" 


إن التحول باتجاه العمال الجدد. والعمال الجزئيين والنساءء لم يؤد إلى 
نمو ملحوظ في اللامساواة بين المداخيل. فمفعول السياسات الجديدة لم 
يقلص الأجور الحقيقية للعمال غير المهرة. كما حصل في الولايات المتحدة 
ذلك أن الأجور المنخفضة واللامساواة في المداخيل في هولندا أقل بكثير 
مما في الاقتصادات الأنجلو ‏ ساكسونية؛ أو مما في اليابان وفرنسا 
وألمانيا (ف ‏ ه/7ا95١,:‏ ص 4: ومعطيات 0801). ويس تث فيسر 
وهيميرييك بدراسة اقتصادية قياسية هولندية؛ أجراها روردا 100:08 
وفوجلز واء108. تبين عدم وجود علاقة قوية بين اللامساواة في الدخل 
ونمو العمالة. كما يشيران إلى أن سياسات كبح الأجور ونمو فرص العمل 
كانت سياسات إجماعية ساندتها نقابات العمال. وأن اعتدال الأجور حقق 
زيادة في المداخيل أيضا. ولا ريب أنه ما كان بالوسع إدامة هذه السياسات 
لولا وجود التزام بالمساواة والإنصاف. وتجنبت هولندا مزيج «الفائز يأخذ 
كل شيء» بالنسبة لأعلى ٠١‏ من أصحاب الدخلء واستشراء فقر العمال؛ 
هذا المزيج الذي يميز نمو العمالة الأمريكية» المشيرة للاعجاب لولا هذه 
النقيصة. منذ مطلع عقد الثمانينيات. والذي يستبهد اتخاذه سبيلا 
لإصلاح الاقتصادات الأوروبية المتقدمة. علاوة على ذلك. فإن المسح 
الاقتصادي الذي أجرته منظمة 0801 لهولندا 1١99/(‏ ب) يسند تحليلات 
فيسر وهيميرييك بشكل عام؛. وهو مسح يبحث قضية إصلاح الضمان 
الاجتماعي بشكل مسهب. 

إن دراسة فيسر وهيميرييك قيمة للغاية في تحليل إمكانات وحدود 
مبدأ التشارك في الظروف الحديثة. وإن مساواة مذهب التشارك 
بالمساومة المركزية الصارمة:؛ وبالإنتاج الجماهيري الموحد واسع النطاق. 
وبالسياسات الكينزية المتبعة في ظل الضوابط على سعر الصرف 
والقروض. هي خلط فرد من طبقة بالطبقة نفسها. تتميز هولندا بشبكة 
كثيفة من المؤسسات التشاركية؛ كما تتميزء على وجه الخصوص»؛ 
بخصائص راسخة من التحكم الجماعي الموحد . وإن هذه السمة كفيلة 
بتوليد مصالح متمترسة وجماعات نقض (فيتو) تكبح التفييرء وتفضي إلى 
تراكم انعدام الكفساءة التي تفاقم التكيف السيئ جدا. لكن ذلك لم 
يحصل. فما السبب6 





هل تنجو دول الرفاة فى ظل العولمة؟ 


ليس سبب ذلك أنه لم تكن هناك فترات جمود وأزمة تدفع أطراف النظام 
التشاركي إلى طريق خلاف مسدود؛ وليس سيب ذلك أنه لم تكن هناك 
ضغوط قوية من أسفل مناهضة للاتفاق الجماعي. لقد دأبت نقابات العمال 
على مواصلة سياسة كبح الأجور خلال الثمانينيات برغم استمرار فقدان 
العمل وهبوط العضوية النقابية. ويرغم أن هذه السياسة كانت مبغفوضة 
شعبيا. وبالمثل فإن أطراف الائتلاف الحكوميء أي الديموقراطيين المسيحيين 
والديموقراطيين الاجتماعيين. خسروا الانتخابات العامة في العام ١194‏ 
خسارة مدويةء بسبب الاحتجاج على تخفيضاتهم لمستويات الضمان 
الاجتماعي والتشدد في دفع معونات العاجزين. 

يبدو أن الجواب يكمن في تكيف هولندا عبر مزيج من الضفوط الاقتصادية 
المحتومة التى أرغمت الحكومات على الاستجابة, والتحرك الحاسم. والاستعداد 
لمواصلة الحوار: بموازاة سمي الشركاء الاجتماعيين لإيجاد خيارات سياسية 
جديدة. يفترض من الناحية النظرية؛ أن النظم الهرمية على طراز حكومة برلمان 
ويستمنستر هي الأشكال المؤسساتية الأكثر فاعلية؛ والأشكال الأقل تبعية لطريقة 
العيش القديمة الراسخة؛ أي الأشكال الكفيلة بكسر طوق الترتيبات القديمة. غير 
أن تجربة المملكة المتحدة تبين أن هذا يفضي إلى المغالاة في سياسة إدارة الاقتصاد 
الكبير (الماكرو)؛ وإلى خروج جدري ومفرط عن مسار السياسة السابقة. وإهمال 
نشدان تعاون جماعات المصالح الاجتماعية. ويبدو أن هولندا تواذرت على الخلطة 
المحظوظة بامتلاك الحكومة قدرا قليلا من الهرمية يكفي للخروج من طريق 
الخلاف المسدود بين جماعات المصالح المنظمة: ولكن ليس قدرا كبيرا من الهرمية 
بحيث يدمر التحكم الاجتماعي التفاوضي في كل ميادين السياسة. 

ولوأخذنا سياسة اعتدال الأجور. لوجدنا أن التفاوض على «اتفاقية 
فاسينار ‏ 1545» جرى في «ظل الهرمية» (ف ‏ ه/15917. ص ٠١‏ ؛ راجع كذلك 
منظمة العمل العالمية 110 1556) وإزاء أزمة اقتضادية متسارعة:فخلال ركود 
سئوات ١9541١‏ 15487 أصاب الإفلاس واحدة من كل ١6‏ شركة؛ وققدت هولندا 
٠‏ ألف وظيفة (ف ‏ ه/15917١,.‏ ص؟١1١).‏ هددت الحكومة بتجميد الأجور, 
فتوصل أرباب العمل والتقابات إلى إبرام اتفاق بدلا من فقدان كل استقلالية ضي 
تحديد الأجور. وانتهى مأزق سنوات 1947-1971 المستعصي. حين اعترفت 
النقابات بالحاجة إلى استعادة القدرة التنافسية عن طريق الاعتدال في الاجور. 





ما العولمة" 


واعترف أرياب العملء بالمثل. بالحاجة إلى التفاهم». بسبب خشيتهم من أن تعمد 
الحكومة؛ في إطار تجميد الأجورء على فرض برامج المشاركة في الوظائف 
والدعم المالي للوظائف, التي من شأنها أن تقوض استقلاليتهم أيضا. وعلى 
الغرار نفسه؛: جرى التفاوض على صفقة «النهج الجديد» 56تتام 267 ع1 للعام 
47 في فترة الركود الذي خيم أوائل عقد التسعينيات: فواجه الشركاء 
الاجتماعيون؛ من جديد. خطر التحرك الحكومي لفرض تجميد الأجور. إن دور 
الحكومة في دفع الشركاء إلى الاتفاق دور مركزي حقاء شأن مركزية التزام 
الشركاء بصيغة من التفاوض على التحكم تتسم بالواقعية والتراضي. 

أما بخصوص مدفوعات الضمان للعاجزين: فقد اختارت الحكومة أن 
تتصرف على نحو مستقل عن الشركاء الاجتماعيين. فلما كانت تدعي تمثيل 
المصلحة العامة؛ فقد عدت نظام التحكم الاجتماعي التفاوضي بشؤون الرفاه 
عصيا على الإصلاح. وإن بقاء النقابات في ميادين التفاوض الأخرى برغم ذلك: 
وقبولها بالسياسات الجديدة الفاعلة لسوق العملء وقبولها بتطوير نظام العمل 
بوقت جزئيء, لدليل على نضجها السياسي وقدرتها على أن تحكم على 
السياسات بحسب نتائجها. وإن تشديد فيسر وهيميرييك على المركُب الذي 
يجمع السلطة بالتعلم الاجتماعي في هذه العملية, في مكانه تماما. فمن دون 
مقدار من الموضوعية في تحليل النتائج والالتزام بالبقاء في العملية؛ ما كان 
بمقدور أرباب العمل ولا النقابات الاستمرار في نظام التحكم المتشارك. ولو 
عمدت الدولة إلى تجاوز ظل الهرمية لتركن إلى قدرتها بوصفها الوسيلة 
الرئيسية لتتفيذ السياسة. لانهار التوازن المرهف الذي يتوقف عليه الإذعان 
لسياساتها والمشفوع بتهديدات موقتة توقيتا حكيما. والدرس المستمد من ذلك أن 
هناك ضرورة لتوافر قدر كاف من التشارك للفوز بالتزام الشركاء الاجتماعيين 
بميادين سياسة معينة, وتوافر قدر كاف من هرمية السلطة لإزالة العوائق 
ومعالجة حالات الفشل الذريع في السياسة؛ على حد سواء. وهناك ظاهرة 
ممائلة تلحظ في الدانمارك. إن الاستغناء عن التحكم عبر التفاوض والاعتماد 
على هرمية السلطة والسوق وحدهما كانا هدف معظم الاقتصاديين الليبراليين. 
غير أن مثال هولندا يبين كيف يمكن للتحكم الاجتماعي التفاوضي.ء القائم في 
إطار ما بعد كينزيء. يمكن أن يصيب النجاح. ويحقق الأهداف المبتفاة خيرا من 
الحكومات القوية التي تفرض الأسواق الحرة فرضا. 





هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمة؟ 
إصلاج دولة الرفاه في إيطاليا 
يمكن أن يثور اعتراض على أن الأمثلة التى اخترناها لا تؤلف «تجرية 
شاطينة لاسن عريت لشم يعي بولزيما كان إن لمارف وقولتد ااه 
يكونان مثالين على التكيف الناجح والحفاظ على دولة الرفاه. ولكنهما مثالان 
استثنائيان: وبالتالىي مضللان لا يصلحان أساسا للتعميم بشأن القدرة على 
استيعاب ضغوط المنافسة العالمية. وقد يقال أيضا إن هذين البلدين؛ وإن كانا 
على درجة عالية من التدويل؛ فإنهما صغيران ويتميزان بدرجة عالية من 
التضامن الاجتماعيء وإنهما من حجم يسمح بنوع معين من السياسات ونوع 
معين من روح الاهتمام بالمصلحة العامة. ويقال إن الوضع مختلف تماما في 
الدول الأوروبية الكبيرة؛ التي تنطوي على جماعات مصالح وعلى منابع كامنة 
للنزاع: أكثر تنوعا. فحتى الدول التي تتوافرء مثل ألمانياء على تقاليد راسخة 
في صنع القرار على أساس التعاون بين الصناعة والعمل المنظم والدولة, 
واجهت صعوبة جمة في معالجة قضايا مرونة السوقء: وإصلاح دولة الرضاه؛ 
والبطالة. وهكذا اقترحت النقابات والحكومة وأرباب العمل في ألمانيا. بصورة 
مجتمعة. صيغا مختلفة جذريا ل «التحالف في سبيل الوظائف» (102 ءعههة! !الم 
5) خلال فترة 1596 - 19957 . وركزت النقابات على تقليص البطالة, 
أما الدولة وأرباب العمل فعلى تقليص الرفاء. ولا حاجة بنا إلى القول إن 
هذه الأطراف لم تتوصل إلى أي اتفاقء؛ ناهيك عن إبرام عقد اجتمساعي 
(بيسبينك علصنموز8 ١551‏ ). 
أما النظم السياسية الأكثف نزاعاء ذات النقابات الأضعف تعهاوناء مثل 
فرنساء فقد فشلت فشلا ذريعا في محاولات دفع إصلاح الرفاه من فوق. 
وتهاوت إصلاحات الرفاه التي اقترحتها حكومة جوبيه تحت وطأة موجة 
هائلة من الإضرابات واللاحتجاجات خلال العامين 1١950‏ -1995. وانتهت 
حكومة بيرليسكوني في إيطاليا إلى مصير مماثل في أواخر العام 1594. 
فالحكومات يمكن أن تعتبر إصلاح الرفاه ضرورياء أما المواطنون والعمال 
المنظمون فيرفضون القبول بتقليص حقوفهم المكتسبة. وهكذا تبدو أوروبا 
وافعة بين مطرقة معايير التقارب للاتحاد النقدي والمنافسة العالمية. وسندان 
رخفض سكان الدول الكبيرة التخلي عن منجزات السياسات الديموقراطية على 





ما العولمة 


الصعد القومية. صحيح أن اتفاقات العقد الاجتماعي قد عادت إلى بعض 
أجزاء أوروبا ‏ كما في فنلندا وإيرلند! والبرتغال والنرويج وأسبانيا . إلا أنها لم 
تعد إلى الدول الصتاعة التغدمة الكبرع ا 

ولكن. خلافا لكل التوقعات. حصل استثناء في إيطاليا التي شهدت منذ 
مطلع عقد التسعينيات إبرام سلسلة من الاتفاقات الناجحة نسبياء بين 
الصناعة والعمل المنظم والدولة. حول تحديد الآجورء والعلاقات الصناعية, 
وإصلاح دولة الرفاه. ويبدو أن قصة محاولة بيرليسكوني لفرض الحلول من 
فوق بأمر الدولة كانت استثناء. وإن كلا من اتحاد أرباب العمل كونفندستريا 
28 وواتحاد نقابات العمال الإيطالية؛ لعبا دورا بناء في إصلاح 
المؤسسات الاقتصادية الإيطالية. أما أن تكون إيطاليا هي المثال الذي يبرهن 
على إمكان تحقيق تحرك منسق للإصلاحء فتلك مفاجأة مثيرة للدهشة 
تماما. وهي تبرهن أن التاريخ ليس فدرا مكتوباء وأن بوسع المجتمعاتء إن 
توافرت شروط مناسبة؛ الفكاك من مسار التطور السابق. وكانت إيطاليا تبدو 
مادة غير موائمة تماما للتنسيق الفعال بين جماعات المصالح الاجتماعية 
والدولة, أو لتحرك النقابات بروح الاهتمام بالمصلحة العامة تعزيزا للإصلاح. 

ويجادل لوك 101 ,)١59565‏ بصورة مقنمة,. قائلا إن إيطاليا ليست 
ب «النموذج القومي» المتماسك: فسياسات الحكومة والمؤسسات الاقتصادية 
وتحركات جماعات المصالح الاجتماعية تنطوي على عواقب متباينة تباينا 
جذريا باختلاف الوحدات الفرعية التي يتألف منها الاقتصاد. ولا يقتصر 
ذلك على الانقسامات المألوفة إلى إيطاليا الشمال: وإيطاليا الجنوب: وإيطاليا 
«الثالثة». فحتى في الشمالء كما يبين لوك: هناك نتائج متباينة جذريا في 
ظل الترتيبات الرسمية للملكية نفسها. وهكذا قامت شركة فيات في تورين 
والفاروميو في ميلانو بإعادة هيكلة قطاعاتهما في صناعة السيارات على 
أسس متباينة تماماء فالأولى هزمت النقابات وأقصتهاء بينما الأخيرة تعاونت 
مع النقابات بنجاح. ويعزو لوك هذه الفوارق إلى تباين أنماط العلائق 
الجماعية والشبكات الاجتماعية . السياسية؛ فهذه العلائق والشبكات في 
تورين منقسمة على أساس استقطابات المصالح المتعارضة؛ لكن نظيراتها في 
ميلانو تعزز الصلات والاتصالات بين شتى الأطراف (1596, الفصل الرابع). 
وإن التحكم الاقتصادي في إيطاليا يعتمد اعتمادا كبيرا على مثل هذه 


هل تنجو دولة الرفاة"' فى ظل العولمخ؟ 


الخصائص المحلية كما تبين شتى تجارب صناعة النسيج في براتو ملهرط, 
التي وجدت صعوبة في التكيف مع أزمة الثمانينيات: وفي بيلا 816112 التي 
نجحت في تطوير وتجديد نفسها (لوك, 1490 الفصل الخامس). ويصعب 
الجمع بين مصالح أرباب العمل ومصالح النقابات: فهي متشظية محلياء 
ومتناقضة في الفالب بين مختلف القطاعات والأنظمة. زد على هذاء أن 
إيطاليا تميزت بوجود «دولة ضعيفة» تمسكهاء وتجزئها مصالح الأحزاب؛ كما 
تميزت بحكومات ضعيفة؛ قصيرة العمر. وهكذا فإن المركز السياسي في 
إيطاليا كان شريكا متقلباء غير فعال في المفاوضات ثلاثية الأطراف. 

إن الكتابيات الكلاسيكية عن التنسيق التشاركي 4152ااءع0ه 2601501056 
(مثل شميتر ععأصطء5 1541١؛‏ وليميروخ طعدءطحماء.1 )١15484‏ تحدد وجود 
بنية مؤسسات مختلفة عن بنية المؤسسات الإيطالية. فالتنسيق يتطلب وجود 
تمثيل احتكاري شديد التمركز للمصالح الكبرى: يحظى باعتراف رسمي 
ومكانة شبه رسمية من جانب الدولة؛ وقادر على التصرف كشريك منضبط 
لعقد المفاوضات. كما أن الدولة تحتاج إلى أن تمتلك صفقات فعالة تعرضها 
على جماعات المصالح المختلفة مقابل تعاون هذه الأخيرة؛ مما يفمترض وجود 
درجة كبيرة من السيطرة على الاقتصاد الكبير (الماكرو) والسياسة 
الكبوييجة : 

ويبين ماريو ريجيني ( 1أماعء5 312:30, )١551‏ أن هذه السمات غائبة كليا 
عن إيطاليا. فلم يكن لدى الحكومات الإيطالية ما تعرضه. كما أنها كانت 
واقعة في فخ التنازلات المفرطة خلال السبعينيات ومطلع الثمانينيات. 
الوافع إن نجاح الاتفاقات خلال التسعينيات يرجع إلى زج النقابات في قلب 
عملية رسم السياسة ومنحها الشرعية (باكارو ولوك علءم.آ © مجروءء82: 
517 . إن النقابات الإيطالية ليست مركزية ولا معزولة عن قواعدهاء لذا 
تصني عفد الجفكات على مسدوق القناداك: وفرضها من قوق <الحق أن 
النقابات واجهت خطر التمزق بين مختلف الاتحادات (انهار تحالفها العام 
6 ).كما واجهت أزمة تمشيل بعد أن تحدتها النقايات «الذاتية» 
والتنظيمات القاعدية غير الرسمية:؛ المسماة اللجان القاعدية ع0 )01م 
585 . غير أن النقابات استطاعت. كجزء من عملية التنسيقء أن تعيد بناء 
تنظيمات حقيقية في ورش العملء وأن تستخدم هذه التنظيمات كعنصر 


٠. 





ما العولمة" 


مساهم في عملية الحوار والتشاور الديموقراطي مع الأعضاء مما أضفى 
الشرعية الديموقراطية على برنامج إصلاح نظام التقفاعد (باكارو ولوك, 
7 ونجد أن التخويل والتشاور الديموقراطي في ورش العمل؛ لا 
السلطة المركزية للاتحاد النقابي: هما اللذان ساعدا على تطوير موافقة 
فعالية من القواعد على نتائج التحكم الاجتماعي التفاوضية. وهكذا شيدت 
النزعة التشاركية في إيطاليا من عناصر مختلفة؛ ذات نسيج ضعيفء قياسا 
إلى المواصفات التي وضعتها الكتابات في السبعينيات والثمانينيات في 
موضوع مذهب التشارك؛ معتمدة على تجارب بلدان مثل النمسا. الواقع إن 
مبدأ التشارك أنسب للاقتصاد الأكثر تنوعاء وللبنية السياسية المتناحرة, 
وأنسب للشروط الاقتصادية الأكثر تقلبا. 

كان الاقتصاد الإيطالي ودولة الرفاه الإيطالية كلاهما في أزمة في مطلع 
عقد التسعينيات. لقد أتمت إيطاليا تصنيعها في عقدي الخمسينيات 
والستينيات مستثمرة الاحتياطيات الواسعة من اليد العاملة من الجنوب». 
ومستفيدة من الأجور المتدنية. وكانت النقابات في فترة ما بعد الحرب مقصاة 
إقصاء فاعلا عن المساومات ضي ورشة العملء ولم تكن تتمتع بأي حماية 
قانونية» بل إن عناصر من قانون العمل الفاشي بقيت سارية المفعول حتى 
أواخر عقد الخمسينيات. وأخذ العمال بالثأر خلال «الخريف الساخن» ضي 
647-- 1515, وذلك بإشعال موجة من الإضرابات والتظاهرات وتعززت قوة 
العمال بفضل التحالف بين الاتحادات النقابية فى العام 1577 (زابل 50©1, 
7) وفي العام 15176: أرسي نظام سلم الأجور المتحرك ءاأاوتم 50313 
الذي ربط زيادة الأجر بنسبة 7٠٠١‏ بمؤشر الأسعار, ثم عمم هذا النظام من 
الصناعة التحويلية إلى القطاع العام: ليشبك التضحم. وابتغاء احتواء 
الاسطراناض الوبائية الخروت اليتاحق زادث المكورية معدل الكمويكيانة 
التقاعدية بنسبة 74 من الراتب السابقء وربطت التقاعد بمؤشر الأسعار 
(باكارو ولوك. 15957. ص 7). أدى هذان الإجراءان إلى شيك صدمات 
التتضخم بالاقتصاد . لقد بقي التضخم أعلى من المعدل الوسطي في دول 
الفح الكنان 691 رن اقاء ©40 شد منسيف كنت الكباقتيات البيله 
ذروته بنسبة ؟,١5/‏ العام 154٠‏ ونسبة 215,6 العام )١5١‏ (لوك, 1596, 
الجدول  ١(‏ 4). ص 4). وهكذا كانت الأطرف الرئيسية الثلاثة ‏ أي النقابات 





هل تنجو دولة الرفاه فى ظل العولمه؟ 


وأرباب العمل والدولة ‏ تسعى منذ مطلع عقد الثمانينيات إلى اتفافية تكبح 
التضخم. وفي يناير ”154 وافقت حكومة يسار الوسط على إعطاء أرياب 
العمل والعمال صفقات تعويض مقابل إعادة النظر بنظام «سلم الأجور 
الملتتحرك». غير أن مسعى التنسيق هذا آل إلى الإخفاق. إذ لم يكن بوسع 
الحكومة أن تقدم تنازلات معادلة. لأنها كانت. مرة أخرىء تواجه عجزا كبيرا 
في الميزانية. وإثر إخفاق جولة المفاوضات في العام 1584., انقسم التحالف 
النقابي بخروج أكبر الاتحاداتء وهو الاتحاد الإيطالي العام للعمل؛. معترضا 
على الصفقة. وقضى ذلك على أي أفق لإبرام عقد اجتماعي يغطي بقية 
سنوات عقد الثمائينيات. 

انفمر الاقتصاد الإيطالي في حمأة الركود مطلع عقد التسعينيات: مع 
ذلك بقي التضحم البالغ 5,4 خلال العامين 1151١195٠0‏ أعلى بكثير من 
التتضخم لدى المنافسين الكبار مثل فرنسا واألمانيا واليابان (لوك. 1596,: 
الجدول ١(‏ - 5): ص 4). وهبطت معدلات النمو إلى 7١,5‏ العام ١159؛‏ وإلى 
604 العام 1557 (لوك. 15560: الجدول ١(‏ -1). ص .)١١‏ وتنامت البطالة 
بسرعة لتتجاوز المعدل الوسطي في الاتحاد الأوروبي. وكان الدين العام 
(الحكومي) الإيطالي قد ارتفع إلى “٠١7,4‏ من إجمالي الناتج المحلي في 
العام 1941, وهذا يناهز ثلاثة أضعاف المعدل الوسطي في دول السبع الكبار 
(لوك. 1456, الجدول -١(‏ 6). ص .)٠١‏ لكن الدين العام ارتفع في ١5996‏ 
إلى 8,؟٠2‏ من إجمالي الناتج المحلي. وكانت خدمة الدين العام خلال عقد 
التسعينيات تستهلك نحو ٠١‏ “ من إجمالي الناتج المحلي» وتصيب ميزانية 
الدولة بالكساح (فيرارا 23:8رء؛ 19517, ص .)3١5١‏ وعمل مزيج التضخم 
العالي والعجز الكبير في الميزانية على إضعاف الليرة» فاضطرت إيطاليا إلى 
خفض قيمة الليرة العام :١497‏ مقوضة بذلك جهودها للبقاء في إطار آلية 
سعر الصرف الأوروبية. 

مع ذلك ظلت إيطاليا اقتصادا صناعيا مؤثرا. وكما يشير لوك: فإن صورة 
الاقتصاد تتباين تبعا للزاوية التي يختارها المرء لتسليط الضوء عليه: «فبرغم 
أن الأقتطناد الإيطان الكبير '(المأكرو).ظل صفيما اينات مشاكل عدة 
مبهضة: فإنه ونّد. مع ذلك, معدلات مثيرة للاعجاب في النمو. والصادرات» 
وإنتاجية العمل؛ وريحية الشركات؛ والاستثمار الخاص في الأصول الثابتة» 


سن صصص سس سسا 


ما العولمة" 


(1550, ص .)٠١‏ وتميزت إيطاليا خلال عقد الثمانينيات بمستويات عالية 
من الاستثمار في المكائن والمعدات لا تضاهيها سوى اليابان من بين السبع” 
الكبار. كما تميزت بمعدل ادخار شخصيء؛ محسوبا كنسبة مئوية من الدخل 
الفائضء أعلى باستمرار من اليابان: بل هو الأعلى في دول السبع الكبار 
(لوك: 1556.: الجدول ١(‏ -8). ص 15؛: والجدول ١(‏ - 5).: (ص .)١5‏ وتملك 
إيطاليا بؤرة صناعة تحويلية كفوءة ومريحة؛ بعمال ذوي إنتاجية عالية وأجور 
مرتفعة؛ وبهذا المعنى فإن كلا طرفي الصناعة لهما مصلحة مشتركة في 
احتواء تأثير سوء إدارة الاقتصاد الكبير (الماكرو) على الأداء الاقتصادي. 

واجهت إيطاليا في مطلع عقد التسعينيات ضغطا ثنائيا: الركود واشتراطات 
عضوية آلية سعر الصرف الأوروبية (/5810): لتعقبها ضغوط معايير التقارب 
للوحدة النقدية الأوروبية ([5341). ولكن حتى لو استثنينا هذه الضغوطء؛ فإن 
المالية الحكومية ودولة الرفاه كانا بحاجة إلى انتباه جاد. لم تكن دولة الرفاه 
الإيطالية مفرطة الاتساع بمعايير أوروبا الشمالية. فالإنفاق العام على الحماية 
الاجتماعية لم يزد على 54,6“ من إجمالي الناتج المحلي العام :١155١‏ وهذه 
النسبة أدنى من معظم الشركاء في الاتحاد الأوروبي. لكن نظام التقاعد 
الإيطالي كان غارفا في الموضيء ويعاني نقص التمويلء وبالتالي تتعذر إدامته. 
كانت الحكومات الإيطالية قد لجأت إلى تعزيز مخصصات نظام التقاعد كخيار 
قليل الكلفة لشراء السلام الصناعي وتهدئة جماعات المصالح المكافحة. لقد نمت 
مدفوعات التقاعد بمعدل وسطي بلغ 7,0“ سنويا خلال الفترة ١950‏ 19100, 
و8.6/ خلال 1١510‏ 1581 (باكارو ولوك .١9493‏ ص 1). ويدل أن تعمد 
الحكومات المتعاقبة إلى فرض مساهمات واقعية للضمان الاجتماعي. اختارت أن 
تقدم الدعم المالي لنظام التقاعد من الخزينة العامة؛ وأن تغطي هذه النفقات 
بالاقتراض. وبات مستقبل نظام التقاعد الذي يدفع من الضرائب كالحا تماما 
في مطلع عقد التسعينيات: فهبوط معدلات الخصوية إلى ١,51‏ طفل لكل امرأة: 
كان يهدد بتدني الفئّات العمرية الناشطة اقتصاديا نسبة إلى المتقاعدين في 
مستهل القرن الحادي والعشرين؛ زد على هذاء أن تضافر البطالة؛ والتقاعد 
المبكر. وتأخر الدخول إلى سوق العمل؛ قد خفض التتاسب بين العمال الناشطين 
والعمال المتقاعدين في الرصيد العام إلى ٠١١‏ في العام 1594: مقابل ١,77‏ 
العام ١53‏ (باكارو ولوك: .١595‏ ص 7). 





هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمة؟ 


إن المشكلة في إيطالياء على غرار هولندا؛ لم تكن مشكلة ضغوط دولية 
بقدر ما كانت مشكلة نمو نظام مدفوعات الضمان بصورة تستعصي على 
الإدامة, وكانت دولة الرفاه الإيطالية بحاجة إلى إصلاح. حتى لو كانت إيطاليا 
في حالة انفلاق تام عن العالم؛ وكانت ضغوط الدين العام (الحكومي) تعني 
اعتصار الميزانية» والتأثير (سلبا) على الخدمات العامة. غير أن الضرائب 
كانت عالية نسبية؛ ولم يكن بالوسع رقعها بسهولة من دون تقليص الطلب 
(فيراراء 1951). من هنا ضرورة إصلاح نظام التقاعد: فخفض المخصصات 
هو السبيل الوحيد لضبط التكاليف في المستقبل. 

جاء انهيار النظام السياسي القديم العام 1997: ليدعم النقلة باتجاه 
التنسيق الاجتماعي. وقد كسر هذا الانهيار أحزاب المحسوبية السياسية 
القديمة التي استعمرت جهاز الدولة وحرقفته لغاياتها. مضعفة بذلك أهلية 
الدولة وكفاءتها وشرعيتها. كما أن ضلوع العديد من القادة الصناعيين في 
فضائح الفساد نزع شرعية الصناعة: لكنه عزز على الأرجح موقع ممثليها 
في الاتحاد الصناعيء كونفندسترياء إزاء الشركات الكبرىء في الوقت ذاته. 
مراك التقاباه قن هذا التكلام السياسي الأسلذس التائرع كهوة تمقيلية 
نظيفة نوعا ما. 

وبعد سنوات عدة من تعشر المفاوضات الثلاثية؛ وقع الشركاء العام 
57 , اتفاقية ألغت «سلم الأجور المتحرك»: وجمدت التساوم على الأجور 
للفترة ١997‏ 1557. وأبرم اتفاق جديد في العام 119:7 يؤكد نهاية النظام 
القديم» ويصنع إطارا جديدا لسياسة الدخل والتساوم الجماعي (ريجيني 
وريجاليا هنلهعء< 8 أمنعءه, /1951؛ منظمة العمل العالمية 0آ[, .)١15964‏ 
أنشأ ذلك نظاما ثنائيا من اتفاق قومي أساسي وتساوم جماعي محلي؛ مما 
أعطى للنقابات وللشركات استقلالية أرحب. أما بالنسبة إلى رواتب 
التقاعد. فقد بدأ إصلاح محدود في ظل حكومة التكتوقراطي جوليو أماتو 
في العام ؟1445: دون أن تعارضها النقابات بتحرك نضالي. وكما رأيناء فإن 
محاولة بيرليسكوني لفرض إصلاح أكبر في العام 19914 انهزمت بفعل 
التحرك الجماهيري وانسحاب شريكه الائتلافي. عصبة الشمالء. بسبب 
هذه القضية. كما أن اتحاد الصناعيين الإيطاليين. كونفندسترياء ضغط 
من أجل الحوار. وبيعد سقوط حكومة يمين الوسطء بدأت حكومة لامييرتو 





ما العولمة" 


ديني الحوار حول الإصلاح الذي أعطى لخبراء النقابات موقعا مركزيا في 
بلورة اانقنحة مق 18 هيد عالق ام تيطع عن تفرضي المقاديق ران 
يحقق التكافؤٌ بين مختلف فنّات العمال. علاوة عى تقييد المخصصات. 

بعد التوقيع على الاتفاق حول التقاعد في مايو 1554., أجرت النقابات 
عملية حوار ديموقراطي في ورش العملء ثم طرحت مشروع الإصلاح 
للاستفتاء يومي 2١‏ مايو و١‏ يونيو 19906. أسفر هذا الاستفتاء على الصعيد 
القومي الذي صوت فيه 5, : مليون عامل.: عن قبول المشروع بنسبة 14 / من 
الأصوات (باكارو ولوك. ,١1957‏ ص ””7). عارضت قطاعات معينة مشروع 
الإصلاح: بمن في ذلك عمال المعادن وأساتذة المدارس الثانوية: أما العمال في 
لومباردي فإن 17, 7/07 عارضوا الإصلاح: بينما أيده 747,5 منهم (باكارو 
ولوك. 15947, الجدول 8). إن وجود مثل هذه المجموعات الكبيرة المعارضة 
يكفي لتقويض كامل العملية في ظل صراع صناعي لا مركزي. مع ذلك. فإن 
المعارضين قبلوا الالتزام بنتيجة الحوار الديموقراطي والتصويت على الصعيد 
القومي. وصوتت الجمعية العامة(البرلمان) على الإصلاح ليفدو قانونا في 
يوليو 1540 . إن السمة الخارقة؛ في هذا الاستفتاء وهذا التصويت 
الديموقراطي وهي أنها أرست الشرعية من أسفلء لكنها دمجت القرارات 
على أساس لمي (عام): مهمشة بذلك أقليات نافذة: ذاتية المصالح. 
واستفادت النقابات من إصلاح العلاقات الصناعية؛ فتمكنت بذلك عمليا من 
الوصول إلى كل ورش العمل الكبرى. ونضذت النقابات الاتفاق لا عن طريق 
احتكار التمثيل احتكارا مركزيا منضبطاء بل عن طريق المشاركة الجماهيرية. 
وأثبتت النقابات والعمالء بما في ذلك المكاضحون من المعلمين وعمال 
الصناعات الهندسية في الشمالء أن بمقدورهم التصرف بروح الاهتمام 
بالمصلحة العامة دون إرغام. 

وإذا كان بمقدور إيطاليا بكل تاريخها المعروف من النزاع الصناعي 
النضاليء والدفاع المكين عن الامتيازات المكتسبة: أن تحقق الإصلاح: فإن 
بإمكان الدول القومية الأخرىء متوسطة الحجم: أن تحذو حذوها أيضاء 
شريطة توافر الظروف السياسية المناسبة. ولم يكن الإصلاح في إيطاليا 
مجرد مسألة خفض مخصصات الرفاه؛ بل بالأحرى وضع الرواتب التقاعدية 
على أساس أكثر مساواة وديمومة. 





هل تنجو دول الرفاة” فى ظل العولمة؟ 


هل يشكل الاتحاد النقد ى الأوروبسى 
خطرا على دولة الرفاد؟ 

إن انتقال إيطاليا إلى التعاون بين الصناعة والعمال والدولة لم يكن مسوقا 
بأزمة مطلع التسعينيات وحدهاء بل كان مسوقا أيضا بالحاجة إلى التأهل 
للاتحاد النقدي. ينعم الاتحاد الأوروبي بشعبية كبيرة في إيطالياء وهناك 
التزام واسع بالمضي في التكامل الاقتصادي. ولا يوجد قط ما يشبه الانقلاب 
على الاتحاد النقدي الأوروبي الذي طرأ في فرنساء حيث جرى تبرير 
إصلاحات الرفاه المبغوضة شعبيا بوصفها ضرورة وحتمية إزاء احتدام 
المنافقسة العالمية والحاجة إلى تحقيق الوحدة النقدية. وكما أشار رودريك 
(1ت804 15917), فإن هذه الإستراتيجية التي يعتمدها السياسيون بإلقاء 
اللوم على «العولمة» في ما يرسمون من سياسات مرفوضة شعبياء إنما تسيء 
إلى الانفتاح العالمني وتغذي المشاعر القومية والحمائية. 

لو تركنا قضايا العولمة جانباء فإن المشكلة أن الاتحاد الأوروبي قد خلق 
أوسع فضاء اقتصادي في العالم. وكما أشار شاريف في تحليله النافذ 
(#متقطء5 15517, وكذلك 1593) فإن المرسوم الأوروبي الموحد (ع081ذز5 
اعث لقءم151010) خلق سوقا حرة لرأس المال والعمل والسلع والخدمات؛ سوقا 
ذات حواجز داخلية أقل مما في الولايات المتحدة: ففي هذه الأخيرة ثمة 
حواجز كثيرة بصيغة معايير متباينة بين الولايات للإجازة المهنية مثلا. إن 
الولايات المتتحدة دولة اتحادية؛ في حين أن الاتحاد الأوروبي ليس بدولة. 
ويؤدي الاتحاد الأوروبي بعض وظائف الحكم والتشريع.؛ وله الأولوية في هذه 
الشؤون على الدول القومية:؛ ولكنه لا يؤدي وظائف أخرى. ولا يزال توظير 
الرفاه من امتيازات الدول القومية. 

إن النقطة الأساسية التي يثيرها شاريف هي أن الاتحاد خلق سوقا ذات 
مجال لا تتناسب سعته مع طرائق التحكم بعوافبه. ويجادل قائلا إن حركة 
رأس المال والعمل الماهر يعني أن ارتفاع الضرائب على مداخيل رأس المال. 
وارتفاع مدفوعات أرياب العمل لصناديق الرفاهء وارتفاع الضرائب على 
مداخيل العمال الماهرين المتحركين. في إطار دول قومية محددة. سوف ينزع 
إلى تحفيز الشركات والمستخدمين على الفرارأ “). إذ يستطيع هؤلاء أن ينتقلوا 





ما العولمة' 


إلى موضع آخر لينعموا بمزايا السوق نفسها. وإن من شأن ذلك أن ينزع إلى 
توليد منافسة بين الدول حول الضوابطء كمة هي الحال في الولايات المتحدة, 
ولكن من دون وجود إمكان لسياسات تعويضية على الصعيد الأوروبي. ولسوف 
تتكيف الدول القومية لهذا الواقع. فتشرع في خفض مخصصات الرفاه 
والضرائب لكي تعزز قدراتها التتافسية إزاء الدول الأخرى في الاتحاد 
الأوروبي. حقاء إن بوسع المرء أن يقول إن عملية التنافس على الضوابط قد 
بدأت أصلاء حيث إنها كانت إستراتيجية صريحة لحكومة تاتشر التي وضعت 
توقيعها على «المرسوم الأوروبي الموحد». فلقد سعت بريطانياء في ظل حكومة 
المحافظينء. وضي ظل حكومة توني بلير أيضا كما يبدوء إلى التنافس على 
اجتذاب الشركات على أساس مرونة سوق العمل وخفض الضرائب على رأس 
المال كما على المستويات العليا من الدخل. 

ولكن ينبغي أن يكون جليا أن عملية التنافس على خفض الضوابط ذات 
إمكانات محدودة بالنسبة للدول المتقدمة في الاتحاد الأوروبي. فالاتحاد 
يتألف من دول ذات مستويات متباينة من نصيب الفرد من إجمالي الناتج 
المحلي: فالسويد لا يمكن حتى أن تأمل في منافسة البرتفال على إستراتيجية 
خفض الكلفة. ناهيك عن منافسة الأعضاء المحتملين الجدد في الاتحاد مثل 
بولندا. لقد تخيل القادة النقابيون والسياسيون الديموقراطيون الاجتماعيون. 
في عموم الاتحاد حتى منتصف عقد التسعينيات. أن بمقدورهم بناء «أوروبا 
اجتماعية» جديدة. وكانوا يرون أن في مقدور أوروبا أن تقوم مقام حصن يدراً 
ضغفوط المنافسة العالمية. وأن أوروبا سوف تطور سياسات رفاه مشتركة 
داخلها. وأنها ستكون على قدر من الضخامة وقدر من القوة الاقتصادية 
يكفيان لصد الضغوط من خارجها. مهددة بفرض العقوبات التجارية على 
«إلغاء الرفاه الاجتماعي» ومن الواضح تماما أن هذا الاعتقاد وهم باطل؛ ليس 
بسبب الأسواق الكونية, بل لأن معمار أوروبا نفسها قد شيد من دول متنافسة 
ذات مستويات متباينة جدا من الثروة ومخصصات الرفاه. ولم يكن من السهل 
تحقيق انسجام أوروبا في «اتجاه صاعد» من ناحية مدفوعات الرفاهء اللهم 
إلا على حساب مقادير هائلة من ضرائب إعادة التوزيعء: لضخ المنافع من . 
الشمال إلى الجنوب ومن المركز إلى الأطراف. ولكن يصعب مواصلة مثل هذه 
السياسات داخل الدول القومية؛ كما يبين لنا مثال إيطالياء ناهيك فيما بين 





هل تنجو دولة الرفاة” فى ظل العولمة؟ 


هذه الدول. وإن كان ثمة انسجام يتحقق: فهو من نمط الحد الأدنى. وهكذا 
نرى أن «الفصل الاجتماعي» الأوروبي هو وثيقة مرجعية عن حقوق العمال؛ 
لكنه يحرص على أن يتحاشى توصيف المعايير الأوروبية لمدفوعات رفاه 
أساسية مثل رواتب التقاعد أو تعويضات البطالة. ومثلما يتعذر توحيد 
المعايير الاجتماعية على مستوى أعلىء يتعذر توحيدها على مستوى أدنى, 
لخلق قاعدة مشتركة تخدم بمنزلة ساحة لعب مستوية لأجل التتافس. ولكن 
حتى لو كان ذلك هو الهدف المبتغىء. فإن مشكلة الانسجام. كما يشير شاريف, 
تزداد تعقيدا نظرا لأن الافتراق أو التباين لا يقتصر على مستويات تمويل 
الرفاه. بل يتعداه إلى نوع مشاريع خدمات الرفاه المعروضة؛ وطرق تمويل هذه 
المشاريع. وإن تحقيق الانسجامء في مستوى أعلى أو أدنى. يتطلب خلق دولة 
فيدرالية يكون الرفاه أحد اختصاصاتها الجوهرية. 

ولكن هذه الدولة الفيدرالية؛ لا هي وشيكة:؛ ولا يرجح أن تحظى بشرعية 
جمهور الدول القومية الأوروبية. والسؤال هل ستضمحل دول الرفاه القومية 
في ظل غياب مثل هذا الانسجام؟ يرى شارب أن مأزق التحكم هذا خطر على 
الديموقراطية. إذ يمكن للناخبين الفرنسيين أن يختاروا صراحة الحفاظ على 
دولة رفاههم: بينما قد تكون الحكومة الفرنسية عاجزة عن الإبقاء عليها. 
ويقول شاربف إن المجتمعات القومية والاتحاد الأوروبي ككل يمتلكون حقا 
خيارات مهمة للحفاظ على دول الرفاه الواسع؛ حتى لو أصبح فرار رأس المال 
خطرا داهما. ويقدم شاربف سلسلة اقتراحات للإصلاح القومي المنسق مع 
الإجراءات الأوروبية. 

ويقولء أولا ‏ كما رأينا فى حالة الدانمارك ‏ إن دولة الرفاه الممولة من 
الضرائب: وخاصة الضرائب عل الاستهلاك مثل ضريبة القيمة المضافة 
(7/87): أكفاً في احتواء فرار (الرساميل والعمل الماهر) من نظم الرفاه التي 
تستمد جزءا أساسيا من تمويلها من الشركات والرواتب» وتعطي للعمال 
مخصصات حسب نوع العمل. ويقولء ثانياء إن على الدولة أن تقضي بأن يتولى 
كل القادرين على الدفع أمور التأمين الصحي وكل أنواع الحماية من المخاطر 
الاجتماعية؛ وأن تدعم أقساط تأمين الفقراء العاجزين عن سداد التأمين. ثالثا, 
إن الاتحاد الأوروبي يستطيع أن يتجنب. البديلين المرفوضين: أما الممستويات 
الحالية العالية من البطالة أو انتشار أجور الفقر على نطاق واسع. كما في 





ما العولمة" 


الولايات المتحدة؛ إذا ما تبنت الدول الأعضاء صيغة ما من دخل المواطن. اعتمادا 
على الدعم الضريبيء: تسمح بخلق فرص عمل منخفضة الأجر من دون العواقب 
الكلية للفقر أو اللامساواة في الدخل. ويقول رابعاء إذا كانت المداخيل المستمدة 
من رأس المال خاضعة لضريبة مخففة: فإن العدالة تقتضي بأن يبدأ العمال 
بالإفادة من ذلك أيضا. ويدعو شاربف إلى تطوير توزيع الأسهم كجزء من الدخل؛ 
بحيث إذا نمت أرصدة أرياب العملء أمكن للعمال الحصول على جزء من 
مداخيلهم على الأقل من فوائد الأسهم. ويقول. خامسا. صحيح أن الدول 
الأعضاء لا تستطيع تحقيق الانسجام في المداخيل بين شمال أوروبا وجنوبهاء إلا 
أنها تستطيع: على الأقل؛ أن تبرم عقدا بألا تخفض نسبة ما تنفقه من إجمالي 
الناتج المحلي على الرفاه دون الممستوى الوسطي للبلدان ذات الدخل القومي 
المتمائل. أخيراء يثير شاربف القضية التالية. وهي: إذا أراد المواطنون: والعمال 
والنقابات. تجنب سياسة التنافس بين الدول من ناحية خفض الضرائب وخفض 
مدفوعات الرفاه. فإن عليهم تقبل الحاجة إلى زيادة ربحية الأعمال. ويدعو 
شاريف إلى سياسات صناعية وعلاقات صناعية وإصلاحات لسوق العمل تفضي 
جميعا إلى رفع الإنتاجية والربحية. 

إن هذه الاقتراحات معقولة في إطار تحليل الاحتمال الأسوأء اعتمادا على 
فرضيات نظرية الخيار العقلاني. إن مصلحي الرفاه تبنوا الكثير من اقتراحات 
شاريف على نطاق واسع؛ وهي جديرة بذلك حتى لو ثبت أن التنافس على 
تقليص الضوابط ليس بالخطر الداهه/”). إن السجالات الداعية إلى ضمان 
شكل ما من دخل الحد الأدنى واسعة الانتشار. وعلى سبيل المثال؛ دعا أحد 
الكتّاب (هيرست :28ذا1, 1444.199 ب) إلى ضمان دخل المواطن لكي يؤدي من 
بين أمور أخرىء إلى تعزيز العمالة منخفضة الأجر من دون عاقبة الفقر. وهذا 
جزء من إستراتيجية أوسع لإصلاح الرفاه المترابط الهادف إلى درء تحاشي 
الضريبة والهرب إلى تأمين الرفاه بالوسائل الخاصة؛ء وذلك بتحويل المواطنين 
الأفراد إلى مالكي حصص 2010655 - 511 مع قدر معقول من السيطرة على كل 
من السياسات وال موارد . وأن الإصلاحات التي تمنح المواطنين القدرة الفردية على 
تحديد حزمة الخدمات التي يتلقونها كي تلائم حاجاتهم. واختيار مجهزي 
الخدمات. علاوة على السيطرة الجماعية على محتوى الخدمات: هي وحدها 
الكفيلة بأن تقودهم إلى أن يتماثلوا مع دولة الرفاه» وأن يبدوا الاستعداد التام لأن 





هل تنجو دولة الرفاة” فى ظل العولمخ؟ 


يدفعوا لها. وإن الطريق إلى تحقيق ذلك يكمن في إرساء الرفاه على قاعدة 
مخصصات عامة (حكومية) تتولى توزيعها اتحادات رفاه طوعية:؛ ذاتية الحكم. 
وإن إيجاد نظام يوفر حدا أدنى لاثقا ولكنه يعطي الميسورين خيار الزيادة عليه 
يبخدمات يختارونها بأنفسهم.: هو وحده الكفيل بالحفاظ على التضامن 
الاجتماعي ومنع انقسام الرفاه إلى خدمات خاصة قائمة على التأمين؛ وشبكة 
ضمان حكومي ممولة من الضرائب يدفع لها الجميع ولا يستخدمها إلا 
اليائسون. إن دول الرفاه تتعرض لاعتراضات شديدة على التكاليف وأنماط 
الخدمات وذلك لطائفة متنوعة من الأسبابء منها: شيخوخة السكانء ارتفاع 
معدلات تفكك العوائل: ارتفاع تكاليف وتعقيدات الرعاية الصحية:؛ وازدياد تنوع 
الخدمات وتخصصها المهنيء لكن انفتاح الاقتصاد القومي على الصدمات 
الخارجية لا يندرج بينها كسبب رئيسيء ولا كعامل جديد . ولا يجوز اعتبار 
الضغوط لإصلاح الرفاه رديفة للعولة؛ برغم أن الإصلاحات يمكن أن تسهم في 
تخفيف أثر الضغوط التنافسية والصدمات الاقتصادية الخارجية. 

إن تحليل الاحتمال الأسوأ يبرهن أن دول الرفاه لا تزال تملك خيارات عدة: 
دون أن يعني ذلك أن الاحتمال الأسوأ سيحصل. فهرب رأس المال على أيدي 
أرباب العمل الكبار ليس بالظاهرة واسعة الانتشار. ذلك أن شاريف يكتب في ظل 
فزع ألمانيا. فأمثلة الانتقال إلى الجمهورية التشيكية صدمت ألمانيا باعتبارها 
البلد الذي تمتلك فيه أوساط المصارف والشركات تقاليد توجه قومي راسخ. 
ويبدو أن المخاوف من ضياع القدرة التنافسية اشتدت في ألمانيا بفعل الركود,: 
مما جعل مطلقي الخطب النارية المنبهة للمخاطر. مسثل مارتن 
وشوما («هةصصناطء9225صنامة7/1. )١1551‏ أصحاب أفضل الكتّاب مبيعا. إن مثل هذه 
المخاوف مرشحة للتبدد بمجرد بروز الدليل على تعافي ألمانيا. إن المؤمنين بهجرة 
رأس المال قد يدهشون حين يرون أن المواقع الهامشية مثل المملكة المتحدة؛ التي 
اعتمدت على انخفاض تكاليف الأجور, هي التي عانت معاناة كبيرة عندما ألغفت 
الشركات الكورية الجنوبية استثماراتهاء وانتقلت شركات مثل سايمنز من شمال 
شرق إنجلتراء لتتوجه إلى مصانع أساسية في أوروبا. 

زد على هذاء أن انتشار تبني العقد الاجتماعي في أوروباء من فنلندا إلى 
البرتغال: يبين أن كلا من الحكومات والشركاء الاجتماعيين. يدركون تماما 
الحاجة إلى ضبط التضحم وتكاليف الأجور كجزء من إستراتيجية الحفاظ على 





ما العولمة" 


قدرة التناضس السعريء وتعزيز ربحية الشركة. وبدذأت صيغ العقد الاجتماعي 
هذه يإطلاق أدب جديد من التعليق والتحليل (فايرتاج وبوشيه 
أعطء 820 ع ماك [1"2؛ رودس 550065 1551, لاذذا). ويرى رودس ,)١1551(‏ في 
أسطع مثال على تواصل هذا التحليل الجديدء أن مثل هذه العقود الاجتماعية 
ما هي إلا أمثلة على «نزعة تشاركية تنافسية» جديدة تستهدف بالأساس تعزيز 
القدره العافسية الحاكية انا عوط العف التشارفية العديية فهر قاسم 
أهداف المساواة وإعادة التوزيع الاجتماعية. لعل تمييز رودس هذا مغال بعض 
الشيء؛ ويمكن للمرء أن يثير التساؤل عن مدى صحته: فإستراتيجيات النزعة 
التشاركية القديمة كانت تتخذ من إدارة الاقتصاد القومي الكبير (الماكرو) هدفا 
رئيسيا لهاء وتعنى بوجه خاص بالحفاظ على القدرة التنافسية العالمية. وعلى 
سبيل المثالء كانت سياسة تضامن الأجور في السويد مصممة صراحة لتعزيز 
القدرة التنافسية للبلاد. بدفع الشركات الأضعف كفاءة نحو تعزيز إنتاجيتها. 
والسماح للشركات الكفوءة بالحصول على أسواق تصدير وإعادة استثمار الأرباح 
العالية المستبقاة (مارتن .)١19905‏ أما الجديد في التساوم التشاركي على الصعيد 
القومي فهو أن الحكومات التي تعاني مصاعب مالية ومجالا محدودا للاقتراض 
لا تستطيع أن تقدم سوى حقوق ومخصصات أقل مقابل التزام العمال وأرباب 
العمل بمثل هذه السياسات. وما تستطيع أن تقدمه الحكومات للعمال هو 
إعطاؤهم صوتا وقدرة على صوغ سوق العمل وسياسات الرفاه. إن القدرة على 
المشاركة في تحديد طرق إنجاز مثل هذه التغفييرات. حتى لو كانت في إطار 
خفض مدفوعات الرضاه. كما حصل عند إصلاح النظام التقاعدي الإيطالي. 
تمنح نقابات العمال مزية ملحوظة. 

إن وجود وانتشار صيغ العقد الاجتماعي في أرجاء أوروبا قد يبدو كأنه 
يوفر الإمكان لآلية بديلة تحتوىي التضخمء وتخفف الحاجة إلى ذلك النوع من 
سياسات «النقد المستقر» المكافحة للتضخم في الاتحاد الأوروبيء. في إطار 
الإطلاق الناجح للعملة الأوروبية. اليورو. لكن الخطر يكمن في أن مثل هذه 
العقود الاجتماعية: المقترنة بالصلاحية المقيدة للمصارف المركزية الأوروبية, 
ستفعل العكس تماما. إن كل دولة تتنافس مع الدول الأخرى في كبح الأجور 
يمكن أن تقود إلى تشبيت وتقوية السياسة النقدية المنحازة إلى الانكماش. وإن 
كل دولة تتناضس مع غيرها لخفض كلفة الأجور والسعي لتعزيز أداء صادرات 





هل تنجو دولة الرفاة فى ظل العولمة؟ 


وربحية شركاتها هي. سوف تنزع إلى أن تقيد الطلب دون المستوى اللازم 
لاحتواء الضغوط التضخمية المتسارعة. وإن تعميم «نزعة التشارك التنافسية» 
مسيفضي إلى رابحين وخاسرين:. ولا يمكن أن يشكل إستراتيجية ربح لكل 
الأطراف. وكما يشير مارتن بملاحظات استفزازية: 

:إن المرحلة القادمة من التكامل الأوروبي... عالقة في صيغة مؤسساتية 

خاصة شيدت الأصل على قاعدة اقتصاد كيير (ماكرو) مستقر السعر. وهذا 

في الأساس هو السبب الذي يجعل صيغ العقد الاجتماعي عاجزة عن فعل 

أي شيء في الإطار التاريخي الحاضر: عدا إعادة توزيع العمل. ولكن لا 

يتوهمن أحد أن تلك هي وسيلة لتقليص البطالة» (19917: ص .)1١‏ 

إن سياسة الاقتصاد الكبير (الماكرو) لا تزال تحتفظ بموقعهاء ولم تتلاش 

بفعل الانفتاح العالمي أو حركة رأس المال. ويوجه تون نوترمانز 108 
(5مقصمع:810: )١15517‏ نقدا كاسحا لفكرة أن نمو الأسواق المالية الكونية وإلغاء 
الضوابط على تبادل العملات. يفرضان كوابح أساسية على السياسات التي 
تستهدف النموء ويعملان لمصلحة سياسات كابحة على صعيد الاقتصاد الكبير 
(الماكرو). (أانظر أيضا: نوترمائز .)١119”‏ ويقول نوترمائز: إن التاريخ لا يزكي 
هذا الادعاء. ويمضي إلى القول إن إلغاء الضوابط عن تبادل العملات؛ وتبني 
السياسات النقدية في عدد من البلدان الأوروبية منذ منتصف عقد السبعينيات 
حتى مطلع عقد الثمانينيات» لم يكونا نتيجة ضغوط خارجية: بل كانا يرميان 
إلى القضاء على التضحم المحلي. وإن العمالة الكاملة وشحة أسواق العمل 
خلال عقدي الخمسينيات والستينيات, أدت إلى أجور محفزة للتضخم. كما 
أدت إلى شبك صدمات التضخم الخارجية. وما كان في مقدور أي اتحاد نقابي 
أن ينفن تتفيذا موثوقا ذلك النوع من السياسات القادرة على احتواء مثل هذه 
الضغوطء. طوال عقد أو أكثر. وإن خطأ بلدان التوجه نحو التصديرء. مثل 
السويد. يكمن في الإصرار على مواصلة سياسات الإنعاش في إطار نقلة عامة 
تبتعد عن سياسات الاقتصاد الكبير (الماكرو) التي تعطي الأولوية للنمو. إن 
تحليل نورمان هذا يشكل هجوما ماحقا على القدرية الليبرالية وأوهام 
الديموقراطية الاجتماعية؛ على حد سواء. وخاصة الهجوم على الاعتقاد بأن 
جمع سياسة التقييد النقدي بسياسات تدعيم العرض لتحسين التدريب ومرونة 
العمل. سوف يضمن النمو المستديم طويل الأمد . إن هذه الاعتقادات الآن من 





ما العولمة" 


العقائد الجامدة (الدوجما) عند الديموقراطيين الاجتماعيين السابقين؛ في 
أرجاء أوروبا. كما يبين تحليل نوترمانز أيضا أن عنصرا حاسما للإفلات من ٠‏ 
سياسات التقييد هو الاستقلالية في سياسة معدل الصرفه المقترنة بخيار 
تخفيضات مناسبة وحصيفة في قيمة العملة؛ لتجلب الاستقرار للاقتصاد 
بمستوى تنافسي أفضل. 

إن المشكلة في موقف نوترمانزء في إطار الاتحاد النقدي الأوروبي 580010, 
أن اليورو سوف يحرم الدول الأعضاء من هذا الخيار. وهذا يعني ضرورة 
إعادة النظر في صلاحية البنك المركزي الأوروبي لانتهاج سياسات أكثر توجها 
للنمو بمجرد أن تتوطد مواقع العملة الجديدة. وعندئذ يتوجب على الاتحاد 
الأوروبي أن يسعى إلى احتواء التضخم عن طريق عقود اجتماعية منسقة في 
الدول الأعضاء. وأن يستعيض عن النزعة التشاركية التنافسية بتنسيق 
التفاهم بين الشركاء الاجتماعيين كذراع للسياسة الأوروبية. غير أن تنسيق 
التفاهم هذا مهمة عسيرة في ضوء الفوارق الجذرية في الأداء الافتصادي» 
وفي ضوء الفواتد الفعلية المستمدة من الركوب المنفرد كإستراتيجية قصيرة 
الأجل. مع هذاء فإن السياسة الموجهة للنمو مرشحة للتعثر إن فشل عدد كبير 
من الدول في احتواء التضخم المحلي. 

يبين هذا أن الاتحاد الأوروبي قد فشلء ولا يزال» في تطوير تقسيم عمل 
فعال في التحكم الاقتصادي بين الدول الأعضاء ابتفاء إدارة اقتصاد قاري 
النطاق إدارة ناجحة. سوف نعود إلى هذه النقطة في الفصل الثامن. ولا يمكن 
للاتحاد أن يحتوي الضغوط التضخمية الحالية إلا بوضع البنك المركزي الأوروبي 
فوق السياسة الديموفراطية. وإعطائه صلاحية التقييد كجزء من دستوره. إن 
النتيجة ستكون. لا محالة؛ نموا متدنيا وبطالة عالية. ولما كانت البدائل غاتبة: 
فإن سياسات الرفاه لدى الدول الأعضاء سوف تضطر إلى التكيف مع هذا 
النظام. ولسوف يعمل ذلك في مصلحة تلك الدول التي تمتلك طاقات تضامن 
أعلى نسبياء ومؤسسات رفاه أرسخ. أما الدول التي لا تمتلك مؤسسات رفاه 
راسخة. فإن هذا سيعمل لمصلحة ذلك البعض منهاء الذي يمتلك الوسائل 
السياسية للتطوير والإصلاح. في الاتجاهات التي أشار إليها شاربف. إن العولمة 
لم تقض على مجال الرفاه الواسع؛ وتمتلك الدول: حتى في إطار كوابح الاتحاد 
الأوروبي. خيارات واضحة طل ما توافرت على الوسائل السياسية. 


7 نظرة عامة على قضايا 


«إن التعددية التي تتيح 
مجالا مستمرا لمختلف 
التمااج الفتوقبية :خهرووة 
حيوية للتعاون العالمي في 
مجال التحكم». 


الؤلضان 


الشحكم الاقتصادي 


يركز هذا الفصل على آليات التحكم 
الاقتصادي القائمة حاليا في الاقتصاد العالمي. 
كما يعاين ممكنات تعزيز التحكم الاقتصادي 
مستقبلاء وخاصة التحكم فى أسواق المال 
العالمية.أما الجوانب البسانسية الأفم للتحكم 
الاقتتصادي واستمرار دور الدولة القومية فضي 
آليات الضبط هذه. فلسوف تكون موضع 
الدراسة في الفصل التاسع. أماهتاء فنيداً 
بعرض المستويات الخمسة التي يمكن للتحكم أن 
يعمل فيهاء ابتداء من الاقتصاد العالمي؛ وانتهاء 


باقتصددات الأقاليم داخل الدول القومية. 


ونحاجج هنا قائلين إن هناك إمكانات. ضفي كل 
مستوى من هذه المستويات. لتعزيز نطاق التحكم 
وتطوير آليات ضبط أكثر فاعلية. أما المستويات 
الخمسة فهي: 

١‏ التحكم عن طريق الاتفاق بين الكيانات 
السياسية الكبرى. وخاصة الثلات الكبار " 6 
(وهي أوروبا واليابان وأمريكا الشمالية) 
لاستقرار معدلات صرف العملة وتنسيق 


ما العولمة" 
السياسات المالية والنقديةء والتماون للحد من صفقات المضاربة المالية 
قصيرة الأجل. 

 ”‏ التحكم من خلال قيام عدد كبير من الدول بإنشاء هيئات عالمية 
لضبط بعد معين من النشاط الاقتصاديء مثل منظمة التجارة العالمية 0/10 , 
التي تراقب استقرار الجات 6877 أو سلطات أخرى ممكنة لمراقبة 
الاستثمار الأجنبي المباشر والمعايير البيئية المشتركة. 

 "‏ التحكم في مناطق اقتصادية شاسعة بواسطة كتل التجارة والاستثمار, 
مثل الاتحاد الأوروبي [1؛ ونافتا 2/47874. إن هاتين الكتلتين تمتلكان قدرا 
من الضخامة يكفي للسعي إلى أهداف اجتماعية وبيئية على نحو لا قبل 
للدولة القومية متوسطة الحجم بتحقيقه منفردة. وتستطيع هاتان الكتلتان 
فرض معايير دنيا كافية على سياسسات سسوق العمل أو أشكال الحماية 
الاجتماعية. وتؤلف هاتان الكتلتان سوقا ضخمة تكفي بذاتها لصد أي 
ضغوط كونية: لو شاءت. 

؛ ‏ التحكم عن طريق السياسات المتبعة على الصعيد القوميء التي توازن 
التعاون والتنافس بين الشركات والمصالح الاجتماعية الكبرىء. مولدة بذلك 
تتنسيقا افتصاديا شبه طوعي. ومعونة لتوفير بعض المدخلات 5اناممز 
الأساسية مثل البحث والتطوير 1 *» 1. وضبط المالية الصناعية؛ والتسويق 
العالمي» وضمانات للمعلومات والتصديرء والتدريب. إلخ: فتمزز بذلك الأداء 
الاقتصادي القومي وترسخ الصناعات المقيمة على الأرض القومية. 

6 التحكم عن طريق السياسات المتبعة على صعيد الأقاليم المحلية, 
لتقديم الخدمات الجماعية إلى المناطق الصناعية: فتزيد بذلك قدرتها 
التنافسية العالمية» وتوفر لها قسطا من ١‏ لحماية بوجه الصدمات الخارجية. 

إن هذه المستويات الخمسة تعتمد اعتمادا متبادلا فيما بينها إلى درجة 
كبيرة. فالتحكم الفعال في النشاطات الاقتصادية يتطلب توافر الآليات على 
كل المستويات الخمسة؛ حتى لو كانت أشكال الضبط وطرائقه في كل مستوى 
مختلفة عن غيرها. وهكذا إن أشكال التنسيق بين أسواق المال العالمية 
تختلف تماما عن عمليات الموازنة بين | لتعاون والتناقفس في قطاعات صناعية 
محددة على مستوى الأقاليم المحلية. إن زيدة هذا اللاعتماد المتيادل بين 
المستويات الخمسة تكمن في أن الاقتصادات القومية والإقليمية المحلية التي 


00 0 


قضايا التحكم الاقتصادى 


لا تخضع لوسائل مناسبة من الضبط لن تستطيع الانتفاع من اتساع التحكم 
الاقتصادي العالمي. مثل الاستقرار الفعال لأسواق المال العالمية وإدارة التجارة 
العالمية عن طريق الاتفاقات العالمية وممارسات الكتل التجارية فوق القومية. 
غير أن الاعتماد المتبادل نسبي على أي حال: فوجود آليات قوية للتحكم 
القومي والإقليمي المحلي يمكن أن يعوض عن التقلبات القائمة على المستوى 
العالمي. وأن يوفر الضمانة لاقتصادات معينة من مغبة الصدمات الناشئة 
عن ضعف التحكم في الأسواق العالمية. ولسوف نرى في موضع لاحق من هذا 
الفضل أن الاقتصياذات القوسة والأهليبية التحلية لأ كزال مومة: 

يبدأ هذا الفصل بالتركيز على المستويين الأول والثاني؛ ثم ينتقل إلى 
معاينة المستويين الرابع والخامس. أما المستوى الثالث فلسوف نتناوله في 
الفصل الثامن عموماء حين ندرس الاتحاد الأوروبي بوصفه الكتلة التجارية 
الأكثر تطورا من ناحية المؤسسات. إن المستويين الأول والثانيء والممستويين 
الرابع والخامس. على التوالي. مستويات متداخلة تداخلا وثيقا كأزواج 
مترابطة. ونبدأ ببحث العلاقة بين اقتصادات الثلاث الكبار ؟ 6©: والسبع/ 
الثماني الكبار 7067/8'). ثم ننتقل بعد ذلك إلى المستوى الثاني. أي الطيف 
الواسع من البلدان المجمعة في مؤسسات تشكلت لإدارة جوانب من الاقتصاد 
العالمي. وعلى الغرار نفسه؛ يتوقف التحكم الإقليمي المحلي الفعال؛ عند 
المستويين الرابع والخامسء على سياسات الدول القومية؛ ودرجة إقرارها 
بالحاجة إلى معرفة محلية فعالة لتطوير التنسيق والتعاون بين الشركات 
والأطراف الاقتصادية الفاعلة بصورة أعم. 

هناك نقطة مركزية في محاجتناء تنطبق على كل المستويات الخمسة, 
وهي أن نجاح اقتصادات السوق في الأداء الفعال: تلبية للآمال الكبيرة 
لطائفة واسعة من الفاعلين الاقتصاديين. يقتضي التحكم المناسب في هذه 
الاقتصادات. فالأسواق لن تكون وسيلة فعالة لتوزيع الحصص الاقتصادية إلا 
إذا ضبطت الشروط التي تعمل هذه الأسواق في ظلها. وإن درجة هذا 
التحكم. والآليات الخاصة لتحقيقه تتباين بتباين طابع ونطاق الأسواق المعينة. 
وإن معظم الأسواق بحاجة إلى أن تؤطر بمحيط من مؤسسات اللاسوق 
الاجتماعية والآليات الناظمة:؛ إن أريد لهذه الأسواق أن تثمر نتائكج فعالة. إن 
هذا التطويق الاجتماعي للأسواق معقد.ء وهو يتفير بتفير الظروف 


ما العولمة 


الاقتصادية؛ ولا يخضع بالتالي لنظرية عامة.ء أنيقة وبسيطة: وإن الأفكار التي 
تشرحه بحاجة إلى مراجعة دائمة لمواجهة الظروف المتغيرة. وإن دعاة 
الليبرالية الاقتصادية الجامدين (الدوجمائيين) ينكرون ضرورة مأسسة 
السوق. وهم يستخدمون نظرية عامة: أنيقة وبسيطة؛ عن الأسواقء: ليذودوا 
عن تحرير الأسواق من تدخلات المؤسسات الاجتماعية الأخرى. إن البيوع 
والشراءات: في نظر الليبراليين الاقتصاديين. تقوم في ذاتها وبذاتها بوظيفتها 
كآلية فعالة للتنسيق الاقتصادي. المشكلة أن اللبرلة المتعمدة للعلاقات 
الاقتصادية العالمية منذ عقد السبعينيات خلقت,. كما يبدوء أمرا واقعا لمصلحة 
دعاوى الليبراليين الاقتصاديين. وأدى ذلك؛ إلى شيوع الاعتقاد بأن الأسواق 
الكونية عصية على التحكم. وسوف نرى فيما بعد.ء أن الحال أبعد ما تكون 
عن ذلك؛ وأن بنى التحكم العام (الحكومي) بالأسواق قد شيدت: أو أبقيت, 
على المستوى العالمي حتى في فترة الهيمنة الإيديولوجية لليبرالية الاقتصادية. 

غير أن المفاهيم الموائمة للتحكم الاقتصادي القادر على تشخيص 
المستويات الخمسة المتداخلة للنشاطء ابتداء من أسواق العالم وانتهاء 
بالأقاليم المحلية, لم تيدأ بعد بالتطور. من أسباب ذلكء؛ أن أفضل الأفكار 
الوطيدة عن التحكم في الأسواق وتطويقها اجتماعياء نعني نظرية «الاقتصاد 
المختلط». قد تبلورت أصلا لإدارة الاقتصاد على المستوى القومي. وإننا 
لنحتاج إلى نظرية مكافئة جديدة: تدرك أن بعض الجوانب الأساسية من 
النشاط الاقتصادي لم تعدء بعد. خاضعة للسيطرة القومية المباشرة: وأن تغير 
البيئة العالمية يستلزم إستراتيجيات ومؤسسات تحكم جديدة. إن مفهوم تعدد 
مراكز الضبط الاقتصاديء المعتمد على عدد من بؤر التحكم وآليات ناظمة 
عدة . هو الخلف الضروري لمذاهب إدارة الاقتصاد القومي التى تطورت في 
عق الكلا نياك ووطدعت موطلع التظبيى كن علد من الاقتصنادات المتعدمة 
بعد العام 6 1. ١‏ 

لا نقصد بذلك القول إن ممارسات إدارة الاقتصاد القومي ما بعد 
العام ١444‏ كانت خلوا من أي محتوى عالمي. غير أن المؤسسات العالمية, 
الملائمة والمكملة للحقبة التي كانت إدارة الاقتصاد القومي فيها هي الشكل 
الطاغي للضبطء كانت تتركز على إدارة العلائق متعددة الأطراف بين 
الاقتصادات الكبرى المتقدمة: وأن هذه المؤسسات بحاجة إلى إعادة نظر 


قضايا التحكم الاقتصادي 


وتكييف. ويبقى أن ننتظر لنرى إن كانت مثل هذه الصيغة الجديدة متعددة 
المراكز للاقتصاد المختلط ستظهر أم لا. أما الآن فننتقل إلى معاينة التحكم 
العام في الاقتصاد العالمي كما هو قائم حاليا. 


التحكم فى أسواق العالم 

ما الآفاق الراهنة لنشوء بيئّة اقتصادية عالمية أكثر انتظاما في العلائق 
بين أسواق العالم وبلدانه وكتله التجارية5 أشرنا في الفصل الثاني إلى أن 
هناك قدرا كبيرا من التقلبات المتفجرة: والغموض المتزايد في الاقتصاد 
العالمي قياسا إلى استقرار الفترة من العام 156٠‏ حتى العام 1577 . لكن ليس 
من المحتوم أن تكون الميول الضارة التي تولد هذا الغفموض ثابتة وقوية. وأن 
الميول المضادة موجودة: فمثلا إن تدشين النظام النقدي الأوروبي. وخاصة 
آلية سعر الصرف 5814 التي يحتويهاء في العام 1975 أدى في البداية إلى 
خفض درجة تقليات أسعار صرف عملات الدول الأعضاء. كما أدى أيضا إلى 
بعض التقارب في الشروط النقدية الأساسية. وبرغم أن ضغوط السوق 
قوضت النظام النقدي الأوروبي إلى حد كبير في أواخر ١997‏ ومطلع 21555 
إن الاتحاذا الأوزوبي لا يزال يمثل حلبة استقرار مشعن بالتنبة للاقتضناد 
العالمي ككل كما بالنسبة للدول الأعضاء. ومن شأن هذا الإمكان أن ينضج 
بعد دخول اليورو عقب العام 15994. أضف إلى ذلك أن نظام قمة 
السبع/الثماني الكبار لتتنسيق السياسة قد أصاب بعض النجاح: وخاصة في 
أيامه الأولى كما في العام .١594١‏ (آرتيس وأوستري 50ا05 :4 ونارثء 15814, 
بونتام وباين 8206 يد ممماصلط؛ .)١541/‏ 

لقد كانت هذه الأمثلة على التنسيق العالمى للسياسة محدودة النطاق 
حتى الآن. فقد اقتصرت أساسا على 01 السياسات النقدية. لكن 
السئوات الأخيرة شهدت إضافة قضايا الرقابة (إن لم تكن الإدارة المنسقة 
الفعلة) على بعض المتغيرات الفعلية كمعدلات النموء إلى جداول عمل هيئات 
مثل قمة السبع الكبار. غير أن «الرقابة» لا تزال بعيدة تماما عن التعاون 
الفعال لتغيير السياسة. وعلى العموم فإن كل واحد من بلدان السبعة الكبار 
بقي يسير في طريقه الخاص حيال قضايا السياسة الاقتصادية المحلية: كما 
أن الافتراق بين فلسفاتها ومقارياتها الأساسية برز بجلاء خلال السنوات 


ما العولمة" 


العشر أو الخمس عشرة الأخيرة. وقد ثبت ذلك أيضا بالتفارق الأخير بين 
دورات 5هاعنإه الأعمال في البلدان المتقدمة؛ الذي أشرنا إليه في الفصل 
الثانى. ولا يجوز لنا التقليل تماما من شأن محاولات التنسيسق المحدود شي 
مجان سمو الصترقة والتنياينة التغدوة دولكى لآ تهون أيكها المكالاة ف 
أهمية هذه المحاولات أو نجاحها. 

إن المشكلة التي تعيق اتساع التعاون في الوقت الحاضر هي افتراق 
المصالح الذي لايزال يميز الاقتصاد الهالمي. حيث لا تزال الدول القومية 
الكبرى فى البلدان المتقدمة والكتل التجارية الناشئة هى الأطراف المهيمنة: 
خلافا كزاعة المتحمسين للعولمة. وإن اختلاف الظروف الاقتضادية الأساسية 
للاقتصاد الياباني عن الاقتصاد الأمريكي ينبغي أن تشهد. إن لم يكن على 
شيء فعلى افتراق المصالح الذي يحد من التعاون الإيجابي الفعال بين 
حكومتي البلدين. 

لا نقصد بذلك القول إن الانعدام التام للتعاون سيتطور بين الأطراف 
الرئيسية في الاقتصاد العالمي. بل إن القول إن الاحتمال المرجح هوء إما أن 
طبيعة التعاون ستكون ذات حد أدنى ‏ أي التعاون لإدارة الأزمات العالمية 
الدورية ‏ وإما أن ذلك سيكون تعاونا بسبب التخلف عن المشاركة: نظرا لأن 
السياسات في الاقتصادات القوية تعمل على إملاء السياسات في 
الاقتصادات الضعيفة. وينيفى أن نضيف إلى ذلك الاختلافات الواضحة 
والمستمرة فى أطر وتطلعات سكاف الاقتصادية التي تميز البلدان الرئيسية 
في التجارة اللالية: هذه الاختلافات التي ستعرقل الاتفاقات المتطابقة حول 
مشاريع التعاون المتطورة. إن بعض الدول القومية لا تمتلك أطر المؤسسات 
المحلية لتنفين السياسات الطموحة التي يتفق عليها في إطار بنية تفاوض 
عالمية. حتى لو كانت هذه السياسات قد نوقشت نقاشا مستفيضا هناك. وإن 
مبادرات تنسيق السياسات المالية مثال واضح على ذلك. فليس من المرجح. 
مثلاء أن بالإمكان بناء اتحاد مالى فاعل بسرعة حتى داخل الاتحاد الأوروبى. 
ا ْ 

ولغ لا يتش كهدة المكايراة ان تتسينا" عق برا اسن القن ا مني مها 
الاقتصاد العالمي متكاملا إلى درجة أن العودة المباشرة إلى الحمائية السافرة 
بين الكتل التجارية الكبرى تبدو غير واردة: وإن كانت لاتزال ممكنة . وإن 





قضايا التحكم الاقتصادي 


قضيةالموازين المالية بين الكتل الكبرى توضح هذه النقطة, التي سبقت 
الإشارة إليها في الفصل الثاني. ويبين لنا الشكل ١(‏ - ") أن ميزان الاتحاد 
الأوروبي كان مضطربا من ناحية تناسب الادخار والاستثمار مع إجمالي 
الناتج المحلي خلال الفترة من ١57١‏ حتي 1544. وكان هذا هو حال الولايات 
الملتحدة واليابان حتى مستهل عقد الثمانينيات. بعد ذلك وقعت الولايات 
المتحدة في «عجزه» عالمي مدوء إثر انهيار ادخاراتها مع بقاء الاستثمار الداخل 
اليها عاليا (لدعم عجز ميزان مدفوعاتها وعجز ميزانياتها). وجرى تمويل 
هذا العجز المزدوج من جانب اليابان: كما من جانب الاتحاد الآوروبي وإن يكن 
بدرجة أقل. في منتصف عقد الثمانينيات. وهكذا برغم وجود بعض التقليات 
في إجمالي الميول. التي تبدي تأرجحات كبيرة في معدلات الاستثمار والادخار 
نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي. فإن بلدان الكتل الثلاث تلوح حبيسة علاقة 
متبادلة تجمعها. وإن اقتصاد اليابان خاصة. لا يمكن أن يستمر في الوجود 
بشكله الحالي من دون الأسواق الأمريكية لسلعه الصناعية. في حين أن 
الولايات المتحدة تحتاج إلى اليابان حاليا كمصدر لتمويل إنفاقها المحلي. وإن 
اليابان والولايات المتحدة في حاجة ماسة إلى بعضهما ا لبعض »«بسبب 
تشابك مصيرهما الاقتصاديء وذلك برغم افتراق المصالح في مجال 
المساعة التجوئلية والسئاسة التقدية 200 

لقد برزت هذه العلائق المعقدة. والمتنازعة في الغالب: إلى الصدارة 
في أعقاب الأزمة المالية الحادة التي نزلت بالاقتصاد العالمي خلال العامين 
/1598-1, حين انزلق الاقتصاد الياباني بدرجة أكثر في حمأة الركود. 
وقد أثار ذلك المخاوف من إمكان حصول انهيار اقتصادي في العالم كله. 
وتبدو اليابان عاجزة عن استرجاع حظوظها الاقتصادية؛ بعد أن انزلقت في 
فخ سيولة كلاسيكي وتوازن واطئ المستوى. وأخفق الاقتصاد الياباني في بلوغ 
الانتعاش حتى بعد إنزال معدلات الفائدة إلى الصفر عمليا وخفض الضريبة 
المحلية. إن توقعات هبوط الأسعار تعني أن المستهلكين والمستثمرين: على حد 
سواءء لا يرغبون في الإنفاق. وأن الغموض الكبير وذكريات الإخفاقات 
الأخيرة في المضاربات قد قضت على آفاق الانتعاش الاقتصادي. وأن «أزمة 
الاتتمان» الناشكة؛ مع ازدياد معدلات الادخار المحلي؛ واحتمال تصفية 
الاستثمارات اليابانية في الخارج: أرسلت الرجفة في أوصال العالم. 





ما العولمة" 





الكتل الثلاث: إجمالى الادخار القومي 
الاتحاد الأوروبي. | 5 
الولايات المتحدة 
اليابان 


الاتحاد الاوروبي نسبة منوية 





27 7 


الولايات المتحدة | إجمالي الادخار القوميى _ نسبة مئوية 


بلحي : 
إجمالي 1 ا 


متسيس رحس سر سي ب 55 د 


إجمائي الادخار القومي / 39 


خم 
١ 80‏ ام 36 


ظ 
ري بع ا 


احمال , الاستثماو ! 537 
جني امن ل ب ع 0 
5 1990 985[ 1980 1975 1970 1965[ 1960 السنوات , 
الشكل )7-1١(‏ 
تطور الادخار والاستثمار في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان. 


-444! (بالنسب المئوية من إجمالي الناتج المحلي) 
اللصدد: مكتب خدمات اللجنة الاوروبية 


002 إبية مكورة 














قضايا التحكم الاقتصادى 


وفي ضوء الوضع الذي يصوره الشكل ١(‏ -7): يتضح أنه إذا قرر 
المستثمرون اليابانيون الانكفاء إلى مواقع سياسة الانعزال 
والاكتفاء الذاتي وتصفية استثماراتهم الفعلية والمالية في الولايات 
المتحدة وأورباء فإن هذا الإجراء من شأنه أن يترك أثرا مدمرا على 
الكتلتين الأخريين في الثلاثي. ولكن لما كانت الأصول اليابانية في الولايات 
المتحدة والاتحاد الأوروبي هي الأرصدة الوحيدة:ء بهذا القدر أو ذاك. التي 
تعمل بنجاح بالنسبة للمؤسسات والشركات اليابانية؛ فإن هذه الأرصدة لن 
تُسترجع حتى لو اشتدت أزمة الائتمان. وإن أونى الاستثمارات التي ستؤول 
إلى التتصفية هي الأصول المحلية الفاشلة (وهناك كثرة منها) 
والأصول الموجودة في شرق آسياء حيث الانهيار الاقتصادي أشد 
وقعا. والحق أن انسحاب رأس المال الياباني كان واحدا من العوامل المهمة 








)7-1١( الجدول‎ 


مختارات من حصص تجارة بلدان الكتل الثلاث للعام 1995 


الاتحاد الأوروبي 
1١(‏ عضوا) 


7-4 


التجارة | - الاتحاد الأوروبى - ١6‏ (1) |50 


- منطقة التجارة الحرة 


الأوروبية (ج) 





- بلدان وسط وشرق أوروبا 


| + روسيا(ج)(د) 


- أمريكا وكندا ١ج(‏ 


(نسبة مئوبية من الصادرات) 


الولايات المتحدة 


كندا 


أمريكا اللاتينية 


الاتحاد الأوروبى )060 





٠"‏ |اليابان 








(أ) كتسبة مئوية من إجمالى صادرات الاتحاد الأورويي  ٠6‏ 
(ب) الجدد الأربعة هم كورياء تايوان: هونج كونج وسنغاهورة 
(ج) كنسية مئوية من الصادرات خارج الاتحاد الأوروبي  1١‏ فقط 
(د) 8186 0)): هي بلدان وسط وشرق أورويا بما فيها روسيا 
المصادر: اللجنة الأورويية: قاعدة معلومات كومتراد/يوروستات» 
منظمة التجارة العالمية؛ التقرير السنوي للعام 1991 المجلد الثاني 


اليابان 


الع 


أمريكا وكندا 











الصين والجدد الأريعة (ب) | 59 
بقية آسيا 14 
5 عدا 
الاتحاد الأوروبي )١١(‏ 1 

1 























ما العولمة" 





16 النسبة 
المتوية 
4 من إجمالى 
الناتج 
12 المحلي 
(بالأسعار 
10 الجارية) 
8 
4 الاتحاد الأوروبي 5 
الولايات المتحدة 1 
عمد هاد] بق 
1095 1990 1985 1980 1975 1970 10565 1960 السنوات 


الشكل (*“-07) 
تجارة بلدان الكثل الثلاث بالسلع؛ كنسبة مئوية من إجمالي ناتجها المحلي 
للضترة 3-1959 945و١ا‏ 


المصدر: الاتحاد الأوروبي كشريك في التجارة العالمية: المديرية العامة للشؤون الاقتصادية 
والمالية, الاتحاد الأوروبيء الرسم البياني رقم ؛: ص ١‏ 





1995 1990 195 010060 19755 170 165 0 السنوات 
الشكل (74) 


موازين الحساب الجاري لبلدان الكتل الثلاث كنسب مئوية من إجمالي الناتج المحلي للفترة 
١941-‏ (بالأسعارالجارية) 


المصدر: الاتحاد الأوروبي كشريك في التجارة العالمية, الاتحاد الأوروبي؛ الرسم البياني رقم لاص 58 





قضايا التحكم الاقتصادى 


يبقى الاقتصاد الياباني أكثر هذه الاقتصادات انكشافا. فهو الوحيد 
بين الشلاثة الذي لا يمتد على نطاق قاري. وإن انكشافه يتجلى في 
استمرار تدني معدل تغلفل وارداته؛ مما يجعله ضعيفا ازاء ضغوط «إمكان 
الوصول للسوق». وعلى حين أن الكتل التجارية التتفضيلية في أوروبا 
وأمريكا الشمالية قد أرسيت على أساس رسميء فإن اليابان تفتقر إلى 
مثل هذه الترتيبات الرسمية مع جيرانهاء كما أن آفاق تطور شرق آسيا 
في هذا الاتجاه بزعامة اليابان تبدو ضئيلة (كيركباتريك اهم ل1, 
غ5 , بانا جاريا 08إ::2ع2323. )١551‏ وهكذا فان لتجارة اليابان «محيطا 
طبيعيا» مقيدا باستثناء تجارتها مع الطرفين الرئيسيين الآخرين: برغم أن 
كل الأطراف الثلاثة الكبرى تشترك بمعدل متمائل من المجموع الموحد 
للتجارة إلى إجمالي الناتج المحلي. وتتركز تجارة الصادرات اليابانية؛ 
بوجه خاصء فى عدد صغير من القطاعات (السيارات والإلكترونيات 
الاستهلاكية خصوصا).؛ مما يجعلها مكشوفة تماما إزاء أي سياسة تجارية 
انتقائية من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويضاف إلى هذا 
الضعف البنيوى ما قلناه سابقا حول الضعف الظرفى الجارى للاقتصاد 
الناناق الجام نكا الل 

وهنا بالذات - تبرز أهمية الوزن النسبي لبلدان الكتل الثلاث ضي 
الاقتصاد العالمي. الذي تحدثنا عنه في نهاية المصل الثاني: وفي الفصل 
الرابع. قلنا هناك إن مركز تقل الكتل الشلاث قد ينتقل إلى الأطلسى: 
مبتعدا عن الهادي. نظرا لآن الوزن النسبي لاقتصادات اليابان وشرق 
آسيا في تضاؤل. وستتمحور العلاقة الأساسية بين الدولار الأمريكي 
واليورو الأوروبي. ومن الواضح أن الولايات المتحدة سوف ترتاب في حالة 
النجاح الكبير لإطلاق اليورو. خصوصا إذا نجح اليورو في تحدي الدولار 
بوصفه عملة احتياطية كبرى. وما لم يستطع الين الياباني أن يزيد أهميته 
كعملة إقليمية في شرق آسياء حينما تتنتعش اقتصاداتها واقتصاد اليابان,» 
فإن آفاق نفوذ اليابان في فضايا التحكم العالمي ستظل محدودة. وبالطبع 
فإن الكيفية التي ستدار بها علاقة التبادل بين اليورو والدولار ستظل 
مسألة مفتوحة., لكنها تنذر بأن تصبح أهم قضية تواجه التحكم 
الاقتصادي في بداية القرن الحادي والعشرين. 





ما العولمة 


وإن عدنا إلى العلاقات الفعلية في أواخر عقد التسعينيات:؛ فإن الغرض 
من ذلك هو توكيد بروز واستمرار هيمنة الأطراف الرئيسية في الاقتصاد 
العالمي. إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي متساويان تقريبا من حيث 
اليه والمكانة الاقتصاديين. كما أن درجة تنوع مجموع علاقاتهما الخارجية 
في تناقص. ويبدو أن اليابان» حتى الفترة الأخيرة, تغدو العضو الثالث من 
حيث الترتيب في هذا الشلاثي. ولعل الواقع ليس وجود ثلاث كتل؛ قدر ما هو 
وجود كتلتين ونصف كتلة تحكم ضعيفة في قلب النظام العالمي. 

لكن الوضع لا يزال يقدم أفق إدارة للاقتصاد العالمي عند المستوى الأدنى: 
عن طريق تعاون الاقتصادات الرئيسية الثلاثة. وإن من الأسهل إرساء التعاون 
بين ثلاثة أطراف, حتى لو كانت غير متساوية: على تحقيقه بالنسبة لكل دول 
منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؛ إن لم يكن لسبب فعلى الأقل لوجود عدد 
أقل من الفاعلين. لا نقصد بذلك القول إن الكتل الثشلاث ستبرم اتفاقات 
سياسية جديدة. فذلك يتوقف على القضايا الاقتصادية والظروف الناشئة 
التي تتطلب الإدارة. وإن الآفاق المباشرة لتوسيع التعاون لا تبشر بالنجاح. قلا 
تزال هناك: كما رأينا من قبل؛ فوارق مهمة في السياسة حول شكل وأسلوب 
الإدارة الاقتصادية حتى بين الأطراف الأساسية الثلاثة. الأمر الذي يمكن أن 
يكبح حتى مسعاها الواعي والحاسم إلى تنسيق السياسة العالمية أو التعاون. 
زد على هذاء أن تنشيط ممارسة الإدارة العالمية المنسقة يقتضي أن تتحول 
الكتل نفسها إلى كيانات إدارة/, ضبط متماسكة: وأن الوضع الراهن للأمور 
غير مشجع في هذا الشأن. 

شتلك القضية هيء في جانب منهاء قضية إرادة سياسية وزخم سياسي. 
فلا القيادة السياسية ولا الأفكار الاقتصادية السائدة؛ في أي مكان. تقود إلى 
التوسع الطموح للتحكم الاقتصادي العالمي. ولسوف نتناول في الفصل القادم 
التطور الداخلي للاتحاد الأوروبي لنخلص إلى استتتاجات متشائمة نسبيا. 
فهناك فجوة كبيرة لا تزال قائمة بين سياسات وتصورات الأطراف الرئيسية 
الفاعلة. غير أن ذلك قابل للتغيير. خصوصا تحت وطأة الأحداث. فإن نشوب 
أزمة عالمية عميقة؛ يمكن أن يرغم الأطراف الأساسية على التحرك. وبرغم 
أن فكرة اللبرلة الاقتصادية العالمية فقدت هيمنتها الفكرية نتيجة الأزمة 
الأخيرة. فإنها. لسوء الحظء لا تزال قائمة بسبب غياب البديل في أذهان 








قضايا التحكم الاقتصادي 


التكنوقراطيين العالميين وحكام المصارف المركزية. إننا بحاجة إلى توجه 
سياسي بديل؛ وإلى أن نسرع في إضفاء الشرعية على التحرك المنسق حفاظا 
على الإنتاج والعمالة. 

يلمّح تحليلنا هذا إلى أن المستقبل القريب سيشهد سيادة بنية تحكم عالمي 
محورة؛ متعددة الأطراف. تعمل بمستوى الحد الأدنى. وعند المقارنة بنظام 
الأطراف المتعددة السابق الخاضع للهيمنة الأمريكية, فإن البنية الجديدة 
ستتحور باتجاه نظام ثلاثي مشترك, يرتكز إلى الكتل الرئيسية الشلاث. 
وستضاف إلى هذه البنية المفاوضات الثنائية التي تتبلور الآن بين الأطراف 
الرئيسية الثلاثة. من جانب؛: وأطراف أخرى أقل شأنا من جانب آخر. وتعرف 
هذه الظاهرة الأخيرة, بالتعددية الصغيرة ««ؤوذله:116 نمندة, وهي ما سنتناوله 
فيما بعد. ولا ندري على وجه الدقة إلام ستؤول العواقب الاجمالية لهذا 
الشكل على إدارة الشؤون الاقتصادية العالمية. فهذه مسألة مفتوحة. 
فاستشراء النزعة الحمائية المنغلقة الصريحة عند الكتل الكبرى ليس واردا. 
والحد الأدنى الحالي من التعاون المحور متعدد الأطراف يبدو كافيا لضمان 
استمرار «انفتاح» النظام الاقتصادي العالمي. حتى مع استمرار ابتعاد هذا 
النظام عن النمط التقليدي من الليبرالية التامة إلى متعددة الأطرافء الذي 
ساد في فترة ما بعد الحرب. 

غير أن ثمة شيئا واضحا هو: أن الاقتصاد العالمي سيبقى مرتكزا إلى 
أطرافه الرئيسية الحالية. وأن توقعات البنك الدولي بأن الصين والهند 
وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وتايلاند والبرازيل ستصبح. في العام :5١ ١‏ 
ضمن أكبر عشرة اقتصادات في العالم. لتفضي بذلك إلى نشوء نظام 
اقتصادي عالمي متعدد المراكز. إن هذه التوقعات تبدو الآن فارغة (كما رأينا 
في الفصل الخامس). وسيواصل الثلاث الكبار ؟ 6 تحديد المسار (الأجندة) 
في سياسة النقد والاستثمار والتجارة. 


الجوانب الخاصة فى التحكم المالى العالمى 

يعد أن عرضنا الخلفية العامة لقضايا التحكم الاقتصادي العالمي؛ 
يجدر بنا أن نتوسع في تبيان سماتها المتعددة بتفصيل أكبر. ولسوف 
نتناول في هذا القسم معا المستويين الأول والثاني من مستويات التحكم 


صا مج سس سوه مم يوه 





ما العولمة 


الاقتصادي التي أوردناها في مستهل هذا الفصلء نظرا لأن هذين 
المستويين. كما سيتضح لاحقاء يتداخلان تداخلا كبيرا من ناحية 
نشوء المؤسسات. 


١‏ -النظام المالى العالمى 

إن النظام المالي هو آهم قسم من آأقسام الاقتصاد العالمي في اجتذاب 
جل اهتمام المعلقين» وهو القسم الذي تعرضء كما يبدوء إلى آعظم مدى من 
التدويل (انظر الفصلين الثاني والخامس). كما آن النظام المالي هو أكبر 
ميادين الخلافء نظرا لآن التحول الكبير الذي طرأ على هذا الميدان في 
مطلع عقد السبعينيات قد دشن الانتقال مما آسماه بادوا - شيوبا 
وساكوماني 53600213681 200 3م5010 - 22003 بالنظام النقدي العالمي الذي 
تقوده الحكومات (ح - ن ن ع) أي نظام بريتون وودزء إلى النظام النقدي 
العالمي الذي تقوده الأسواق (س - ن ن ع) القائم اليوم. ويضع بادوا - شيوبا 
وساكوماني ست خصائص تميز نظام (س - ن ن ع) (1594: ص 111): وهي: 

١‏ تدويل الآسهم والسندات المالية عقب انتشار اللبرلة المحلية لتنقلات 
رأس المال. 

؟ ‏ هبوط أهمية المصارف بالقياس إلى أهمية الآسواق كهيئات توسط 
مالي (سجل هذا التحول ارتفاع أهمية إصدار الأسهم والسندات والأسهم 
المتفرعة, إلخ). 

 "‏ قيام الأسواق بتحديد أسعار الصرف في ضوء اتساع نطاق الصفقات 
المالية العالمية بالقياس إلى الصفقات التجارية. 

- تقلب السوق ‏ بتعاظم تكبير الصدمات عبر النظام كله الذي يعزوه 
المؤلفون إلى حد كبير؛ إلى نمو المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات. 

0 تنسيق السوقء. حيث تقوم مجموعة صغيرة: نسبيا من المؤسسات 
بالتبادل في آن واحد عبر الأسواق العالمية. مستخدمة تقاليد متمائلة في 
التحليل والسلوكء وأخيرا: | 

1 - بروز الظاهرة المتناقضة التي تتمثل في انكشاف البلدان أمام ضغوط 
معدل الصرفء. من جانب. فى حين أن هذه الضغوط لا «تضبط» هذه البلدان 
ضبطا فعالا من ناحية السياسات الاقتصادية المتبعة محليا من جانب آخر. 





قضايا التحكم الاقتصادى 


ردا على هذه التغيرات في النظام المالي العالمي. طرأت تطورات في ثلاثة 
ميادين متميزة من ميادين الضبط. يتعلق الميدان الأول بالعلاقة العامة التي 
تنسق وتضبط العلائق النقدية والمالية وآسعار الصرف بين الاطراف الرئيسية 
للثلاث الكبار. وقد اقتصر ذلك. على و جه العموم؛ على تحديد عرض النقود 
كونيا وتحديد التلاعب بسعر الصرفء نظرا لآن تنسيق السياسات المالية لم 
يبرز إلى مركز صدارة التفكير فى السياسة الاقتصادية منذ أواخر عقد 
السيعيتيات ركفا اقرنا ايعاء فار مفاعي إدازة السيوله الجالية يضورة 
متعددة الآطراف انهارت تماما بعد العام ١1579‏ . وأدى ذلك إلى التتافر 
الأساسي في التحكم الذي يميز الفترة الحالية. ونعني بذلك نشوء فجوة بين 
تزايد الطابع العالمي للنظام المالي؛ وبقاء الطابع «القومي» الطاغي لصلاحيات 
البنوك المركزية الكبرى وللآليات الأخرى المتموضعة قومياء الناظمة للآسواق 
والمؤسسات المالية. 

كيس سكن ركه هذه العجوة التسسائيةة إن اجتساعات (يكزؤة العسار: 
وقمم السبع/ الثماني الكبارء تقدم ميدانا لمعالجة هذه القضايا الواسعة, 
لكنها لا تزال تفتقر إلى القاعدة المؤسساتية الموائمة: إذ لا توجد هيتة 
سكرتارية دائمة ملحقة بهذه القممء وإن اللقاءات تعقد في جو غير رسمي, 
من دون قواعد إجرائية صارمة أو جداول عمل محددة وظيفيا؛ ولا توجد 
أي محاسية خارجية مناسبة على القرارات المتخذة؛ ولا توجد سوى 
عقوبات قليلة» إن اتخذت أصلاء يمكن تطبيقها على الأطراف القومية 
التي لا تلتزم بتنفيذ الاتفاقات. زبدة القولء إن القمم لم تصب سوى نجاح 
ضئيلء يأتي بعامل الصدفة لا التصميمء في مجال ضبط السيولة العالمية. 
وإن «تبادل الآراء» الذي تجسده اجتماعات القمة هذه قد أدى إلى 
عدد من المبادرات النقدية العشوائية ذات الطابع التدخليء بدل إرساء 
نظام دائم للإدارة الممأسسة. وعلى حين أن النظام النقدي العالمي 
القائم على السوق (س. ن ن ع) يفتقر إلى وجود بنك مركزي عالمي 
رسمي الطابع؛ كما قلنا في الفصل الثاني فإن المهمة يمكن آن تقع على 
بلد معين وبنكه المركزي. لذا فإن هيئة اللاحتياطي الفيدرالي 
الآمريكي كانت الآداة في بلورة مبادرة في مجال التحكم والضيطء 


كما سترى فيما بعد. 


ما العولمة" 


هناك ترتيبات مؤسساتية أكثر تطورا تميز الجانب الثاني المهم من التحكم 
في (س - ن ن ع) ونعني بها: آلية المدفوعات العالمية. إن نظم تصفية وتسوية 
الصفقات المالية العالمية قد لا تلوح بمنزلة مظهر خاص الأهمية من مظاهر 
النظام النقدي العالمي لكنها ذات أهمية حاسمة لمواصلة كل أنماط النشاط 
المالى: سواء أجاء هذا النشاط منظما بصيغة أسواق مصرفية أم بهيئة أسواق 
الل وإن هذا النشاط يذكرنا بسمات «السلع العامة» (0005ع عزاطنام) وهو 
ينشد التنظيم بأسلوب جماعي. لكنه يعاني مشكلات الانفراد الحر بالسلوك 
معاناة حادة. تلعب البنوك المركزية دورا مهما على المستوى القومي في خلق 
آليات المدفوعات والإشراف عليهاء بينما يحتل بند خدمات «النقد النهائي» 
(©20 021) موقعا أساسيا في التزامات البنوك المركزية بوصفها «مقرض 
الملاذ الأخير». إن وظيفة البنوك المركزية هذه لا تزال غير قاكمة على المستوى 
العالمي. الأمر الذي يزيد من مخاطر التخلف عن سداد الديون. في حين أن 
الاضطرابات تنثر بالتقاقم على نطاق النظام كله. 

وتقر الأوساط المصرفية العالمية بأن تعاظم الصفقات المالية العالمية يثير 
مشكلات جسيمة بالنسبة لخدمات الدفع الفعالة؛ وقد أثيرت هذه القضية 
في عدد من تقارير العشر الكبار (10 6) (تقرير آنجل ااعودث العام 21545 
وتقرير لا مفالوسي 1.311810559 العام ,.١154١‏ وتقرير نوويل [7/06 العام: 
4 أدى ذلك إلى نشوء شبكة متسعة من آليات التعاون والتنسيق 
الممأسس لمراقبة وتوحيد وضبط مثل هذه الصفقات (شبكة تعتمد على بنك 
التسويات العالمي وتترأسها جماعة خبراء نظم التسديد). وبموازاة مبادرات 
البنك المركزي هذه من جانب العشر الكبار :)6١٠١(‏ برزت تطورات ممائلة 
داخل الاتحاد الأوروبي. الذي طور الآن نظام تصفية حسابات فعالا عابرا 
للحدود. وذلك استباقا لتعميم تداول اليورو في مطلع القرن الحادي 
والعشرين. ويمكن توسيع هذا النظام بكل سهولة ليشمل أوروبا الوسطى 
والشرقية إذا تطلبت الضرورة عند إدخال المرشحين إلى عضوية الاتحاد 
الأوروبي (بادوا - شيوبا وساكوماني. 1494, ص >١5‏ 1017). 

أما الميدان الثالث لضبط النظام النقدي المدول حديثاء فيتعلق بالإشراف 
على تلك المنظمات التي تتولى الأعمال المصرفية وأعمال أسواق المال. وإن 
المعلم الأبرز على المبادرة السياسية في هذا الشأن هو اتفاق 


قضايا التحكم الاقتصادي 


العشرين/الثلاثين الكبار (20/30 ©) في بازل العام 15170: الذي أرسى الدور 
البارز لبنك التسويات العالمي (815) في الإشراف على المؤسسات المالية 
أهم اتفاقية عالمية حتى اليوم في ميدان الإشراف المصرفي. لقد أرسى ذلك 
رأس المال وتثبيت معايير الحد الأدنى لإجراء الأعمال بالنسبة للمصارف 
المنخرطة في نشاطات عالمية. وقد جرى أخيرا توسيع مبدأ خطر الإقراض 
هذا ليشمل خطر المجازفة في السوق وإجراءات التقييم المشتقة عنه. وغير 
ذلك من شؤون عدة. ومن جديد انعكست بنية اتفافية بازل على التطورات في 
أوروباء حيث أقر الاتحاد الأوروبي مرسوما شاملا حول كفاية رأس المال 
بالنسبة للمصارف في العام 15985. 

لقد تشكلت لجنة بازل بادىء الأمرء على غرار اجتماعات القمة النقدية 
رسمي ومن دون أي قواعد أو إجراءات ناظمة: ناهيك عن صلاحيات اتخاذ 
القرار. ولكن برغم احتفاظ لجنة بازل بهذا الجو الأصلي غير الرسميء فإن 
نشوءها بالذات اتجه إلى الانخراط فى بلورة عملية للقواعد الناظمة 
والإشراف على التنفيذ. ولا تأخذ اللجنة على عاتقها مهمة توسيع لبرلة 
أسواق المال والمصارف. فهذه المهمة متروكة لسياسة الحكومات القومية. بل 
تولت الرد على تأثيرات هذه اللبرلة على المنظمات التي تقوم بالأعمال المالية 
العالمية. والبنوك المركزية الضالعة معها. وقد اهتدت اللجنة بالعمل وفق 
مطالب المصارف وبيوتات الأسهم المتنوعة والحكومات بإيجاد بيئّة مالية 
. عالمية مقننة ومنظمة؛ بدل أن تبادل إلى التحرك الطليق من جانبها. وإن 
المنظمة العالمية لعمولات الأسهم (10500) هي رديف مواز لنشاط لجنة بازل 
في الوسط المصرفيء وهي منظمة حديثة:؛ وإن تكن أضعف من لجنة بازلء 
تتعامل مع الجوانب الأخرى في الصفقات المالية العالمية. وخاصة الأشراف 
حوار مع لجنة بازل؛ إلا أنها لم تنضج تماما بعد (4). 

يثير نشوء هذه الهيئات (وهيئات أخرى ممائلة مما سنبحثه بعد قليل) 
السؤال التالي: لماذا وكيف نشأت هذه الهيئات في حقبة التوكيد 


ما العولمة 
الإيديولوجي المتزايد على إيجاد حلول للعلاقات الاقفتصادية العالمية 
اعتمادا على السوق؟ وماذا ننشيٌ هيئات تنسيق لضبط وإدارة الأسواق 
والصفقات حين ينظر صانعو السياسة شزرا إلى مثل هذا الضبط وهذه 
الإدارةة أدناه تلخيص لجوابنا. لقد استجابت لجنة بازل لمطالب جاءت من 
مصدر آخرء من الحكومات؛ عبر بنوكها المركزية؛ ومن الشركات التجارية 
المنخرطة في نشاط التوسط المالي ذاته. إن التجديد المالي الذي أطلقته 
لبرلة أسواق المال وإزالة الضوابط عنها على الصعيد القومي خلال عقد 
التسعينيات. والتطور التكنولوجي لنظم المعلومات والاتصالات الذي جاء 
في أعقابهاء تمخضا عن نتائج متناقشة:؛ بينها مفارقة إحساس البنوك 
المركزية ومدراء المؤوسسات المالية على حد سواء بتوع من «فقدان السيطرة» 
التنظيمية. إن قيام المصارف والمنظمات الآخرى بتطوير ما يعرف بالنشاط 
«خارج بيان الميزانية» الذي تتلقى عليه رسوما (مثل عقود الاختيار 1005)م20 
والمقايضات 5م5532: والصفقات الاستباقية والمستقبلية: إلخ). قد عمل على 
تقويض الممارسات الراسخة والمفهومة للإدارة التجارية داخل البلدان 
وداخل الشركات. 

والمفارقة أن التكنولوجيا التي استخدمت على آمل أن توفر آخر واحدث 
المعلومات لتساعد بذلك المدراءء أدت بهم في واقع الآمر إلى اللإحساس 
بفقدان السيطرة. ولم يعد بوسع الآطراف الفاعلة آن تفهم تماما ما هو 
«رأسمالها الآساسي» وكيف يعمل هذا الرآسمال من ناحية الاثتمان وخطر 
المجازفة في السوق. فقد اضطريت هذه المعرفة بفعل الطرائق المالية 
الجديدة: التي ابتكرت خلال عقد الثمانينيات. وإن سرعة إدخال آدوات 
مالية جديدة, والوتيرة السريعة للنشاط التجاري ذاته. وضرورة اتخاذ 
قرارات «آنية» من جانب السماسرة العاملين في قاعة البورصة مباشرة 
أو بين سماسرة السوق خارج البورصة (010). كانت جميعا تعني آنه لم 
يعد بمقدور. حتى مدراء المصارف التجارية آن يتيقنوا من مدى انكشافهم 
لخطر المجازفة أو من القيمة الفعلية لشركاتهم. وهكذا بات من مصلحة 
مدراء المصارفء هم والمشرفون التقليديون عليهم. آي البنوك المركزية, 
إعادة توطيد الشفافية على نطاق آأعظم في ظل الظروف الجديدة التي 
واجهتهم في التعاماؤات الفالية: وعليه فاق مدراء الؤسينات الكانية لذ رقلون 


قضايا التحكم اناقتصادي 


عن المواطن العادي «ذهولا وارتباكا». من نواح عدة. بشأن الكيفية التي 
يعمل بها النظام المالي العالمي» أو بشأن ما يتوجب عمله لدرء وقوعه في 
برائن مضاريات الاقتصاد الوهمي. 

ولقد أشار عدد من المعلقين (مثل: هيلاينر 2ودنءااء11, :١1594‏ وكابشتاين 
متعاومة 1؛ 15514, وبادوا - شنيويا وساكوماتى 2 دممملطء5 - ونالةط 
أ8لةه »6 1594) إلى أن هذا القلق الذي استبد بالبنوك المركزية 
والحكونات واللضارف التعارية الاستاسية: هن يق ]ولا تفعل هده من الاك 
الأزمة/ الفشل لدى المصارف خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات (مثل 
بانكهاوس هيرشتات 1255]36! 8212105 في ألمانياء وبنك فرانكلين القومي في 
نيويورك: والبنك البريطاني ‏ الإسرائيلي في لندن: خلال العام 19174., ثم بنك 
أميروزيانو 8:26:051800 في العامين 1١9487‏ - 1187 وبنك الاعتماد 806001 في 
7 : وبارنجز 83:12855. في العام .)١5904‏ وأمكن «تدبير» حل هذه الآأزمات 
النيرطية بفهل الكدكل والحياون الخصيت :هن جاب الحكرمات القوفية: 
وهكذا نشاً الميل لتوسيع تعاون الحكومات القومية توسيعا أكمل حيال طائفة 
واسعة من مهمات الرقابة في هذا الحقل. 

والحق» أن تحليلات هيلاينر وكابشتاين تشدد على الدور المركزي 
لسياسة الحكومات القومية في خلق النظام المالي العالمي المعتمد على 
السوق (س -ن ن ع).: وعلى وجوب استمرار هذا الدور من أجل التحكم 
المالي العالمي. ويعترض هؤلاء الكتاب على الرأي القائل إن الانتقال من 
النظام المالي العالمي المعتمد على الحكومات (ح - ن ن ع) إلى النظام المالي 
العالمي المعتمد على السوق (س - ن ن ع): كان نتيجة فعل فوى اقتصادية 
وكيزتو جؤة يعافية وترين تتح كتيراك كي السيابسةالقبية) كا درطو 
على الرأي القائل إن هذا الانتقال قد زعزع وقوض إرادة وقدرة الحكومات 
القومية على إدارة النظام الحالي. 

لقد كان الانتقال إلى لبرلة النظام المالي القومي خلال عقد الثمانينيات 
ته كرازات بنائية تقو ةعزف إزاء طييك من اكيراك الشودة القاحة 
أمام صانعي السياسة (هيلاينر 1994). وبالمثل. فإن الحكومات القومية هي التي 
مناقت الغطور اللاحق تنطاح الضيظ الجديد: يل إن كابشتانين )١554(‏ يؤكد أن 
الحكومات القومية تظل مجررا سركريا لهذ[ النظام الحدين + و عا تسيل المثال: 



































ما العولمة 


فإن الولايات المتحدة هي التي بادرت إلى أن تكفل اتفاق بازل .١15944‏ وفي هذا 
الإطار باتت رقابة بلد المنشا على المؤسسات المالية تطغفى على رقابة البلد 
المضيف: أي نشوء ما يسميه كابشتاين مبدأ التعاون الدولي المرتكز على الضبط 
من بلد المنشأ. وحظي هذا بقبول الدول المشاركة قبولا تدريجياء ولا يزال السمة 
الطاغية المميزة لهذا النظام. وبرغم وجود توترات بين ضبط بلد المنشأ وضبط 
البلد المضيفء علاوة على التوترات بين المنظمات متعددة القومية ذات المصلحة 
في ضبط المؤسسات المالية والإشراف عليهاء فإن الدور المركزي لدولة المنشأ في 
فده العملية ياق. وقد تجلى ذلك أخيرا في أزمة بارنجز 8371085 في 
مارس15560١,‏ حين قامت سلطات سنفافورة. وهي السوق الذي اندلعت فيه 
المشاكل؛ بأخذ زمام المبادرة في إجراء التحقيقات حول بارنجزء لتحيل موظفيه 
إلى القضاء آخر المطاف. وقد قبلت حكومة المملكة المتحدة وشبكة الإشراف في 
مدينة المال والأعمال في لندن (سيتي) بهذا الإجراء وساندته *). 
زد على هذا أن البلدان التي لم تدخل طرفا مباشرا في اتفاقية بازل: كما 
يقول كابشتاين .)١994(‏ حرصت على أن تربط نفسها بالإطار التنظيمي لهذه 
الاتفاقية. وقد فرضت عليها ذلك المصارف العاملة في تلك البلدان. وتعززت 
ديناميكية هذا النظام برغبة السوق في احتلال «مكانة ائتمانية» معينة تعادل 
مكانة المصارف التي صادقت عليها مجموعة العشرين الكبار. وهي مكانة 
تتوقف على العمل وفق توجهات اتفاقية بازل. 
غير أن هذه التوجهات تكشف عن خلل أثناء الأزمة المالية في العام .١99/‏ 
فقد اتضح أن قدرتها على ضبط الإقراض المصرفي قصير الأجل إلى بلدان 
الأسواق الناشئة؛ دون المستوى المطلوب (راجع الفصل الخامس). ذلك أن معدلات 
كفاية رأس المال حسب بنك التسويات العالمي تقتضي مستوى متدنيا من 
الاحتياطيات بالنسبة للإقراض المصرفي العالمي قصير الأجل؛ وإن هذا المستوى 
من الاحتياطيات أقل بكثير من المستوى المطللوب للإقراض طويل الأمد. مما 
'شجع عمليا الإقراض قصيرالأجل للبلدان النامية دون الاستثمار طويل الأجل. 
أثارت هذه الأزمة سلسلة من مشكلات الضبط بالنسبة للإقراض العالمي على 
وجه أعم. وكشفت عن المشكلة الكامنة في تدفقات راس المال: الانتقال السريع 
من الضوابط الكمية التامة المفروضة على تنقلات رأس المال» إلى الحرية التامة 
لتنقلات رأس المال. وهذه الحال تشبه تماما الانتقال من نظام الحصص في 


قضايا التحكم الاقتصادي 


المتاجرة بالسلع الصناعية إلى حرية التجارة الكاملة؛ من دون المرور بمرحلة 
وسيطة من التعرفة على التجارة العالمية. وعليه فإن القضية تكمن في إعادة 
«التعرفة» على تدفقات رأس المال» وبخاصة التدفقات قصيرة الأجل. ويعمل 
النظام العالمي في الوقت الحاضر بطريقة تعضيد تنقلات رأس المال قصيرة 
الأجل ومعاقبة رأس المال طويل الأجل. هذا هو في الواقع ما تؤول إليه معايير 
بنك التسويات العالمي. ثانيا. إن مشاريع الإنقاذ التي طرحها صندوق النقدالدولي 
استجابة للأزمة؛ أثبتت أنها مهلكة: نظرا لأنها كفلت الأرصدة قصيرة الأجل 
كفالة تامة. بهذا القدر أو ذاك؛ بينما فرضت كل تدابير التكيف على رأس المال 
طويل الأجل وعلى الاقتصاد الفعلي. إن الآليات المقترحة لإعادة فرض التعرفة 
على القروض قصيرة الأجل تتضمن فرض ضريبة صغيرة على تنقلات رأس المال 
قصير الأجل (ما يعرف ب «ضريبة توبن» ةا هأط160) وفرض شروط احتياطية 
غير ربحية على تدفقات رأس المال قصير الأجل (كما في تشيلي). علاوة على 
افتراح سوروش بإنشاء شركة تأمين قروض عامية تكفل القروض العالمية إلى 
البلدان لقاء أجر زهيد (راجع الفصل الخامس). وهكذاء فإن أزمة ١5948‏ المالية 
أماطت اللثام عن الحاجة إلى استجابات سريعة أفضل ل «مكافحة الحرائق» 
الناشئّة في نظام التحكم العالمي: وإلى إصلاح نظام الضبط لفرض مقاربة 
«أرصن» لموضوع الرقابة على الأسواق المالية. ولسوف نتناول بالتفصيل مقترح 
«ضريبة توبن» وغير ذلك من الاستجابات في السياسة. 

وتمخضت عملية إشراف بنك التسويات العالمي عن نتيجة إيجابية هي أن 
الطابع «اللارسمي» في صنع القرار داخل هذا النظام . يؤدي عمليا إلى 
التشديد على المشاركة النشطة للأطراف المتأثرة. وإن نجاح العملية غير 
الرسمية لصنع القرار ينقضء من نواح عدة. فكرة استبدالها بإنشاء هيئة 
رسمية جديدة متعددة القومية تتولى الضبط والإشراف على كامل نشاط 
سوق رأس المال تحت سقف واحدء مثل «سلطة الإشراف على أسواق رأس 
المال» التي اقترحها بيرجشتن («عادع,ء8, 15914ء ص .)51١‏ إن النظام الحالي 
للتعاون القومي القائم على مبدأ الضبط من بلد المنشأ وطيد الموقع بالنسبة 
للإشراف على الأعمال المصرفية., إلا أنه لا يزال جنينيا بالنسبة لأسواق 
الأسهم المتنوعة. والمسألة هنا تكمن في تعزيز هاتين المبادرتين بدل تقويضهما 
بإنشاء هيئة أخرىء. متعددة القومية من القمة إلى القاعدة. 


ما العولمة 


يغلينة: تبت لذيعا اسواق خانية كني من إلى اقواظو ايل للزينا نظم 
متطورة لإدارة الصفقات المالية العالمية إدارة تفصيلية. ولم يثبت أن الحكومات 
القومية عاجزة كليا إزاء «العولمة» الطاغية لشؤون المال العالمية. فقد تكاتفت 
هذه الحكومات بطرق عدة لتنظيم الإشراف على الوضع الجديد . غير أن هذا 
الإشراف على الاقتصاد العالمي الموجه من السوق لايزال محدودا. فالضبط لا 
بسفى إلى تعديّل السع الذي تحدذه الأسواق: ا و:تعديل" اتحاة تدففات راس 
المال. كما أن أسواق العملات متروكة لكي تعمل دون عائق على وجه العموم؛ 
والتبار السحرف متشروكدة يكن تج :«استكويات امتكمرا رها ء وسكدا يمن 
لتدفقات كبيرة من رأس المال المضارب قصير الأجل أن تنزل الفوضى 
بالتسجانياك الرانتفة كلاذارة الاقتصباوية القوسية: ولس ذمة محال انرظن 
عن النفس بصدد النظام الحالي؛ بل هناك؛ بالأحرى. حاجة ماسة إلى تقوية 
أجهزة الإشراف القائمة, والبدء بالمهمة الشاقة لإعادة توجيه التدفقات المالية 
في مسارات أكثر حصافة وقدرة على الاستمرار. لقد كانت الأزمة المالية العام 
67 أكثر من مجرد «تصحيح» بسيط وضروري لنظام يعملء لولا ذلك. 
بكفاءة. فقد بينت الآزمة الجوهر اللاعقلاني لنشاط المضاربة؛ والطبيعة 
التدميرية؛ الخطرة التي ينطوي عليهاء بالقوة, السوق الحر حرية كاملة في 
الشؤون المالية العالمية. 

إن منظمات الإشراف الحالية تغفل في الوقت الحاضر سبل كبح 
النشاط الطليق لعمليات السوق هذه.'ومن المفيد فى هذا الشأآن تطوير 
حزم معنذلات صدرف «مقبولة» د تثماشى مع فيظ ا والاس الافتصيافية: 
الذي حدده ويليامسون 6ملا1 - 1111872502//ا - على أن يسمح للعملات بآن 
تتذبذب ضمنها (آتكنسون وكيلي لالاعكا عه مووم لاه 15954 ص ”77, 
هولتام 11014815 .)١544‏ وينبغي أن تكون حزم معدلات الصرف هذه 
واسعة على آي حال: فهي تعمل بوصفها «مؤشرات» على الأسس 
الاقتصادية التي يمكن ادامتها بأمل أن تساعد هذه المؤشرات على صياغة 
الوفعات وتوجيه إحساس السوق إلى نوايا السلطات: فتمزز بذلك الصدفية 
والاتساق في رسم السياسة وردة فعل السوق عليها في آن معا. وإن الدفاع 
المستميت عن الحزم الضيقة لآسعار الصرفء آو نظم تثييت سعر الصرف, 
في كل الظروفء قد أثبت عقمه وطابعه المدمر في الممارسة. غير أن إيجاد 


قضايا التحكم الاقتصادي 


نظام حزمة واسعة لآسعار الصرف أفضل بكثير من التعويم التام من حيث 
دونجة الدقين والاستفرار التاجين ون حظلاك الحترمة الواسعة ابعر هلق 
البلوع قن نظام امتعار الصوفشيه الخايقة كا آنه اقل .تزوعا إلى إذفاء 
المضاربة في فترات الأزمة أو الفترات الانتقالية (كما حصل مع النظام 
التقدي الأورويي الطلايع: العكهه على ديل استعار صرف كايتف». ويمكن 
اعتبار ذلك بمنزلة استراتيجية جديدة للتحكم في الأسواقء بموازاة قيام 
الدول ذات المراكز المالية الكبرى بإدخال ضريبة على المتاجرة قصيرة 
الأجل (المضاربة) بالعملات الأجنبية. مما يقلص المكاسب المحتملة من 
الاقتصار على التخصص في إعادة تدوير النقد. 

وكما أشار توبن (1978: 1544؛ وكذلك آيخنجرين وتوين وفيبلوز 
2 تع دلطه! ,«ععمعمعطءاظ. ,١4590‏ انظر كذلك جريف سميث 02166 
طاتنصة. ,١15517‏ وانظر: أريستس وسوير 588/166 2 4165115 )١15917‏ فإن فرض 
ضريبة صغيرة على صفقات شراء وبيع العمملات الأجنبية يمكن أن «يلقي 
بعض الرمال في عجلات النشاطات المالية العالمية» من دون أن يمنع 
بالضرزورة الأستثماز.طويل الآجل أو يْصد فى الواقم نشناظ المضارية : غير أن 
هناك ارتيابا في مدى فاعلية هذا الإجراء من دون استكماله بتقييدات أخرى 
تفرض على عناصر رئيسية مهينة من النظام المالي العالمي (دافيدسون 
.)١99/ 20‏ فالمشكلة أن «الخزان المالي» الذي يحرك ويكشف من 
الرساميل ما يفوق ماثتين أو ثلاثمائة مرة الرأسمال الأصلي لأي مؤسسة, 
يبلغ من الضخامة ميلغا يجعل من فرض هذه الضريبة الضغيرة عقبة ضثيلة 
#صحها حم" المضارية اكتساجا عارها يكل سهولة هي اللحظة التى يمترضن 
نه أناتفدع الأوضاء الحمومة وتعمدها,وبالطيع يمكن لهده الصريننة أن 
تعمل بفاعلية تامة كإيراد ضريبي مولد لآداة؛ بدل أن تمنع المضارية؛ لكن ذلك 
سحكبر صمو | خبرى تعلق بالحية التى جعي أن نظف الإجراد وفيل 
اسستخدامها له 1 

وكما اشار هولتام .١95965(‏ ص 64" 550) وكيتن (معمعكا1. ص )١85‏ 
هناك تخويل بشيء من المضاربة "المديرة' رسميا لآن بوسع ذلك أن يعمل 
حقنا على تقليص المخاطرء واستقرار العملات. وتقليل التقلبات. إن الهدف 
هذا هو منع نشناظ المضارية لآجل الكتازية ذافها؛ وعلن حين أن «الناظق 


ما العولمة" 


النتهيذفة هد كون تاشفة بالتكاهز مع ضريية توين+ إن هناك مسرورة 
إلى كباس الشرى من انكل عبول هامر "المضنارية الغالية” الخالضية هن 
التعامل بالعملة الاجنبية. ومن سبل معالجة ذلك أن تعمد السلطات 
القومية الى وضع حدود فانونية على عدد المؤؤسسات المالية التي يسمح لها 
بالانخراط في مثل هذاالنشاط؛ حتى تسهل أمور الرقابة على عدد صغير 
م الاطرات الفاعلة. كما اق اختصضباء المتاجرة بالأشهه 'التفرعة لأظاد 
مؤسساتي منظم . كأن يكون ذلك يبحصر هذا النشاط بال مؤوسسات 
المبرضة الحاهحة للضوابط بيصي طيقة جديذة متمولة الى طيفاك 
إنسرافيجية الشحكم. وإن ضحاديق اللخاجره بالأستهم التفرغة والفملاك من 
الأمثلة على ذلك. فعلى حين أن هذه الصناديق تعمل بوصفها وسيطا 
أساسياء أي نوعا من بوليصة تأمين من التقلبات؛ فإن نشاطها مفيد وسليم 
من الوجهة الاقتصادية. ولم تبدأ المشاكل حقا إلا عندما أخذت هذه 
الصناديق: على سبيل المثال؛ توسع نطاق أعمالهاء وتعمل لحسايها 
الخاص. وقد أثر ذلك تأثيرا كبيرا في استقرار هذه الصناديق حين 
اتسعت أبعاد التقلبات (بحصول تحولات أكثر من المتوقع في تقلبات سعر 
الصرف ومعدل الفائدة) كما أثرت تأثيرا كبيرا في اقتصادات العملات 
التي كانت تضارب بها. 
ويثير هذا الأمرء علاوة على ذلك. قضية أخرى وثيقة الارتباط؛ وهي 
كيفية منع «استشراء» التأثيرات من سوق إلى آخر. ذلك أن تزايد الاعتماد 
المتبادل في النظام المالي يمكن أن يعني الانتشار «الجانبي» السريع للمشاكل 
من حلبة مالية إلى أخرى. كما هي الحال مع العلاقة بين أسواق العملة 
الأجنبية وأسواق الأسهم المتنوعة. كما يمكن أن يعني زيادة زخم الذعر 
والأزمات. وإن الرد هنا ينبغي أن يتمثل في اتباع سياسة إقامة «ستار واق» 
بين مختلف الميادين لأجل «تطويق» النيران ومنعها من الاستشراء. وفرض أو 
توسيع «المنع» أو قطع نشاط المتاجرة ابتغاء توفير فترات من اجل «التهدكة». 

يمكن لهذه الإجراءات أن تقطع شوطا معينا ل«تهدثئة المقمرة» (محل 
القمار). غير أن تنفيذ هذه الإجراءات لا يخلو من مصاعب تقنية جادة (آكيوز 
وكورنفورد 00:210:0© يد 2ناتزكاف 1556؛ جارير وتايلور ع123:10 © رعطنة0: 
0 ولسوف يتطلب اتفاق العشرين الكبار على الاقل (أو لريما 


قضايا التحكم الاقتصادي 


الثلاث الكبار بالنسبة لبعض الإجراءات). ويصعب تصور حصول ذلك في 
المستقبل القريبء لكنه ليس محالا على المدى البعيد. فخبراء النقد العالمي 
وأصحاب المصارف العالمية شرعوا يتحدثون عن وجوب تعاون محدودء متعدد 
الاطراف لإدارة شؤون النقد تحت شعار إبرام اتفاقية "بريتون وودز جديدة”". 
إن استخدام لغة بريتون وودز يكشف عن رغبة في استعادة وظائف وأهداف 
كك سات العالية لكحل وو تكو الها والععالة الكائدة لاهن زهنة 
في استعادة الآليات الخاصة التي انشئت لهذه الاغراض في عز ايام نظام 
بريتون وودز. إن استعادة النظام السابق ليست بالخيار أصلا؛ اذ لا يوجد أي 
افق في بروز مسيطر جديد يتولى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة من عام 
04 حتى عام 1977, كما لا يوجد أي نظير لمبدأ التحويل التام للعملة. فهذه 
القضايا من حيث الجوهرء ليست قضايا «تقنية» بل «سياسية» . وهي تتطلب 
إرادة سياسية من جانب قادة الأمم الكبرى. ولسوف نبحث ذلك بحثا مفصلا 
في الفصل الأخير. 


التحكم بالتجارة 

تحتل التجارة المرتبة الثانية في ميدان الاقتصاد العالمي» من بعد أسواق 
ألآل'العحرى وق فى مدان التجارة هذا لاع صتوط كدي القاسق 
وهو راسخ في موقعه منذ حين» وليس في النية هنا وصف مسار تطور هذا 
النظام بالتتفصيل. فهو معروف تماما. لكن هناك عددا من القضايا 
المطروحة في اطار معاهدة الجات '68717. الجديرة بالمعاينة المستقلة في 
هذا القسم. ْ 

اولا: أن مبدأ الاطراف المتعددة (2115:0,ء)10012نام)» الليبرالي التقليدي, 
الذي ساد فى الطور الاول من معاهدة الجات. تعرض بعد عام ١516‏ 
تشفط مقام م تصدريق: المعدى الأول شنط باتجاء الانقال الى هيبدا 
الثنائية (صدذألهرعغ112) في شكل مجموعة من المفاوضات والاتفاقات بين 
أزواج أو مجموعات صغيرة من البلدان: تجري خارج الاطار الرسعي 
التعددي المتبادل لمعاهدة الجات, أما المصدر الثاني للتوتر فقد برز اثر 
انشاء الكتل التجارية الاقليمية. وبخاصة تطور آليات تسوية الخلافات فوق 
القومية. فضي عقدي الثمانينيات والتسعينيات بين الاتحاد الأوروبي 

















ما العولمة 


ومجموعة نافتا 841514 واليابان. أن هذين الميلين كليهما يؤلفان ما آسماه 
المؤلفان ياريروه وياربروه (2152008لآ 220 طأعناه::ة لا :)١15957‏ الانتقال 
نحو الاطراف التعددية المصغرة (12]6:211552 أمنتم). وعلى حين أن التعددية 
المصغرة لا تتمسك بحجر الزاوية المفضل عند الجات. آي مبدا اللاتمييز 
وموقع «الأمة الاكثر تفمضيلا». فإنها لا تتخلى؛ بالضرورة عن ميدأ 
«الانفتاح» في العلاقات التجارية. وهكذا فإن من الممكن تماما أن يكون 
لدينا نظام تجاري ليبرالي. مفتوح: مدعوم على نطاق واسع. من دون أن 
يكون النظام فقائما على مبادىء الاطراف المتعددة. 

ومايزال يتعين حل التوترات الناشبة بين أطر الآطراف المتهددة. والثنائية 
والتعودية المصدرة! فى الكجارة العالية دوعلى اف لفان طريقة عمل 
(نلمقهعمه 20:5 ) التجارة العالمية فد قننت رسميا بفضل التطور الثاني المهم 
الذي ندرسه هناء وهو اختتام مفاوضات دورة أوروغواي لمعاهدة الجات 
0477 العام 1994: وتأسيس منظمة التجارة العالمية (1870) عامي 1994 . 
564 "''. والنقطة التي يتعين علينا أن نؤكدها هنا بصدد هذه المفاوضات. 
انها اسفرت عن إحياء نسبي لحظوظ مبدا الأطراف المتعددة الذي جرت 
المبادرة إليه في ختام هذه الجولة. لكن قوى الثنائية والتعددية المصغرة لاتزال 
مكينة وراسخة في النظام العالمي. وهو ما تجلى بوضوح في طريقة اختتام 
المفاوضاتء. والصعوبات التي اعترضت عملية المصادقة على الاتفاق: ويمكن 
لهذه القوى أن تستعيد مواقعها بسرعة تماما. لقد كانت الصفقة التي أبرمتها 
الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الآوروبي حول القضايا الزراعية هي المفتاح 
لاختتام المفاوضات بصورة موفقة؛ لكن هذه القضايا لم تحل بعد حلا نهائيا. 
وتواصل الأطراف الثلاثة الفاعلة تقديم الدعم الحكومي للزراعة بطريقة أو 
بأخرى, مما يفاقم التوترات فيما بينها عند بحث هذه القضايا. بل إن ذلك 
يشير ارتيابات الأطراف الصغيرة إزاء الضغوط التى تمارس عليها بصدد 
قضايا التجارة الزراعية. ا 

في غضون ذلك أنشئت منظمة التجارة العالمية خلال العام ١194‏ لكي 
تباشر العمل في وقت ما من العام 15460: استباقا للتصديق الختامي على 
المعاهدة. وجاء القانون الختامي اعذ [10 156 ليؤسس منظمة التجارة 
العالمية بوصفها مؤسسة كاملة للتحكم العالمي. تحظى باعتراف القانون 


قضايا التحكم الاقتصادي 


الدولي (سكرتارية الجات ”159١؛‏ جاكسون «1201502, .)١19914‏ وتجمع 
منظمة التجارة العالمية كل الاتفاقات والبنود. والقوانين والمقرات 
والمعاهدات, المتنوعة والملتبسة احياناء التي غطت كامل صيرورة الجات بعد 
العام 1440؛ وتطغى عليها في إطار اتفاقية واحدة موحدة. وتندرج في 
منظمة التجارة العالميةء في الوقت نفسه. كل اتفاقات وينود دورة 
أوروغواي: فقد أضحت كل هذه الاتفاقات والبنود ملزمة لكل أعضاء 
منظمة التجارة العالمية. فهي تفرض عليهم تعهدات قانئونية لازمة. أسفر 
ذلك عن ادارة بيروقراطية ل«قواعد السلوك» الملزمة في تولي التجارة 
العالمية. وإنشاء آلية انسيابية موسعة لحل الخلافات. وإقامة إطار موحد 
لعقد جولات المفاوضات المقبلة. ورغم أن هذه المنظمة عالمية؛ فإن بنيتها 
"تمثيلية"' من حيث الجوهر: فالأعضاء يتخذون القرارات بوصفهم ممثلين 
لحكوماتهم. ويعتمد صنع القرار أشكالا مختلفة من تصويت الأغلبية (مع 
وجود عدد من «فقرات تسمح بالتهرب»). وهكذاء فإن هذا الإطار لا يهدد 
«السيادة القومية» أكثر من إجراءات الجات القديمة. 

إن اختتام دورة الأوروغواي يترك من المشاكل العالقة قدر ما يحل من 
مشاكل في مجال ضبط التجارة العالمية. وهناك أربع مشاكل ملحة عالقة 
تتصل بالزراعة؛ ومعايير البيئة. ومعايير العمل وحماية مصالح العالم الثالث. 
وإن هذه المشاكلء؛ بدورهاء تمس مستقبل السجال حول مستقبل الحمائية 
بإزاء التجارة الحرة. أن هذه المشاكل الأربع مترابطة. من نواح عدة. من خلال 
المشكلات التي تواجه بعض الاقتصادات الاقل تطورا بازاء دورة الأوروغواي. 
وستظل هناك اعتراضات مشروعة على قيام شركات البلدان المتقدمة 
بالاستيلاء على انتاج هندسة الجينات من التجارب الزراعية. وتظل هناك 
إمكان قائمة لتشويه الانتاج الزراعي للعالم الثالث بدفعه في اتجاه الطلبات 
ذات المعايير الموحدة لسوق العالم الاول. وهناك حاجة للنظر المدقق في 
امكانية استمرار نظام زراعي قابل للإدامة بيئيا في ظل تنامي ضغوط 
التكامل التجاري. زد على هذا أن دورة الأوروغواي لم تحل مسألة استمرار 
الدعم الحكومي للانتاج الزراعي في العالم الأول حلا مناسباء وأن نظام 
الدعم الحكومي هذا لا تزال سمة ملازمة لكل اطراف مجموعة الثلاثة 
الكبارء بهذا القدر أو ذاك. 




















ما العولمة 


يمكن اعتبار قضية ديمومة التطور الزراعي في ظل نظام ما بعد الجات 
الجديد جزءا من قضية أكبرهي قضية التحكم الكوني في البيئة: ومن شأن 
دورة الأوروغوايء التي عززت لبرلة التجارة على أساس مبداً اللاتمييز ومبدأ 
المعاملة بالمثل؛ أن تمعن في زيادة الصعوبة التي تواجهها بلدان معينة في 
الالتزام بمعايير متشددة ومختلفة. ويمكن في ظل قواعد المعاملة التجارية 
المنصفة وغير التمييزية» أن تتنامى الضغوط لتخفيف معايير البيئة أو الغائها 
برمتها (لانج وهاينز 65هذ11 :» 28هآ. .)١1947‏ على حين أن المعايير المتشددة قد 
تزيد تكلفة السلع والخدمات النابعة من بلد منفرد. فانها قد تصلب نظام 
المعايير بمجمله. مانعة محاباة الواردات من تلك البلدان التي تنتقص المعايير 
وتخفض التكاليف. لقد تعرضت القواعد البيئية لمنظمة التجارة العالمية إلى 
هجوم كبير بهذا الشأن؛ من جانب جماعات المصالح البيثئية في الولايات 
الملتتحدة خصوصا (برغم أن الكثير من النقد وجّه أيضا إلى اتفاقية نافتا 
4 مع المكسيك). وينبغي أن نتذكر على أي حال أن العديد من بلدان 
العالم الثالث عارضت في نقاشاتها فرض امعايير العالية أو الابقاء عليهاء من 
منطلق خشيتها من أنها ستعجز عن المنافسة في حالة إلزامها بهذه المعايير 
(اندرسون 4206508 1491١؛‏ كروجر 6ععناكا, .)١19914‏ وهكذا فإن خفض 
معايير العمل ومعابير البيئة إلى الحد الادنى يرجع إلى مقاومة حكومات العالم 
الثالث بقدر ما يرجع إلى معارضة الشركات متعددة القوميات. وإن السبيل إلى 
فك هذا التشابك بين الاثنين على المدى البعيد يكمن في اعادة التوزيع 
الحقيقية للموارد الكونية حتى يصار إلى معالجة مخاوف العالم الثالث 
من أن هذه المعايير لا تزيد عن مسعى من العالم الصناعي لتحقيق 
أفضلية في المنافسة. ١‏ 

لقد أذكت هذه المآزق من جديد دعوات الحمائية ومناوأة التجارة الحرة 
بصيغ جديدة (لانج وهاينز 1997؛ نادر وآخرون 1994 21 غه 206ل؛ 
جولدسميث د15 .)١15155‏ إن هذه الدعوات تنطوي على مخاوف 
مشروعة؛ تشمل كل الطيف السياسيء جهة اليسار وجهة اليمين. ولا يجوز 
إغفال هذه المخاوف. غير أن تعميم قيود التجارة لا يشكل حلا. حتى لو 
فرضت باسم «حمائية جديدة». فازدهار الاقتصاد العالمي ونموه يرجحان 
أكشر بوجود نظام تجارة ليبرالي: واسع ومفتوح. وإن معالجة المخاوف 


قضايا التحكم الاقتصادي 


البيئية بتخصيص موارد معينة من اقتصاد عالمي متنام ومزدهر خير من 
نعالجتها بوجود اقتصاد غاكي"راكد: يشكل خطرا حقيقيا أن سف رهن 
انتتشار الحمائية على نطاق واسع. إن الدروس المستقاة من عقد 
الثلاثينيات تفيد أن انتشار الحمائية لم يساعد على منع الشفاء من 
الكساد الكبير فحسب. بل أدى إلى تفاقم التنافس التناحري المدمر ذاتيا 
بين الدول. وما هذا بسيناريو مشجع بأي حال لحماية البيئة أو لإسعاف 
الاقتصادات الأفقر والأضعف. 

إن القضايا الزراعية المذكورة اعلاه لن تعالج علاجا أفضلء بالضرورة: 
في ظل الحمائية أصلا. فهناك حاجة إلى مفاوضات جديدة: متعقلة. حول 
شروط التجارةء بدل التخلي عنها باسم الاكتفاء الذاتي (الاوتاركية) 
المحلي.إن حماية قطاعات معينة خلال فترات زمنية محددة قد يكون 
مبررا في أحيان. فضرره أخف بالنسبة لاقتصادات مفردة في عالم تتولى 
الكتل التجارية فيه مسؤولية مثل هذه القرارات بعد نمو العلائق فيما 
بينها. ولكن وجود نظام تجارة ليبرالي ومفتوح على قدر ما يمكن, 
هو الوضع الأمثل. وهو وضع لا تزال ممكنا برغم أن إحياء نظام 
الأظراف المتعددة بانشاء منظمة التجارة العالمية قد سد الطريق على 
بعض الخيارات. 

ولا تزال المفاوضات التعددية المصغرة ممكنة أيضا على أي حال (واذا 
ما سمحت الظروف. فان بمقدور الدول القومية أن تجعل هذه المفاوضات 
ممكنة بتجاوز نظام الأطراف المتعددة الصارم لمنظمة التجارة العالمية). إن 
صيغة التعددية المصغرة قد ترسي قاعدة أفضل لمعالجة بعض المشكلات 
المشار إليهاأعلاه ر(مثل قضية الدعم الحكومي للزراعة. حيث 
يمكن للمفاوضات المقصورة على بلدان الكتل الثلاث الكبار (63): 
وهي الاطراف الرئيسية التي تدعم الزراعة حكومياء أن تسفر عن 
نتائج ايجابية). إن الأشكال الثلاثية والثنائية من مفاوضات 
الاقتتصادد المفتوح قدمت رافعات جبارة لتوسيع ليبرالية التجارة في 
الماضي (أوي عنز0: 1954, ص .)١1١- 1١035‏ 

أخيراء لابد لنا في هذا القسم من إطلاق التحذير دفعا لأي التبياس 
بصدد الكثير مما تقدم. إن طريقة طرح القضية يتفق مع الفكرة التقليدية 


ما العولمة' 


القائلة بأن التجارة العالمية تجري «على المكشوف». إن جاز القولء بين دول 
قومية. ولكن سبق أن اشرنا في الفصل الثالث إلى أن زهاء ثلث التجارة 
العالمية يجري فعليا داخل نطاق الشركات متعددة القوميات. نعني أنها 
ضمن هذه الشركات. وتثير هذه الحال مجموعة جديدة من القضايا التي 
تتعلق بالضبط العام للأعمال العالمية» كما تتعلق بالتجارة العالمية نفسها. 
وعلى أي حال فإن القضايا المبحوثة هنا في هذه الفقرة الفرعية لن تنهار 
بفعل هذه الملاحظة. ذلك انها تحتفظ بأهميتها حتى في ظل بيئة تتولى 
فيها الشركات التجارة داخليا. فالإطار الجديد يثير قضايا من قبيل 
«التسعيرة الإسمية داخل الشركة». ومواثيق المحاسبة العالمية. وإجراءات 
الإعلان عن الضريبة والريح. ومن الأفضل معالجة هذه القضايا في بيئة 
تفاوض متعدد الأطراف. مثل إطار «الاتفاقية العامة للاعمال العالمية» 
الذي سنبحثه في الفقرة القادمة. 

ويشثير ذلك. بحد ذاته» قضية مهمة أخرى في إطار التحكم العالمي 
المؤقت. وهي تنامي القلق من انتشار النشاط العالمي لتحديد المعايير. 
وبالطبع فإن هذا النشاط سمة مميزة للتنظيم الوطيد للإدارة فوق 
القومية. من خلال هيئات مثل البنك الدولي: صندوق النقد الدولي. 
منظمة التجارة العالمية. وتضع هذه الهيئات أصلاء العديد من المعايير 
لإجراء التجارة. والاستثمار والإقراض الرسمي. غير اننا نرى إلى جانب 
ذلك نمو ما يعرف بالأنماط غير الرسمية لتحديد معاييرء برغم أنه لا 
يوجد اعتراف واضح بهذه الصفة غير الرسمية لتحديد المعايير. وهكذا 
نجد أن معايير المحاسبة والمعايير القانونية في حقل الشؤون التجارية باتت 
تقنن عالميا وفق الممارسات الأنجلو . أمريكية. وأن التزام الشركات 
الطوعي بمثل هذه المعايير أو التزامها بممارسات التحكم التجاري المستقل؛ 
غالبا ما يُطرح شرطا لحصولها على العقودء أو مطلبا لحصولها على 
القروض العالمية. 

وهناك. علاوة على ذلك. التطور الرسمي للمعايير النوعية في نشاط 
الإنشاع الذي تصبكة متطية المنابسن السالية 150 وجيت عواية 401 
6٠٠١(‏ ووءهمءم).: أو معايير البيئة بموجب عملية ١٠٠٠١‏ للمنظمة نفسها 
(انظر: كلاب مم012. .)١1594‏ ولكن من ذا الذي يعرف أين تقع منظمة 


قضايا التحكم الاقتصادي 


اكعاركرةالعاكية 150 اهرك عسن شرف من ذا الذى يعن متوظفيياة كه 
شاف :ما مثاز نعرف ناشع الوكالات الحاصة لتعر. جدارة الإقراض: مثل 
ستاندرد أندبور :200 #2 5]8008:0: أو موديز 840005 التي لا تقتصر في 
تخدية عازه الاسهزاسن عم الكت ركاف وهدها نان تتعداهنا' إلى التلدان 
أيضاء وهذا مثال كلاسيكي على امتلاك السلطة من دون تبعات المسؤولية. 
وعلى حين أن مثل هذا النشاط ليس جديدا! بأي حال (فالمؤسسات المالية 
البريطانية حددت جدارة الائتتمان في أوااخر القرن التاسع عشر وبداية 
القرن العشرين: واحتكرت النرويج والمملكة المتحدة تحديد معايير 
التصنيف البحريء أما إدارة الطيران الفيدرالية في الولايات المتحدة 
كتامت بالهيسة نتنتهنا فى مجال التقل الجوي الغاني خلال معد 
النيكيتيات) يحيث: لا يمكق اسمحزامه وسيلة للعرل يان «العولة»اشطلية 
جديدة. فإنه مع ذلك يمنح سلطة هائلة للمنظمات التي تمارس هذا النوع 
من النشاط. الواقع أن ممارسات تحديد المعايير هي جزء جوهري من 
نظام التجارة العالمي: وهي موجودة لتسهيل التجارة والاستثمار العالميين, 
مع ذلك هإنها تقر أيضنا مضير الغاعلين الاقتصاديين يبطريقة تمت سلطة 
سياسية فعلية. وتلفت سترينج (ء5::808: )١1597‏ الأنظار إلى هذه 
الممارسات. فتعتبرها أهم جانب في العولمة والتدويل (وهي تعتقد أن 
تحديد المعايير. بنظرهاء أهم من التجارة عبر الحدود)؛ جانب لا يظهر في 
الإحصائيات الرسمية العالمية. لا مراء في أن هذه العمليات مهمة: لكنها 
تنسجم مع اقتصاد يضرب جدوره في أرض قومية متميزة, لا في اقتصاد 
يتمحور حول فوى سوق فوق فومية. 

والسؤال الذي يثور هنا هو: ما هذه المنظمات على وجه الدقة؟ هل هي 
عامة أم خاصة؟ لعل خير سبيل لوصفها هو أنها منظمات تدعي لنفسها 
وتمارسن صلطة عامة ( حكرميه): في حرق انها ليها خاضة بالكامل ولا 
عنامة بالكامل أنه قدال تولة مجحملف] من الة نات كيه الخاصة ركه 
العامة وهي جزء من التفير في التظام العالمي الذي أشرنا إليه آنفا. انها 
كو من متظومنة التقهم التاشعة عديدا؛ ومن يسناحة إلى "اناف اكز 
من الناسكين: وإ سراف اكنس سن التمزطاتك العادة التعلدوية المسؤوليث 


في الدولة. 


ما العولمة" 


ضبط الاستثمار الأجنبي المباشر 
وضبط هجرة العمال 

تمكن معاينة الإدارة العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر من زاوية ثلاث 
مقاربات ممكنة للتحكم. وهي: (أ) تطوير مقاربة متعددة الاطراف أو متعددة 
القومية. عبر مؤسسات موازية لتشكيلة الجات ‏ منظمة التجارة العالمية ‏ أي 
«اتفاقية عامة حول الاستثمار العالمي»» أو كجزء من اتفاقية عامة عن الأعمال 
الدولية؛ أو (ب) التوجه عبر مسارات محددة وظيفيا للتفاوض على جوانب 
معينة من الاستثمار العالمي المباشر في إطار منابر منفصلة: أو أخيرا (ج) 
' التوجه إلى خيار الأطراف المتعددة المصغرة في التساوم الثنائي أو الشلاثي 
(63) (راجع الفصل الثالث). 

إن هذا المجال أمس الحاجة إلى تقوية نظام السياسة الحكومية العالمية, 
في ضوء النمو الهائل للاستثمارات الأجنبية المباشرة وازدياد أهميتها 
الإستراتيجية في المستقبل لصوغ الاقتصاد العالمي. لقد توخى الكثير من 
التحركات السياسية الاخيرة في هذا الميدان زيادة حرية الوصول للسوق 
والإمعان في ليبرالية تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وبخاصة 
الاستثمار في قطاع الخدمات (مثل اتفاقية الخدمات المالية لمنظمة التجارة 
العالمية للعام .)١451/‏ ومن بين الاحتمالات الممكنة هناك احتمال أن تعمد 
الدول الكبرى إلى دفع هذا الاتجاه شوطا أبعد بسياسة حكومية صريحة,. 
فتوسع نطاق ليبرالية الاستثمار الأجنبي المباشر وتقدم له الغطاء. وهذا 
يعني التوسيع المطرد لمبادرات عشوائية بالأساسء تطور الترقيعات الحالية 
من الاتفافيات الثنائية والثلاثية» من جانب؛ وتعلق كل ما تبقى من القضايا 
متعددة الأطراف على إطار منظمة التجارة العالمية. من جانب آخر (جوليوس 
5 انال ١1554‏ ). إن كل الذين يرون بروز مشكلة انعدام الاتساق في ضبط 
الاستثمار الأجنبي المباشرء وكل الذين يشعرون بالقلق من التغطية الجزئية 
ويرون وجود حاجة ماسة إلى تنسيق أعمق في قضايا الاستثمار الأجنبي 
المباشر لا مجرد توسيع الليبرالية. يدعون الى خيار الاطراف المتعددة, 
وتطوير بنية مؤسساتية جديدة (بيرجشتن «عاوع:ء8, .)١91914‏ وهذا بالضيط 
ما يحويه اقتراح منظمة دول التعاون والتنمية الاقتصادية 0802 بعقد 


قضايا التحكم الاقتصادي 


«الاتفاقية متعددة الأطراف للاستثمار». وماتزال هذه المبادرة معطلة في 
الوقت الحاضر ‏ فقد واجهت معارضة شديدة من جانب المنظمات غير 
الحكومية الداعية إلى التتمية. وكذلك من بعض الحكومات (مثل الحكومة 
الفرنسية التي أعلنت أنها لن توقع على اتفاقية كهذه). لأنها سوف تلغي 
السيطرة الحكومية عمليا على بنود وشروط الاستثمار الأجنبي المباشر 
الداخل. وهي تأمل أن تكون هذه المبادرة قد «ماتت غرقا» حتى المستقبل 
المنظور. لقد جاءت الدعوة إليها من أوساط التكنوقراطيين الاقتصاديين 
الليبراليين؛ الذين مضوا في المبادرة حتى عندما كانت الأزمة الاقتصادية 
الراهنة تهز أركان عقائدهم. والخطر هنا هو تعذر القضاء فعليا على مثل 
هذه الأفكار في هيئات مثل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 08601؛ 
ولعل مشروع «الاتفاقية متعددة الأطراف للاستثمار» قد فشلء لكن المنظمة 
ستمنع البدائل المتماسكة ذات الأهداف المغايرة. 

ولا يوجد بين هذه المقاربات أية مقاربة ترى المشكلة باعتبارها مشكلة 
إعادة توجيه تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لا لكي تمضي صوب البلدان 
المحرومة من حيث التدفقات ومقاديرها فحسب. بل لكي تمضي أيضا إلى 
الاستثمار في قطاعات اقتصادية معينة محرومة من هذه الأموال. ويمكن لمثل 
هذا النظام أن يتضمن رسوما متواضعة (0, ٠‏ مثلا) تفرض على تدفقات 
الاستثمار الأجنبي المباشر بين بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 
082 أو بينها وبين أكبر عشرة اقتصادات نامية؛ ممن تتلقى الاستثمار 
الأجنبي المباشر؛ ويمكن استخدام عائدات هذه الرسوم لإنشاء صندوق 
استثمار في تلك البلدان التي يتجاهلها نشاط الشركات المتعددة القومية عند 
الاستثمار. ويمكن إيجحاد منظمة جديدة تتولى إدارة هذا الصندوقء. لتكون 
بديلا عن البنك الدولى ومنافسا له. وسوف يستخدم هذا الصندوق لدعم 
وتعظيم استثمار الشركات الغريية في أفقر البلدان النامية. فتقديم 0٠‏ من 
الاستثمار دعما من هذا الصندوق مقابل قيام الشركات بتعبئة “0٠‏ تجارياء 
قد يقنع الشركات بأخد المشاريع التي تعتبرها بخلاف ذلك. محفوفة 
بالمجازفة في أفقر البلدان. 

اقتصر نقاشنا عن ضبط الاستثمار الأجنبي المباشرء حتى الآن؛ على 
إمكان حصول تدابير تعاون عالمية. وتركنا جانبا المبادرات السياسية التي 


ما العولمة" 


يمكن أن تتخن على الصعيد المحلي الخالص. هناك شعور عام وسط 
الراديكاليين السياسيين ووسط غلاة منظّري العولة بتعذر أي اجراء على 
هذا الصعيد. فاليسار بخاصة يرى أن الشركات متعددة القومية يمنزلة 
ضواري جامحة لا قبل لأي حكومة معينة بالسيطرة عليها. ولكنء كما رأينا 
في الفصل الثالث: إن هذا الموقف متشائم تشاؤما لا ضرورة له؛ وهو 
بمنزلة نزع سياسي للسلاح, ولابد من الاعتراض عليه. أن جل النشاط 
التجاري للشركات العالمية ينحصر تحديدا ببلد منشئها (أو منطقة المنشأ). 
وهناك إمكان متواضع ولكن واقعي بتأسيس نظام رقابة قومي على نشاط 
الشركات متعددة القومية في بلد المنشأ (بايلي. هارت وسجدن ,لإءان2ه8 
معلع ]51 » :11 .)١15951+‏ وتفتقر بلدان عديدة. مثل المملكة المتحدة, إلى 
بنية رقابة من هذا النوع» رغم أنها متوافرة بهذا القدر أو ذاك في بلدان 
متقدمة مماثلة. ويقترح بايلي وأقرانه تأسيس وتطوير وترسيخ هذه 
الأشكال من الرقابة في أرجاء العالم المتقدم لكيما تقدم في الأقل نوعية 
جيدة من المعلومات والتحليلات حول التأثير الدقيق الذي تمارسه 
الاستثمارات الأجنبية المباشرة, الداخلة والخارجة؛ على اقتصاد ما("). 
ويقترح المؤلفون إنشاء هذه الصيغة كجزء من إطار محاسبة اجتماعية 
مفصلة. بحيث يمكن توسيعها لتشمل القضايا العامة للأعمال المذكورة آنفا 
ارتباطا بالتجارة داخل الشركات متعددة القومية. ومن شأن ذلك أن يؤلف 
أساسا لبلورة تدابير سياسة اجماعية بين مختلف الدول القومية الكبرى 
لمعالجة ما يُشخص من آثار سلبية. واعتمادا على النتائج التي خلصنا إليها 
في الفصل الثالث؛ فإن خيارات ضبط الشركات متعددة القومية 
إمكان قائمة. خصوصا وانه ليس من المرجح أن تترك هذه الشركات 
قواعدها القومية. وسيؤلف ذلك مثالا آخر على ما يسميه كابشتاين 
(2أءفومة1, غ199) ب: «التعاون العالمي المرتكز إلى السيطرة في بلد 
المنشأ». وهناك مقاربة أخرى للتعامل مع الشركات متعددة القومية على 
المستوى القومي ‏ مقاربة تسعى إلى تحييد العواقب الضارة لهذه الشركات 
هي السعي إلى «تجاوز» هذه الشركات بتحفيز قطاع بديل محلي التوجه 
من خلال استخدام حوافز مالية تفضيلية إلى جانب حوافز أخرى. وأن 
«القطاع المتبادل» 560105 [602ناد5 (التعاوني)» بمعناه الواسع؛ يناسب هذا 


قضايا التحكم الاقتصادى 


المرام. ويمكن في الواقع تجنب التقييدات التي وضعتها المعاهدات العالمية 
على شؤون التجارة والاستثمار. من طراز لبرلة تحركات رأس المال من 
جانب منظمة التجارة العالمية 10/لآ ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية: 
وذلك بانتهاج سياسة موجهة حصرا إلى نشاط تعاوني الطابع؛ المتوجه 
محليا. ولسوف يتضمن هذا النمط من السياسة اصلاحات في ميدان 
الشركات؛ ومن الأفضل تناولها لاحقا فى إطار تحفيز المبادرات الصناعية 
المحلية. والشبكات الاقتصادية الإقليمية وما شاكل. وهناك ميدان آخر 
للتحكم الاقتصادي ينطويء في الأقل. على إمكان الجمع بين الجانب 
العالمي والجانب القومي في مستواه المناسب من الضبطء هو ميدان شؤون 
العمل والهجرة. وغالبا ما يُهمل هذا الميدان بوصفه ميدانا للتحكمء. ولكن 
من الجائز أن تزداد أهميته مستقبلا كما رأينا من تحليل الهجرة فضي 
الفصل الثانى. 

ومن المقترحات المطروحة لمعالجة هذه المسألة فى إطار عالمى هناك 
اقتراح إيجاد وظيفة ضبط عالمية جديدة وإضماء الطابع المؤسساتىي 
عليها باستخدام وتوسيع هيئة قائمة أصلا مثل منظمة الهجرة العالمية 
(التي هي جزء من اللجنة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة). أو مثل 
منظمة العمل العالمية (110). وينبغي لمثل هذه الهيئة أن تتولى مسؤولية 
التفاوض لارساء معايير واجراءات مشتركة لهجرة ودخول وخروج العمال؛ 
ومعالجة مسائل الدخول غير الشرعىء وتنقلات العوائل واللاجئين, 
ووضع أطر إجرائية نزيهة وكفوءة لحل الخلافات. وما إلى ذلك. ولسوف 
تتوخى هذه المعايير المشتركة تجنب العنصرية؛ وتعزيز شيء من حركة 
الانتقال إلى العالم الأول فى الأقل» خصوصا لمن تتهددهم الأنظمة 
القمعية. ويمكن أيضا توسيع العمل الاساسي لمنظمة العمل العالمية, 
بوضع معايير مشتركة لشروط العمالة. والعلاقات الصناعية. وما إلى 
ذلك. أن البنى القائمة حاليا فى هذا الميدان ضعيفة للغاية». ولذا فإن بناء 
نظام عالمي جديد للهجرة والعمل على هذا الأساسء: سيكون صعبا للغاية. 
وهناك أيضا ميادين بالغة الحساسية في رسم السياسة الاقتصادية. 
فالتعاون الدولي اقتصرء حتى الآن» على الحد من حركة انتقال المهاجرين 


بدل لبرلتها. 


ما العولمة 


هناك بديل آخر هو التفكير في اتجاهات إقليمية أو شبه إقليمية (لي 
عع.آء .)1١1597‏ ويمكن لهذا التوجه أن يعتمد على الميول الراهنة والاتفاقيات 
الناشئة التي تعكس اصطباغ التجارة والاستثمار بطابع إقليمي متزايد. 
ولكن حتى هنا أيضاء يتوجس المرء من أن تسليم صلاحية صوغ السياسة 
وضبطها إلى هيئات حكومية مشتركة سيكون بالغ الصعوبة من الناحية 
السياسية. إذ نجد أن التطورات التي جرت في هذا الاتجاه داخل الاتحاد 
الأوروبي. وهو أكشر التشكيلات الإقليمية تقدماء قد سارت سيرا متفاوتاء 
وبخاصة إزاء الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي. لذا فإننا نتوجس من أن 
الحكومات القومية ستواصل في المستقبل المنظورء الحفاظ على 
صلاحياتها في هذه الشؤون الحساسة. والنتيجة. ستكون هناك ترقيعات 
ميرقشة من معايير وإجراءات متباينة. مع احتمال اتخاذ إجراءات حادة 
للسعي إلى الحد من مختلف أنواع الهجرة. 
ادارة التنمية الا قتصاد ية 
والتهول الاقتصاد ى 

إن الميدان الأخيرء الذي نبحثه في إطار تناول المستويين الأوليين من 
المشتحويات الخمية التتجكة تصدمن الكرتييات الؤسيناتية التقليدية 
للتعاطي مع التنمية الاقتصادية؛ كما يتضمن الطريقة التي توسعت بها هذه 
الترتيبات للتعاطي مع المجتمعات الانتقالية التي خرجت من أسر أنظمة 
الحكم التسلطية. 

إن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما اللذان يتوليان الأمور في هذا 
الباب بصورة مركزية. وضع البنك الدولي نموذج الإقراض التنموي متعدد 
الاطراف الى الحكومات في حقبة نظام بريتون وودزء ويشمل هذا النموذج 
نشاط البنك الدولي نفسه ونشاط مجموعة من مصارف التنمية الإقليمية 
لأميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا. أما صندوق النقد الدولي فقد ركز عمله 
على تقديم العون قصير الأجل المتصل أساسا بالسيولة اللازمة لأزمات ميزان 
المدفوعات وسياسات الاستقرار. ورغم أن صندوق النقد الدولي اضطلع بدور 
كبير في إدارة صدمات «البترو دولار» خلال عقد السبعينات: فان انتشار 





























قضايا التحكم الاقتصادي 


تعويم اسعار الصرف قلص دوره الخاص في توفير السيولة: واهتز بذلك 
المسوغ الذي جاء بصندوق النقد الدولي نوعا ما. كما تغير دور البنك الدولي 
منذ فترة "أزمة المديونية" المذكورة في عقد الثمانينيات. والتي شهدت تزايد 
أهمية المصارف التجارية في تمويل الدين الرسمى لحكومات العالم الثالث. 
كما أن ظهور التشكيلات الاقتصادية الإقليمية, مثل الاتحاد الاوربي؛ اقتطعت 
الكثير من وظاكف صندوق النقد الدولي. 

استجابت كلتا المؤسستين لهذا التطور بالبحث عن مقاربات سياسية 
وجديدة وميادين جديدة لعرض «المعونة». وتجلت المقاربات الجديدة بالانتقال 
من مركزية معيار «الاشتراط» في التعاون مع الدول الزيونة؛ الى معيار 
«التحكم الجيد»؛ وهو تعبير يقصد به البنك الدولي وجود إدارة حكومية جيدة 
بالأساس (البنك الدولي .)١1594‏ أما الميادين الجديدة فقد جاءت مصادفة 
بهيئة «اقتصادات انتقالية» من أورويا الشرقية والاتحاد السوفييتي 
السابق العام ١546‏ (وربما كان من الأفضل تسميتها «اقتصادات قيد التحول» 
(انظر طومبسون 508م15200, ١5590‏ ب). فسارع البنك والصندوق إلى 
احتضان هذه المناطق بلهفة: ليطرحا فيها نصحهما ونشاطهما. 

وبموازاة تبلور فكرة «التحكم الجيد» كمعيار لتقديم المعونة» ازدادت 
أهمية الأهداف والمعايير الأخرى «الهينة». وهكذا دخلت مفردات التنمية 
البشرية وتخفيف الفقرء وانتاج المعرفة وتقديم العون التقني؛ وحماية البيئة, 
كلها إلى قاموس هاتين المؤسستين إلى جانب اهتمامهما التقليدي بتمويل 
المشاريع ونقل الموارد الخارجية. أن الانتقال إلى هذه المعايير الهينة قد زاد 
من صعوبة إدارة هاتين المنظمتين وإدارة النشاط الذي وجدت هاتان 
المؤإسستان لمراقبته. لقد كانت اهداف السياسة محددة بوضوح ودقة ايام 
معايير «الاشتراط» الصارمة (مهما كان تطبيق هذه الاهداف قاسيا ضي 
بعض الأحيان).: لكن معيار «التحكم الجيد» أو معيار «التنمية البشرية» 
فضفاض وغير دقيقء ومعناه يختلف من مؤسسة إلى أخرىء لذا يصعب 
بسط كوابح الرقابة عليه بصورة متسقة. والحقء إن هذه المعايير الفضفاضة 
قد تعطي للمنظمات العالمية صلاحيات مفتوحة, وقد توغل في التجاوز على 
سيادة الدول الأعضاء بدرجة تفوق ما كان يحصل في الحالات القديمة من 


اعتماد أهداف نقدية ومالية صارمة. 


ما العولمة 


وهناك تغير مهم آخر في البنك الدولي وهو الاصرار على «حيدة النظام 
التجارىوق ماطة م الاقهناياة الحديدم الترقكة التحولة:,وعلية كمة 
ابفعاد عن دعم كل من إسقزاتيجِية بدائل الاستيراد او إشتراتيجية التمو 
المعتمد على التصديرء من منطلق الاعتقاد بأن هاتين الإستراتيجيتين تنطويان 
على شياسات:تدخلية طليقة من حاتت الحكومات” والواهم ذلك كله جره 
من نقلة أكبر نحو اعتماد حلول السوق للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها 
هذه الاقتصادات. 

وعلى أي حالء فإن نظام الرقابة «الهين» الجديد هذا هو الذي سيكون, 
من الناحية الرسمية في الاقل: الدليل الذي تهتدي به هاتان المنظمتان في 
لجراء أعمالهما الرئئسة مع الاقتصادات المتحولة..وهتتاك هن الوقت عنينه 
ضغط متنام يدعو إلى إصلاح بنية البنك الدولي إصلاحا جذريا كيما يصبح 
أكشر شبها ب«الشركات التجارية»؛ ويصبح مكملا لإقراض الرأسمال الخاص 
(جيلبرت 0110566 وآخرون. 15951). غير أن الدعوة إلى خصخصة البنك 
الدولي واجهت مقاومة:؛ لكن البنك يقوم أصلا بقسم كبير من أعماله في 
القطاع الخاص فعلا (مغل شركة التمويل العالمية: ووكالة مان الاستثمار 
نتعدد الأطراف) وهتاك ككزة مكزايدة من الاقتراحاك يتؤشيع هذا النشاظ: 
خصوصا أن إقراض البنك للبلدان ذات الدخل المتوسط ‏ وهذا قسم أساسي 
من أعمال البنك العالمي للإعمار والتنمية 1815 وتمويله للتنمية (وكالة 
القمية العالميّة 104) :ين أن الأزمة امالية تلعاء 1554 هد تقوضن اتخراظط 
القطاع الخاص هذا في "مساعدة التنمية' وتحفز من جديد المسوغ المنطقي 
لنشاط البنك الدولي كقطاع عام. لكن التحركات لرسملة البنك الدولي من 
حخلذنخت أرصيدة القطاع الشاضى ييه قد كو صبعية وتكلفة على امدق 
البعيد. غير أن الخصخصة الجزئية للينك ليست مستبعدة بالكامل» على أي 
حال. ولعل خير سبيل للمواصلة يكمن في تشجيع المنافسة في إستراتيجيات 
التتميةء ببناء مناضس جذري للبنك الدولي (أونجر 170866: .)١597‏ وسيعطي 
ذلك لحكومات البلدان النامية خياراء مما يقلص نطاق قدرة البنك الدولي 
عل إفلاء قصنانا المتياسية كخترط لفروضه: 

أما بالنسبة الى المنظمة الرديفة للبنك الدولي؛ ونعني بها صندوق النقد 
الدوليء فإنها بحاجة أكبر وأكثر إلحاحا إلى الإصلاح. هل نحن بحاجة: حقاء 


قضايا التحكم الاقتصادي 


المتغرض هاةة الحرو شاقدة اهران هو الايكات فكلما. زنع يشترطة إن 
يكون حانب من هتادخياتة:واشخراطاته لتقديم اللعوقة في السدقيل كانا :على 
تشجيع اتباء سيابتات نبعينة على الصتدين لقو لعزم التقلب مكلا يشبول 
الشنوايط على حسانات ران :امال للزتدان الناميية:وشرس قديدات على 
الأسواق الخالية شديدة المجازهة (مثل المتاجرة بالأسهم خارج البورضات؛ أو 
الأسهم المتفرعة) في البلدان المتقدمة: وكانيا: إذا توجهت سياسات :صندوق 
القن التوق إلى الشركين على توفي السيرلة التجارة» وتطم الانتاك المفلي. 
لكن الصندوق فعل نقيض هذا تماما في الأزمة الآسيوية (راجع ملحق الفصل 
الخامس).؛ ولولا أن كوريا الجنوبية قاومت توجيهاته بشدة, لانتهت الأمور إلى 
أسوأ مما آلت اليه. 

إن اتؤسنات الركيسية نشاحة إلى إطبلاة :فد يلوك رشع ميعدوة النك 
الدوني والبنك الدولي في مؤسسة عملاقة واحدة إجراء حصيفاء عقلانيا. 
لكن مثل هذا الدمج يكثف السلطة في بؤرة واحدة, ويدمج وظاكف متباينة 
للحاية ورك كرسييل لمتحكيد التمية العامة (الشكومية) جو عن طريق 
عدد محدود من الوكالات المتنافسة. التي تكفي لتجسيد مختلف 
[تمفر جنات القنينية: كقيع بذئف سيلو بديلة إلى 'الستقيل: وإن وحود 
مؤسسات اقتصادية متنافسة ضروري لتهزيز الارتقاء الاقتصادي. أما 
صندوق النقد الدوليء بالمقابل: فعنده وظيفة واحدة ولكن ليس عنده 
اوضسئدة كافية إلا 'مضعوية لأداءاذوازه الطالية: وعليه كيه حاجنة إلى 
تعظيم أرصدته المتاحة. 


التحكم الاقتصاد ى القومي 

ليس ثمة ريب في أن اجتماع تاثيرات تفير الأوضاع الاقتصادية من جانب؛ 
والسياسات الحكومية السابقة لإزالة الضوابط عن أسهار الصرف. من 
جانبء قد زاد من صعوبة الإستراتيجيات الطموحة. المتباينة عالمياء للتحكم 
الاقتصادي القومي. كما أدى ذلك إلى إضعاف قدرة الدول على التحرك 
الذاتي اتسيقل خدان متههاتينا مره ذلق أن كليت الحعغرات والعشريات 
الاقتصادية طوع بنان الدول قد تقلص في أعقاب فقدان القدرة على تنفيذ 


سياسات اقتصادية متميرة «قوميا». 


ما العولمة" 


وأسطع مثال هو ميدان إدارة الاقتصاد الكبير (الماكرو). وإن 
الاستحالة الراهنة لاتباع إستراتيجيات كينزية طموحة على المستوى 
القومي لا تحتاج إلى بيان. خصوصا بعد فشل برنامج الإنعاش الطموح 
للشكومة الاشجراكية الفرتسية ف مظطلع :هن الثمانينيات. كما أن انتهاج 
سياسات نقدية طموح. متميزة قومياء لم يكن أحسن حالا. على هذا 
النحو استطاعت المؤثرات العالمية أن تنقذ المملكة المتحدة من تسارع 
فقدان العمالة والإنتاج في مطلع الثمانينيات. وذلك بخفض قيمة الجنيه 
الاسترليني إزاء الدولار وخفض معدلات الفائدة: نعني أن الانقاذ حصل 
بعيدا عن أي سياسة قومية. 

وإذا كانت إدارة الاقتصاد الكبير (الماكرو) معضلة: فإن سياسة تدعيم 
العرض البديلة أي اتباع سياسة صناعية مركزية؛ بتوجيه من الدولة. هي 
معضلة أخرى بالمثل. إن التكنولوجيات تتغير بالنسبة إلى الدولة» تغيرا 
أسرع مما ينبغي. مهما بلغ المسؤولون فيها من كفاءة ودراية في "اختيار 
الناجحين' على الصعيد القومي. زد على ذلك أن جمهرة الشركات التي 
يتعين على الدولة أن تشملها بمثل هذه السياسة ليست مستقرة ولا سهلة 
على التفاعل مع الدولة بالقياس إلى ما كانت عليه في عقد الستينيات. 
وإن العديد من المنتجات الكبرى. الآن. هي ثمرة شراكات معقدة بين 
الشركات. كما أن تغير الشروط الاقتصادية يميل لمصلحة تقاسم المجازفة 
بين الشركات والتنويع والمرونة. كما يمنح جائزة إضافية للاختصاص 
والمعرفة المحلية. وهذه كلها عوامل تجد موؤّسسات الدولة التقليدية 
والنظم الموحدة للإدراة الصناعية صعوبة جمة في التعاطي معها. على 
الرغام مما تقدم. فإن السياسات الحكومية للحفاظ على الأداء 
الاقفتصادي على الصعيد القومي تظل مهمة حتى لو تغيرت طرائقها 
ووظائفها. ويصح هذا حتى لو كانت الدول جزءا من كيان فوق قومي. 
ومن الواضح أن هناك في دول الاتحاد الأوروبي. ميادين مهمة من الإدارة 
الاقتصادية القومية؛ تتقيد بفعل حرية حزكة الرأسمال والعمل والسلع 
والخدمات ابتداء من نهاية العام 1997 كما تتقيد بفعل الاتحاد النقدي 
وفقا لمعاهدة ماسترخت. وبفعل التكامل السياسي نتيجة المؤتمر الحكومي 
المشترك للعام .١1547‏ غير أن هذه التطورات ستسبغ أهمية أكبر على 


قضايا التحكم الاقتصادي 


ميادين أخرى فتعطي أهمية جديدة: مثلاء للسياسات الضريبية غير 
النقدية وسياسات تدعيم العرض. زد على هذاء أن هذه التطورات تضفي 
الاستقرار على البيئة الاقتصادية الخارجية؛ فتجعل السياسات القومية 
الأخرى أكثر فاعلية وأقل عرضة للاضطراب. 

صحيح أن الحكومات القومية لم تعد هيئات اقتصادية ناظمة «ذات 
سيادة» بالمعنى التقليدي الذي ادعته «الحقبة الكينزية»: وإن يكن مضللا 
نوعا ماء إلا أنها تظل جماعات سياسية ذات سلطات واسعة؛ قادرة على 
التأثير في الفاعلين الاقتصاديين وادامتهم في نطاق اقاليمها. لقد ضعفت 
الآن اهمية الإدارة التقنية للاقتصاد الكبير (الماكرو) من القمة إلى 
القاعدة. لكن ذلك أدى إلى زيادة اهمية دور الدولة كميسر ومنسق 
للفاعلين الاقتصاديين الخاصين. ويحتل الدور السياسي للحكومة موقعا 
مركزيا في الاشكال الجديدة للإدارة الاقتصادية. ولا يمكن للأسواق المالية 
أن تفرض أو تضمن. ولا لمسؤولي اللجنة الأوروبية في بروكسل: إن أردنا 
تناول مثال أكثر الاتحادات الاقتصادية فوق القومية تطورا (نعني الاتحاد 
الأوروبي): أن يفرضوا أو يضمنوا أشكال التلاحم الاجتماعي والسياسات 
الناجمة عنها مما تقدر الحكومات القومية عليه. فلا يزال بمقدور 
الحكومات القومية أن تعوض عن تأثيرات التدويلء وعن استمرار تقلب 
أسواق المال. حتى لو كانت هذه الحكومات عاجزة بمفردها عن السيطرة 
على تلك التأثيرات أو درء ذلك التقلب. 

قبل أن نمضي في تفصيل سمات التنسيق السياسي من خلال السياسة 
القومية. دعونا نعاين الطابع الاقتصادي الظاهر للسياسة الضريبية (غير 
النقدية). لقد توارت السياسة المالية الضريبية في ظلال السياسة النقدية 
منن انهيار الكينزية. وقد أصبح من الصعب تماما الدفاع عن السياسة 
الضريبية «المستقلة» خلال أواخر السبعينات والثمانينيات. سياسة هي في آن 
واحد مستقلة قوميا ومستقلة عن السياسة النقدية. غير أن هذا الوضع مقبل 
على التغير. 

ومن بين ما يمكن أن يحققه الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوثق في 
أورويا (وما يحققه. عموما «تخفيف المضارية» نسبيا على الصعيد العالمي) 
هو المساعدة على «فك» السياسة الضريبية عن السياسة النقدية مرة 


ما العولمة" 


أخرى. لنأخذ حالة الاتحاد الأوروبي. كلما ازدادت الوحدة النقدية وثوقاء 
ازدادت قدرة البلدان المنفردة على انتهاج سياسات ضريبية مستقلة. 
لا يعنى ذلك أن هذه البلدان ستكون حرة كليا في أن تفعل ما تشاء على 
الحيية الكدويية :ذلك أن توسهناف اتسنا سة بعد معاون ها متكركه 
بالنسبة للموازنات المالية الحكومية: مثلا. صارمة جدا (نحو ” / من 
اجمالي الناتج المحلي). غير أن هذا التحديد ليس سوى توجه عام؛ أما 
الممارسة العملية فقد تكون مرنة تماما. بل لعلها أكثر مرونة من التوجهات 
العامة للسياسة النقدية؛ مثلاء التي تخضع لتوجيه البنك المركزي الأوروبي 
«المستقل». وقد أوضح رئيس البنك المركزي الأوروبي خلال الأزمة المالية 
للعام ١594‏ أن البنك سيسير على نهج محافظ جدا سواء في الكشف عن 
تفاصيل مطالعاته. أم في السياسة النقدية التي يعتزم اتباعها. وهكذا 
بينما تتخذ القرارات حول السياسة النقدية في مكان آخرء أي تتخذ 
مركزياء فإن الحكومات المنفردة ستكون فادرة على تحديد سياساتها 
الضريبية الخاصة بصورة مستقلة نسبيا عن السياسة النقدية. ومن شأن 
ذلك أن يسمح لها باستجابات ضريبية مجددة حقا. كما أن أي نظام 
ضريبي جديد سوف يعمل في بيئة اشتداد التكامل في سوق المال والعمل 
ولابد لصانعي السياسة من أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار. 
غير أن علينا دراسة هذه المسألة على خلفية تغير مواقف الناخبين 
في البلدان المتقدمة من الضرائب. فهناك تحرك واسع باتجاه مقاومة 
الضرائب في البلدان المتقدمة:؛ التي تحال دوما إلى تأثيرات «العولمة». 
ولكن ليس للعولمة يد في ذلك. لقد تعززت مقاومة الضرائب بفعل مبادرات 
سياسية محلية لتحقيق مكاسب انتخابية: برغم أن هذه المبادرات جرت 
تحت شعار أن للضرائب المتدنية تأثيرات محفزة. والنتيجة, تزايد صعوبة 
الحصول على موارد حكومية إضافية لتغطية خطط الإتفاق المفصلة. ولو 
وضعنا ذلك بموازاة تنامي صعوبة رفع النشاط الاقتصادي والعمالة 
باستخدام الإنفاق العام (الحكومي) لا غير لوجدنا أن اطار إجراء سياسة 
ضريبية على مستوى الاقتصاد الكبير (الماكرو) قد تغير جذريا. 
إن المشكلة التي تتمسخض عن ذلك هي كيف يمكن وضع نظم ضريبية 
تعمل في آن واحد على إضعاف الحوافز لتجنب ضرائب قومية مفردة, كما 


قضايا التحكم الاقتصادي 


تقلل القدرة على فعل ذلك إلى الحد الادنى. وعلى العموم ثمة حاجة إلى 
التفكير في حركة عوامل الإنتاج من ناحية علافتها بالضرائب. ومن المرجح 
أن تتكامل أسواق رأس المال وأسواق النقد تكاملا عميقا وسريعا للغاية, 
بحيث لا يبقى كبير مجال لفرض ضرائب فومية تفاضلية على الشركات 
وعلى المدخرات (عبر الضرائب على مؤسسات الادخار). كما أن الضراكتب 
القومية التفاضلية على الاستهلاك المحلي قد تكون صعبة هي الاخرى, 
لكن ذلك يتوقف على مدى قدرة الشراء على التحرك عالميا في مواجهة 
معدلات الضرائب. فهل لديهم الاستعداد لقطع مسافات سفر طويلة 
لاستثمرر الفوارق الضريبية؟ لعل ذلك ينطوي على مجال أكبر 
بالإخكلوات! :اما هاشيية إلى متراقي الكل فإن زلف رشوفف رمق 
جديد. على مدى تكامل سوق العمل. ومن الواضح أن هناك درجات 
محتملة من التكامل. وأن الكثير من العمل في الخارج مؤقت ليس إلا. 
ولكن الأعلى راتيا والأدنى راتباء يبدون: بوجه عام: استعدادا أكبر للحراك 
عالميا. أما بالنسبة لعمال الاتحاد الأوروبي المحليين. فلعل الحواجز 
الثقافية واللفوية لاتزال كبيرة من ناحية حراك العمل. ولسوف يتوقف 
الكثير على مدى كفاءة وسرعة تطور الاعتراف المتبادل بالمؤهلات والمعايير 
المهنية. وعلى العموم؛ قد يكون ثمة مجال معين لضرائب الدخل التفاضلية 
كين :أن نضح التافرات امحفؤة وأو امتفرة) لنقتوطى فاعلية هذه الكتراكب: 
ولعل الملكية العقارية من هذا النوع أو ذاك ستظل العنصر الاشد جمودا. 
إذ لا يستطيع الناس أن يهبوا ليأخذوا بيوتهم ويمضوا بعيداء على سبيل 
المثال. وهكذا قد يكون هناك مجال مبتكر لأشكال جديدة من ضرائب 
العقارات. خصوصا أنها تتحول باطراد إلى مصدر جذاب للإيرادات 
الحكومية من الضرائب. 

ويؤلف استهلاك الطاقة والتلوث البيثي ميدانا آخر مهما يمكن أن 
تتوافر فيه إستراتيجيات ضرائب وإيرادات جديدة للدول القومية أو 
للادارات الإقليمية والمحلية الملحقة بها (هيويت ابدع2!: .)١155١‏ 
فالضرائب المفروضة على استهلاك أنماط الطاقة النافدة, والتطبيق 
الواسع لمبدأً «الملوث للبيئّة يدفع» بفرض الضرائب على الفضلات 
الصناعية. واستخدام السيارات... إلخ؛ قد تؤلف المصادر الكبرى للإيراد 


ما العولمة" 


الحكومي في المستقبل. ولهذه الضرائب ثلاث مزايا: انها اقل بغضا من 
الضرائب المباشرة عند الاسواق المالية العالمية (سبب ذلك اساسا أنها لم 
تدخل عاملا في حسابات صانعي السوق)؛ إنها تحظى بقبول عند 
المواطنين أكثر من ضرائب الدخل؛ وإنها تخدم غرضين في آن: وهما 
الحصول على إيراد وإجبار الشركات والمستهلكين النهائيين على التحمل 
الذاتي لتكاليف البيئة التاجمة عن أفعالهم. وهكذا يبدو أن ضرائب الطاقة 
تقدم خير السبل لفك السياسة الضريبية عن السياسة النقدية: وتحقيق 
قدر من الاستقلال الذاتي في توليد الإيرادات الحكومية. 

ولو عدنا الى الفكرة العامة حول دور الدولة القومية في ضبط 
الاقتصاد.ء لوجدنا أن هناك ثلاث وظائف أساسية يمكن أن تؤديهاء وهي 
وظائف تنبع من دورها كمنسق للاجماع الاقتصادي وسط مجتمع معين. إن 
الدول لا تشيه الأسواق: فالدول لا تزال: الى حد معين. جماعات مصير, 
تربط الفاعلين الذين تجمع بينهم مصالح معينة. مشتركة في نجاح أو إخفاق 
اقتصاداتهم القومية. أما الأسواق فقد تكون عالمية أو لا تكون؛ غير أن 
الثروة والازدهار الاقتصادي يظلان في الأساس ظاهرة تتحدد قوميا. فهما 
يعتمدان على مدى جودة تضافر الفاعلين الاقتصاديين لضمان نتائج 
أساسية معينة في تدعيم العرض. ويمكن للسياسة القومية أن تقدم 
مدخلات أساسية معينة للأداء الاقتصاديء مدخلات لا يمكن شراؤها أو 
مبادلتها في السوق. وتحتاج الأسواق إلى أن تترسخ في محيط علاقات 
اجتماعية. وتتمتع السلطة السياسية بموقع مركزي لضمان التنظيم 
المؤسساتي المناسب للاسواق؛ وإرساء شروط اللاسوق )1تده - ه20 اللازمة 
للنجاح الاقتصادي. وهكذا تبقى الحكومات القومية عنصرا حاسما في 
النجاح الاقتصادي لمجتمعاتهاء محققة التماسك. والتكافل وبعض الخدمات 
الأساسية, مما لا تستطيع الأسواق أن تحققه بذاتها (هوتون «ماساتل 
مما الوظائف الأساسية الثلاث للدولة فهي: 

ينبغي للدولة» إن ارادت التأثير في الاقتصاد. أن تشيد ائتلاف توزيع 
مجتمعياء نعني أن تفوز برضى الفاعلين الاقتصاديين الاساسيين: والمصالح 
الاجتماعية المنظمة التي تمثلهم؛ حول توزيع للدخل القومي تمكن ادامته: 
وإنفاق يعزز الأداء التنافسي للصناعة التحويلية (من بين قطاعات أخرى). 


قضايا التحكم الاقتصادي 


وينطوي هذا الائتلاف على عناصر أساسية هي: توازن الدخل القومي 
المكرس للاستهلاك والاستثمار على التوالي؛ الاتفاق العريض على مستوى 
الضرائب الضروري لإدامة استثمار الدولة في الهياكل الارتكازية. والتدريب, 
والغويات الساعية للمفاعة وإبساد زطار تخنيك نويات السو نورق 
الاقتراض. ومستويات أرباح الأسهم. ضبطا يحافظ على التضخم ضمن 
حدود مقيولة عالميا. 

إن مثل هذا الائتتلاف التوزيعي لن يتحقق إلا إذا اضطلعت الدولة 
بوظيفة أخرىء هي تنسيق الإجماع الاجتماعي. فهذه الائتلافات لا تنجح 
إلا إذا نبعت من ثقافة سياسية توازن بين التعاون والتنافس؛ ثقافة تعتاد 
فيها جماعات المصالح المنظمة الكبرى على المساومة حول أهداف 
الاقتصاد القوميء وعلى الالتزام الدائم بتحديد السياسة المطلوبة من 
خلال التساوم. ومراقبة التزام أعضائها بمثل هذه المساومات. ويمكن 
للعلاكق بين الصناعة ونقابات العمال والدولة أن تتبلور بطرق شتىء أقل 
جمودا من نظام التشارك القومي ذي البنية الثابتة» القائم في ألمانيا 
الغربية والسويد حتى عقد التسعينات. أن المواثيق الاجتماعية التي عادت 
الى الظهور في أوروبا خلال عقد التسعينيات (كما بينا في الفصل 
السادس) أمثلة على هذه الأشكال الجديدة من التقرير المشترك عن طريق 
التحكم على أساس التفاوض. والغاية هنا هي ضمان التحاور بين المكونات 
الأساسية للنظام الاقتصاديء وضمان التعاون إلى جانب التنافس بين 
الشركات. وضمان أن تعقد مختلف عوامل الانتاج (مثل العمل والادارة» 
ومقدمي رأس المال والشركات) علاقات أبعد من أواصر السوق المحض. إن 
هذه النظم لن تخلو من النزاعء. ولن تتوافق فيها المصالح توافقا تاماء ولكنها 
تنطوي على آليات لحل مثل هذه الخلافات. فالإجماع الكلي من هذا النوع 
لن يتحقق إلا اذا أضيفت آلية فاعلة لتخصيص الموارد تحديداء مثل نظام 
تحديد الأجور وعمل أسواق رأس المال. 

ويتوجب على الدولة أن تحقق توازنا كافيا في توزيع مواردها الضريبية 
وتوزيع نشاطاتها الناظمة بين مستويات الحكم المتعددة, الممستوى القومي 
ومستوى الأقاليم ومستوى البلديات. وان مركزة سياسة الاتحاد الأوروبي 
تعزز الأهمية المتزايدة لحكومات الأقاليم الفاعلة. ذلك أن دور الاقاليم في 


ما العولمة" 


توفيز الكمليم والخدريةة والتمويل الضنافى:» والشومات الجتاعية 
للصناعة. والخدمات الاجتماعية. يزداد بروزا. وإن حكومات الأقاليم اقدر 
على معرفة حاجات الصناعة لأنها تمتلك معلومات محلية أكثرء وبالتالي 
ادق: ولأنها ذات نطاق محدود يستطيع فيه الفاعلون الأساسيون التفاعل 
يتكاح. ليشي النظر إلى حكومة الأكانيم على نهنا كيان مناقض 
جوهريا للإدارة الاقتصادية القومية؛ بل عنصر حاسم من مكوناتها. 
فالدولة القومية هي التي تحدد الموقع الدستوريء والصلاحيات والموارد 
الضريبية للحكومات الأدنى منها. وان الحكومات القومية التي تمنح 
لحكومات الأقاليم قدرا كبيرا من الاستقلال الذاتي هي التي تحقق أفضل 
وانحع شيط نماي العرص على مسفوي الأعالية» وتعقة اناتيا رإيظاليا 
أسطع الامثلة على ذلك في إطار أوروبا. ذلك أن أكشر المحافظات ازدهارا 
في المانيا مثل بادن . فورتمبرج وبااريا؛ أو اكثر المناطق نجاحا في إيظائيا 
مدل [فهليا +وومانا :تحط يمستوق حال من صاؤاحيات القيام بمهمات 
الإدارة الاقتصادية (زابل اءطة5. /155). 

والشعلة الرئيسية لحن معرط سيل تسر ان الدول القونية ف لمث 
دور بارز في الإدارة الاقتصادية؛ أن نشاطاتها في هذا الشأن تتوقف على 
مواقف ومؤسسات اجتماعية ليست متوافرة بصورة متساوية في سائر 
الدول. إن الآليات الجديدة للتنسيق والضبط الاقتصاديين تعطي الأولوية 
لمستوى عال من التلاحم والتعاون الاجتماعيء الذي تستطيع الدولة أن 
تلج أليه وتطوره. وإن الطرائق الجديدة لضبط الاقتصاد القومي في ظل 
اقحضناد مجواين التدويل لا تحبيه: على سعبيل المكال,ضبيقنة :إدارة الطلب 
الكينزية لفترة ما بعد ,١540‏ أي لا تشبه تقنية سياسة الاقتصاد الكبير 
(الماكرو) التي كانت متاحة مبدئيا لكل دولة حديثة كبيرة؛ كفوءة الإدارة: أن 
اختارت اناع إننتزاتيجية كهذه: فهذه الظرائق الجديدة تزكر إلى مجمع 
محدد من المؤسسات الاجتماعية؛ التي يصعب تبنيها أو نقلها عمدا وفقا 
للمشيئة. وهكذا فان ميراث التلاحم الاجتماعي الذي ترثه هذه الدول إنما 
يكبحها. إذ لا تستطيع بلدان مثل الولايات المتحدة أن تقرر وحسب تبني 
علاقات تضامنية وتنسيقية أشد بين الصناعة والنقابات والدولة مما كان 
يسود قبلئن في ألمانيا واليابان. غير أن واقعة تجديد السياسة وإصلاح . 


قضايا التحكم الاقتصادي 


المؤسسات في إيطاليا وهولنداء مثلا (بحثنا ذلك في الفصل السادس) 
تبين أن التاريخ ليس قدراء وأن بوسع المجتمعات أن تتغير وتتكيف. شريطة 
توافر الظروف السياسية المناسبة. 

مع ذلك فإن ما تقدم يعني أن هناك فوارق جوهرية ستظل قائمة بين 
الكتل» أو داخل كل كتلة. من ناحية القدرة على الاستجابة للضغوط 
التنافسية وللأوضاع الظرفية المتغيرة على الصعيد العالمي. وإن تلك 
المجتمعات التي ركزت على أداء السوق في المدى القصيرء مثل المملكة 
المتحدة والولايات المتحدةء ماتزال مهددة بضغوط المنافسة من المجتمعات 
التي ركزت على تعزيز القدرة التنافسية الصناعية بعيدة الأمد وحققت 
التلاحم الاجتماعي اللازم لبلوغ ذلك؛ مثل ألمانيا. أما اليابان فتظلء برغم 
صعوبات الاقتصاد الكيير (الماكرو)؛ بلد صادرات صناعية تنافسية ضارية. 
وتبين حالة بلدان مثل كوريا الأهمية المركزية للتضامن الاجتماعي في الرد 
على الأزمة. إن النزعة القومية الاقتصادية قوة جبارة داعمة للتكيف. وان 
العملية السياسية وثقافة جماعة المصالح في مجتمعات مثل المملكة المتحدة 
والولايات المتحدة لا تعملان لصالح التكيف السريع في اتجاه تعاوني 
أعمقء بل تشددان المنافسة كما تشددان إلقاء التكاليف الاجتماعية على 
كاهل الأضعف تنظيما ونفوذاء والذين هم في الوقت عينه الأقل قدرة على 
تحمل هذه الأعباء. إن هذا الوضع يقصي مثل هذه المجتمعات بعيدا عن 
التعاون الفعال على الصعيد العالمي أو صعيد الكتل. ولسوف ترفض 
الولايات الملتحدة. خلافا لدورها بين أعوام ١5146‏ و7/75ا15, أن تتحمل أي 
قدر ملحوظ من تكلفة ضمان استقرار البيئة الاقتصادية العالمية: وسوف 
تتمسك باعتبارات ضيقة: قصيرة الأجل» تخدم مصلحتها القومية. 

قد يلوح؛ من ناحية معينة؛ أن المجتمعات الأضعف من ناحية التضامن. 
والاقوى من ناحية التوجه إلى السوقء مثل المملكة المتحدة والولايات 
المتحدة. تمتلك مزية أفضل في ظل اقتصاد أشد تدويلاء يضعف طاعلية 
التحكم الاقتصادي على الأساس القومي. ويبدو ذلك صحيحا بوجه خاص 
في موجة الإحساس بالظفر الذي نشأ بفعل الازدهار الاقتصادي في 
الولايات المتحدة: والتشفي الذي نجم عن الأزمة الآسيوية وما رافقها من 
شجب لد«رأسمالية المحسوبية». إن الشركات البريطانية والأمريكية معتادة 


ما العولمة" 


على وضع المنافسة قبل التعاون: ووقاية نفسها من المؤسسات المالية ذات 
المصلحة الذاتية الضيقة. وليست المسألة أن الادارة النشطة للاقتصاد 
الكبير (الماكرو) والسياسة الصناعية المركزية الموجهة من الدولة قد غدتا 
عقيمتين فحسب. بل إن طائفة من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية ‏ 
وليس مجرد تدويل الاسواق الكبرى ‏ باتت تزيد من صعوبة الحفاظ على 
نظم قومية موحدة للتوسط المتشارك. فالبنى الصناعية وأنواع تقسيم 
العمل تزداد تعقيدا وتمايزا في عموم العالم الصناعي المتقدم. 
والشركات القومية الكبرى. شديدة التركزء التي تحوي قوة عمل يدوية 
مستقرة ومنتظمة نقابياء تتضاءل (كيرن وزابل آء0ة5 ؟ ممعكل. غ55١).‏ 
لذا فإن بلدين مثل اليابان وألمانيا سيجدان أن نظمهما القومية 
التسيق التشسارق (اكخبابفة حفايا) ناقت اضشعف تتكيلا الضتافة: 
وبالتالي أقل فاعلية. 

إن خطر روح الظفر الإنجلو . ساكسونية يكمن في سعيها الى أن 
تقصر أسواق رأس المالء وهياكل التشارك؛ والتحكم بالشركات. وضبط 
الاسواق. على الأشكال الشائعة في الولايات المتحدة. ولا يتوقف الأمر 
على استحالة تبني هذه الأشكال بصورة بناءة في الكثير من المجتمعات 
فحسبء. بل يتعداه إلى أن هذه الدعوة تعتمد على الافتراض القائل بأن 
هناك شكلا مؤسساتيا واحدا يناسب الرأسمالية. ولا يقتصر الأمر على 
أن الحال بخلاف ذلك تماما فحسب., بل إن الدعوة الليبرالية الاقتصادية 
ستكبح الخيارات المتاحة. محبنة نموذجا واحدا للرأسمالية: ومفضلة إياه 
على نماذج أخرى منافسة:, ذات إمكانية فاعلة. وإن ذلك يحصر المنافسة 
بين الأشكال ضمن نموذج واحدء بدل أن يوسعها لتشمل التنافس بين 
النظم الاجتماعية أو نماذج المؤسسات الرأسمالية. وإن ذلك يضر بآفاق 
الارتقاء الاقتصادي بعيدالأمدء ويفرض ثقافة أحادية في شكل 
المؤسسات. وعليه فان الحماسة الراهنة للمؤسسات الأمريكية بوصفها 
معيارا عالميا لا تقل خواء عن الافتراض الساذج بوجود تفوق ياباني 
وفشل أمريكي متأصلين. مما نجده عند مؤلفين مثل هيرمان كآن 
صطة؟] مددرعء8 وعزرا فوجل اء08 58218 أيام الثمانينات. ويتوجب على 
أي سياسة اقتصادية عالمية حصيفة أن تتوخى السماح والحفاظ على 


قضايا التحكم الاقتصادي 


مختلف تراكيب المؤسسات القومية وشتى الاساليب المتباينة في السياسة 
القومية. ومن دون هذه التعددية. أي من دون إستراتيجيات فومية 
متكيفة مع الأوضاع والمؤسسات الموروثة محلياء فإن الإدارة الاقتصادية 
الفاعلة على الصعيد العالمي تؤول إلى الاخفاق. ولا يمكن للمجتمعات أن 
تسهم في مثل هذه الادارة إلا إذا كانت آمنة على الصعيد القومي. 
وكانت تملك مجالا لممارساتها الخاصة:؛ ولا تشعر بأن عليها التضحية 
بأهداف منتقاة في سبيل غايات عالمية غريبة مستمدة من نماذج أجنبية. 
وعليه فإن التعددية التي تتيح مجالا مستمرا لمختلف النماذج القومية, 
ضرورة حيوية للتعاون العالمي في مجال التحكم. 

وأيا كانت مصاعب بعض نمادذج التضامن. فإن الاستنتاج بأن البلدان 
الأضعف تضامنا سوف تنتفع عمليا من تفير الظروفء باطل. ويصعب 
تماما أن نرى كيف يمكن أن نترك مستقيل النظم الاجتماعية المركبة: 
ومستقبل الاستثمار في الصناعة التحويلية والتدريب والهياكل 
الارتكازية العمومية, إلخ: بين أيدي شركات تتناضي. ولا تتعاون: أو أن 
نترك ذلك بين يدي أسواق ضعيفة النواظم فقط. الواقع أن مجتمعات 
مثل اليابان وألمانيا ستواصل التمتع بمزايا تنافسية كبرى حتى لو 
تدهورت نظم تمثيل التشارك اللااجتماعي فيهاء وذلك بالتحديد لأن 
أشكال التحكم الاقتصادي اللاسوقي فيها متنوعة ومتعددة الطبقات. 
ذلك أن النماذج القوية من التعاون والتضامن داخل الشركات؛ والأشكال 
الفاعلة من التحكم عن طريق. المؤسسات الإقليمية, أو نماذج التعاون بين 
الشركات. تواصل إعطاء هذين البلدينء أي اليابان وألمانياء مزايا في 
تدعيم وإدامة أداء السوق. وإن الوظائف العامة للسلطة السياسية في 
تعزيز التناضس والتعاون تحتفظ بأهميتهاء برغم تغير بعض وسائل أداء 
هذه الوظائف. 


التحكم الاقتصاد ى على صعيد الأقاليم 

إن تزايهد أهمية اقتصادات الأقاليم والمناطق الصناعية؛. وإسهام 
الأشكال العامة (الحكومية) والخاصة من التحكم الاقتصادي المحلي في 
نجاحها المستمرء يحظيان الآن باعتراف راسخ (زابل ءا6ة5. ١594‏ 


ما العولمة" 


وتسايتلن (15)ء22 .)١1597‏ ليس غرضناء هناء أن نبحث في اقتصادات 
مثل هذه الأقاليم وفي تنوع أشكال التحكم. في ذاتها ولذاتها؛ بل نروم, 
بالأحرىء. دراسة سبب تزايد أهمية أشكال الضبط المحلي هذه في ظل 
بيكة اقتصادية اشد تدويلا: وكيف يمكن لهذه الأشكال من التضيط أن 
تساعد المجتمعات على التعاطي مع الضغوط التنافسية وصدمات السوق 
النابعة من نظام اقتصادي أكثر انفتاحا. 

إن السبب الرئيس وراء عودة ظهور اقتصاددات الاقاليم: في لحظة 
تدويل العديد من أسواق السلع الصناعية بالذات. يكمن في تغير بنية 
الصناعة. وبخاصة تزايد أهمية الإنتاج الأكثر تنوعا ومرونة. واستمرار 
وجود ونمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة نتيجة لذلك. إن اشكال الإنتاج 
المرنة تستطيع أن تتعاطى مع النماذج المتغيرة والمتقلبة من الطلب العالمي. 
وإن جمهرة الشركات الصغيرة:؛ التي تتقاسم العمل والخدمات الجماعية, 
أو تعقد شراكة مع الشركات الكبيرةء هي أقدر على مقاومة صدمات 
السوق, وأقدر على التكيف مع التغيرات العاصفة؛ من الشركات الكبيرة 
ذات التنظيم الهرمي. وإن الشركات الكبيرة تتغير هي ذاتهاء وتدخل في 
علائق شراكة مع الشركات الأخرىء وتنوع نفسها داخلياء وتقلص الهرمية 
وطبقات الادارة (موس كانتر #عامة!ا 21055, ١59١؛‏ زابل اءطة5. .)١155١‏ 
كانت الشركات الكبرىء في فترة الإدارة الاقتصادية القومية:؛ تتوقع أن 
تجهز اسواقا قومية متنامية بسلع صناعية موحدة. وكان يفترض بهذه 
الإدارة الاقتصادية القومية أن تجعل الدورة الاقتصادية تسير بسلاسة, 
وأن تعزز العمالة الكاملة والنمو الصناعي. وعليه كان بوسع الشركات. 
نظريا على الأقل؛ أن تخطط لمديات بعيدة وأن تتبنى طرائق إنتاج 
جماهيري مرنة نسبيا (بيور وزابل [ء530 * ع,وزط؛ .)١5488‏ وعليه فإن 
إستراتيجيات الانتاج الجديدة والأهمية المتزايدة لاقتصادات الأقاليم: هي, 
جزئياء استجابة لتدويل أسواق السلع الصناعية واستجابة لتعقد وتغير 
انماط الطلب الناجمة عن خدمة أسواق متنوعة في فترة من تقلب أوضاع 
التجارة وغموض آفاق النمو. وما نريد التوكيد عليه هنا أن الشركات 
الصغيرة والكبيرة التي تعيش في ظل علاقات تعاونية تغدو أقل عرضة 
للمخاطر وأكثر أمانا: وتتضمن علاقات التعاون هذه على شراكات لتقاسم 


قضايا التحكم الاقتصادي 


الخيرة والمجازفة بالنسبة للشركات الكبيرة؛ كما تتضمن مناطق صناعية 
تقدم خدمات جماعية ذات مزايا من ناحية التكلفة» وتتيح فوائد التعاون 
مع الشركات الأخرى. كما هي حال تقاسم العمل بالنسبة للشركات 
الصغيرة (لورنز 10122 ١517 1١5448‏ ). 

أن التحكم العمومي (الحكومي) من النوع المناسب حري بترسيخ مزايا 
تجمهر مجموعة غفيرة من الشركات المتكاملة في إقليم أو منطقة معينة. إن 
وجود «مجال عمومي» صناعي (هيرست :111158 وتسايتلن 165)اع2: )١1145‏ يمنح 
للمناطق أو الأقاليم الصناعية الوسائل لاستياق التغيير والاستجابة له 
والمواءعمة بين التعاون والتنافسء وإعادة هيكلة كل من الإنتاج والخدمات 
المشتركةء بطريقة تتعذر على جمهرة الشركات الأقل تنظيما وترابطا. وإن 
التحكم العمومي (الحكومي). خصوصا بالتشارك مع مؤسسات التحكم 
الخاصة مثل الاتحادات المهنية. مهم لحماية الأقاليم من الصدمات الخارجية 
والاستجابة للتفيرات الكبرى في الأوضاع التجارية. ومن الواضح أن هناك 
دولا قومية معينة اقدر من غيرها على إدامة مؤسسات التحكم في الأقاليم: 
كما أن بعض الأقاليم أقدر من غيرها على الاستجابة إلى حاجات اقتصادها 
المحلي. وإن بعض المجتمعاتء مثل المملكة المتحدة. محرومة بمفردها من هذه 
المزايا (تسايتلن هتلااع2, .)١19914‏ 

هناك مظهر مهم آخر في اقتصادات الاقاليم في إطار الاقتصاد 
المدول؛ هو دورها بازاء الخطر الناجم عن حراك رأس المال. إن من طرق 
الرد على المؤسسات المالية النائية التي تستثمر في أرجاء الكون تبعا لما 
تمليه المنفعة الاقتصادية هي بناء قطاع مالي مكرس للتمويل الصناعي 
وخاضع لتحكم السياضشية العامة (الحكومية). ولكن توطد مثل هذا 
التمويل متدني الكلفة غير وارد ما لم يكن معتمدا في الإنفاق على 
المعرفة المحلية؛ كما أن ميل الجمهور للاستثمار في مثل هذه المؤوسسات 
غير وارد ما لم يتمتع الجمهور باستثمارات ذات مجازفة ضعيفة. وذات 
مردود متميز في العمل والإنتاج ينفع منطقتهم. لهذه الأسباب يرجح أن 
يرتبط هذا القطاع المالي البديل ارتباطا وثيقا بالتحكم الاقتصادي 
الإقليمي والاقتصادات المحلية. وتستطيع مثل هذه المؤسسات البديلة: 
بالتضافر مع أشكال أخرى من التحكم العام (الحكومي) على المستوى 


ما العولمة" 


الإظليمي: وبالتضافر مع جمهرة من الشركات المتجدرة والمتوجهة محلياء 
أن:تفضي إلى نظم اقتصادية متينة ولا مركزية. ومستقلة نسبيا عن 
أسواق رأس المال الكبير. وقادرة على التجارة بصورة فاعلة. ولهذا 
النموذج مزايا عديدة تسمح بالتوصية به كوسيلة لوقف التدهور 
الصناعي وكسبيل لحماية المناطق الصناعية الناجحة من الآثار الكاسحة 
للمنافسة العالمية (هيرست :111856 .)١1597‏ إن التحكم على مستوى 
الإقليم قادر على تحقيق قدر كبير من التنمية» وإن مثل هذا التجريب 
المحلي هو أقل خطورة على المجتمع القومي من الاستثمارات الطموح, 
الممركزة التي تتولاها الدولة في عدد قليل من مجالات التكنولوجيا 
الأساسية أو المبادرات الكبرى لإصلاح المؤسسات القومية. وعلى 
افتراض أن الدولة القومية ليست مناوئة بقوة لمثل هذا التحكم المحلى, 
فا هنذا المسقوى الأكليوى سنيكونبواكداءمن السحوياك الخصيبة 
المذكورة؛ القادر على تحقيق أسرع تطوير. وإن توسيع التحكم الاقتصادي 
الإقليمي الفعال سوف يؤديء بالنتيجة: إلى حماية المجتمعات الصناعية 
المتقدمة على المستوى المحلي من بعض تأثيرات الانفتاح العالمي المتزايد, 
في أقل تقدير. 





الاتحاد الاوروبي بوصفه كتلة تجارية 








يشكل هذا الفصل جسرا يوصل المناقشة 
العامة لإمكانات التحكم الاقتصادي في الفصل 
السابقء بدراسة القضايا السياسية الأشمل في 
الفصل القادم. إن دور الاتحاد الأوروبي مركزي 
٠‏ تماما لأنه يُعد. في آن واحد, أكثر الكتل التجارية 
. الكبرى تطورا وأكثرها تعقدا من حيث البنية. 
؟' وإن تطور قدرات الاتحاد الأوروبي على العمل 
المشترك المنسق من جاتب الدول الأعضاء سوف 

يقكرره الود كبيعر: هل سيكو التحكم هي 
. الاقتصاد العالمي قويا أم ضعيفا. 
20 لقد رأينا أن الكتل التجارية تمثل حلقة 
وسيطة حيوية بين آليات التحكم العامة 
الممأسسة للاقتصاد العالمي ككل. مثل منظمة 
التجارة العالمية: من جانب: والسياسات 
الاقتصادية للدول القومية. من جانب آخر. إن 
ثلاثي الاتحاد الأوروبي واليابان ونافتا 
14114ل, يسيطر حاليا على اقتصاد العالم, 
ومن المرجح أن يحتل الثلاثي النصيب الغالب 
من الإنتاج الصناعي العالمي. والتجارة العالمية, 


«السؤال المطروح الآن هو إن 
كان مثل هذا الهجين 
السياسي قادراً على البقاء 
أو حتى على التطور». 

المؤلفان 






ما العولمة" 


والاستثمار الأجنبي المباشر في العالم لفترة طويلة قادمة. وعليه يمكن 
للكتل الثلاث أن تسيطر بشكل فعال على اتجاه الاقتصاد العالمي إن اختارت 
التصرف المنسق. أما إذا كانت الكتل التجارية رخوة التنظيم؛: وذات مصالح 
متنافرة. فإنها ستفضي حتما إلى تحكم متدن (وإن يكن ضروريا بشكل 
حيوي).: يرقع فجوات المؤسسات العالمية القائمة. وينخرط في تدابير دورية 
لتجنب الأزمات. إن التحكم القوي باقتصاد العالم في اتجاه أهداف طموح 
(مثل تطوير العمالة في البلدان المتقدمة وزيادة الإنتاج والمداخيل في العالم 
النامي) يقتضي وجود سياسة منسقة تنسيقا قويا من جانب أعضاء الكتل 
الشلاث. وإذا 5 عملت الكتل الشلاث على اعتناق مثل هذه الأهداف 
الطموحة وابتكرت آليات التحكم المناسبة لتحقيق هذه الأهدافء فإنها 
تستطيع فرض «هيمنة» ثلاثية جديدة على أسواق المال في العالم» وعلى 
هيئات الضبط العالمية والدول القومية الأخرىء. شبيهة بالهيمنة التي 
مارستها الولايات المتحدة بين الأعوام ١91464‏ و1575: وليس بصحيح أن أي 
مسعى لضبط النظام المالي العالمي بالوسائل المبحوثة في الفصل السابق» 
مثلاء سوف ينهار في الحال ب «فرار» الأعمال المالية إلى مواقع جديدة 
«خارج البلاد». نظرا لأن هذه المواقع الخارجية يمكن أن تحرم من 
العمل لو توافرت الإرادة السياسية للقيام بذلك. فلماذا ينبغي السماح 
لدول جزر صغيرة أن تأخذ العالم كله رهينة بين يديها؟ إن الشروط 
المسبقة لمثل هذا التنسيق تتمثل في أن تبقى الأطراف الثلاثة المكونة 
للشلائني متساوية مع بعضها البعض تقريبا من ناحية الجبروت 
الاقتصاديء وأن تبلور مذهبا مشتركا للتحكم, وأن تطور كل كتلة المسار 
الداخلي الثابت اللازم للتحرك الخارجي. 

وينبغي أن يكون واضحا لكل من يهتم بالمستقبل المستديم للاقتصاد 
العالمي أن هناك حاجة حيوية لتحكم عمومي نشط بنظام التجارة العالمية. وأن 
السوق الحر الخالص هش ومتفجر. وأن تبعات مثل هذه الأسواق مفزعة على 
النطاق الكوني. مثلما يشهد على ذلك اضطراب النظام المالي العالمي أواخر 
العام .١1554‏ وعليه فإن السؤال المطروح يتعلق بالطبيعة الدقيقة لآليات 
التحكم.: والقوى التي سوف تنظم وتسوق هذه الآليات. وقد أكد جون روجي 
(©8881 سطادل ,1993) أن «الليبرالية المقيدة بالأطر» شكلت الإحداثيات التي 


جرى تنظيم التحكم في نطاقها خلال الشطر الأعظم من فترة ما بعد 15560. 
واستمر هذا التحكم في شكله الكلاسيكي حتى أواخز عقد السبعينيات في 
أقل تقدير. ربطت الليبرالية المقيدة بالأطر بين التحكم القومي والتحكم فوق 
القومي. وانطوتء في المستوى المحلي. على تسوية اجتماعية إجماعية بين 
الصناعة والنقابات والدولة لتحديد قاع وسقف إعادة توزيع الدخل. أما على 
المستوى العالمي. فإن الدول المستقرة دعمت نظام تجارة مفتوحا ومتعدد 
الأطراف, وقد رتب هذا النظام خدمة لمصالح الرأسمالية العالمية عبر 
مؤسسات حكومية ومؤسسات فوق قومية غدت مألوفة بعد العام 15460: مثل 
الجات 6877 وصندوق النقد الدولي 19015: وغيرهما. 
لكن هذه الصورة بدأت تتغير منذ فترة وجيزة: على المستويين المحلي 
والعالمي. لتؤثر على بلدان الاتحاد الأوروبي بوجه خاص. فعلى المستوى 
المحلي تبدو مساومة دولة الرفاه في تآاكل مستديم في العديد من البلدان» 
ويتجلى هذا التآكل في الاندفاع السريع للنخب السياسية صوب القدرة 
التنافسية الاقتصادية واللامساواة (الفصلان الرابع والسادس). أما على 
المستوى العالمي. فقد أخذت أشكال جديدة من آليات الضبط بالبروز. وهي 
تبدوء على السطح في الأقل؛ وكأنها تقوض استمرار نظام الإدارة متعدد 
الأطراف. إن النزعة الأحادية القومية في الشؤون التجارية والمبادلات, 
والاتفاقات والصفقات الثثائية. والتشكيلات الإقليمية للمصلحة الاقتصادية, 
تشير جميعا إلى حالة غموض شديد عند الأطراف المشاركة إزاء مستقبل 
نظام تعدد الأطراف التقليدي. وليس من المرجح أن نشهد عودة إلى حقبة 
إقامة الإمبراطوريات أو مشروع هيمنة بلد منفرد: علما بأن هذين المظهرين 
عملا في الماضي بمنزلة إطارات. جزئية في الأقل؛ للتحكم بالنظام العالمي. 
غير أن كلا هذين الشكلين من الضوابط الناظمة مكلفان تماما من حيث 
تنظيمهما وإدامتهما. 
وإننا نرى أن نظام الأطراف المتعددة المصفرء القائم على تعزيز 
العلائق الثلاثية بين أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي واليابان» يمثل الآن 
الأفق الأرجح لآليات التحكم الفعالة بالاقتصاد العالمي!'). قد أثبت نظام 
الأطراف المتعددة. بهذه الصورة أو تلك. أنه الشكل الأكثر توفيرا والأقل 
تكلفة من أشكال التحكم في سبيل الاستقرار الاقتصادي العالمي. وقد قدم 


ما العولمة" 


هذا النظام أكثر الأطر فاعلية لتعزيز السيادة القومية في ظل نظام الدول 
العالمى. فقد وفر قاعدة عالمية لإضفاء الشرعية على السلطة المحلية: 
الأأكر اشن واندو 3 قسامل: يعذناكمن سقرنة وضمين الحلدقاك الخارجية ليه 
الدولة. وإن هذا الاعتراف المشفوع باستقرار النشاط الاقتصادي الذي 
تحقق بفضل المؤسسات متعددة الأطراف. قد عزز سلطات الدولة القومية, 
بدل أن يضعفها في مجال التحكم المحلي هيرست (11150, 15177). لكن 
حقيقة أن هذا النظام متعدد الأطراف لم يوجد قط في شكل صاف (فقد 
كان مكفولا ضمنا بالهيمنة البريطانية بين الأعوام 187١‏ و1914.ء وبالهيمنة 
الأمريكية بين الأعوام ١5404‏ و1577): وأن هذا النظام يعتمد الآن على 
سيطرة الكتل الثلاث على الاقتصادات الكبرىء ينبغي ألا تعمينا عن رؤية 
حقيقة أن «الكفاءة» الأساسية لهذا النظام لاتزال باقية وأن هذا النظام 
يظل يمثل المحيط الذي يمكن ضمنه إعادة صياغة «السيادة القومية» 
الليبرالية صياغة مؤثرة. 

إن البنية الناشئة المحورة لنظام الأطراف المتعددة هي في ذاتها مزيج 
مركب من نظام الأطراف المتعددة القديم, المؤطر بإطار ليبرالي كلاسيكي. 
والنظام الثلاثي الجديد الذي يقف في المركز منه. وهناك درجة كبيرة من 
انعدام التناسق بين المكونات الثلاثة للشلاثي. ويعد الاتحاد الأوروبي عنصرا 
أساسيا فيه. فالاتحاد الأوروبي هو من أكثر مشاريع التحكم الاقتصادي 
متعدد القومية طموحا في العالم المعاصرء لكن الاتحاد لايزال بعيدا عن 
الاكتمالء فهو يعاني مشكلات كبرى في التعبير الداخلي وفي التصورات 
المتباينة حول مستقبل تطوره؛ مما يحد في الوقت الحاضر من قدرته على 
التحرك الخارجي المنسق. أما نافتا فإنها تخضع لسيطرة الولايات المتحدة: 
في حين أن اليابان تشكل اقتصاد كتلة قائمة بذاتها ومرتكزة إلى دولة قومية؛ 
وعليه فإن الاثنتينء أي الولايات المتحدة واليابان: أقل طموحا من الاتحاد 
الأوروبي في إستراتيجيتها للتحكم: وهما أقرب إلى الكيانات السياسية 
التقليدية. ولو سلّمنا أن بمقدور اليابان والولايات المتحدة الاتفاق على برنامج 
عمل مشترك والحصول على دعم داخلي له. فإنهما تستطيعان تتسيق 
السياسة على غرار ما كانت الدول القومية تفعله في السابق. أما الاتحاد 
الأوروبي فيعاني مشكلة التوفيق بين المصالح المتباينة داخله. وتحديد وجهة 


... كتلة تجارية 


تطور مؤسساته. بناء على ذلك: فإن ما سيحصل للاتحاد الأوروبي سيكون 
عاملا حاسما مقررا لكامل بنية آلية التحكم التي ستنضج آخر المطاف لمجمل 
الاقتصاد العالمي بأسره. 

ويقف الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق من ناحية تطوره الداخلي ومن 
ناحية علاقاته الخارجية على حد سواء. وعلى حين أننا سنعامل الاتحاد 
الأوروبي . من باب التبسيط. بوصفه كيانا واحدا في جل ما سيأتي من 
تحليلات. فلا ينبغي لهذا أن يعشي أبصارنا عن رؤية الصعوبات التي 
يواجهها الاتحاد في تأمين هويته المشتركة أو قدرته على التحرك. ولايزال 
ممكناء في الأحوال القصوى. أن يتشظى الاتحاد الأوروبي. ولعله يتعين 
علينا أن نستمر في رؤية الاتحاد بوصفه تجميع كسور خمسة عشر كيانا 
قومياء لايزال العديد منها ملتبسا من ناحية الالتزام بالمثال الأعلى 
للاتحاد الأوروبي التام. الواقع أن ذلك يشكل أول نقطة انطلاق لناء 
نظرا لأنه يتوجب علينا أن نوضح بالتحديد ماهية الاتحاد الأوروبي في 
الفترة الحالية. 


الاتحاد الأوروبى بوصفه كيانا سياسيا 

ترتبط قدرات الاتحاد الأوروبي في التحكم الاقتصادي الفعال ارتباطا 
وثيقا بالتطور اللاحق لمؤسساته السياسية. ويواجه هذا التطور صعوبتين 
خطيرتين. أولاهما أن الاتحاد الأوروبي مشروع جديد لا تفيد النماذج 
السياسية السابقة بشيء في ارشاد ارتقائه. وثانيتهماء وهي الأهم: أن هناك 
فوارق كبيرة في الأداء الاقتصادي والمعايير الاجتماعية؛ وبالتالي في المصالح 
السياسية بين البلدان المكونة للاتحاد. 

إن الاتحاد الأوروبي لايؤلف حالياء ولن يصبح مستقبلاء نسخة مكبرة طبق 
الأصل من دولة قومية. ولا يمكن تفصيل تطور الاتحاد الأوروبي على مقاس 
دول فيدرالية مركزية ذات حجم قاري على غرار الولايات المتحدة. فالاتحاد 
هوء بالأحرى؛ كيان سياسي من نوع جديد لا تنطبق عليه المقولات الدستورية 
المعهودة. فهذه المقولات مستقاة من مؤسسات الدولة القومية. وفي الأساس 
منها مقولة سيادة جهاز التشريع الأساسي وخضوع الجهاز التنفيذي المركزي 
لمحاسبة جهاز التشريع هذا. خلافا لذلكء لا يتوافر الاتحاد على مصدر 


ما العولمة" 


سيادى واحد للقانون. ولا يمتلك جهازا تنفيذيا مركزيا متعدد الوظائف 
خاضعا للمحاسبة الديموقراطية من جانب ممثلي الشعبء. عبر قناة واحدة 
هاردن (معلعةآ1: .)١556‏ 

إن الاتحاد الأوروبي لا يشبه الأشكال الدستورية للدولة القومية من قريب 
أو بعيد. فمعظم صلاحيات الاتحاد نابعة من معاهدات مبرمة بين الدول 
الأعضاء. وإن جل تشريعاته يعتمد على إدراج مبادرات الأطر المشتركة على 
مستوى الدول الأعضاءء كما يعتمد على الأجهزة التنفيذية لتلك الدول في 
تنفيذ السياسات المشتركة . ولايزال نظام صنع القرار المشترك يعتمد؛ بدرجة 
كبيرة» على الاتفاقات المبرمة بين الحكومات القومية؛ وعلى المداخلات السرية 
نوعا ماء وغير الخاضعة للمحاسبة قومياء في مجلس وزراء الاتحاد. وتحتفظ 
الدول القومية في الاتحاد الأوروبي بالعديد من وظائف الحكم المهمة والمميزة. 
كما تتسم الأمم بلغات متباينة» وتقاليد ثقافية مختلفة. وأجهزة قضائية 
متباينة» وأن هذه الفوارق ستظل تعمل على جعل التكامل الأوروبي التام أمرا 
مستحيلا. وحتى لو جرى تطوير سياسة خارجية وأمنية مشتركة بعد العام 
٠‏ فإن هذه السياسة سوف تعتمد على قرار غالبية ممثلي الدول 
الأعضاء. وسوف تتطلب التبرع بوحدات عسكرية؛ ممولة وخاضعة للإرادة 
القومية. لدعم السياسات المشتركة. ولن يغدو الاتحاد كيانا سياسيا يشبه. 
الدولة القومية الوحدوية القديمة ولو من بعيد. 


عودة إلى الفيدرالية والكو نفد رالية 

من المفيد العودة؛. في هذا الإطار السياسيء إلى السجال حول الفوارق بين 
التشكيلات السياسية الميدرالية (]10065688ا8) والكونفدرالية 
(0من50ة5 ). كثيرا ما يقال إن الجماعة الاقتصادية الأوروبية «القديمة» 
كانت تشكيلا كونفدرالياء في حين أن الاتحاد الأوروبي «الجديد» هو بداية 
تشكيل فيدرالي مركز دراسات السياسة الاقتصادية. (0858 .)١1997‏ وتوصم 
التشكيلات الكونفدرالية بالافتقار إلى الوضوح البنيوي للهيئات الفيدرالية 
الشبيهة بالدولة. ويرجع الكثير من السجال الدائر لإجلاء وتشغيل مفهوم 
(مفاهيم) التبعية 3]9:ة1013وطناة إلى الانتقال من الأشكال التنظيمية 
الكونفدرالية إلى الأشكال الفيدرالية. 


... كتلة تجارية 


هناك شرطان أساسيان يميزان الكونفدرالية عن الفيدرالية. يمكن لنا أن 
نطلق على الشرط الأول اسم «مبدأ الانفصال». فصلاحيات الاتحادات 
الكونفدرالية مقيدة دوما بمعاهدات ينبغي إعادة التفاوض حولها كلما نشأت 
قضايا جديدة تتعلق بالتنسيق أو النشاط المشترك. وعليه ثمة إمكان دائم: بل 
ثمة حق قانوني, لكل طرف في التشكيل الكونفدرالي بأن ينفصل عن الاتحاد. 
أما الفيدرالية فلا تقوم على هذا المبدأ. حيث إن «الدولة الفيدرالية» تتمتع 
بأولوية قانونية (لأغراض اتحادية) على حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد, 
ونتيجة لذلك لا يوجد أي حق قانوني بالانفصال. أما السمة الرئيسية الثانية 
التي تميز الاتحاد الكونفدرالي عن الاتحاد الفيدرالي فتنطوي على «مبدأً 
اتجاه السلطة». ففي حالة الكونفدراليات تتحرك السلطة من الأجزاء إلى 
المركز الكونفدرالي؛ بحيث إن الصلاحيات لا تمنح صعودا إلا على أساس 
قضية بقضية., وتحتفظ المستويات الأدنى بحقها في تقرير الأمر. أما ضفي 
حالة الاتحاد الفيدرالي» من جهة أخرىء فإن اتجاه السلطة يمضي من المركز 
إلى الأعضاء المنضوين في الاتحاد. بحيث إن الصلاحيات تمنح: أساساء من 
المركز نزولا إلى حكومات الدول الأعضاء. 

ومن الواضح أن هناك صيفغا وأشكالا مهجنة عدة من هذه الترتيبات 
الكونفدرالية ‏ الفيدرالية. ولكن بقدر ما يتعلق الأمر بالقدرة على التمييز بين 
الاثنين. فإن المبدأين المعروضين هنا يلتقطان الفوارق الجوهرية. وأول ما 
يترتب على ذلك أن الدول الفيدرالية أقرب شبها بالدول الوحدوية منها 
بالدول الكونفدرالية؛ برغم أن ذلك لا يعني إنكار الفوارق الهائلة بين الشكل 
الوحدوي والشكل الفيدرالي("). 

أما ثاني ما يترتب على هذا التحليل فهو أن فكرة التبعية ‏ إن وجد معنى 
ثابت لهذا المصطلح ‏ لا تتطابق تماما مع فكرة السلطة الكونفدرالية التي 
عرضناها هنا. فمفهوم التبعية يفترضء كما يبدوء تفضيل الصلاحيات 
اللامركزية؛ ما لم تكن هناك أسباب وجيهة للمركزية. لكن المفهوم يفترض 
أيضا وجود اختصاص فيدرالي لتقرير درجة المركزية أو اللامركزية 
بالضيط لهذه السلطات المحددة. فالسلطة الفيدرالية أو القائدة تمتلك 
اختصاص الاختصاص (52عاءمده! 2معاءمده). كما يقول الألمان. 
أضف إلى ذلك, أن المعنى الأصلي لمفهوم التبعية لم يقتصر على أن يتضمن 





ما العولمة" 


لا مركزية صنع القرار وعائدية الصلاحيات إلى الحكومات القومية 
فحسب. بل يتضمن إمكانا عميقا لتوزيع لا مركزية التحكم العمومي أو 
الخامن على المسنتويات القومية والمناطفية والمحلية أيضا..وإن وجود طبقات 
متماقبة من الترتيبات الكونفدرالية, العمومية والخاصة؛ هو خير ما يحقق 
اللعنن الأساسن لفهوم التبعية). 


التشكيل الأوروبس الحالى 
إن الفكرة في هذا القسم ذات شقين. أولا إن آليات التحكم القائمة حاليا 
في الاتحاد الأوروبي تظلء بالمعنى العام كونفدرالية أساسا من حيث الشكل. 
وثانياء أنها ستظل كذلك في المستقبل المنظورء برغم فورة النشاط المقترن 
بالسجال الأخير حول توسيع الاتحاد والمؤتمر الحكومي المشترك الذي انعقد 
في العام 14517. ومن الواضح أن الشق الشاني من الفكرة هو الأكشر إثارة 
للجدلء إلا أننا نبدأ بتفصيل الشق الأول منهما. 
لاتزال معاهدة روما ١4017‏ تؤلف أساس الاتحاد الأوروبي وصلاحياته. 
وتعترف الغالبية بها بوصفها معاهدة من النمط الكونفدرالي من حيث دورها 
في إرساء آليات التحكم. وتتميز معاهدة روما بأنها ذات نطاق محدود. حيث 
لا تتوحد الدول فيها إلا لتحقيق أغراض معينة خاصة. غير أن الدولة 
الكونفدرالية تختلف عن كونفدرالية دول ترمي إلى تحقيق أهداف مشتركة 
معينة. وهي الحال التي لايزال فيها الاتحاد الأوروبي على الأرجح. وطرأت 
منذ العام 19601 تعديلات ومعاهدات إضافية: أرسى بعضها مبادئّ وقدرات 
شبه ‏ فيدرالية بالنسبة لضوابط الجماعة الأوروبية ومبادراتهاء وهي فضي 
الغالب مقصورة على ميادين خاصة ومحدودة. برغم أنه لا يوجد, كما و 
كير اناق يون هذه اللنادية؟ *ولاكرال ستلاحيات الأنحاد سخولة تمه 
جانب الدول الأعضاء (فهي صلاحيات «ممنوحة»). ولا يملك الاتحاد آلية 
عامة لتوزيع اللاختصاص داخله. زد على ذلك أن تسوية لوكسمبورج» 
©0115 نازع :]1 (1511) كفلت صلاحية نقض (قيتو) وزاري» 
كأمر واقع. في القرارات المهمة. لكن «مرسوم أوروبا الموحد» قضم صلاحية 
النقض هذه بالكامل (حيث أدخل المرسوم أهلية التصويت بالأغلبية. وقضية 
«الأغلبية الرادعة» ب7؟ صوتا)ء وتعزز ذلك أكشر ب «التسوية اليونانية» العام 


4 ط(التي أدخلت مبدأً الأغلبية الرادعة ب77” صوتا) التي ارتبطت 
بانضمام النمسا وفنلندا والنرويج والسويد إلى الاتحاد. ويبقى مجلس 
الوزراءء رسمياء الحلبة الأساسية لصنع القرارء برغم أنه نقل صلاحياته إلى 
اللجنة الأوروبية. وتمتلك اللجنة السلطة الفعلية لتقرير معظم السياسة 
التجارية (بفضل معاهدة روما). أما التتفين التشريعي فلا يزال من 
اختصاص الحكومات القومية التي تدرج المراسيم المتفق عليها ضمن 
الجماعة الأوروبية في متن القانون المحلي (برغم أن ذلك يخضع إلى 
الأحكام النهائية للمحكمة الأوروبية). 
إن ذلك كله يؤلف مجموعة معقدة من أبعاد صنع القرارء لكنها فيدرالية 
من حيث الشكل إلى حد بعيد. كما نظن. إن هذه السلطات لا تؤلف دولة 
كونفدرالية بأي حال. وبالطبع فإن الاتحاد الأوروبي يتسم بخصائص معينة 
ممائلة لخصائص الدولة؛ ولكن خير وصف لها هو القول إنها تمثل تشكيل 
«سلطة عمومية كونفدرالية» (وهي ذات قرابة مع مفهوم «التوحيد 
الكونضدرالي» الرائج في مناقشة آليات التحكم في الاتحاد الأوروبي. انظر 
كريسوتشو (ناووطع0ؤونضط). ,١996‏ /551١)؛‏ كذلك تايلور 2مالاه1. .)١95٠١‏ 
ويقصد بهذا المصطلح الإشارة إلى عمل هيئات عمومية مركبة على المستوى 
الأوروبي. خاضعة لأشكال عدة من المحاسبة والسيطرة شبه الديموقراطية, 
لكنها تفتقر إلى الأساس والحقوق الدستورية التامة؛ أو إلى الشرعية من كل 
المواطنين. وهي تؤلف نظام «تحكم يلا حكومة» وممارسة «إدارة الدولة من 
غير دولة»!"). 
والسؤال المطروح الآن هو إن كان مثل هذا الهجين السياسي قادرا على 
البقاء أو حتى على التطور. رأينا في هذا أنه سيكون قادرا على ذلك؛ بل إن 
عليه حقا أن ينضج في هذا الشكل إن أراد البقاء. 
هناك بديل عن فكرة السلطة العمومية الكونفدرالية التي تحكم أوروبا 
المستقبل؛ هي فكرة إنشاء دولة اتحادية تامة. وإن الحجة المناوئة لهذا الخيار 
الثاني الذي يتطور فعليا (بمعزل عن الرغبة فيه) هو أن معظم السياسيين 
الأوروبيين الحاليين يحرصون الآن على تجنب المجازفة حرصا أشدء ويخافون من 
صعود القوى القومية المتطرفة والقوى الإقليمية خوفا أشد من أن يسمح لهم 
بالتفكير في انتهاج هذه السياسة. زد على هذاء أن ذلك سيفضي.ء لا محالة؛ 


ما العولمة" 


إلى إعطاء بروكسل السلطة على حساب الحكومات القومية؛ مما سيثير مقاومة 
غالبية الزعماء القوميين والبرلمانات القومية لهذا السبب بالذات. 

إن السبب الكامق: وزاء الاعتماد باق القياذات الشياسينة الأورويية 
الرئيسية سوف تحاذر السماح ببروز دولة فيدرالية مكتملة في أوروباء يرجع 
إلى وجود قوى معاصرة مكينة طاردة عن المركز داخل القارة. تتمثل أولى هذه 
الشوى بانهيان التغيانين اللساسئ: لق كان الظيف الياسي الذي وسيظن 
على الاتحاد يتراوح بين اليمين الوسطي واليسار الوسطي منذ تأسيسه العام 
هلاه . أما الفترة الأخيرة فقد شهدت انعطافا لا باتجاه اليسار المتطرفء. بل 
نحو اليمين المتطرف» ثم د يدرجة اكبرء باتجاه الأحزاب:الشعيوية والقومنية 
والإقليمية المحلية. وهناك علائم واضحة على حصول تمرد سياسي ضد 
الأحزاب القديمة في بلدان أوروبية عدة. وسخط على الدولة القومية نفسها. 
وقد تجلى ذلك بأسطع صورة في الانتخابات الإيطالية في العامين ١957‏ 
و؛:95١‏ حيث فقدت الأحزاب القديمة التأييد في عموم الدوائرء بينما صعدت 
أحزاب اليمين المتطرف. والأحزاب الشعبوية والأحزاب الفيدرالية المحلية 
صعودا قويا. ولما واجهت الأحزاب القديمة تحديات أحزاب اليمين القومي أو 
أحزاب الانفصال الإقليمي. راحت تتمرس سياسيا لتدافع عن الدولة وتقاوم: 
بالتالي التنازل عن المزيد من السلطة إلى الاتحاد الأوروبي!'). 

أما القوة الأخرى الطاردة عن المركز والتي تدفع إلى الاحتراس فتتمثل في 
احتمال تعثر النمو الاقتصادي الأوروبيء المقترن بإمكان استشراء واستطالة 
الكساد الاقتصادي في أرجاء قارة أوروبا. ولم يحصل ذلك منذ التوقيع على 
معاهدة روما. ولقد تحقق التكامل الأوروبي حتى الآن من دون تكاليف 
جسيمة. لقد مرت كل دول القارة بارتفاعات في الإنتاج والمداخيل الحقيقية 
(برغم حصول تقلبات ملحوظة). ولو فُيّض للنمو أن يتعثر. لأمكن للضغوط أن 
تنمو باتجاه تدابير الحماية القومية. غير أن هذه التدابير لن تنحو إلى فرض 
حواجز جمركية جديدة داخل أوروباء بل إلى قلب سياسة المنافسة الأوروبية, 
هذه السياسة التي وضعت لتقليص مهعونة الدولة للصناعة: وإلى التماس 
استقلالية في السياسة الضريبية والنقدية أكبر مما تسمح به عملية الاتحاد 
النقدي الأوروبي. ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يبدأ بالتفكك. حين تشرع الدول 
القومية في حماية قواعدها الاقتصادية؛ وحين تأخذ القيادات السياسية 


القديمة بالسعي إلى تفادي خطر المنافسة السياسية من أحزاب اليمين 
المتطرف وأحزاب الأقاليم المحلية. 

غير أن من فادح الخطأ المغالاة في الضعف السياسي للاتحاد 
الأوروبي. فلقد استطاع الاتحاد أن يحل محل الدول القومية في عدد من 
ميادين التحكم. ولم تعد هذه الدول كيانات «ذات سيادة». كما كانت تدعي 
قبلئذ. فالبرلمان الأوروبي.ء خصوصا بعد إبرام اتفاقية ماسترخت. يمارس 
فعلا قسطا مهما من وظائف التشريع ومحاسبة الأجهزة التنفيذية. وتلعب 
اللجنة الأوروبية دورا مهما في خلق مبادرات تشريعية؛ وتتشاور حول 
السياسات الكبرى في أرجاء أوروباء كما تمارس على نحو مباشر بعض 
سلطات الضبط وتشرف على سلطات أخرى في ممارسات هذه الأخيرة 
على المستوى القومي. وإن تلك الجوانب من التشريع الأوروبي التي تتولى 
تطبيق السوق الموحد لها الأسبقية على التشريع القوميء وهي تختزل 
بذلك اختزالا جذريا سيادة جهاز التشريع القومي من ناحية بعض 
الوظائف. وغدا أناس أوروبا بعد إبرام اتفاقية ماسترخت مجرد مواطنين 

وعليه فإن الاتحاد لا يندرج في أي مخطط دستوري جاهز. فهو 
ليس دولة موحدة ولا هو دولة فيدرالية., ولا هو بدولة كونفدرالية؛ 
بل ينيغي أن يسمى. بالأحرىء رابطة دول ذات وظائف تحكم معينة 
ومحددة. تمارسها سلطة عمومية مشتركة. وينبغي النظر إلى الاتحاد 
ككيان سياسي مركبء يتألف من مؤسسات ودول أعضاء. وشعوب 
مشتركة. وتنطوي هذه البنية حديئة النشوء. وشديدة التميز. والثقيلة 
نوعا ماء على مواطن ضعف ومواطن قوة. هناك مواطن قوة لأن هذه 
البنية تقللء إلى الحد الأدنى»: النزاعات التي تتشب حين تحصل 
مجموعة معينة من المؤسسات على الأسبقية:, أو حين يجري السعي 
إلى بناء دولة موحدة من شتى المؤسسات السياسية المتنوعة. أما 
على المدى القصيرء فإن لهذه الينية مكامن ضعف. لأن مثل هذه 
الرابطة المركبة تحد من التطوير العاجل لبعض وظاكف التحكم 


المشترك 0 الضروري. 


ما العولمة" 


والمقصد هنا أن على ارتقاء أوروبا السياسي أن يعتمد على هذا اليناء 
المركب وأن يحوله إلى مزية ممتازة. ولا يمكن للمرء. كما تخيل بعض 
«الفيدراليين» في أواخر عقد الثمانينيات: أن يعمل على تكبير أشكال 
الحكم والمحاسبة القومية لتتاسب المقاس الأوروبي. إذ لا يمكن توسيع 
البرلمان الأوروبي ليغدو جهاز تشريع أعلى. واختزال البرلمانات القومية إلى 
دور سلطات تابعة تعمل في دولة قومية:؛ فالبرلمان الأوروبي ليس هيئّة 
سيادة كلية الصلاحية؛ وهو يفتقر إلى الشرعية المشتركة لممارسة مثل هذه 
الوظائف. وعلى الغرار نفسه. لا يمكن للجنة الأوروبية أن تتحول إلى سلطة 
تنفيذية أوروبية. خاضعة بالأساس لمحاسبة برلمان ستراسبورج. وتتمتع 
بالأسبقية على الحكومات القومية. وإن من شأن التطور السياسي أن 
يحقق. على الأرجح: أكبر نجاح إذا ما تركز على تعزيز إجراءات صنع 
القرار المشترك لمجموع الدول في الرابطة. موضا عن السعي إلى 
استئصال المؤسسات السياسية على المستوى القومي. ويمكن للمستوى 
الاتحادي والمستوى القومي أن يزيدا من سلطتهما وقدرتهما على التحكم 
إن استطاعا التعاون والتنسيق؛ وكما سنرى في الفصل التاسع؛ أن 
«السيادة» ليست بأي حال من الأحوال مقدارا ثابتاء لا تكسب فيه هيئة 
معينة مقدارا من قدرة التحكم إلا على حساب فقدان هيئة أخرى لهذا 
المقدار. لقد آن الأوان لدفن مفهوم بودان للسيادة. سوية مع المفاهيم 
الأخرى عن السلطات الحكومية الحصرية التي يرتكز إليها مفهوم بودان 
(انظر: متله80) .)١1957‏ 

تواصل الدول القومية للاتحاد الأوروبي لعب دور حيوي. فهي لاتزال بؤرة 
حاسمة للشرعية السياسية والمحاسبة الديموقراطية التي يتعذر على الاتحاد 
أن يعمل من دونها. إن شؤون السياسة القومية وهوية المواطنة القومية لاتزال؛ 
وستظل آسرة تماماء على نحو لن تستطيع شؤون السياسية الأوروبية والهوية 
الأوروبية المشتركة أن تفعله في المستقبل المنظور. 

غير أن قوة الأمم الأعضاء في الاتحاد هذه يمكن أن تتحول إلى مزية 
إيجابية في التحكم بالاتحاد. فالعجلة المفرطة في تطوير المؤسسات المركزية 
الأوروبية قد تهدد. في الواقع» شرعيتهاء مفضية إلى تسويغ المخاوف من 
نشوء حكومة تكنوقراطية لا تخضع للمحاسبة. 


يميل السياسيون القوميون سراعاء إلى أن يروا أن دورهم يقوم في 
الاحتجاج على مثالب مؤسسات الاتحاد الأوروبي: إن كانوا ديموقراطيين, 
وفي المساومة على أفضل صفقة تخدم. قليلاء المصالح الذاتية لأمتهم في 
مجالس الاتحادء إن كانوا براجماتيين (نفعيين). أما الراديكاليون 
الديموقراطيون. وبخاصة من أعضاء البرلمان الأوروبي (815825), 
ومستشاروهم؛ فيرفعون شبح «نقص الديموقراطية» في مركز الاتحاد. 
ويصح هذا النقد بحدود ما أن التصورات البيروقراطية والتكنوقراطية 
لرسم السياسة قد هيمنت على النخب الأوروبية. لكن هذا النقد مخطىّ 
حين يرى هؤلاء النقاد أن المشكلة هي مثل مشكلة غياب المحاسبة في الدولة 
القومية ولكن على نطاق أكبر. أو أن المشكلة قايلة للعلاج بأخن آليات 
سياسية من المستوى القومي وتكبيرها على المقاس الأوروبي. على العكس. 
فخير سبيل لتعزيز الديموقراطية ومحاسبة الحكومات يكمن في النظر إلى 
الاتحاد الأوروبي بوصفه كيانا سياسيا تشكل الدول القومية فيه أهم منابع 
لتمثيل الناس على المستوى الأوروبي. ويمكن تحقيق هذا التعزيز للمحاسبة 
بسرعة دونما حاجة إلى إجراء تغييرات بنيوية كبيرة. شريطة حصول تغير 
ملحوظ في موقف السياسيين الأوروبيين. وهكذا فإن صنع القرار بأغلبية 
ممثلي الدول الأعضاء في المجالس المشتركة للاتحاد سوف يتطلب من نواب 
البرلمان الأوروبي والوزراء القوميين رؤية وممارسة أدوارهم بوصفهم «ناخبين 
قاريين» في إطار كيان سياسي أوسع (وهي فكرة سوف نفصلها تفصيلا 
أكبر في أواخر الفصل التاسع). 

إن تيسير دور مجلس الوزراء ونطاق صنع القرار بالأغلبية داخله يحتاج 
إلى أن يُرسخ: وأن ينص عليه بشكل دستوري صريح بوصفه الفاية 
الرئيسية للوحدة السياسية. ولابد من إضفاء الشفافية على قرارات 
المجلس الأوروبي ومداخلات البرلمان أمام أنظار مواطني أوروبا. كما أن 
هناك حاجة إلى مناقشة أوسع لأعمال وتصويت الوزراء القوميين في 
المجلس الأوروبي. وإبلاغ برلمانات الدول الأعضاء بذلك. حتى يخضع هؤلاء 
إلى المحاسية المباشرة من جانب الممثلين المنتخبين قوميا. ويتوجب على 
الوزراء الإقرار بأن أعمالهم. حين يتحدثون أو يصوتون في بروكسلء لم 
تعد مسألة محصورة بين الحكومات. بل إنها مسألة حكومية. ويتعين عليهم 


ما العولمة" 


أن يفكروا ويعملوا كممثلين قوميين في منبر فوق قوميء ليصوغوا السياسة 
في إطار رابطة دول منتظمة دستوريا. 
إن محاججتنا هذه ليست مناوئة لأوروبا. فالاتحاد الأوروبي لا يمكن أن 
يبقى طويلا كرابطة ضعيفة البنية من دول قومية: من دون أن يعاني عواقب 
التحكم الضعيف والجزئي باقتصاد قاري النطاق. إن الحكومة القومية ليست, 
بالضرورة. هي حكومة مركزية وحصرية. فالقوة يمكن أن تستمد من التشاورء 
والتنسيق وتقسيم العمل في وظائف التحكم. وإن الخطر الداهم في أوروبا 
هو خطر التنافس بين الدول القومية., والنزاع فيما بينها على السياسة 
المشتركة. فذلك سيؤدي إلى تداخل وتضارب الاختصاصات,. وإلى نشوء 
«فجوات» في نطاق التحكم. وتتلاشى قدرات التحكم في هذه الفجوات, 
فتقلص السلطات المتنافسة. وتضعف بالتحديد الحكومات المعنية بمصلحتها 
الذاتية على المستوى القومي بسبب إخفاقات السيطرة الفعالة عند المستوى 
الأوروبي. إن خلق سوق موحدة. ومواصلة تركيز الإنتاج وتكامله على المستوى 
الأولي؛ قد أديا إلى نشوء ظاهرات لا يمكن للسياسات القومية أن تتحكم 
فيهاء ولا يمكن تركها نهبا لتأثيرات أسواق خالية من الضوابط. وإن ضعف 
التحكم.؛ المشترك والتعاوني. من جانب الدول القومية على المستوى الأوروبي 
سوف يقود إلى صراعات مريرة وتمزقات: بين اقتصادات قومية متنافسة 
ومتباينة الأداءء حول أبعاد سياسية لم يعد بوسع الدول المنفردة أن تسيطر 
عليها. إن أعداء الوحدة الأوروبية الذين يريدون اختزال الاتحاد إلى مجرد 
منطقة تجارية حرة ذات بنية رخوة, والمنشقين المحليين الذين يسعون إلى 
اختزال صلاحيات تحكم الاتحاد بقلب مبدأ «التبعية» 051013109ناه على 
بروكسل 87055615: إنما يهددون:؛ لا مشروع الاتحاد الأوروبي وحده فحسبء بل 
صلاحيات دولهم القومية نفسها في ميادين كبيرة من الحياة الاقتصادية. إن 
التحكم الاقتصادي الأوروبي في حاجة إلى توسيع. لكن ذلك لن يتحقق بإنشاء 
دولة كبرى. عوضا عن ذلك. سيتضمن هذا التوسيع تقسيما للعمل يشمل 
الحكومات القومية والمحلية. بالتعاون مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي ذات 
الصلاحية الكبيرة ولكن بوظائف محدودة. 
إن شح التفكير السياسي لردم الفجوة بين الكوني والقومي هو إحدى 
المشاكل الكبيرة التي تعيق الاستجابة لهذه القضايا بصورة متماسكة. وإن 


... كتلة تجارية 


غلاة منظري العولمة يحدثون الضرر تماما في هذا الشأن:؛ لأنهم يجادلون 
بأن لا حاجة لأن نحاول. فهم ينكرون الحاجة إلى وجود تحكم متين فوق 
قوميء كما ينفون إمكان العمل على المستوى القومي. إنهم متشائمو الفكر 
والإرادة. وإن الحاجة إلى بلورة توازن السلطات بين المستويات المحلية 
والقومية والاتحادية للتحكم في أورويا تسلط الضوء على حقيقة غياب أي 
نظرية مقبولة بعامة عن فن الحكم اللازمة لممارسة هذا التوزيع للسلطات, 
وبالتالي غياب النموذج الموجه لمعمار المؤسسات اللازم للحلول محل معمار 
الؤمتشاك السنتحد محن الدول القوضكة وهكذا اح انتحاب المتاها 
التي تحف بالسجالات عن المستقبل السياسي لأوروباء والارتباك الذي 
يحف بالمصطلحات,. والالتباس الذي يحف بالمناقشات التي تدور حول 
مقاصد متعارضة. , 1 

الواقع» أن وضع مثل هذه النظرية ليس صعبا إلى هذا الحدء ما إن يصار 
إلى تشخيص القضايا بوضوح., كما أن دول أورويا لا تفتقر إلى الأرضية 
المشتركة للعمل برغم تضارب المصالح القومية. غير أن التعاون بين الدول في 
الاتحاد. وهو تعاون ضروري لجعل الاتحاد كيانا سياسيا فعالا مؤلفا من دول؛ 
لا يمكن إلا أن يعاد تركيزه في وجهة جديدة إن كان ثمة أساس مشترك متين 
للعمل. ويبدو الآن أن من المرجح تماما أن يبدأ الاتحاد النقدي الأوروبي في 
الوقت المقررء وأن يضم عددا كافيا من الأعضاء يكفل له النجاح. ولابد من 
القول إن الاتحاد الأوروبي أبلى خير بلاء حين كان يتطلع خارج ذاته إلى البيئة 
والمفاوضات الخارجية. ففي هذه الحالات كانت الخلافات بين أعضاء الاتحاد 
أقل بكثير من الخلافات التي تنشب حين يركز الاتحاد الأنظار صوب نفسه 
على تطوراته الداخلية. كما أن الاعتبارات الخارجية تعطي أوروبا أساسا 
للتماسك والموازنة بين التعاون والتنافس؛ بين المصالح القومية المكونة له في 
مجرى متابعة إستراتيجية ساعية إلى ترسيخ التعاون بين الأطراف الرئيسية 
في الاقتصاد العالمي نحو أهداف مشتركة. 

غير أن الخلافات في النظام العالمي بين أطراف الثلاثي على سبيل 
المثال: أقل من القليل بمعنى ما. وتنزع الولايات المتحدة إلى أن تحقق ما تصبو 
إليه بأسهل من اللازم: وأكثر من اللازم. ونجد مثلا أن الاتحاد الأوروبي أذعن 
بسهولة أكثر من اللازم لمحاولات الإقناع من جانب الولايات المتحدة حول عدد 


ما العولمة" 


من القضايا الأساسية خلال إكمال جولة الأورغواي لمفاوضات التجارة؛ ليس 
أقلها قضايا حقوق الملكية الفكرية والتجارة الزراعية. ولو كانت أوروبا أشد 
حزما لذادت عن مصالح بلدان العالم الثالث في ميدان التجارة الزراعية؛ 
خصوصا أنها تعطف عطفا أكبر وتعقد صلات أوثق مع هذه البلدان قياسا 
إلى اليابان أو الولايات المتحدة. وعليه. يمكن أن تكون هناك «أرضية مشتركة» 
أوسع مما ينبغي داخل الأسرة الدولية حول الشؤون الاقتصادية. وإن إضافة 
شيء من الخلاف سيسهم في تحديد ملامح النظام بوضوح أكبرء ودفع 
العبنالج الخاصة للاتحاد الأوروبي وحلفائه بقوة أكبرء وتمكين الاتحاد 
الأوروبي من ترسيخ موقعه الداخلي أكثر فأكثر (نظرا لأن النزاع «الخارجي» 
يقوي الضغوط التكاملية). ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يمارس صلاحياته 
بوضوح أكبر بازدياد النزاع داخل الكتل الشلاث, ومن شأن ذلك أن يوفظر 
الشروط السياسية لتطور عملية داخلية متماسكة لصنع القرار. 

ولما كانت معاهدة روما قد خولت الاتحاد الأوروبي صلاحيات التصرف 
في معظم القضايا الخارجية المتصلة بالتجارة؛ فإن ذلك قد عمل على تقوية 
حضور أوروبا في مباحثات التجارة والاستثمار والإدارة المنسقة على الصعيد 
العالمي. لا نقصد بذلك القول إن الاتحاد الأوروبي لم يستطع الجهر بما 
يريد بالفم الملآن في هذه المفاوضات. كما لا نقصد بأي من ذلك التأليب 
على النزاع السافرء والحمائية» أو المواجهات. بل هي مناشدة إلى الاتحاد 
الأوروبي كيما يحدد مصالحه الخارجية الخاصة بوضوح أكبر وهو يعمل في 
محيط الالتزام المستمر بمبداً الجماعية متعددة الأطراف. فهذه المواقف 
ليست متنافرة. 

إن مفتاح التعميق الداخلي للاتحاد يتمثلء كما هو جليء. في العلاقات التي 
تتفتح من ناحية صورته الخارجية. وعلى سبيل المثال فإن دور الاتحاد 
الأوروبي في مفاوضات الجات ومنظمة التجارة العالمية. بوصفه صوتا موحدا 
في صياغة موضوعة التحكم العالمي الناشئة, ليس قويا بما فيه الكفاية بأي 
حالء لكن توجهه العالمي هذا يمكن أن يكون منبعا للوحدة الداخلية. ومن 
الجلي أن أسهل الطرق لكي تتوحد أوروبا خارجيا هو أن تصبح كتلة تجارية, 
حمائية. تنافسية» مضادة لكتلة نافتا واليايان» غير أن بؤرة التوحيد هذه 
سلبية. ومن شأنها أن تخدم القوى المحافظة في أوروباء كما أنها ستكون 


مدمرة تماما لأي مشروع يتوخى توسيع التحكم العالمي. وإن تبني نهج منفتح 
وموسع نحو العالم الخارجيء لتعزيز الاستقرار في اقتصاد عالمي مفتوح: 
أصعب على التحقيق من سواه؛ ولكنه أسلم جوهريا. فأوروبا ستنتفع؛ آخر 
المطاف: من مغل هذا الحيظ للاكتصاذ الغالى: كما ومكن أن تيت تماستةا 
والخليا فيضن هذا الفمل الكاوه السو 7 


القوى الجادبة إلى المركز والقوى الطاردة عن المركز في أوروبا 

ينبغي الآن أن نلتفت إلى المصادر الكبيرة للنزاع. ولإمكانات توسيع 
التحكم, في الاتحاد. لقد كان واضحا حتى قبل استطالة أزمة المصادقة على 
اتفاقية ماسترخت وبداية فترة من الاضطرابات الشديدة في آلية سعر 
الصرف الأوروبية 5834 العام 1547: إن التكامل الأوروبي قد بلغ نقطة 
التوازن بين القوى الجبارة الدافعة إلى المركز والطاردة عنه. إن القوى 
الطاردة حديثة النشوء وكبيرة. وهي تتشخص في انهيار الكتلة الشرفية:, 
وزوال الحاجة إلى إقامة جبهة موحدة بوجه خصم خارجيء وانهيار التجانئس 
السياسيء وتعثر الازدهار. لقد أنشئت الجماعة الأوروبية في ظل الخطر 
السوفييتي. وقد حد هذا الواقع من الافتراق السياسي بين الدول الأوروبية. 
ولم تكن الجماعة الأوروبية متطابقة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ فقد 
كانت تضم أعضاء حياديين مثل إيرلندا. كما أن فرنسا انسحبت من 
التزامات التعاون العسكري مع الحلف؛ غير أن الخطر السوفييتي وحد 
أوروبا الغربية وربطها بالولايات المتحدة في آن معا. وكانت الحدود السياسية 
للاتحاد الأوروبي واضحة تماما حتى العام 1585,: بوصفه كيانا أوروبيا 
غربيا. أما الآن فإن مستقبل «أوروبا» يعد مسألة مفتوحة؛ء وإن تطور الاتحاد 
الأوروبي مهدد بإمكان نشوب نزاع فاتك في المصالح بين الراغبين في تعميق 
سياسته. والراغبين في توسيع حدوده. 

أما المجموعة الثانية من القوى الطاردة عن المركز فهي الأشد فتكا من 
منظور ليبرالي أممي. فمنذ أواخر عقد الأربعينيات وأورويا تخضع لسيطرة 
طيف سياسي يمتد من اليمين الوسطي إلى اليسار الوسطي. وإن إقصاء 
اليسار المتطرف واحتواءه مرشحان للاستمرار. لكن الخطر المحيق بالتجانئس 
السياسي يأتي من اليمين ومن الأحزاب اللاإيديولوجية: الإقليمية الجديدة. 


ما العولمة" 


ولا تشكل هذه الأحزاب الأخيرة تحديا لأحد باستثناء دولها القومية. نظرا 
لأنها وسطية في السياسة ‏ مثل الحزب القومي الإسكتلندي الانفصالي في 
يريطانينا اما احذات النعين امتطرف كييالة خرف فالدرعة العومية عن 
هذه الأحزاب ذات وجهين. فهي من جهة مناوئة للمهاجرين: ويطغى هذا 
العداء حائيا ضد المهاجرين الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي. لكنهاء من 
جهة أخرىء تنظر إلى فوائد الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي بمنظور «قومي». 
وبالتالي فإن مثل هذه الأحزاب تختزل نطاق التعاون الأوروبي الممكن إلى 
منطقة تجارية حرة. فأوروبا في نظر هؤلاء هي مجرد منفعة اقتصادية, لا 
مصدر نوع جديد من الهوية السياسية:؛ أو مستوى جديد من الشرعية 
السياسية. فالشرعية في نظر الجيهة القومية, مثلاء كما جاء على لسان 
زعيمها وقتذاكء. لوبين؛ خلال الاستفتاء الفرنسي على اتفاقية ماسترخت 
العام 1447: هي مسألة التمسك بالمصالح «القومية». وعليه فإن هذه القوى 
القومية المتطرفة لابد أن تكون؛ في الممارسة؛ مناوئة لهدف ترسيخ الاتحاد 
الأوروبي. في حين أن بعض الأحزاب الإقليمية أو القومية الصغيرة؛ مثل 
الحزب القومي الإسكتلندي. بالمقابل؛ تساند التكامل الأوروبي بقوة. 

وبرغم النجاح الواسع لحكومات اليسار الوسطي في أوروبا أواخر عقد 
التسعينيات. فإن العامل الأساسي الذي يعزز صعود اليمين المتطرف. ويمعن 
بالتالي في سقوط التجانس السياسيء ليس مرشحا للخفوت في العقد 
القادم. نعني بذلك: الهجرة. إن هذه الضغوط بوجه المهاجرين مرشحة 
للتفاقم إذا ما أدى الفشل الاقتصادي في أوروبا الشرقية واستمرار الفقر في 
أفريقيا إلى تقوية نزعات الهجرة الاقتصادية إلى أوروبا. وإن إقامة «جدار» 
جديد لمنع الفقراء سيكون بمنزلة مفارقة بائسة بعد انهيار الحدود الفولاذية 
القديمة في الشرق. ولعل سياسة التشدد إزاء الهجرة ستكون الثمن الذي 
يواجهه تيار الوسط السياسي ويستعد لدفعه من أجل احتواء اليمين المتطرف 
وإقصائه عن سدة الحكم. 

ولما كانت آفاق توسيع الاتحاد تقتضي تعميق بنيته الداخلية ابتغاء نجاح 
هذا التوسيعء فإن هناك مجموعتين من القضايا التي تبرز هناء وهما تتعلقان 
بما سيجري قرب حدود الاتحاد في المستقبل القريب. إن أوروبا تواجه؛ هناء 
مآزق سياسية واقتصادية خطيرة. 


... كتلة تجارية 


تتعلق مجموعة القضايا الأولى بما يجري جهة الشرق. إن العديد من بلدان 
أوروبا الشرفقية فقيرة. ومضطربة على نحو مزمن: ولا يتوافر ما يدل على أن 
إصلاحات السوق أو الديموقراطية قادرة على البقاء في المدى المتوسط. وأن 
روسيا البيضاء (بيلاروسيا) وأوكرانيا وألبانيا ورومانيا وبلغاريا تتمرغ جميعا 
في حمأة الاضطراب إلى درجة أن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي غير وارد 
بالمرة. غير أن انضمام بولندا ودول البلطيق أو سلوفينيا إلى الاتحاد سيضع 
هذه الدول الضعيفة على حدود الاتحاد الأوروبي مباشرة: ويضع الاتحاد في 
تماس مباشر مع مجال نفوذ روسيا. 

إن نجاح اندماج أي من الأعضاء الجدد في الشرق سوف يتطلب إعادة 
هيكلة جذرية لاقتصاداتها ونظمها السياسية إن كان يراد لهذه العملية 
ألا تقوض تطور الاتحاد الأوروبي وإنجازاته حتى الآن. ولكن إذا كان على 
الاتحاد أن يقدم «سلما» معقولا يمكن للأعضاء المحتملين أن يصعدوه لكي 
يتأهلوا لعضوية الاتحادء فإن ذلك بالذات يتطلب تعميقا موازيا للاتحاد 
عند الأعضاء القائمين في الآن ذاته. لهذا السبب فإن عملية الوحدة 
النقدية الحالية جاءت في الوقت غير المناسب تماماء برغم نجاح 
انطلاقتها على الأرجح. إن خطوات الوحدة النقدية؛ كما صاغها صانعو 
السياسة؛ هي خطوات انكماشية بذاتهاء وقد تزامنت مع فترة ركود عام 
في بعض بلدان الاتحاد: كما جاءت لحظة اضطرار الاقتصادات القائمة؛ 
وبخاصة في فرنسا والمانياء إلى إعادة هيكلة داخلية من أجل استعادة 
قدراتها التنافسية أو الحفاظ على هذه القدرات. وما هذا بالوضع المثالي. 
بل هو وضع يمكن أن يفضي بيسر إلى زعزعة استقرار الاقتصاد الأوروبي 
الموحد زعزعة مديدة. 

وهناك من جهة أخرىء المجموعة الثانية من القضايا الناشبة من جهة 
الجنوب. إن العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والبلدان المجاورة 
لمحيطه الجنوبي هي أكثر تعقيدا من علاقات الاتحاد بالمرشحين الشرفيين 
لعضويته؛ وذلك بسبب التنافر الأساسي في المزايا المقارنة المكشوفة:, التي 
تتجلى في هاتين الرقعتين بادوان (هده220: ,١551‏ الجدول 6 ١‏ ص ؟١١).‏ 
فهناك في البلدان الواقعة إلى الشرق بنية منفعة مقارنة قطاعية مكملة 
لبلدان الاتحاد الأوروبي الحالية؛ في حين أن البلدان الواقعة إلى الجنوب 


ما العولمة" 


لا تمتلك مثل هذه الميزات التكميلية, والحق أنها لا تمتلك أي منفعة مقارنة 
في أي قطاع من قطاعات الإنتاج. وهكذاء بينما يبدو أن هناك أساسا للتجارة 
القطاعية, ذات المنفعة المتبادلة, بين الاتحاد الأوروبي وبلدان أوروبا الشرقية, 
لايبدو أن لمثل هذا الأساسء للمنفعة المتبادلة في التجارة القطاعية؛ من وجود 
بين الاتحاد والبلدان الواقعة إلى جنوبه. 

غير أن ما يجري في حوض البحر المتوسطء. وبخاصة فضي البلدان المسلمة, 
سيكون ذا تأثير حاسم على تطور أوروبا السياسي. مردٌ ذلك وجود جمهرة 
كبيرة من السكان المسلمين. داخل الاتحادء ذات قدرة على التأثير في مسار 
تطوره السياسي الداخلي. وتكتسب الأحداث الجارية في أهم بلدان البحر 
الملتوسط المسلمة؛ وبخاصة في تركيا ومصر والجزائر. أهمية خاصة. 
فالجزائر في وضع مزعزع بين أما مصر فيمكن أن تقع فريسة اليمين 
الديني. في حين أن الوضع في تركيا قد يزداد اضطرابا. فإن جنحت هذه 
البلدان إلى التطرف, فإن التوازن السياسيء القلق القائم حاليا في العديد من 
الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي» يمكن أن يهتز اهتزازا عنيفا بكل 
سهولة؛ ومن شأن ذلك بالذات أن يؤثر تأثيرا كبيرا على الخطوات المتخذة 
لتعميق الاتحاد. وإن المسألة القبرصية شائكة وخطيرة. لأنها يمكن أن تشكل 
جزءا من نزاع أوسع مع تركيا حول بحر إيجه. إن أمام تركيا خيار دخول 
الاتحاد الأوروبي إن لبت شروطا معينة: أما قبرص فتتمنى الدخول. وكالمعتاد, 
لا يمكن فصل هذه التطورات السياسية الممكنة عن التطورات الاقتصادية, 
فهي مرشحة لأن تنطوي على أحداث طارئة» مباغتة تماما . 

إن الاتحاد الأوروبي تنظيم اقتصادي أولا وأخيراء أما القضايا المشار 
إليها فهي قضايا صراع سياسي. ولا يتوافر الاتحاد حاليا على مؤسسات 
كافية للتعاطي مع مثل هذه القضايا التي تزرع الانقسام في صفوف دوله 
القومية الكبرى. وإن مثال البوسنة ليس مشجها بالمرة. إن الخيار السهل هو 
أن تعمد أوروبا إلى بناء أوروبا المغلقة (20023نا8 5ع0ناأو176) بسد منافن 
الحدود الخارجية بوجه المهاجرين الاقتصاديين: وتجاهل الفقر والنزاع وراء 
هذه الحدود. غير أن قصر نظر مثل هذا التوجه ينبغي أن يكون جليا بذاته 
للعيان. فهذه البقاع هي أسواق شاسعة تستطيع أن تحفز الإنتاج الأوروبي إن 
أمكن دفعها على الطريق إلى الازدهار. وإن القيام بعمل شبيه بمشروع 





مارشالء لتقديم أرصدة كبيرة لإعادة بناء هذه البلدان شريطة أن توافق على 
تلبية شروط سياسية واجتماعية معينة؛. من شأنه أن يقوم مقام الجزرة 
المحفزة للاستقرارالسياسي داخلياء وزيادة ازدهار المتبرع والمتلقي على حد 
سواء. إن النزعة النقدية الدفاعية: وهي السياسة الحالية للاتحاد النقدي 
الأوروبي. وزيادة شرطة الحدودء لن تعطي المناعة الكافية للاتحاد الأوروبي 
الذي سيظل مكشوفا؛ كما أنها ستخفق في زيادة النمو داخل أورويا الموسعة. 
وما لم ينتهج الاتحاد السياسات الكفيلة برفع هذه البلدان إلى أعلى سلم 
التأهل لدخول الاتحاد. فإنه سيظل ببساطة مجرد ناد للأمم الغنية. ولكن 
إلام يستمر ذلك؟ 

في ضوء ذلك. تظل هناك مشكلات عويصة قائتمة. لعل بالإمكان استيعاب 
جمهورية التشيكء (حيث يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي (٠4/ء‏ 
دولارا ‏ العام )١995‏ أو المجر (٠+2؟:‏ دولارا) أو سلوفينيا (4510 دولارا) في 
الاتحاد الأوروبي. بصعوبة أقل من حالة بولندا (حيث يبلغ نصيب الفرد من 
اجمالي الناتج المحلي "5١‏ دولارا) أو تركيا 785١(‏ دولارا). ترى كيف 
تستطيع بولندا وتركيا الانضمام إلى اتفاقية ماسترخت ولديهما عدد من 
السكان يبلغ 9؟ مليونا و1" مليونا على التوالي؛ في حين ليس لديهما سوى 
كسر صغير من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في ألمانيا (البالغ 
8417 دولارا) أو في فرنسا (البالغ 5177١‏ دولار١)5‏ إن هذا يجعل من 
مواطني الدول الأعضاء مواطنين اقتصاديين عموميين في الاتحاد. زد على 
هذا كيف يمكن لكل من تركيا وبولندا أن تكونا عضوا كاملا في برنامج 
السياسة الزراعية المشتركة (5)0885 وإذا ما أراد الاتحاد الأوروبي تكثيف 
التكامل في مركزه وتوسيع الحدود في أطرافه. فإن عليه أن يضع خيارات 
هندسية متغايرة تسمح بمختلف درجات التكامل في مختلف الأبعاد (انظر: 
.)١195060 , 05258‏ أما إذا أحبط الاتجاد الأوروبي آمال تركيا بالكامل» على 
سبيل المثال؛ فإنه سوف يقوض التسوية السياسية الحالية في ذلك البلد. مع 
ذلك فليس من النزاهة بشيء أن تخدع تركيا بأمل الحصول على العضوية 
الكاملة في المدى المتوسط. 

تحتاج هذه القضايا إلى تفكير جاد وعمل عاجل. غير أن الاتحاد 
الأوروبي غارق في الطور القادم من الإصلاحء: غرقا أعمق من أن يسمح له 


ما العولمة" 


بالتفكير فى الكيفية التي تستطيع بها سياسة خارجية إيجابية تجاه جيرانه 
أن تعزز النمو فيهء وأن تخلق الأساس لأسواق أخرى في المستقبل. 
وهذا جانب أساسي من جوانب السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي, 
الذي لا يمكن إغفاله بأمان. 

إن أخطر القوى الطاردة عن المركز هي أفق فقدان أورويا لأكبر عوامل 
التوحيد والتهدئة السلمية فيهاء ونعني به عامل النمو الاقتصادي والازدهار. 
فقبل الركود الذي بدأ بجد العام 194١‏ لم تتعرض الأسرة الأوروبية ككل إلى 
أي انقطاعات جادة, مستديمة في النمو منذ التوقيع على معاهدة روما العام 
07 . ولقد تحقق تكامل الدول الأعضاء في الجماعة من دون تكاليف قومية 
جادة. وشهدت كل الدول ارتفاعا في الإنتاج في المداخيل الحقيقية: بل إن 
بعض الدولء مثل إيطاليا وأسبانياء حققت قفزات مذهلة لترقى إلى المصاف 
الأول للدول الصناعية المتقدمة. وتدخل أوروبا حاليا في طور من المعافاة 
الاقتصادية, لكن آفاق النمو يمكن أن تهتز اهتزازا عنيفا بفعل الاضطرابات 
في أسواق المال العالمية, التي تسارعت في أغسطس 1598. غير أن النمو 
يمكن أن يتعرض للركود في أرجاء أوروبا لأسباب بنيوية لا ظرفية. فإن حصل 
ذلك, وتفاقمت التباينات في الأداء الاقتصادي داخل الاتحاد؛ تنامت الضغوط 
للاتجاه إلى تدابير وقائية قومية فيه. وليس من المرجح أن تدفع هذه 
الضغوط في اتجاه إقامة حواجز جمركية داخل أوروبا. ويمكن أن تنشأ داخل 
أوروبا تنافسات لخفض قيمة العملة من جانب تلك الدول التي تقف خارج 
منطقة اليوروء وضغوط لوقف سياسة التنافس المشترك (التي تنص على وقف 
معونة الدولة للصناعة). ولزيادة الاستقلالية في مجال السياسة الضريبية 
بدرجة أكبر مما تسمح به السياسات الحالية للبنك المركزي الأوروبي. وإذا ما 
فيض لأوروبا أن تعاني إخفاقا اقتصاديا نسبياء فإن ذلك سيولد ضغطا 
لإقامة جدران حماية جمركية ضد المنافسين الكبار الخطرين خارج الاتحاد: 
وبخاصة الولايات المتحدة واليابان. والواقع, إذا قيض لليابان؛ أو دول شرق 
آسيا الأخرىء أن تستعيد قدرتها التنافسية وتحتفظ بمقاومتها للواردات 
الأوروبية؛ فإن أوروبا قد تكسب فعلياء على المدى القصيرء من إجراءات 
الإقصاء وتقوية دورها ككتلة تجارية. ولعل اليمين المتطرف سيجد في ذلك 
متنا 'القتضاديا ممرنا الهوية شوفينيته (تمطتيية القومي): إن اليدين المتطرف 


يقترن بالليبرالية الاقتصادية: وإذا ما اندلعت أزمة كبيرة أخرىء فإن دعوته 

إلى التدابير الحمائية القومية ستدفع سياسيي الوسط إلى الابتعاد عن 
الأهداف الأوروبية المشتركة:ء التي تنص عليها اتفاقية ماسترختء وعن 
النظام الجديد لمنظمة التجارة العالمية. ولا ينبغي المغالاة في شأن اليمين؛ 
نظرا للهيمنة الحالية التي يتمتع بها اليسار الوسطي في أوروبا؛ إلا أن اليمين 
ليس بالقوة المنتهية؛ وهو ما يتبين من النجاح الذي حققه في بلدان مثل 
بلجيكا والنمسا. 

لاتزال أوروبا عند نقطة تتطلب تنفيذ قدر كبير من العمل المؤسساتي 
لأجل استكمال التكامل الاقتصادي الفعال. أما على المستوى الاقتصادي 
الأولي؛ أي على مستوى السوق الموحدة؛ فإن التكامل موجود بصورة لا مرد 
لها عمليا. ويكاد يكون في حكم المستحيل أن تتفكك نتائج المواطنة المشتركة 
في الاتحاد إلى عناصرها الأولية. كما سيكون من بالغ الصعوبة فرض 
التحديدات القومية على العمل والإقامة من جديد . وعليه فإن خلق مواطنة 
اقتصادية مشتركة كجزء من انفتاح السوق قد أدى إلى قضم أحد المكونات 
المركزية للسيادة القومية. وإن قيادات حزب المحافظين البريطانيين التي 
تؤيد مفهوم أوروبا بوصفها «سوقا حرة». وتعارض تاكل «السيادة القومية»», 
إنما تقع في تناقض جوهري: فالتدابير اللازمة لضمان التدفق الحر للسلع 
والرأسمال والعمل تؤدي لا محالة إلى إلغاء بعض صلاحيات الدول القومية 
في أوروبا. 

ولكن إلى جانب منابع التوتر والافتراق» هناك أيضا قوى جاذبة للمركز في 
أوروبا. إن الدول القومية للاتحاد الأوروبيء إن توخينا التبسيط. قد فقدت 
القدرة الفعالة على أن تعمل كجهاز ضبط ناظم لبعض الأبعاد الحيوية من 
النشاط الاقتصاديء وهي مهمة لا قبل للحكومات المحلية في الآقاليم بها 
أصلا. غير أن المؤسسات المركزية للاتحاد الأوروبي لم تكتسب القدرة 
السياسية على ممارسة هذه الوظائف الاقتصادية. إن هذا الاختلال الوظيفي 
سيضغط باستمرار على السياسات القومية وعلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي 
في آن معا. أما كيفية معالجة هذا الاختلال فتلك قضية أخرى. 

لقد كان الافتراض السائد حتى الآن عند معظم أنصار الوحدة الأوروبية, 
أن التكامل الاقتصادي سيجر الوحدة السياسية في أعقابه. ويتضح الآن؛ 


ما العولمه" 


على العكس من ذلكء أن التحكم الاقتصادي الفعال للاتحاد الأوروبي يتوقف 
على تحقيق إصلاحات كبرى للمؤسسات السياسية. ومن الواضح الآن أنه 
لا يوجد منطق اقتصادي أوتوماتيكي وحتمي يستطيع أن يوحد أوروبا. إن 
خلق سوق موحدة لم يعزز النمو في أرجاء أورويا خلافا للآمال بعض 
المتحمسين للوحدة. كما أن انفتاح السوق لن يقلل بذاته من اللامساواة بين 
المناطق. والحال أن العكس ليس صحيحا أيضا. فإنشاء أشكال جديدة من 
الشرعية السياسية للمؤسسات الأوروبية لن يضمن من تلقاء ذاته التحكم 
الاقتصادي الفعال. بل إن هذه الشرعية. حتى وإن أمكن تحقيقهاء ستضيع 
سدى ما لم تتمكن الوحدة السياسية من أن تحقق التحول الفعلي 
للاقتصادات الأوروبية. ولا يمكن بناء الوحدة السياسية الفعالة, آخر المطاف. 
من سلسلة دول ومناطق تختلف اختلافا جذريا في أدائكها الاقتصادي. 
فأوروبا «المنقسمة إلى درجات» لن تندمج اقتصاديا ولن تتوحد سياسيا إلا 
بشقّ الأنفس. ذلك أن الاختلافات حول قضايا السياسات المهمة سوف تهدد. 
في تلك الحالة؛ بتمزيق الوحدة السياسية إربا. وستكون الوحدة السياسية, 
منذ البداية. نخرة بالنسبة للخاسرين اقتصاديا إن لم تعد بأن تحقق لهم 
مكسباء أو إن عملت أشكال التكامل الاقتصادي القائمة على تعريضهم إلى 
خطر الضغوط التنافسية من جهة الرابحين لاغير. ومن شأن هذا الافتراق 
الاقتصاديء إن استمرء أن يهدد بتقسيم الاتحاد الأوروبي إلى مركز مزدهر 
موحدء وجهة طرفية فقيرة مهمشة. ٠‏ 

إن القضية ليست مجرد تكامل أسواق أو مجرد نقل وظائف الضبط 
القومية صعودا إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي. بل هي قضية خلق آليات 
وأهداف وسياسات جديدة للتحكم الاقتصادي المناسب على مستوى الاتحاد 
ككل. فالاتحاد الأوروبي هو أداة للتحكم الاقتصادي قاري الأبعاد. وتتوافر 
لدى الاتحاد القدرة على أن يضطلع بأمور لا قبل للدول القومية متوسطة 
الحجم. مثل فرنسا وإيطالياء بتحقيقهاء لكنه لا يستطيع: في الوقت ذاته؛ أن 
يؤدي بعض وظائف التحكم بشكل فعال وكفوء مما كانت تضطلع به الدول 
القومية عادة. وتبقى القضية في الواقع هي قضية إيجاد توازن بين أشكال 
الضبط الاقتصادي على مستوى الأقاليم المحلية. والمستوى القومي ومستوى 
الاتحاد الأوروبي. 


قضية تباين الأداء الاقتصاد ى ال تليمي 


ودور التمكم الاقتصاد ى الا قليمي فى أوروبا 

إن الأبعاد العريضة لسياسة ضبط المجال الاقتصادي الأوروبي الموحد, 
والأبعاد العريضة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الأوروبي. 
تثير مسائل جادة حول الحاجة إلى مثل هذه البرامج المشتركة؛ في جانب؛ 
وصعوبة تحقيقها في ظل المؤسسات القائمة, في جانب آخر. فكيف تستطيع 
أوروباء مثلا. أن تمتلك «سوقا موحدة» ما لم تتوافر قواعد لضمان انفتاح 
السوق وتتوافضر أيضا آليات فعالة للتعويض عن بعض التأثيرات الإقليمية 
لفعل السوق؟ فمثل هذا السوق يحمل معه خطر وضع الشركات وأسواق 
المال خارج متتاول السيطرة القومية الفعالة. بحيث تستطيع هذه الشركات 
وأسواق المال أن تفرض تكاليف اجتماعية وتتملص من هذه التكاليف. إن 
مءدظم سياسيي أوروبا لايحبذون المذهب الليبرالي الاقتصادي المتزمت. 
ولايزالون على تمسكهم بمبادئ الديموقراطية المسيحية أو الديموقراطية 
الاجتماعية. ويتوخى هؤلاء تحقيق أكير قدر من لبرلة الأسواق المنسجمة مع 
الكفاءة الاجتماعية به.يدة الأمد. وهذا يعني الالتزام بالمعايير والنظم 
الأوروبية حيثما تكون ضرورية في حماية البيئة. في قانون الشركات وضبط 
أسواق المال؛ أو في تشريع الضمان الاجتماعي والصحي والسلامة. إن 
مؤسسات الاتحاد الأوروبي القائمة تستطيع أن تؤدي؛ بل تؤدي فعلاء الكثير 
من وظائف الضبط هذه؛ وهي تحظى بالشرعية في عملها هذا . إن الاتحاد 
الأوروبي يخلق «إطار» تشريع مشتركء بنية مشتركة للحقوق والضوابط», 
تمكّن سائر الأطراف الاقتصادية الفاعلة من أن تعمل بقدر من اليقين في 
أرجاء أوروبا. وتبدأ المشاكل بالنشوب عند النقطة التي تنطوي فيها برامج 
التناسق الإقليمي على إنفاق مبالغ كبيرة على المعايير المشتركة لحماية 
البيئة» مثلا؛ أو على مدفوعات الضمان الاجتماعي المتناسقة. ولا تستطيع 
سائر الأمم والمناطق أن تتحمل تكاليف الالتزام بتصورات أمم «الدرجة 
الأولى» عن البيئة السليمة؛ كما لا يمكن أن تنشأ سوق عمل موحدة حتى 
تتواقر تخصيصات اجتماعية أساسية مشتركة. وكما رأينا في الفصل 
السادس: فإن هناك إمكانات لإرساء قواعد إجرائية مشتركة بصدد 





ما العولمة" 


هذه التخصيصات. كما بصدد المواثيق التي تمنع التنافس على ضوابط 
الرفاه بين الدول ذات المستويات المتقارية في التطور. ولكن حتى لو شذبت 
هذه القواعد تشذييا واسعا نحو الأحسن فإنها ستترك أوروباء مع ذلك. 
منقسمة إلى نظم رفاه متباينة. 

ولسوف تطرأ المصاعب نفسها في ميادين أخرى من السياسة؛ وبخاصة 
بروز مقاومة كبيرة لأي سياسة إقليمية أوروبية ترمي إلى تحسين كفاءة 
المناطق الضعيفة؛ بضخ استثمارات كبيرة في الهياكل الارتكازية: وضي بعض 
عوامل تدعيم العرض الحاسمة مثل التعليم والتدريب. إن سياسات تعزيز 
الإنعاش الاقتصادي ضرورية على النطاق الاقتصادي الضيقء؛ وهي مفيدة 
آخر الأمر للمناطق الفنية أيضا. وهناك حاجة إلى اتساع النجاح والنمو من 
أجل الحفاظ على قاعدة من الطلب الفعال لإدامة قطاع صناعي متقدم 
واسع؛ ومتنام ومثمر. إن مناطق بادن ‏ فورتمبرج أو الرون ‏ الألب؛ لا يمكن أن 
تغفل قريناتها من المناطق الفقيرة في أوروباء مثل كورن وول أو ريجيو ‏ 
كالابريا. إن فكرة أوروبا المقسمة إلى «درجات». حيث يستطيع رأس المال جني 
الربح باستغلال مناطق الأجور المتدنية. هي فكرة تؤول آخر المطاف إلى تدمير 
الذات. فهذه المناطق متدنية الأجور هي أيضا مناطق طرفية ذات طلب متدن, 
فتحد بذلك من نطاق القدرة التنافسية لمناطق »الدرجة الأولى» بكبح نمو 
أمسواقها. زد على هذاء أنه لا يمكن لأي منطقة فى الاتحاد الأوروبي أن 
تعاس فتن هذا لباب مع امتاطق«الدرجة الثالكة)ذات الأعون المتدنية جذاء 
التي انفتحت في بلدان أوروبا الشرقية. 

إن التوجه نحو إحلال التتاسق الإقليمي والتجانس الاجتماعي هو المسار 
المعقول على المدى البعيدء وهو معقول أيضا من منظور الاتحاد ككل. والمشكلة 
أن المناطق والدول الفنية. مثلها مثل الفئّات الاجتماعية الشرية داخل دولة 
قومية ماء لن تكون مستعدة لأن تنفق على إعادة التوزيع الضريبي وتحقيق 
التناسق إن أمكن لها التملص. وتحتاج أوروبا إلى أن تعترض على صيفتها 
الخاصة هي من «ثقافة الرضى» (جالبريث طانهءط[02. .)١1591١‏ إن كان لها 
حقا أن تتطور لتغدو منطقة اقتصادية متكاملة تكاملا تاما. إن لم تفعل ذلك. 
فإن الفوارق في الأداء الاقتصادي الفعلي بين المركز والأطراف قد تشرع حقا 
في أن تفضي إلى التفكك. 


... كتلهة تجارية 


إن الدول القومية ستبقى عنصرا حاسما في توحيد أوروياء ذلك أنها هي 
التي تقدم؛ من بين أمور أخرىء. الإطار الدستوري المحلي والسند السياسي 
للحكومات الإقليمية المحلية الفعالة. إن الدول تختلف اختلافا هائلا في 
الحجم. ولا تنطوي مقولة «الدولة القومية» أو مقولة «المنطقة». على أي 
معنى نهائي ثابت: فمثلا إن بافاريا «منطقة» لكنها تستطيع بكل سهولة أن 
تصبح «دولة»؛ أما إيرلندا أو اللوكسمبورج فهي دولء؛ لكن عدد سكانها أقل 
من العديد من المناطق. ولقد رأينا غي الفصل السابع أن حكومات المناطق 
غدت الآن هيئات أساسية للتحكم الاقتصادي. فهي أقدر على تقدير 
حاجات الصناعة لأنها تتوافر على معلومات محلية مباشرة وبالتالي اكثر 
دقة؛ ولأنها ذات حجم يمكن الهيئات العامة والخاصة من التفاعل والتعاون 
بنجاح. فالمناطق هي صغيرة بما يكفي لامتلاك «معرفة وثيقة». ولكنها 
كبيرة بدرجة تكفي لمساعدة وضيط الاقتصادات من خلال قاعدة إيراد 
كبيرة. وتتزايد أهمية توفير التعليم والتدريب والتمويل الصناعي 
والخدمات الجماعية للصناعة في المناطق على صعيد أوروبا. كما 
يشكل ذلك عنصرا حيويا من سياسات «تدعيم العرض» الجديدة, 
التي تطور الكفاءة الصناعية وتردٌ ميل الاقتصادات الأوروبية إلى انحدار 
القدرة التنافسية. 

إن أنجح الاقتصادات القومية هي تلك التي منحت قدرا من الاستقلال 
الذاتي المحلي للمناطق في وضع الضوابط. وطورت مناطق صناعية قوية. 
لكن المملكة المتحدة أخفقت إخفاقا مدويا في هذا الشأن. وعملت 
الحكومات البريطانية, بلا هوادة. على تعزيز المركزية منن عقد الستينيات. 
ونزل حزب المحافظين بالحكومات المحلية إلى درك التابع (إن السلطات 
المحلية في بريطانيا أصغفر من أن تغدو حكومات أقاليم محلية). بل إن 
حكومات المحافظين الأخيرة أنكرت وجود حاجة إلى سياسات صناعية 
محلية. أو إلى شراكة عامة ‏ خاصة لتقديم الخدمات الجماعية. كما أن 
شركات الأعمال تركزت تركزا هائلاء فقد تحولت الشركات المحلية عن 
طريق الاندماجات والاستيلاءات: إلى توابع فرعية لمقارٌ إدارة نائية. فبترت 
الارتباطات المناطقية بين الشركات. بقي أن ننتظر لنرى كيف ستعالج 
حكومة العمال هذه القضايا. إن منح إسكتلندا وويلز استقلالا ذاتيا أعظم 


ما العولمة 


قد يساعدهما على تطوير هياكل تحكم اقتصادي فعال على مستوى 
الإقليم المحلي: «سلطة لندن الكبرى» قد تصبح: هي الأخرىء بوّرة لمثل هذه 
المبادرات في لندن. أما بقية أرجاء إنجلترا فمرشحة لأن تخسر في أي 
تحرك أوروبي لاحق في اتجاه تعزيز نشاط التحكم الاقتصادي في المناطق 
المحلية. ويمكن لها أن تعاني الضغوط التنافسية للسوق الموحدة, 
والضغوط التنافسية النابعة عن ترسيخ كفاءة الشركات الأجنبية بفضل 
اعتماد هذه الأخيرة على التعاون الاقتصادي والخدمات الجماعية في 
المناطق المحلية. 

لقد عوضت الحكومات المحلية في بعض الدول عن ضعف السياسات 
القومية. وكما أوضحنا في الفصل السابع؛ تؤلف إيطاليا مثالا جليا على 
ذلك بنجاح الأقاليم والمناطق الصناعية في الشمالء وقيام «إيطاليا الثالثة» 
بتقديم المعونة الاقتصادية الفعالة للشركات. وينبغي للمرء أن يشير إلى أن 
ضعف وشلل الدولة الإيطالية بالذات هو الذي دعم هذه العملية خلال 
عقد الثمانينيات. ولم تقع إيطاليا فريسة المذاهب النقدية الراكجة. بل إن 
حكومتها الرخوة أتاحت اتباع سياسة توسيع (وتضخم) كبيرة. وقد خدم 
هذا التوجه؛. لبعض الوقت, المشاريع والمناطق الاقتصادية «ما بعد 
الفوردية». على حساب الشركات الإيطالية الكبيرة: والمدن الكبرىء 
والجنوب. ولكن حتى هذه المناطق ذات مصلحة في احتواء المديونية العامة 
المفرطة والتضخم الجامح. ويبدو أن إيطاليا تحولت من خطر التجزتة إلى 
الإصلاح القومي. وقد تحفزت هذه العملية بفعل مستلزمات الاتحاد 
النقدي والتصور الإيطالي بأن عضوية اليورو ضرورية لتدعيم القدرة 
التنافسية القومية. 

غير أن نشوء «أوروبا المناطق» يبقى مجرد كلام لفظيء لاشكل محددا 
له في الوقت الحاضر. فلريما يقبل معظم الدول القومية في أورويا القارية 
بوجوب تسهيل حكومات المناطق ‏ فرنساء مثلاء تحولت جزئيا إلى صيغة 
لامركزية. لكن الدول القومية لاتزمع رعاية تفككها بالذات: حتى لو كانت 
ذات هيكل مناطقي. فيدرالي قوي مثل ألمانيا. ولم يستطع الاتحاد الأوروبي 
بأي حال أن يخلق مؤسسات مركزية بالسرعة الكافية والشرعية الكافية 
لتحقيق تقسيم عمل اتحادي ‏ مناطقي فعال: يهمش الحكومات القومية في 


معظم وظائف الضبط الاقتصادي. والخطر هنا أن «أورويا المناطق» 
ستبرز. ليس نتيجة توازن سلطة متكافيّ بين المستويات الاتحادية والقومية 
والمناطقية» بل نتيجة اختلال هذا التوازن. ولسوف تنقسم معظم أرجاء 
أوروبا إلى مناطق ناجحة؛ وأخرى فاشلة: مشتبكة في نزاع مع دولها 
القومية ومع الاتحاد. حول وجهة السياسة وتوزيع الموارد . ولسوف تستمر 
الدول القومية في التباينء بدرجة كبيرة. من ناحية فدرات الإدارة 
الاقتصادية والتعاون الفعال مع حكومات مناطقها المحلية. وإن الصراعات 
بين المناطق الغنية والمناطق الفقيرة. والاختلافات العنيفة حول وجهة 
التحكم الاقتصادي للاتحاد الأوروبي. يمكن أن تسهم في الإيقاء على 
الطايع اللامستقر للمؤسسات الأوروبية. وتمنع بلورة سياسة سخية تجاه 
البلدان الواقعة إلى الشرق. ولعل الفوارق داخل الاتحاد الأوروبي التي 
تمنعه من العمل على توحيد القارة الأوروبية هي التي ستقرر مستقبل 
أوروبا بأسرها. 

إن الأفق الأسوأء والمحتمل تماماء الذي ينتظر الاتحاد الأوروبي في 
يداية القرن الحادي والعشرين هو الانقسام والضعف. ويقترن ذلك بوقوع 
جوانب من شؤونه الاقتصادية خارج سيطرة الدول الأعضاء أو خارج 
سيطرة بروكسلء وإزاء نصف شرقي غارق بقضه وقضيضه في لجة الفقر 
والنزاع. وبمواجهة مد من اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديينء؛ وهو مد 
سيعزز اشتداد التدابير القمعية ضد المهاجرين. ولا أمل ضي تجنب مثل 
هذا المآل في المستقبل إلا إذا أبصر السياسيون الأوروبيون الحاجة إلى 
بلورة سياسات تريط المناطق الغنية بالمناطق الفقيرة في الاتحاد الأوروبي. 
وتربط الدول الغنية للاتحاد بالدول الفقيرة في أوروبا الشرقية؛ء برياط 
السعي المشترك إلى الازدهار. المشكلة أن السياسيين في الدول القومية 
وفي المناطق الغنية في الاتحاد لا يرون الآن سوى التكاليف والمخاطرء دون 
الآمال والمنافع» في مثل هذه البرامج. إن سياسات «الحماية الذاتية» على 
المستوى القومي ستمنعء على الأرجح: التقدم صوب التكامل الاقتصادي 
والسياسي لأوروبا. ولن تتطور أوروبا إلا إذا تمكنت قياداتها القومية 
وَمؤشساتها التركزية من اسنتكمار المرايا الشى يشعها توحيد السيادة والموارد 


لأكبر كتلة تجارية في العالم. 


ما العولمة" 
مسألة الوهدة النقدية 

تقدم لنا السياسة النقدية مثالا ساطعا على التناقض بين الحاجة إلى 
التكامل: واستحالة الاكتفاء بتكبير المؤسسات والسياسات القومية على 
المقاس القاري. تنص اتفاقية ماسترخت على إنشاء بتك مركزي مستقل 
سياسياء يتولى تحديد السياسة النقدية؛ ويعمل من غير خضوع لأي 
محاسبة مباشرة من صانعي السياسة الاقتصادية على الصعيد 
القومي. ويتولى البنك متابعة الأولويات الاقتصادية نفسها للبنك 
المركزي الألاني بونديس بانك (1ضهة8020650) » متوخيا الاستقرار 
الاقتصاديء وانتهاج سياسة درء التضحم. المشكلة هنا أن مثل هذا البنك 
المركزي والعملة الموحدة لا يمكن أن يكونا في الوجود إلا بعد فترة من 
»التقارب» الاقتصادي الفعلي. وهناك اعتراف واسع الآن بأن الكثير من 
الاقتصادات القومية فضي الاتحاد., التي تأهلت إلى الوحدة النقدية 
الأوروبية؛ لم تمر عمليا بأي تقارب حقيقي مستديم. وإن آخر ما ينقص 
أوروبا فيما هي تقترب من القرن الجديد. وتواصل الخروج من الركود, 
انتشار جرعة انكماشية من المذهب النقدي الأوروبيء برغم أن ذلك وارد 
في الأفق تماما ابتغاء تعزيز العملة الموحدة إذا ما عادت الدورات 
الاقتصادية الأساسية في دول الوحدة النقدية إلى الظهورء وبروز 
«الافتراق» من جديد. 

لقد نجا اقتصاد ألمانيا من أهداف سياسة البنك المركزي (بونديس 
بانك) بمجرد أن اكتسب هذا الاقتصاد استقلاله الذاتي التام في السياسة 
النقدية بعد العام 1477. نظرا لآن قطاعه الصناعي الموجه للتصدير كان 
ذا قدرة تنافسية قوية بالمعايير العالمية. ولأن نقابات العمال كانت تميل إلى 
ممارسة كبح الأجور وتخفيف الضغط. بالتالي. عن سياسة البنك المركزي 
الكابحة للتخضم. مع ذلك لم تكسب ألمانياء خصوصا في أواخر عقد 
الثمانينيات؛ سوى نمو أدنى وبطالة أعلى؛ تمنا لاستقرار السعر. إن هذه 
الظروف لا تنطبق على أوروبا ككل. فقند نما الإنتاج الصناعي نموا ملحوظا 
خلال عقد الثمانينيات في معظم الدول الأوروبية باستثناء بريطانياء ولكن 
من المشكوك فيه تماما إن كان بمقدور الكثير من الصناعات الأسبانية 


... كتلة تجارية 


والبرتغالية: أو حتى الكثير من الصناعات الإيطالية, مثلاء أن تحتفظ 
بقدرة تنافسية في ظل مزيج النظام النقدي الأوروبيء والتجارة المفتوحة 
نسبيا مع العالم الخارجي. ١‏ 

ينطوي ذلك على تبعات ذات جانبين. الجانب الأول. أن عملية الدفع 
القسري إلى «التقارب» قد تنزل الضرر بالتكامل الأوروبي على المدى البعيد. 
أما النديلعتها: أى إيقلاء عملية الوتحدة التقنداية يمتاطق استهداقة تطتفاضنة 
وأهداف عريضة. فقد استبعد الآن تماما. ولدينا عوضا عن ذلك عملية 
بمرحلتين على الأقل؛ ذات خط سريع وخط بطيء. إن الخطر الكامن في هذا 
الخيار الأخير هو إقامة وحدة نقدية جزئية والإقصاء الفعلى لبعض العملات 
الضفيفة عن إفكان الكعاري تمن حلفت الوهدة التقوية الأورونية ما ليدم 
بمنزلة فئة من بلدان الدرجة الأولى الأوروبية» تليها بلدان الدرجة الثانية التي 
تضم المملكة المتحدة والسويد والدنمارك واليونان. زد على هذاء أن ثمة أفقا 
لنشوء درجة ثالثة ممكنة تضم الداخلين الجدد في الجولة القادمةء مطلع 
القرن الحادي والعشرين. 

أما الجانب الثاني» فإن فكرة وجود بنك مركزي «مستقل» على مستوى 
الاتحاد الأوروبي تنطوي على إشكالية كبيرة. فمثل هذا المصرف سوف 
يفتقر إلى الشرعية. خلافا للبنك المركزي الألماني (البونديس بانك) الذي 
يضم مجلسا واسع التمثيل. يحمي درجته الكبيرة من الاستقلالية ويضمن 
خضوعه للمحاسبة كيندي (لالعمهعكا. .)١155١‏ وإن اقتقار البنك المركزي 
الأوروبي إلى الشرعية سيتفاقم بانفصاله عن العملية الواسعة لصنع 
السياسة الاقتصادية. وبميله إلى وضع مجموعة شروط مقيدة لهذه 
الأخيرة. وإن «استقلالية» البنك المركزي الأوروبي سوف تسمح لموظفين 
بعيدين عن أي محاسبة بإملاء السياسة الاقتصادية؛ في وقت تفتقر فيه 
الهيئات المركزية للاتحاد الأوروبي إلى الشرعية واعتراف المواطن. 
والنتيجة:؛ أن ذلك يمكن أن يفضي بكل سهولة إلى كارثة تحيق بعملية 
إرساء الدعم للتكامل الاقتصادي والسياسي للاتحاد الأورويي (جراهل 
وطوميسون مهومدروط1» اله ©. .)١15565‏ أما قضية علاقة بريطانيا 
الملتبسة تجاه تطور الاتحاد الأوروبي: فلا تتكشف بشكل ساطع خيرا من 
تكشفها في هذا السجال حول قرب إطلاق الوحدة النقدية الأوروبية. لقد 


ما العولمة" 


كان الموقف البريطاني السائد. من نواح عدة؛ موزعا بين تمني زوال الوحدة 
النقدية, أو السعي إلى التنعم بهناءة الغفلة عن قرب يزوغ هذه الوحدة. 
لكن الزوال لم يحصل. صحيح أن هناك إمكانا حقيقيا بقي قائما حتى 
رمنتصف العام ,١159/4‏ بأن الوحدة النقدية لن تأتي. لكن هذا الوضع لم يعد 
يبدو محتملا. 

على أي حالء لا يعني ذلك أن كل الأمور قد استتبت. فاضطرابات أسواق 
المال العالمية في العام 1594 تقدم الدليل على أن الأحداث غير مستقرة ومباغتة. 
ومن بين أسباب ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني خلال العامين 1١951‏ و195948, 
هناك سبب يتصل ببقاء الجنيه خارج إطار عملية الوحدة النقدية الأوروبية. 
وعلى حين أن السوق لم يكن متيقنا من بدء الوحدة النقدية الأوروبية في الوقت 
المقرر من دون مشاكلء فإن الانتقال إلى الجنيه الإسترليني كان بمنزلة إجراء 
للسلامة. ويمكن أن تشهد الأسواق المزيد من الاضطراب في مجرى السعي إلى 
الوحدة النقدية الأوروبية إن لم تسر الأمور بانسياب. وتكمن الصعوية هنا في 
التكهن الدقيق بما سيحصل للعملات الرئيسية. فالجنيه الإسترلينيء؛ الباقي 
خارج المعمعة؛ يمكن أن يزداد قيمة. من جهة أخرىء يمكن للسوقء إن سارت 
الأمور على نحو شديد السوءء أن يلجأ بسهولة إلى المارك الألماني بوصفه 
العملة الرئيسية داخل الاتحاد الأوروبي. 

غير أن المسار الأرجح هو أن تنخفض قيمة الجنيه الإسترليني بيطء 
بمجرد اعتياد الأسواق على فكرة اليورو المستقل الذي دخل التداول بعد 
العام 1554. وهناك مشكلة ستواجه الاتحاد الأوروبي وهي وجود يورو 
قويء في لحظة يحتاج خلالها أكبر اقتصادين تكامليين: هما الاقتصاد 
الفرنسي والاقتصاد الألماني. كل على طريقته المختلفة؛ إلى سعر صرف 
ضعيف كي يسهم ذلك في إعادة قدرتهما التنافسية الخاصة في العالم. 
لقد جاء كامل مشروع الوحدة النقدية الأوروبية» إلى حد كبيرء في اللحظة 
غير المناسبة لأوروباء نظرا لأن هذا المشروع صرف انتياه ألمانيا وفرنسا 
بعيدا عن إعادة الهيكلة العميقة. الضرورية لاقتصاديهما المحليين: وبعيدا 
عن المشكلات الفعلية المقترنة بنجاح توسيع الاتحاد الأوروبي شرقاء 
وبعيدا عن قيام الاتحاد الأوروبي بأخذ زمام مبادرات جادة لتوسيع إدارة 
الاقتصاد العالمي. 


4 كتله تجارية 


وهناك مشكلة خاصة في هذا الصددء تتعلق بإدارة معدل صرف 
اليورو. إن البنك المركزي الأوروبي (808) الجديدء لا يضطلع رسميا 
بالملسؤولية عن سعر الصرف. برغم أنه يمكن أن يتحمل قسطا من 
المسؤولية بمجرد امتناعه عن التصرف. فمن الواضح أن البنك المركزي 
الأوروبي مرشح لأن يضطاع بدور رئيسيء لكنه سيتشارك في هذا الدور 
مع عدد من الأطراف الأخرى مثل: إيكوفين 58مء5: أي اجتماعات وزراء 
المالية الأوروبيين. وكامل مجلس الوزراء, واللجنة الأوروبية: إذ يمكن لكل 
هذه الهيئات أن تدعي لنفسها سلطة التدخل لتحديد سعر صرف اليورو. 
يلوح هذا الوضع مؤهلا للوقوع في حبائل التخبطء. وهذا أمر خطير تماما 
خصوصا في أوقات الأزمة الاقتصادية التي توجب اتخاذ قرارات عاجلة 
حول سعر الصرف تحت وطأة الظروف. 

ترى ما تبعة هذا الوضع على بريطانيا؟ تقف بريطانيا في العراء؛ بهذا 
القدر أو ذاك. على ما نظن. إن الاعتقاد بأن أي بلد في الاتحاد الأوروبي 
يستطيع أن ينتهج سياسة نقدية مستقلة وهو خارج إطار الوحدة النقدية 
الأوروبية هو فكرة بعيدة عن الواقع. فالممتنعون سينتهون إلى واحد من هذه 
الأمور؛ فإما أن يخضعوا لإملاء الأسواق العالمية, أو يقعوا فعليا تحت سطوة 
اليورو من كل بد؛ أو يضطروا إلى السير في أذيال هيئة الاحتياطي الفيدرالي 
الأمريكية وأذيال الدولار الأمريكي. ولا يوجد ضمان على أن شروط الانضمام 
إلى الوحدة النقدية الأوروبية بعد سنوات عدة من قيامهاء ستكون أفضل مما 
كانت في لحظة إنشائها. إن استمرار العداء لفترة طويلة سيؤدي إلى تهميش 
الجنيه الإسترليني والعملات الأخرى, بوصفها ثفالة من عملات صغيرة 
موجودة في أطراف أوروباء لا شأن كبيرا لهاء ولا صوت. ومن المستحيل 
مواصلة الازدهار في أوروبا باتخاذ موقف سياسة الامتناع. فاليورو سيمضي 
قدماء شاءت الحكومات البريطانية وغيرها من الحكومات أم أبت. لقد انتهى 
السجال القديم حول حسنات وسيئات الوحدة النقدية الأوروبية. وإن الصناعة 
البريطانية بخاصة:؛ بل حتى المدينة كمركز مالي رئيسيء. مرشحة للتهميش 
والمساحلة على حافة أوروبا. ولكن على حين أن الصناعة البريطانية لا تملك 
خيار دخول الوحدة النقدية الأوروبية بصورة غير رسمية: فإن مدينة المال 
والأعمالء. (11© 126) التي تقوم بوصفها الجزء الذي يعمل في الخارج من 





ما العولمة 


الاقتصاد البريطاني ‏ قد تستطيع ممارسة هذا الخيار بأن تتوجه إلى 
الأعمال الجارية باليوروء وتغفل إلى حد كبير تلك الجارية بالإسترليني. غير 
أن ذلك: على أي حالء لن يخفف من مشكلات السلطات البريطانئية, التي 
يتوجب عليها أن تكابد في تدبير سياسة سعر الصرف الدفاعية والسياسة 
النقدية المحلية. في عالم مضطرب. غامض. ويمكن للجنيه الإسترليني. فضي 
أسوأ الأحوال؛ أن يصبح نوعا من «كوبون» للاستعمال المحليء أما المصدرون 
وأسواق المال في بريطانيا فسيخرجون من الإسترليني ليدخلوا اليورو. 
وستتوقف السياسة النقدية. عندئذ. على رغبات قطاع موجه للخارج يتعامل 
بعملة أخرى. ولن يبقى للمملكة المتحدة من مزية؛ بعد. سوى التخفيضات 
الدورية لقيمة الإسترليني. 

إن هذا النقاش لا يأخذ في الاعتبار مهمة أساسية أخرى هي التكامل 
الصحيح مع الاقتصادات المرشحة من شرق أوروبا. وبرغم فشل الاتحاد 
الأوروبي في التحرك الفوري في مطلع عقد التسعينيات. فإنه لايزال؛ هناء 
إزاء وضع ينطوي على فرصة لكي يعيد بناء كامل القارة إذا ما قام بميادرة 
حاسمة. ومن الممكن درء الركود في أوروبا الفربية في مجرى تقديم العون إلى 
أوروبا الشرقية؛ بنوع من «كينزية قارية». وإن أنجع صيغة هي أن يتخذ هذا 
البرنامج شكل معونة استثمار واسع النطاق في الهياكل الارتكازية». وقروض 
تجارية طويلة الأجل لأوروبا الشرقية. إن مثل هذا الاستثمار في الهياكل 
الارتكازية سوف يمكن تلك الدول من تدعيم مستويات معيشة مواطنيها في 
مجرى تحولها إلى اقتصاد السوق؛ وتوفير فرص العمل للعاطلين في الأشغال 
العامة وأما القروض التجارية فتتيح لهذه الدول الحصول على السلع 
الرأسمالية الضرورية لإعادة البناء. وستظهر تأثيرات هذه القروض التجارية 
في سجل طلبيات الشركات الأوروبية الغريية في الحال؛ محفزة بوجه خاص 
قطاع السلع الرأسمالية الراكد. وإن ازدياد العمالة في أوروبا الغريية سيؤدي 
إلى زيادة الطلب الفعال المحلي. وزيادة القاعدة الضريبية لإجراءات التناسق 
الاجتماعي الأوروبي. وإذا ما أمكن البدء بتحريك أوروبا الشرقية على الطريق 
إلى الشفاء الاقتصادي السريع:؛ فإن أسواقها ستقدم للاتحاد الأوروبي خير 
أفق متاح لكي يستنهض من جديد ذلك الازدهار الاقتصادي المديد الذي عم 
بعد العام 1546. 


إن سعة نطاق الاقتصاد الأوروبي هي التي تجعل بالإمكان طرق هذا النوع 
من الخيارات السياسية التي لا يمكن لأي حكومة قومية. متوسطة الحجم.؛ 
حتى أن تفكر فيها مجرد تفكير. والمشكلة هنا أنه لا يمكن تحقيق مثل هذه 
الخيارات في إطار بنى التحكم القائمة حاليا في الاتحاد الأوروبي. لقد 
رفضت الحكومات القومية للدول الأعضاء اقتراحات جاك دولور لزيادة 
الميزانية المركزية للاتحاد الأوروبي زيادة كبيرة» وإنفاق قسط معتبر من ذلك 
الإيراد على برنامج مساعدة أوروبا الشرقية. 

إن خير سبيل لضمان أمن الاتحاد الأوروبي يكمن في تحقيق الازدهار 
في شرق أوروباء ورفع مستويات معيشة الدول الفقيرة في جنوبها. وإن 
الانسجام الداخلي والعمل الخارجي لتطوير النمو لدى الجيران: هما 
هدفان مترابطان لا متناقضان. فالسعي إلى تحقيق الأمن العسكري في 
شرق أوروباء ودرء الأخطار من السواحل الجنوبية للبحر المتوسط. هي 
خيارات مكلفة. وغير كفوءة اقتصادياء وتنطوي على مستويات عالية من 
الإنفاق العسكري غير المنتج: أما تطوير الازدهار لدى الجيران وعند 
الأعضاء الضعفاء فهو إستراتيجية أكثر فاعلية. والمشكلة الآن أن الاتحاد 
الأوروبي يجد صعوبة في التحرك على هذا الطريق خارجيا وداخلياء وهو 
يتخلى بدافع الحذر وبسبب عجزه عن تذليل العوائق المؤسساتية؛. عن 
سياسات تنبع من موقعه بوصفه أكبر كتلة تجارية في العالم هيرست 
سنال مكحذ١).‏ 

وإننا حين نلفت الانتباه إلى هذه القضية؛ فلا نقصد أننا نتوقع السير على 
هذا الخيار الكينزي القاريء. في ظل المواقف والبنى القائمة. فكل ما نروم 
إليه. ببساطة, هو الإشارة إلى أن هذا الخيار ممكن من حيث المبدأ؛ وأن 
الاتحاد الأوروبي يمتلك قدرة كامنة على التحرك بفاعلية أكبر بكثير مما يفعل 
حالياء بوصفه كتلة تجارية. وبقدر ما يتعلق الأمر بمستقبل تطور الاتحاد 
الأوروبي. فإن تحقيق النجاح في ميادين مهمة هو السبيل الوحيد لضمان 
شرعية الاتحادء على المدى البعيد. بوصفه كيانا سياسيا. فهو في الأساس 
رابطة أنشئت لتحقيق أهداف اقتصادية لا لأغراض التجانس الثقافي أو 
الأمن الجماعي (يستطيع الاتحاد أن يعتمد على كل القوة العسكرية التي 
تلزمه من خلال الدول الأعضاءء وحلف شمال الأطلسيء والاتحاد الأوروبي 


ما العولمة 


الفريبى. لضمان بقائه). إن تعزيز النمو في الداخل وإطلاق الازدهار لدى 
الجيران: وبلورة سياسات على.هذا الآسناش: هي الشروظ السيقة جاح 
الاتحاد فى ارتقاته وتطور مؤسساته الداخلية. 

فاهنا تحديها نقد التفاكن الراكر حول سسيكفيل الوحرة التمدية 
الأوروبية حاسما. لقد كان الاقتصاد البريطاني يمر بنوع من مرحلة صعود 
دوري بين الأعوام ”199 و14417, في جين أن بقية اقتصادات القارة كانت 
فريسة ركود متزامن. وقد طال هذا الوضع.؛ كما نعتقدء بسبيب عزم هذه 
الاقتصادات الأخرى على تلبية معايير التقارب التي نصت على اتفاقية 
ماسترخت. وهي بالأساس معايير انكماشية؛ كابحة للنمو. إن المكابدة 
في سبيل التمسك بمعايير ماسترخت جاءت عبئًا إضافيا على كاهمل 
اكساصتناداك لدان مغل شرنسا واكاقيا عتانت يساحنة إلى الاطتطلاع 
بعملية إعادة هيكلة وسط ضغوط كانت هذه الاقتصادات ستبلي بلاء 
حسنا من دوتها. 

وهكذا حين تبدأ الوحدة النقدية في موعدها المقرر العام 1199: يمكن 
أن ينطلق مسار انكماشي لولبي أشد وأخطرء إن بقي الاقتصادان 
الرئيسيان, الألماني والفرنسيء في حالة ركود . ومن المحتمل أن تقود هذه 
الظروف إلى القول بضرورة أن ينتهج البنك المركزي الأوروبي سياسة 
«اليورو الضعيف». وبرغم أن ذلك قد يلوح بمنزلة لعنة بغفيضة في نظر 
الفكر السياسي والاقتصادي التقليدي في أوروباء فإنه يمكن أن يفتح 
مجالا لمعافاة الاقتصادات المتكاملة حديثا. عن طريق خفض قيمة اليورو. 
إن تجارب الماضي القريب في خفض قيمة العملة في اقتصادات قومية, 
مثل تجرية المملكة المتحدة. تبين أن بالإمكان تحقيق ذلك من دون احتمال 
تجدد الضغوط التضخمية (ولكن ليس مرارا وتكرارا كما تشهد حالة 
السويد على ذلك). 
مشكلات التعاون السياسى وحدود التكامل 

يتعين على الاتحاد الأوروبي, لسوء الحظء أن يحقق تقدما سريعا 


باتتكاه ميق الننياييات المتتدركة إزاء اشرق بوتكتوب اورونة زإناكان يريد 
اغتنام الفرص السائحة حاليا وضمان ازدهار كل أنحاء القارة. ولكن 


حظوظ التحرك السريع نحو الأهداف الضرورية: المشتركة. ضعيفة للغاية. 
وحتى لو تحقق التقدم في هذا الاتجاه. فإن الاتحاد الأوروبي سيظل» 
ككيان سياسيء؛ تجميعا معقدا من سلطات ومسؤوليات متداخلة؛. وسيبقى 
هكذا في المستقبل المنظور. ذلك أن تحقيق معظم الأهداف الطموحة 
سيتطلب قدرا كبيرا من التنسيق السياسي بين الاتحاد الأوروبي والمستويين 
القومي والمناطقي. ذلك أن المؤسسات المركزية للاتحاد الأوروبي لن 
تستطيعء حتى لو حظيت بدعم المواطنين وتمتعت بالشرعية السياسية؛ أن 
تعوض عن التنسيق الاجتماعي المركزي في مجال العمليات المعقدة اللازمة 
لبلوغ الإجماع ونيل الرضى على المستويين القومي والمناطقي. فالأمم 
والمناطق هي موثل التضامن الاجتماعيء وإن قسما من هذه الكيانات يتمتع 
بقدرة أكبر على التنسيق بين المصالح الاجتماعية أكثرمن سواه. 

إن ضرورة وصعوبة بلوغ هذا التقسيم المعقد للعمل. ستغدوان واضحتين 
للعيان حين يدرس المرء نمط السياسات التي ستفدو ممكنة في ضوء 
النطاق القاري للاتحاد الأوروبي. فاللجنة الأوروبية حتى لو زيدت 
ميزانيتها ‏ ليست بذاتها طرفا ماليا كبيراء قياسا إلى إجمالي الناتج المحلي 
لمجموع الاتحاد الأوروبي. بدرجة تكفي لتقديم الحافز لاتباع سياسات 
«أوروبية ‏ كينزية» من دون وجود سياسات ضريبية ونقدية رديفة. متزامنة. 
في غالبية الدول الأعضاء على الأقل. ولو افترضنا أن الاتحاد الأوروبي 
يستطيع أن ينفذ مثل هذه السياسة على جانب تدعيم الطلب فإن 
المؤسسات المركزية لن تستطيع أن تخلق سياسات تكميلية: لا نقدية: 
لاحتواء نمو الأجور النقدية ودرء التضخم. فكبح الدخل على هذا الغرار 
سيقع على كاهل الحكومات القومية. ولعل بعض البلدان؛ مثل آلمانياء 
ستبقى قادرة على التنفيذ بسبب استمرار وجود البنى التشاركية: برغم 
الضعف الذي أصابهاء ووجود حركة نقابية منضبطة نسبيا. وهناك بلدان 
أخرىء مثل فرنساء تستطيع على الأرجح الالتزام بذلك بسبب ضعف 
نقاباتها فى المساومات التقليدية للأجور. أما بريطانيا فإنها متفردة في 
هذا الباب: قهي عاجزة تماما عن كبح نمو الأجور خلال فترات التوسع 
السريع من دون سياسات كابحة على مستوى الاقتصاد الكبير (الماكرو). 
وعليه فإن سياسة أوروبية النطاق لزيادة الطلب والإنتاج ستؤدي إلى نتائج 


ما العولمة" 


مهلهلة: فالبلدان القادرة على كبح نمو الأجور سوف تستفيد., والبلدان 
العاجزة عن ذلك سوف تخسر من خلال تسارع البطالة أو فرض الانكماش 
على الصعيد القومي. 

ويصعب علينا أن نتصور كيف يمكن القضاء على التفاوت بين مختلف 
تجارب البلدان وتراث مؤسساتها. على سبيل المثال لايوجد أي أفق لنشوء 
بنية «تشاركية أوروبية» قوية تجمع مختلف الشركاء الاجتماعيين من 
مختلف البلدانء لإبرام اتفاقات ملزمة على مستوى الاتحاد الأوروبي (انظر 
الفصل السادس). فشركات الأعمال لن تمثل نفسها على هذا المستوى ك 
«شريك اجتماعي» واحد . فهذه الشركات منقسمة باختلاف المصالح 
القومية والقطاعية. وهي تفضل تحشيد جماعات الضغط دفاعا عن هذه 
المصالح عند الحكومات القومية ومديريات اللجنة الأوروبية على أساس 
قضية بقضية. وإن الهيئات الجماعية القومية لهذه الشركات متباينة من 
حيث درجة التنظيم, ونوعية الأهداف. ومدى الاستهداد للدخول في شراكة 
مع نقابات العمال. إن الصناعة الألمانية هي الأشد تنظيما من جهة أرباب 
العمل. ولها اتحادات قوية على مستوى القطاعات أو كيار أرياب العمل» 
والشركات الأعضاء تميل إلى الالتزام المنضبط بالسياسة الجماعية. 
ولايزال أرباب العمل الألمان» برغم تنامي نزعتهم الأممية يحتفظون 
بالتزام متين بالمساومة على الأجور وساعات العمل في إطار عموم 
الصناعة:؛ وينظام التحديد المشارك والتشاور مع نقابات العمال على 
مستوى المشروع. 

أما اتحادات أرياب العمل البريطانيين. بالمقابل. فتحرص على الاكتفاء 
بتمثيل المصالح الأكثر عمومية للأعضاء أمام الحكومة, ولا تتوافر على 
صلاحيات كافية لضبط الأعضاء أو حملهم على المشاركة في مشاورات 
منسقة مع نقابات العمال. ولقد تعرضت المساومة على الأجور في بريطانيا 
إلى قدر هائل من اللامركزية منذ عقد السبعينيات»؛ لم يترك سوى قلة 
ضئيلة جدا من الاتفاقات التي تشمل الصناعة كلها (هيرست وتسايتلن 
متلااع2 ع أوعنلز. .)١1557‏ ويقف أرباب العمل البريطانيون موقف العداء 
النشيط من فكرة الحوار الموسع مع نقابات العمال لإرساء القبول 
بالسياسات القومية: فهذا «مذهب تشاركي» لا مكان له في معجم المدراء 


البريطانيين. ويبين هذا التضاد الحاد أن الاتحاد الأوروبي سيجد صعوبة 
في خلق الوسائل المؤسساتية لتحقيق الإجماع على سياسة الاقتصاد الكبير 
(الماكرو) على مستوى ما فوق الدولة. أما نقابات العمال الأوروبية فلعلها 
ترغب في أن تحاول. من خلال اتحاداتها فوق القومية؛ الدخول في حوار 
مع اللجنة الأوروبية حول تنسيق السياسة وتحقيق الرضى حولها في عموم 
الاتحاد الأوروبي. لكن النقابات ستواجه المشاكل إن بقيت وحدها راغبة في 
ذلك. ورفض أرباب العمل التعاون؛ بل إنها ستواجه مشاكل أكبر من ناحيتها 
هي أيضا ‏ ذلك أن المشاورات على النطاق الأوروبي لن تستطيع أن تكفل 
أن النقابات الأعضاء الموجودة في دول قومية عدة سوف تنفذ التزامات 
قارية بصورة منضبطة., التزامات تتعلق بميادين السياسة مثل سياسة سوق 
العمل أو كبح الأجور. 

وينبئتا هذا بأن بعض الدول القومية ستبقى طرفا أساسيا فاعلا في 
بناء قاعدة سياسية للقبول بسياسات اللجنة الأوروبية على مستوى 
الاقتصاد الكبير (الماكرو). وللقبول بسياساتها المتعلقة بالضرائب والصناعة 
والضوابط التنظيمية. فالمستوى القومي هو المستوى الوحيد الذي يمكن 
فيه بناء ائتلافات توزيع فعالة. ونعني بذلك, كما رأينا في الفصل السادس, 
اتفاقات عريضة بين الأحزاب والأطراف الاجتماعية الأساسية حول 
شروط النجاح الاقتصادي وتقاسم تكاليفه الضرورية. ويواصل 
الديموقراطيون الاجتماعيون والديموقراطيون المسيحيون في المانياء معاء 
الموافقة على طيف واسع من السياسات والمؤسسات التي تديم الاقتصادء 
ولكنهم يدخلون أيضا في تنافس سياسي حاد ومكشوف. إن هذه 
الائتلافات قد تكون ضمنية: أو مرتبة» لكن المهم هو وجود توازن صعب بين 
تعاون وتنافس المصالح الكبرى. وأيا كانت الحالء فإن هذا الائتلاف ينطوي 
على التزام الأطراف الاجتماعية والمصالح الاجتماعية المنظمة بتوزيع 
معقول للدخل القومي بين الاستهلاك والاستثمارء والتزامها بنموذج إنفاق 
يتوخى تعزيز الأداء الصناعي. وعلى سبيل المثال. هناك كتلة حاسمة من 
الأوساط المالية الألمانية رغم التدويل الكبير الذي مرت به أخيراء تقبل 
بإعطاء الأولوية للاستثمار في الشركات الألمانية وفق بنود وشروط تحمي 
قدرتها التنافسية. كما أن الاتجاه السائد من الأحزاب السياسية: 


ما العولمة" 


والنقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل يقبل بالحاجة إلى استثمارات 
عامة وخاصة في حقل التعليم والتدريب. أما في البلدان الأأخرى فإن 
وجود مثل هذه الالتزامات وتنفيذها يتطلبان تحركا صريحا من جانب 
الحكومة. وتعد المملكة المتحدة مثالا رئيسيا على هذه الحالة, فحكومات 
المحافظين والعمال على حد سواء لا ترى في ذلك جزءا من مهمتها . وعليه 
فإن من بالغ الصعوبة توسيع اثتلافات التوزيع القومية هذه لتغطي 
التكاليف وضمان القدرة التنافسية على مستوى الاتحاد الأوروبي. 
فحزب العمال لا يقل عن حزب المحافظين عداء لبناء دار التعايش 
هذاء والذي يعمل على تهميش النقابات؛ ولا يكترث كثيرا بالحاجة إلى 
إعادة بناء مصالح الأعمال المنظمة على مستوى الصناعة؛ بوصفها أطرافا 
قطاعية فاعلة. 

صحيح أن الحكومة البريطانية لم تعد مناوكة للوحدة الأوروبية 
بالفطرة: إلا أنها تحمل تصورا ضيقا نسبيا عن الاتحاد الأوروبي؛ وهو 
تصور أدنى بكثير من قدرة الاتحاد على التحكم الاقتصادي. إن بريطانيا لا 
ترغب في التعلم من حكومات يسار الوسط الأخرى. وهي تسعى إلى ترويج 
رؤيتها الضيقة. وما لم تتغير هذه الحال. ستظل المملكة المتحدة عقبة بوجه 
بلورة إستراتيجيات بديلة للتحكم في الاقتصاد القاري الأوروبي. 
استخلا عات 

لاتزال أوروبا متوقفة عند نقطة تتطلب القيام بقدر كبير مع العمل 
المؤسساتي حتى تضمن اللاعودة عن تكاملها الاقتصادي الفعال. لعل 
التكامل على المستوى الأولي؛ أي في إطار سوق موحدة,. لاعودة فيه. ولكن 
هذا القول لا يصح على تطوير تحكم اقتصادي موسع لهذا المجال 
الاقتصادي الواحد . ولابد أن الملتزمين بالوحدة الأوروبية يأملون في ألا 
يشهد مطلع القرن الحادي والعشرين أي ركود جاد. مستديم,: ويأملون في 
أن يستطيع سياسيو الوسط احتواء أعتى ضغوط اليمين. ويأملون في ألا 
تتفجر قضية الهجرة لتصبح هدية إلى اليمينء ويأملون بالتالي في أن يبقى 
ثمة مجال للقوى الدافعة باتجاه المركز كي تمارس ضغوطا معاكسة تدفع 
باتجاه التكامل. 





لقد دأب أفضراد النخب الأوروبية: منذ فترة طويلة» على الحديث عن 
الحل الفيدرالي بوصفه شيئًا ممكنا. فاشتطوا بذلك بعيدا عن سكان 
أورويا. لقد ظنوا أن منطق التكامل الاقتصادي سينتج الوحدة كأمر واقع.: 
دونما حاجة إلى شرعية. وظنوا أن أوروبا ستدفع تكاليفها بنفسهاء وأن 
الإجراءات التكنوقراطية ستكون كافية نظرا لأن السكان ينعمون بوفرة 
الازدهار. لكن غطرسة هذا الرأي جلية الآن؛ لقد صبغت هذه الفطرسة 
الكثير من جوانب اتفاقية ماسترختء وأدت إلى نشوب معارضة ضارية 
ضدها في بريطانيا والدانمارك وفرنسا. إن الحل «الفيدرالي» لا يتمتع إلا 
بأقل القليل من المصداقية السياسية الآن: لأن هناك قلة قليلة فقط ترى 
وجود حاجة إلى ترسيخ أورويا كهدف لانتماء المواطن إلى جانب دولها 
القومية. ويتعين على أوروبا أن تمضي قدما في آليات التحكم, وفي ترسيخ 
التكامل؛. على أن تعنى عناية جلية بالشروط السياسية لتنفيذ ذلك. 

إن عملية ماسترخت. كما رأيناء لم تحل أيا من قضايا موازنة سلطات 
التحكم بين المستوى الاتحادي والقومي والمناطقي. وإن توخينا الواقعية في 
القول؛ فليس من المرجح تماما أن يتطور الاتحاد الأوروبي إلى دولة واحدة 
موحدة على نطاق قاريء. حتى في شكل فيدرالي. فهناك أمور تقوم بها الدول 
الموحدة مما تعجز عنه التشكيلات الفضفاضة. إن دولة فيدرالية مثل 
الولايات المتحدة تتمتع؛ من نواح معينة. بميزات كثيرة تفوق الترتيبات الحالية 
للاتحاد الأوروبي. ولكن ليس من المرجح أن تستطيع أوروبا الوصول إلى حالة 
فيدرالية. فالقوى السياسية القاتمة ليست في مزاج التنازل عن الصلاحيات 
الضرورية لبروكسل. وأي مسعى لفرض ذلك سيفضي سريعا إلى تفكك 
الاتحاد الأوروبي. والأرجح أن يبرز نوع من ترتيب كونفضدرالي, كما أشرنا 
سابقا. وضي أحسن الأحوال سيكون الاتحاد الأوروبي مجرد «سلطة عامة» 
أوروبية. تستمد قدراتها باستمرار من المعاهدات المبرمة بين الدول الأعضاء. 
كما تستمدها من عمليات صنع قرار تلعب فيها تلك الدول دورا كبيرا. وإذا ما 
أصبح الاتحاد الأوروبي كونفدراليا تماما في شؤون الإيرادات والقوة 
العسكرية؛ فإن الدول القومية ستحتفظ بسلطة القرارء إلا أنها سترسم 
سياسة الجماعة على أساس التصويت بالأغلبية. وهذا يعني أيضا أن الإمكان 
القانوني للانفصال عن الاتحاد يظل ساريا على جميع الدول القومية. 


ما العولمة 


ويتعين على الاتحاد أن يطور بعض الآليات لضمان هوية انتماء المواطن 
إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي وإسباغ الشرعية على هذه المؤسسات. إذا كان 
لا يريد أن يبدد المنافع الرئيسية لهذا التنظيم قاري النطاق. إن بناء مثل هذه 
الهوية الأوروبية. غير ممكنء في جانب منه. إلا بموازاة عمليات التكامل: نظرا 
لأن الشرعية في الواقع ترتبط بتقوية المؤسسات السياسية المركزية. ولسوف 
ينطوي ذلك؛ على أرجح تقدير. على تطوير وإنضاج وتعميق الصلاحيات 
العامة لمؤسسات التحكم الاقتصادي. إن معظم أغراد النخب الأوروبية يقبلون 
بواقع أن السوق الموحدة تتطلب وحدة ضبط موازية. إن الحدود الرئيسية 
التي تحد أي سياسة ممكنة في أوروبا هي سياسية الطابع: وتتعلق بقدرة 
بروكسل على تعبثئة دعم المواطنين لسياسات قارية النطاق تشمل التزامات 
ضريبية ومجازفات سياسية كبرى. 





م 
«إن وجود الدولة القومية, 
كمنيع لحكم القانونء يؤلف 
شرطا جوهريا مسبقا 
للضبط من خلال القانون 
ألدولي. كما أنهاء بوصفها 
سلطة عمومية نافذة, 
ضرورية لبقاء الملتجمعات 
(القومية) التعددية». 
المؤلفان 


العويلة التحكم والدولة القوحيه 


ركزنا حتى الآن على الجوانب الاقتصادية من 
العولمة. بالدرجة الرئيسية. وعاينا التحكم من 


. نواحى ضروراته وإمكاناته الاقتصادية أساسا. 


٠‏ السياسية الأوسع التي يثيرها منظرو العولمة, 


؛ بوصفها موضعا أساسيا للتحكم. 


سنبدأ بتذكير القارئ بأن الدولة القومية 


: ظاهرة حديثة العهد نسبياء وأن «السيادة» في 
: شكلها الحديث ادعاء سياسي متميز تماما 


بالسيطرة الحصرية على رقعة أرض معينة. 
العالمية لتطور السيادة. أي تلك الاتفاقيات المبرمة 


بين الدول للامتناع عن التدخل في الشؤون 


الداخلية لبعضها مع بعضء والتي كانت مهمة في 


توطيد سلطة الدولة على المجتمع. ثم نمضي 
بعدئذ إلى دراسة تطور قدرة الدولة القومية على 


المعاصرء وبخاصة بعد انتهاء الحرب الياردة. 


ما العولمة" 


وعلى حين أن قدرات الدولة على التحكم قد تغيرت بل ضعفت من نواح عدة 
(خصوصا قيام الدولة بإدارة الاقتصاد القومي الكبير . الماكرو) إلى حد كبيرء 
فإنها تظل مؤسسة محورية. خصوصا من ناحية خلق الظروف اللازمة للتحكم 
العالمي الفعال. ولسوف نطرح النقاط الرئيسية التالية في بحثنا إمكانات التحكم 
ودور الدولة: 

١‏ -إذا كان الاقتصاد العالمي لا يتطابق؛ كما قلنا في الفصول السابقة؛ مع 
نموذج النظام الاقتصادي المعولمء: فإن الدول القومية تحتفظ بدور كبير تلعبه في 
ميدان التحكم الاقتصادي. على مستوى العمليات القومية والعالمية معا. 

؟ ‏ إن الأشكال الناشئة من التحكم بالأسواق العالمية وغيرها من العمليات 
الاقتصادية تتضمن الحكومات القومية الكبرى ولكن في دور جديد : إنها تتقلص 
من حيث إنها تقوم بوظيفة كيانات «ذات سيادة»». وتتسع من حيث إنها عناصر 
مكونة ل «شبه كيان سياسي» عالمي؛ وستفدو الوظائف المركزية للدولة القومية 
وظائف إسباغ الشرعية على آليات التحكم فوق القومية ودون القومية. وضمان 
إخضاع هذه الآليات للمحاسبة. 

" - على حين أن ادعاء الدولة بالسيطرة الحصرية على رقعة أراضيها قد 
تقلصت بفعل الأسواق العالمية ووسائل الاتصال الجديدة: فإنها لا تزال تحتفظ 
بدور مركزي واحد يكفل لها قدرا كبيرا من السيطرة على الإقليم وضبط 
السكان. فالبشر أقل حراكا من النقود والسلع والأفكار. وهم يظلون: بمعنى ماء 
«مؤممين». يعتمدون على جوازات السفر وسمات الدخول والإقامة ومؤهلات 
العمل. وإن دور الدولة الديموقراطية؛ كمالك لرقعة الأرضء يكمن في ضبط 
سكان هذه الرقعة. وهذا يمنحها شرعية محددة فريدة: عالمياء حيث إن لها الحق 
في النطق باسم هؤلاء السكان. 


سزوغ «السيادة القومية» 

يؤكد علماء السياسة والاجتماع بعامة, مقتفين أثر ماكس فيبرء أن السمة 
المميزة للدولة الحديثة هي امتلاكها حق احتكار وسائل العنف ضمن رقعة 
جغرافية معينة (فيبر 1574, ص 06). لقد خُلق نظام الدولة الحديثة في القرن 
السابع عشرء وحظي بالاعتراف المتبادل من أعضاء هذا النظام. ويقوم جوهر 
هذا الاعتراف على أن كل دولة هي المرجعية السياسية الوحيدة, ذات الملكية 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


الحصرية ترقعة أرض محددة. وغدت «الدولة» الشكل المهيمن للحكومة, التي لا 
ترضى بأي هيئة منافسة. إن القرون الوسطى لم تعرف مثل هذه العلاقة 
الأحادية بين السلطة ورقعة الأرض. فالسلطات السياسية والأشكال اللأخرى من 
التحكم المحدد وظيفيا (كما عند الطوائف الدينية, والأصناف الحرفية مثلا) 
تعايشت في أشكال متداخلة. تدعي لنفسها صلاحيات متوازية» ومتنافسة 
أحيانا: على الكنظعة الواحدة ينها (لفيركه عله 14) ويخلو البعطن أن 
يزعم أن حقبة هيمنة الدولة القومية, كهيئة للتحكم. قد ولتء وأننا ندخل الآن 
حقبة انفصال التحكم عن رقعة الأرضء حيث تتولى هيئات مختلفة السيطرة على 
مختلف أوجه التحكم, وتغدو بعض النشاطات المهمة عصيّة على التحكم (سيرني 
لإمرع0), .)١19948‏ إن هذا الزعم مشكوك فيه. غير أن ادعاء الدول القومية 
بامتلاك الحق الحصري للتحكم ظاهرة تاريخية محددة, وليست قدرا . 

لم تحصل الدولة الحديثة على احتكار التحكم بالاعتماد على جهودها 
الداخلية وحدها. فبعد إبرام معاهدة ويستفائيا عام 1144ء كفت الحكومات 
بالتدريج عن دعم إخوتها في المذهب الديني في نزاعهم مع دولهم بالذات. 
كان اعتراف الدول المتبادل بسيادة بعضها البعض في واحدة من أهم الشؤون 
المعاصرة وقتذاك,. أي الإيمان الديني. يعني أن هذه الدول مستعدة للتخلي عن 
بعض أهدافها السياسية مقابل نيل السيطرة الداخلية والاستقرار (هيرست 
.)١19917 115‏ استثمرت الدول هذه الاستقلالية عن التدخل الخارجيء التي 
نصت عليها تلك الاتفاقية العالمية والمتبادلة» فأمكن لها أن تفرض «السيادة» 
على مجتمعاتها. إن الاتفاق بين الدول غير شروط النزاع بين سلطة الإقليم 
والجماعات الدينية لصالح الأولى. وهكذا فإن درجة كبيرة من القدرة على 
بسط السيادة جاء من خارج الدولة؛ عن طريق الاتفاقيات المبرمة بين الدول 
فى إطار أسرة الدول الناشئة حديثا. 

٠‏ وهكذا فإن بزوغ الدولة القومية. بوصفها كيانا إقليميا محددا وسلطة 
سياسية مهيمنة. اعتمد في جانب منه على الاتفاقيات العالمية. ولعب مذهب 
«سيادة» الدول في القانون الدولي الجديدء واعتراف الدول الأوروبية المتبادل 
بسلطاتها وحقوقها الداخلية؛ دورا مركزيا في خلق علاقة جديدة بين السلطة 
ورقعة الأرضء. هي علاقة تملك حصري (هينسلي زءاوه111. 1947). أتاحت هذه 
التفاهمات الدولية «استبطان» السلطة وشؤون السياسة داخل الدولة. وباتت 


ما العولمة 


الدول تمد بمنزلة جماعة سياسية أولية: ذات قدرة على تحديد مكانة وضوابط 
أي نشاط يقع ضمن الفهم المعاصر لنطاق السلطة الشرعية. باتت الدول كيانات 
ذات سيادة: وكانت كل دولة تحدد داخل ذاتها طبيعة سياساتها الداخلية 
والخارجية. وباتت الدول لا تحتكر العنف الداخلي وحده بل العنف الخارجي 
أيضا. فالدولة وحدها هي صاحبة الحق في الحرب واستخدام القوة خارجياء 
أما جماعات القراصنة والجيوش الخاصة فقد قمعت بالتدريج بفعل إبرام 
الاتفافات بين الدول التي وضعتها موضع التطبيق وتنفيذها (طومسون 
لامكسعط]1؛ أخذ١).‏ 

وهكذا أصبح مجتمع الدول عالم كيانات مكتفية بذاتها. حيث يتصرف كل 
كيان حسب مشيئته (بل ااناقء 1917). وصارت العلاقات الدولية ترى مثل 
تفاعلات «كرة البليارد». فهي مقيدة بالاعتراف المتبادل. وواجب الامتناع عن 
التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى (مورس 2810256, .)1517١‏ وعليه فقد 
كانت فوضى مجتمع التفاعلات الخارجية بين الدول؛ واستقلاليتها الذاتية 
بعضها عن البعضء. شرطا مسبقا لقدرتها الفعالة على احتكار السلطة في 
الداخل. وفي القرنين التاسع عشر والعشرين ورثت الحكومات الليبرالية 
والديموقراطية. عن نظم الحكم المطلقة السابقة. هذه الادعاءات بالسيادة 
ضمن رقعة أرض متماسكة محكومة حكما حصرياء وأسبغت عليها شرعية 
جديدة. جبارة. ويمكن أن نضيف إلى هذه السيادة الأساسية التي أرستها دول 
القرن السابع عشرء من دون أن نقع في كبير تناقضء. معظم السمات الأخرى 
لعالم السياسة الحديث. لقد كانت الدول مالكاء مستقلا وحصريا لأراضي 
إقليمهاء وإن هذا الواقع لم يتغير قطء سواء أكانت هذه الدول سلالية أم 
قومية؛ اوتوقراطية أم ديموقراطية؛ تسلطية أم ليبرالية. وإن فكرة دولة «الأمة» 
تعزز في الواقع مفهوم السلطة العليا ذات السيادة في رقعة معينة. وإن النزعة 
القومية هي في جوهرها ادعاء بوجوب أن تعكس السلطة السياسية التجانس 
الثقافي المحدد بناء على مجموعة مشتركة من الاعتبارات السياسية التاريخية 
المحددة لمحتوى الأمة. 

وهكذا فإن النزعة القومية توسع وتعتمد على نطاق «السيادة»»؛ وتقتضي 
أنماطا معينة من الامتثال الثقاضي للمواطنة ('). ومن هذه الناحية. فإن بزوغ 
النزعة القومية لم يعدل فهمنا للدول بوصفها هيئات ذات «سيادة». بل صار 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


يشترط وجود هذا الفهم. إن مفهوم الرقعة الجغرافية المتجانسة ثقافياء وبالتالي 
ذات السيادة المشروعة؛ يمكن أن يبرر كلا من تشكيل الدول وتجزئتها . وقدأدت 
مختلف موجات النزعة القومية؛ ابتداء من مطلع القرن التاسع عشر فصاعدا 
إلى زيادة عدد أفراد مجتمع فوضى الدول ذات السيادة؛ من دون أن تغير 
طبيعته. والحق؛ إن كانت النزعة القومية قد فعلت شيئًاء فإنها زادت من عسر 
التعاون الدوليء معززة فكرة الجماعة القومية بوصفها سيدة مصيرها. 

ولم تؤثر الديموقراطية كثيرا على الخصائص الأساسية للدولة ذات 
السيادة. هذا الكيان السياسي الذي نشأ في حقبة ما قبل الديموقراطية. لقد 
أصبحت الديموقراطية: بمعناها كحكومة تمثيلية, تقوم على الاقتراع العام 
أيديولوجيا شاملة؛ وإلهاما شاملا من الناحية العملية في أواخر القرن 
العشرين. فأنظمة الحكم اللاديموقراطية هي الآن علامات على الفشل 
السياسي والتخلف الاقتصادي المزمن. إن من السهولة بمكان أن تحل فكرة 
سيادة الشعب محل سيادة «العاهل», وأن تصادر مزاعم هذا الأخير في الأولوية 
في اتخاذ القرارات السياسية على رقعة أرض معينة. وبالمثل تمكن المواءمة بين 
الديموقراطية والنزعة القومية. وإن يكن بثمن. فالديموقراطية تتطلب قدرا 
كبيرا من التجانس الثقافي (أو وجود فارق ثقافي معترف به رسميا في إطار 
هوية سياسية جامعة أكبر) لكي تكون متسامحة (هيندس ووع0م1خ18: 15197). 
وإن الجماعات المنقسمة انقساما مريرا لا يمكن أن تقبل بمنطق حكم الأغلبية: 
أو أن تتسامح إزاء حقوق الأقليات. وإن حق تقرير المصير القومي هو مطلب 
سياسي يستمد شرعيته من مفهومي الديموقراطية والتجانس الثقافي على حد 
سواء. فجوهره هو الاستفتاء على الاستقلال في رقعة جغرافية بزعم أنها ذات 
درجة متميزة من التماسك الثقافي (نايرن. سنولل ؟5ذ١).‏ 

لقد تطورت النظرية السياسية الحديثة ‏ أي نظرية الحكومة والالتزام 
السياسي في دولة ذات سيادة . قبل نشوء الديموقراطية لعموم الشعب, لكنها 
تكيفت بسهولة نسبية مع هذه الأخيرة. ولا يرجع ذلك إلى أن إحلال الشعب محل 
العاهل كان ممكنا فحسب. بل يرجع أيضا إلى أن الدولة القومية هي الشكل 
الأكثر تطورا لفكرة الجماعة السياسية القائمة على الحكم الذاتي؛ وأن إمكان 
وجود نظرية «سياسية» متميزة: اقترنت بهذه الفكرة تحديدا (هيندس 55ع0منتلء 
١ن‏ الديموقراطية هي منبع شرعية الحكومة: وتدبير إجرائي 


ما العولمة 


لاتخاذ القرار فى كيان يفك ذا حكم ذاتي. وابتداء من دولة المدنية 5أاهم 
الإغريقية مرورا بالنظام الجمهوري المدني لدول المدينة الإيطالية؛ وانتهاء بفكرة 
الحكم على أساس الرضا في القرن السابع عشرء كان المفهوم المركزي في فهمنا 
للسياسة هو وجود جماعة تسيطر على عالمها الاجتماعي على أساس الاختيار 
الجماعي. ولقد مزجت النظرية الديموقراطية الحديثة فكرتين كانتاء قبلئن, 
متناقضتين. أولا: إن الجماعة هي حامل السيادة؛ إن السلطة مستمدة أخيرا من 
الشعبء. وعليه فإن الحكومة يجب أن تقوم على الرضى؛ وثانيا: إن الحاكم هو 
صاحب السيادة: وإن كلا من الدولة والمجتمع هما كيانان منفصلان: وإن صاحب 
السيادة هو الآمر الذي لا يؤمرء ولا تحده أي اتفاقات مسبقة (هينسلي بإداكمظ!1, 
1987 ). أضفت الانتخابات الديموقراطية الشرعية على سلطات السيادة التي 
تملكها مؤسسات الدولة. فقدمت بذلك للدولة؛ بوصفها جهازا لجماعة إقليمية 
ذاتية الحكمء. أساسا أمتن من مفهوم إرادة الأمير. فالسيادة الديموقراطية تشمل 
المواطنين وتريطهم معا برياط انتماء مشترك محظور على سواهم. 

إن لمفهوم الجماعة ذاتية الحكم منابع موغلة في القدم. لكنه اكتسب 
مصداقية متميزة في شكل الدولة القومية الحديثة. أولا: كانت الدولة؛ في 
قناعها ما قبل الديموقراطي (بوصفها كيانا متميزاء منفصلا عن المجتمع) تحتكر 
وسائل العنف. وتفرض إدارة موحدة. وتبسط شكلا من حكم القانون. وادعت 
الدول لنفسها ضمان قدر أساسي من الأمن لمواطنيها من الأعداء الخارجيين 
ومن الفتن الداخلية. ولم يكتسب هذا الادعاء الذي قُدم تبريرا للأوتوقراطية 
المستنيرة. الصدقية التامة إلا بعد أن أصبحت الدول ديموقراطيات تمثيلية, 
وكفْت قضايا الحرب والسلم عن أن تقرر وفق مطامح الأمراء ومصالح السلالات 
الحاكمة. ومنذ أن نشر عمانوتيل كانط أطروحته «في السلام الدائم». أصبح 
الافتراض بأن الدول الليبرالية لن تهاجم بعضها بعضا أساس الأمل أن يكون 
عالم الدول القومية عالم سلم شاملء وأن الديموقراطية القائمة داخل الدول 
ستخفف من غلواء فوضى العلاقات بين الدول (كانط غههكا: ١55١؛‏ دويل عالاهطا, 
1947). ثانيا: كان في مقدور الدولة الحديثة القائمة على التمثيل أن تحكم رقعة 
أرضها بدرجة من الكمال والشمول لم تتوافر قط لنظم الحكم السابقة عليها. 
فالحكومة التمثيلية عززت قدرات الدولة: وأضفت الشرعية عليهاء فى فرض 
الضرائب؛ واستطاعت هذه الحكومة, ضي ضوء قدرتها المالية هذه؛ كما ا 


العولمة: التحكم والدولة القومية 


إزالة كل السلطات المنافسة والتابعة, أن تخلق نظام إدارة قومية موحدا . وعلى 
هذا الأساسء أمكن لها أن توسع التحكم الاجتماعي. مثلاء بخلق نظام تعليم 
قومي شامل أو تطبيق إجراءات الصحة العامة. ثالثا: اكتسبت الدول؛ في القرن 
العشرين تحديدا. وسائل إدارة أو توجيه الاقتصادات القوميةء إما من خلال 
الاكتفاء الذاتي وتخطيط الدولة؛ كما هي حال الاقتصادات الموجهة من الدولة 
في بريطانيا وألمانيا خلال الحربين العالميتين» وإما من خلال الإجراءات الكينزية, 
باستخدام السياسة النقدية والضريبية للتأثير على قرارات الفاعلين الاقتصاديين 
وتغيير النتائج الاقتصادية بذلك. 

وهكذا بدت الدولة. بحلول عقد الستينيات: مهيمنة على الكيان الاجتماعي: 
وكانت للدولة والمجتمع حدود مشتركة عمليا. فالدولة تحكم المجتمع وتسيطر 
عليه في العالمين الشيوعي والغربي. وإن يكن بطرق مختلفة. استخدمت الدول 
الشيوعية صيغة واحدة من إدارة الاقتصاد القومي. من خلال التخطيط المركزي 
الدائم. وبدا خلال الستينيات أن تجاوزات البناء الاشتراكي القسري قد انتهت, 
وأخذ الإصلاحيون. مثل خروتشيف. يعدون بازدهار أعظم وتعايش سلمي بدل 
النزاع المكشوف مع الغرب. أما في الدول الصناعية الغربية المتقدمة؛ فقد كان 
هناك اعتقاد واسع بأن في مقدور إدارة الاقتصاد القومي أن تستمر في ضمان 
العمالة الكاملة والنمو المطرد نسبيا. وتحولت الدول الصناعية؛ في الشرق وفي 
الغرب» إلى هيئات متشعبة للخدمات العامة؛ هيئات كلية الكفاءة في الإشراف 
على كل جوانب حياة مجتمعاتها وتدبيرها. واحتفظت الخدمات القومية الموحدة 
الشاملة في الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي بشعبيتها الضاربة في المجتمعات 
الغربية التي بقيت تحمل آذار القورة الصنامية:وبقيت غالبية السكان 
المستخدمين فيها تعمل في مجال العمل اليدوي حتى خلال عقد الستينيات. 
وبقيت مجاميع السكان. التي كانت قد نجت أخيرا من أزمات الرأسمالية المنفلتة 
من الضوابطء ترحب بالحماية الاجتماعية من جاتب الدولة. حتى بعد أن أخذت 
تنعم بالوفرة الجديدة: الهائلة؛ التي نجمت عن العمالة الكاملة والازدهار المديد 
بعد العام .١5460‏ 

لقد تغير هذا التصور عن الدولة تغيرا يفوق التصور وبسرعة مذهلة. فثورات 
العام 1944 في أوروبا الشرقية وما تلاهاء أدت إلى استشراء التصور عن العالم 
المعاصر بوصفه عالما تفقد فيه الدول القومية قدراتها على التحكم؛ وتخلي فيه 


ما العولمة" 


العمليات الجارية على المستوى القومي مكان الاولوية للعمليات الكونية. لقد وضع 
العام 1984 نهاية لبنية النزاع المحددة بين زمر متحالفة من الدول القومية؛ أي 
الحرب الباردة. وكانت القوة المحركة لهذا النزاع هي الخوف المتبادل بين 
معسكرين مسلحين. خوف استغله الطرفان كلاهما لأغراض أيديولوجية؛ برغم 
أن النزاع لم يكن تصادم أيديولوجيات فحسب. لقد كرست الحرب الباردة 
الحاجة إلى الدولة القومية, لقدراتها العسكرية؛ ولأشكال الضبط الاقتصادي 
والاجتماعي على الصعيد القومي؛ هذه الأشكال الضرورية لإدامة تلك القدرات 
العسكرية. وتجمد نظام الدول في مواجهة سلبية. متصلبة في المركز ونزاعات 
بالواسطة في حواشي الأطراف. وبقيت الدولة ضرورية: برغم أن قواها ظلت 
معبأة في نزاع معلق. لقد بقي دخول القوتين العظميين والدول الحليفة لهما 
الحرب إمكانا قائما حتى العام 14844: وإن كانت غير مرجحة: وانتحارية 
للطرفين. إن هذا الاحتمال؛ هذا الخوف من عدو معبأ وجاهزء. جعل الدول 
القومية ضرورية. فإن ضعفت أو فقدت قدرتها في السيطرة على مجتمعاتهاء 
فإن العدو قد يكتسحها ليقوم. حسب موقفع المرء. بالقضاء على منجزات 
الاشتراكية أو فرض طغيان شيوعي. إن هذا النزاع المسدود حافظ على أهمية 
المستوى القومي للحكم على نحو أخر أو أسدل القناع على التغيرات التي 
أضعفت هذا الحكم لاحقا. 


الخطاب السياسى فى «العولمة» 

لقد رأينا أن هناك موضة رائجة في التأكيد على أن زمن الدولة القومية 
قد ولىء وأن التحكم على المستوى القومي عديم الفاعلية بوجه العمليات 
الاقتصادية والاجتماعية الكونية (هورسمان ومارشال القطوعة]/8ة ؟ مددددءه1آ1. 
64 . كما يقال إن السياسات والخيارات السياسية القومية قد تُحيت جانبا 
بفعل قوى السوق العالمية التي باتت أعتى من أكثر الدول جبروتا. فرأس المال 
متحرك. حر من أي روابط قومية. وهو يستقر حيثما تمليه المنافع 
الأقتضادية أما الحمل دين تف شوميا وجامتك يناوا عليه انيعد 
آماله السياسية كي يواجة الضغوط الجديذة للقدرة التناقسية القالمية..ويناء 
عليه وفإن النظم القومية المتميزة: التي تكفل حقوقا واسعة وحماية اجتماعية 
للفمل: ضباوت ياتيتة كذلك شان السسياسات التقدية والهترمية الضانة 


العولمة: التحكم والدولة القومية 


لتطلعات الأسواق الكونية والشركات العابرة للقوميات. وإن الدوئة القومية 
كفت عن أن تكون هيئة فعالة للإدارة الاقتصادية. ولم تعد لها من وظيفة 
سوى أن تقدم تلك الخدمات الاجتماعية والعامة التي يراها رأس المال العالمي 
ضرورة؛: شريطة أن تفعل ذلك بأدنى كلفة ممكنة. 

إن مؤلفين. من طراز أوهمه عقصسط0 .155١(‏ ؟155) ورايش طءزع] 
(؟155١)).‏ يرون أن الدول القومية تحولت إلى سلطات محلية للنظام الكوني, 
وأنه لم يعد بمقدورها أن تؤثر.ء بصورة مستقلة؛ على مستوى النشاط 
الاقتصادي أو العمالة داخل حدود أراضيها: فذلك يتحدد بما تمليه خيارات 
رأس المال العالمي طليق الحركة. وإن وظيفة الدول القومية باتت شبيهة 
بوظيفة البلديات داخل الدول قبلئن. فعليها أن تقدم الهياكل الارتكازية والسلع 
العامة التي تحتاجها الشركات بأدنى تكلفة ممكنة. 

إن هذا الخطاب السياسي الجديد يستند إلى عقيدة ليبرالية مناوئة 
للسياسة. وهي ترى أن الاقتصاد الكوني الجديد, المتحرر من قيود السياسة:؛ 
يسمح للشركات والأسواق بتوزيع عوامل الإنتاج بما يحقق لها أعظم منفعة؛: من 
دون تشويهات تدخل الدولة. وإن التجارة الحرةء والشركات العابرة للقوميات 
وأسواق رأس المال العالمية قد حررت الأعمال من كوابح السياسة. ومكنتها من أن 
تزود مستهلكي العالم بأرخص المنتجات وأكثرها كفاءة. وإن العولمة تحقق المثل 
العليا لليبراليي التجارة الحرة في القرن التاسع عشر,ء مثل كوبدن 006002 
وبرايت 8880]6؛ أي خلق عالم منزوع السلاح. حيث نشاط الأعمال هو الأول؛ 
وحيث لا مهمة للسلطة السياسية سوى حماية نظام التجارة الحرة العالمي. 

إن خطاب العولمة هذا هو هبة من السماء بالنسبة لليمين السياسي في 
البلدان الصناعية المتقدمة. فهو يمد لهذا اليمين حبل النجاة بعد الفشل 
الكارثي الذي حاق بتجارب سياسته النقدية والفردية الراديكالية خلال عقد 
الكتمادينيات بوكناة ل هذا اتخطاب فاكاة إن بحعتوق العمل ونظلم اتوكاد 
الاجتماعيء التي سادت في حقبة الإدارة الاقتصادية القومية. ستقوض 
القدرة التنافسية للمجتمعات الفربية إزاء الاقتصادات الآسيوية حديثة 
التصنيع: ولابد من تقليص هذه الحقوق والنظم تقليصا حادا. 

أما بالنسبة إلى اليسار الراديكالي: فإن مفهوم العولمة يوفر له خلاصا من 
مأزق سياسي مختلف .إذ يمكن لليسارء بعد أن واجه انهيار اشتراكية الدولة 


ما العولمة 


وانهيار نضالات العالم الثالث المعادية للإمبريالية» أن يرى في العولمة دليلا 
على استمرار واقع النظام الرأسمالي العالمي. كما يستطيع أن يرى فيها عقم 
إستراتيجيات الإصلاحات الديموقراطية الاجتماعية على الصعيد القومي. 
وإن اليسار الثوري ريبما ضعفء لكن ليس في مقدور الإصلاحيين الادعاء بأن 
لديهم سياسات براجماتية فعالة. 

وهكذا يمكن لليسار واليمين أن يحتفياء على نحو متبادل؛ بنهاية حقبة 
الكينزية.إن الإدارة الاقتصادية والعمالة الكاملة والنمو الممستديم, والإنتاج 
الجماهيري الموحد المعتمد على قوة عمل يدوية. شبه ماهرةء كبرىء والتعاون 
التشاركي بين الصناعة والنقابات والدولة . إن هذه العوامل المركزية لفترة 
الازدهار المديد بعد العام 14464: خلقت الشروط الموائمة لتوطيد النفوذ السياسي 
لنقابات العمال؛ وحصر التوجهات السياسية الموثوقة على طريق وسطي 
وإصلاحي. أما هيمنة الأسواق العالمية المتقلبة:؛ والانتقال إلى طرائق الإنتاج 
المرنة» وإعادة هيكلة قوة العمل بصورة جذرية: والنمو الغامض المتقلب في البلدان 
المتقدمة, وتدهور النقابات والتوسطات التشاركية؛ كل ذلك. كما يزعمون: قد 
أصاب إستراتيجيات الإصلاح بالعقم. وأضعف الموقع المركزي للعمليات السياسية 
القومية: سواء أكانت هذه العمليات تنافسية أم تعاونية. 

ثمة شيء من الحقيقة في الفرضية القائلة إن السياسة القومية في البلدان 
المتقدمة تصبح باطراد سياسة «باردة» (موتجان ههع8101؛ .)١15194‏ فلم تعد هذه 
السياسة تتعلق بأمور الحرب والسلمء أو بأمور الصراع الطبقي. ولم تعد تتعلق 
بالتعبئة الجماهيرية في سبيل قضايا حياة أو موت على الصعيد القومي. بل إن 
السياسة على الصعيد القوميء في نظر دعاة العولمة؛ أقل شأنا من ذلك؛ لأنها 
عاجزة عن تغيير النتائج الاقتصادية والاجتماعية تفييرا عظيماء اللهم إلا إذا 
تبنت إستراتيجيات تدخل حمقاء تقوض القدرة التنافسية القومية. 

وما إن ينظر إلى العمل السياسي القومي على أنه صار أقرب إلى العمل 
السياسي في البلديات, أي مجرد تقديم خدمات عادية. حتى يفقد العمل 
السياسي المعتاد طاقاته. وتفقد الأحزاب الوطيدة طاقاتهاء وتكف الصفوة الأولى 
عن الانجذاب إلى العمل في ميدان السياسة. وتتدفق الطاقة على العمل 
السياسي الأخلاقي لتتركز على قضايا مثل الإجهاض؛ وحقوق المثليين الجنسيين. 
وحقوق الحيوان. والبيئة, وما شاكل. ويُخاض العمل السياسي النشط أو 


العولمة: التحكم والدول القومية 


«الساخن» على هذا المستوى الأولى. دون خشية من أن ذلك سوف يشتت أو 
يرف الانتباه عن القضايا «القومية: لآن هده القضايا صارث مبتدلة: 

إن تدهور المكانة المركزية للعمل السياسي على المستوى القوميء المتعلق 
بالحرب. والصراع الطبقي والثورة, والإدارة الاقتصادية الفعلية والإصلاح 
الاجتماعي. هذا التدهور يعتق القوى السياسية من الحاجة إلى التعاون ضد 
الأعداء في الخارج. أو التكاتف في الداخل للحفاظ على الازدهار القومي. 
ويمكن للأقليات القومية والمناطق أن تؤكد استقلالها الذاتي دون كبير خشية: 
فمناصرة ثقافة ومصالح البريتون 81606002 بشكل فعالء مثلاء لن تعود بعدتد 
عامل إضعاف لفرنسا في صراع الحياة والموت مع ألمانيا. وبالمثل» يفقد 
التتجانس الثقافي على المستوى «القومي» أهميته المركزية في البلدان 
المتقدمة المرتبطة بأسواق العالم, نظرا لأن الدولة القومية ليس بإمكانها أن 
تعد بالكثير بوصفها كيانا سياسيا. لذا تستطيع التعددية الدينية والإقية 
والتعددية في نمط الحياة أن تتوسع في مثل هذه الدولء وتزداد أهمية 
الجماعات داخل الدول القومية كبوّر ولاء بديل لأعضائها . 

إن لهذه الأفكار بعض مواطن قوة. فلا ريب في أن مكانة الدول القومية ودورها 
قد تغيرا بشكل ملحوظ منذ الحقبة الكينزية. فالدول أقل استقلالا ذاتيا من قبل, 
وأقل سيطرة حصرية على العمليات الاقتصادية والاجتماعية الجارية على رقعتها 
الإقليمية. كما أنها أقل قدرة على صون التمايز القومي والتجانس الثقافضي. 


تغير فقدرات الدولة الغومية 

هناك ميادين معينة تغير فيها دور الدولة جذرياء وتقلصت,. بالتالي؛ قدراتها 
على السيطرة على شعبها وعلى العمليات الاجتماعية المحلية. أول هذه الميادين 
هوالحرب. لقد اكتسبت الدولة احتكار وسائل العنف في الداخل؛ كيما تقدر بصورة 
أفضل على تعبئة موارد البلاد للنزاع الخارجي. فمنذ القرن السادس عشر حتى 
الوقت الحاضرء كانت القدرة الأولى المحددة للدولة الحديثة هي سلطة إعلان 
الحربء والاعتماد على حيوات وممتلكات مواطنيها في هذا السبيل. إن الحرب 
الباردة. كما رأينا. حافظت على جذوة هذه السلطة حية. فالعداء المتبادل بين 
الشرق والفرب عزز الحاجة إلى التعبئة الدائمة ضد خطر الحرب, الداهم أبدا. 
غير أن تطوير الأسلحة النووية؛ أدى إلى جعل الحرب أمرا مستحيلاء با معنى 


ما العولمة" 


التقليدى لاستخدام القوة تحقيقا لبعض الغايات. فقد كانت الحرب؛ من الوجهة 
الكلاسيكية؛ تعد وسيلة للحسم» وإن النصر أداة لتسوية قضية عالقة بين الدول 
يتعذر حلها بوسيلة أخرى. لقد كانت الحربء عند المنظر كلاوزفيتز. نشاطا هادفاء 
وبالتالي عقلانياء في حدود ذلك فالحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى. أما 
الحرب النووية بين متحاربين متكافئين نوعا ماء فلن تسفر إلا عن دمار الطرفين 
المتحاربين؛ أي نفي أي سياسة عقلانية يتوخاها مسؤولو الدول المشاركة. وقد أشار 
' بيرنارد برودي (28:0016 1957: )١1510‏ بملاحظة ثاقبة (بعد هيروشيما مباشرة) 
أن الوظيفة الوحيدة للأسلحة النووية هي الردع: فما عاد بالإمكان استخدام القوة 
العسكرية الأعظم لتحقيق حسم سياسيء فهي لن تكون ضعالة إلا إذا منع 
استخدامهاء. وأعطت السياسيين الفرصة لابتكار الوسائل الكفيلة بإخضاعها 
سياسيا عبر الاتفاق المتبادل بين الدول النووية. 
لقد كان برودي على صواب, برغم أن الوصول إلى الإجراءات السياسية 
التي دعا اليها استغرق نصف قرن من المجازفات الهائلة. وخطر الفناء المحدق. 
لقد كانت إعالة الحرب الباردة عصية والردع متقلقلاء والتوازن النووي باهظ 
الثمن. وكانت فترات التنافس المحتدم بين القوى العظمىء الساعية إلى تحقيق 
مزية تكنولوجية عن طريق سياق التسلح. تمتد لتعقبها فترات انفراج. وانتبذت 
الدول النووية الكبرى «السيادة»؛ وخلقت بمعاهداتها نظاما مدنيا عالمياء 
لا يقتصر على الحد من الحروب. بل تعداه إلى منح الدول الأخرى صلاحيات 
التفتيش والإشراف. وإبلاغ الآخرين بمواعيد المناورات العسكرية: وما إلى 
ذلك. وهي صلاحيات تجعل من التعبئة الفعالة للحرب أمرا مستبعدا 
تماما (). وكان على الدول أن تقبل بمستوى من التدخل في شؤونها الداخلية 
.كيما تجعل السلام موثوقاء وهو تدخل ما كان يطاق قبل هذا الأوان. 
غدت الحرب بين الدول النووية محالاء سواء أكانت ليبرالية أم لا. شريطة 
توفر قادتها على الحد الأدنى من العقلانية. وباتت الحروب اللانووية تقع في 
المناطق الطرفية؛ وهي حروب بالواسطة. حيث لا تؤدي هزيمة طرف ماء 
فيهاء إلى إشعال حرب نووية. وهكذا فإن امتلاك الأسلحة النووية أنهى امكان 
اروب التقلروية ني الدول: النووية 1" لعن كروت الأسلسة البروية الشرت 
من حلبة العلاقات العالمية بين الدول المتقدمة, حيث لم تعد وسيلة بديلة 
للحسم. بل خطر كارثة مهولة تحدق بالطرفين؛ وتتطلب إبعادها بالتفاوض. 





العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


وهكذا أيضا فقدت القوات المسلحة. عملياء راهنيتها للدول المتقدمة 
الكبرى في مجال تعاملها بعضها مع بعض. فقد تطورت الأسلحة إلى النقطة 
التي باتت فيها الحرب عقيمة. مثلما عقم أيضا جانب كبير من مسوغ 
وقدرات سيطرة الدولة. إن القوات المسلحة لن تكف عن الوجود طبعاء لكن 
أهميتها كوسيلة للحسم السياسي تتناقص باطراد (فان كريفيلد076010 21/20 
..١‏ فهي لا تستطيع أن تحسم الأمور القائمة بين الدول المتقدمة. وإن 
التباين بين قوات القوى العظمى وقوات الدول الكبيرة في العالم الثالث يبلغ 
من الضخامة بحيث إن هذه الأخيرة لن تستطيع إعادة ترتيب الامور لمصلحتها 
باستخدام القوة المسلحة التقليدية إذا ما شعرت القوى العظمى أن مصالحها 
الحيوية مهددة. وهو ما أثبتته حرب الخليج العام .195١‏ 

لا يعني هذا القول أننا سنعيش في عالم يرفل في السلم. فالدول الصغيرة 
ستتحارب. والدول المتقدمة ستواجه خطر الإرهاب. والحركات الثورية ستواصل 
الصعود في الأطراف المفقرة؛ بهيكة «جيوش شحاذين» جديدةء ولكن محلية؛ على 
غرار الزاباتيستا في ولاية تشياباس في المكسيك. ولسوف تعبر الحركات الثورية 
عن تناحرات محلية خاصة:؛ ولكنها لن تتجلى في شكل فصائل تخوض صراعا 
واحداء توحدها أيديولوجيا مشتركة معادية للرأسمالية والإمبريالية. لا نقصد 
بذلك أن من المستبعد أن تسنح للحكومات: في الدول المتقدمة على الأقل؛ فرصة 
تجنيد حيوات وممتلكات مواطنيها لخوض الحرب. بل المقصود أنها لن تعود قادرة 
على تعبئّة مجتمعها والمطالبة: بل وخلق التضامن والتطابق مع السلطة الضروريين 
لخوض حرب شاملة بصورة فعالة. فالحرب. أي وجود عدو حقيقي إنما يعزز 
التضامن القومي ويضفي المصداقية على الادعاء بالتجانس الثقافي القومي. 

وإذا غابت الحرب. وغاب الأعداء؛ تناقصت أهمية الدولة عند المواطنين. 
وحين كانت الشعوب تواجه الأعداء؛ غزاة وفاتحين: فإنها كانت تحتاج إلى 
دولتها وإلى مواطني بلادها. وإن الدولة الليبرالية: التي تدعي العيش بسلام 
مع الجيران ولا تفرض على شعبها إلا أقل المتطلبات؛ تستطيع أن تدعي 
شرعية أكبر إن هوجمتء فتستثير بذلك شعبها إلى درجة من الالتزام والعمل 
المشترك يندر على الدول التسلطية أن تجاريها فيهما. لكن هذه الشرعية قد 
ولت: وولت معها طائفة كاملة من إشباع الحاجات «القومية» المبررة بطوارئ 
الحرب: الصناعات «القومية». والرعاية الصحية والرفاه لتعزيز «الكفاءة 





ما العولمة 


القومية». والتضامن الاجتماعي لتوحيد الأغنياء والفقراء في النضال 
المشترك. لقد ربحت الديموقراطية الاجتماعية كثيرا من الحرب التقليدية 
الصناعية: فاستطاعت أن تزج العمال المنظمين في الجهد الشامل للحرب؛ 
على حساب الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. 

لم تعد الحربء عند دول العالم المتقدمء تحظى بأهمية مركزية لدعم 
ادعاءاتها ب «السيادة». ولم تعد هذه الدول تعتبر أطرافا فاعلة مستقلة حرة 
في انتهاج ما تشاء من سياسة خارجية في مجتمع الدول الفوضوي. فقد 
انتقل مجتمع الدول من وضع فوضويء إلى وضع شبه مدني. وإن الغفالبية 
الساحقة من الدول ترتبط بعضها مع بعض من نواح عديدة في ظل ما يرقى 
مصاف مجتمع سياسي عالمي. بل إن هذه الحالة ترقى بالنسبة للدول 
المتقدمة الكبرى التي تؤلف كتلة السبع الكبار 67: إلى اتحاد قائم من دول؛ 
يعتمد قواعد وإجراءات قرار خاصة به. لا يعني هذا أن الدول القومية فقدت 
راهنيتهاء بل يعني بالتحديد أن ادعاءها باحتكار وسائل العنف المشروع داخل 
رقعة إقليم معين لم يعد المحدد الأساس لوجودها. 

ومثلما أن الأسلحة النووية قلبت شروط الحرب وأضعفت المسوغ المركزي 
للدولة في غضون ذلكء فإن وسائل الاتصالات الجديدة وتكنولوجيا المعلومات 
أضعفت هي الأخرى السيطرة الحصرية للدولة على رقعتها الإقليمية, 
واختزلت قدراتها على السيطرة والمجانسة الثقافيتين. ومن نافل القول؛ إن 
وسائل الاتصال الرقمية. والأقمار الصناعية. وأجهزة الفاكس وشبكات 
الكومبيوتر. جعلت ترخيص الدولة لوسائل المعلومات وسيطرتها على هذه 
الوسائل أمرا مستحيلاء ولم تكتف بتقويض الديكتاتوريات الأيديولوجية؛ بل 
تعدته إلى إحباط كل محاولات الحفاظ على التجانس الثقافي بقوة الدولة. ‏ 

إن الاتصالات الحديثة تشكل القاعدة لمجتمع مدني عالمي. مؤلف من بشر 
متشاركين في المصالح والروابط عبر الحدود. وتسهم وسائل الاتصال العالمية في 
خلق مجموعة من الثقافات الكوزموبوليتية, النخبوية والشعبية: والعلمية والفنية, 
المرتبطة بوسيط اللفة الانجليزية كلفة شاملة وليس قومية. وتزداد إشكالية 
التجانس الثقافي تعقيداء نظرا لأن الثقافات «القومية» تغدو مجرد واحدة من 
عدة ثقافات يشارك فيها الناس لأغراض متباينة. وتتفاعل الشقافتان 
الكوزموبوليتية والقومية؛ وتتقلص رقعة إمكان التجانس الثقافي التام: الحصري. 








العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


وتغدو الثقافات «القومية» التي تستهدف الهيمنة على الأفراد الذين ينتمون إليهاء 
على نحو متزايد. مشاريع مقاومة للعالم وتراجع عنه. وإن النزعة القومية 
المنطوية على النفس. والأصولية الشقافية, هي. بصريح العبارة. سياسة 
الخاسرين. فمن المستحيلء عملياء الاستمرار فى العمل فى مختلف أسواق العالم 
بموازاة تجاهل الشقافات العالمية التى ترافقها. إن مغل هذه النزعات القومية 
المنطوية على الذات؛ موجودة حقاء وسوف تواصل النموء ولكن نجاح مشاريعها 
السياسية لن يحقق في الواقع سوى تهميش مجتمعاتها. وبرغم أنها تشكل 
استجابات معينة ردا على التخلف الاقتصادي فإنها في الواقع ترسخ هذا 
التخلف. ويصح هذا أيضا على تلك الفئات الاجتماعية في الدول المتقدمة التي 
تدعي هوية كلية الحضور. سواء كانت إثنية أو دينية أو بأي صورة أخرى. فهي 
تقضي على أعضائها بالتهميش الاجتماعي. 

إن وجود لغات وأديان مختلفة؛ كما قال كانط؛ يضمن التنوع الثقافي عمليا 
(كانط. .)195١‏ وإن التقاليد الثقافية المحلية المميزة ستواصل التعايش مع 
الممارسات الثقافية الكوزموبوليتية. أما الشيء المهدد بالخطر فهو فكرة ثقافة 
«قومية» حصرية: ومكتفية بذاتها عملياء ثقافة لا يشكل فيها الأغراد سوى نماذج 
تلهج بلغة ومعتقدات ونشاطات. مشتركة. لقد حاولت الدول بحماس متقد أن 
تخلق مثل هذه الثقافات عن طريق نظم مشتركة للتعليم والخدمة العسكرية وما 
شاكل (اندرسن 42067568: .)١111١‏ إن تعذر القيام بهذه المشاريع في البلدان 
المتقدمة يعني أن عليها أن تبحث عن مرتكزات أخرى لولاء المواطن خارج نطاق 
التجانس الثقافي البدائي. فالمدن الكبرى في معظم الدول المتقدمة تحوي 
عشرات اللفات التي تلهج بها الألسنء وحشد من الأديان التي يتعبد بها الناس. 
وكما سنرىء؛ فإن من المحتمل أن تجد الدولة مسوغا جديدا لوجودها في تدبير 
أمور هذا التنوع: بأن تتصرف كسلطة عمومية تتيح لهذه الجماعات المتوازنة 
التعايش وحل النزاعات فيما بينها. ليس ثمة علاقة محددة بين المكان والثقافة. 
فثقافات العالمء في المدن الكبرى من البلدان المتقدمة على الأقل. تختلط 
اختلاطا عشوائيا بهذا القدر أو ذاك. وقد حاولت الدولة في حقبة «بناء الأمة» 
أن تحول شعبها إلى مصنوعات على شاكلتها هي نفسهاء إلى عينة نموذجية تمثل 
الثقافة «القومية». ويتوجب عليناء لما فيه مصلحة الحرية الفردية وقيم 
الكوزمويوليتية والتنوع الثقافيء أن نشعر بالامتنان لأن الدولة لا تقستطيع أن 





ما العولمة" 
تدعى لنفسها الحق في خيالاتنا واعتقاداتنا إلا في حدود ضيقة جدا لا 
مط اقنة فهر لوك 

قد لا تملك الدولة سوى سيطرة واهنة على الأفكار. لكنها تظل مع ذلك الجهة 
المسيطرة على حدودها وعلى حركة انتقال الناس عبر هذه الحدود . وكما رأينا فإن 
جل سكان العالم لا يستطيعون الانتقال بسهولة, باستثناء «نخبة صغيرة» من 
أصحاب المهن عالية المهارة والملتحركة على النطاق العالمي؛ كما باستثناء فقراء 
المهاجرين واللاجئين؛ اليائسين» الذين يتحملون أي مشقة مهما بلغت للفرار من 
أوضاع عصيبة. إن العمال في البلدان المتقدمة لا يتوفرون على مجتمعات 
«مهجرية» ينزحون إليها. كما فعلوا بأعداد غفيرة إلى بلدان مثل أستراليا 
أوالأرجنتين في القرن التاسع عشر.ء أو بأعداد متواضعة في سبعينيات القرن 
العشرين. ولا يحظى فقراء أوروبا الشرقية والعالم الثالث بالترحاب في البلدان 
المتقدمة إلا بوصفهم «عمالا مغتريين» أو مهاجرين غير شرعيين يعملون بأجور 
مزرية. لكن المجتمعات الغريية تطرح عمالها جانباء ويجد العمال المحليون غير 
الماهرين صعوبة مطردة في الحصول على فرص للعمل. من هنا تنامي الضغط 
لرفض فقراء المهاجرين. وفي ضوء الافتقار إلى حراك العملء ستحتفظ الدول 
بسلطاتها على شعوبها. فالدول هي التي تحدد من هو المواطن ومن هو غير 
المواطن؛ ومن يتلقى مدفوعات الرفاه ومن يحرم منها. وبهذا المعنى إن جل سكان 
العالم يعيشون في عوالم مغلقة. في فخ حظوظ المولدء وذلك رغم كل الخطاب عن 
العولمة. وإن الدولة القومية بالنسبة للعامل أوالمزارع العادي؛ الذي له عائلة: هي 
مجتمع المصير. إن الثروة والدخل ليسا كونيينء بل يتوزعان قوميا أو مناطقيا بين 
دول فقيرة ودول غنية؛ ومناطق فقيرة وأخرى غنية. وإن الدول القومية في نظر 
الغالبية الساحقة من أي شعب لا يمكن أن تعد مجرد سلطة بلدية أو سلطة محلية, 
تقدم الخدمات التي يختارها المرء تبعا لنوعية هذه الخدمات وتكلفتها. 

فالعمل المتجذر في رقعته القومية مرغم على أن ينشد إستراتيجيات محلية 
ومزايا محلية إن أراد أن يحستن أحواله. والسؤال الآن هو إن كانت الأعمال 
التجارية مقيدة على الغرار نفسه.؛ أو أنها تستطيع بسهولة أن تختار مواقع 
جديدة, أفضل. الحق أن وجود الثقافات المفتوحة عاميا إلى جوار السكان ثابتي 
الجذور يؤلف تناقضا متفجرا. إذ يستطيع المفقرون أن يشاهدوا مسلسل دالاس 
التلفزيوني. إنهم يعرفون أن هناك عالما آخر ممكناء سواء كانوا يشاهدونه من 





العولمة: التحكم والدولة القومية 


شقة مزرية في بلد متقدم., أو من زرائب مدن الصفيح في أحد بلدان العالم 
الثالث. لعل ايديولوجيا الثورة الاشتراكية لا تقنع سوى القلة؛ ولكن لا ينبغي للمرء 
أن يتخيل أن فقراء العالم سيبقون راضخينء قانعين بفقرهم دون نأمة اعتراض. 
فردود أفعالهم على هذا الوضع: سواء من خلال جرائم الشوارع آو من خلال 
حرب العصاباتء كما في ولاية تشياباس المكسيكية. ستغدو عصية على التعامل, 
بل آشد استعصاء من التمردات القديمة التي انطلقت باسم الشيوعية. غير آن 
ردود الأفعال هذه ستكون موضعية؛ وليست مندمجة بنزاعات أخرىء من الناحية 
الأيديولوجية. لذا فإن آمر هذه النضالات سيترك عموما إلى الولايات المتحدة 
والنخب المحلية لكي تحتويها وتلجمها . وإن العالم المتقدم اليوم لا يرى أن حدوده 
تبدأ في أدغال يوكاتان؛ على غرار ما كان يعتقد سابقا بأن حدوده تبدأ في 
أحراج الفيتنام وأدغال بوليقيا. 

وإذ تمضي البلدان المتقدمة في السعي إلى رصد حركة فقراء العالم بغية 
إقصائهم عنها. فإن الطابع النزق المتقلب لمفهوم المواطنة ومفهوم الجماعة 
السياسية سيتكشف للعيان بجلاء متزايد. فالدول المتقدمة ستعجز عن 
الاستخدام الفعال لحق الادعاء بالتجانس الثقافي كمبدأً للإقصاء. لآن هذه 
الدول هي آصلا ذات تعددية إثنية وثقافية. 

وسيغدو الإقصاء مجرد وافعة لا منطق لها ولا شرعية سوى خشية الدول من 
عواقب الهجرة واسعة النطاق. إن عالم الثروة والفقرء عالم اتساع شقة الفوارق 
في مستويات العيش بين الأمم الغنية والأمم الفقيرة» لن يكون عالما آمنا مستقرا. 
فالعمال الصناعيون في البلدان المتقدمة يخشون العمل الرخيص للعمال الماهرين 
حسني التعليم في المرتبة العليا للبلدان النامية مثل تايوان أو ماليزيا. كما أن 
فقراء العالم الثالث يرون أنهم باتوا منبوذين من جانب عالم غني يتوجه باطراد 
إلى المتاجرة مع نفسه ومع قلة من البلدان المفضلة. حديثة التصنيع. إن هاتين 
الفئتين محشورتان داخل حدود دولء وهما مرغمتان على اعتبار بلدانها بمثابة 
جماعة مصير. وعلى نشدان حلول في نطاق رقعة الإقامة الجبرية هذه. 

غير أن النزعة القومية المحض لن تقدم أي حل لهذه المشكلات. كما أشرنا 
آنفا. فالتشديد على التجانس الإثني أو الثقافي أو الديني قد يقوم مقام تعويض 
ثقافي عن الفقر أي مقام أفيون لمن يعانون التخلف الاقتصاديء لكنه ليس ترياقا 
للشفاء منه. إن الأصوئية الإسلامية أو الأشكال الأخرى من النزعة القومية 





ما العولمة" 


الثقافية تجتذب الفقراء والمنبوذين. إن هذا النمط من الأيديولوجيات الموضعية 
سيواصل تحميق النجاح سياسيا في تلك المناطق التي ترى أن أعدادا غفيرة من 
السكان فيها لم تتتفع قط من نظم التجارة العالمية الحرة. غير أن هذه 
3 ف ويه 2 

الأيديولوجيات لن تفير واقع الفقرل). 

أثبتت الثورات القومية في العالم الثالث فشلها بوصفها مشاريع للتحديث 
الاقفتصادي والاجتماعي. فقد توجهت إلى الاكتفاء الذاتي بالالنسحاب من 
الثورات على أتم وجه: كما في ألبانيا أو كوريا الشمالية, فإنها أفضت إلى نشوء 

ولسوء حظ فقراء العالم؛ لم يكن بمقدورهم الخروج من نظام التجارة الحرة 
وتحويل مجتمعاتهم بجهودهم الخاصة داخل حدودهم بالذات. فالمشكلة هنا أن 
فقراء العالم ما كانوا ينتفعون كثيرا بإدارة ظهورهم إلى الاكتفاء الذاتي» فذلك 
ضار ما لم يضع تحول في النظام الاقتصادي العالمي وما لم تتبلور إستراتيجيات 
وأولويات جديدة في البلدان المتقدمة تجاه بلدان العالم الثالث. فحوى ذلك أن 
الحل المتمثل بالدولة القومية بدا ممكنا بالئنسية للعالم الثالث خلال عقد 
الستينيات؛ وذلك باستخدام سلطة الدولة بعد الاستقلال وإرث التضامن من 
الصراع المناوئ للكولونيالية من أجل بناء مجتمع جديد . لكن مثل هذه 
الإستراتيجيات الثورية في العالم الثالث لم تعد قابلة للحياة الآن, شأنها شأن 
الإسبكرافيجيات الديموقراطية الادضامية الكينزية ملن الحسين القودي فن 
البلدان المتقدمة. 


التحكم والاقتصاد العالمى 

ليس ثمة ريب في أن حقبة النظر إلى السياسة باعتبارها عمليات تكاد 
تكون محصورة تماما في نطاق الدول القومية ولها تفاعلات خارجية على 
غرار كرة البليارد؛ قد ولّت. فالسياسة تتجه لأن تكونء ياطراد؛ متعددة 
المراكز. حيث لا تؤلف الدول سوى مستوى واحد في منظومة مركبة ذات 
هيئات تحكم متداخلة ومتنافسة في الغالب. ومن المحتمل أن يبلغ تعقيد 
هذه السلطات المتراكبة, الجغرافية والوظيفية؛ حدا يضاهي سلطات 
القرون الوسطى. لكن تعقد وتعدد مستويات وأنماط التحكم إنما يعني 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


نشوء عالم مختلف عن العالم الذي يلهج به خطاب «العولمة». فهو عالم 
يحتفظ بمكانة متميزة. بارزةء مستمرة للدولة القومية. 

وينبغي أن نوضح من جديدء عند هذه النقطة, أن قضية التحكم بالنشاط 
الاقتتصادي في إطار اقتصاد أشد تكاملا وتدويلاء هي قضية تحكم عهههمء امع 
وليست مجرد استمرار دور الحكومات 017670:0606ع . لقد كانت الدول القومية 
تدعي لنفسها سمة مميزة خاصة هي حق تحديد كيفية التحكم بأي نشاط ضمن 
زَفَمد رامين إنا يداف الوطيعة بنضيتياء وها يوضع الحدوة اللزفنة 
للهيئات الأخرى. أي أنها ادعت لنفسها حق احتكار وظيفة التحكم. من هنا الميل؛ 
في الاستعمال الشائع؛ إلى مطابقة اصطلاح «الحكومة» بمؤسسات الدولة تلك 
التي تسيطر وتضبط حياة جماعة إقليمية. غير أن التحكم ‏ أي السيطرة على 
نشاط ما بوسائل معينة سيطرة تؤدي إلى تحقيق طائفة من النتائج المرتجاة . 
ليس من اختصاص الدولة وحدها. فهذه الوظيفة, بالأحرى, يمكن أن تؤدي عن 
طريق طيف واسع من المؤسسات والممارسات. العامة والخاصة. مؤسسات 
وممارسات تابعة للدولة ولغير الدولة. قومية وعالمية ("). إن المناظرة مع القرون 
الوسطى من شأنها. ببساطة؛ أن تساعدنا على إدراك ذلك بالعودة إلى الفترة 
التي سبقت سعي الدول القومية ذات السيادة إلى احتكار وظائف التحكم. فهذا 
هو الفرض الوحيد,ء والمحدودء للمناظرة. 

هناك كتّاب مثل سيرني بإمءع© (1948) ومينك 11106 (1997) يشددون على 
المناظرة مع القرون الوسطى. غير أن الإحالة إلى القرون الوسطى ليست سوى 
مجاز في أحسن الاحوال؛ وهي أبعد من أن تفي بالمرام من نواح عدة. فنحن 
لآ نفود إلى غالم ييه الغرون الوط إلى ما قبل تطور «السيادة: القوميية. 
ليس مرد ذلك أن الدول القومية وسيطرة «سيادة» الشعوب باقية فحسب. بل إن 
نطاق ودور أشكال التحكم اليوم باتت مختلفة تماماء ولهذا الواقع تبعات متميزة 
تالشنية إلى معبار السكومة: لقن كان كاين سلطات مقوازية متاشسة رمك ابفلة 
في القرون الوسطى ممكناء وإن يكن محترباء بفضل ضعف تكامل الاقتصادات 
والمجتمعات. وكانت درجة تقسيم العمل والاعتماد الاقتصادي المتبادل متدنية 
نسبياء فى حين أن الجماعات اليوم تعتمد في وجودها بالذات على تداخل 
وتتشيق نشاظات مكباينة«متطائية. فقن القالب: ولا يسع الأسواق بمقردها أن 
تحقق مثل هذا الترابط والتنسيق ‏ أو بالأحرىء إنها لن تنجح في تحقيق ذلك 


ما العولمة" 


إلا إذا جرى التحكم بها على نحو موائم: وإلا إذا جرى ضمان وإدامة حقوق 
وتوقعات المشاركين البعيدين (دوركهايم «تأعط1مناط؛ .)١514‏ 

وعليه. فإن سلطات التحكم لا يمكن أن تتنتشر وتتنافس ببساطة. إذ ينبغي 
ربط مختلف مستويات ووظائف التحكم بعضها ببعض فى نوع من تقسيم 
التشيظلوة الذى كداففل على شتتمية العمل شان لمبخصضل اللله قان ديه 
الضمير يمكن أن يستغلء والمنكود يمكن أن يسقط فى «الفجوات» القائمة بين 
مختلف هيئات وأبعاد التحكم. ثمة حاجة ل «دمج» أطراف سلطات التحكم 
العالمية والقومية والمناطقية لتؤلف منظومة متكاملة نسبيا. فإن لم يحصل ذلك؛ 
ادك هنة الفحوات الى ككل تحسمكم ها كل الميكويات ؟والفضية الطروحة كنا 
هى إن كان مثل هذا النظام المتماسك سيتطور أصلاء وأن لهذه القضية أسبقية 
على مسألة ما إذا كان نظام التحكم العالمي سيفدو ديموقراطيا (كما جادل في 
ذلك هيلد 11614 جدالا حاميا. فى 1591 و19590.: على سبيل المثال). إن الإجابة 
عن السؤال الأول لاتزال بكماء. لكن الصيغ التبسيطية من أطروحة العولمة 
له تسباعق: علق حل اللشؤال لأنينا تسق النظرة القدرية إن إمفاق الميكاة 
الأساسية على بلورة إستراتيجيات قومية متماسكة. 

وتلعب الدولة القومية دورا مركزيا ضى عملية «الدمج» هذه: فسياسات 
وممارسات الدول في توزيع السلطة اتجاه المستوى العالمي الأعلى؛ وتجاه 
الهيئات المحلية الأدنى. هي الرياط الذي سيربط بين أجزاء نظام التحكم. 
ومن دون هكذ!ا سياسات صريحة لردم فجوات التحكم وتطوير تقسيم عمل 
فى تواقم الحريظم ختضيع وراك خيوية فى السيطرة . قد نتكوق الغلطة 
الآن متعددة داخل الدول وفيما بينها عوض أن تكون ممركزة قومياء ولكى 
تصبح فعالة يتعين أن تبنى بناء قصديا واعيا لكي تغدو معمارا من المؤسسات 
ذا تماسك نسبى. وهذا ما ينكره منظرو «العولمة» التبسيطيون. إما لأنهم 
يعتقوون أن الاكتهياو النائن عضن على الفحكم هئ ستو قلت الأميواق 
وافتراق المصالح: وبالتالي استحالة عنصر البناء القصدي الواعيء وإما لأنهم 
يعتبرون السوق بمنزلة آلية تتسيق فى ذاته ولذاته. مما يجعل أي مسعى لبناء 
معمار من المؤسسات للتحكم بالسوق امرا لا ضرورة له. إنهم يرون في السوق 
بديلا عن الحكومة لأنهم يعتبرون السوق نمطا مرضيا من التحكم؛ يثمر 
النتائج المثلى حين لا تعترض سيره أي ضوابط مؤسساتية من خارجه. 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


ويرى غلاة منظرو العولمة مثل أوهمه (1540). أن هناك قوتين أساسيتين 
مهمتين في الاقتصاد العالمي: وهما قوى السوق الكوني والشركات العابرة 
للقوميات: وأنه لا يمكن لآي واحدة من هاتين أن تخضع لتحكم عمومي فعال. 
فالنظام الكوني محكوم بمنطق المنافسة في السوق. أما السياسة العمومية 
فستكون ثانوية» في أحسن الاحوالء نظرا لأن الهيئات الحكومية (القومية أو 
غيرها) لا تستطيع أن تضاهي قوى السوق العالمي من حيث نطاقها . ونعيد 
القول؛ هناء إن هذا الرأي يعتبر الحكومات القومية بمنزلة بلديات النظام الكوني, 
وإن اقتصاداتها لم تعد «قومية» بأي معنى معقولء وإنها لن تكون فعالة كحكومات 
إلا إذا قبلت باختزال دورها إلى مجرد تقديم الخدمات المحلية العامة التي 
يحتاجها الاقتصاد الكوني. والسؤال؛ على أي حال؛ هو إن كان مثل هذا الاقتصاد 
الكوني موجودا أو إن كان يخرج إلى الوجود. لقد سبق أن رأينا أن هناك فارقا 
شاسهعا بين اقتصاد معولم (كوني 8106311260),: واقتتصاد شديد التدويل 
(1260لههمه0360 - :عام حرفيا: ما بين الدول) تنشط فيه معظم الشركات من 
قواعد تستقر في اقتصادات قومية متميزة. فالسياسات القومية عقيمة في 
الحالة الأولى: نظرا لأن قوى السوق العالمي والقرارات المتخذة داخل الشركات 
العابرة للقوميات هي التي تحدد النتائج الاقتصادية. لكن السياسات القومية 
تحتفظ بحيويتها في الحالة الثانية» بل هي أساسية من أجل صيانة الأساليب 
المتميزة ومكامن القوة في قاعدة الاقتصاد القومي. والشركات التي تتاجر 
انطلاقا منها. وإن الاقتصاد العالمي المتسم بدرجة عالية ومتنامية من التجارة 
والاستثمار العالميين ليس بالضرورة اقتصادا معولما بالمعنى آنف الذكر. خفى هذا 
الاقتصاد العالمي تحتفظ الدول القومية وأشكال الضبط العالمية التي تخلقها 
الدول القومية وتديمهاء بدور أساسي في ممارسة التحكم بالاقتصاد. 

وعليه فإن السؤال يدور حول نمط الاقتصاد العالمي القائم حالياء أو 
الذي يخرج إلى الوجود : هل هو اقتصاد فوق قومي في الجوهر. أم اقتصاد 
تحتل فيه العمليات والنشاطات الاقتصادية المتموضعة قوميا مكانة مركزية 
رغم ارتفاع مستويات التجارة والاستثمار العالميين. إن القرائن التي قمنا 
بتفحصها حتى الآن من النواحي الأساسية لهذه المسألة وهي طابع أسواق 
المال العالمية. نمط التجارة العالمية ونمط الاستثمارات الأجنبية المباشرة, 
ودور الشركات متعددة القوميةء وآفاق نمو العالم النامي؛ تؤكد جميعا أنه 


ما العولمة" 


لا يوجد أي ميل قوي في اتجاه اقتصاد معولم (كوني). وأن هيمنة الأمم 
المتقدمة الكبرى مستمرة. 

ويمكن تبيان ذلك باستمرار أهمية الحدود القومية بين الولايات المتحدة 
وكندا. فلو كانت العولمة قد برزت فإن هذه الحدود كانت أول من سيفقد وجوده 
بقدر ما يتعلق الأمر بالتجارة والاستثمار والتحكم بهما. لكن هذه الحدود 
مستمرة. في الواقع؛ في لعب دور مركزي في توزيع التجارة والاستثمار. حتى 
بسريان مفعول معاهدة ناقتا 7141148 بعد العام .١11954‏ ويبين كل من ماكالوم 
(دمسلتهعء81: 1596) وانجل وروجرز (5ء508 يت أء828, 1197) أن هذه الحدود 
مستمرة في ممارسة تأثير حاسم على أنماط التجارة القارية؛ وعلى تباين نشر 
الأسعار في شتى المواقع. وأن أهمية الأسواق القومية في تحديد تنظيم التجارة 
وتكوين الأسعار لاتزال قائمة حتى في حالة الاقتصادين الأمريكي والكندي؛ 
المتجاورين والمتكاملين نسبيا. 

إن سلّمنا بهذا الأمرء فإن علينا أن ننبيذ مفهوم «العولمة», هذه الموضة 
الرائجة أكثر من اللزوم: وأن نبحث عن نماذج بديلة أقل إحباطا من الناحية 
السياسية. والمسألة هنا ليست مسألة تمحيص الأدلة فحسب. بل تقديم 
المفاهيم السياسية التي تعيد تثبيت إمكانات التحكم الاقتصادي ودور الدولة 
الحديثة في مثل هذا التحكم. 

لقد رأينا في مواضع سابقة من هذا الكتاب أن المعارك الدائرة بين السياسة 
العامة للأمم المتقدمة؛ من جانب؛ وأسواق المال الكبرى. من جانب آخرء لم تحسم 
بعد بأي حالء وأنه لا يوجد مسوغ للاعتقاد بأن قوى السوق سوف تنتصر؛ دوما 
وحتماء على نظم الضبطء رغم حصول نكسات مثل تفكك النظام النقدي 
الأوروبي 5215. لقد أطلقت الأزمة المالية في العامين 19517 ١5194‏ دعوات 
واسعة من أجل إعادة الضوابط؛ وإصلاح المؤسسات العالمية الكبرى مثل صندوق 
النقد الدولي. وهناك اعتراف جلي بالحاجة إلى عمل وقائي لدرء الأزمات في 
الأسواق الناشئةء وكبح نشاطات صناديق المضاربة المالية بالأسهم الفرعية 
(كلهنة ععلعط)؛ من طراز «إدارة رأس المال طويل الأجل» (41غذم0 سمع؟ عدمآ 
اعطعع03]]). وهكذا فإن تقاليد الجمهور في المناقشات قد انصرفت بعيدا عن 
نشوة ظفر الليبرالية الاقتصادية: ولابد للسياسة والممارسة من أن تحذوا حذوها. 
ولسوف يؤدي ذلك إلى قدر من التنسيق في السياسة: لا إلى نظام عالمي جديد 


العولمة: التحكم والدولة القوميهة 


لأسعار الصرف. غير أن مجيء اليورو سيخلق منطقة استقرار نقدي شاسعة 
على أنقاض النظام النقدي الأوروبي. 
إن السبب وراء هذه الضغوط لإعادة الضوايط يرجع إلى أن لمعظم الأطراف 
اللاعبة في الاقتصاد العالمي مصلحة في الاستقرار المالي بما في ذلك كبرى 
الشركات التي ترى في تقليص الاضطراب والغموض فائدة جلية من ناحية 
ملظي الانبة مار كدوم تحية الأجنا عد و ]بلك المحواة اللتتريق» فى اتشيدن 
جليا أن الأسهم المتفرعة, ما إن تتحول إلى استثمار مضاربة؛ حتى لا تعود تقدم 
الوسائل الكافية لاحتواء المجازفة: وهي تبين مزايا تشبيت استقرار النظام المالي 
العالمي بالضبط الحكومي. وإن الفكرة الشائعة وسط غلاة منظري العولمة بأن 
الشركات الكبرى ستنتفع كثيرا من وجود بيئة عالمية خالية من الضوابط تظل 
فكرة غريبة حقا. إن القواعد التجارية المحسوبة. وتسوية حقوق الملكية المتسقة 
عالمياء واحتواء التقلبات المفرطة في أسواق الأسهم المتنوعة. واستقرار أسعار 
الصرفء تسهم جميعا في تأمين مستوى أولي من السلامة التي تحتاجها 
الشركات للتخطيط للمستقبل؛ وهي بالتالي شرط لتواصل الاستثمار والنمو. 
ولا متتاي المسركاة ان تخاو بيده المكروي بنقسهنا لتفينهنا . حتى لو كانت 
«عابرة للقوميات». ولا يمكن تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي إلا اذا 
اتحدت الدول لكي تضبطه وتتفق على أهداف ومعايير تحكم مشتركة. لعل 
الشركات تبتفي تجارة حرة ونظم معايير تجارية مشتركة, ا 0 
إلا إذا لشاحو دوه الدول في العمل معا على تحقيق ضبط عا مي مشترك/'). 
وعلى الغرار نفسه. نجد أن الفكرة القائلة إن الشركات لابد أن ترغب في أن 
تكون «عابرة للقوميات» بمعنى الإغلات من أي رقعة إقليمية. هي فكرة غريبة حقا. 
فالقاعدة الاقتصادية القومية التي تعمل منها معظم الشركات تسهم فعليا ضفي 
كفاءاتها الاقتصادية: بما يتجاوز مجرد توفير هياكل ارتكازية منخفضة التكلفة. 
فمعظم الشركات ترتكز إلى قاعدة ثقافة أعمال قومية متميزة, ثقافة تمنحها مزايا 
غير منظورة؛ ولكنها فعلية حقا. فالمديرون والكتلة الاساسية من الموظفين يتوافرون 
على أسس تفاهم مشترك إلاتتباوز التدريب الشكلن او العردايتات الشكلية للشركة. 
0 :أي تلك التي لا تملك مستقرا رئيسيا ولكنها 
قوة عمل متعددة القومية. سوف تضطر إلى أن تحاول أن تخلق داخل الشركة 
كل 00 الثقافية وأشكال الانتماء التي تحصل عليها الشركات الأخرى بالمجان 


ما العولمة" 


تقريبا من المؤسسات القومية. وسيتوجب على هذه الشركات أن تحمل العمال 
الأساسيين على أن يضعوا الشركة في المقدمة مصدرا للانتماء؛ وأن ينظموا نخبة 
مديرين متماسكة, لا قومية. تستطيع التفاهم فيما بينها ضمنا. الواقع أن هذا 
النمط من عبور القوميات لم يتحقق تقليديا إلا على يد منظمات غير اقتصادية 
ذات رسالة أيديولوجية فوية تشكل بؤرة الولاء البديل عن الولاء للبلدان والدول» مثل 
«جمعية اليسوعيين» (كناوع[ 04 لإاع5001). ولسوف يصعب على الشركات أن 
تضاهيها. فاليسوعيون (الجزويت). وإن كانوا متعددي القومياتء هم نتاج ثقافي 
متميز للبيئة والتعليم الكاثوليكي اللاتيني. ويتعذر جعل الشركات بؤرة ثقافية 
حصرية في حياة الفرد. كما يتعذر على الأفراد الالتزام الدائم بشركة واحدة: 
منقطعة بالكامل عن أي روابط قومية. وإن المديرين والعمال الأساسيين في اليابان: 
الذين يرون في الشركة جماعة أولية ومتحدا اجتماعيا مستمرا إنما يفعلون ذلك 
في إطار قومي يسبغ على هذا الموقف معناه المعقول. 

ولااتقتضير الشتركات على الأفادة من ثقافة الأعمان القومية: بل تتنداها 
إلى الإفادة من الدول القومية والجماعة القومية بوصفهما تنظيمات 
اجتماعية. وتؤكد ذلك الأدبيات المكتوبة حول نظم التجديد القومية (لوندفال 
الهالسنااء 5457١؛‏ نيلسون «2وواء, 1557, بورتر 20:667, ,)١15150‏ وحول نظم 
الأعمال القومية (وايتلي 18/1116 ١997‏ أ) 1997 ب). إن نظم الأعمال 
القومية تختلف تماما عن أشكال التجانس التي يبشر بها دعاة النزعة القومية 
الثقافية, لكن هذه النظم تحافظ على تميزها الثابت بطريقة تعجز عنها 
الأشكال الأخرى من الثقافة القومية. ذلك أن الشركات تستفيد من واقع 
انغماسها في شبكة من العلاقات مع الحكومات المركزية والمحلية؛ ومع 
الاتحادات المهنية» والنقابات العمالية؛ ومع المؤسسات المالية القومية الخاصة 
الموجهة للشركات المحلية ومع النظم القومية لتكوين المهارة وتحفيز العمال 
(راجع الفصل السابع). إن هذه الشبكات تقدم المعلومات. وهي وسائل للتعاون 
والتنسيق بين الشركات لضمان الأهداف المشتركة؛ وهي تساعد على تقليل 
غموض بيئة الأعمال وزيادة استقرارها. كما أن النظام الافتصادي القومي 
يقدم للشركات نوعا من الضمان بوجه الصدمات والمجازفات النابعة من 
الاقتصاد العالمي. وكما أشرنا من قبل فإن النظم القومية الموجهة للأعمال 
تتجلى بأسطع صورها في العالم المتقدم في كل من ألمانيا واليابان. حيث 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


يتمتع البلدان بعلائق تضامن وثيقة بين الصناعة والعمال والدولة» كما تتجلى 
في العالم النامي في بلدان مثل كوريا الجنوبية وتايوان. 

غير أن المزايا القومية لا تقتصر على تلك المجتمعات التي تقوم مؤسساتها 
بتطوير التضامن ابتغاء موازنة التعاون والتنافس بين الشركات وبين المصالح 
الاجتماعية الكبرى. فللولايات المتحدة ثقافة أعمال قومية تشدد على التنافس 
كما تشدد على استقلالية الشركة المفردة. ولكن خلافا للحجج الرائجة كتلك 
التي يطرحها رايش (ءاع8. ,.)١1997‏ تجد الشركات الأمريكية أن هناك 
منافع حقيقية تماما في الاحتفاظ بطابعها الأمريكي المتميز. وهي منافع 
تقنبع من جبروت ووظائف الدولة القومية (كابشتاين هنعنومة كا ,155١‏ 
تايسون 19508, ,١591‏ دورموس 100161205, وآخرون :.)١15198‏ وعلى سبيل 
المثال بقاء الدولار الأمريكي. إلى حد كبير. وسيطا أساسيا للتجارة العالمية, 
وبقاء هيئات الضبط وتحديد المعاييرء مثل إدارة الطيران الاتحاديء وإدارة 
الأغذية والأدوية. في موقع قيادي عالمي حيث تعمل بالتعاون الوثيق مع 
الصناعة الأمريكية؛ أو إبقاء المحاكم الأمريكية وسيلة كبرى للدفاع عن حقوق 
التجارة والملكية في أرجاء العالم» وبقاء الحكومة الفيدرالية مصدر دعم مالي 
'هائل للأبحاث والتطوير (1241) وحاميا قويا لمصالح الشركات الأمريكية في 
الخارج (راجع الفصل السابع). 

إن غلاة منظّري العوللة يرسمون صورة عن عالم حر لشركات تخدم 
المستهلكين؛ وتكف الدول والقوة العسكرية فيه عن أن تكون ذات بال إزاء قوى 
الأسواق الكونية. وإن الاقتصاد والسياسة. حسب هذه النظرة: يفترقان: بل إن 
السياسة تتدهور لصالح الاقتصاد. ويرى هؤلاء أن الأسواق إذ تبسط 
هيمنتهاء وأن المنافسة الحرة إذ تضفي الشرعية على نتائج الأسواق التي تلوح 
خارج نطاق السيطرة القومية. فإن قدرة الدول في السيطرة على النتائج 
الاقتصادية أو تعديلها بالقوة. تضعف تدريجا. وإن محاولات استخدام القوة 
العسكرية للأغراض الاقتصادية خلافا لمصالح أسواق العالم ستتعرض 
لعقوبات اقتصادية مدمرةء وإن تكن غير مخططة؛ تتجسد في تدهور أسعار 
الصرفء واضطراب البورصات,. وانهيار التجارة؛ وما شاكل. وعندتن تنقطع 
الحرب عن أي صلة بالعقلانية الاقتصادية, ذلك لأن معظم المجتمعات تكون 
قد أصبحت «صناعية» عوض أن تكون «قتالية». وهو تحول لا فكاك منه. 


ما العولمة" 


وستكون الحرب ملاذ المجتمعات والقوى السياسية الفاشلة والمتخلفة 
اقتصادياء التي تسوقها غايات لا عقلانية من الوجهة الاقتصادية؛ كالتجانس 
الإثني أو الديني. إن هذا العالم الحر لأجل التجارة هو حلم بناة المذهب 
الليبرالي الاقتصادي الكلاسيكي. منذ نشأته. 

لكن الأسواق والشركات لا يمكن أن تبقى في الوجود من دون سلطة 
عمومية لحمايتها. سواء على الصعيد العالمي حيث تواجه الدول الكبرى قوى 
إقليمية تسلطية تحاول انتزاع الثروة بالقوة» كما فعل صدام حسين بفزو 
الكويت: أو على الصعيد المحلي لردع القراصنة ورجال العصابات. صحيح أن 
الدول المتقدمة تمارس في الوقت الحاضر التجارة فيما بينها بشكل طاغ, 
وصحيح أن احترابها غير وارد. لكن نظام التجارة العالمي الحر يتطلب حقا 
وجود قوة عسكرية تدعمه:ء ولا قبل لأحد بتقديم هذه الحماية سوى الدول 
المتقدمة, والولايات المتحدة بخاصة (هيرست 256ز11, ١5914‏ أ). 

إن المزايا التي تقدمها السلطة العمومية للشركات والأسواق لا تقتصر على 
المستوى القومي. الواقع؛ إن المؤسسات في المستوى القومي أبعد من أن توفر 
المعلومات المحلية والتحكم الفعال محلياء وذلك بالنسبة للكثير من الخدمات 
الضرورية للشركات,. كما بالنسبة لأشكال التعاون الضرورية بين هذه الشركات. 
وقد ذكرنا سابقا أن حكومات المناطق المحلية تقدم خدمات جماعية حيوية 
للصناعة في أرجاء العالم الصناعي المتقدم. وإن حكومات المناطق المحلية هي 
على وجه الخصوص المعبر العمومي عن المناطق الصناعية المؤلفة من شركات 
صغيرة ومتوسطة الحجم., وهي العامل الرئيسي لنجاح مثل هذه الشركات 
في التنافس العالمي. وتمتعها بمزايا تشبه مزايا اقتصاد المقياس الكبير لدئ 

. الشركات الكبرى. وإن وفرة التحكم الاقتصادي المحلي. والمناطق الصناعية 

المزدهرة, والشراكة الفعالة وتقسيم العمل الفعال بين الدول القومية وحكومات 
المناطق. هي بمجموعها عنصر أساسي من عناصر نجاح الاقتصادات القومية 
في أسواق العالم "). 

وإن كانت لمحاججتنا هذه أي جدارة: فإن لفالبية الشركات الناشطة في 
أسواق العالم. سواء كانت شركات كبيرة أوصغفيرة, مصلحة قوية في استمرار 
التحكم العموميء القومي والعالمي؛ لاقتصاد العالم. فهي تنشد. عالمياء قدرا من 
الأمان والاستقرار في أسواق المال؛ وإطارا مضمونا للتجارة الحرة؛ وحماية 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


للحقوق التجارية. وهي تنشد؛ على الصعيد القوميء الانتفاع من المزايا الخاصة 
التي تمنحها إياها الأطر الثقافية والمؤسساتية للدول الصناعية الناجحة. وإذا 
كان للشركات مثل هذه المصالح. فليس من المرجح تماما أن يخرج إلى الوجود 
اقتصاد كوني بلا ناظم: اقتصاد يتألف من أسواق حرة من أي ضوابط. ان 
منظّري العولمة يميلون إلى الاعتماد على واحدة من فرضيتين تقومان على 
الأقدار السماوية. فرضية مستمدة من القراءة المبسطة لعلم الاقتصاد 
الكلاسيكي الجديد (نيوكلاسيكي) القائل إن الأسواق؛ إذ تقترب من الكمال 
والتحرر من التدخل الخارجيء تزداد كفاءتها بوصفها آليات تخصيص موارد؛ أو 
فرضية متشائمة مستمدة من اليسار الماركسيء القائل إن رأس المال العالمي قوة 
مطلقة الشر. لا تعبأ بالهموم القومية أو المحلية. حسب الفرضية الاولى: تغدو 
السلطة العمومية نافلة عملياء ولن تجلب أعمالها سوى الضرر (باستثناء المهمات 
الأساسية مثل حماية الملكية). أما حسب الفرضية الثانية فإن السلطة السياسية 
ترضخ لمشيئة رأس المال؛ ولا تستطيع ان ترده في ظل النظام العالمي القائم. 

قلنا في هذا الفصلء وفي الفصل الذي سبقه. إن هناك أرضية 
اقتصادية صالحة للقول إن الاقتصاد العالمي ليس عصيا على التحكم بأي 
حال. ولو اعدنا تلخيص ما جاء في الفصل السابع؛ فإن التحكم ممكن على 
خمسة مستويات تبدأ من الاقتصاد العالمي وتنتهي باقتصاد المناطق. عن 
طريق ما يلي: 

الاتفاق بين الدول المتقدمة الكبرىء والكتل الثلاث الكبار (63). 

قيام عدد كبير من الدول بإنشاء هيئات ضبط عالمية تتولى كل واحدة 
التحكم في بعد معين من النشاط الاقتصاديء مثل منظمة التجارة العالمية. 

- التحكم في مناطق اقتصادية كبرى بواسطة الكتل التجارية؛ مثل الاتحاد 
الأوروبي ونافتا. 

- تبني سياسات في المستوى القومي توازن التعاون والتنافس بين الشركات 
والمصالح الاجتماعية الكبرى. 

- تبني سياسات في مستوى المناطق المحلية لتقديم الخدمات الجماعية 
في المناطق الصناعية. 

يمكن لهذه الترتيبات والإستراتيجيات المؤسساتية أن تضمن حدا أدنى من 
التحكم الاقتصادي العالمي: بما ينفع الأمم الصناعية المتقدمة الكبرى على 


ما العولمة 


الأقل. ولا يستطيع هذا التحكم أن يغير اللامساواة القصوى بين تلك الأمم: 
من جانبء وبقية أمم العالم؛ من جانب آخر. من ناحية التجارة والاستثمار 
والدخل والثروة. ولسوء الحظ فإن مفهوم العولمة لا يطرح قضية اللامساواة 
هذه حقا. فالمسألة المثارة ليست: إن كان في المقدور التحكم بالاقتصاد العالمي 
لأجل تحقيق أهداف طموحة مثل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين 
البلدان وتمتع غالبية شعوب العالم بقدر ا من السيطرة الديموقراطية:؛ بل 
هي: إن كان في المقدور التحكم بالاقتصاد العالمي على الأطلاق. 


السيادة «الجديدة» 

إذا كانت المبادرة إلى إقامة آليات مثل هذه للتحكم والضبط العالميين مطلوبة, 
فإن دور الدولة القومية محوري. ولا ينبغي النظر إلى الدول القومية:؛ بعدئذ. 
بوصفها هيئات «متحكمة» قادرة على فرض النتاكج على كل شتات السياسة 
وأبعادها في رقعة إقليمية معينة بفعل ما تتمتع به من سلطة؛ بل ينبغي النظر 
اليها كموضع تنطلق منه أشكال التحكم. اقتراحا وشرعية 5 ورقابة: فالدول 
القومية الآن هيء. ببساطة, فئة واحدة من السلطات والهيئات السياسية: في 
منظومة سلطات مركية ابتداء من العالم وانتهاء بالمنطقة المحلية, لكن الدول 
القومية تحتل موقعا مركزيا بسبب من صلتها برقعة الأرض والسكان. 

فالسكان يبقون إقليميين. خاضعين لمواطنة دولة قومية. والدول تبقى «ذات 
سيادة». ليس بمعنى أنها كلية الجبروت والقدرة داخل أراضيها.ء بل لأنها تراقب 
حدود أراضي الإقليم؛ ولأنها. إن كانت على درجة صادقة من الديموقراطية, 
تمثل المواطنين داخل هذه الحدود. وإن نُظّم الضبط. والهيئات العالمية, 
والسياسات المشتركة المقرة في المعاهدات؛ لا ترى النور إلا لأن دولا قومية كبرى 
وافقت على خلقهاء وإضفاء الشرعية عليها بما لديها من سيادة. فالسيادة قابلة 
للتحويل؛ والدول تتنازل عن شيء من السلطة للهيئات فوق القومية. لكنها ليست 
كما ثابتا. إن السيادة قابلة للنقل والتقسيم. لكن الدول تكتسب أدوارا جديدة 
حت ادك اوعد ير طلم ؛ فهي تتولى؛ على وجه الخصوص. 
وظيفة إعطاء الشرعية وتقديم الدعم للسلطات التي نشأت بفضل هذه المنحة 
من السيادة. وإذا ما كانت «السيادة» الآن ذات أهمية حاسمة كمعلم مميز للدولة 
القومية, فمرد ذلك أن للدولة دورها كمصدر للشرعية في نقل الساطة أو 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


المصادقة على الصلاحيات الجديدة القائمة «فوقها» أو «تحتها»: فوق؛ من خلال 
الاتفاقيات بين الدول لإرساء أشكال جديدة من التحكم العالمي والالتزام بها. 
وتحت؛ من خلال ترتيب الدولة دستورياء داخل رقعة أراضيهاء لعلاقات السلطة 
والمرجعية بين الحكومات المركزية والمناطقية والبلدية. علاوة على الحكومات 
الخاصة في المجتمع المدني التي تحظى باعتراف رسمي. إن الدول القومية 
لاتزال تتمتع بأهمية مركزية لأنها الممارس الأساسي لفن الحكم بوصفه عملية 
توزيع السلطاتء وتنسيق وترتيب حكومات أخرى بتشكيلها وإضفاء الشرعية 
عليها. وتستطيع الدول القومية أن تفعل ذلك بطريقة لا يسع أي هيئة حاكمة 
أخرى أن تفعله: إنها محاور ربط بين الهيئات العالمية والنشاطات دون القومية, 
لأنها تمنح الشرعية بوصفها الصوت الوحيد لسكان محددين بحدود إقليم. 
ولا يمكن للدول القومية أن تمارس فن الحكم كعملية توزيع للسلطات إلا إذا كانت 
قادرة على أن تعرض قراراتها بوصفها قرارات تحظى بشرعية الدعم الشعبي. 

وفي ظل نظام التحكم الذي تمتاز به وكالات وهيئات الضبط العالمية 
بالأهمية وتنامي النطاقء تقوم الدول القومية بدور حاسم كهيئات تمثيلية. فنظا 
تحكم من هذا الطراز يرقى إلى كيان سياسي كونيء تقوم فيه الدول القومية 
الكبرى مقام «ناخبين» كونيين ("). ففي كل درجة من درجات التوسط؛ تعمل 
الدول على ضمان خضوع الهيئات العالمية لمحاسبة الجمهور الأساسي في العالم؛ 
كما تضمن تنفين الهيئات العالمية للقرارات التي تنعم بتأييد الدول الأساسية. لأن 
هذا التنفيذ يتحقق عن طريق القوانين الداخلية والسلطة الداخلية للدولة. 

إن هذا التمثيل غير مباشرء ولكنه أقرب صيغة إلى الديموقراطية والمحاسبة 
مما يستطيع التحكم الدولي أن يصل اليه. إن الجمهور الأساسي في 
الديموقراطيات المتقدمة يتمتع بالنفوذ للتأثير على دوله؛ وإن هذه الدول تستطيع 
أن تؤثر على السياسات العالمية. ومن شأن هذا النفوذ أن يتزايدء إذا ما تزود 
الجمهورفي الدول الاساسية بالمعلومات, والتحفيز إزاء قضية معينة من جانب 
«المجتمع المدني» العالمي المؤلف من منظمات غير حكومية عابرة للقوميات. وإن 
بعض المنظمات الحكومية؛ من طراز السلام الأخضر (763206 61668): والصليب 
الأحمر, تعد من بين المرشحين الموثوقين الذين يمكن أن يصبحوا فاعلين حقيقيين. 
على نطاق فوق قوميء بدرجة أكبر من الشركات. وإن من الأسهل تماما إنشاء وكالة 
كوزموبوليتية للدفاع عن القضايا العالمية المشتركة, مثل حماية البيئة وحقوق 


ما العولمة" 


الإنسان: على إنشاء شركة بلا جذور يراد من موظفيها أن يجدوا هوية انتمائهم في 
نشاطاتها المبتذلة, وأن يضعوا هذا الانتماء فوق كل ما عداه في العالم. 

زذ على هذاء أن مقولة المنظمات غير الحكوفية تسمية مغلوطة. إن هذه 
المنظمات ليست حكومات,. لكن كثرة منها تلعب أدوارا حاسمة في التحكم,؛ 
حسنوهةا ذن إفلان تلك الفسوات الفاسلة ديق لبوق واتقامة اتصبيظ العالية. 
فتظمة:السلام الأخضر تسم :يشكل شال فن مرافدة تطررق الافاقات العامة 
حول صيد الحيتان: كما أن بعض المنظمات غير الحكومية, مثل اوكسفام ه07 
يقدم بعض الخدمات الأولية التي هي من وظائف الحكومات, مثل التعليم وإغاثة 
متاق المجاعة فج افزيفياء عنما تكرن الدكوما كا القرمية صميدة وغبر مكالة: 
حسبما يعتقد منظرو العولمة بأنه حال سائر كل الدول. 

وهكذا فإن النظام الاقتصادي الذي يخضع للتحكم العالمي» حيث تتولى 
الوكالات العالمية والكتل التجارية والمعاهدات الكبرى بين الدول القومية 
السيملزة علج سفن الأنياة لكايه للمساشة عورا مدل إكخاد كو معدن 
للذولمة الموصيية وروكتن هذ النور "سمة خاسة للدول القويية زاف 
للهييئات الأخرى. وهي قدرتها على تثبيت الاتفاقات: صعودا إلى اللستوى 
العالمي لأنها ممثل لمناطق إقليمية. ونزولا إلى المستوى المحلي لأنها تعد سلطة 
شرعية دستوريا. والمفارقة هناء أن تزايد درجة تدويل (وليس عولمة) 
الاقتصاد العالمي تعميد تثبيت الحاجة إلى الدولة القومية, لا في قناعها 
التقليدي:بوضفها الشلظة الوحيدة ذات السيادة: بل يوضفها ومبيطا حاسها 
بين المستويات العالمية للتحكم, والجمهور الناطق في العالم المتطور. 


الدول القومية وحكم القانون 

لقد بحثنا حتى الآن في استمرار الدولة القومية من حيث دورها في نظم 
التتحكم العالمي بالأساس. غير أن هناك سببا إضافيا للقول إن 
الدولة ‏ «الأمة» ستبقى بوصفها شكلا مهما من التنظيم السياسيء وهو سبب 
يرتبط ارتباطا وثيقا بأحد الادعاءات التقليدية المركزية بحق «السيادة». وهو 
كونها المنبع الأول للقواعد الملزمة ‏ أي القانون ‏ داخل رقعة إقليم معين. وإن 
دور الدول؛ بوصفها المشرع المحتكرء يرتبط وثيق الارتباط بتطور فكرة احتكار 
وسائل العنف. وتطور نظام إدارة متماسكء يقدم الوسائل الأساسية للتحكم 


العولمة: التحكم والدولة القومية 


داخل رقعة إقليم. أما اليوم فإن دورالدولة في بسط حكم القانون مستقل نسبيا 
عن العناصر الأخرى في العملية التاريخية لتشكل الدولة الحديثة. 

دعونا نلخص الفكرة سلفا: إن وجود الدولة القومية؛ كمنيع لحكم القانون؛ 
يؤلف شرطا جوهريا مسبقا للضبط من خلال القانون الدولي. كما إنها. بوصفها 
سلطة عمومية نافذة. ضرورية لبقاء المجتمعات «القومية» التعددية بما فيها من 
أشكال إدارة ومعايير اجتماعية متنوعة. ويمكن للدولة أن تكون مصدرا أساسيا 
لحكم القانون حتى من دون أن تكون «ذات سيادة» بالمعنى التقليدي للمفهوم: أي 
أن تقف إزاء كل الكيانات الخارجية باعتبارها الوسيلة الوحيدة للحكم في إقليم 
معين؛ أو أن تقف فوق الحكومات والاتحادات دون القومية بوصفها الهيئة التي 
تستمد منها هذه الهيئات الدنيا سلطاتها باعتراف الدولة وتنازلها. وإن شمولية 
قدرة الدولة وكفاءتها وحكرهاء ليست بالأمر الضروري لحكم القانون: الحق أن 
سمات الدولة هذه. المستمدة تاريخيا من جعبة نظرية السيادة؛ هي التي عملت 

لقد كانت الدولة مثل جانوسء متعددة الوجوه: فهي سلطات لصنع القرار 
والإدارة» من جانب. وهي منابع للقواعد التي تحد أعمالها وأعمال مواطنيها من 
جانب آخر. وإن هذين الوجهين ينفصلان متباعدين: وهو تباعد نحو الأحسن, 
إلى حد كبير. لقد تقلصت سلطة الدول القومية كهيئات للإدارة وصنع القرار. 
ولقد رأينا أن تراجع أهمية الحربء. وتقييد نطاق إدارة الاقتصاد القوميء. قد 
أضعفا ادعاء الدول. كهيئات للحكمء. بحقوقها على مجتمعاتها. هذا لا يعني أن 
وظائف التشريع والترتيب الدستوري عند الدول سوف تتقلص بالقدر ذاته. إن 
الوجه الأول من الدولة جوهري وهادفء ويتعلق بالقرار السياسي وتنفيذ هذه 
القرارات عن طريق الإدارة؛ أما الوجه الثاني فإجرائي يتعلق بدور الدولة كناظم 
للنشاط الاجتماعي بأوسع معانيه؛ أي يتعلق بالقواعد المرشدة للعمل والترتيب 
الدستوري كما هي الحال في التحكيم بين الادعاءات المتعارضة التي تطرحها 
الكيانات المعنوية والمواطنون. 

إن وظيفة الدولة كمصدر للترتيب الدستوري للحد من صلاحياتها 
وصلاحيات الفير وتوجيه النشاط من خلال الحقوق والقواعد. هي عنصر 
مركزي من عناصر حكم القانون (هيرست :111:56 114:4 ب). فالمجتمعات 
التجارية تتطلب حدا أدنى من اليقين والاستمرارية في عمل الأجهزة الإدارية 


ما العولمة 


والفاعلين الاقتصاديين مما يفترضه حكم القانون ضمنا. لقد اصابت المجتمعات 
الغربية النجاح الاقتصادي وحققت التمدن المتفاعل في تعاملها مع أعضائها حين 
وفرت الأمان والثقة في حكم القانون؛ مقلصة الأضرار التي يمكن أن يتسبب بها 
المواطنون والشركات والحكومات. أما السياسة: والأيديولوجياء وسياسة الدولة 
فقد قوضت حكم القانون مرارا وتكراراء بتخلي الحكومات عن الحدود المتمدنة 
لعمل الدولة في سعيها لبلوغ غايات سياسية جامحة. 

وإذا كنا ننتقل إلى نظام سياسي واجتماعي أكشر تعقيدا وتعددية؛ فإن حكم 
القانون سيكتسب أهمية اكبر لا أقل. بل إن هذه الأهمية ستتنامى بدرجة أ كبر في 
مجال الضبط الإداريء ذلك أن «الثفرات» القائمة في حقل الصلاحيات تفتك 
بالثقة والأمان الضروريين للفاعلين في مجتمع تجاري. لأن هذه الثغرات تسمح 
للمنفلتين بالتهرب من التزاماتهم والدوس على حقوق الآخرين. ونذكر: على سبيل 
المثال؛ أن الملاذات الآمنة من الضرائب. وشراء حقوق رفع أعلام دول أجنبية على 
السفن. وشراء أراض لدفن النفايات, وما شاكل. تسمح للفاعلين الاقتصاديين في 
العالم بالتهرب من التزامات العالم الاول. وإن عالما مؤلفا من قوى سياسية متنوعة, 
وهيئات حكم متعددة؛ ومنظمات عدة على المستويين العالمي والقومي. يحتاج إلى 
شبكة مترابطة من السلطات العمومية التي تضبط الأفعال وتوجهها على نحو 
متسق نسبياء لتوفر الحد الأدنى من معايير السلوك ورد الأضرار . وبهذا المعنى 
فإننا ننظر إلى الترتيب الدستوري وإلى حكم القانون من ناحية كونهما سلطة 
حيادية عتاناءم 17011ا0م: لا كجزء من سياسة قضية محددة أو ضبط إداري. إن 
نموذجنا لمثل هذه السلطة هو نموذج دولة القانون :1617055188 والدولة القومية هي 
تجسيد أساسي لهذا النموذج بمقدار ما تتطابق مع مفهوم المرجع ((إا#مطاناة) 
كمصدر للقانون» على أن يكون المرجع ذاته شرعيا تحد القواعد أفعاله. 

ولسوف تتزايد أهمية وجود سلطة عمومية مستقلة كهذه داخل الدول بدل أن 
تنقصء سلطة عمومية تقوم بالتحكيم بين مختلف السلطات. وتقف موقف الحيدة 
إزاء الجماعات الاجتماعية, المتعددة المتنافسة ذات المعايير المتباينة» وتقدم 
للمواطنين ذوي الفردية القصوى. قاعدة إجرائية موحدة ينظمون على أساسها 
تفاعلاتهم. إن وجود نظام سلطات متعددة وجماعات تعددية؛ يقتضي توافر 
سلطة عمومية تقوم وسيطا لاحتواء نزاعات هذه السلطات والجماعات المتعددة. 
وكما قال فيجيس فيجيس 1318815 (؟151) في مطلع القرن العشرينء إن تناقص ادعاءات 


العولمة؛ التحكم والدولة القومية 


الحقوق المفرطة من جانب «سيادة» الدولة؛ لا يعني بأي حال نهاية سلطة التشريع 
العمومية. فالسلطة قد لا تعود «ذات سيادة» بهذا المعنى القديم؛ وقد تضطر إلى 
تقاسم سلطتها مع حكومات دون قومية مكفولة في صلاحياتها المستقلة ذاتياء 
وقد لا تعود تنظر إلى الاتحادات والهيئات التشاركية بوصفها اختراعات قانونية 
لا سلطان لها إلا ما تفضلت به الدولة عليها بأمر منها قابل للإلفاء. ولكنها 
ستظل قادرة على تحديد نطاق السلطة الشرعية والعمل الشرعي اعتمادا على 
دورها كمشرع دستوري ومحكم دستوري. 

ففي المجتمع الفردي التعدديء الذي لا توجد فيه سوى قلة من المعايير 
المشتركة؛ والذي انهارت فيه الكيانات الجماعية متينة الترابط لتحل محلها 
جماعات اختيارية؛ والذي ضعفت فيه الروادع الاجتماعية غير الرسمية. هناك 
حاجة إلى حكم القانون بدرجة أكثر لا أقل. هذا لا يعني أن الدولة ستكون أقدر 
على معالجة المشكلات والنزاعات المضاعفة الناجمة عن تنامي التعددية في 
المجتمعات الحديثة؛ بل إننا نزعم, بالأحرى؛ أن هذه النزاعات ستصل الى حد 
لا يطاقء ما لم تتوافر سلطة عمومية تتوسطء. من خلال حكم القانون؛ بين هذه 
الجماعات المتعددة (هيرست :111556. 1597. الفصل الثالث). ويمعنى ماء فإن 
ضمور الحرب كمصدر للتماسك القوميء وتقلص دور الدولة كهيئة لإدارة 
الاقتصاد. يختزلان السلطات والحقوق التي يمكن أن تمارسها الدول على 
مجتمعاتها من حيث هي هيئات إدارة وبؤر لتطابق الولاء السياسي. فقدرتها الآن 
على فرض التلاحم الخارجي على الجماعات قد ضعفت. هناك عاقبة أخرى 
تترتب على ذلك وهي أن وجوه جانوس الدولة تقل؛ ولا تعود الدولة تثقل كأهلها 
بالحاجة إلى الموازنة بين دور الإداري الأول؛ ودور السلطة العمومية المحايدة؛ مما 
يسهل على الدولة أن تعطي الأولوية الموثوقة لهذا الدور الاخير. وإن هدوء 
الأوضاع السياسية القومية يعطي للدولة مجالا لتوسيع دورها بوصفها حكما بين 
المصالح المتضاربة؛ بعد أن كان هذا الدور إشكاليا بسبب الادعاء الجامح المفرط 
بحق «السيادة» من حيث هو صلاحية كلية القدرة. 

أما على الصعيد الخارجيء فإن دور الدولة كمصدر لحكم القانون سيزداد 
أهمية أيضا. فإذا توسع نطاق التحكم الاقتصادي والبيئي والاجتماعي 
العالمي؛ ازداد دور القانون الدولي. ذلك أن الهيئات الدولية, والنظم العالمية 
المعتمدة على المعاهدات والاتفاقات بين الدول؛ والهيئات «المدنية» العالمية التي 


ما العولمة" 


تقوم بوظائف عمومية عالمية دفاعا عن حقوق الإنسان ومعابير البيئة» تفترضص 
كلها توسيع نطاق القانون الدولي. غير أن القانون الدولي لا يمكن أن يؤدي 
وظيفته من دون الدول القومية»: ليس فقط بوصفها دعامته المادية والأطراف 
التى يتوجه اليهاء بل أيضا بوصفها دولة قانون كاههادساطء26, أي هيئة تشترع 
القانون وتلتزم به. وإن وجود قانون دولي بلا حشد كاف من دول حكم 
القانون هو مشروع متناقض. فهو يشبه دولا تفرض القوانين على 
مواطنين لا يستبطنون القواعد ولا يضبطون افعالهم وفقا لها. وإن 
المجتمع العالمي. بوصفه رابطة دول؛ لا يستطيع أن يعتمد هيئات فوق قومية 
لكي تسن القوانين وتنفذهاء بل يقتضي دولا تقبل بوجود تحديدات دستورية 
أعلى وأدنى منها. وبهذا المعنى: فإن الانتقال من مجتمع الدول الفوضوي إلى 
عالم تكون فيه الدول جزءا من رابطة موحدة: يتطلب من الدول الأعضاء في 
هذه الرابطة أن تقبل بالالتزامات القانونية العالمية, وأن تحكم داخليا وفقا 
للقتضيات حكم القانون. وبهذا المعنى أيضا فإن الدول. كمصدر للقواعد 
الملزمة وكملتزم بهذه القواعد. تحتفظ بموقع مركزي بالنسبة لأي اقتصاد أو 
مجتمع مدول. 


مواق 
الا 


)١(‏ إن هذا التمييز بين الشركات متعددة القومية (807105) والشركات العابرة للقوميات 
(12105) غير مألوف. فهناك ميل لاستخدام المصطلحين بمعنى واحدء لكن 
مصطلح الشركات العابرة للقوميات يُستخدم بصورة متزايدة كمصطلح مقبول 
عموما لوصف هذين النمطين من الشركات. وينبغي أن يكون واضحاء أننا حينما 
نستخدم مصطلح الشركات العابرة للقوميات؛ فإننا نقصد الشركات العابرة حقا 
للقوميات: في إطاز مناقشتنا للآراء الجامحة لدى دعاة العولة. 

)١(‏ من البدهي أن التغيرات الظرفية يمكن أن تؤدي إلى تغير في النظام الاقتصادي 
العالمي: والسؤال هوء إن كانت قد فعلت ذلك؟ مقضدنا هنا أن نحذر من الأستشهاد 
بالظاهرات الناجمة عن مثل هذه التغيرات كما لو كانت جزءا من دليل على حصول 
عملية تحول بنيوي بفعل مسببات عميقة الغور تدعي «العولمة». 


ا 2 


)١(‏ نقصد بمفهوم «الاستقلال الذاتي» (/ا20]080122) قدرة السلطات في إطار اقتصاد 
قومي على تحديد سياستها الاقتصادية الخاصة وتنفيذ هذه السياسة. ومن الجلي 
أن هذه القدرة على درجات. فالإستقلال الذاتي يرتبط وثيق الارتباط ب «الانمتاح» 
و«الاعتماد المتبادل» و«التكامل» وهي ثلاثئة نفاهيم أخرى نستخدمها في هذا 
الفصل والفصول اللاحقة. يشتمل مفهوم الانفتاح على درجة تعرض الاقتصادات 
القومية لمؤثرات أفعال الأطراف الاقتصادية المستقرة خارج حدودها. ومدى توجه 
الأطراف الاقتصادية القومية إلى النشاط الاقتصادي الخارجي. ويرتبط ذلك 
بدوره بدرجة الاعتماد المتبادل المميز للنظام الاقتصادي الذي تنشط هذه الأطراف 
فيه. وهكذاء فإن التبعية المتبادلة تعيز عن الروابط البنيوية بين كل النشاطات 
الاقتصادية داخل منظومة أو هيكل إدارة. ‏ ' 

(1) خفضت فرنسا قيمة عملتها مرتين, مرة العام ١541‏ ومرة العام :١1904‏ وخفضت 
ألمانيا عملتها العام 197١‏ وبريطانيا العام 1971 ثم ألمانيا وفرنسا مرة ثانية العام 
5 اإإزاء الدولار. من هنا تسمية هذه الفترة بفترة معيار الدولار. 


ما العولمة* 


(؟) يتعلق ذلك بعنصر سعر الصرف في نظام بريتون وودز فقط. أما إجمالي مشروع 
نظام بريتون وودز فلا يقتصر على قسم سعر الصرف فحسب. بل يشمل أيضا 
نشاط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وإن عناصر نظام بريتون وودز هذه 
تظل تعمل بمقدار ما تستمر هاتان المؤسستان في وجودهما وعملهما كما خطط 
لهما في مؤدمر بريتون وودز. 

(:) خذوا مثلاأبسط حالة ممكنة عن تباينات معدل الفائدة قصيرة الأسوف تتأثر 
بالضوابط المحلية, ومدى المخاطرة والمدة الدقيقة للقروضء والشروط البنيوية 
المحلية. وإمكانات توليد ريوع احتكار. وما شاكل. وهكذا. فإن الاختلافات بين 
المعدلات في المراكز المالية يمكن أن ترجع إلى هذه الظروف. وليس إلا تكامل أو 
انفصال الأسواق بما هي عليه. 

(0) إن التحليلات الدقيقة التي تحتويها كتابات بانوري (أكناضة8) وشور (1597 06ات5) 
تعكس هذه الريبة. 

(1) اتضح من أحد التحليلات التي تستخدم إطار فيلدشتاين ‏ هوريوكا - صأعاكلاء:1 
68 للعدلات الادخار والاستثمار لبلدان الاتحاد الأوروبي خلال فترتين 
فرعيتين. هما 151١‏ 1985 و1550 . 1550ءأن هناك تغيرا ملتبسا في معامل بيتاء 
لكن التحليل خلص إلى أن ذلك يشير إلى وجود «دليل ضعيف ولكن مؤكد على أن 
الاتحاد الأوروبي ككل كان أكثر انفتاحا لبقية العالم من ناحية حركات رأس المال» 
(الاتحاد الأوروبي. 191517 أ, المربع :١(‏ ص 0). 

(7) بالطبع إن هذا التركيز على العلاقة بين الادخارات المحلية والاستثمار المحلي قد 
يلوح بمنزلة مسعى لترسيخ النظرة الكلاسيكية الجديدة (نيوكلاسيكية) عن تحديد 
الاستثمار. وإن نقد ذلك من منظور ما بعد كينزي أساسي: هو أن الكابح على 
الاستثمار ليس المدخرات بل القدرة على الحصول على تمويل للاستثمار. إن مفتاح 
الاستثمار في ظل اقتصاد صناعي متقدم ذي نظام مالي متطور هو الحصول على 
اتتمان؛ أي أن قدرة الوصول إلى «السيولة» هي التي تقرر النشاط الاقتصاديء. وأن 
هذه القدرة تخلق باطنيا. 

وبوسعنا أن نتفق شكليا مع هذا التحليل بالنسبة للاقتصادات المتقدمة 
الناضجة ذات النظام المصرضي المتطورء التي تعمل بكفاءة في ظل بيثة مالية 
مستقرة في الأساس. غير أننا سوف نشدد على أن هناك استثناءين لهذه الصورة. 
الاستثناء الأول يخص المجتمعات الأقل تطوراء ذات النظام المصرفي المتخلف بوجه 
خاص. والاستثناء الثاني يخص تلك الاقتصادات ذات النظام المالي المفرط في 
التطورء والمتميز بالمضاربة واللااستقرار. قفي كلتا هاتين الحالتين: إما أن النظام 
المالي «الاعتيادي» من أجل الاستثمار لا وجود له ببساطة, وإما أنه ينهار تحت وقع 


الهوامش 


ضغوط المضاربة. زد على هذاء أننا نقول إن الحالة الثانية هي التي تميز: باطراد. 
الوضع الذي تواجهه البلدان الصناعية المتقدمة. غير أن التحليل المذكور يقذفنا 
القهمري. في كلتا هاتين الحالتين. ليعيدنا إلى مفهوم «بدائي» عن محددات 
الاستثمار. وهو الواقع الفظ للمدخرات القومية. 

(4) لا يكفي التقارب بذاته كمؤشر معقول على التكامل. ضفي نظرية المنظومات وعلم 
الأحياء الارتقائي. مشثلاء تميل العناصر والأنواع إلى التقارب برغم انعدام وجود أي 
علاقة ضرورية بينها. وهكذاء فإن المفتاح إلى التكامل يكمن في تشخيص علاقة لا 
يقدمها التقارب من تلقاء ذاته. 

(9) قبل العام ,146١‏ علقت بريطانيا العمل بقابلية التحويل إلى الذهب في الأعوام 
/81 و417١‏ و14867., لكنها أرجعتها يسرعة إلى مستوى التكافوؤٌ المعمول سابيقا. 
وينبغي الإشارة على أي حالء إلى أن هناك عددا كبيرا من حالات تعليق النظام, أو 
الانسحاب منه أو العودة إليه. من جانب الاقتصادات الطرفية. 

)٠١(‏ هذا الموقف مثار خلاف وجدل نوعا ما: فالشعور العام هو أن هيئة الاحتياطي 
الفيدرالي الأمريكية كانت متفردة عن سائر البنوك المركزية؛ في القدرة على بسط 
استقرار مستوى سعرها الخاص من طرف واحدء وأن ذلك شمل السلع القابلة 
للتجارة العالمية. 


م١‎ 


)١(‏ هبط ذلك بالنسبة لمجموعة بلدان مماثلة من 0" في المائة خلال عقد الثمانينيات 
(انظر: هيرست وطوميسون 15012720508 2 ]11115 1997. الجدول ”. ”ءا ص 14). 

)١(‏ كانت أكبر ستة بلدان مستثمرة في الخارج العام 1197 هي الولايات المتحدة 
(00744 مليون دولار) والمملكة المتحدة (0557؟ مليون دولار) واليابان (700؟١‏ 
متيو هلان وشرشية 11055 متمون درلا ر) والتمانينا 1010 مليف درلاز) 
وهولندا ٠١404(‏ مليون دولار) (راجع: ميول سوق المال 058079: رقم 04 - 
يونيو” 199‏ الجدول .)١(‏ ص -)١١‏ وعليه فان هذا التحليل يغطي البلدان الرئيسية 
المستثمرة في الخارج في أواخر عقد الثمانينيات ومطلع عقد التسعينيات. 

(؟) وهكذاء فإن «منطقة المنشأ» بالنسبة للشركات الألمانية تشملء في كل السنوات. 
ألمانيا نفسها وبقية أوروباء والشرق الأوسط وأفريقيا (برغم أن المنطقتين 
الأخيرتين لا تحتلان سوى نسبة متدنية جدا من المبيعات الإجمالية)؛ أما «منطقة 
لياه باسيية للشتركات البانافة فتشمل اليانان وحتوب شرف سيا وام 
بالنسبة للمملكة المتحدة فتشمل المملكة المتحدة نفسها وبقية أوروباء والشرق 


ما العولمة” 


الأوسط وأفريقيا (وهنا آأيضا كانت المنطققتان الأخيرتان ذواتي وزن ضعيف جدا 
من ناحية المبيعات): آما بالنسبة للشركات الأمريكية فتشمل الولايات المتحدة 
وكندا. إن هذه الحسابات الإجمالية قد أملتها الطريقة الممكنة لتنظيم المعطيات 
للعام لالمذ١‏ . 

(4) قيست الأصول لهذه الحسابات كأصول إجمالية (وتضم الأصول الإجمالية: 
الأصول المالية والموجودات المتحركة والأصول الثابتة). وبالطبع فإن المؤشر الأفضل 
هو إما صافي الأصول الثابتة, أو الأصول المتحركة:؛ التي تنتسب بشكل أوثق إلى 
رصيد رأس المال الحقيقي. ولكن تعذر استخلاص قيم هذه الأصول من حسابات 
الشركة. من هنا يحتمل أن تفالي هذه المعطيات في تقدير قيمة أصول رأس المال 
الحقيقي المعنى: وان هذه المشكلات تزداد حدة بالنسبة لبعض المؤسسات المالية 
المدرجة في فئة الشركات «الخدمية». 

(5) إن التحليل الجاري هنا يدور في الأساس حول الصناعة التحويلية والصيرفة 
وتكنولوجيا المعلومات الجديدة. غير أن قطاعات الخدمات التقليدية تنزع إلى 
التدويل آيضا. كما يتضح من التحليل الكمي الوارد أعلاه. الواقع إن نموذج شركات 
المحاسبة وشركات المحاماة تؤكد: إلى حد كبيرء النقاط التي ذكرناها. وإن الإدارة 
الاستراتيجية لهذه الشركات والطريقة التي «تحتل» بها موقعها في منظومات 
الأعمال الجديدة؛ إنما تسيران في مسار ممائل لذلك المسار الذي حللناه في حالة 
شركات الصناعة التحويلية (انظر: باريت (1ا837:6) وكوبر (000066)) وجمال 
(لهسصدل) 551١؛‏ وكذلك سيار (87م5) .)١551‏ 


١ 


)1١(‏ البلدان حديثة التصنيع المدرجة هنا هي هونج كونج:. تايوان. جمهورية كوريا. 
سنغافورة. تايلاند. إندونيسياء. ماليزياء الفليبين: الهند. الصين, الأرجنتين. 
البزازيل» اللكمبيلتة تش يك وسار هاقيا: "لمحن ولف 

)١(‏ الواقع إن نسبة التجارة إلى إجمالي الناتج المحلي يمكن: كما أوضحنا في الفصل 
الثاني. أن تبالغ في مدى «انفتاح» الاقتصادات: لأن التجارة مقياس استهلاك. بينما 
إجمالي الناتج المحلي هو مقياس فيمة مضافة. 

(؟) زاد الاتحاد الأوروبي وارداته من السلع المصنعة من البلدان حديثة التصنيع. من 
20٠.77‏ من إجمالي ناتجه المحلي العام :157١‏ إلى 2١,7١‏ العام ١54٠‏ (كروجمان 
2م11 1556, الجدول (غ): ص 3707). 


الهوامش 


(؛) كان مستوى تجارة السلع بين الكتل الثلاث. من جانب. والبلدان حديثة التصنيع 
الأقل تطوراء من جانب آخرء أقل على الدوام من “١‏ من إجمالي الناتج المحلي 
للكتل الثلاث في 15557. 

(0) سجل روس بيروت وبات بيوكانان في الولايات المتحدة. والسير جيمس جولدسميث 
في أوروبا التعبير السياسي القوي عن مشاعر الحمائية هذه وقتذاك (انظر: جولد 
سميث طاندرة 0010). 94ذ١).‏ 

(1) نترك الأراضي جانبا في الوقت الحاضر.ء انظر وود وبيرج (© 78000 
عقا 8) /1551. 

(7) كذلك في الجنوب أيضا كما هو مبينء برغم أن الأدبيات الاقتصادية لم تبحث هذا 
الجانب بحثا مرضيا. 

(4) إن التقدير الذي جاء به مينفورد 84101050 ورايلي لإاء811 ونوويل 210:11 شاذ 
من زاوية الاتجاه العام السائد. وقد يكون هذا التقدير نتيجة الطبيعة المتطرفة 
لنموذج التوازن العام المطبق في الحساب. فهو يفترضء مثلاء وجود سوق عالمي 
تنافسي مكتمل في المدى البعيد (19417: ص 0). الواقع إن كامل مقاربة ه ‏ أ 
(11-0) مصاغة بلغة عالم ذي عوائد دائمة ودخول بلا حواجزء. برغم وجود 
محاولات لإعادة صياغة هذه المقاربة في إطار احتكار القلة (انظر هيلبمان 
مقسماء8: لهذا). 

(4) الواقع إن تباين التجربة من ناحية مجريات سوق العملء بين أوروبا القارية 
والولايات المتحدة. أدى إلى إضافة تفسير آخر لانهيار أجور العمال الأمريكان غير 
الماهرين وآفاق العمالة الأمريكية. يرى ثورو (110201) أن السيب لا يكمن في 
العلاقة بين الولايات المتحدة و»الجنوب». بل في العلاقة بين الولايات المتحدة 
وأوروبا واليابان. إن تفسيره يقوم في إطار العلائق بين بلدان منظمة التعاون 
والتنمية الاقتصادية (018)001. وفي ضوء الوزن الأعظم للتجارة بين الولايات المتحدة 
وأوروبا واليابان. قياسا إلى التجارة بين الولايات المتحدة و»الجنوب» (انظر الشكل 
(' - ؛) والشكل (4؛ ‏ 4).: فإن التعديل الأرجح يشمل مساواة عامل السعر بين 
بلدان (086001 نظرا لتطور التجارة بين الولايات المتحدة وأوروبا واليابان (/ا21991 
الفصل الثامن). 

)٠١(‏ إن التحليل الذي يرتكز إليه الجدول  0(‏ ؛). يخلط في غير ما اتساق فترات 
عدة. هي فترة فقدان الاقتصاد البريطاني لقدرته التنافسية سريعا من العام ١91/9‏ 
حتى 1414, ثم الفترة اللاحقة التي اتسمت بنمو القدرة التنافسية. وهذا يفسر 
وجود معدل وسطي من فقدان القدرة التنافسية على امتداد كامل فترة 1١91/8‏ 
4 المبينة في الجدول (مقاسا بالوحدة النسبية لكلفة العمل). 


ما العولمة" 


0١ 


(1) يقف مثال الهند بمنزلة الاستشاء عن القاعدة. حيث تُبذل المحاولات لربط 
الديموقراطية بالازدهار. برغم أن ذلك يبين» في ضوء الاضطرابات التي ألمت 
بالديموقراطية في الهند. مدى صعوبة جمع الديموقراطية باللامساواة الكبيرة 
المتسعة: (انظر: خيلناني نصهمانطكل .)١5917‏ 


3 


)١(‏ للاطلاع على مسوحات أكشر توازنا للأدبيات المكتوبة عن قضية العولمة ودولة 
الرفاه. انظر مارتن 843:15 557١؛‏ ورودس 1250065 15553. 

(7) للاطلاع على السمات الخاصة للمؤسسات السويدية: انظر إيفيسن 176560 20957 
وبونتوسون 21021155011 وسوينسون 518685011 19901. 

(؟) يقدم فايرتاج 6]188ز12 وبوشيت ]20016 :)١5591/(‏ ومنظمة العمل العالمية ,)١590(‏ 
تفاصيل عن الاتفاقات الأساسية ومحتواها. 

(4) مثلما يشير نيكل 28101611 (1991). لا يوجد دليل اقتصادي قياسي يدعم الفرضية 
القائلة إن ارتفاع التكاليف الاجتماعية للعمالة تميل مباشرة إلى رفع مستويات 
البطالة (انظر الفصل الرابع): وإن شاريف :5008 يبني هنا فرضية وجودفاعل 
اقتصادي عقلاني. قد يكون مخطئا. ولكن أيا كان الدليل الذي تقدمه الإحصائيات, 
فإن أرباب العمل يميلون إلى رؤية الأمور بهذه الطريقة. 

(6) الواقع إن العديد من اقتراحات شاربف رفضت بازدراء واسع. وهكذاء فإن وزير 
الضمان الاجتماعي البريطاني السابق: فرانك فيلد؛ اقترح نظاما مشابها ل»شراء 
علاوات مضافة» إلى الرواتب التقاعدية في إطار مشروع لإصلاح نظام التقاعد 
البريطاني؛ وهو متدني الكلفة وقابل للإدامة؛ لكنه يفضي إلى دفع رواتب ضئيلة 
جداء وتعميم الفقر وسط المسنين (فيلد 11610, .)١947‏ وهناك كثير من مناصري 
نظام مشاركة المستخدمين في التملك أبرزهم فايتسمان 0325 2]اء/17 .)١15184(‏ الذي 
يرى ان المزايا لا تستمد فقط من توسيع مشاركة وسيطرة العمال؛ بل أيضا من 
تقوية الحوافز بالحصول على نصيب من الدخلء. وإعادة توزيع المنافع لحصول 
العمال على دخل ينبع من أرباح الشركة. وبالطبع فإن المشكلة أن مثل هذا الدخل 
الإضافي؛ حين يصبح جزءا من أجور العمال. هو أكثر تقلبا من الأجور نفسها. 


الهوامش 


ولا يملك العمالعادة: أي سيطرة هردية أو جماعية على هذه الأموال. ولعل من 
المفروض أن يجري تشجيع أمناء صناديق التقاعد على لعب دور أنشط. وضمان أن 
يتصرف مديرو الصناديق بطريقة تحافظ على عمالي أعضائهم وتصون دخلهم 
التقاعدي. ولما كانت مداخيل العمال تولد مقدارا كبيرا من رأس المال. فإن بالإمكان 
استخدامه بصورة مسؤولة وبمراعاة للاقتصاد القومي. أما في الولايات المتحدة, 
فإن الدعم الضريبي للعمال ذوي المداخيل المتدنية تعد بمنزلة بديل عن مدفوعات 
ومخصصات الضمانء ولكن ليس ثمة ما يوجب استخدامها على هذا النحو في 
أوروباء حيث يمكن لها أن تشكل تكملة للأجور لا أن تحل بديلا عن حقوق 
مدفوعات الضمان. للاطلاع حول دخل المواطنء: انظر: أتكنسون 2مكمأكلاله 2,0١95957‏ 
ماكاي 'إه8401 .١15948‏ وفان باريس 2825 ١5517 ١/56‏ . 


3 


)١(‏ السبع الكبار 7 6 هي: الولايات المتحدة,ألمانياء اليابان المملكة المتحدة. فرنساء 
كنداء إيطاليا. وعند إضافة روسيا تنشأ كتلة الثماني الكبار 8 0. 

(؟) كمثال آخر. إن بنية وتنظيم قطاع المفرق المحلي في اليابان يستبعدان تنفيذ المعايير 
المتفق عليها عالميا حول «الوصول إلى السوق». ولا يسع الحكومات اليابانية أن تفعل 
أي شيء بصدد ذلك. 

(") من الواضح أن هذه العلاقة بين الولايات المتحدة واليابان تلوح كمن يبتر الترابط الوثيق 
بين معدلات الادخار القومي ومعدلات الاستثمار. المسبحوث في الفصل الثاني. وعلى 
حين أن هذه العلاقة تفعل ذلك حقا بالنسبة لهذين البلدين» فلا يوجد أي مؤشر على 
أن الأحوال قد تغيرت جذريا في بلدان أخرى؛ وأن أوروبا ككل لم تتبع التيار (الاتحاد 
الأوروبي؛ 194517 أ. ص 0؛ علاوة على النقاش في الفصل الثاني أعلاه. ص 38 . 17). 
ويصح ذلك على إجمالي التدفقات المالية وليس بالضرورة على تدفقات الموارد الفعلية 
الخاصة فحسب. أخيراء لا يوجدء بالطبع؛ أي سبب ضروري لاستمرار هذا الوضع إلى 
مالا نهاية. فالعلاقات القديمة يمكن أن تعود ثانية. 

(:) تعمل ايوسكو 10500 (المنظمة العالمية لعمولات الأسهم) على تطوير الانسجام 
والتعاون بين مختلف بيئّات الضبط القومية. ولعل من أهم القضايا التي بحثتها 
هذه المنظمة في اجتماعاتها الأخيرة: معايير كفاية رأس المال. الإشراف على 
المجمعات المالية, المعايير العالمية للمحاسبة, التنسيق بين أسواق النقد وأسواق 
الأسهم المتفرعة. غسيل الأموال. وسائل مكافحة معاملات الباطن» الشفافية في 





ما العولمة* 


صفقات الأسواق الثانوية» وأسواق الأسهم الناشئة. وقد شكلت المنظمة لجانا فنية 
عدة للتحقيق في هذه الميادين بهدف الاتفاق على مبادئ محددة لضبطها. 

إن انهيار صندوق المضاربة بالأسهم المتفرعة الأمريكيء المدعو «إدارة رأس 
المال طويل الأجل» في أكتوبر 1598 يقدم مثالا آخر على سريان مفعول هذه 
العملية: وتحركت هيئة الاحتياطي الفيدرالية الأمريكية في الطليعة لتقود عملية 
إنقاذه. وتضمنها. 

جرى التوقيع على المرسوم النهائي في مراكشء المفرب. في ١0‏ أبريل؛59١.‏ 

على المستوى العالمي. يضطلع مؤتمر التجارة والتنمية للأمم المتحدة (أونكتاد) 
بهذا النوع من التحليل من مقار«قسم الشركات العابرة للقوميات والاستثمار» التابعة 
له في جنيف. ويتمتع الأونكتاد ووزارة التجارة العالمية 116001 بخبرة واسعة في 
قضايا من قبيل التسعيرة الداخلية للشركة. 

واضح أن سوق الكحوليات في المملكة المتحدة أكد أن البعض مستعد للسفر 
إلى أوروبا القارية للشراء بمعدل ضريبة أقل. وهذا مثال مهم طبعا. ولكن لا يجوز 
المبالغة في ذلك: فمعظم المستهلكين يمتثلون للوضع القائم. 


لما 


)١(‏ نقول ذلك برغم كل اللغط الراهن حول دور الصين المقبل في الاقتصاد العالمي. وقد 
بينا في الفصل الثالث أن ثلاثي الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي احتل 
نسبة 26١‏ من التجارة العالمية. و١0“‏ من إجمالي الناتج المحلي في العالم: و70 من 
تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مستهل عقد التسعينيات. وعليه فإن ما 
يحصل لهذه الأطراف الثلاثة سوف يقرر مجرى الاقتصاد العالمي في المستقبل 
المنظورء بصرف النظر عن النوايا والأغراض. 

)١(‏ من الواضح أن المرء يمكن أن يتوقع أن بعض الأمور تنفذ في إطار الأشكال الموحدة 
للدولة تنفيذا أفضل مما في الدول الفيدرالية. مثل ضمان أهداف إعادة التوزيع 
(انظر 0811., ,)١1597‏ للاطلاع على مناقشة مثيرة لطائفة من الوظائف 
الاقتصادية التي يمكن تحقيها على أحسن وجه في ظل مختلف أشكال التنظيم 
الحكومي. 

(بالطبع لا يجوز اعتبار التابعية '5101551طنا5 المعيار الأوحد للسجال الجاري 
حول حدود المركزية واللامركزية في أوروبا. فهناك: على الأقل؛ ثلاثة معايير 
أخرى: إقامة الانسجام,ء والمعالجة المشتركة. وفكرة وجود «مضمار لعب مستو 


الهوامش 


ومنبسط». وإن كل واحد من هذه المعايير بحاجة إلى دراسة في ضوء التمييز الذي 
بلورناه هنا بين الكونفدرالية والفيدرالية. 

وأهمها بالطبيع هوالقانون الأوروبي الموحد مةعممعناظ عاعمزة العام 1945 
واتفاقية ماسترخت العام 1997. 

(0) يمكن تدعيم الحجة الإيجابية الداعية إلى اعتماد الشكل الكونفدرالي للسلطة 
العمومية: بإيراد مجموعة أخرى من المقولات السياسية التي ترجع في أصولها إلى 
مفهوم «الرابطة الاتحادية 255012100811518 ». ويؤلف ذلك مبدأ أسياسا آخر 
داعما للشكل الفيدرالي. (حول مفهوم الرابطة الاتحادية والدفاع عن التعددية 
السياسية الحقيقية في الشؤون الدستورية؛ انظر: هيرست 111756, 1944 و1997)., 
انظر أيضا طومبسون 5082م150102' ١9197‏ للاطلاع على بعض التفاصيل حول نشوء 
أشكال هذه الرابطة الاتحادية. من حيث علاقتها بالآليات الاقتصادية الإقليمية 
والمحلية في أوروباء والتأثير السياسي لهذه الأشكال الموسعة من التحكم 
الاقتصادي. ودور الآليات المركزية الداعمة. 

تمتاز بريطانيا بوجود مقاومة مسعورة وسخيفة للاتحاد الأوروبي . ما يسمى ب 
«المشككين بأوروبا». إن هذا الاتجاه يهاجم كل التوسيعات في نطاق السياسة 
الأوروبية؛ وكل تكامل مستقبلي. وأي زيادة في الإجراءات المشتركة لاتخاذ القرار. 
باعتبارها نزعة «فيدرالية». وهذا الموقف أحمق من الوجهة الدستورية. نظرا لعدم 
وجود أي قيادات أو أحزاب أوروبية؛ تدعم التنازل عن السلطة إلى دولة أوروبية. 


١ 


)١(‏ تعتمد مناقشتنا هذه للنزعة القومية على مقاربتين متعارضتين تماماء هما مقاربة 
بنيديكت أندرسون 42065508 86260101 .))١11911(‏ التي تشدد على طابع التجانس 
الثقافي كمشروع سياسي. ومقاربة إريك هويزباوم 1100552010 8220 :)١1997(‏ الذي 
يقوم بعملية تصحيح صحية بما يبديه من ارتياب في السياسات القوميةء ومواجهة 
الخطاب القومي بالتعقيدات السياسية والثقافية التي يرومون إسباغ التجانس عليها. 

(1) يعني هذاء من نواح عدة؛ دخول الدول في « نظام مدني». وليس بقاءها في 
فوضى:إنه دفع للعلاقات الدولية لتجاوز «الدولة المردوعمة» والاقتراب من الحل 
الذي اقترحه شيل (568611 .)١1584‏ حل التوازن النووي. 

(؟) إن انتشار الأسلحة النووية لن يقوض هذه الفرضية. فامتلاك قوى إقليمية متعادلة 
للأسلحة النووية (مثل الهند وباكستان) سيؤدي إلى حالة من الردع؛ ويقلص 


ما العولمة" 


المغامرات العسكرية التقليدية. والواقع إن القرار الأحمق الذي اتخذه الائنتلاف 
الحكومي الهندي (815) بالتوجه النووي. أدى إلى إلغاء التفوق العسكري الهندي 
الساحق؛ في القوات التقليدية» على باكستان. ولسوف تسعى القوى النووية العظمى 
إلى نزع سلاح الدول الشاذة؛ مثل العراق أو كوريا الشمالية: وقد حققت درجة 
متواضعة من النجاح في حالة العراق. إن المخاطر الحقيقية تنبع من انهيار أنظمة 
حكم مزعزعة, ذات أسلحة نووية؛ أو من الإرهاب النووي. ويمكن أن تخضع الحالة 
الأولى إلى عقوبات سياسية وعسكرية من جانب القوى العظمىء أما الحالة الثانية 
فلا يمكن احتواؤها بالردع ولا بالحرب التقليدية مهما كان خطرها فعليا . فهي 
مسألة تخص المخابرات والشرطة. 

(:) بات رفع الإسلام السياسي وغير ذلك من الحركات المناوئة للغرب إلى مصاف 
خطر كبيرء موضة رائجة (انظر على سبيل المثال: هانتنجتون 11101008608 ١95557‏ 
و951١‏ ). يجادل هانتنجتون قائلا إننا ندخل حقبة جديدة من »تصادم الحضارات» 
بعد انتهاء حرب الإيديولوجيات. ثمة أربعة اعتراضات يمكن إثارتها بوجه هذا 
الزعم: (أ) لا يوجد دليل على أن هناك «حضارات» متجانسة جوهريا تقف في 
معارضة بعضها البعض . فهناك بالأحرى إيديولوجيات سياسية/دينية. هشة نسبياء 
وهي بناءات تميز الإسلام أو المحافظين الأصوليين في الغرب. أي المسيحية. (ب)إن 
الاسلام السياسي الراديكالي يفتقر إلى استراتيجية عملية. متماسكة: للحياة 
الاقتصادية والاجتماعية؛ (ج) إن نهج الإسلام السياسي هو الاحتجاج. لا طرح 
بدائل عامة عن الرأسمالية, بدائل نزاعة إلى الهيمنة زعماء كما ادعت الاشتراكية 
لنفسها من قبل في الشرق والغرب. (د) إن أنظمة الحكم الإسلامية الأصولية ذات 
طابع متباين جذرياء بل إنها معادية لبعضها البعض بصورة مستحكمة. للمزيد حول 
الإسلام السياسي. انظر: زبيدق( 102طنات: 1597). 

(6) للاطلاع على سلسلة مثيرة من النقاشات حول الفارق بين التحكم ععالةلمءا0ع, 
والحكومة 0760:0606ع, حول الأشكال الممكنة للضبط في المجالات العالمية من 
جهات غير الدولء انظر روزيناو وسيمبيل [70216ع02) 2< نلهزاء105. ١1557‏ . انظر 
أيضا مسعى البنك الدولي لتحديد أدوار الدول في التحكم الجيدء وذلك في تقريره 
الموسوم: التحكم 001703006 15514. 

(1) لعل من الأرجح القول إن الإرث الرئيسي الذي تركه كينز للعالم المعاصر. لا يتمثل 
في أفكاره عن إدارة الاقتصادات القومية في نظريته العامة لإتدعط1' امرعدءع0 ع1 
بل في توكيده المديد على تأثيرات الغموض المفتتة للاستثمار والإنتاج والتجارة: 
وتوكيده على قيمة الإطار النقدي العالمي القابل للحساب في استقرار التوقعات. إن 
السيرة التي وضعها سكيد نسكي 51ا51106 عن كينز (1997) ذات قيمة استثنائية 


الهوامش 


وموحية في تبيان أهمية أفكار كينز في يومنا هذا؛ فهي تصور كيف كان كينز 
(خصوصا في عشرينيات القرن العشرين) يصارع لحل مشكلة السياسة القومية ضي 
ظل اقتصاد عالمي متقلب, وبالغ التدويل. 

(7) انظر فكرة أوهمه (1597) حول إمكان بروز دور دول المناطق في حقبة أفول الدول 
القومية. ان فكرة دول المناطق أو فكرة شبكات دول المدينة هما فكرتان أخريان 
مشتقتان بالكامل من المناطق الصناعية المنظمة. أوالحكومات المناطقية التابعة؛ 
وبرغم رواجهما (اعتمادا على نجاح سنغافورة وهونج كونج). فإنهما ليستا 
مرشحتين للانتشار كبديل عن الدول القومية. فكلتاهما تعتمدان على وجود تحكم 
اقتصادي عالمي متين. وعلى الأمن الجماعي الذي توفره الدول الكبرى. وهما أصغر 
من أن تبقيا في الوجود بمفردهما في وجه قوى سياسية أقل نجاحا من الناحية 
الاقتصادية. أعتى جبروتا من الناحية العسكرية. ولا يمكن لدول المناطق ودول 
المدينة أن تتحمل لوحدها التكاليف الكاملة للأمن أو للضبط الاقتصادي من دون 
أن تفقد مزيتها التناضسية. كما أن الكيانات السياسية الآكبر لن تسمح لها بالركوب 
الحر إن فاقتها نجاحا أو سببت لاقتصاداتها ضغوطا تنافسية. 

(4) الإشارة هنا إلى أمراء الإمراطورية الرومانية المقدسة الذين كان لهم حق انتخاب 
الإمبراطور. لم تكن الإمبراطورية دولة «ذات سيادة» بل كانت كيانا سياسيا مؤلفا 
من مؤسسات ذات رابطة اتحادية وذات صلاحيات متباينة في التحكم. وكانت 
سياساتها تتحدد من جانب الإمبراطورء وناخبيه (الأمراء) والمجلس الإمبراطوري. 
ويندر أن يصلح هذا نموذجا للعالم الحديث. لكن لهذا المثال فائدة محدودة في 
المقايسة: بسيب حاجتنا إلى فهم العلاقات السياسية الناشئة. 





المؤلفان في سطور 
البروفسور بول هيرست 
* أستاذ النظرية الاجتماعية في جامعة لندن. 
* منظر ذائع الصيت. له عدد من المؤلفات المهمة,. الفردية أو 
بالمشاركة مع مؤلفين آخرين:؛ منها: 
- نظرية التعددية والدولة .)١1945(‏ 
الديموقراطية التشارلية (1995). 
من الدولة التسلطية إلى الدولة التعددية (/1991). 
وغير ذلك من الأعمال النظرية المهمة. 
البروفسور جراهام طوميسون 
* أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة المفتوحة. 
* له حشد من المؤلفاتء أحدثها: 
- أورويا الاقتصادية الجديدة؟6 
الاقتصاد السياسي للتعاون 
والتنافس (1997). 
- نظام السوق .)١1996(‏ 
- النظم المالية والتكامل 





النقدي (1994). الأناءاةخر 
المنافسة الدولية والعولمة: ازدواجية الفن التمثيلى 
أطر تحليل وريط ونقد 
1 . تأليف: د. صالح سعد 
,)١554(‏ وعير ذلك من 
تقديم: د. شاكر عبدالحميد 
أعمال. 





المترجم في سطور 
د. فالح عبدالجبار 
“« كاتب وباحث مقيم في لندن. 
« مواليد : بفداد .١9551‏ 


# حاصل على الدكتواره في علم الاجتماع من كلية بيركبك, 


* زميل زائر في قسم العلوم الااجتماعية والسياسية في كلية 


* له أبحاث وترجمات عديدة بالعربية والإنجليزية منها: المؤلفات: 
ما بعد الماركسية؟ (بالإنجليزية ‏ دار الساقي ‏ لندن 1991) 
و(بالعريية ‏ دار المدى. بيروت. )١9595‏ 
اتدكموخراطية ايفن "تسروف اطلينة اللمتجيلة دان الم 

بيروت. )١9594‏ 
- الدولة والمجتمع المدني (مركز ابن خلدون؛ القاهرة )١950‏ 
العقلانية واللاعقلانية في الفكر السياسي العربي (دار 
الساقي. لندن 1594) يصدر قريبا بالإنجليزية: 


- 050018آ ,5كل800 5301 ر5عناع 106010 له 115 باذ ركطة011)ةهم 
,80015 5301 ,عزو لهه وعطان]' - 


*« وله ترجماتء أبرزها: 
- رأس المال, ك. ماركس» فى ؟ مجلدات. 
اللاقتصاد السياسي للتخلف. ت. سنتشء؛ بيروت. 





سلسلة عالم المعرفة 


«عالم المعرفة» سلسلة كتب ثقافية تصدر في مطلع كل شهر ميلادي 
عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ‏ دولة الكويت ‏ وقد صدر 
العدد الأول منها في شهر يناير العام /191. 
تَهندف هزه الساشلة إلى تزويك القتارع فادة جيد ومو الشقافة 
تغطي جميع فروع المعرفة. وكذلك ربطه بأحدث التيارات الفكرية 
والثقافية المعاصرة. ومن الموضوعات التي تعالجها تأليفا وترجمة : 
١‏ . الدراسات الإنسانية : تاريخ . فلسفة ‏ أدب الرحلات ‏ الدراسات 
الحضارية ‏ تاريخ الأفكار. 
 ”‏ العلوم الاجتماعية: اجتماع . اقتصاد ‏ سياسة ‏ علم نفس 
تراشا مقط هل حو راشداف اد اقشحة تف ناتاس 
 "‏ الدراسات الأدبية واللفوية : الأدب العربي ‏ الآداب العالمية . 
علم اللغة. 
؛ . الدراسات الفنية : علم الجمال وفلسفة الفن ‏ المسرح . الموسيقا 
الفنون التشكيلية والفنون الشعبية. 
© . الدراسات العلمية : تاريخ العلم وفلسفته . تبسيط العلوم 
الطبيعية (فيزياء. كيمياء. علم الحياة. فلك) ‏ الرياضيات 
التطبيقية (مع الاهتمام بالجوانب الإنسانية لهذه العلوم). 
والدراسات التكنولوجية. 
أما بالنسبة لنشر الأعمال الإبداعية . المترجمة أو المؤلفة . من شعر 
وقصة ومسرحية؛ وكذلك الأعمال المتعلقة بشخصية واحدة بعينها 


فهذا أمر غير وارد في الوقت الحالي. 





أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة في الأوساط الأكاديمية : ولا يزال يغالج المؤلفان: 
بو[ هيرست وجراهام طومبيسون,. وهما من الوجوه اللامعة في عالم البحث 
النظري. حدود ومعتى العولمة. من ناحية علاقة هذه الظاهرة بالدولة القومية 
(ع)5)2 - 084108): هل تختفي هذه الدولة وتزول كما يريد ويبشر الاتجاه الليبرالي 


الجامح في مدرسة العولمة؛ أم أنها تبقى ولكن عاجزة عن التخطيط والرعاية 
الاجتماعية. كما يعتقد آ.خرون9؟ 
لاا هذا ولا ذاك. 


يدرس المؤلفان مختلف العمليات الاقتصادية العالمية من تجارة: واستثمار. 
وأسواق مالء وإنتاج فيجدان أن العولمة في مطلع القرن العشرين: كانت «أقوى» 
مما هي عليه في نهايته. ويعاين المؤلفان نشاط الشركات «العابرة» للقوميات 
فيجدان أنها عاجزة من دون قاعدة قومية. 

ويدقق الكتاب في تأثير العمليات الاقتصادية المعولمة في الدولة؛ فيرى أن هذه 
التأثيرات متضارية» ومتناقضة: فهي تقلص دور الدولة كجهاز مستقل قيّم على 
الاقتصاد القومىء لكنها تتطلب تعزيز دور الدولة كوسيط بين المجالات ما قوق 
القومية (الكتل الاقتحسادية والمؤسسات الدولية) والمجالات ما دون القومية. 

وإذ يعرض المؤلفان سير تطور الاقتصاد العالمي وسير تطور الدولة. ثم تفاعل 
الاثنين. فإنهما يكرسان في ثنايا ذلك جانبا من الجهد النظري لنقد النظريات 
الليبرالية واليسارية الجامحة. التي تقود إما إلى دقع «العولمة» كواقع. أو الإذعان 
السلبي لتيارها. 

وبهذا يفتح البروفسور بول هيرست واليروفسور جراهام طوميسون الباب للأمل 
بإمكان التحكم في العمليات التي يقال إن العولمة أطلقتها من القمقم بلا ضابط! 

وبعد. فالطبعة الحالية هي ترجمة للطبعة الثانية: المنقحة والمزيدة: من الكتاب 
الأصلي؛ بعدما أثارت طبعته الأولى جدلا متواصلا في الأوساط العلمية والفكرية. 


44 
و 
الكوت 2001 +زدبس)ا 


عاصمة للثقافة العريبة ‏ ادقرم أدسثابن ؤدمه 
ردمك *-34-- 0--1١كقة‏ 





15801 99906 - 0 - 064 3